الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي اسْتِيفَاءِ ذَلِكَ طُولُ.
[وفيات أصحاب المذاهب]
وَلَمَّا تَمَّ ذِكْرُ الْمُعَمَّرِينَ أَرْدَفَ بِأَصْحَابِ الْمَذَاهِبِ، (وَقُبِضَ) أَيْ: مَاتَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ (الثَّوْرِيُّ) نِسْبَةً لِثَوْرِ بْنَ عَبْدِ مَنَاةِ بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَقِيلَ: لِثَوْرِ هَمْدَانَ. الْكُوفِيُّ أَحَدُ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْحُفَّاظِ وَالْفُقَهَاءِ الْمَتْبُوعِينَ إِلَى بَعْدِ الْخَمْسِمِائَةِ حَسْبَمَا ذَكَرَهُ فِيهِمُ الْغَزَالِيُّ فِي (الْإِحْيَاءِ)(عَامَ إِحْدَى مِنْ بَعْدِ سِتِّينَ وَقَرْنٍ عُدَّا) أَيْ: سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ بِالْإِجْمَاعِ، كَمَا قَالَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَمِمَّنْ أَرَّخَهُ كَذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وَابْنُ حِبَّانَ وَزَادَ: فِي شَعْبَانَ فِي دَارِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، يَعْنِي بِالْبَصْرَةِ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَزَادَ فِي أَوَّلِهَا، وَاخْتُلِفَ فِي مَوْلِدِهِ فَقَالَ الْعِجْلِيُّ وَابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا: سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ.
(وَبَعْدُ) أَيْ: بَعْدَ الثَّوْرِيِّ وَذَلِكَ (فِي) سَنَةٍ (تِسْعٍ) بِتَقْدِيمِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ (تَلِي سَبْعِينَا) بِتَقْدِيمِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَعْدِ مِائَةٍ، كَانَتْ (وَفَاةُ) إِمَامِ دَارِ الْهِجْرَةِ وَأَحَدِ الْمُقَلَّدِينَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ (مَالِكٍ) هُوَ ابْنُ أَنَسٍ فِيمَا قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَأَحْمَدُ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الصَّائِغُ وَأَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَالْمَدَائِنِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ وَمُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَزَادَ فِي صَفَرَ، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَقَالَ: فِي صَبِيحَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَأَبُو طَاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، وَقَالَ: فِي يَوْمِ الْأَحَدِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ، وَيَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَقَالَ: لِعَشْرٍ مَضَيْنَ مِنْهُ. وَهِيَ فِي
هَذِهِ السَّنَةِ بِاتِّفَاقٍ، وَبِهِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي الْعِبَرِ، وَشَذَّ هِقْلُ بْنُ زِيَادٍ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ فِهْرٍ مِنْ جِهَتِهِ فَقَالَ: سَنَةَ ثَمَانٍ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ تِسْعِينَ بِالْمَدِينَةِ فِي خِلَافَةِ هَارُونَ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَقَبْرُهُ هُنَاكَ عَلَيْهِ قُبَّةٌ، وَاخْتُلِفَ فِي مَوْلِدِهِ فَقِيلَ: سَنَةَ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ وَهُوَ غَرِيبٌ، وَقِيلَ: تِسْعِينَ. وَبِهِ جَزَمَ أَبُو مُسْهِرٍ، وَقِيلَ: إِحْدَى. وَقِيلَ: اثْنَتَيْنِ. قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ، وَقِيلَ: ثَلَاثٍ. وَهُوَ أَشْهَرُ الْأَقْوَالِ، وَنُسِبَ لِأَبِي دَاوُدَ أَيْضًا، وَبِهِ جَزَمَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَأَنَّهُ سَمِعَهُ كَذَلِكَ مِنْ مَالِكٍ نَفْسِهِ، وَادَّعَى ابْنُ حَزْمٍ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ. قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ وَزَادَ: فِي خِلَافَةِ الْوَلِيدِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، بِهَذِهِ السَّنَةِ جَزَمَ الذَّهَبِيُّ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَيْضًا أَنَّهُ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ: سَنَةَ خَمْسٍ. قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَقِيلَ: سَنَةَ سِتٍّ. فِيمَا قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ أَيْضًا، وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ. وَمَكَثَ حَمْلًا فِي بَطْنِ أُمِّهِ ثَلَاثَ سِنِينَ فِي الْأَكْثَرِ وَقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْهَا. وَقِيلَ: سَنَتَيْنِ. وَكَانَ مَوْضِعُ مَوْلِدِهِ بِذِي الْمَرْوَةِ فِيمَا قَالَهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ.
(وَفِي الْخَمْسِينَا وَمِائَةٍ) مِنَ السِّنِينَ الْإِمَامُ الْمُقَلَّدُ أَحَدُ مِنْ عُدَّ فِي التَّابِعِينَ (أَبُو حَنِيفَةَ) النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْكُوفِيُّ (قَضَى) أَيْ: مَاتَ، وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ، كَمَا قَالَهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَالْهَيْثَمُ وَقُنَّبُ بْنُ الْمُحَرِّرِ وَأَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ وَسَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ، وَزَادَ: فِي رَجَبٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ: سَنَةَ إِحْدَى، وَقَالَ مَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبَلْخِيُّ: سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَذَلِكَ بِبَغْدَادَ، وَقَبْرُهُ هُنَاكَ ظَاهِرٌ يُزَارُ، وَمَوْلِدُهُ فِيمَا قَالَهُ حَفِيدُهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ: سَنَةَ ثَمَانِينَ.
(وَ) إِمَامُنَا الْأَعْظَمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ (الشَّافِعِيُّ بَعْدَ قَرْنَيْنِ) كَامِلَيْنِ (مَضَى) أَيْ: مَاتَ، (لِأَرْبَعٍ) مِنَ السِّنِينَ بَعْدَهُمَا، قَالَهُ الْفَلَّاسُ وَيُوسُفُ الْقَرَاطِيسِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَزَادَ: فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: فِي لَيْلَةِ الْخَمِيسِ آخِرَ لَيْلَةٍ مِنْهُ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ: فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْعَصْرِ آخِرَ يَوْمٍ مِنْهُ، وَأَشْرَفْنَا مِنْ جِنَازَتِهِ فَرَأَيْنَا هِلَالَ شَعْبَانَ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ عِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَكَانَ قَدْ صَلَّى الْمَغْرِبَ، وَأَمَّا ابْنُ حِبَّانَ فَقَالَ: فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَدُفِنَ عِنْدَ مَغْرِبَانِ الشَّمْسِ بِالْفُسْطَاطِ، وَرَجَعُوا فَرَأَوْا هِلَالَ شَهْرِ رَبِيعٍ الْآخِرِ. وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إِنَّهُ قَرَأَهُ عَلَى لَوْحٍ عِنْدَ قَبْرِهِ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ، وَرَامُوا تَحْوِيلَهُ فِيمَا قِيلَ بَعْدُ إِلَى بَغْدَادَ وَشَرَعُوا فِي الْحَفْرِ حِينَ عَجْزِ الْمِصْرِيِّينَ عَنِ الدَّفْعِ، فَلَمَّا وَصَلُوا لِقُرْبِ اللَّحْدِ الشَّرِيفِ فَاحَ مِنْهُ رِيحٌ طَيِّبٌ مَا شَمُّوا مِثْلَهُ بِحَيْثُ سَكِرُوا مِنْ طِيبِ رَائِحَتِهِ، وَمَا تَمَكَّنُوا مَعَهُ مِنَ التَّوَصُّلِ فَكَفُّوا وَصَارَ ذَلِكَ مَعْدُودًا فِي مَنَاقِبِهِ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَعَاشَ أَرْبَعًا وَخَمْسِينَ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْفَلَّاسُ وَابْنُ حِبَّانَ: وَهُوَ أَشْهَرُ وَأَصَحُّ، وَقِيلَ كَمَا لِابْنِ زَبْرٍ: اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِينَ.
(ثُمَّ قَضَى) أَيْ: مَاتَ (مَأْمُونًا) مِنْ مِحْنَةِ السُّلْطَانِ وَفِتْنَةِ الشَّيْطَانِ الْإِمَامُ الْمُقَلَّدُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (أَحْمَدُ) بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ (فِي) سَنَةِ (إِحْدَى وَأَرْبَعِينَا) بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ، وَاخْتَلَفُوا فِي كُلٍّ
مِنَ الشَّهْرِ وَالْيَوْمِ، فَقَالَ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ ضَحْوَةً، وَدَفَنَّاهُ بَعْدَ الْعَصْرِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ، وَهَكَذَا قَالَ الْفَضْلُ بْنُ زِيَادٍ، وَقَالَ نَصْرُ بْنُ الْقَاسِمِ الْفَرَائِضِيُّ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ. وَقَالَ عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ وَمُطَيَّنٌ: لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ. زَادَ عَبَّاسٌ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ بَقِينَ مِنْهُ، وَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ حَنْبَلٍ: مَاتَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بِبَغْدَادَ، وَقَبْرُهُ ظَاهِرٌ يُزَارُ، وَمَوْلِدُهُ - فِيمَا قَالَهُ ابْنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ وَصَالِحٌ عَنْهُ - فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمِائَةٍ وَكَشَفَ قَبْرَهُ حِينَ دُفِنَ الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ أَبِي مُوسَى إِلَى جَانِبِهِ فَوَجَدَ كَفَنَهُ صَحِيحًا لَمْ يَبْلَ، وَجُثَّتَهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمِائَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ سَنَةً.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى مَذْهَبِ الْأَوْزَاعِيِّ نَحْوًا مِائَتَيْ سَنَةٍ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَقِيلَ: خَمْسِينَ، أَوْ إِحْدَى أَوْ سِتٍّ بِبَيْرُوتَ مِنْ سَاحِلِ الشَّامِ، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ، وَكَذَلِكَ إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ قَدْ كَانَ إِمَامًا مُتَّبَعًا لَهُ طَائِفَةٌ يُقَلِّدُونَهُ وَيَجْتَهِدُونَ عَلَى مَسْلَكِهِ يُقَالُ لَهُمُ: الْإِسْحَاقِيَّةُ. وَكَانَتْ وَفَاتُهُ فِيمَا أَرَّخَهُ الْبُخَارِيُّ لَيْلَةَ السَّبْتِ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ عَنْ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ الشَّاعِرُ:
يَا هَدَّةٌ مَا هَدَدْنَا لَيْلَةَ الْأَحَدِ
…
فِي نِصْفِ شَعْبَانَ لَا تُنْسَى مَدَى الْأَبَدِ.
وَقِيلَ: فِي سَنَةِ سَبْعٍ. وَكَذَلِكَ اللَّيْثُ