الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَهُ بَيْنَ الطُّلَّابِ ; وَلِهَذَا لَمَّا ذَكَرَ الْخَطِيبُ فِي جَامِعِهِ أَنَّهُ عَيَّبَ جَمَاعَةً مِنَ الطَّلَبَةِ بْتَصْحِيفِهِمْ فِي الْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ، وَدَوَّنَ عَنْهُمْ مَا صَحَّفُوهُ، قَالَ: وَأَنَا أَذْكُرُ بَعْضَ ذَلِكَ ; لِيَكُونَ دَاعِيًا لِمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ إِلَى التَّحَفُّظِ مِنْ مِثْلِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَا سِيَّمَا وَيَنْبَغِي لِقَارِئِ الْحَدِيثِ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيمَا يَقْرَؤُهُ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْهُ.
وَقَوْلُ الْعَسْكَرِيِّ: إِنَّهُ قَدْ عُيِّبَ بِالتَّصْحِيفِ جَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَفُضِحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْأُدَبَاءِ، وَسُمُّوا الصُّحُفِيَّةَ، وَنَهْيُ الْعُلَمَاءِ عَنِ الْحَمْلِ عَنْهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَكَرِّرِ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَا يَسْلَمُ مِنْ زَلَّةٍ وَخَطَأٍ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، وَالسَّعِيدُ مَنْ عُدَّتْ غَلَطَاتُهُ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: وَمَنْ يَعْرَى عَنِ الْخَطَأِ وَالتَّصْحِيفِ؟ ! وَالْإِكْثَارُ مِنْهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ غَالِبًا لِلْآخِذِ مِنْ بُطُونِ الدَّفَاتِرِ وَالصُّحُفِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْخٌ يُوقِفُهُ عَلَى ذَلِكَ. وَمِنْ ثَمَّ حَضَّ الْأَئِمَّةُ عَلَى تَجَنُّبِ الْأَخْذِ كَذَلِكَ كَمَا سَلَفَ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ صِفَةِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ. وَيُعْلَمُ أَنَّ اشْتِقَاقَهُ مِنَ الصَّحِيفَةِ ; لِأَنَّ مَنْ يَنْقُلُ كَذَلِكَ وَيُغَيِّرُ يُقَالُ: إِنَّهُ قَدْ صَحَّفَ ; أَيْ: قَدْ رَوَى عَنِ الصُّحُفِ، فَهُوَ مُصَحِّفٌ، وَمَصْدَرُهُ التَّصْحِيفُ.
[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]
[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ] ثُمَّ إِنَّهُ يَقَعُ تَارَةً إِمَّا (فِي الْمَتْنِ كَـ) ـمَا اتَّفَقَ لِأَبِي بَكْرٍ (الصُّوِلِيِّ) ; حَيْثُ أَمْلَى فِي (الْجَامِعِ) حَدِيثَ أَبِي أَيُّوبَ مَرْفُوعًا: ( «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ سِتًّا» ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ وَمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ (غَيَّرْ) ذَلِكَ (شَيْئًا) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَنَّاةِ التَّحْتَانِيَّةِ. وَلِوَكِيعٍ فِي حَدِيثِ: ( «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ يُشَقِّقُونَ الْخُطَبَ
تَشْقِيقَ الشِّعْرِ» ) ; حَيْثُ غَيَّرَهُ بِالْحَطَبِ بِالْمُهْمَلَةِ، وَالشَّعَرِ بِفَتْحَتَيْنِ.
وَيُحْكَى أَنَّ ابْنَ شَاهِينَ صَحَّفَهُ كَذَلِكَ أَيْضًا بِجَامِعِ الْمَنْصُورِ، فَقَالَ بَعْضُ الْمَلَّاحِينَ: يَا قَوْمُ، كَيْفَ نَعْمَلُ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ؟ يُشِيرُ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ حِرْفَتِهِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ. وَالْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَ (الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ) لِلطَّبَرَانِيِّ وَ (الْجَامِعِ) لِلْخَطِيبِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْقُرَشِيِّ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ بِهِ. وَلِمُشْكَدَانَةَ حَيْثُ جَعَلَ حَدِيثَ النَّهْيِ عَنْ قَصْعِ الرُّطَبَةِ بِالطَّاءِ بَدَلَ الصَّادِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ أَرْبَابُ الضِّيَاعِ وَالنَّاسِ يَضِجُّونَ، فَفَتَّشَ حَتَّى وَقَفَ عَلَى صِحَّتِهِ. وَلِأَبِي مُوسَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى الْعَنَزِيِّ الَّذِي اتَّفَقَ السِّتَّةُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ، وَيُلَقَّبُ الزَّمَنَ ; حَيْثُ جَعَلَ (أَوْ شَاةٌ تَنْعَرُ) بِالنُّونِ بَدَلَ الْيَاءِ. وَلِأَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، حَيْثُ جَعَلَ قَرَّ الدَّجَاجَةِ بِالزَّاءِ الْمَنْقُوطَةِ الْمَضْمُومَةِ بَدَلَ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ.
وَلِغُنْدَرٍ حَيْثُ جَعَلَ أُبَيًّا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: (رُمِيَ أُبَيٌّ يَوْمَ الْأَحْزَابِ عَلَى أَكْحَلِهِ) أَبِي بِالْإِضَافَةِ. وَأَبُو جَابِرٍ كَانَ اسْتُشْهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي أُحُدٍ. وَلِشُعْبَةَ حَيْثُ جَعَلَ ذَرَّةً بِالْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ دُرَةً بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ
وَالتَّخْفِيفِ.
وَلِمُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيِّ السُّلَمِيِّ الْمُلَقَّبِ مَحْمِشًا حَيْثُ جَعَلَ: ( «يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ؟» ) الْمُصَغَّرَيْنِ بِالتَّكْبِيرِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَمِيرٍ، مَا فَعَلَ الْبَعِيرُ؟ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، فَصَحَّفَ فِيهِمَا مَعًا. حَتَّى إِنَّا رُوِّينَا فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ لِلْحَاكِمِ عَنْ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ أَنَّهُ قَالَ: حَفِظَ اللَّهُ أَخَانَا صَالِحَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْحَافِظَ الْمُلَقَّبَ جَزَرَةَ ; فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ يُبْسِطُنَا غَائِبًا وَحَاضِرًا، كَتَبَ إِلَيَّ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ الذُّهْلِيُّ - يَعْنِي بِنَيْسَابُورَ - أَجْلَسُوا شَيْخًا لَهُمْ يُقَالُ لَهُ: مَحْمِشٌ. فَأَمْلَى عَلَيْهِمْ، وَذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ، وَأَنَّهُ أَمْلَى أَيْضًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:(لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا جَرَسٌ) ، فَقَالَهَا بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْمَضْمُومَةِ وَبِسُكُونِ الرَّاءِ. عَلَى أَنَّ جَزَرَةَ إِنَّمَا لُقِّبَ بِهَا ; لِكَوْنِهِ صَحَّفَ حَدِيثَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ كَانَ يَرْقِي وَلَدَهُ بِخَرَزَةٍ ; بِمُعْجَمَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ مَفْتُوحَةٌ، بِجَزَرَةٍ، بِجِيمٍ ثُمَّ بِمُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَلْقَابِ.
وَاتَّفَقَ لِبَعْضِ مُدَرِّسِي النِّظَامِيَّةِ بِبَغْدَادَ أَنَّهُ أَوَّلَ يَوْمِ إِجْلَاسِهِ أَوْرَدَ حَدِيثَ: ( «صَلَاةٌ فِي أَثَرِ صَلَاةٍ كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» )، فَقَالَ: كَنَارٍ فِي غَلَسٍ. فَلَمْ يَفْهَمِ الْحَاضِرُونَ مَا يَقُولُ، حَتَّى أَخْبَرَهُمْ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ تَصَحَّفَ عَلَى الْمُدَرِّسِ.
وَلِابْنِ أَبِي عَاصِمٍ ; حَيْثُ قَالَ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ لَهُ: بَابُ تَحْرِيمِ السِّبَاعِ، وَسَاقَ حَدِيثَ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي الْهَيْثَمِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَفَعَهُ:(السِّبَاعُ حَرَامٌ) فَصَحَّفَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ الشِّيَاعُ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ