المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ] ‌ ‌[تعريفه] ُ 768 - وَالنَّسْخُ رَفْعُ الشَّارِعِ السَّابِقَ مِنْ … أَحْكَامِهِ - فتح المغيث بشرح ألفية الحديث - جـ ٤

[السخاوي]

فهرس الكتاب

- ‌[الْغَرِيبُ وَالْعَزِيزُ وَالْمَشْهُورُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْغَرِيبِ وَأَنْوَاعُهُ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْعَزِيزِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمَشْهُورِ وَالْمُسْتَفِيضِ]

- ‌[أَنْوَاعُ الْغَرِيبِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمَشْهُورِ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّوَاتُرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّوَاتُرِ]

- ‌[الْأَحَادِيثُ الْمُتَوَاتِرَةُ]

- ‌[غَرِيبُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ]

- ‌[تَعْرِيفُ غَرِيبِ الْحَدِيثِ وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ]

- ‌[ذِكْرُ أُمَّهَاتَ الْكُتُبِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[الِاعْتِنَاءُ بِهَذَا الْفَنِّ وَأَهْلِهِ]

- ‌[تَفْسِيرُ الْغَرِيبِ بِمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ]

- ‌[الْمُسَلْسَلُ]

- ‌[مَعْنَى الْمُسَلْسَلِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا وَأَمْثِلَتِهِ]

- ‌[تَقْسِيمُ الْمُسَلْسَلِ وَفَائِدَتُهُ]

- ‌[كُتُبُ الْمُسَلْسَلَاتِ]

- ‌[ذِكْرُ الْمُسَلْسَلَاتِ النَّاقِصَةَ]

- ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ]

- ‌[تعريفه]

- ‌[فضله]

- ‌[دَلَائِلُ النَّسْخِ]

- ‌[التَّصْحِيفُ]

- ‌[الْكُتُبُ الْمُهِمَّةُ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْمَتْنِ]

- ‌[أَمْثِلَةُ التَّصْحِيفِ فِي الْإِسْنَادِ]

- ‌[أَسْبَابُ التَّصْحِيفِ فِي الْحَدِيثِ]

- ‌[مَعْنَى التَّصْحِيفِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّحْرِيفِ]

- ‌[مُخْتَلِفُ الْحَدِيثِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أَمْثِلَتُهُ]

- ‌[خَفِيُّ الْإِرْسَالِ وَالْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْإِسْنَادِ]

- ‌[الْمُرْسَلُ الْخَفِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرْسَلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[الْمَزِيدُ فِي مُتَّصِلِ الْأَسَانِيدِ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْكُتُبِ الْمُهِمَّةِ فِي هَذَا الْفَنِّ]

- ‌[تَعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا]

- ‌[بِمَ تُعْرَفُ الصُّحْبَةُ]

- ‌[بَيَانُ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ]

- ‌[الْمُكْثِرُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ]

- ‌[ذِكْرُ الْعَبَادِلَةِ وَالْآخِذُونَ عَنْهُمْ]

- ‌[عَدَدُ الصَّحَابَةِ]

- ‌[تَفْضِيلُ الصَّحَابَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ]

- ‌[مَنْ آخِرُ الصَّحَابَةِ مَوْتًا]

- ‌[مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ]

- ‌[تَعْرِيفُ التَّابِعِيِّ]

- ‌[مَرَاتِبُ التَّابِعِينَ]

- ‌[ذِكْرُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ]

- ‌[تَعْرِيفُ الْمُخَضْرَمِ وَعَدَدُهُ]

- ‌[الْأَكَابِرُ عَنِ الْأَصَاغِرِ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ]

- ‌[الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ وَعَكْسُهُ]

- ‌[رِوَايَةُ الْأَبْنَاءِ عَنِ الْآبَاءِ]

- ‌[السَّابِقُ وَاللَّاحِقُ]

- ‌[مَنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ إِلَّا رَاوٍ وَاحِدٌ]

- ‌[مَنْ ذُكِرَ بِنُعُوتٍ مُتَعَدِّدَةٍ]

- ‌[أَفْرَادُ الْعَلَمِ]

- ‌[الْأَسْمَاءُ وَالْكُنَى]

- ‌[الْأَلْقَابُ]

- ‌[الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْمُتَّفِقُ وَالْمُفْتَرِقُ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[أقسامه]

- ‌[الْأَوَّلُ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[وَالثَّانِي أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ وَأَجْدَادِهِمْ]

- ‌[الثَّالِثُ أَنْ تَتَّفِقَ الْكُنْيَةُ وَالنِّسْبَةُ مَعًا]

- ‌[مُتَّفَقٌ مَعَهُ فِي الِاسْمِ فِي الْجُمْلَةِ وَفِي النِّسْبَةِ]

- ‌[الْخَامِسُ أَنْ تَتَّفِقَ كُنَاهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ]

- ‌[السَّادِسُ ضِدُّ مَا قَبْلَهُ وَهُوَ أَنْ تَتَّفِقَ أَسْمَاؤُهُمْ وَكُنَى آبَائِهِمْ]

- ‌[الثامن مَا يَحْصُلُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ فِي لَفْظٍ نَسَبٍ فَقَطْ]

- ‌[تَلْخِيصُ الْمُتَشَابِهِ]

- ‌[الْمُشْتَبِهُ الْمَقْلُوبُ]

- ‌[مَنْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ]

- ‌[الْمَنْسُوبُونَ إِلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ]

- ‌[الْمُبْهَمَاتُ]

- ‌[تَوَارِيخُ الرُّوَاةِ وَالْوَفَيَاتِ]

- ‌[حَقِيقَةُ التَّأْرِيخِ]

- ‌[بَوَاعِثُ وَضْعِ التَّأْرِيخِ]

- ‌[المصنفات فيه]

- ‌[استكمال النبي والصديق وعمر وعلي لثلاثة وستين سنة]

- ‌[الاخْتُلاِفَ فِي ابْتِدَاءِ مَرَضِهِ ثُمَّ مُدَّتِهِ ثُمَّ وَقْتِ وَفَاتِهِ وَدَفْنِهِ]

- ‌[وفاة عمر رضي الله عنه]

- ‌[مقتل عثمان رضي الله عنه]

- ‌[مقتل علي بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه]

- ‌[مقتل طلحة والزبير رضي الله عنهما]

- ‌[موت سَعْدٌ ابن أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه]

- ‌[موت سعيد بن زيد رضي الله عنه]

- ‌[موت عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه]

- ‌[موت أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه]

- ‌[وفيات المعمرين من الصحابة]

- ‌[وفيات أصحاب المذاهب]

- ‌[وفيات أَصْحَابِ الْكُتُبِ الْخَمْسَةِ]

- ‌[وفيات أَئِمَّةٍ انْتُفِعَ بِتَصَانِيفِهِمْ]

- ‌[مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالضُّعَفَاءِ]

- ‌[أهمية معرفة هذا النوع والمصنفات فيه]

- ‌[النصح في الدين حق واجب]

- ‌[المتكلمون في الرجال]

- ‌[لا يقبل الجرح إلا مفسرا]

- ‌[مَعْرِفَةُ مَنِ اخْتَلَطَ مِنَ الثِّقَاتِ]

- ‌[أهمية هذا الفن]

- ‌[المصنفات فيه والمختلطون في الصحيحين]

- ‌[أمثلة لمن اختلط من الثقات]

- ‌[مِمَّنِ اخْتَلَطَ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ]

- ‌[طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ]

- ‌[الْمَوَالِي مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالرُّوَاةِ]

- ‌[أَوْطَانُ الرُّوَاةِ وَبُلْدَانُهُمْ]

- ‌[تَصْرِيحٌ عَنْ نِسْبَةِ الْكِتَابِ]

الفصل: ‌ ‌[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ] ‌ ‌[تعريفه] ُ 768 - وَالنَّسْخُ رَفْعُ الشَّارِعِ السَّابِقَ مِنْ … أَحْكَامِهِ

[النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ]

[تعريفه]

ُ

768 -

وَالنَّسْخُ رَفْعُ الشَّارِعِ السَّابِقَ مِنْ

أَحْكَامِهِ بِلَاحِقٍ وَهْوَ قَمِنْ

769 -

أَنْ يُعْتَنَى بِهِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ

ذَا عِلْمِهِ ثُمَّ بِنَصِّ الشَّارِعِ

770 -

أَوْ صَاحِبٍ أَوْ عُرِفَ التَّارِيخُ أَوْ

أُجْمِعَ تَرْكًا بَانَ نَسْخُ وَرَأَوْا

771 -

دِلَالَةَ الْإِجْمَاعِ لَا النَّسْخَ بِهِ

كَالْقَتْلِ فِي رَابِعَةٍ بِشُرْبِهِ

[مَعْنَى النَّسْخِ لُغَةً](النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ) مِنَ الْحَدِيثِ. (وَالنَّسْخُ) لُغَةً: يُطْلَقُ عَلَى الْإِزَالَةِ، يُقَالُ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ ; إِذَا أَزَالَتْهُ وَخَلَّفَتْهُ. وَعَلَى النَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ، يُقَالُ: نَسَخْتُ مَا فِي الْخَلِيَّةِ مِنَ الْعَسَلِ وَالنَّحْلِ إِلَى أُخْرَى. وَمِنْهُ نَسْخُ الْكِتَابِ، وَالْمُنَاسَخَاتُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَهُوَ انْتِقَالُ الْمَالِ مِنْ وَارِثٍ إِلَى آخَرَ. وَلَا يَتَحَتَّمُ فِيهِ الْمَحْوُ وَالِانْعِدَامُ، فَلَيْسَ نَسْخُ الْكِتَابِ إِعْدَامًا لِلْمَنْسُوخِ مِنْهُ. وَبِالنَّظَرِ فِي هَذَا الْمَعْنَى قَسَّمَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لِخَمْسَةِ مَعَانٍ: نَسَخَتِ الشَّمْسُ الظِّلَّ: أَزَالَتْهُ وَخَلَّفَتْهُ، وَالرِّيحُ الْأَثَرَ: أَذْهَبَتْهُ، وَالْفَرِيضَةُ الْفَرِيضَةَ: نَقَلَتْ حُكْمَهَا إِلَيْهَا، وَاللَّيْلُ النَّهَارَ: بَيَّنَ انْتِهَاءَهُ وَعَقَبَهُ، وَنَسَخْتُ الْكِتَابَ: صَوَّرْتُ مِثْلَهُ. قَالَ: وَهَذَا أَنْسَبُ.

ثُمَّ اخْتُلِفَ فِي حَقِيقَتِهِ، فَقِيلَ: إِنَّهُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَ الْإِزَالَةِ وَالتَّحْوِيلِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِعْمَالِ الْحَقِيقَةُ. وَقِيلَ: إِنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْأَوَّلِ، مَجَازٌ فِي الثَّانِي. وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. قَالَ الْأَصْبَهَانِيُّ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ: وَالْأَخِيرَانِ الْأَوْلَى مِنَ الْأَوَّلِ، فَالْمَجَازُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ خَيْرٌ مِنَ الِاشْتِرَاكِ. عَلَى أَنَّ الْعَضُدَ قَالَ: إِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ عِلْمِيٌّ.

[تَعْرِيفُ النَّسْخِ اصْطِلَاحًا وَمُحْتَرَزَاتِهِ] وَاصْطِلَاحًا: هُوَ (رَفْعُ الشَّارِعِ) صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ

ص: 47

(السَّابِقَ مِنْ أَحْكَامِهِ بِـ) حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ (لَاحِقٍ) . هَكَذَا عَرَّفَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَقَالَ: إِنَّهُ حَدٌّ وَقَعَ لَنَا سَالِمٌ مِنَ اعْتِرَاضَاتٍ وَرَدَتْ عَلَى غَيْرِهِ.

وَالْمُرَادُ بِارْتِفَاعِ الْحُكْمِ قَطْعُ تَعَلُّقِهِ بِالْمُكَلَّفِينَ ; إِذِ الْحُكْمُ قَدِيمٌ لَا يَرْتَفِعُ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إِذَا كَانَ مُسْتَجْمِعًا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ يُقَالُ: تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ. وَإِذَا جُنَّ يُقَالُ: ارْتَفَعَ عَنْهُ الْحُكْمُ ; أَيْ: تَعَلَّقَهُ. وَلِذَا صَرَّحَ شَيْخُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ: رَفْعُ تَعَلُّقِ حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ. ثُمَّ لِكَوْنِ الرَّفْعِ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ الثُّبُوتِ، خَرَجَ بَيَانُ الْمُجْمَلِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْحُكْمِ، مُبَيِّنٌ لِغَايَتِهِ، لَا سِيَّمَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالسَّابِقِ. وَاحْتَرَزَ بِالشَّارِعِ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: خَبَرُ كَذَا نَاسِخٌ ; فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ نَسْخًا وَإِنْ كَانَ التَّكْلِيفُ بِالْخَبَرِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ إِنَّمَا حَصَلَ بِإِخْبَارِهِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ بَلَغَهُ قَبْلُ. وَبِالْحُكْمِ السَّابِقِ مِنْ أَحْكَامِهِ عَنْ رَفْعِ الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ ; فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَسْخًا. وَلِلِاحْتِرَازِ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا قَيَّدَ بَعْضُهُمُ الْحُكْمَ بِالشَّرْعِيِّ، وَقَالَ: لِأَنَّ الْأُمُورَ الْعَقْلِيَّةَ الَّتِي مُسْتَنَدُهَا الْبَرَاءَةُ الْأَصْلِيَّةُ لَمْ تُنْسَخْ، وَإِنَّمَا

ص: 48

ارْتَفَعَتْ بِإِيجَابِ الْعِبَادَاتِ. وَلَكِنَّ هَذَا الْقَيْدَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِمَا قَدَّمْنَاهُ. وَبِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ عَنِ الرَّفْعِ بِالْمَوْتِ، وَكَذَا بِالنَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَالْجُنُونِ، وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ النَّائِمَ وَمَا بَعْدَهُ رُفِعَ الْحُكْمُ عَنْهُمْ بِحُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:( «رُفِعَ الْقَلَمُ» ) ; فَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا كَمَا أَفَادَهُ الْأَصْبَهَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ وَبَيْنَ الْمَيِّتِ فِي رَفْعِ الْحُكْمِ عَنْهُمْ ; لِلْعِلْمِ بِأَنَّ شَرْطَ التَّكْلِيفِ التَّعَقُّلُ، وَقَدِ اشْتَرَكُوا فِي عَدَمِهِ. وَالْحَدِيثُ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّافِعَ هُوَ النَّوْمُ وَمَا مَعَهُ، لَا لَفْظُ الْخَبَرِ. وَبِلَاحِقٍ عَنِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِانْتِهَاءِ الْوَقْتِ ; كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:( «إِنَّكُمْ لَاقُو الْعَدُوِّ غَدًا، وَالْفِطْرُ أَقْوَى لَكُمْ فَأَفْطِرُوا» ) . فَالصَّوْمُ مَثَلًا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ لَيْسَ بِنَسْخٍ مُتَأَخِّرٍ، وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ بِهِ مُؤَقَّتٌ، وَقَدِ انْقَضَى وَقْتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ الْيَوْمِ الْمَأْمُورِ بِإِفْطَارِهِ. وَوَرَاءَ هَذَا أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ زَادَ فِي الْحَدِّ كَوْنَ الْحُكْمِ الَّذِي رُفِعَ مُتَعَلِّقًا بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِ ; لِيُخْرِجَ بِهِ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ مِنْ خَمْسِينَ إِلَى خَمْسٍ ; فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى نَسْخًا ; لِعَدَمِ تَعَلُّقِهِ بِالْمَحْكُومِ عَلَيْهِمْ، أَيْ: تَعَلُّقًا تَنْجِيزِيًّا ; لِعَدَمِ إِبْلَاغِهِ لَهُمْ. فَأَمَّا فِي حَقِّهِ صلى الله عليه وسلم فَمُحْتَمَلٌ، إِلَّا أَنْ يُلْمَحَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بَعْدَ الْبَيَانِ، وَهِيَ غَيْرُ مَسْأَلَةِ النَّسْخِ قَبْلَ وَقْتِ الْفِعْلِ ; لِوُجُودِ التَّعَلُّقِ بِخِلَافِ الْبَيَانِ.

وَلَكِنْ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْقَيْدَ قَبْلَ مَا حَمَلْتَهُ عَلَيْهِ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: الْحُكْمُ ; إِذِ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا قَبْلَ وُجُودِهِ تَنْجِيزِيًّا بَعْدُ، حَسْبَمَا أُخِذَ فِي حَدِّ الْحُكْمِ ; حَيْثُ قِيلَ فِيهِ: خِطَابُ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ حَيْثُ التَّكْلِيفُ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّنْجِيزِ. فَحِينَئِذٍ لَفْظُ الْحُكْمِ يُغْنِي عَنْهُ. عَلَى أَنَّ فِي تَعْرِيفِ شَيْخِنَا السَّابِقِ مَا يُخْرِجُهُ. وَاخْتَارَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ فِي تَعْرِيفِهِ

ص: 49