الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(474) باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها
4000 -
عن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة. زاد قتيبة وابن رمح في حديثهما فأنزل الله عز وجل {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} [الحشر: 5].
4001 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق ولها يقول حسان:
4 -
وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
وفي ذلك نزلت {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها} الآية.
4002 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: حرق رسول الله صلى الله عليه وسلم نخل بني النضير.
-[المعنى العام]-
على رأس ستة أشهر من وقعة بدر الكبرى كانت غزوة بني النضير وهم طائفة من اليهود كانت منازلهم ونخلهم بضاحية المدينة وقبل الغزوة ذهب إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية رجلين فخلا بعضهم ببعض وقالوا: إنكم لن تجدوه على مثل هذه الحال وكان جالسا إلى جانب جدار لهم فقالوا: يعلو رجل على هذا البيت فيلقي هذه الصخرة عليه فيقتله ويريحنا منه فأتاه الخبر من السماء فقام مظهرا أنه يقضي حاجة وقال لأصحابه لا تبرحوا ورجع مسرعا إلى المدينة فأمر المسلمين بحربهم وخرج إليهم فحاصرهم بعد أن تحصنوا بحصونهم وكان ناس من المنافقين قد بعثوا إليهم أن اثبتوا فإن قوتلتم قاتلنا معكم ولئن أخرجتم لنخرجن معكم {والله يشهد إنهم لكاذبون* لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الأدبار ثم لا ينصرون} [الحشر: 11 وما بعدها]{وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله} وعندهم خزائن الزاد الذي يكفيهم شهورا وأمامهم نخيلهم تضمن لهم رزقا طويلا فلم يعبئوا بالحصار فأمر
رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه بقطع نخيلهم وتحريقها {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب} [الحشر: 2] ويئسوا من صلاحية المقام في هذا المكان بعد ست ليال من الحصار نزلوا على الجلاء عن دورهم على أن لهم ما حملت إبلهم إلا السلاح فقاموا يخربون بيوتهم بأيديهم يحملون منها ما يقدرون على حمله حتى الأبواب والنوافذ والأخشاب حملوها وهدموا ما استطاعوا هدمه من بيوتهم وكان جلاؤهم إلى الشام ونزلت فيهم سورة الحشر وفيها قوله تعالى {ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين} وفي صدرها يقول تعالى {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا} [الحشر: 2] وهان على أشراف قريش حلفائهم هذا التحريق وهذا الإخراج كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال: إني بريء منك
وهكذا حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون.
-[المباحث العربية]-
(حرق نخل بني النضير وقطع) ضبطوه "حرق" بفتح الحاء وتشديد الراء رباعي والتضعيف للمعالجة والتكلف وبذل الجهد أو للتكثير والمخفف صحيح من حيث اللغة يقال: حرقت النار الشيء والفاعل حارق والمفعول محروق.
وبنو النضير -بفتح النون وكسر الضاد- قبيلة كبيرة من اليهود وكانت منازلهم ونخلهم في ضواحي المدينة و"قطع" بتشديد الطاء وتخفيفها معطوف على "حرق" وتنازعا كلمة "نخل" أي حرق وقطع نخل بني النضير أي حرق بعضه وقطع بعضه وفي الرواية الثانية "قطع نخل بني النضير وحرق".
(وهي البويرة) اسم للبقعة التي كان بها نخلهم وهي مكان معروف بين المدينة وتيماء وهي من جهة قبلة مسجد قباء إلى جهة الغرب والبويرة أصلها البؤيرة تصغير بؤرة وهي الحفرة خففت الهمزة.
{ما قطعتم من لينة أو تركتموها} اللينة المذكورة في القرآن هي أنواع ثمر النخلة كلها إلا العجوة وقيل: كرام النخل وقيل النخل وقيل: كل الأشجار للينها.
وهان على سراة بني لؤي
حريق بالبويرة مستطير
"سراة بني لؤي" بفتح السين وتخفيف الراء أي أشراف بني لؤي ورؤسائهم والمراد من بني لؤي قريشا وذلك أن قريشا كانوا يظاهرون كل من عادى النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا قد وعدوا بني النضير المساعدة والنصرة فلما وقع ببني النضير ما وقع خذلتهم قريش فقال حسان هذه الأبيات توبيخا لهم ومعنى "مستطير" منتشر.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: في هذا الحديث جواز قطع شجر الكفار وإحراقه وبه قال عبد الرحمن بن القاسم ونافع مولى ابن عمر ومالك والثوري وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق والجمهور وقال أبو بكر الصديق والليث بن سعد وأبو ثور والأوزاعي في رواية عنهم: لا يجوز. اهـ. أي مكروه وما أشار إليه النووي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه هو وصيته لجيوشه أن لا يفعلوا شيئا من ذلك وأجيب بأنه إنما نهى أبو بكر جيوشه عن ذلك لأنه علم أن تلك البلاد ستفتح فأراد إبقاءها للمسلمين وأجاب الطبري بأن النهي محمول على القصد لذلك بخلاف ما إذا أصابوا ذلك في خلال القتال كما وقع في نصب المنجنيق على الطائف ومثل التحريق والقطع التغريق ونحوه.
والتحقيق أن قطع أشجار الكفار أو تحريقها أو تغريقها أو تهديم ديارهم أو تحريقها لا يصار إليه إلا إذا تعين وسيلة لهزيمتهم والغلبة عليهم.
والله أعلم.