الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(529) باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله
4319 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من طلب الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه".
4320 -
عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" ولم يذكر أبو الطاهر في حديثه: "بصدق".
-[المعنى العام]-
يرغب صلى الله عليه وسلم في نية الخير، وفي الرغبة في الجهاد، والحرص عليه، والتشوق له، ولو كان فيه التضحية بالنفس في سبيل الله، فما أحب البلاء المؤدي إلى النعيم المقيم، والدرجات العلى في الآخرة، فجعل لهذه الرغبة، والحرص على تنفيذها، بعزم وتصميم، وإيمان وإخلاص، فمنعه مانع من التنفيذ أجر من نفذ الجهاد، وأجر من مات في المعركة، وإن مات في بيته وعلى فراشه من غير جهاد، ولا ضرب بسيف، ولا طعن برمح، ولا رمي بنبل، وإنما لكل امرئ ما نوى.
-[المباحث العربية]-
(من طلب الشهادة صادقا) أي مخلصا في طلبها، أي مطابقا ما يقوله بلسانه ما هو في قلبه.
(أعطيها ولو لم تصبه) ظاهر العبارة تعارض أولها لآخرها، فإعطاؤها إصابتها، لكن المعنى أعطى ثوابها، ولو لم يعطها وجودا وفعلا.
-[فقه الحديث]-
عنون البخاري للباب بباب تمني الشهادة، قال ابن المنير وغيره: الظاهر أن الدعاء بالشهادة يستلزم الدعاء بنصر الكافر على المسلم، وإعانة من يعص الله على من يطيعه -لأن الشهادات تقع
غالبا في المسلمين عند انتصار أعدائهم عليهم، ونيلهم منهم- لكن المقصود الأصلي إنما هو حصول الدرجة العليا المترتبة على حصول الشهادة، وليس نصر الكافر مقصودا لذاته، وإنما يقع من ضرورة الوجود، فاغتفر حصول المصلحة العظمى من دفع الكفار وإذلالهم وقهرهم بقصد قتلهم بحصول ما يقع في ضمن ذلك من قتل بعض المسلمين وجاز تمني الشهادة لما يدل عليه من صدق من وقعت له من إعلاء كلمة الله حتى بذل نفسه في تحصيل ذلك. اهـ.
وحاصل هذا الجواب أنه لا تلازم بين طلب الشهادة وبين انتصار الكفار، فكثيرا ما ينتصر المسلمون ويقع إعلاء كلمة الله مع استشهاد بعض المسلمين، فطلب الشهادة، وطلب التضحية في سبيل نصر دين الله أمر مستحب في ذاته، إن وقع ثبت أجره، وإن تمناه متمن وطلبه طالب كان له أجره.
وظاهر الرواية الثانية أن الداعي المتمني للشهادة بصدق يساوي من استشهد في الأجر، لكن قال النووي: معناه أن من سأل الشهادة بصدق أعطي من ثواب الشهداء، وإن كان على فراشه، اهـ. فهو يشير إلى أن المماثلة في نوعية الأجر، وليس في مقداره، وهذا التفسير أقرب إلى الحقيقة والعدالة.
وللحديث علاقة بما مر في باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين، وفيما يأتي في باب ثواب من حبسه العذر عن الغزو.
والله أعلم.