المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(511) باب غلظ تحريم الغلول - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٧

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأقضية

- ‌(454) باب اليمين

- ‌(455) باب حكم الحاكم لا يغير الباطن

- ‌(456) باب قضية هند

- ‌(457) باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة والنهي عن منع وهات

- ‌(458) باب بيان أجر الحاكم إذا أخطأ

- ‌(459) باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان

- ‌(460) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور

- ‌(461) باب بيان خير الشهود

- ‌(462) باب اختلاف المجتهدين

- ‌(463) باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌كتاب اللقطة

- ‌(464) باب اللقطة

- ‌(465) باب تحريم حلب الماشية بدون إذن صاحبها

- ‌(466) باب الضيافة ونحوها

- ‌(467) باب استحباب المواساة بفضول المال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌(468) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام

- ‌(469) باب تأمير الأمراء على البعوث ووصاياهم

- ‌(470) باب تحريم الغدر

- ‌(471) باب جواز الخداع في الحرب

- ‌(472) باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء واستحباب الدعاء بالنصر عند اللقاء

- ‌(473) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وفي البيات

- ‌(474) باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها

- ‌(475) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة

- ‌(476) باب الأنفال

- ‌(477) باب استحقاق القاتل سلب القتيل

- ‌(478) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى

- ‌(479) باب حكم الفيء

- ‌(480) باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين

- ‌(481) باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم

- ‌(482) باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه

- ‌(483) باب إجلاء اليهود من الحجاز

- ‌(484) باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم وجواز المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين

- ‌(485) باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح

- ‌(486) باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌(487) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الشام وإلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الإسلام

- ‌(488) باب غزوة حنين

- ‌(489) باب غزوة الطائف

- ‌(490) باب غزوة بدر

- ‌(491) باب فتح مكة

- ‌(492) باب صلح الحديبية

- ‌(493) باب الوفاء بالعهد

- ‌(494) باب غزوة الأحزاب

- ‌(495) باب غزوة أحد

- ‌(496) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين

- ‌(497) باب قتل أبي جهل

- ‌(498) باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود

- ‌(499) باب غزوة خيبر

- ‌(500) باب غزوة الأحزاب وهي الخندق

- ‌(501) باب غزوة ذي قرد وغيرها

- ‌(502) باب قول الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم

- ‌(503) باب غزوة النساء مع الرجال، والرضخ لهن

- ‌(504) باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(505) باب غزوة ذات الرقاع

- ‌(506) باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر

- ‌كتاب الإمارة

- ‌(507) باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش

- ‌(508) باب الاستخلاف وتركه

- ‌(509) باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وكراهة الإمارة بغير ضرورة

- ‌(510) باب فضيلة الأمير العادل، وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم

- ‌(511) باب غلظ تحريم الغلول

- ‌(512) باب تحريم هدايا العمال

- ‌(513) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية والإمام جنة

- ‌(514) باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول

- ‌(515) باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، ووجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة، وحكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، والحكم إذا بويع لخليفتين، ووجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع

- ‌(516) باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة

- ‌(517) باب تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه والمبايعة بعد الفتح على الإسلام والجهاد والخير

- ‌(518) باب كيفية بيعة النساء

- ‌(519) باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع وبيان سن البلوغ

- ‌(520) باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم

- ‌(521) باب الخيل: تضميرها، والمسابقة بينها وفضلها، وما يكره من صفاتها

- ‌(522) باب فضل الجهاد والخروج والرباط في سبيل الله، وفضل الشهادة، وفضل الغدوة والروحة في سبيل الله، وما أعده الله للمجاهد في الجنة

- ‌(523) باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ولا يجتمع كافر وقاتله في النار

- ‌(524) باب فضل الصدقة في سبيل الله، وإعانة الغازي، وخلافة أهله بخير، وإثم من خانه فيهم

- ‌(525) باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين وثبوت الجنة للشهيد

- ‌(526) باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ومن قاتل للرياء والسمعة استحق النار

- ‌(527) باب ثواب من غزا فغنم، ومن لم يغنم

- ‌(528) باب إنما الأعمال بالنية

- ‌(529) باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله

- ‌(530) باب ذم من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو

- ‌(531) باب ثواب من حبسه العذر عن الغزو

- ‌(532) باب فضل الغزو في البحر

- ‌(533) باب فضل الرباط في سبيل الله

- ‌(534) باب بيان الشهداء

- ‌(535) باب فضل الرمي، وذم من علمه ثم نسيه

- ‌(536) باب "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق

- ‌(537) باب مراعاة مصلحة الدواب والسير

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌(538) باب الصيد بالكلاب المعلمة

الفصل: ‌(511) باب غلظ تحريم الغلول

(511) باب غلظ تحريم الغلول

4162 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره، ثم قال "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة، فيقول يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء، يقول: يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح، يقول يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق، فيقول يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك. لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت، فيقول يا رسول الله أغثني. فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك".

4163 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلول فعظمه. واقتص الحديث، قال حماد: ثم سمعت يحيى بعد ذلك يحدثه فحدثنا بنحو ما حدثنا عنه أيوب.

-[المعنى العام]-

يقول الله تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} [آل عمران: 161] والخيانة بصفة عامة ذميمة، وقد شرع قطع يد السارق إذا سرق من حرز مثله ما لا شبهة له فيه، أما السرقة من الغنيمة قبل القسمة، وهي المعروفة بالغلول، فللسارق فيها شبهة، إذ له حق فيها في الجملة، فهو مقاتل له في الغنيمة سهم، فلا قطع عليه، لكن عدم القطع ليس دليلا على ضعف الحرمة، فالغلول حرام ومن الكبائر، وبعض الكبائر من الموبقات، أي من أكبر الكبائر، ولا حد فيها، كعقوق الوالدين، فلا يستهين الغالون بالغل، فقد بين صلى الله عليه

ص: 437

وسلم في هذا الحديث عقوبتهم في الآخرة، وهي تتشعب إلى شعبتين، شعبة أدبية معنوية، وهي الفضيحة على رءوس الخلائق، جزاء من جنس العمل، أو بنقيض القصد، فقط كان يتخفى عن أعين الناس وسمعهم حين غل، فليأت يوم القيامة يحمل سرقته على كتفه، ليراه الخلائق، وليس الحمل في صمت، حتى لا يعلم من لا يرى، بل يكون للمسروق صوت يلفت به الأنظار، مبالغة في الفضيحة، حتى الثياب التي لا صوت لها في العادة، يبعث الله عليها ريحا لتخفق كالعلم في الهواء، يسمع قعقعتها من لا يراها. أما الشعبة الثانية فهي العذاب بالنار ففي الحديث أن الرجل الذي غل شملة من الغنيمة ستشتعل عليه الشملة نارا، وحتى الرجل الذي غل شراك نعل، أي خيط نعل سيربط في قدمه يوم القيامة ويشتعل نارا.

وقد حذر صلى الله عليه وسلم وأنذر، فلا عذر لمعتذر، ولا قبول لاستغاثة مستغيث يوم القيامة، حتى الرحمة المهداة صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ربه {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: 128] يوم يستغيث به الغال يقول له: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك وأنذرتك، {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون} [الدخان: 41].

-[المباحث العربية]-

(قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قام خطيبا وواعظا.

(ذات يوم)"ذات" مؤنث "ذو" بمعنى صاحب، وتقحم في كلام العرب، فتضاف لما بعدها، وتأخذ حكمه، فيقال: لقيته ذات يوم، أي لقيته في يوم، ولقيته ذات مرة، أي لقيته مرة، وقلت ذات يده، أي قلت يده، أي ما ملكت يده، وأصلح ذات بينهم، أي أصلح بينهم، وجلس ذات اليمين، أي جلس يمينا.

(فذكر الغلول) أصل الغلول الخيانة مطلقا، ثم غلب اختصاصه بالخيانة في الغنيمة، قال نفطويه: سمي بذلك لأن الأيدي مغلولة عنه، أي محبوسة عنه، وقال ابن قتيبة: سمي بذلك لأن صاحبه وآخذه يغله في متاعه، أي يخفيه فيه.

(فعظمه، وعظم أمره) أي عظم فعله، وعظم عقوبته.

(لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء) قال النووي: هكذا ضبطناه "لا ألفين" بضم الهمزة وسكون اللام وكسر الفاء، أي لا أجدن أحدكم على هذه الصفة، ومعناه لا تعملوا عملا أجدكم بسببه على هذه الصفة. قال القاضي: ووقع في رواية "لا ألقين" بفتح الهمزة والقاف، وله وجه، لكن المشهور الأول. اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: والمراد بلفظ النفي النهي، وهو وإن كان من نهي المرء نفسه فليس المراد ظاهره، وإنما المراد نهي من يخاطبه عن ذلك. اهـ. تقول: لا أراك هنا، فلفظه نفي رؤيتي له، وظاهره

ص: 438

طلب عدم الرؤية طلبا موجها إلى نفس المتكلم، لكن المراد الطلب من المخاطب عدم الحضور هنا ليتحقق عدم رؤيتي له. والمعنى كما قال النووي: لا تعملوا عملا أجدكم بسببه على هذه الصفة. اهـ. يقال: ألفاه، أي وجده وصادفه، والمراد من الرقبة هنا الكتفان ليحيط المحمول بالرقبة و"الرغاء" بضم الراء وتخفيف الغين صوت البعير.

(لا أملك لك شيئا) قال القاضي: معناه من المغفرة والشفاعة إلا بإذن الله، قال: ويكون ذلك أولا غضبا عليه لمخالفته، ثم يشفع في جميع الموحدين بعد ذلك. اهـ. ومعناه إضافة قيد، أي لا أملك لك شيئا من المساعدة الآن، وكأنه صلى الله عليه وسلم أبرز هذا الوعيد بدون القيد في مقام الزجر والتغليظ.

(قد أبلغتك) في الدنيا عقوبة من فعل ذلك، فلا عذر لك.

(على رقبته فرس له حمحمة) بحاءين مفتوحتين، بينهما ميم ساكنة، وهي صوت الفرس عند العلف، وهو دون الصهيل.

(على رقبته شاة لها ثغاء) بضم الثاء وتخفيف الغين، وهو صوت الشاة.

(على رقبته نفس لها صياح) كأنه أراد بالنفس ما يغله الغال من الرقيق من امرأة أو صبي.

(على رقبته رقاع تخفق) المراد بالرقاع الثياب، ومعنى "تخفق" بفتح التاء وسكون الخاء وكسر الفاء، تتقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح، وقيل: معناه تلمع، والأول أنسب.

(على رقبته صامت) الصامت الذهب والفضة، وقيل: ما لا روح فيه من أصناف المال، وليس الهدف من حمل هذا ثقله، وإنما الهدف الفضيحة، فلا فرق فيها بين الثقيل والخفيف.

-[فقه الحديث]-

ذكر الإمام مسلم هذا الحديث في كتاب الإمارة، ولعله لاحظ قوله تعالى:{وما كان لنبي أن يغل} وكأنه يشير إلى تحذير الأمراء والحكام من سرقة أموال الشعب، لكن وضع هذا الحديث في كتاب الجهاد والسير -كما فعل البخاري- أولى وأنسب.

قال النووي: الحديث يصرح بعظم تغليظ الغلول، وقد أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول، وأنه من الكبائر، وأجمعوا على أن على الغال رد ما غله، [إذا كان قبل القسمة] فإن تفرق الجيش، وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء، قال الشافعي وطائفة: يجب تسليمه إلى الإمام أو الحاكم، كسائر الأموال الضائعة، وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن والزهري والأوزاعي ومالك والثوري والليث وأحمد والجمهور: يدفع خمسه إلى الإمام، ويتصدق بالباقي.

واختلفوا في صفة عقوبة الغال، فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار: يعزر على حسب ما يراه

ص: 439

الإمام، ولا يحرق متاعه، وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال مكحول والحسن والأوزاعي: يحرق رحله ومتاعه كله، قال الأوزاعي: إلا سلاحه وثيابه التي عليه، وقال الحسن: إلا الحيوان والمصحف، واحتجوا بحديث عبد الله بن عمر في تحريق رحله. قال الجمهور: وهذا حديث ضعيف، لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم، وهو ضعيف، قال الطحاوي: ولو صح يحمل على أنه كان إذ كانت العقوبة بالأموال، كأخذ شطر المال من مانع الزكاة، وضالة الإبل، وسارق التمر، وكل ذلك منسوخ.

واستدل بعض العلماء بهذا الحديث على وجوب زكاة العروض والخيل، قال النووي: ولا دلالة فيه لواحد منهما، لأن هذا الحديث ورد في الغلول وأخذ الأموال غصبا، فلا تعلق له بالزكاة.

قال المهلب: هذا الحديث وعيد لمن أنفذ الله عليه العقوبة من أهل المعاصي، ويحتمل أن يكون الحمل المذكور لا بد منه، عقوبة له بذلك، ليفتضح على رءوس الأشهاد، وأما بعد ذلك فإلى الله الأمر في تعذيبه أو العفو عنه، اهـ. وهذا الاحتمال بعيد، فحين يعفو الله تعالى يستر من عفا عنه وغفر له، فليس من الضروري أن يقع.

والله أعلم.

ص: 440