الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(519) باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع وبيان سن البلوغ
4243 -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: كنا نبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة يقول "لنا فيما استطعت".
4244 -
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال وأنا ابن أربع عشرة سنة، فلم يجزني. وعرضني يوم الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني. قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز، وهو يومئذ خليفة. فحدثته هذا الحديث. فقال: إن هذا لحد بين الصغير والكبير. فكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال.
4245 -
-/- وفي رواية عن عبيد الله بهذا الإسناد. غير أن في حديثهم: وأنا ابن أربع عشرة سنة فاستصغرني.
-[المعنى العام]-
البيعة عن السمع والطاعة سبقت قريبا، والزيادة في هذا الحديث تلقين عبارة "فيما استطعت" وقد روعيت عند الكلام عن السمع والطاعة في المنشط والمكره.
ولما كان الحديث يرفع القلم والتكليف عن الصبي حتى يبلغ، وقتال الكفار تكليف وأي تكليف، جهاد وأي جهاد، لا يطلب من غير البالغ، لكن الصبية الغيورين في صدر الإسلام كان حماسهم يدفعهم إلى التقدم إلى الميدان قبل أن يبلغوا الحلم، وهو حماس محمود مشكور، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن أعمارهم فإذا علم أنها أقل من خمس عشرة سنة ردهم، وإن علم أنهم بلغوها قبلهم، وسمح لهم بالمشاركة كالرجال، تماما في الحقوق والواجبات، ومن المعلوم شرعا أن البلوغ يثبت بالإنزال للرجل والمرأة، وبالحيض للمرأة، فإن لم يوجد هذا الدليل قبل الخامسة عشرة اعتبر البلوغ عندها بلوغا بالسن والتاريخ.
-[المباحث العربية]-
(يقول لنا: فيما استطعت) التاء مضمومة، تاء المتكلم، أي يقول لنا: قل: فيما استطعت.
(عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال) يقال: عرض الأمير الجند، أقرهم عليه واحدا واحدا، ليتعرف حالهم.
(فلم يجزني) بضم الياء وكسر الجيم وسكون الزاي، أي فلم يقبلني محاربا.
(فكتب لعماله أن يفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة) فأكثر، أي يفرضوا له سهما من الغنيمة.
(ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال) أي في الصبية المحتاجين إلى كافل ومنفق، غير مستقل.
-[فقه الحديث]-
قال النووي عن الحديث الأول: فيه كمال شفقته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته، حيث يلقنهم أن يقولوا: فيما استطعت، لئلا يدخل في عموم بيعته ما لا يطيقه، وفيه أن الإنسان إذا رأى من يلتزم ما لا يطيقه ينبغي أن يقول له: لا تلتزم، لا تطيق، فيترك بعضه، وهو من نحو قوله صلى الله عليه وسلم "عليكم من الأعمال ما تطيقون".
وقال عن الحديث الثاني: هذا دليل لتحديد البلوغ بخمس عشرة سنة، وهو مذهب الشافعي والأوزاعي وابن وهب وأحمد وغيرهم، قالوا: باستكمال خمس عشرة سنة يصير مكلفا، وإن لم يحتلم، فتجري عليه الأحكام من وجوب العبادة وغيره، ويستحق سهم الرجل من الغنيمة، ويقتل إن كان من أهل الحرب.
وفيه دليل على أن الخندق كانت سنة أربع من الهجرة، وهو الصحيح، وقال جماعة من أهل السير والتواريخ: كانت سنة خمس، وهذا الحديث يرده، لأنهم أجمعوا على أن أحدا كانت سنة ثلاث، فيكون الخندق سنة أربع، لأنه جعلها في هذا الحديث بعده بسنة.