المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(456) باب قضية هند - فتح المنعم شرح صحيح مسلم - جـ ٧

[موسى شاهين لاشين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الأقضية

- ‌(454) باب اليمين

- ‌(455) باب حكم الحاكم لا يغير الباطن

- ‌(456) باب قضية هند

- ‌(457) باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة والنهي عن منع وهات

- ‌(458) باب بيان أجر الحاكم إذا أخطأ

- ‌(459) باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان

- ‌(460) باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور

- ‌(461) باب بيان خير الشهود

- ‌(462) باب اختلاف المجتهدين

- ‌(463) باب استحباب إصلاح الحاكم بين الخصمين

- ‌كتاب اللقطة

- ‌(464) باب اللقطة

- ‌(465) باب تحريم حلب الماشية بدون إذن صاحبها

- ‌(466) باب الضيافة ونحوها

- ‌(467) باب استحباب المواساة بفضول المال واستحباب خلط الأزواد إذا قلت

- ‌كتاب الجهاد والسير

- ‌(468) باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم دعوة الإسلام

- ‌(469) باب تأمير الأمراء على البعوث ووصاياهم

- ‌(470) باب تحريم الغدر

- ‌(471) باب جواز الخداع في الحرب

- ‌(472) باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء واستحباب الدعاء بالنصر عند اللقاء

- ‌(473) باب تحريم قتل النساء والصبيان في الحرب وفي البيات

- ‌(474) باب جواز قطع أشجار الكفار وتحريقها

- ‌(475) باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة

- ‌(476) باب الأنفال

- ‌(477) باب استحقاق القاتل سلب القتيل

- ‌(478) باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى

- ‌(479) باب حكم الفيء

- ‌(480) باب كيفية قسمة الغنيمة بين الحاضرين

- ‌(481) باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم

- ‌(482) باب ربط الأسير وحبسه وجواز المن عليه

- ‌(483) باب إجلاء اليهود من الحجاز

- ‌(484) باب جواز قتال من نقض العهد وجواز إنزال أهل الحصن على حكم حاكم عدل أهل للحكم وجواز المبادرة بالغزو وتقديم أهم الأمرين المتعارضين

- ‌(485) باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح

- ‌(486) باب جواز الأكل من طعام الغنيمة في دار الحرب

- ‌(487) باب كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل ملك الشام وإلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الإسلام

- ‌(488) باب غزوة حنين

- ‌(489) باب غزوة الطائف

- ‌(490) باب غزوة بدر

- ‌(491) باب فتح مكة

- ‌(492) باب صلح الحديبية

- ‌(493) باب الوفاء بالعهد

- ‌(494) باب غزوة الأحزاب

- ‌(495) باب غزوة أحد

- ‌(496) باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين والمنافقين

- ‌(497) باب قتل أبي جهل

- ‌(498) باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود

- ‌(499) باب غزوة خيبر

- ‌(500) باب غزوة الأحزاب وهي الخندق

- ‌(501) باب غزوة ذي قرد وغيرها

- ‌(502) باب قول الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم

- ‌(503) باب غزوة النساء مع الرجال، والرضخ لهن

- ‌(504) باب عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(505) باب غزوة ذات الرقاع

- ‌(506) باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر

- ‌كتاب الإمارة

- ‌(507) باب الناس تبع لقريش، والخلافة في قريش

- ‌(508) باب الاستخلاف وتركه

- ‌(509) باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها وكراهة الإمارة بغير ضرورة

- ‌(510) باب فضيلة الأمير العادل، وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية، والنهي عن إدخال المشقة عليهم

- ‌(511) باب غلظ تحريم الغلول

- ‌(512) باب تحريم هدايا العمال

- ‌(513) باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية والإمام جنة

- ‌(514) باب وجوب الوفاء ببيعة الخليفة الأول فالأول

- ‌(515) باب الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، ووجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال، وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة، وحكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، والحكم إذا بويع لخليفتين، ووجوب الإنكار على الأمراء فيما يخالف الشرع

- ‌(516) باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، وبيان بيعة الرضوان تحت الشجرة

- ‌(517) باب تحريم رجوع المهاجر إلى استيطان وطنه والمبايعة بعد الفتح على الإسلام والجهاد والخير

- ‌(518) باب كيفية بيعة النساء

- ‌(519) باب البيعة على السمع والطاعة فيما استطاع وبيان سن البلوغ

- ‌(520) باب النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار إذا خيف وقوعه في أيديهم

- ‌(521) باب الخيل: تضميرها، والمسابقة بينها وفضلها، وما يكره من صفاتها

- ‌(522) باب فضل الجهاد والخروج والرباط في سبيل الله، وفضل الشهادة، وفضل الغدوة والروحة في سبيل الله، وما أعده الله للمجاهد في الجنة

- ‌(523) باب بيان الرجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة ولا يجتمع كافر وقاتله في النار

- ‌(524) باب فضل الصدقة في سبيل الله، وإعانة الغازي، وخلافة أهله بخير، وإثم من خانه فيهم

- ‌(525) باب سقوط فرض الجهاد عن المعذورين وثبوت الجنة للشهيد

- ‌(526) باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ومن قاتل للرياء والسمعة استحق النار

- ‌(527) باب ثواب من غزا فغنم، ومن لم يغنم

- ‌(528) باب إنما الأعمال بالنية

- ‌(529) باب استحباب طلب الشهادة في سبيل الله

- ‌(530) باب ذم من مات ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو

- ‌(531) باب ثواب من حبسه العذر عن الغزو

- ‌(532) باب فضل الغزو في البحر

- ‌(533) باب فضل الرباط في سبيل الله

- ‌(534) باب بيان الشهداء

- ‌(535) باب فضل الرمي، وذم من علمه ثم نسيه

- ‌(536) باب "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق

- ‌(537) باب مراعاة مصلحة الدواب والسير

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌(538) باب الصيد بالكلاب المعلمة

الفصل: ‌(456) باب قضية هند

(456) باب قضية هند

3932 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك".

3933 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت هند إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلهم الله من أهل خبائك وما على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يعزهم الله من أهل خبائك فقال النبي صلى الله عليه وسلم "وأيضا والذي نفسي بيده" ثم قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل ممسك فهل علي حرج أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف".

3934 -

عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت: يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض خباء أحب إلي من أن يذلوا من أهل خبائك وما أصبح اليوم على ظهر الأرض خباء أحب إلي من أن يعزوا من أهل خبائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "وأيضا والذي نفسي بيده" ثم قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج من أن أطعم من الذي له عيالنا؟ فقال لها: لا إلا بالمعروف".

-[المعنى العام]-

هند بنت عتبة امرأة وافرة العقل من زعيمات نساء العرب زوجة أبي سفيان بن حرب أم معاوية ظلت رائدة في الكفر محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤلبة رجال قريش عليه، حتى ألقى الله في قلبها نور الإيمان بعد فتح مكة وبعد إسلام زوجها أبي سفيان لما أسلم زوجها وبخته وأنبته وأخذت

ص: 18

بلحيته تهزه وتسخر منه ثم تلبث يومين أو ثلاثة حتى قالت لأبي سفيان: إني أريد أن أبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فافعلي فذهبت في نسوة محجبات وبايعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما ناقشته البيعة عرفها. فقال: أنت هند فكشفت عن أمرها برزانة وحكمة. قالت: يا رسول الله والله لقد مضى علي زمان كان بيتك أبغض البيوت إلى نفسي وكنت أتمنى أن يذل الله هذا البيت ذلا فوق ذل البشر وأصبحت اليوم أراك وأرى بيتك أحب البيوت إلى نفسي ولا أتمنى لأحد أن يعزه الله مثلما أتمنى لك قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأيضا سيزيدك الله حبا لي بتمكين الإيمان في قلبك واستراحت هند بهذا اللقاء وأنست بهذا الجواب وهذا الاستقبال فعرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخيلة نفسها وخاصة أمرها وسر بيتها وما يقع بينها وبين زوجها قالت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح بخيل ممسك مقتر في النفقة علي وعلى أولاده لا يعطينا ما يكفينا وأستطيع أن أكمل نقص نفقتنا من ماله الذي تحت يدي بدون علمه دون أن يشعر فهل علي إثم إذا أنا أخذت من ماله بغير علمه؟ قال لها صلى الله عليه وسلم لا إثم عليك إذا أخذت من ماله بغير علمه ما هو حق مستحق لك ولبنيك بشرط أن لا تزيدي عما تستحقين وعما هو معروف عرفا وعادة أنه يكفيك ويناسب معيشة أمثالك.

-[المباحث العربية]-

(دخلت هند)"هند" روي بالصرف وبدون الصرف ومن المعلوم أن ساكن الوسط يجوز فيه الأمران الصرف وتركه كما في نوح ودعد. وهند أم معاوية وكان من أمرها لما قتل أبوها عتبة وعمها شيبة وأخوها الوليد يوم بدر شق عليها فلما كان يوم أحد وقتل حمزة فرحت بذلك وعمدت إلى بطنه فشقتها وأخذت كبده فلاكتها فلما كان يوم الفتح ودخل أبو سفيان مكة مسلما -بعد أن أسرته خيل النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فأجاره العباس- غضبت هند لأجل إسلامه وأخذت بلحيته ثم إنها بعد استقرار النبي صلى الله عليه وسلم بمكة جاءت فأسلمت وبايعت.

(إن أبا سفيان رجل شحيح) الشح البخل مع حرص والشح أعم من البخل لأن البخل يختص بمنع المال والشح بكل شيء وقيل: الشح لازم كالطبع والبخل غير لازم قال القرطبي: لم ترد هند وصف أبي سفيان بالشح في جميع أحواله وإنما وصفت حالها معه وأنه كان يقتر عليها وعلى أولادها وهذا لا يستلزم البخل مطلقا فإن كثيرا من الرؤساء يفعل ذلك مع أهله ويؤثر الأجانب استئلافا لهم.

وقال الخطابي: إن أبا سفيان كان رئيس قومه ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة فكأنه كان يعطيها قدر كفايتها وولدها.

وفي الرواية الثانية "رجل ممسك" وفي الرواية الثالثة "رجل مسيك" بكسر الميم وتشديد السين على المبالغة مثل شريب وسكير وضبط بفتح الميم وكسر السين مخففا على وزن شحيح قال النووي: الأول أشهر في الرواية والثاني أصح من حيث اللغة. من إمساك المال ومنعه من الإنفاق وهو الشح.

ص: 19

(لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني) لم تبين إن كان بنوها صغارا أو كبارا.

(إلا ما أخذت من ماله بغير علمه) في رواية البخاري "إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم" زاد الشافعي في روايته "سرا".

(فهل علي في ذلك من جناح)"من" زائدة داخلة على المبتدأ في سياق الاستفهام والأصل فهل على جناح وإثم في أخذى من ماله بغير علمه؟ وبينت الرواية الثانية والثالثة مصرف ما تأخذه ففي الثانية "فهل علي حرج أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه"؟ وفي الثالثة "فهل علي حرج من أن أطعم من الذي له عيالنا"؟ أي هل علي إثم إن أطعمت عيالنا من ماله الذي له بغير إذنه؟ ولما كان سؤالها غير محدد المقدار مما يدخل الإسراف كان جوابه صلى الله عليه وسلم مانعا الإسراف.

(خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك) والمراد من المعروف هنا ما يقره الشرع والعرف والعادة من مقدار نفقة مثيلاتها دون تقتير أو إسراف عملا بقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله} [الطلاق: 7] وفي الرواية الثانية "لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف" وفي الرواية الثالثة "لا. إلا بالمعروف" وبالرغم من أن الروايات كلها تفيد الإذن لها بأن تأخذ من ماله بغير علمه إلا أنها لم تصرح نصا بذلك بل أطلقت الأخذ "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك وما يكفي بنيك""لا حرج عليك أن تنفقي عليهم بالمعروف" وقوله "لا. إلا بالمعروف" هكذا هو في جميع النسخ وهو صحيح والاستثناء استدراك بمعنى لكن والمعنى لا أي لا حرج عليك أن تأخذي من ماله من غير علمه لكن بالمعروف.

(والله ما كان على ظهر الأرض خباء أحب إلي من أن يذلهم الله من أهل خبائك) قال القاضي عياض: أرادت بقولها "أهل خباء" نفسه صلى الله عليه وسلم فكنت عنه بأهل الخباء إجلالا له قال: ويحتمل أن تريد بأهل الخباء أهل بيته والخباء يعبر عن مسكن الرجل وداره وأصل الخباء خيمة من وبر أو صوف ثم أطلقت على البيت كيفما كان.

(وأيضا والذي نفسي بيده) يقال: آض يئيض إذا رجع والمعنى ورجوعا مني على قولك. قال ابن التين: فيه تصديق لها فيما ذكرته قال الحافظ ابن حجر: كأن ابن التين رأى أن المعنى: وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك على معنى وأنا كذلك لم يكن على ظهر الأرض أحب إلي من أن يذلها الله منك. قال الحافظ ابن حجر: وتعقب قول ابن التين من جهة طرفي البغض والحب -أي هذه الجملة طرف البغض والجملة الآتية طرف الحب- فقد كان في المشركين من كان أشد أذى للنبي صلى الله عليه وسلم من هند وأهلها وكان في المسلمين -بعد أن أسلمت- من هو أحب إلى النبي صلى الله عليه وسلم منها ومن أهلها فلا يمكن حمل الخبر على ظاهره- أي ويحمل على المبالغة. وقال النووي وغيره: "وأيضا" خاص بما يتعلق بها أي زال ورجعت عن بغضك لي وحل محله ورجعت إلي حبك لي وأيضا سيزيد زوال بغضك لي وسيزيد حبك لي كلما تمكن الإيمان من قلبك ويصبح بغضه صلى الله عليه وسلم لها وحبه لها مسكوتا عنه.

ص: 20

(وما على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يعزهم الله من أهل خبائك) هكذا هو في الرواية الثانية "وما على ظهر الأرض" والقيد فيها ملاحظ كما صرح به في الرواية الثالثة حيث جاء فيها "وما أصبح اليوم على ظهر الأرض".

-[فقه الحديث]-

-[يؤخذ من الحديث]-

1 -

فيه دلالة على وفور عقل هند وحسن تأنيها في المخاطبة.

2 -

وأن صاحب الحاجة يستحب له أن يقدم بين يدي حاجته ما يزيل موجدة الذي يخاطبه.

3 -

وأن المعتذر يستحب له أن يقدم ما يؤكد صدقه عند من يعتذر إليه لأن هندا قدمت الاعتراف بذكر ما كانت عليه من البغض لتؤكد صدقها فيما ادعته من الحب.

4 -

وجواز سماع كلام الأجنبية عند الإفتاء والحكم وكذا ما في معناهما وأما عند من يقول: إن صوتها عورة فيقول: جاز هنا للضرورة.

5 -

وفيه وجوب نفقة الزوجة.

6 -

وأنها مقدرة بالكفاية وهو قول أكثر العلماء والمشهور عن الشافعي أنه قدرها بالأمداد فعلى الموسر كل يوم مدان والمتوسط مد ونصف والمعسر مد وتقديرها بالأمداد رواية عن مالك أيضا قال النووي: والحديث حجة على أصحابنا. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: وليس صريحا في الرد عليهم لكن التقدير بالأمداد محتاج إلى دليل فإن ثبت حملت الكفاية في حديث الباب على القدر بالأمداد فكأنه كان يعطيها وهو موسر ما يعطي المتوسط فأذن لها في أخذ التكملة.

وتمسك بعض الشافعية بأنها لو قدرت بالحاجة لسقطت نفقة المريضة التي لا تنفق ونفقة الغنية لأنها غير محتاجة فوجب إلحاقها بما يشبه الدوام وهو الكفارة لاشتراكهما في الاستقرار في الذمة ويقويه قوله تعالى {من أوسط ما تطعمون أهليكم} [المائدة: 89] فاعتبروا الكفارة بها والأمداد معتبرة في الكفارة ويخدش هذا الدليل أن الشافعية صححوا الاعتياض عنه وبأنها لو أكلت معه على العادة سقطت بخلاف الكفارة فيها وبأن الشافعية جعلوا نفقة القريب مقدرة بالكفاية ففرقوا بدون موجب بين نفقة الزوجة ونفقة الأولاد قال الحافظ ابن حجر: والراجح من حيث الدليل أن الواجب الكفاية ولا سيما وقد نقل بعض الأئمة الإجماع الفعلي في زمن الصحابة والتابعين على ذلك ولا يحفظ عن أحد منهم خلافه.

7 -

وفيه جواز ذكر الإنسان بما لا يعجبه إذا كان على وجه الاستفتاء والاشتكاء ونحو ذلك وهو أحد المواضع التي تباح فيها الغيبة.

8 -

وجواز خروج المرأة لحاجتها إذا أذن زوجها لها في ذلك أو علمت رضاه به وهذا مبني على أن أبا

ص: 21

سفيان علم وسمح وفيه نظر والأولى أن يقال: فيه جواز خروج الزوجة للفتوى والقضاء ولو لم يأذن الزوج.

9 -

وأن للمرأة مدخلا في كفالة أولادها والإنفاق عليهم من مال أبيهم. قال النووي: قال أصحابنا: إذا امتنع الأب من الإنفاق على الولد الصغير أو كان غائبا أذن القاضي لأمه في الأخذ من آل الأب أو الاستقراض عليه والإنفاق على الصغير بشرط أهليتها. وهل لها الاستقلال بالأخذ من ماله بغير إذن القاضي؟ فيه وجهان مبنيان على وجهين لأصحابنا في أن إذن النبي صلى الله عليه وسلم لهند امرأة أبي سفيان كان إفتاء -فيعم غيرها دون إذن القاضي -أم قضاء- فيحتاج إلى إذن -والأصح أنه كان إفتاء وأن هذا يجري في كل امرأة أشبهتها فيجوز.

10 -

واستدل به على أن القول قول الزوجة في قبض النفقة لأنه لو كان القول قول الزوج أنه منفق لكلفت هند البينة على إثبات عدم الكفاية.

11 -

وعلى جواز إطلاق الفتوى مع إرادة تعليقها وتقييدها فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلق الإباحة لكنه أراد: إن صح ما ذكرت يا هند فخذي ما يكفيك كذا قال القرطبي وقال غيره: يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم علم صدقها فيما ذكرت فاستغنى عن التقييد ولم يقصده.

12 -

وفيه جواز استماع كلام أحد الخصمين في غيبة الآخر.

13 -

واستدل به بعضهم على اعتبار حال الزوجة حين تقدير النفقة وهو قول الحنفية والفتوى عند الحنفية على اعتبار حال الزوجين معا والشافعية على اعتبار حال الزوج تمسكا بقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} [الطلاق: 7].

14 -

واستدل به بعض الشافعية على جواز القضاء على الغائب وفي المسألة خلاف للعلماء قال أبو حنيفة وسائر الكوفيين: لا يقضى عليه بشيء وقال الشافعي والجمهور: يقضى عليه في حقوق الآدميين ولا يقضى عليه في حدود الله تعالى ولا يصح الاستدلال بهذا الحديث لهذه المسألة لأن هذه القضية كانت بمكة بعد إسلام هند وأبي سفيان وكان أبو سفيان حاضرا بها وشرط القضاء على الغائب أن يكون غائبا عن البلد أو مستترا لا يقدر عليه أو متعذرا لا يقدر عليه ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجودا فلم يكن قضاء على الغائب بل هو إفتاء اهـ. قال الحافظ ابن حجر: وفي بعض الروايات الضعيفة أن أبا سفيان كان معها حاضرا وذهب الأكثرون إلى أن الموضوع فتوى لا قضاء فلا يصح الاستدلال به على القضاء على الغائب.

ورجح القائلون بأنه قضاء بالتعبير بصيغة الأمر حيث قال لها "خذي" ولو كان فتيا لقال مثلا: لا حرج عليك إذا أخذت وبأن الأغلب في تصرفاته صلى الله عليه وسلم إنما هو الحكم ورجح القائلون بأنه فتوى بوقوع الاستفهام من هند في القضية "هل على جناح"؟ ولأنه فوض تقدير الاستحقاق إليها ولو كان قضاء لم يفوضه إلى المدعي ولأنه لم يستحلفها على ما ادعته ولا طلب منها البينة.

ص: 22

15 -

وفيه وجوب نفقة الأولاد وإن كانوا كبارا لقولها "بني" على الإطلاق ورد بأنها واقعة عين لا تعم قال ابن المنذر: اختلف في نفقة من بلغ من الأولاد ولا مال له ولا كسب فأوجبت طائفة النفقة لجميع الأولاد أطفالا كانوا أو بالغين إناثا وذكرانا إذا لم يكن أموال يستغنون بها وذهب الجمهور إلى أن الواجب أن ينفق عليهم حتى يبلغ الذكر أو تتزوج الأنثى ثم لا نفقة على الأب إلا إذا كانوا زمني فإن كانت لهم أموال فلا وجوب على الأب وألحق الشافعي ولد الولد وإن سفل بالولد في ذلك.

16 -

قال الخطابي: وفيه وجوب نفقة خادم المرأة على الزوج لأن أبا سفيان كان رئيس قومه ويبعد أن يمنع زوجته وأولاده النفقة فكأنه كان يعطيها قدر كفايتها وولدها دون من يخدمهم فأضافت ذلك لنفسها لأن خادمها داخل في جملتها. اهـ. وهو غير مسلم.

17 -

واستدل به على أن من له عند غيره حق وهو عاجز عن استيفائه جاز له أن يأخذ من ماله قدر حقه بغير إذنه وهو قول الشافعي وجماعة وتسمى هذه المسألة مسألة الظفر والراجح عندهم أن لا يأخذ غير جنس حقه إلا إذا تعذر جنس حقه وعن أبي حنيفة المنع وعنه يأخذ جنس حقه ولا يأخذ من غير جنس حقه إلا أحد النقدين بدل الآخر وعن مالك ثلاث روايات كهذه الآراء وعن أحمد المنع مطلقا قال الخطابي: يؤخذ من حديث هند جواز أخذ الجنس وغير الجنس لأن منزل الشحيح لا يجمع كل ما يحتاج إليه من النفقة والكسوة وسائر المرافق اللازمة وقد أطلق لها الإذن في أخذ الكفاية من ماله وعقب عليه الحافظ ابن حجر بما يحتاج إلى تعقيب.

18 -

وفي الحديث تحكيم العرف والعادة في الأمور التي ليس فيها تحديد شرعي قال القرطبي: فيه اعتبار العرف في الشرعيات خلافا لمن أنكر ذلك لفظا وعمل به معنى كالشافعية ورد عليه الحافظ ابن حجر فقال: إن الشافعية إنما أنكروا العمل بالعرف إذا عارضه النص الشرعي أو لم يرشد النص الشرعي إلى العرف.

والله أعلم.

ص: 23