الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكامل (3/ 293)، وابن شاهين في الناسخ (49)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 168).
قال الطبراني: "لم يروه عن أبان بن تغلب إلا سعيد بن بشير، ولا عن سعيد إلا الوليد، تفرد به سليمان بن أحمد الجرشي الشامي سكن واسط".
وقال ابن عدي: "غريب جدًّا عن الوليد، وإن كان قد حدث به غير سليمان بن أحمد".
وسليمان بن أحمد الواسطي هذا: كذاب [اللسان (3/ 87)].
2 -
ورواه أبان بن أبي عياش بأسانيد، فمرة يقول:
أ - عن زيد بن صبيح، عن عكرمة، عن ابن عباس، به مرفوعًا.
أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 361/ 12019).
زيد بن صبيح: مجهول [اللسان (2/ 625)]، وأبان بن أبي عياش: متروك.
وفي الإسناد إليه: أبو بلال الأشعري: ضعيف [الميزان (4/ 507)، اللسان (7/ 24)].
ب - ومرة يقول: عن عكرمة، عن ابن عباس، به مرفوعًا.
أخرجه ابن عدي (7/ 161).
أبان: متروك، وفي الإسناد إليه: يوسف بن خالد السمتي: كذاب.
ج - ومرة يقول: عن عكرمة، عن يزيد بن ضمرة، عن ابن عباس به مرفوعًا.
أخرجه الدارقطني في الأفراد (3/ 258 - 259/ 2590 - أطرافه).
يزيد بن ضمرة: لم أعرفه، وأبان: متروك.
د - ومرة يقول: عن يزيد بن نعامة الضبي به مرفوعًا.
أخرجه ابن منده في مسند إبراهيم بن أدهم (29)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 52).
قال أبو نعيم: "أبان هذا هو ابن أبي عياش، ويزيد الضبي: ليس بصحابي، والحديث فيه إرسال، وأبان: هو متروك الحديث".
3 -
ورواه عمرو النميري: ثنا ثابت، عن أَنس به مرفوعًا.
أخرجه الرامهرمزي في المحدث الفاصل (344 - 345).
ولا أدري من النميري هذا.
وفي الجملة: هو حديث منكر.
***
99 - باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل
251 -
. . . سفيان بن عيينة، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، أن امرأة من المسلمين - وقال زهير: أنها - قالت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي، أفأنقضه للجنابة؟
قال: "إنما يكفيك أن تحفني عليه ثلاثًا - وقال زهير: تحثي عليه ثلاث حثيات - من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك، فإذا أنت قد طهرت".
• حديث صحيح.
ولفظ مسلم: قلت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ قال:"لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضين عليك الماء، فتطهرين".
أخرجه مسلم (330)، وأبو عوانة (1/ 252 و 264/ 868 و 918 و 919)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 375/ 736)، والترمذي (105)، والطوسي في مستخرجه عليه (91)، والنسائي (1/ 131/ 241)، وابن ماجة (603)، وابن خزيمة (1/ 122/ 246)، وابن حبان (3/ 470 - 471/ 1198)، وابن الجارود (98)، وأحمد (6/ 289)، والشافعي في الأم (1/ 40)، وفي المسند (19)، وإسحاق (4/ 86 - 87/ 1851)، والحميدي (294)، وابن أبي شيبة (1/ 73/ 792)، وأبو يعلى (12/ 389/ 6957)، وابن المنذر (2/ 132/ 679)، والطبراني في الكبير (23/ 296/ 658)، والدارقطني (1/ 114)، وابن حزم (1/ 187 - 188) و (2/ 35)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 178)، وفي المعرفة (1/ 268/ 271)، وفي الخلافيات (2/ 432/ 776)، والبغوي في شرح الكامَة (1/ 345/ 251)، وابن. الجوزي في التحقيق (1/ 136 و 225/ 115 و 259).
تنبيه: سقط من مطبوعة صحيح ابن خزيمة: "ثنا عبد الجبار بن العلاء"، ومن مطبوعة مسند الحميدي:"ثنا سفيان".
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح".
وقال البغوي: "هذا حديث صحيح".
• تابع سفيان بن عيينة عليه:
روح بن القاسم، وإبراهيم بن طهمان، كلاهما: عن أيوب بن موسى به.
أخرجه مسلم (330)، وأبو عوانة (869)، والطبراني في الأوسط (2/ 227/ 1821).
• وأما سفيان الثوري فقد رواه عن أيوب بن موسى، واختلف عليه:
1 -
فرواه يزيد بن هارون، وعمر بن علي المقدمي، ومخلد بن يزيد:
ثلاثتهم [وهم ثقات لا سيما يزيد بن هارون؛ فإنه ثقة ثبت]: عن سفيان الثوري، عن أيوب بن موسى به، نحو رواية ابن عيينة.
أخرجه مسلم (330)، وأبو عوانة (1/ 251 - 252 و 263 - 264 و 264/ 867 و 916 و 917)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 375/ 737)، وأحمد (6/ 314 - 315)، وابن الأعرابي في المعجم (716).
2 -
ورواه عبد الرزاق، عن الثوري، واختلف عليه:
أ - فرواه إسحاق بن إبراهيم الدبري [وهو ممن سمع من عبد الرزاق بأخرة بعدما عمي وأضر. شرح العلل لابن رجب (2/ 754)]، عن عبد الرزاق، عن الثوري به، مثل رواية الجماعة.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف (1/ 272/ 1046)، وأبو عوانة (867 و 916)، وأبو نعيم (737)، والطبراني في الكبير (23/ 296/ 657).
ج - وخالفه عبد بن حميد، وأحمد بن منصور الرمادي [وهما ثقتان حافظان]: فروياه عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن أيوب بن موسى، عن سعيد بن أبي سعيد، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة، عن أم سلمة، قالت: يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي - أو: قالت: عقص رأسي - أفأنقضه للجنابة والحيضة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تفرغي عليك ثلاث حفنات، ثم قد طهرت".
أخرجه مسلم (330)، ومن طريقه: ابن حزم في المحلى (2/ 38)، والبيهقي (1/ 181)، وهذا لفظه.
هكذا قال عبد الرزاق - في المحفوظ عنه -، عن الثوري:"أفأنقضه للجنابة والحيضة؟ " فزاد: "والحيضة".
وهي كما ترى: زيادة شاذة، انفرد بها عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، ولم يتابع عليها، وقد رواه عن الثوري بدون هذه الزيادة "والحيضة": يزيد بن هارون، ومخلد بن يزيد، وعمر بن علي المقدمي، وهم أثبت وأكثر من عبد الرزاق، لا سيما وعبد الرزاق ممن كان يهم على الثوري، ولم يكن فيه بالثبت، بل هو في الثوري مثل: قبيصة وأبي حذيفة، ممن يخطئ ويهم على الثوري [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 722)].
ثم إن رواية الجماعة عن الثوري -وهي المحفوظة-: موافقة لرواية من روى الحديث عن أيوب بن موسى من الثقات الحفاظ، مثل: سفيان بن عيينة، وروح بن القاسم، وإبراهيم بن طهمان، فلم يذكروا هذه الزيادة.
وقد أشار مسلم في صحيحه إلى هذا الاختلاف، وإلى تفرد عبد الرزاق بهذه اللفظة التي لم يروها غيره في هذا الحديث، وهذا رحمه الله إعلال لهذه اللفظة، وبيان بأنها زيادة شاذة مردودة.
قال ابن القيم في حاشيته على سنن أبي داود (1/ 295): "أما حديث أم سلمة، فالصحيح فيه: الاقتصار على ذو الجنابة دون الحيض، وليست لفظة "الحيضة" فيه محفوظة
…
، ورواية الجماعة أولى بالصواب
…
، ومن أعطى النظر حقه علم أن هذه اللفظة: ليست محفوظة في الحديث"، ووافقه الألباني في صحيح السنن (2/ 4).
وقال ابن رجب في فتح الباري (1/ 481): "وهذه اللفظة - أعني: لفظة الحيضة - تفرد بها عبد الرزاق عن الثوري، وكأنها غير محفوظة، فقد رواه غير واحد عن الثوري فلم يذكروها.
وقد رويت - أيضًا - هذه اللفظة من حديث: سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة، وسالم: ضعيف؛ والحسن: لم يسمع من أم سلمة".
• خالف أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص المكي الأموي [وهو ثقة حافظ، متفق على توثيقه]:
***
252 -
. . . أسامة، عن المقبري، عن أم سلمة، أن امرأة جاءت إلى أم سلمة
…
بهذا الحديث، قالت: فسألت لها النبي صلى الله عليه وسلم . . . بمعناه، قال فيه:"واغمزي قرونك عند كل حفنة".
• رواية شاذة.
أخرجه الدارمي (1/ 279/ 1157)، وإسحاق بن راهويه (4/ 87/ 1852)، وابن أبي شيبة (1/ 73/ 798)، والبيهقي (1/ 181).
وفي رواية ابن وهب [عند البيهقي]: أخبرك أسامة بن زيد الليثي: أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه: أنَّه سمع أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، تقول: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أشد ضفر رأسي، فكيف أصنع إذا اغتسلت؟ قال:"احفني على رأسك ثلاث حفنات، ثم اغمزيه على أثر كل حفنة يكفيك".
وفي رواية عبيد الله بن موسى، ووكيع:"على أثر كل حفنة غمزة".
قال البيهقي: "وقصر بإسناده أسامة بن زيد، وفي رواية ابن وهب عنه أن سعيدًا سمعه من أم سلمة
…
، [ثم أسنده وقال:] ورواية أيوب بن موسى: أصح من رواية أسامة بن زيد، وقد حفظ في إسناده ما لم يحفظ أسامة بن زيد".
قلت: وما قاله هو الصواب، فإن أسامة بن زيد الليثي: متكلم فيه، وقد أنكروا عليه أحاديث، وهو صدوق يهم، وأما أيوب بن موسى فهو: ثقة حافظ، متفق على توثيقه، فروايته أولى [وانظر: بيان الوهم (3/ 27/ 674)].
قال الألباني في صحيح السنن (2/ 5): "فإن كان أسامة قد حفظه، فهو، وإلا فالرواية التي قبلها أصح".
***
253 -
. . . إبراهيم بن نافع، عن الحسن بن مسلم، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة، قالت: كانت إحدانا إذا أصابتها جنابة، أخذت ثلاث حفنات هكذا - تعني: بكفيها جميعًا - فتصب على رأسها، وأخذت بيد واحدة فصبتها على هذا الشق، والأخرى على الشق الآخر.
• حديث صحيح.
أخرجه البخاري (277).
ولفظه: كنا إذا أصاب إحدانا جنابة، أخذت بيديها ثلاثًا فوق رأسها، ثم تأخذ بيدها على شقها الأيمن، وبيدها الأخرى على شقها الأيسر.
وقد ورد هذا من فعله صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم في الحديث رقم (245)، ومن فعلها بحضرته صلى الله عليه وسلم مختصرًا [عند مسلم (331)].
***
254 -
قال أبو داود: حدثنا نصر بن علي: حدثنا عبد الله بن داود، عن عمر بن سويد، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة، قالت: كنا نغتسل وعلينا الضِّماد، ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محلات ومحرمات.
• حديث صحيح.
أخرجه البيهقي (1/ 182).
وهذا إسناد صحيح متصل، رجاله ثقات رجال البخاري غير عمر بن سويد بن غيلان، وهو: ثقة.
عبد الله بن داود: هو الخريبي: ثقة عابد، روى له البخاري.
ونصر بن علي: هو الجهضمي: ثقة ثبت، روى له الجماعة.
والضماد: قال في النهاية (3/ 99): "وأصل الضمد: الشد، يقال: ضمد رأسه وجرحه؛ إذا شده بالضماد، وهي: خرقة يشد بها العضو المؤوف، ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره، وإن لم يشد".
وقال الأزهري في تهذيب اللغة (3/ 2132 - معجمه): "قال شمر: يقال: ضمدت الجرح: إذا جعلت عليه الدواء، وقال: ضمدته بالزعفران والصبر، أي: لطخته، وضمدت رأسه: إذا لففته بخرقة،
…
، وقال ابن هانئ: هذا ضماد، وهو الدواء الَّذي يضمد به الجرح".
قال صاحب عون المعبود (1/ 296): "والمراد بالضماد في هذا الحديث: ما يلطخ به الشعر مما يلبده ويسكنه من طيب وغيره، لا الخرقة التي يشد بها العضو المؤوف".
قلت: وروايات هذا الحديث توضح هذا المعنى المقصود:
1 -
فقد رواه وكيع، قال: حدثنا عمر بن سويد الثقفي، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قال: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يخرجن معه عليهن الضماد، يغتسلن فيه ويعرقن، لا ينهاهن عنه، محلات ولا محرمات.
أخرجه أحمد (6/ 137)، والخطيب في الموضح (1/ 145).
2 -
ورواه أبو أحمد الزبيري [ثقة ثبت]، قال: حدثنا عمر بن سويد، قال: سمعت عائشة ابنة طلحة تذكر، وذكر عندها المحرم يتطيب، فذكرت عن عائشة أم المؤمنين: أنهن
كن يخرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن الضماد، قد اضمدن قبل أن يحرمن، ثم يغتسلن وهو عليهن، يعرقن ويغتسلن، لا ينهاهن عنه.
أخرجه أحمد (6/ 79).
3 و 4 - تابعه عليه بنحوه:
أبو نعيم الملائي الفضل بن دكين، وعبيد الله بن موسى [وهما: ثقتان ثبتان]، كلاهما: عن عمر بن سويد به، نحوه.
أخرجه إسحاق بن راهويه (2/ 451/ 1021 و 1022).
5 -
ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]: نا عمر بن سويد، قال: سمعت عائشة بنت طلحة، تقول: أخبرتني عائشة، قالت: كن يخرجن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن الضماد بالمسك المطيب قبل أن يحرمن، ثم يعرقن فيُرى في جباهن، فيراهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينهاهن.
أخرجه إسحاق (3/ 1023 و 1039/ 1772 و 1797).
وهذا قد رواه أبو داود في المناسك برقم (1830)، ومن طريقه: البيهقي (5/ 48)، بلفظ قريب: كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الإحرام، فإذا عرقت إحدانا سال على وجهها، فيراه النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينهاها.
ورواه ابن حزم في حجة الوداع (247)، من طريق ابن أبي شيبة: حدثنا أبو أسامة به، بلفظ: كنا نضمخ جباهنا بالمسك المطيب
…
، فذكره نحوه.
ففي هذه الرواية والتي بعدها كان أن المقصود بالضماد إنما هو التضمخ الطيب، وأنهن كن يضعنه على الجباه.
6 -
ورواه القاسم بن مالك المزني [صدوق]، عن عمر بن سويد بن غيلان، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت: كنا نخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تضمخنا بالزعفران والورس، وقد أحرمنا، فنعرق فيسيل على وجوهنا، فيراه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعيب ذلك علينا.
أخرجه أبو يعلي (8/ 296 / 4886).
والحاصل من مجموع هذه الروايات: أن هذا الضماد الَّذي كن يلطخن به رؤوسهن، ويغتسلن وهو عليهن، لم يكن يمنع وصول الماء إلى أصول الشعر، بحيث يحتجن معه إلى نقض رؤوسهن، والله أعلم.
***
255 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عوف، قال: قرأت في أصل إسماعيل بن عياش، قال ابن عوف: وحدثنا محمد بن إسماعيل، عن أبيه: حدثني ضمضم بن زُرعة، عن شريح بن عُبيد، قال: أفتاني جُبير بن نُفير عن الغسل من
الجنابة: أن ثوبان حدثهم: أنهم استفتوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ فقال: "أما الرجل فلينشر رأسه، فليغسله حتَّى يبلغ أصول الشعر، وأما المرأة فلا عليها أن لا تنقضه، لتغرف على رأسها ثلاث غرفات بكفَّيها".
• حديث صحيح.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 451/ 1686)، قال: حدثنا هاشم بن مرثد الطبراني: ثنا محمد بن إسماعيل به، وفي آخره:"ثلاث غرفات تكفيها".
قلت: وهذا إسناد شامي صحيح، فإن محمد بن إسماعيل بن عياش، وإن كان قد تكلم فيه وفي روايته عن أبيه، فقال أبو حاتم:"لم يسمع من أبيه شيئًا، حملوه على أن يحدث عنه فحدث"، وقال أبو زرعة الرازي:"كان لا يدري أمر الحديث"، وقال أبو داود: "لم يكن بذاك، قد رأيته، ودخلت حمص غير مرة وهو حي، وسألت عمرو بن عثمان عنه فدفعه، [الجرح والتعديل (7/ 190)، علل الحديث (2/ 374)، سؤالات الآجري (5/ ق 23)، التهذيب (3/ 514)].
مع هذا كلُّه فإن الاعتماد في تصحيح هذا الإسناد على أن محمد بن عوف قد رأى هذا الحديث وقرأه في أصل إسماعيل بن عياش، قال العلامة الألباني -رحمه الله تعالى - في صحيح سنن أبي داود (2/ 7):"وهذه وجادة صحيحة من ثقة في أصل ثقة، وهي حجة على المعتمد".
قال الحافظ في نتائج الأفكار (1/ 172): "قال أبو حاتم: لم يسمع من أبيه فحملوه على أن حدث عنه، قلت: لعله كانت له من أبيه إجازة، فأطلق فيها التحديث، أو تجوز في إطلاق التحديث على الوجادة".
راجع الحديث رقم (61) من أحاديث الذكر والدعاء (1/ 119).
قال ابن القيم في حاشية السنن (1/ 306): "وهذا إسناد شامي، وأكثر أئمة الحديث يقول: حديث إسماعيل بن عياش عن الشاميين: صحيح، ونص عليه أحمد بن حنبل رضي الله عنه".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 380): "وأكثر ما علل به أن في إسناده إسماعيل بن عياش، والحديث من مروياته عن الشاميين، وهو قوي فيهم، فيقبل".
وانظر: تهذيب السنن، نصب الراية (1/ 80).
• ومما فات أبا داود مما يحسن الاستدلال به في هذا الباب:
ما رواه مسلم (331) وغيره، من حديث: عبيد بن عمير، قال: بلغ عائشة أن عبد الله بن عمرو يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، فقالت: يا عجبًا لابن عمرو هذا! يأمر النساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤوسهن، أفلا يأمرهن أن يحلقن رؤوسهن، لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد، ولا أزيد على أن أفرغ على رأسي ثلاث إفراغات.
وفي رواية صحيحة عند النسائي: وما أنقض في شعرًا.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (77)، وأعدت ذكره تحت الحديث رقم (241).
• والاستدلال بهذه الأدلة ظاهر في كون المرأة لا يلزمها أن تنقض شعرها وضفائرها لغسل الجنابة، وهذه الأحاديث الصحيحة نص في المسألة: حديث أم سلمة، وحديث ثوبان، وحديث عائشة.
قال الترمذي: "والعمل على هذا عند أهل العلم أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها".
وقال ابن القيم في حاشية السنن (1/ 292): "وهذا اتفاق من أهل العلم، إلا ما يحكى عن عبد الله بن عمرو إبراهيم النخعي، أنهما قالا: تنقضه، ولا يعلم لهما موافق، وقد أنكرت عائشة على عبد الله قوله".
• وأما نقض الضفائر لغسل الحيض، فقد استدل فيه بأدلة منها:
1 -
حديث عائشة: أنها أهلت بعمرة، ثم قدمت مكة وهي حائض، فلم تطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكت ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"انقضي رأسك، وامتشطي، وأهلي بالحج، ودعي العمرة".
متفق عليه [البخاري (294، وأطرافه)، مسلم (1211)] وسيأتي تخريجه بتمامه إن شاء الله تعالى في "إفراد الحج" من المناسك برقم (1778 و 1781).
فهذا الحديث وإن لم يكن فيه ذكر الاغتسال فقد احتج به البخاري في صحيحه على هذا المعنى فقال: "باب: نقض المرأة شعرها عند غسل المحيض"، مشيرًا بذلك إلى حديث جابر في صحيح مسلم (1213) وفيه:"فاغتسلي، ثم أهلي بالحج" ويأتي تخريجه إن شاء الله تعالى برقم (1785).
وفي الاستدلال بهذا الحديث على المعنى المقصود إشكال، قال ابن رجب في الفتح (1/ 476):"هذا الحديث قد استنبط البخاري رحمه الله منه حكمين، عقد لها بابين: أحدهما: امتشاط المرأة عند غسلها من المحيض، والثاني: نقضها شعرها عند غسلها من المحيض. وهذا الحديث لا دلالة فيه على واحد من الأمرين، فإن غسل عائشة الَّذي أمرها النبي صلى الله عليه وسلم به لم يكن من الحيض، بل كانت حائضًا وحيضها حينئذ موجود، فإنه لو كان قد انقطع حيضها لطافت للعمرة، ولم تحتج إلى هذا السؤال، ولكن أمرها أن تغتسل في حال حيضها، وتهل بالحج، فهو غسل للإحرام في حال الحيض، كما أمر أسماء بنت عميس لما نفست بذي الحليفة أن تغتسل وتهل".
ثم بيَّن ابن رجب وجه استدلال البخاري بهذا فقال (1/ 477): "وقد يحمل مراد البخاري رحمه الله على وجه صحيح، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمر عائشة بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسل للإحرام؛ لأنَّ غسل الإحرام لا يتكرر، فلا يشق نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفاس يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يؤمر فيه بنقض الشعر".
وقال ابن القيم في الرد على من قال بأن هذا إنما هو في غسل الإحرام لا غسل الحيض، فقال:"وأما قولكم: إنه كان في غسل الإحرام، فصحيح، وقد بيَّنَّا أن غسل الحيض آكد الأغسال، وأمر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بما لم يأمر به في سواه من زيادة التطهر والمبالغة فيه، فأمرها بنقضه وهو غير رافع لحدث الحيض، تنبيه على وجوب نقضه إذا كان رافعًا لحدثه بطريق الأُولى"[الحاشية (1/ 297)].
2 -
حديث عائشة: أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ " فقال: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها، فنطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا، حتَّى تبلغ شؤون رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها"، فقالت أسماء: وكيف تطهر به؟ فقال: "سبحان الله! "، فقالت أسماء: وكيف تطهر به؟ فقال: "سبحان الله! تطهرين به"، فقالت عائشة - كأنها تخفي ذلك -: تتبعين أثر الدم.
وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: "تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور أو: تبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه، حتَّى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء"، فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
أخرجه مسلم (332/ 61)، وسيأتي تخريجه برقم (313 - 316) إن شاء الله تعالى.
قال ابن القيم في الحاشية (1/ 293): "وهذا دليل على أنَّه لا يكتفى فيه بمجرد إفاضة الماء كغسل الجنابة، ولا سيما فإن في الحديث نفسه: وسألته عن غسل الجنابة
…
، ففرق بين غسل الحيض وغسل الجنابة في هذا الحديث، وجعل غسل الحيض آكد، ولهذا أمر فيه بالسدر المتضمن لنقضه
…
، [ثم ذكر حديث عائشة المتقدم ثم قال:] والأصل نقض الشعر لتيقن وصول الماء إلى ما تحته إلا أنَّه عفي عنه في غسل الجنابة لتكرره، ووقوع المشقة الشديدة في نقضه بخلاف غسل الحيض، فإنه في الشهر أو في الأشهر مرة، ولهذا أمر فيه بثلاثة أشياء لم يأمر بها في غسل الجنابة: أخذ السدر، والفرصة الممسكة، ونقض الشعر" [وانظر: المحلى (2/ 37)].
وقد يجاب عن ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالنقض صريحًا، وإنما أمرها بدلكه دلكًا شديدًا حتَّى يبلغ شؤون رأسها، وأمرها في غسل الجنابة بمثل ذلك؛ غير أنَّه لم يقل:"دلكًا شديدًا"[انظر: فتح الباري لابن رجب (1/ 480)].
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 143): "ولو كان النقض واجبًا لذكره؛ لأنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولأنه موضع من البدن فاستوى فيه الحيض والجنابة كسائر البدن".
3 -
حديث أم سلمة: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفأنقضه لغسل الجنابة والحيضة؟ قال: "لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، ثم تفيضي عليك الماء فتطهري".
رواه مسلم، وقد تقدم كان شذوذ هذه اللفظة "والحيضة"، وأنها غير محفوظة، راجع الحديث رقم (251).
قال ابن رجب في الفتح (1/ 481): "وقد رُويت هذه اللفظة من حديث: سالم الخياط، عن الحسن، عن أم سلمة، وسالم: ضعيف؛ والحسن: لم يسمع من أم سلمة".
4 -
روى أبو بكر الحنفي، قال: ثنا سفيان الثوري، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يضر المرأة الحائض ولا الجنب: أن لا تنقض شعرها؛ إذا بلغ شؤون الرأس".
أخرجه أبو عوانة في صحيحه (1/ 265/ 922)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (3/ 41)، والخطابي في غريب الحديث (1/ 637)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 120).
قلت: أبو بكر الحنفي، هو عبد الكريم بن عبد المجيد البصري، وهو ثقة، إلا أن في تفرده عن سفيان الثوري الكوفي الإمام: نكارة؛ فإنه ليس من أصحابه المشهورين، ولا من أهل بلده.
قال ابن رجب في الفتح (1/ 481): "تفرد به الحنفي، ورفعه منكر"، ثم قال:"وقد روي عن أبي الزبير عن جابر: موقوفًا وهو أصح".
• رواه أبو خالد الأحمر، عن حجاج، عن أبي الزبير، عن جابر، في الحائض والجنب: يصبان الماء صبًا، ولا ينقضان شعورهما.
أخرجه الدارمي (1/ 278/ 1152)، وابن أبي شيبة (1/ 74/ 802).
5 -
روى مسلم بن صبيح أبو عثمان البصري: ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أَنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها نقضًا، وغسلته بخطمي وأشنان، فإذا اغتسلت من الجنابة صبت على رأسها الماء، وعصرته".
أخرجه الطبراني في الكبير (1/ 260/ 755)، ومن طريقه: الضياء في المختارة (5/ 68 - 69/ 1693)، وفيهما:"سلمة بن صبيح".
وأخرجه الدارقطني في الأفراد (2/ 173 - 174/ 1049 - أطرافه)، وفيه:"ليث بن أبي سليم"، بدل:"ثابت" وهو خطأ بيِّن. ومن طريقه: الخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 71)، والبيهقي (1/ 182). وعندهم:"مسلم بن صبيح".
قال الدارقطني: "هذا حديث غريب، من حديث حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أَنس، تفرد به مسلم بن صبيح، عن حماد، ولم نكتبه إلا من هذا الوجه".
قلت: وهو كما قال، حديث منكر؛ لتفرد مسلم بن صبيح به، وهو مجهول؛ لا يعرف [تلخيص المتشابه (1/ 170)، الإكمال (5/ 170)، التوضيح (5/ 411)، فتح الباري (1/ 480)، وقال: "فليس بالمشهور"، الدراية (1/ 48)، وقال: "وفي إسناده من لا يعرف"]، [وأورده الألباني في الضعيفة برقم (937) فراجعه].
• والحاصل: أن أحاديث الباب: إما صحيح غير صريح، وإما صريح غير صحيح، ولا يوجب على العباد حكم بمثل هذا، لا سيما وقد وردت أحاديث في كان صفة الغسل
من الحيض، وليس فيها الأمر بالنقض وإنما غاية ما فيها الدلك الشديد، ولا يستلزم نقضًا إذا بلغ الماءُ أصولَ الشعر.
وفي هذا المعنى: حديث لأُمٍّ سلمة، موقوف عليها، لكنه لا يصح، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن برقم (359).
قال ابن المنذر في الأوسط (2/ 132): "واختلف أهل العلم في هذا الباب، فقالت طائفة: ليس على المرأة نقض رأسها في الاغتسال من الحيض والجنابة"، وحكى هذا القول عن عائشة، وأم سلمة، ونساء ابن عمر، وعطاء، والحكم، والزهري، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي، ثم ذكر بقية الأقوال، ثم قال:"وبالقول الأول أقول، للحديث الثابت عنه صلى الله عليه وسلم، وهو قول عائشة وأم سلمة، وعليه الأكثر من أهل الفتيا من علماء الأمصار".
وقال ابن رجب في الفتح (1/ 481): "وأكثر العلماء على التسوية بين غسل الجنابة والحيض، وأنه لا يُنقض الشعر في واحد منهما".
ثم قال: "هذا كلُّه إذا وصل الماء إلى غضون الشعر المضفور، فإن لم يصل بدونه وجب نقضه عند الأكثرين، وهو قول مالك، والشافعي، والمشهور عند أصحابنا، ورواية عن أبي حنيفة، [وعدد آخرين ثم قال:] وقالت طائفة: لا يجب ذلك، وحكي عن مالك، وهو قول طائفة من أصحابنا، منهم: صاحب المغني، وذكر أنَّه ظاهر كلام الخرقي، وأن الشعر حكمه حكم المنفصل عن الجسد، لا حكم المتصل به
…
".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 142 و 143) في شرح قول الخرقي: "وتنقض المرأة شعرها لغسلها من الحيض، وليس عليها نقضه من الجنابة إذا أروت أصوله".
قال ابن قدامة: "نص على هذا أحمد
…
، [ثم قال بعد كلام طويل:] وقال بعض أصحابنا: هذا مستحب غير واجب، وهو قول أكثر الفقهاء، وهو الصحيح إن شاء الله
…
".
وانظر: شرح السُّنَّة (1/ 345).
• فائدة: ذكر ابن رجب في الفتح (1/ 471) أن غسل الحيض والنفاس يفارق غسل الجنابة من وجوه:
1 -
أن الوضوء في غسل الحيض لا فرق بين تقديمه وتأخيره، وغسل الجنابة: السُّنَّة تقدم الوضوء فيه على الغسل.
2 -
أن غسل الحيض يستحب أن يكون بماء وسدر، بخلاف غسل الجنابة.
3 -
أن غسل الحيض يستحب تكراره كغسل الميت، بخلاف غسل الجنابة.
4 -
أن غسل الحيض يستحب فيه استعمال شيء من الطيب تتبع به أثر الدم.
5 -
أن غسل الحيض تنقض فيه شعرها إذا كان مضفورًا، بخلاف غسل الجنابة عند أحمد وطاوس والحسن.