الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكما قلنا فإن قول الجمهور أقرب إلى الصواب. والله أعلم.
وانظر: صحيحة الألباني (188 و 189).
• وبعد كتابة هذا البحث، ظهر في معنى في حديث عائشة، وهو أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بقوله:"انقضي رأسك وامتشطي "إنما هو أمر إرشاد وشفقة عليها لما أصابها من عناء السفر، وما اعتراها فيه من غبار وعرق، فقد كان خروجه صلى الله عليه وسلم من المدينة لخمس بقين من ذي القعدة [كما في حديث عائشة عند البخاري (9 170 و 1720)، مسلم (1211/ 125)، وقال لها "انقضي رأسك
…
" في ليلة عرفة [البخاري (316)] فكان بينهما ما يزيد على عشرة أيام وهي مدة طويلة، وهذا لا يمنع أن تكون اغتسلت قبل ذلك لكن لم تنقض شعرها ولم تمتشط، ففِعل هذا في هذا الموضع مما يبعث على النشاط استعدادًا ليوم عرفة وأعمال اليوم العاشر، والله أعلم.
***
100 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك
؟
256 -
قال أبو داود: حدثنا محمد بن جعفر بن زياد: حدثنا شريك، عن قيس بن وهب، عن رجل من بني سُواءة بن عامر، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يغسل رأسه بالخِطمي وهو جنب، يجتزئ بذلك، ولا يصب عليه الماء.
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (1/ 182).
قال المنذري: "رجل من بني سواءة: مجهول".
وقال في الفتح (1/ 370): "إسناده ضعيف".
قلت: محمد بن جعفر بن زياد الوركاني: ثقة، وخالفه: حجاج بن محمد المصيصي [ثقة ثبت]، وحسين [أراه: ابن محمد المروذي: ثقة]، قالا: أخبرنا شريك، عن قيس بن وهب، عن شيخ من بني سواءة، قال: سألت عائشة، فقلت: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجنب فغسل رأسه بغسل اجتزأ بذلك، أم يفيض الماء على رأسه؟ قالت: بل كان يفيض على رأسه الماء. لفظ حسين.
أخرجه أحمد (6/ 70 و 222).
فهذان لفظان متضادان، والثاني منهما أقرب إلى الصواب، مع ضعف إسناده أيضًا؛ لأجل الرجل المبهم وسوء حفظ شريك، فكما أن يكون محمد بن جعفر بن زياد قد وهم فيه، أو هو من أوهام شريك وسوء حفظه؛ فقد كان سيئ الحفظ يخطئ كثيرًا.
وهذا الحديث مما يحتج به على جواز تفريق الغسل؛ وعدم وجوب الموالاة.
وكنا فيما سبق تكلمنا على مسألة تفريق الوضوء، ووجوب الموالاة فيه عند
الأحاديث (173 - 175)، ووعدنا بالكلام على مسألة تفريق الغسل في هذا الموضع، وهذا أوان الشروع فيه؛ فالله المستعان، وعليه التكلان:
وروي في هذا الباب أحاديث صريحة؛ لكن لا يصح منهما شيء، فمنها:
1 -
محمد بن عبيد الله العرزمي، عن الحسن بن سعد، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني اغتسلت من جنابة، فصليت الفجر، فلما أصبحت رأيت في ذراعي قدر موضع الظفر لم يصبه الماء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لو مسحت عليه بيك أجزأك".
أخرجه ابن ماجة (664)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 16 / 876)، والضياء في المختارة (2/ 92/ 469)، والمزي في التهذيب (10/ 305).
قال البيهقي: "محمد بن عبيد الله العرزمي: متروك"، وهو كما قال؛ فالإسناد واهٍ لأجله.
وسعد بن معبد: والد الحسن بن سعد: في عداد المجهولين، لم يرو عنه سوى ابنه الحسن، ذكره ابن حبان في الثقات (4/ 298)، وقال الذهبي:"يجهل"[التهذيب (1/ 698)، الميزان (2/ 125)، التقريب (221)، وقال: "مقبول"، ولم يتابع عليه].
والحديث ضعفه أيضًا البيهقي في السنن الكبرى (1/ 237)، وعده الذهبي في منكرات العرزمي في الميزان (3/ 636)، وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 85):"هذا إسناد ضعيف؛ لضعف محمد بن عبيد الله، رواه مسدد في مسنده، عن أبي الأحوص [يعني: عن العرزمي] بإسناده ومتنه".
قلت: بل ضعيف جدًّا.
2 -
أبو علي الرحبي، عن عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة فرأى لمعة لم يصبها الماء، فقال بجمته فبلها عليها.
وفي رواية: فعصر شعره عليها.
أخرجه ابن ماجة (663)، وأحمد (1/ 243)، وابن أبي شيبة (1/ 46/ 456)، وعبد بن حميد (570)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 17/ 877 و 878).
قال البيهقي: "أبو علي الرحبي؛ هو: حسين بن قيس، ويقال: حنش، ترك أحمد بن حنبل حديثه"، وضعفه أيضًا في السنن الكبرى (1/ 237).
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (1/ 85): "هذا إسناد ضعيف؛ أبو علي الرحبي اسمه حسين بن قيس، أجمعوا على ضعفه".
قلت: بل هو حديث منكر، تفرد به أحد المتروكين: الحسين بن قيس الرحبي أبو علي الواسطي، ولقبه: حنش: متروك، منكر الحديث، قال البخاري:"أحاديثه منكرة جدًّا، ولا يكتب حديثه"[التهذيب (1/ 434)]، تفرد به عن عكرمة مولى ابن عباس، المدني، الَّذي روى عنه خلق كثير من الثقات، فلم يتابع أحد منهم هذا المتروك عليه، وقد
ضعف الإمام أحمد حديثه هذا فقال: "ذاك"، ولم يصححه [المغني (1/ 141)، مجموع الفتاوى (21/ 165)].
3 -
يحيى بن عنبسة: ثنا أبو حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله أبن مسعود]، أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من الجنابة، فبقيت لمعة في جسده، فقيل له: يا رسول الله! هذه لمعة في جسدك لم يصبها الماء، قال: فأومأ إلى بلل شعره فبله به، فأجزأه ذلك.
أخرجه أبو نعيم في مسند أبي حنيفة (82)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 18 - 19/ 879).
وقال: "يحيى بن عنبسة هذا كان يتهم بوضع الحديث، وإنما يروى عن إبراهيم من قوله في الوضوء: إن كان في اللحية بلل مسح برأسه".
وضعفه أيضًا في السنن الكبرى (1/ 237).
قلت: هذا حديث باطل موضوع.
يحيى بن عنبسة: دجال وضاع [اللسان (6/ 333)، الميزان (4/ 400)].
وقول إبراهيم هذا؛ رواه عبد الرزاق (1/ 17/ 48)، وابن أبي شيبة (1/ 28/ 214)، بإسناد صحيح إلى إبراهيم النخعي.
وعند ابن حبان في المجروحين (3/ 124)، وابن عدي في الكامل (7/ 255)، مثال آخر من أقوال إبراهيم النخعي التي رفعها يحيى بن عنبسة هذا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وليست من كلامه صلى الله عليه وسلم.
4 -
ولابن مسعود رضي الله عنه فيه إسناد آخر:
يرويه إسحاق بن موسى: نا عاصم بن عبد العزيز: نا محمد بن زيد بن قنفذ التيمي، عن جابر بن سيلان، عن ابن مسعود: أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغتسل من الجنابة، فيخطئ الماء بعض جسده؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"يغسل ذلك المكان، ثم يصلي" ..
أخرجه أبو يعلى في مسنده الكبير (1/ 108/ 179 - مطالب)، والطبراني في الكبير (10/ 231/ 10561)، وفي الأوسط (8/ 97/ 8084)، والبيهقي في السنن الكبرى 1/ 184).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن مسعود إلا بهذا الإسناد، تفرد به أبو موسى الأنصاري"، يعني: إسحاق بن موسى.
وقال البوصيري في الإتحاف (1/ 257/ 758): دارواه أبو يعلى بسند ضعيف؛ لجهالة التابعي".
وقال ابن رجب في فتح الباري (1/ 293): "رجاله كلهم مشهورون، خلا جابر بن سيلان، وقد خرج له أبو داود، ولم نعلم فيه جرحًا، ولا أنَّه روى عنه سوى محمد بن زيد".
قلت: الَّذي روى له أبو داود في ركعتي الفجر عن أبي هريرة هو عبد ربه بن سيلان [انظر: سنن أبي داود (1258)]، قال ابن حجر في التهذيب (1/ 280) في ترجمة جابر بن سيلان:"فتعين أن الَّذي أخرج له أبو داود هو عبد ربه".
وأما جابر بن سيلان هذا: فلم يرو إلا عن ابن مسعود، ولا عنه إلا محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ؛ فهو مجهول، قال ابن القطان الفاسي:"حاله مجهولة، لا تعرف"[بيان الوهم (3/ 386)، [انظر: الجرح والتعديل (2/ 496)، تهذيب الكمال (4/ 440)، تهذيب التهذيب (1/ 280)، إكمال مغلطاي (3/ 128)، الميزان (1/ 377)، ذيل الميزان للعراقي (510)، إكمال ابن ماكولا (4/ 250)، التوضيح (5/ 44)، نصب الراية (2/ 160)].
[وانظر: ترجمة عبد ربه بن سيلان: التاريخ الكبير (6/ 76)، الجرح والتعديل (6/ 40)، الثقات (5/ 132)، سؤالات البرقاني (390)، الموضح (2/ 265)، بيان الوهم (3863)].
[وانظر ترجمة عيسى بن سيلان: التاريخ الكبير (6/ 387)، الجرح (6/ 276)، الثقات (7/ 231)، سؤالات البرقاني (390)].
وعاصم بن عبد العزيز الأشجعي: ليس بالقوي، قال البخاري:"فيه نظر"، وقال النسائي وأبو زرعة الرازي والدارقطني والبزار:"ليس بالقوي"، وذكره ابن حبان في الثقات، ثم أعاده في المجروحين، فقال:"كان ممن يخطئ كثيرًا، فبطل الاحتجاج به إذا انفرد"، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال الذهبي:"لين".
وأما الراوي عنه: أبو موسى إسحاق بن موسى الخطمي الأنصاري [وهو ثقة متقن] فقد غره في عاصم هذا أنَّه سأل عنه شيخه معن بن عيسى القزاز فقال: "ثقة، اكتب عنه" وأثنى عليه خيرًا [في بعض المصادر كالجرح والتعديل وأخبار أصبهان: "اكتب عنه، وأثنى عليه خيرًا" وليس فيهما لفظة: "ثقة"، [انظر: الجرح والتعديل (6/ 348)، التاريخ الكبير (6/ 493)، سؤالات البرذعي (389)، سنن الدارقطني (1/ 331)، مسند البزار (2/ 37/ 382)، التمهيد (24/ 210)، الثقات (8/ 505)، المجروحين (2/ 129)، ضعفاء العقيلي (3/ 338)، تاريخ أصبهان (1/ 257)، المقتنى في سرد الكنى (3907)، الميزان (2/ 353)، التهذيب (2/ 254)].
قلت: فعلة الخبر ليست في تفرد أبي موسى إسحاق بن موسى الخطمي؛ فإنه ثقة متقن، وإنما هو في تفرد عاصم بن عبد العزيز الأشجعي هذا فإنه: ليس بالقوي، ولا يحتج به، ولا بخبره إلا إذا توبع عليه، وأما عند التفرد فلا.
فهو حديث منكر أيضًا.
5 -
عطاء بن عجلان، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنابة، فرأى لمعة بجلده لم يصبها الماء، فعصر خصلة من شعر رأسه، فأمسها ذلك الماء.
أخرجه الدارقطني (1/ 112)، ومن طريقه: البيهقي في الخلافيات (3/ 20/ 881)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 346/ 569).
قال الدارقطني: "وروى عن عطاء بن عجلان -وهو متروك الحديث-، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة".
وقال ابن الجوزي: "فيه: عطاء بن عجلان: قال يحيى: ليس بشيء كذاب، وقال مرة: كان يوضع له الحديث فيحدث به، وقال الفلاس، والسعدي: كذاب، وقال الرازي والدارقطني: متروك".
وانظر بقية أقوال أهل العلم فيه في التهذيب (3/ 106) وغيره.
فهو حديث باطل؛ لتفرد عطاء بن عجلان به، عن ابن أبي مليكة، وقد روى عنه جماعات من الثقات.
6 -
المتوكل بن فضيل أبو أيوب الحداد بصري، عن أبي ظلال، عن أَنس بن مالك، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح وقد اغتسل من جنابة، فكان نكتة مثل الدرهم يابس لم يصبه الماء، ففيل: يا رسول الله! إن هذا الموضع لم يصبه الماء، فسلت شعره من الماء، ومسحه به، ولم يعد الصلاة.
أخرجه الدارقطني (1/ 112)، ومن طريقه: البيهقي في الخلافيات (3/ 21/ 882)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 346/ 568).
قال الدارقطني: "المتوكل بن فضيل: ضعيف"، ونقله عنه البيهقي، وابن الجوزي.
وهذا منكر أيضًا.
أبو ظلال هلال بن أبي هلال - وقيل في اسمه غير ذلك -: ضعيف؛ قال البخاري: "عنده مناكير"، وقال ابن عدي:"عامة ما يرويه لا يتابعه عليه الثقات"[انظر: التهذيب (4/ 292)، الميزان (4/ 316)، وتقدم له حديث في تخريج أحاديث الدعاء برقم (674) (4/ 1301)].
والمتوكل بن فضيل: قال البخاري ومسلم: "عنده عجائب"، وقال أبو حاتم:"مجهول"، وقال الدارقطني:"ضعيف"، وقال ابن عبد البر:"مجهول وعنده مناكير"، وقال ابن منده:"ليس بالقوي"، وقال أبو أحمد الحاكم:"ليس بالقوي عندهم"، وقال الذهبي:"لين"[التاريخ الكبير (8/ 43)، كنى مسلم (127)، الجرح والتعديل (8/ 372)، سنن الدارقطني (1/ 112)، الاستغناء (1/ 397/ 387)، فتح الباب (367)، المقتنى (574)، الميزان (3/ 434)، اللسان (5/ 18)].
7 -
إسماعيل بن يحيى: ثنا مسعر، عن حميد بن سعد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إن أهلي تغار عليَّ إذا وطئت جواريَّ، قال:"ولم تعلمهن بذلك؟ " فقلت: من قبل الغسل، قال:"فإذا كان ذلك منك؛ فاغسل رأسك عند أهلك، فإذا حضرت الصلاة؛ فاغسل سائر بدنك".
أخرجه الدارقطني في الأفراد [ذكره ابن رجب في الفتح (1/ 293)]، وأبو بكر الإسماعيلي في جمعه لحديث مسعر [ذكره ابن رجب في الفتح (1/ 293)، وابن دقيق العيد في الإمام (2/ 14)]، والبيهقي في الخلافيات (1/ 463 / 267).
قال ابن رجب: "إسماعيل بن يحيى: ضعيف جدًّا، قال الإسماعيلي: حميد بن سعد: مجهول؛ وأحاديث إسماعيل بن يحيى: موضوعة".
وقال ابن دقيق العيد: "إسماعيل بن يحيى: متروك عندهم".
وقال البيهقي: "وفي هذا - إن صح - دليل على جواز تفريق الغسل؛ إلا أنَّه غير معروف؛ وفي إسناده ضعف".
قلت: هذا حديث باطل موضوع.
تفرد به عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - على كثرة من روى عنه من الثقات المشاهير -: حميد بن سعد؛ وهو مجهول.
وتفرد به عن مسعر الإمام الثقة الثَّبت المتقن أحد الأعلام على كثرة من روى عنه من أصحابه الثقات، تفرد به عنه أحد الكذابين الوضاعين: إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي: مجمع على تركه، اتهمه بالكذب والوضع جماعة من الأئمة، قال الحاكم: روى عن مالك ومسعر وابن أبي ذئب أحاديث موضوعة [انظر: الميزان (1/ 253)، اللسان (1/ 493)].
وعد له ابن عدي في كامله شيئًا من بلاياه وأباطيله، ثم أخرج له حديثًا بهذا الإسناد عن مسعر، ثم قال:"وبهذا الإسناد أحاديث، حدثنا إسحاق بها، كلها بواطيل"[الكامل (1/ 305)].
8 -
عبد السلام بن صالح: ثنا إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم"، مرضيٍّ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات يوم وقد اغتسل، وقد بقيت لمعة من جسده لم يصبها الماء، فقلنا: يا رسول الله! هذه لمعة لم يصبها الماء، وكان له شعر وارد، فقال بشعره هكذا على المكان فبله.
أخرجه الدارقطني (1/ 110)، ومن طريقه: البيهقي في المعرفة (1/ 306/ 359)، وفي الخلافيات (3/ 22/ 883)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 346/ 570).
قال الدارقطني: "عبد السلام بن صالح هذا بصري ليس بالقوي، وغيره من الثقات يرويه عن إسحاق، عن العلاء مرسلًا".
وعبد السلام هذا ليس هو ابن سليمان المترجم له في التهذيب، فإن هذا بصري، وذاك هروي نزل نيسابور [انظر: اللسان (4/ 15)]، وفرق بينهما الخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1568)، والبصري هذا أصلح من الهروي.
• إلا أنَّه قد خولف في هذه الرواية:
فرواه هشيم بن بشير، وإسماعيل ابن علية، ومعتمر بن سليمان، وحماد بن سلمة:
أربعتهم [وهم ثقات أثبات]: رووه عن إسحاق بن سويد، عن العلاء بن زياد، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنَّه اغتسل فرأى لمعة على منكبه لم يصبها الماء، فأخذ خصلة من شعر رأسه فعصرها على منكبه، ثم مسح يده على ذلك المكان.
أخرجه أبو داود في المراسيل (7)، وابن أبي شيبة (1/ 45/ 444)، والدارقطني (1/ 110)، والبيهقي في الخلافيات (3/ 23 / 884).
قال الدارقطني: "هذا مرسل؛ وهو الصواب".
هذا مرسل بإسناد صحيح؛ فإن إسحاق بن سويد هذا هو: ابن هبيرة العدوي التميمي البصري، وهو ثقة، ولم ينفرد به عن العلاء بن زياد:
• فقد تابعه هشام بن حسان، عن العلاء بن زياد قال: اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا لجنابة، فرأى بمنكبه مكانًا مثل موضع الدرهم لم يمسه الماء، قال: فمسحه بشعر لحيته - أو قال: بشعر رأسه صلى الله عليه وسلم.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 265/ 1015) عن هشام به.
فهو مرسل بإسناد صحيح.
وهذا هو أصح ما في الباب.
• قال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 237): "وروي عن علي، وابن عباس، وابن مسعود، وعائشة، وأنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الغسل شيء في معناه، ولا يصح شيء من ذلك لضعف أسانيده، وقد بيَّنته في الخلافيات، وأصح شيء فيه: ما رواه أبو داود في المراسيل
…
، [ثم ذكره فقال:] وهذا منقطع".
وذكر البيهقي أيضًا طرق هذه الأحاديث في المعرفة (1/ 306 - 307)، وضعفها كلها، فقال:"ولا يصح شيء من ذلك".
وقال الإمام أحمد: "فيه حديث لا يثبت بعصر شعره"[المغني لابن قدامة (1/ 141)].
وقد أخذ الإمام أحمد بمرسل العلاء بن زياد هذا، قال ابن قدامة في المغني (1/ 140):"روي عن أحمد أنَّه سئل عن حديث العلاء بن زياد: أن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل فرأى لمعة لم يصبها الماء فدلكها بشعره؟ قال: نعم آخذ به".
قلت: ويؤيده من جهة المعنى، في عدم وجوب الموالاة في الغسل، ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله وقوله: أن الجنب إذا أراد أن ينام توضأ وضوءه للصلاة، مما يشعر بأن الوضوء مما يخفف الجنابة، وأن الغسل منها يتبعض، واللّه أعلم.
• والفرق بين الوضوء والغسل:
أن أعضاء الوضوء متعددة يجب فيها الترتيب بخلاف الغسل، فإن البدن في الغسل كالعضو الواحد، لا ترتيب فيه، فكذلك الموالاة فتجب في الوضوء دون الغسل.
أن حكم الوضوء يتعدى محله، فإنه يغسل أربعة أعضاء فيطهر جميع البدن، وأما