الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقول في المستحاضة: تغتسل غسلًا واحدًا للظهر والعصر، وغسلًا للمغرب والعشاء. وكان يقول: تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء.
أخرجه الدارمي (1/ 225/ 804)، وابن أبي شيبة (1/ 119/ 1355) و (2/ 196/ 8072).
وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري [البخاري (1722) و (6666)].
ورواه الأوزاعي أيضًا، عن عطاء، عن ابن عباس به مختصرًا.
أخرجه الدارمي
(1/ 241/ 906).
***
112 -
باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر
297 -
شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة:"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي، والوضوء عند كل صلاة".
فقال أبو داود: زاد عثمان: "وتصوم وتصلي".
وفي نسخة: قال يحيى بن معين: هو عدي بن ثابت بن دينار.
• حديث ضعيف جدًّا.
أخرجه الترمذي في الجامع (126 و 127)، وفي العلل (73)، وابن ماجه (625)، والدارمي (1/ 223/ 793)، والحارث بن أبي أسامة (1/ 235 - 236/ 104 - زوائده)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 194/ 2176 و 2177)، والدولابي في الكنى (1/ 60/ 142)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 102)، والطبراني في الكبير (22/ 386/ 962)، وابن عدي في الكامل (4/ 11) و (5/ 167)، والدارقطني في الأفراد (3/ 60/ 2052 - أطرافه)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1017/ 2586)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 116 و 347)، وفي الخلافيات (3/ 454/ 1082).
ولفظ الترمذي فيه: "تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تحيض فيها، ثم تغتسل، وتتوضأ عند كل صلاة، وتصوم وتصلي".
هكذا رواه عن شريك بهذا الإسناد:
أبو بكر، وعثمان ابنا أبي شيبة، ومحمد بن جعفر بن زياد، وقتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي، وزحمويه زكريا بن يحيى بن صبيح، ومحمد، وإسحاق ابنا عيسى بن الطباع، وإسماعيل بن موسى، ومنجاب بن الحارث، وعلي بن حكيم، ويحيى بن عبد الحميد الحماني.
وهم ستة عشر رجلًا (16) من الثقات عدا الأخير.
ورواه أيضًا أبو بكر بن أبي شيبة، ويحيى بن يحيى النيسابوري، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني، وسعيد بن عثمان، ويحيى بن عبد الحميد الحماني:
خمستهم [وهم ثقات حفاظ، سوى الأخيرين]: رووه عن شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، وتصلي".
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 120/ 1365)، والطحاوي (1/ 102)، وابن عدي في الكامل (4/ 11) و (167/ 5)، والدارقطني في الأفراد (1/ 204/ 286)، والبيهقي في السنن (1/ 347)، وفي الخلافيات (457/ 3 و 458/ 1084 و 1085).
ولما كان الحديث عند هؤلاء الثلاثة الحفاظ على الوجهين علمنا بأن شريك بن عبد الله النخعي كان يرويه هكذا على الوجهين، والحمل في هذا الحديث ليس على شريك، وإنما هو على من فوقه، والله أعلم.
وقد أخرج أبو داود بعد هذا الحديث حديثين آخرين ثم ضعفهما جميعًا فقال: "وحديث عدي بن ثابت، والأعمش عن حبيب، وأيوب أبي العلاء: كلها ضعيفة لا تصح".
وقال أيضا: "وروى أبو اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن علي".
وقال الترمذي في الجامع: "هذا حديث قد تفرد به شريك، عن أبي اليقظان.
قال: وسألت محمدًا عن هذا الحديث، فقلت: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، جد عدي، ما اسمه؟ فلم يعرف محمد اسمه، وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين أن اسمه: دينار، فلم يعبأ به".
وقال في العلل الكبير: "سألت محمدًا عن هذا الحديث؟ فقال: لا أعرفه إلا من هذا الوجه، ولا أعرف اسم جد عدي بن ثابت، قلت له: ذكروا أن يحيى بن معين قال: هو عدي بن ثابت بن دينار، فلم يعرفه، ولم يعده شيئًا".
وقال البخاري في التاريخ الأوسط (2/ 13): "وروى عثمان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم: في المستحاضة. وعن أبيه، عن علي: في المستحاضة: ولا يصح".
وقال في التاريخ الكبير (2/ 161): "ثابت الأنصاري: قال شريك، عن عثمان أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: "تجلس أيام أقرائها"، وعن عدي، عن أبيه، عن علي مثله، ولا يتابع عليه؛ وتكلم شعبة في أبي اليقظان".
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل (3/ 96/ 4354): "سألت أبي عن ثابت؛ أبي عدي بن ثابت؟ فقال: روى شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه،
عن جده، تلك الأحاديث. فقلت له: روى عنه غير عدي -أعني: ابن ثابت-؟ قال: لا أعلم".
وقال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به أبو اليقظان عثمان بن عمير، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، وتفرد به شريك عنه".
وفي تهذيب الكمال (4/ 837): "قال أبو بكر البرقاني: قلت لأبي الحسن الدارقطني: شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، كيف هذا الإسناد؟ قال: ضعيف. قلت: من جهة من؟ قال: أبو اليقظان: ضعيف. قلت: فيترك؟ قال: لا، يخرج، رواه الناس قديمًا. قلت له: عدي بن ثابت، ابن من؟ قال: قد قيل: ابن دينار. وقيل: إنه -يعني: جده أبو أمه- وهو عبد الله بن يزيد الخطمي، ولا يصح من هذا كله شيء. قلت: فيصح أن جده أبا أمه: عبد الله بن يزيد الخطمي؟ قال: كذا زعم يحيى بن معين"[سؤالات البرقاني].
وقال البرقاني: "قلت للدارقطني: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا يثبت، ولا يعرف أبوه، ولا جده، وعدي: ثقة"[سؤالات البرقاني (399). وانظر: سؤالات السلمي (201)].
وفي تاريخ ابن معين لعباس الدوري (2/ 397)، قال يحيى:"عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال يحيى: وجده اسمه دينار. قال أبو الفضل: فرددته أنا على يحيى، فقال: هو هكذا: اسمه دينار"[(3/ 7/ 23)، الجرح والتعديل (3/ 429)].
وانظر: سنن البيهقي، الخلافيات، إيضاح الإشكال (21)، إتحاف المهرة (4/ 454)، التهذيب (1/ 270)، إكمال مغلطاي (3/ 90).
وقال أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (1/ 340): "وروى هذا الحديث: عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، وجده: مجهول لا يعرف، ويقال: اسمه دينار، ولا يصح".
وقال الحربي في العلل: "ليس لجد عدي بن ثابت: صحبة"، وذلك اعتمادًا على القول بأن جده هو قيس بن الخطيم وكان قتل قبل الإسلام 1 [التهذيب (1/ 270)][إكمال مغلطاي (3/ 91)].
وقال البرقي: "لم نجد من يعرف جده معرفة صحيحة"[التهذيب (1/ 270)][إكمال مغلطاي (3/ 91)].
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب (700): "دينار الأنصاري: انفرد بالرواية عنه: ابنه ثابت بن دينار، وهو جد عدي بن ثابت، حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة يضعفونه، وله حديث آخر في القيء والعطاس والنعاس والتثاؤب من الشيطان، ولا يصح إسناده".
وضعف ابن حجر حديثيه هذين أيضًا في التلخيص (1/ 297)، وفي الفتح (10/ 607).
وقال الحافظ ضياء الدين: "وقد ضعف غير واحد هذا الإسناد لأجل أبي اليقظان"[شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (3/ 862)].
• وقلت: والخلاصة أن هذا الحديث: ضعيف جدًّا.
عدي بن ثابت: ثقة، وأبوه وجده: لا يعرفان، ولا يثبت لجده صحبة.
وأبو اليقظان المتفرد به عن عدي بن ثابت: هو عثمان بن عمير الكوفي الأعمى، ويقال: ابن قيس، ويقال: ابن حميد: ضعفوه، وهو: منكر الحديث، قاله أحمد والبخاري وأبو حاتم [انظر: التهذيب (3/ 75)، الميزان (3/ 50)، إكمال مغلطاي (9/ 177)].
وجعله علة هذا الحديث وضعفه به: البخاري والدارقطني.
وشريك بن عبد الله النخعي: صدوق سيئ الحفظ، لكن الحمل في هذا الحديث على شيخه أبي اليقظان، والله أعلم.
• قلت: وما يقال في هذا الحديث يقال في الحديث المروي بهذا الإسناد:
شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده رفعه [عن النبي صلى الله عليه وسلم] قال:"العطاس، والنعاس [وفي رواية: النفاس، وقيل تصحيف]، والتثاؤب في الصلا، والحيض، والقيء، والرعاف: من الشيطان".
وفي رواية: "البزاق، والمخاط، والحيض، والنعاس في الصلاة: من الشيطان"، وفي رواية "البصاق".
وفي رواية: "خمس في الصلاة من الشيطان: العطاس، والنعاس، والثثاؤب، والرعاف، والحيض".
أخرجه الترمذي (2748)، وابن ماجه (969)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 194/ 2177)، والطبراني في الكبير (22/ 387/ 963)، وابن عدي في الكامل (4/ 11) و (5/ 167)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2329/ 5727 و 5728).
قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث شريك، عن أبي اليقظان.
قال: وسألت محمد بن إسماعيل، عن عدي بن ثابت عن أبيه، عن جده؟ قلت له: ما اسم جد عدي؟ قال: لا أدري، وذكر عن يحيى بن معين قال: اسمه دينار".
قلت: هو حديث منكر.
عدي بن ثابت: أبوه وجده: لا يعرفان، ولا يعرف لجده صحبة، وأبو اليقظان: ضعفوه، وهو منكر الحديث، وشريك: سيئ الحفظ.
ومتنه منكر؛ مخالف لحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب" الحديث.
أخرجه البخاري (6223 و 6226) وغيره، وهو مخرج في أحاديث الذكر والدعاء برقم (286)(2/ 618)، وفي رواية خارج الصحيح:"العطاس من الله، والتثاؤب من الشيطان".
***
298 -
الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم. . . فذكر خبرها، وقال:"ثم اغتسلي، ثم توضئي لكل صلاة، وصلي".
• حديث ضعيف.
أخرجه ابن ماجه (624)، وأحمد (6/ 42 و 137 و 204 و 262)، وإسحاق (2/ 97 / 564)، وابن أبي شيبة (1/ 118/ 1345)، وأبو يعلى (8/ 229/ 4799)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 225/ 813)، وأبو عروبة الحراني الحسين بن محمد في جزئه (6)، والطحاوي في المشكل (1/ 355/ 332)(ترتيبه)، وفي شرح المعاني (1/ 102)، وفي أحكام القرآن (1926)، وابن الأعرابي في معجمه (2/ 554 و 678/ 1084 و 1356 و 1357)، والدارقطني (1/ 211 و 212 و 213 و 214)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 344 و 345)، وفي المعرفة (1/ 379/ 488)، وفي الخلافيات (3/ 442 و 446/ 1077 و 1078)، والخطيب في المبهمات (254 و 255).
ولفظ وكيع عن الأعمش بتمامه: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إني امرأة أستحاض فلا أطهر، أفدع الصلاة؟ قال:"لا؛ إنما ذلك عرق، وليس بالحيضة، اجتنبي الصلاة أيام محيضك ثم اغتسلي، وتوضئي لكل صلاة؛ وإن قطر الدم على الحصير"[الدارقطني].
هكذا رواه عن الأعمش مرفوعًا: وكيع بن الجراح، وعبد الله بن نمير، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبيد الله بن موسى، وعثام بن علي، وعلي بن هاشم بن البريد، ومحمد بن ربيعة، ويحى بن عيسى [ليس بالقوي]، وسعيد بن محمد الوراق الثقفي [ضعيف]، وقرة بن عيسى [لم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وهو يروي عن الأعمش. كنى مسلم (95). الطبقات الكبرى (7/ 314)، (10):
[وهم عشرة من الثقات عدا من بيَّنت حاله]: هكذا رووه عن الأعمش، ورواية وكيع أتم، إلا أن عبد الله بن داود الخريبي [عند: الدارقطني، وأبي يعلى، وابن الأعرابي]، وعبيد الله بن موسى [عند: أبي يعلى]، وعثام بن علي [عند: أبي يعلى]، وسعيد بن محمد الوراق [عند: الدارقطني]: رووه عن الأعمش مختصرًا، لم يذكروا فيه الوضوء، قالوا في روايتهم:"تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير" مرفوعًا.
وروي عن عبد الله بن داود الخريبي مطولًا مثل الجماعة [في الخلافيات (1078). والمبهمات]، إلا أنه لا يصح عنه، فالراوي عنه هو محمد بن يونس الكديمي: هالك، كذبه جماعة، واتهم بالوضع، ورواه عن الخريبي مختصرًا بدون ذكر الوضوء، كما ذكرنا: ثلاثة من الثقات: زكريا بن يحيى بن صبيح زحمويه، والفضل بن سهل، وإبراهيم بن هانئ، وهو المعروف عن الخريبي.
وهؤلاء العشرة فيهم من ثقات أصحاب الأعمش: وكيع، وابن نمير، وعبيد الله بن موسى، وعبد الله بن داود الخريبي، ويحيى بن عيسى.
• وخالفهم؛ فأوقفه على عائشة:
حفص بن غياث [ثقة، من أثبت أصحاب الأعمش، قدمه فيه يحيى القطان وابن مهدي. شرح العلل (2/ 719)]، وأبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت، من أعلم الناس بحديث أهل الكوفة]، وأسباط بن محمد [ثقة]، وعلي بن هاشم [ثقة]:
رواه أربعتهم، عن الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة، في المستحاضة:"تصلي، وإن قطر الدم على حصيرها".
وفي رواية: أنها سئلت عن المستحاضة؟ فقالت: "لا تدع الصلاة، وإن قطر الدم على الحصير".
أخرجه الدارقطني (1/ 213).
وبرواية هؤلاء الأربعة الموقوفة: أعل جماعة حديث الأعمش هذا ورجحوا فيه الموقوف.
قال عثمان بن أبي شيبة، وذكر حديث حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة:"تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير"، قال:"وكيع يرفعه، وعلي بن هاشم وحفص يوقفانه"[سنن الدارقطني].
وقال أبو داود: "وحديث عدي بن ثابت، والأعمش عن حبيب، وأيوب أبي العلاء: كلها ضعيفة لا تصح، ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب: هذا الحديث أوقفه حفص، وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعًا، وأوقفه أيضًا: أسباط عن الأعمش، موقوف عن عائشة".
قال أبو داود: "ورواه ابن داود، عن الأعمش مرفوعًا أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة.
ودل على ضعف حديث حبيب هذا: أن رواية الزهري عن عروة عن عائشة قالت: "فكانت تغتسل لكل صلاة" في حديث المستحاضة".
وقال الدارقطني: "تابعه [يعني: علي بن هاشم]: وكيع، والخريبي، وقرة بن عيسى، ومحمد بن ربيعة، وسعيد بن محمد الوراق، وابن نمير: عن الأعمش، فرفعوه.
ووقفه حفص بن غياث، وأبو أسامة، وأسباط بن محمد: وهم أثبات".
وبنحو هذا: قال البيهقي في السنن (1/ 345)، وفي الخلافيات (3/ 447)، ونقل كلام أبي داود في السنن بتمامه وبعضه في المعرفة (1/ 380)، ونقله أيضًا الدارقطني.
قال البيهقي في الخلافيات: "يقال: إن عروة هذا ليس بابن الزبير، إنما هو عروة المزني، وقد سبق ذكري له في مسألة اللمس".
• قلت: وما قاله هنا ليس بصحيح، وعروة هذا هو ابن الزبير، وقد ورد منسوبًا
هكذا "عروة بن الزبير" عند: ابن ماجه، والدارقطني، من رواية وكيع، ومحمد بن ربيعة.
هذه هي العلة الأولى لهذا الحديث، وهي أن الحفاظ رجحوا رواية الوقف على رواية الرفع؛ وجعلوا الموقوف علة المرفوع.
قال ابن رجب: "وهو أصح عند الأكثرين"[الفتح (1/ 451)].
والعلة الثانية: الانقطاع بين حبيب بن أبي ثابت، وعروة بن الزبير، وأنه لم يسمع منه هذا الحديث؛ بل ولا غيره.
قال الدارقطني في السنن (1/ 213): "حدثنا أبو بكر النيسابوري [يعني: عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل: ثقة حافظ. السير (15/ 65)]: ثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم [نيسابوري، ثقة]، قال: جئنا من عند عبد الله بن داود الخريبي إلى يحيى بن سعيد القطان، فقال: من أين جئتم؟ قلنا: من عند عبد الله بن داود. فقال: ما حدثكم؟ قلنا: حدثنا عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة. . . الحديث. فقال يحيى: أما إن سفيان الثوري كان أعلم الناس بهذا، زعم أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا"، وقد ذكره بنحوه في موضع سابق (1/ 139)، وأسنده أيضًا في العلل (15/ 64/ 3837).
وفي سؤالات مهنأ: "سألت أبا عبد الله عن حديث الأعمش، عن حبيب، عن عروة: في المستحاضة؟ فقال: ليس بصحيح، قال: قلت: من قبل من الخطأ؟ قال: من قبل الأعمش؛ لأن حبيبًا لم يحدث عن عروة بن الزبير بشيء. قال: قلت لأحمد: قال يحىي بن سعيد: هو شبه لا شيء. قال: نعم، هو كذلك"[شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (3/ 864)].
وقال علي بن المديني: "حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا"[سنن البيهقي (1/ 345)].
وقال أبو حاتم في حبيب بن أبي ثابت: "وروى عن عروة: حديث المستحاضة، وحديث القبلة للصائم، ولم يسمع ذلك من عروة"[الجرح والتعديل (3/ 107)].
ونقل ابن أبي حاتم في المراسيل (81) عن يحيى بن معين قال: "لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة"، وكذا قال أحمد:"لم يسمع من عروة".
وقال البخاري: "حبيب بن أبي ثابت: لم يسمع من عروة"[جامع الترمذي (86 و 936 و 3480)، علل الترمذي الكبير (56)، وص (386) رقم (31)].
وقال ابن المنذر: "ويقال: إن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئًا"[الأوسط (1/ 129)].
وقال البيهقي في الخلافيات (2/ 166): "حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير".
وانظر في هذا أيضًا: سنن البيهقي (1/ 126 و 345)، العلل المتناهية (1/ 363)،
التحقيق (1/ 175)، التنقيح (1/ 146)، نصب الراية (1/ 72 و 200)، تذكرة الحفاظ (1/ 116)، هدي الساري (395)، وغيرها.
وانظر فيما تقدم الحديث رقم (180).
• اتفق الأئمة على تضعيف هذا الحديث:
تقدم نقل كلام أبي داود في تضعيفه، وأقره الدارقطني والبيهقي.
قال علي بن المديني: "سمعت يحيى -يعني: ابن سعيد القطان- وذكر عنده حديثا الأعمش، عن حبيب، عن عروة، عن عائشة: تصلي المستحاضة وإن قطر الدم على الحصير، وفي القُبْلة -يعني: حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قبَّل ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ-، فقال يحيى: "احك عني أنهما شبه لا شيء" [تقدمة الجرح والتعديل (1/ 239)، سنن النسائي (1/ 104 - 105/ 170)، سنن الدارقطني (1/ 139)، سنن البيهقي (1/ 126 و 345)، الخلافيات (2/ 167/ 437 و 438)، المعرفة (1/ 216)، [وانظر فيما تقدم الحديث رقم (180)].
وقال عباس الدوري في تاريخ ابن معين (18/ 4/ 2925): "قيل ليحيى: حبيب ثبت؟ قال: نعم؛ إنما روى حديثين -أظن يحيى يريد: منكرين-: حديث تصلي الحائض وإن قطر الدم على الحصير، وحديث القُبْلة"[وانظر: سنن الدارقطني (1/ 213)، سنن البيهقي (1/ 345)، المعرفة (1/ 217/ 182)، والحديث المتقدم برقم (180)].
وتقدم نقل قول الإمام أحمد قريبًا، قال:"ليس بصحيح"، لما سئل عن هذا الحديث.
وقال الدارقطني: "لا يصح"[فتح الباري لابن رجب (1/ 451)].
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 379): "وهذا حديث ضعيف، ضعفه: يحيى بن سعيد القطان، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين. وقال سفيان الثوري: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا، وقال أبو داود: حديث الأعمش، عن حبيب: ضعيف" ونقل بقية كلامه.
وانظر أيضًا الحديث برقم (180).
العلة الرابعة: أن رواية حبيب بن أبي ثابت، عن عروة، عن عائشة، في قصة فاطمة بنت أبي حبيش: مخالفة لما رواه الجماعة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة، عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني امرأة أستحاض فلا أطهر؛ أفأدع الصلاة؟ قال: "إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي".
تقدم برقم (282) فراجعه، فلم يقل هشام -في المحفوظ عنه-:"وتوضئي لكل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير"، وروايته هي الصواب.
***
299 -
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي: حدثنا يزيد، عن أيوب بن أبي مسكين، عن الحجاج، عن أم كلثوم، عن عائشة، في المستحاضة:"تغتسل -يعني: مرة واحدة- ثم توضأ إلى أيام أقرائها".
• موقوف بإسناد ضعيف.
أخرجه من طريقه: البيهقي (1/ 346).
وأحمد بن سنان بن أسد القطان الواسطي: ثقة ثبت حافظ، وقد خالفه فيه فرفعه:
العباس بن محمد بن حاتم الدوري [بغدادي، خوارزمي الأصل: ثقة حافظ] قال: ثنا يزيد بن هارون: ثنا أبو العلاء -يعني: أيوب بن أبي مسكين-، عن الحجاج بن أرطأة، عن أم كلثوم، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة:"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل مرة، ثم تتوضأ إلى مثل أيام، أقرائها، فإن رأت صفرة انتضحت وتوضأت، وصلت".
أخرجه البيهقي (1/ 346).
فإن كان لا بد من ترجيح، فالقول قول بلدى يزيد بن هارون الواسطي، فأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، وينضم إلى ذلك أيضًا: ما وصف به أحمد بن سنان من الحفظ والضبط، فهو أحفظ من الدوري، ووصفه أبو حاتم بأنه كان إمام أهل زمانه.
وعليه: فالموقوف أولى بالصواب.
إلا أنه: موقوف بإسناد ضعيف:
أيوب بن مسكين أو: ابن أبي مسكين، أبو العلاء القصاب: صدوق يخطئ، يهم ويخالف [التهذيب (1/ 207)، الميزان (1/ 293)، إكمال مغلطاي (2/ 342)، سؤالات الآجري (3/ 242)، منهج النسائي في الجرح والتعديل (1/ 335)].
والحجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين، وهو هنا لم يبين السماع؛ بل عنعنه.
أم كلثوم هذه لا يدرى من هي؟.
***
300 -
يزيد، عن أيوب أبي العلاء، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
• رفعه منكر، والمعروف: موقوف على عائشة بإسناد صحيح.
هكذا رواه العباس بن محمد الدوري، وأحمد بن سنان القطان الواسطي، بالإسنادين جميعًا: عن يزيد بن هارون، عن أيوب أبي العلاء.
ولفظ العباس بالإسناد الثاني: أنه قال في المستحاضة: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم
تغتسل مرة، ثم تتوضأ إلى مثل أيام أقرائها، فإن رأت صفرة انتضحت، وتوضأت وصلت".
أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 292/ 1187)، والبيهقي (1/ 346).
قال الطبراني: "لم يروه عن ابن شبرمة إلا أيوب أبو العلاء، تفرد به يزيد بن هارون".
قلت: ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة: ثقة فقيه، وامرأة مسروق: هي قمير بنت عمرو الكوفية: ثقة: سمعت عائشة، ويزيد بن هارون: ثقة متقن.
فالبلاء فيه إنما هو من أيوب أبي العلاء؛ فإنه وإن كان صدوقًا في الأصل؛ إلا أنه يخطئ، يهم ويخالف، وفي حديثه بعض الاضطراب [تقدم]، وهو هنا قد اضطرب في إسناد هذا الحديث ولم يقمه، وخالف الثقات في رفعه:
فقد روى إسماعيل بن أبي خالد [ثقة ثبت، أصح الناس حديثًا عن الشعبي، قاله أحمد. شرح العلل (2/ 708)]، وبيان بن بشر الأحمسي الكوفي [ثقة ثبت، ثقة في الشعبي]، وفراس بن يحيى الهمداني الكوفي [ثقة، من أصحاب الشعب]، ومغيرة بن مقسم الكوفي [ثقة متقن]، وعبد الملك بن ميسرة الهلالي الكوفي [ثقة]، ومجالد بن سعيد الهمداني الكوفي [ليس بالقوي]، ومعاذ [ولم أعرفه]:
سبعتهم: عن الشعبي، عن قَمير -امرأة مسروق-، عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت:"المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل، ثم تتوضأ عند كل صلاة وضوءًا".
وفي رواية: "وتنتظر أيامها التي كانت تترك الصلاة فيها، فإذا كان يوم طهرها الذي كانت تطهر فيه، اغتسلت، ثم توضأت عند كل صلاة، وصلت".
وفي رواية: "تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ عند كل صلاة".
وهذه أصح الروايات، وأما الروايات التي جاء فيها "أيام أقرائها" فهي وهم من الرواة، فإن عائشة كانت تقول:"الأقراء الأطهار"، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا المعنى.
وأثر عائشة هذا أخرجه: الدارمي (1/ 223 و 224/ 790 و 792 و 799)، وابن أبي شيبة (1/ 118/ 1350 و 1351)، وأبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (3000)، وابن المنذر في الأوسط (1/ 159/ 52)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 105)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 329 و 335 و 346 و 347)، وفي الخلافيات (3/ 452/ 1081).
هذا هو المحفوظ: عن قمير، عن عائشة: موقوف عليها، قولها.
قال الدارقطني في العلل (14/ 437/ 3784): "والموقوف عن قمير عن عائشة: أصح".
وهو المحفوظ عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة.
• وقد خالف هؤلاء السبعة: داود بن أبي هند [البصري: ثقة متقن]، وعاصم بن سليمان الأحول [ثقة، بصري]: فروياه عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة؛
أنها قالت في المستحاضة: "تمسك عن الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل لكل يوم غسلًا، وتصلي".
أخرجه الدارمي (1/ 227/ 814)، وابن أبي شيبة (1/ 119/ 1351)، وابن المنذر (1/ 161 - 162/ 53).
تنبيه: وقع عند ابن أبي شيبة من رواية أبي خالد الأحمر، عن المجالد وداود، عن الشعبي، قال: أرسلتُ امرأتي إلى امرأة مسروق، فسألتْها عن المستحاضة
…
فذكره. والذي يظهر لي شذوذ هذه الرواية، لما في أبي خالد الأحمر من سوء الحفظ، فقد رواه شعبة عن داود وعاصم [عند ابن المنذر]، وحماد بن سلمة عن داود [عند الدارمي]، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة، هكذا كالجماعة بلا واسطة.
وعامر بن شراحيل الشعبي: إمام علم مشهور، وهو: فقيه أهل الكوفة.
ورواية أصحابه الكوفيين أولى من رواية البصريين، فأهل بلد الرجل أعلم بحديثه من الغرباء؛ لا سيما وفيهم: إسماعيل بن أبي خالد: أصح الناس حديثًا عن الشعبي، وقد تابعه على ذلك: بيان بن بشر، وفراس بن يحيى، ومغيرة بن مقسم، وهم من ثقات أصحاب الشعبي الكوفيين، وهم أكثر عددًا ممن خالفهم من الغرباء البصريين.
• وعلى هذا فرواية: "ثم تغتسل لكل يوم غسلًا" رواية شاذة، والمحفوظ:"ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ عند كل صلاة".
• وقد اختلف على عاصم الأحول:
1 -
فرواه شعبة عنه هكذا [الأوسط].
2 -
ورواه معمر بن راشد، عن عاصم بن سليمان، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة، أنها سئلت عن المستحاضة؟ فقالت: تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ لكل صلاة.
أخرجه عبد الرزاق (1/ 304/ 1170).
فأسقط معمر: الشعبي من الإسناد، وجعله متنه كالجماعة.
ورواية شعبة أولى بالصواب، فإن معمر بن راشد في حديثه عن أهل العراق [الكوفة والبصرة]: ضعف، وهذا منه.
• واختلف في هذا الحديث أيضًا على إسماعيل بن أبي خالد:
1 -
فرواه جعفر بن عون [كوفي: ثقة]، وأبو جعفر الرازي [صدوق سيئ الحفظ]، ووكيع بن الجراح [كوفي: ثقة حافظ]:
رووه عن إسماعيل به كما تقدم مع الجماعة [الدارمي. مسند ابن جعد][المحلى (1/ 252)].
2 -
ورواه معتمر بن سليمان البصري التيمي [ثقة][في بعض النسخ: "معمر" وهو تصحيف. انظر: الإتحاف (17/ 778)]، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن مجالد، عن
عامر، عن قمير، عن عائشة، قالت: سألتها عن المستحاضة؟ قالت: تنتظر أقراءها. . . الحديث.
أخرجه الدارمي (1/ 223/ 790).
فزاد مجالدًا في الإسناد بين إسماعيل والشعبي؛ فإما أن يكون إسماعيل سمعه أولًا من مجالد بن سعيد، ثم سمعه بعد من الشعبي.
وإما أن نرجح رواية بلدييه: جعفر بن عون، ووكيع بدون الواسطة؛ وهو الأقرب إلى الصواب، والله أعلم.
3 -
ورواه عمار بن مطر: نا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير امرأة مسروق، عن عائشة: أن فاطمة بنت أبي حبيش أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني امرأة أستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما ذاك عرق، فانظري أيام أقرائك، فإذا جاوزت فاغسلي، واستنقي، ثم توضئي لكل صلاة".
أخرجه الدارقطني (1/ 0 21 - 211)، والبيهقي (1/ 346).
قال الدارقطني: "تفرد به عمار بن مطر، وهو ضعيف، عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوفًا: المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتتوضأ لكل صلاة"[وانظر: علل الدارقطني (14/ 436/ 3784)].
قلت: وهذا منكر؛ والمعروف ما رواه جعفر بن عون، وغيره، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة: موقوفًا عليها.
وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: صدوق؛ تكلم في حفظه [اللسان (6/ 368)].
وعمار بن مطر: متروك الحديث، منكر الحديث، هالك، قال ابن عدي:"أحاديثه بواطيل"، وقال أبو حاتم الرازي:"كان يكذب"، وقال ابن حبان:"طكان يسرق الحديث"[اللسان (4/ 316)].
وقال الدارقطني في الأفراد (5/ 556)(أطرافه): "غريب من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن الشعبي، تفرد به أبو يوسف القاضي، وتفرد به عمار بن مطر عن أبي يوسف".
• والحاصل: أن القول بأن المستحاضة تدع الصلاة أيام حيضها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، وتتوضأ بعد ذلك لكل صلاة: صحيح ثابت من قول عائشة رضي الله عنها موقوفًا عليها.
وعن عائشة فيه إسنادان آخران: ضعيفان. انظر: مسند ابن الجعد (2999)، سنن البيهقي (1/ 351).
***
قال أبو داود: وحديث عدي بن ثابت، والأعمش عن حبيب، وأيوب أبي العلاء: كلها ضعيفة لا تصح.
ودل على ضعف حديث الأعمش، عن حبيب، هذا الحديث أوقفه حفص بن غياث، عن الأعمش.
وأنكر حفص بن غياث أن يكون حديث حبيب مرفوعًا، وأوقفه أيضًا: أسباط عن الأعمش، موقوف عن عائشة.
قال أبو داود: ورواه ابن داود، عن الأعمش، مرفوعًا أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة.
ودل على ضعف حديث حبيب هذا: أن رواية الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: فكانت تغتسل لكل صلاة، في حديث المستحاضة.
وروى أبو اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن علي رضي الله عنه.
وعمار مولى بني هاشم عن ابن عباس.
وروى عبد الملك بن ميسرة، وبيان، والمغيرة، وفراس، ومجالد: عن الشعبي، عن حديث قمير، عن عائشة: توضأ لكل صلاة.
ورواية داود، وعاصم، عن الشعبي، عن قمير، عن عائشة: تغتسل كل يوم مرة.
وروى هشام بن عروة، عن أبيه: المستحاضة تتوضأ كل صلاة.
وهذه الأحاديث كلها ضعيفة؛ إلا حديث قمير، وحديث عمار مولى بني هاشم، وحديث هشام بن عروة، عن أبيه، والمعروف عن ابن عباس الغسل.
قلت: تقدم الكلام عن هذا كله.
وأما أثر ابن عباس فسوف يأتي تحت الأثر الآتي برقم (302)، إن شاء الله تعالى.
• ومما جاء في معنى هذا الباب؛ من الاغتسال من طهر إلى طهر، ثم الوضوء عند كل صلاة، أو في الاغتسال في كل يوم مرة، ثم الوضوء عند كل صلاة، أو ما جاء من روايات حديث فاطمة بنت أبي حبيش مما لم يسبق الكلام عليه:
1 -
عثمان بن سعد القرشي الكاتب: حدثنا ابن أبي مليكة، قال: جاءت خالتي فاطمة بنت أبي حبيش إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: إني أخاف أن أقع في النار، أدع الصلاة السُّنَّة والسنتين لا أصلي! فقالت: انتظري حتى يجيء النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء؛ فقالت عائشة رضي الله عنها: هذه فاطمة تقول كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قولي لها: فلتدع الصلاة في كل شهر أيام قرئها، ثم لتغتسل في كل يوم غسلًا واحدًا، ثم الطهور عند كل صلاة، ولتنظف ولتحتش، فإنما هو داء عرض، أو ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع".
أخرجه الحاكم (1/ 175) و (4/ 62)، والدارقطني (1/ 217)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 354)، وفي الخلافيات (3/ 448/ 1079).
من طريق أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد [ثقة ثبت]، عن عثمان بن سعد به.
تنبيه: وقع في مطبوعة المستدرك في الموضع الثاني (4/ 62): "عثمان بن الأسود"، وهو خطأ بيِّن، وهو "عثمان بن سعد"، كما ورد في الموضع الأول، وقد ساقه الحاكم في الموضعين بنفس الإسناد، والله أعلم.
ورواه محمد بن بكر البرساني [ثقة]: ثنا عثمان بن سعد الكاتب: أخبرني ابن أبي مليكة: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت فلبثت زمانًا لا تصلي، فأتت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. . . فاقتص الحديث إلى أن قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قولي لفاطمة: تمسك من كل شهر عن الصلاة عدد قرئها، فإذا مضت تلك الأيام فلتغتسل غسلة واحدة، تستدخل وتنظف وتستثفر، ثم الطهور عند كل صلاة، وتصلي، فإن الذي أصابها ركضة من الشيطان، أو عرق انقطع، أو داء عرض لها".
قال عثمان بن سعد: فسألنا هشام بن عروة، فأخبرني بنحوه عن أبيه، عن عائشة.
هكذا قال: "فإذا مضت تلك الأيام فلتغتسل غسلة واحدة،، خلافًا لرواية أبي عاصم: "لتغتسل في كل يوم غسلًا واحدًا"، واتفقا على إرساله.
أخرجه الدارقطني (1/ 216)، ومن طريقه: البيهقي في السنن (1/ 355).
وروأه أبو عبيدة الحداد عبد الواحد بن واصل السدوسي [ثقة]، عن عثمان بن سعد، عن ابن أبي مليكة، عن خالته بنت أبي حبيش: أنها استحاضت فأتت أم المؤمنين عائشة. . . فذكره بنحو حديث البرساني، واختصر القصة.
أخرجه البيهقي (1/ 354).
ورواه إسرائيل بن أبي إسحاق [ثقة]، عن عثمان بن سعد، عن عبد الله بن أبي مليكة، قال: حدثتني خالتي فاطمة بنت أبي حبيش، قالت: أتيت عائشة
…
فاقتص الحديث بطوله، بنحو رواية البرساني.
أخرجه أحمد (6/ 464).
• قلت: وهذا اضطراب من عثمان بن سعد التميمي البصري الكاتب المعلم، وهو ضعيف، وفي تفرده بهذا الحديث عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة التيمي المكي: نكارة.
قال الحاكم بعدما أخرجه من طريق أبي عاصم النبيل: "هذا حديث صحيح، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، وعثمان بن سعد الكاتب: بصري ثقة، عزيز الحديث، يجمع حديثه".
فتعقبه الذهبي في التلخيص بقوله: "كلا، قلت: صورته مرسل".
وقال البيهقي في السنن (1/ 332): ". . . وكذلك حديث عثمان بن سعد الكاتب عن ابن أبي مليكة عن فاطمة: ضعيف".
وقال أيضًا (1/ 355): "وروي عن الحجاج بن أرطأة، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة: معنى الرواية الثانية عن عثمان بن سعد، والحجاج بن أرطاة: غير محتج به، وعثمان بن سعد الكاتب: ليس بالقوي، كان يحيى بن سعيد ويحيى بن معين يضعفان أمره".
وقد تعقب البيهقي في الخلافيات (3/ 450) شيخه الحاكم، فقال بعد أن حكى قوله في المستدرك:"وقد تكلم فيه [يعني: في عثمان بن سعد] غيره، وفيه لين".
ثم قال: "وقد تابعه الحجاج بن أرطأة، عن ابن أبي مليكة".
ثم أخرجه (3/ 451/ 1080)، من طريق: خالد بن يزيد السلمي -من أهل دمشق-: حدثني الحجاج بن أرطاة، عن عبد الله بن أبي مليكة، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني مستحاضة؟ قال: "إنه ليس بالحيض، ولكنه عرق منك، إذا أقبلت أيام أقرائك، فأمسكي عليك فإذا مضت فاغتسلي، ثم اطهري لكل صلاة" يعني: الوضوء.
وحجاج بن أرطأة: ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين، ولم يصرح بالسماع، وهو كوفي، والراوي عنه دمشقي: خالد بن يزيد السلمي: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، لكن أبا زرعة الدمشقي ذكره في تسمية نفر متقاربين مع صدقة بن يزيد، وصدقة بن المنتصر، وصدقة بن عبد الله [تاريخ دمشق (16/ 317)، تهذيب الكمال (8/ 213 - 214)، وهذا مما يدل على ضعف خالد بن يزيد السلمي هذا فإن: صدقة بن عبد الله السمين، وصدقة بن يزيد الخراساني ثم الشامي: ضعيفان، وأما صدقة بن المنتصر: فإنه لا بأس به [التقريب (281)، اللسان (3/ 228)، الجرح والتعديل (4/ 434)، الثقات (8/ 319)].
وعلى هذا فإن كان خالد بن يزيد السلمي هذا قد تفرد به عن الحجاج؛ فإنه يستنكر من وجهين: الأول: لكونه السلمي من الغرباء -دمشقي عن كوفي-، والثاني: لضعف السلمي.
• وحينئذ فإنه لا يصح عن الحجاج بن أرطأة، ولا يقال بأن الحجاج، تابع عثمان بن سعد الكاتب على إسناده، عن ابن أبي مليكة؛ ويبقى عثمان هو المتفرد به عن ابن أبي مليكة؛ وبه يعرف.
وإن لم يكن السلمي قد تفرد به عن الحجاج، فلا نقبل متابعة الحجاج أيضًا لكونه مكثر من التدليس عن الضعفاء والمتروكين.
فالحديث منكر، والله أعلم.
2 -
جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، أن فاطمة بنت قيس [وفي رواية: عن فاطمة بنت قيس، قالت:] سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المرأة المستحاضة كيف تصنع؟ قال: "تقعد [وفي رواية: تعتد، وفي أخرى: تعد] أيام أقرائها، ثم
تغتسل في كل يوم عند كل طهر [وفي رواية: ثم تغتسل عند كل طهر، وفي أخرى: عند كل ظهر]، وتصلي [وفي رواية: ثم تحتشي وتصلي] ".
أخرجه أبو يعلى (1/ 120/ 212 - مطالب)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (431)، والطبراني في الأوسط (3/ 217/ 2960) و (8/ 16/ 7818)، وفي الصغير (1/ 153/ 235)، وابن عدي في الكامل (2/ 148)، والدارقطني في السنن (1/ 219)، وفي الأفراد (2/ 416/ 1759 - أطرافه)، والحاكم (4/ 55 - 56)، والبيهقي (1/ 335 و 355 و 355 - 356).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلا جعفر بن سليمان".
وقال ابن عدي: "وهذا الحديث لم يحدث به عن ابن جريج بهذا الإسناد غير جعفر بن سليمان، ويقال: إنه أخطأ فيه؛ أراد به إسنادًا آخر، عن ابن جريج، لعله يرويه، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فلعل جعفرًا أراد هذا الحديث فأخطأ عليه".
وقال الدارقطني في السنن: "تفرد به جعفر بن سليمان، ولا يصح عن ابن جريج، عن أبي الزبير، وهم فيه، وإنما هي: فاطمة بنت أبي حبيش".
وقال في الأفراد: "تفرد به جعفر بن سليمان عن ابن جريج".
وقال البيهقي (1/ 335): "ولا يعرف إلا من جهة جعفر بن سليمان".
وقال أيضًا (1/ 356): "قال أبو بكر بن إسحاق: جعفر بن سليمان: فيه نظر، ولا يعرف هذا الحديث لابن جريج، ولا لأبي الزبير: من وجه غير هذا، وبمثله لا تقوم حجة، واختلف عليه فيها.
وقال في المعرفة (1/ 379): "وهو ضعيف".
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل في العلل (3/ 52/ 4122): "سئل [يعني: أباه] عن حديث أبي الزبير عن جابر عن فاطمة بنت قيس في المستحاضة؟ قال: ليس بصحيح -أو: ليس له أصل، يعني: حديث جعفر بن سليمان عن ابن جريج".
وقال صالح لأبيه أحمد بن حنبل في مسائله (507): "قلت: حديث فاطمة بنت أبي حبيش في المستحاضة رواه أبو الزبير عن جابر عن فاطمة بنت قيس في المستحاضة؟ قال أبي: ليس هذا بشيء".
وقال أبو حاتم الرازي: "ليس هذا بشيء"[العلل (120)].
وانظر: إتحاف المهرة (3/ 439).
• وهذا إجماع من أئمة الحديث على رد هذا الحديث، وأن جعفر بن سليمان قد أخطأ فيه، فلا يصلح مثله في الشواهد، إذ ليس له أصل.
وإجماع أهل الحديث على شيء يكون حجة.
وفي تفرد جعفر بن سليمان الضبعي البصري -وليس بذاك الحافظ-، عن ابن جريج المكي -علي كثرة من روى عنه من الثقات-: نكارة ظاهرة، والله أعلم.
3 -
أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم، عن أبي أيوب الإفريقي عبد الله بن علي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة.
أخرجه أبو يعلى في مسنده [عزاه إليه: الزيلعي من نصب الراية (1/ 203)، وابن حجر في التلخيص (1/ 169)، والدراية (1/ 89)، ومن طريقه أخرجه البيهقي]، والطبراني في الأوسط (2/ 167/ 1597)، وابن عدي (7/ 145)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 347)، وفي المعرفة (1/ 380 - 381/ 489)، وفي الخلافيات (3/ 458 - 459/ 1086).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي أيوب الإفريقي -وهو عبد الله بن علي- إلا أبو يوسف".
وقال البيهقي في السنن: "تفرد به أبو يوسف، عن عبد الله بن علي أبي أيوب الإفريقي، وأبو يوسف: ثقة إذا كان يروي عن ثقة".
وقال في المعرفة: "وأبو يوسف: ثقة إذا كان يروي عن ثقة إلا أن الإفريقي: لم يحتج به صاحبا الصحيح، وابن عقيل: مختلف في جواز الاحتجاج به، والله أعلم".
وقال ابن حجر في الدراية والتلخيص: "وإسناده ضعيف".
قلت: هو حديث منكر.
عبد الله بن محمد بن عقيل: حسن الحديث، لكن لا يحتج به فيما تفرد به من أصل وسُنَّة، ولا يصح شيء من أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة -في المرفوع-.
والمعروف عن ابن عقيل في المستحاضة إنما هو حديث حمنة بنت جحش؛ الذي يرويه عبيد الله بن عمرو الرقي، وزهير بن محمد، وابن جريج، وشريك بن عبد الله، وإبراهيم بن أبي يحيى، وعمرو بن ثابت؛ رواه ستتهم: عن ابن عقيل، عن إبراهيم بن محمد بن طلحة، عن عمه عمران بن طلحة -قال ابن جريج: عمر بن طلحة-، عن أمه حمنة بنت جحش -قال ابن جريج: أم حبيبة-، قالت: كنت أستحاض حيضة كثيرة شديدة. . . الحديث بطوله، وتقدم برقم (287).
• وهذا الحديث قد تفرد به عن ابن عقيل المدني: أبو أيوب عبد الله بن علي بن
مهران الأزرق الإفريقي ثم الكوفي: ولا يحتمل تفرده بهذا الحديث عن ابن عقيل؛ فإنه وإن وثقه ابن حبان، والحاكم، وقال ابن معين:"ليس به بأس"، فقد قال فيه أبو زرعة الرازي:"ليس بالمتين، في حديثه إنكار، هو لين"، وهذا جرح مفسر؛ فهو مقدم على التعديل، لا سيما وكلام ابن معين يدل على أنه لم يخبر حديث أبي أيوب كله، ولم يعرفه حق المعرفة؛ فقد قال عباس الدوري لابن معين:"ما اسمه؟ قال: لا أدرى. قلت ليحيى: فهو ثقة؟ قال: نعم: ليس به بأس"، فعدم معرفة ابن معين لاسمه مما يدل على أنه لم يطلع على بعض حديثه مما فيه نكارة، فإن بعض الرواة كان يقتصر على اسمه فقط، وبعضهم يقتصر على كنيته فقط، وهو أكثر، وبعضهم جمع بينهما مثل القاضي أبي يوسف، أضف
إلى تليين أبي زرعة له، تفرده ببعض الأحاديث كما حكم بذلك الدارقطني في أفراده، فله إفرادات وغرائب؛ فمثل هذا يقال فيه: لين الحديث، أو ليس بالقوي، والله أعلم.
وقد فرَّق ابن أبي حاتم بين أبي أيوب عبد الله بن علي الإفريقي وبين عبد الله بن علي بن مهران، وهما واحد، جزم بذلك: ابن عدي، والدارقطني، وابن خلفون، وقولهم أقرب إلى الصواب، وقد قال أبو حاتم في ابن مهران:"مجهول"[التهذيب (2/ 388)، إكمال مغلطاي (8/ 74)، الميزان (2/ 463)، اللسان (3/ 392)، ثقات ابن حبان (7/ 21 و 28)، صحيح ابن حبان (5/ 607/ 2228)، معرفة علوم الحديث (298)، تاريخ ابن معين للدوري (4/ 467/ 5331)، الجرح والتعديل (5/ 114 و 115)، أطراف الغرائب والأفراد (2/ 72/ 786) و (3/ 78/ 2090) و (5/ 217 و 372 و 464/ 5207 و 6078)، الموضح (2/ 207)، فتح الباب (383)، علل ابن أبي حاتم (1/ 357 / 1058) و (2/ 20/ 1535)، الكامل (7/ 146)].
وأبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (6/ 368)، تاريخ بغداد (14/ 242 - 262)، صحيح ابن خزيمة (1/ 265)، الإرشاد (2/ 569)، طبقات ابن سعد (7/ 330)].
4 -
عمرو بن الحصين: حدثنا محمد بن عبد الله بن علاثة، عن عبدة بن أبي لبابة، عن عبد الله بن باباه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تنتظر النفساء أربعين ليلة، فإن رأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر، وإن جاوزت الأربعين؛ فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي، فإن غلبها الدم، توضأت لكل صلاة".
أخرجه الدارقطني (1/ 221)، والحاكم (1/ 176)، وعنه: البيهقي في الخلافيات (3/ 416/ 1059)، والطبراني في الأوسط (8/ 173/ 8311)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 269 / 311)، وفي العلل المتناهية (1/ 386/ 649).
قال الدارقطني: "عمرو بن الحصين وابن علاثة: ضعيفان متروكان".
وقال الحاكم: "عمرو بن الحصين ومحمد بن علاثة: ليسا من شرط الشيخين، وإنما ذكرت هذا الحديث شاهدًا متعجبًا".
وقال البيهقي: "عمرو بن الحصين: ضعيف، ومحمد بن علاثة: متروك".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبدة بن أبي لبابة إلا أن علاثة، تفرد به عمرو بن الحصين".
وقال عبد الحق الإشبيلي في الأحكام الوسطى (1/ 218): "حديث معتل بإسناد متروك".
وقال ابن حجر في الدراية (1/ 90): "وإسناده واهٍ".
قلت: محمد بن عبد الله بن علاثة: صدوق يخطئ [التهذيب (3/ 612)، الميزان (3/ 594)، التقريب]. وإنما الآفة فيه والبلاء من عمرو بن الحصين؛ فإنه: متروك متهم، يروي عن ابن علاثة أحاديث موضوعة [التهذيب (3/ 264 و 612)].
فهو حديث باطل موضوع.
5 -
محمد بن سعيد الشامي: أظنه عن عبادة بن نسي: حدثني عبد الرحمن بن غنم، قال: سمعت معاذ بن جبل، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا حيض دون ثلاثة أيام، ولا حيض فوق عشرة، فما زاد على ذلك فهي مستحاضة، فما زاد تتوضأ لكل صلاة إلى أيام أقرائها، ولا نفاس دون أسبوعين، ولا نفاس فوق أربعين، فإن رأت النفساء الطهر دون الأربعين؛ صامت وصلت، ولا يأتيها زوجها إلا بعد الأربعين".
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 141)، ومن طريقه: البيهقي في الخلافيات (3/ 419/ 1061).
سقط من مطبوع ابن عدي من الإسناد قوله: "أظنه عن عبادة بن نسي".
ذكره ابن عدي فيما أنكره على محمد بن سعيد المصلوب، وقال البيهقي:"محمد بن سعيد هذا هو الذي قتل وصلب في الزندقة، وهو متروك الحديث، وفي هذا الحديث ما قد أجمعوا على تركه".
وقال ابن حجر في الدراية (1/ 84): "وإسناده واهٍ".
قلت: هذا حديث موضوع؛ محمد بن سعيد المصلوب: كذاب؛ معروف بوضع الحديث.
ورواه مختصرًا: العقيلي في الضعفاء (4/ 51)، ومن طريقه: ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 382/ 639)، وفي التحقيق (1/ 261/ 306).
من طريق: أسد بن سعيد البجلي، عن محمد بن الحسن الصدفي، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا حيض أقل من ثلاث، ولا فوق عشر".
قال العقيلي في الصدفي إذ أخرج الحديث في ترجمته: "ليس بمشهور بالنقل، وحديثه غير محفوظ".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال العقيلي: محمد بن الحسن: مجهول في النقل، وحديثه غير محفوظ، وقد رواه محمد بن سعيد المصلوب عن معاذ، وليس ذاك بشيء أصلًا".
وقال ابن حزم في المحلى (2/ 197): "وأما خبر معاذ: ففي غاية السقوط؛ لأنه من طريق محمد بن الحسن الصدفي، وهو مجهول، فهو موضوع بلا شك".
وذهب الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- في السلسلة الضعيفة (3/ 604 و 605) إلى أن محمد بن الحسن الصدفي هذا هو محمد بن سعيد المصلوب، فقال:"لا أستبعد أن يكون: محمد بن سعيد الشامي المصلوب في الزندقة". . . ثم قال: "ولا يقال: إن محمد بن الحسن الصدفي غير محمد بن سعيد الشامي، فإنه قد قيل فيه: بأنهم قد قلبوا اسمه على مائة وجه ليخفى، والراوي عنه أسد بن سعيد البجلي: غير معروف، ومن
المحتمل أنه الذي في اللسان [(1/ 426)]: أسد بن سعيد أبو إسماعيل الكوفي: قال ابن القطان: لا يعرف، فيمكن أن يكون هو الذي قلب اسم هذا الكذاب".
قلت: وفي ترجمة صالح بن بيان [وهو متروك] من اللسان (3/ 204): "قال المستغفري: فإن أسد بن سعيد: يروي العجائب وينفرد بالمناكير، وصالح بن بيان مثله"، فلا يستبعد قول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى.
• وفي النفساء أحاديث أخرى، لا يصح منها شيء، أنها إذا تطاول بها الدم اغتسلت وتطهرت ثم توضأت لكل صلاة، يأتي ذكرها والكلام عليها تحت الحديث رقم (312).
• وتختم هذا الباب بما رواه:
6 -
كثير بن عبيد: ثنا بقية، عن مقاتل، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، يرفعه قال:"المستحاضة تغتسل من طهر إلى طهر".
أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 438).
وهذا موضوع أيضًا؛ مقاتل هو ابن سليمان بن بشير الأزدي الخراساني البلخي، صاحب التفسير: متروك الحديث؛ كذاب، عده النسائي في الكذابين المعروفين بوضع الحديث [التهذيب (4/ 143)، [التقريب (608)، وقال: "كذبوه"].
وكثير بن عبيد: حمصي ثقة؛ معروف بالرواية عن بقية بن الوليد الحمصي، بل ومكثر عنه.
وقد خالفه في إسناده: عبيد بن جناد الحلبي [روى عنه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: "صدوق، لم أكتب عنه". الجرح والتعديل (5/ 404)، وذكره ابن حبان في الثقات (8/ 432)، وصحح له في صحيحه (3320 و 7458 و 7479)، وقال الهيثمي في المجمع (9/ 162): "وهو ثقة"، ومع هذا قال ابن حجر في الدراية (1/ 90): "ضعيف"، ولم أر له سلفًا في تضعيفه]، فقال: ثنا بقية بن الوليد، عن سلمة بن كلثوم، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المستحاضة تغتسل من قرء إلى قرء".
أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 136/ 426) و (6/ 6643/370)، وفي الصغير (2/ 171/ 971)، وتمام في الفوائد (1/ 240/ 579).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا سلمة بن كلثوم، ولا عن سلمة إلا بقية، تفرد به: عبيد بن جناد".
قلت: سلمة بن كلثوم: شامي ثقة نبيل، ورواية كثير بن عبيد الحمصي: أولى بالصواب من رواية عبيد بن جناد الحلبي، فهو أحفظ وأعرف ببقية من ابن جناد، لا سيما وهو بلديه، والله أعلم.
وبقية: مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجاهيل، ولم يصرح بالسماع.
• وخلاصة مما تقدم: هو ما قاله ابن عبد البر في التمهيد (6/ 50): "وأما الأحاديث
المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، والوضوء لكل صلاة على المستحاضة: فكلها مضطربة لا تجب بمثلها حجة".
قلت: فلا يصح في هذا كله حديث مرفوع.
وقال النووي في المجموع (2/ 536): "ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها [يعني: المستحاضة، بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع الحيض، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي"، وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل، وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل لكل صلاة: فليس فيها شيء ثابت، وقد بيَّن البيهقي ومن قبله ضعفها. . ."[وانظر أيضًا: (2/ 553 - 554)].
وقال ابن رجب في الفتح (1/ 450): "وأحاديث الأمر بالغسل لكل صلاة كلها معلولة"، وقال:"أحاديث الوضوء لكل صلاة، وقد رويت من وجوه متعددة، وهي مضطربة أيضًا ومعللة".
وقال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 408): "والحاصل: أنه لم يأت في شيء من الأحاديث الصحيحة ما يقضي بوجوب الاغتسال عليها لكل صلاة، أو لكل يوم، أو للصلاتين، بل لإدبار الحيضة، كما في حديث فاطمة المذكور، فلا يجب على المرأة غيره".
***