الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جاز أيضًا، وقد تقدم قول النبي صلى الله عليه وسلم:"اصنعوا كل شيء غير النِّكَاح" خرجه مسلم.
وأما الأحاديث التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه سئل عما يحل من الحائض؟ فقال: "فوق الإزار"، فقد رويت من وجوه متعددة لا تخلو أسانيدها من لين، وليس رواتها من المبرزين في الحفظ، ولعل بعضهم روى ذلك بالمعنى الَّذي فهمه من مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم للحائض من فوق الإزار.
وقد قيل: إن الإزار كناية عن الفرج، ونقل ذلك عن اللغة، وأنشدوا فيه شعرًا، قال وكيع: الإزار عندنا: الخرقة التي على الفرج.
وقد اختلف العلماء فيما يجوز الاستمتاع به من الحائض في حال حيضها:
فقالت طائفة: لا يحرم منها سوى الإيلاج في فرجها، ويجوز ما عدا ذلك.
وحكي ذلك عن جمهور العلماء، وروي عن ابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وهو قول: الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وهو أحد قولي الشافعي، ومحمد بن الحسن، وأبي ثور، وابن المنذر، وداود، وطائفة من أصحاب مالك والشافعي.
واحتج أحمد بأن عائشة أفتت بإباحة ما دون الفرج من الحائض، وهي أعلم الناس بهذه المسألة، فيتعين الرجوع فيها إلى قولها
…
وقالت طائفة: يحرم الاستمتاع من الحائض بما بين السرة والركبة، إلا من فوق الازار، وهو المشهور عن مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وحكي رواية عن أحمد، ولم يثبتها الخلال وأكثر الأصحاب، وقالوا: إنما أراد أحمد أن الأفضل مباشرتها من فوق الإزار.
وقالت طائفة: إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عن الفرج، لضعف شهوة أو شدة ورع جاز، وإلا فلا، وهو قول طائفة من الشافعية.
وهو حسن، وفي كلام عائشة رضي الله عنها ما يشهد له؛ فإنها قالت: وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟!.
وعلى قول من جوَّز الاستمتاع بما دون الفرج، يجوز عندهم الوطء دون الفرج، والاستمتاع بالفرج نفسه من غير إيلاج فيه، ولو كان على بعض الجسد شيء من دم الحيض لم يحرم الاستمتاع به، وليس فيه خلاف إلا وجه شاذ للشافعية
…
وأما ما فوق السرة وتحت الركبة: فيجوز الاستمتاع به، وكثير من العلماء حكى الإجماع على ذلك
…
!.
***
107 - باب في المرأة تستحاض ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض
274 -
. . . مالك، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم
سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "لتنظر عدة الليالي والأيام التي كانت تحيضهن من الشهر قبل أن يصيبها الدي أصابها، فلتترك الصلاة قدر ذلك من الشهر، فإذا خلَّفت ذلك، فلتغتسل، ثم لتستثفِر بثوب، ثم لتصل".
• حديث صحيح.
رواه مالك هكذا في الموطأ ولم يختلف عليه رواة الموطأ لا في لفظه ولا في إسناده [(1/ 107/ 158) رواية يحيى بن يحيى الليثي، (92) رواية القعنبي، (172) رواية أبي مصعب الزهري، (82) رواية محمد بن الحسن الشيباني، (76) رواية سويد بن سعيد].
وكذا رواه الجوهري في مسند الموطأ (722).
وأخرجه من طريق مالك:
النسائي (1/ 120 و 182/ 208 و 355)، وأحمد (6/ 320)، والشافعي في الأم (2/ 135/ 125) و (8/ 569 / 3687)، وفي السنن (1/ 242/ 136)، وفي المسند (216 و 311)، وإسحاق (4/ 81 / 1844)، وعبد الرزاق (1/ 309/ 1182)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (433 و 434)، وابن المنذر (2/ 221 - 222/ 809)، والطحاوي في المشكل (1/ 346/ 321 و 322 - ترتيبه)، وفي أحكام القرآن (172)، والطبراني في الكبير (23/ 272 و 385/ 583 و 918)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 157)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 332)، وفي المعرفة (1/ 370/ 473)، وفي الخلافيات (3/ 317/ 1012)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 418/ 326)، وابن دقيق العيد في الإمام (3/ 298).
***
275 -
. . . الليث، عن نافع، عن سليمان بن يسار، أن رجلًا أخبره: عن أم سلمة، أن امرأة كانت تهراق الدم، فذكر معناه، قال:"فإذا خلَّفت ذلك، وحضرت الصلاة، فلتغتسل" بمعناه.
• حديث ضعيف.
أخرجه الدارمي (1/ 221/ 780)، وابن المنذر (2/ 223/ 812)، والجوهري في مسند الموطأ (722 م)، والبيهقي في السنن (1/ 333)، وفي المعرفة (1/ 370/ 474)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 31).
ولفظه عند الدارمي: أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت أم سلمة لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتنظر عدد الليالي والأيام التي كانت
تحيضها قبل أن يكون بها الذي كان، وقدرهنَّ من الشهر، فتترك الصلاة لذلك، فإذا خلفت ذلك، وحضرت الصلاة، فلتغتسل، ولتستثفر بثوب، ثم تصلي".
• وقد اختلف فيه على الليث بن سعد:
1 -
فرواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]، ويزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب [ثقة عابد]، وأحمد بن عبد الله بن يونس [ثقة حافظ]، ويحيى بن عبد الله بن بكير [مصري، ثبت في الليث بن سعد، وإنما تكلم في سماعه من مالك]:
رواه أربعتهم عن الليث بن سعد به هكذا.
2 -
ورواه عبد الله بن صالح [المصري، كاتب الليث، صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة. التقريب]، قال: حدثنا الليث، قال: أخبرني ابن شهاب: عن سليمان بن يسار، أن رجلًا من الأنصار أخبره: عن أم سلمة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . ثم ذكر هذا الحديث.
أخرجه الطحاوي في المشكل (1/ 349/ 327 - ترتيبه)، قال: حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني أبو قرة، قال: حدثنا عبد الله بن صالح به.
وذِكرُ "ابن شهاب" في هذا الإسناد: وهم محض، لا أدري هو من عبد الله بن صالح؟ أم من شيخ الطحاوي أبي قرة الرعيني؛ فإني لم أر من تكلم فيه بجرح أو تعديل، سوى ابن يونس، حيث نقل المقريزي عنه في المقفى (5/ 614) أنَّه قال:"كان ثقة"، وقد ترجم له ابن ماكولا في الإكمال (7/ 138)، والسمعاني في الأنساب (4/ 145)، وابن ناصر الدين في التوضيح (6/ 183)، فلم ينقلوا عن ابن يونس توثيقه، والله أعلم.
3 -
ورواه أسد بن موسى [صدوق يغرب] في مسنده، قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . وساق الحديث بمعنى حديث مالك سواء، ولم يدخل في إسناده بين سليمان وبين أم سلمة أحدًا.
ذكره ابن عبد البر في التمهيد (6/ 30) هكذا معلقًا، وكذا ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 298).
• والمحفوظ عن الليث بإدخال واسطة بين سليمان وأم سلمة؛ كما رواه جماعة الحفاظ من أصحاب الليث بن سعد.
***
276 -
. . . قال أبو داود: حدثنا عبد الله بن مسلمة: حدثنا أَنس -يعني: ابن عياض-، عن عبيد الله، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل من الأنصار: أن امرأة كانت تهراق الدماء
…
فذكر معنى حديث الليث، قال:"فإذا خلَّفْتَهنَّ، وحضرت الصلاة، فلنغتسل"، وساق الحديث بمعناه.
• شاذ بهذا الإسناد والمتن، وهو محفوظ عن عبيد الله بن عمر بمثل حديث مالك.
أخرجه من طريق أبي داود هكذا: البيهقي (1/ 333)، وابن عبد البر (6/ 31).
• واختلف فيه على عبيد الله بن عمر العمري:
1 -
فرواه أبو ضمرة أَنس بن عياض [ثقة، لا بأس به]، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل من الأنصار: أن امرأة كان تهراق الدماء.
2 -
ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة [ثقة ثبت]، وعبد الله بن نمير [ثقة حجة]، وعبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، ومعتمر بن سليمان [ثقة]:
رواه أربعتهم: عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة تهراق الدم؟ فقال: "تنتظر قدر الليالي والأيام التي كانت تحيضهن، وقدرهنَّ من الشهر، فتدع الصلاة، ثم لتغتسل ولتستثفر، ثم تصلي". لفظ ابن نمير.
ولفظ أبي أسامة وغيره: سألت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: إني أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة؟ قال: "لا، ولكن دعي قدر تلك الأيام والليالي التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي واستثفري، وصلي".
أخرجه النسائي (1/ 182/ 354)، وابن ماجة (623)، وأحمد (6/ 293)، وابن أبي شيبة (1/ 118/ 1346)، والطحاوي في المشكل (1/ 347/ 323 - ترتيبه)، والطبراني في الكبير (23/ 271 و 385/ 578 و 917)، والدارقطني (1/ 217).
ورواية الجماعة هذه: هي المحفوظة عن عبيد الله بن عمر، ورواية أَنس بن عياض: شاذة؛ سندًا ومتنًا.
وعلى هذا: فإن عبيد الله بن عمر العمري يكون قد وافق الإمام مالكًا في رواية هذا الحديث وتابعه عليه.
قال ابن التركماني في الجوهر النقي (1/ 333): "وأبو أسامة: أجل من أَنس بن عياض، وقد تابعه عبد الله بن نمير، فروايتهما مرجحة بالحفظ والكثرة".
***
277 -
. . . عبد الرحمن بن مهدي: حدثنا صخر بن جويرية، عن نافع
…
بإسناد الليث ومعناه، قال:"فلتترك الصلاة قدر ذلك، ثم إذا حضرت الصلاة فلتغتسل، ولتستثفر [وفي نسخة: ولتستذفر] بثوب، ثم تصلي".
• حديث ضعيف.
أخرجه ابن الجارود (113)، والدارقطني (1/ 217)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 35)، والبيهقي (1/ 333).
من طريق عبد الرحمن بن مهدي، عن صحر بن جويرية، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أنَّه حدثه رجل، عن أم سلمة: أن امرأة كانت تهراق دمًا لا يفتر عنها، فسألت أم
سلمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيض قبل ذلك وعددهن، فلتترك الصلاة قدر ذلك، ثم إذا حضرت الصلاة فلتغتسل، ولتستثفر بثوب، وتصلي".
قال ابن الجارود: "وهكذا قال موسى بن عقبة، والليث بن سعد، عن نافع، عن سليمان، عن رجل، عن أم سلمة رضي الله عنها، وقال مالك، وعبيد الله ويحيى بن سعيد، وغيرهم: عن نافع، عن سليمان، عن أم سلمة، وقال أيوب: عن سليمان نفسه، عن أم سلمة".
وقال البيهقي في الخلافيات (3/ 319) بعد حديث مالك المتصل: "هذا حديث مشهور، وقد أورده مالك في الموطأ، ولم يسمعه سليمان بن يسار من أم سلمة، إنما سمعه من رجل عن أم سلمة، كذلك رواه: الليث بن سعد، وعبيد الله بن عمر، وصخر بن جويرية: عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن رجل، عن أم سلمة، ورواه موسى بن عقبة، عن نافع، عن سليمان، عن مرجانة، عن أم سلمة".
وقال نحوه في السنن الكبرى (1/ 333)، وفي المعرفة (1/ 370)، وتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي.
وقال ابن المنذر في الأوسط (2/ 223): "وأما الفرقة التي نفت القول بخبر أم سلمة، وخبر بنت جحش؛ فإنهم دفعوا خبر سليمان بن يسار بأنهم قالوا: خبر سليمان بن يسار: خبر غير متصل، لا يصح من جهة النقل، وذلك أن غير واحد من المحدثين أدخل بين سليمان بن يسار وبين أم سلمة: رجلًا اسمه مجهول؛ والمجهول لا يجوز الاحتجاج بحديثه، إذ هو في معنى المنقطع الَّذي لا تقوم به الحجة".
وقال أبو القاسم الجوهري في مسند الموطأ ص (547): "وقيل: إن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة، إنما رواه عن رجل عن أم سلمة، وقد رواه عبيد الله بن عمر، وأيوب السختياني، كما رواه مالك، ورواه الليث بن سعد، فقال فيه: عن رجل، عن أم سلمة".
وقال الطحاوي في المشكل (1/ 348 - ترتيبه): "فقال قائل: هذا حديث فاسد الإسناد من طريق نافع عن سليمان بن يسار، ومن طريق الزهري عن سليمان بن يسار"، ثم أقره.
• قلت: لا يعرف من حديث الزهري، عن سليمان بن يسار؛ إلا من طريق عبد الله بن صالح، وهي رواية شاذة مخالفة لرواية جماعة الحفاظ من أصحاب الليث، وتقدم كان ذلك عند الحديث رقم (275).
• وممن اختلف عليه أيضًا في هذا الحديث: موسى بن عقبة:
1 -
فرواه خالد بن نزار الأيلي، عن إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، واختلف على خالد فيه:
أ - فرواه طاهر بن خالد بن نزار [صدوق، وله ما ينكر. الجرح والتعديل (4/ 499)، الكامل (4/ 121)، سؤالات السلمي (172)، تاريخ بغداد (9/ 355)، الميزان (2/ 334)،
اللسان (3/ 255)، المغني (1/ 315)، مجمع الزوائد (8/ 73)]: ثنا أبي: ثنا إبراهيم بن طهمان، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أنَّه حدثه عن ابن مرجانة، عن أم سلمة، أنها قالت: أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن أم سلمة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أمرها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيض قبل أن يكون بها الدم الَّذي كان، وقدرهن من الشهر، فلتترك الصلا قدر ذلك، فإذا جاوزت ذلك فلتغتسل، ثم لتستثفر بثوبها، ولتصل".
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 293/ 649)، فيما رواه سعيد بن مرجانة عن أم سلمة؛ ولم يذكر له عنها غير هذا الحديث.
ب - ورواه عبد العزيز بن عمران [هو ابن أيوب بن مقلاص الإمام أبو علي الخزاعي مولاهم المصري الفقيه: أخذ عن الشافعي، وروى عن ابن وهب والفريابي، وروى عنه أبو زرعة، وأبو حاتم، وقال: "مصري، صدوق"، وهو ابن بنت سعيد بن أبي أيوب. الجرح والتعديل (5/ 391)، طبقات الشافعية (2/ 143)]، قال: ثنا خالد بن نزار الأيلي - وكان ثقة -: ثنا إبراهيم بن طهمان -وهو ثبت في الحديث-: حدثنا موسى بن عقبة -وهو من الثقات، وكان مالك يملي عليه-: ثنا نافع، عن سليمان بن يسار، عن مرجانة، عن أم سلمة به.
أخرجه البيهقي (1/ 334).
والذي يبدو لي - والله أعلم -: أن رواية طاهر بن خالد بن نزار أقرب إلى الصواب من رواية ابن مقلاص وإن كان أوثق، وذلك لأمرين:
الأول: أن الذين زادوا الواسطة بين سليمان بن يسار وأم سلمة: من الثقات مثل: الليث بن سعد، وصخر بن جويرية، وغيرهما، قالوا:"عن سليمان بن يسار: أن رجلًا أخبره، عن أم سلمة"، فجعلوا الواسطة رجلًا وليس امرأة.
الثاني: أن هذا الحديث أخرجه الدارقطني في الأفراد (5/ 395 - 396/ 5844 - أطرافه)، فيما رواه سعيد بن مرجانة، عن أم سلمة، ولم يذكر له حديثًا آخر سوى هذا، وقال:"غريب من حديث نافع، عن سليمان بن يسار عنه، تفرد به موسى بن عقبة عنه بهذا الإسناد، ولم يرو عنه غير إبراهيم بن طهمان".
قلت: وهو خراساني، سكن نيسابور ثم مكة، ثقة يغرب.
وسعيد بن مرجانة: ثقة فاضل، من الثالثة، روى له الشيخان، سمع أبا هريرة وابن عمر [التاريخ الكبير (3/ 490) وغيره].
2 -
ورواه عبد العزيز بن أبي حازم [مدني، صدوق، فقيه]، وأبو قرة موسى بن طارق [يماني، ثقة يغرب]:
كلاهما عن موسى بن عقبة، عن نافع: أن سليمان بن يسار أخبره: عن أم سلمة، أن امرأة كانت تهراق الدماء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستفتت لها أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم: "لتنظر عدة الأيام والليالي التي كانت تحيض قبل أن يكون بها الذي كان، وقدرهن من الشهر، فتترك الصلا لذلك، فإذا خلفت ذلك، فحضرت الصلاة، فلتغتسل ولتصل".
أخرجه إسحاق بن راهويه (4/ 81 - 82/ 1845)، وعنه السراج في مسنده [ذكره ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 299)]، وفي حديثه بانتقاء زاهر الشحامي (437)، والطبراني في الكبير (23/ 385 - 386/ 920).
• وهذا أولى بالصواب، فإنه إسناد مدني، عرف في بلده وخارجها؛ بخلاف الأول فإنه إسناد مدني لم يعرف إلا من رواية الغرباء.
وهذا رواه عن موسى بن عقبة المدني: اثنان من الثقات، أحدهما مدني، وأما الأول فهو غريب، تفرد به إبراهيم بن طهمان، أحد الغرباء، وهو ثقة يغرب.
وهذا لم يختلف في إسناده بخلاف الأول.
• وعليه: فإن المحفوظ في هذا الإسناد:
عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة به.
فيكون موسى بن عقبة في هذا متابعًا لمالك وعبيد الله بن عمر العمري.
فهؤلاء ثلاثة من أئمة الحديث وحفاظه، وفقهاء أهل المدينة: مالك، وعبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة: تتابعوا على رواية هذا الحديث: عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، هكذا بلا واسطة، فكيف يقال بعد ذلك بأن سليمان بن يسار لم يسمعه من أم سلمة؛ لمجرد مخالفة غيرهم لهم، فإن كل من خالفهم في هذا الإسناد فزاد رجلًا مبهمًا فيه بين سليمان وأم سلمة هم جميعًا ممن هم دون مالك وعبيد الله بن عمر في نافع، لا سيما وقد تابعهم أيوب السختياني عن سليمان به بلا واسطة، ومالك، وعبيد الله: أثبت في نافع من كل من رواه عن نافع بالزيادة.
ثم إن هؤلاء الثلاثة الأئمة الفقهاء الثقات المتقنين قد توبعوا أيضًا على ذلك؛ تابعهم:
1 -
جرير بن حازم [بصري، ثقة إلا في قتادة]، قال: سمعت نافعًا، يحدث عن سليمان بن يسار، أن أم سلمة سألت النبي صلى الله عليه وسلم، عن فاطمة ابنة أبي حبيش، وكانت تهراق دمًا؛ فأمرها أن تدع الصلاة، أقراءها وقدرهن من الشهر، ثم تغتسل وتستثفر بثوب، ثم تصلي.
أخرجه الطحاوي في المشكل (1/ 348 / 325). بإسناد صحيح إليه، لكن وهم جرير في تعيين المستحاضة، وفي قوله:"أقراءهما".
2 -
الحجاج بن أرطاة [ضعيف مدلس]، عن نافع، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، أن فاطمة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أرى الدم؛ فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغتسل وتتوضأ لكل صلاة.
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 270 - 271/ 577)، وذكره ابن دقيق العيد في الإمام (3/ 298).
فأصاب الحجاج في إسناده حيث وافق الحفاظ، ووهم في المتن، ويبدو في أنَّه دخل له حديث في حديث، والله أعلم.
هكذا أخرجه الطبراني في الكبير (577) الجزء (23) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني: ثنا أبو خالد الأحمر، عن الحجاج به.
ثم وجدت أبا علي الطوسي قد أخرجه في مستخرجه على الترمذي "مختصر الأحكام"(106)، من طريق يزيد بن هارون، قال: ثنا الحجاج بن أرطاة، عن نافع، عن سليمان بن يسار، أن امرأة أتت أم سلمة تسأل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة؟ قال:"تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغنسل وتتؤضأ وتستثفر لكل صلاة وتصلي إلى مثل ذلك".
فأبهم في هذه الرواية اسم المستحاضة وهو الصواب، فإن يزيد بن هارون: ثقة متقن، وأبا خالد الأحمر، سليمان بن حيان: صدوق يخطئ، والراوي عنه: يحيى بن عبد الحميد الحماني: حافظ إلا أنهم اتهموه بسرقة الحديث.
ووهم في هذه الرواية: الحجاج أيضًا: بذكر "أقرائها"، والوضوء لكل صلاة،
• فهؤلاء خمسة تتابعوا على هذا الإسناد.
وخالفهم فزاد رجلًا مبهمًا في الإسناد بين سليمان بن يسار وبين أم سلمة؛ ممن رواه عن نافع:
1 -
الليث بن سعد [المصري: ثقة ثبت فقيه، إمام مشهور]، تقدم حديثه برقم (275).
2 -
صخر بن جويرية [ثقة]، تقدم حديثه برقم (277).
3 -
جويرية بن أسماء [بصري، صدوق]، عن نافع: أنَّه أخبره سليمان بن يسار: أن رجلًا أخبره، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لتنتظر عدد الأيام النبي كانت تحيضهن قبل أن يكون بها الذي كان، وقدرهن من الأشهر، فتترك الصلاة قدر ذلك، فإذا خلفت ذلك، وحضرت الصلاة فلتغتسل، ولتستثفر بثوب، وتصلي".
أخرجه أبو يعلى (12/ 318 - 319/ 6894)، والبيهقي (1/ 334).
4 -
يحيى بن سعيد الأنصاري المدني [ثقة ثبت]، قال: أخبرني نافع: أن سليمان بن يسار أخبره، عن رجل أخبره، عن أم سلمة، بمثل حديث مالك.
أخرجه الطحاوي في المشكل (1/ 348/ 326 - ترتيبه).
5 -
إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة [مدني، ثقة]، عن نافع، عن سليمان بن يسار: أن رجلًا أخبره، عن أم سلمة، بنحو حديث مالك.
أخرجه البيهقي (1/ 323)، بإسناد صحيح إليه.
وهؤلاء خمسة من الثقات زادوا رجلًا مبهمًا في الإسناد يصعب القول بتخطئتهم، لا سيما وفيهم: الليث بن سعد، ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني القاضي، وكان من جلة أهل المدينة وعلمائها، وهو ثقة ثبت حجة.
وهؤلاء الخمسة وإن كانوا في نافع دون مالك وعبيد الله العمري، وهم جميعًا معدودون في طبقات أصحاب نافع الثقات على اختلاف بين ابن المديني والنسائي في ترتيب طبقتهم [انظر: شرح علل الترمذي (2/ 615)]؛ فإن اجتماعهم يدل على أن هذا الإسناد: محفوظ عن نافع، وأن نافعًا قد حدث به على الوجهين، كما أخذه من سليمان بن يسار.
• وعليه فيقال: إن سليمان بن يسار أخذه أولًا عن رجل عن أم سلمة، ثم لقي أم سلمة بعدُ فأخذه منها مباشرة.
ثم كان بعد ذلك يحدث به على الوجهين، فأخذه نافع منه هكذا على الوجهين؛ وحدث به مرة هكذا ومرة هكذا، والله أعلم.
ومما يؤكد ذلك أن الرجل المبهم زاد في حديثه: "فإذا حضرت الصلاة".
وسليمان بن يسار قد لقي أم سلمة وسمع منها؛ ففي صحيح مسلم (1109/ 80): عن سليمان بن يسار أنَّه سال أم سلمة عن الرجل يصبح جنبًا، أيصوم؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنبًا من غير احتلام، ثم يصوم.
وقال العلائي في جامع التحصيل (263): "سليمان بن يسار: أحد كبار التابعين، سمع من جماعة من الصحابة، منهم: زيد بن ثابت، وعائشة، وأبو هريرة، وميمونة مولاته، وأم سلمة، وابن عباس، والمقداد بن الأسود، ورافع بن خديج، وجابر رضي الله عنهم . . . ".
وقد نوقش في بعض ذلك، لكن لم أر من تعقبه في إثبات سماعه من أم سلمة، وقد قدمنا الدليل على صحته من صحيح مسلم [وانظر: تحفة التحصيل (138)].
• وبناء على هذا: فإن حديث مالك ومن تابعه: حديث صحيح ثابت، والله أعلم.
وقد احتج به جماعة من الأئمة مثل مالك والشافعي وأحمد كما سيأتي بيانه.
***
278 -
. . . أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، بهذه القصة، قال فيه:"تدع الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستثفر [وفي رواية: وتستذفر] بثوب، وتصلي".
قال أبو داود: سمى المرأة التي كانت استحيضت: حماد بن زيد عن أيوب في هذا الحديث، قال: فاطمة بنت أبي حبيش.
• شاذ.
أخرجه أحمد (6/ 322)، والحميدي (1/ 310/ 304)، والطحاوي في المشكل (1/ 347/ 324 - ترتيبه)، والطبراني في الكبير (23/ 270 و 385/ 575 و 919)، والدارقطني (1/ 207 و 208)، والبيهقي (1/ 334) و (7/ 416)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 29 و 30)، وفي الاستذكار (1/ 346).
ولفظ وهيب فيه عن أيوب [عند أحمد وغيره]: أن فاطمة استحيضت، وكانت تغتسل في مركن لها فتخرج وهي عالية الصفرة والكدرة، فاستفتت لها أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"تنتظر أيام قرئها - أو: أيام حيضها - فتاع فيه الصلاة، وتغتسل فيما سوى ذلك، وتستثفر بثوب، وتصلي".
• تنبيهان:
الأول: يفهم من كلام أبي داود أن حماد بن زيد هو المتفرد بتسمية المستحاضة في حديث أيوب، لكن الحقيقة بخلاف ذلك، فإن غالب من روى هذا الحديث عن أيوب سمى المستحاضة: فاطمة بنت أبي حبيش، مثل: سفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد بن زيد، وإسماعيل ابن علية.
الثاني: وقع في بعض المصادر مثل مشكل الآثار، وبعض مطبوعات المسند لأحمد، وأطراف المسند (9/ 395/ 12557)، وتحفة الأشراف (9/ 13)، وبعض مخطوطات إتحاف المهرة (18/ 115): إدخال "نافع" بين أيوب وسليمان، وهو وهم نبَّه عليه الحافظ ابن حجر في النكت الظراف.
وقد صرح الأئمة بأن هذا الحديث يرويه أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، مثل: ابن الجارود [وتقدم نقل كلامه تحت الحديث رقم (277)]، والبيهقي حيث قال في السنن (1/ 334):"ورواه أيوب السختياني، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة، إلا أنَّه سمى المستحاضة في الحديث؛ فقال: فاطمة بنت أبي حبيش".
• وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على أيوب:
1 -
فرواه سفيان بن عيينة، ووهيب بن خالد، وعبد الوارث بن سعيد:
ثلاثتهم [وهم ثقات أثبات، من أثبت أصحاب أيوب]: رووه عن أيوب، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة به، كما تقدم.
2 -
ورواه حماد بن زيد [ثقة ثبت، وهو عند ابن معين، وسليمان بن حرب، والنسائي، وابن عدي وغيرهم: أثبت أصحاب أيوب على الإطلاق]، قال: نا أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، حتَّى كان المركن ينقل من تحتها وأعلاه الدم، قال: فأمرت أم سلمة تسأل لها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتستذفر بثوب، وتصلي".
أخرجه الدارقطني (1/ 208)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 29).
3 -
ورواه إسماعيل ابن علية [ثقة ثبت؛ وهو عند البرديجي، وشعيب بن حرب، وعيسى بن يونس: أثبت أصحاب أيوب على الإطلاق]، عن أيوب، عن سليمان بن يسار: أن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم - أو قال: سئل لها النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها، وأن تغتسل فيما سوى ذلك، وتستذفر بثوب، وتصلي.
فقيل لسليمان: أيغشاها زوجها؟ فقال: إنما نقول فيما سمعنا.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 118/ 1348)، والدارقطني (1/ 208)، والبيهقي (7/ 416).
وهذا مرسل.
والموصول: صحيح؛ فإنه رواته أكثر، ولا أرى أن رواية حماد تخالف روايتهم، بل هي في حكم الموصول وأن سليمان أخذه من أم سلمة لا من فاطمة، والله أعلم.
لكن يبقى إشكال في رواية أيوب هذه، وهي أن حديث أم سلمة إنما هو في المعتادة لا في المميزة؛ بخلاف حديث عائشة الآتي قريبًا في قصة فاطمة بنت أبي حبيش فإنه في المميزة، ورواية أيوب عينت المستحاضة وأنها فاطمة فكيف يجمع بينهما؟
قال البيهقي في السنن: "وحديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، في شأن فاطمة بنت أبي حبيش أصح من هذا، وفيه دلالة على أن المرأة التي استفتت لها أم سلمة غيرها، ويحتمل إن كانت تسميتها صحيحة في حديث أم سلمة: أن كانت لها حالتان في مدة استحاضتها: حالة تميز فيها بين الدمين، فأفتاها بترك الصلاة عند إقبال الحيض، وبالصلاة عند إدباره، وحالة لا تميز فيها بين الدمين فأمرها بالرجوع إلى الصلاة، ويحتمل غير ذلك، والله أعلم".
• قلت: المعتمد في حديث أم سلمة: رواية مالك، وعبيد الله بن عمر، وموسى بن عقبة المدنيين، عن نافع المدني، عن سليمان بن يسار المدني، عن أم سلمة: بإبهام المستحاضة، وهو في المستحاضة المعتادة التي لها عادة معروفة في الشهر.
وأما فاطمة بنت أبي حبيش فالصحيح أنها كانت مميزة لدم الحيض من دم الاستحاضة، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
• ولحديث سليمان بن يسار، عن أم سلمة، طريق آخر لكن لا يصح، ولا يصلح في المتابعات:
رواه أبو مريم، عن قتادة، عن سليمان بن يسار، عن أم سلمة به.
أخرجه الطبراني في الكبير (23/ 270/ 576).
وهذا باطل من حديث قتادة، تفرد به عنه أبو مريم وهو عبد الغفار بن القاسم: متروك، كذبه سماك وأبو داود، وقال ابن المديني وأبو داود:"كان يضع الحديث"[اللسان (4/ 50)].
• وله طريق آخر عن أم سلمة:
يرويه عبد الله بن عمر، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، قالت: جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني أستحاض؟ فقال: "ليس ذلك بالحيض، إنما هو عرق، لتقعد أيام أقرائها، ثم لتغتسل، ثم لتستثفر بثوب، ولتصل".
أخرجه الحاكم (4/ 56)، وأحمد (6/ 304)، والطبراني في الكبير (23/ 265/ 559)، والبيهقي (1/ 335).
وهذا إسناد مدني ضعيف؛ لأجل عبد الله بن عمر العمري فإنه ضعيف؛ وهو صالح في المتابعات.
***
279 -
. . . الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، عن عراك، عن عروة، عن عائشة، أنها قالت: إن أم حبيبة سألت صلى الله عليه وسلم عن الدم؟ فقالت عائشة: رأيت مِرْكَنها ملآنَ دمًا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اُمْكُثي قدرَ ما كانت تحبسُك حيضتك، ثم اغتسلي".
قال أبو داود: رواه قتيبة بين أضعاف حديث جعفر بن ربيعة، في آخرها، ورواه علي بن عياش، ويونس بن محمد، عن الليث فقالا: جعفر بن ربيعة.
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (334/ 65)، وأبو عوانة (1/ 269/ 937)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 382/ 753)، والنسائي (1/ 119/ 182/ 207 و 352)، وأحمد (6/ 222)، وابن حزم في المحلى (2/ 197 و 209)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 330 و 331)، وفي المعرفة (1/ 476/ 372)، وابن عبد البر في التمهيد (6/ 34)، وابن دقيق العيد في الإمام (3/ 302).
زاد مسلم وأحمد في آخره: "وصلي".
قال النسائي: "أخبرنا به قتيبة مرة أخرى، ولم يذكر فيه جعفر بن ربيعة"[(207 م و 353)].
قلت: ذِكر جعفر بن ربيعة في هذا الإسناد: محفوظ؛ فقد رواه عن الليث هكذا بالإسناد المتقدم: محمد بن رمح، ويحيى بن بكير، ويونس بن محمد، وشعيب بن الليث، وحجاج بن محمد المصيصي، وعيسى بن حماد (6): وهم ثقات، ولم يختلف عليهم.
ولعله لأجل ذلك، ولكون جعفر بن ربيعة لم ينسب في هذه الرواية: قال أبو داود بعد هذا الحديث: "رواه قتيبة بين أضعاف حديث جعفر بن ربيعة، في آخرها.
ورواه علي بن عياش، ويونس بن محمد، عن الليث فقالا: جعفر بن ربيعة".
• وقد تابع يزيد بن أبي حبيب عليه:
بكر بن مضر، قال: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عراك بن مالك، عن عروة بن الزبير، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن أم حبيبة بنت جحش التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف شكت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الدم، فقال لها:"امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي".
فكانت تغتسل عند كل صلاة.
أخرجه مسلم (334/ 66)، وأبو عوانة (1/ 269 و 270/ 938 و 939)، وأبو نعيم في المستخرج (1/ 382/ 754 و 755)، وابن الجارود (114)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (436)، وتمام في الفوائد (763)، والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 330 و 350)، وفي الخلافيات (3/ 314/ 1011)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (70/ 55).
قال البيهقي في الخلافيات (3/ 323): "وهذان الخبران وردا في المعتادة التي لا تمييز لها، والله أعلم".
يعني: حديث أم سلمة وعائشة.
***
280 -
. . . الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن بكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزبير: أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته: أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما ذلكِ عرق، فانظري إذا أتى قُرؤك فلا تصلي، فإذا مرَّ قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القُرء إلى القُرء".
• حديث منكر.
أخرجه النسائي (1/ 121 و 183 - 184/ 211 و 358) و (6/ 211/ 3553)، وابن ماجة (620)، وأحمد (6/ 420 و 463 - 464)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 250/ 3482)، والطحاوي في المشكل (1/ 359/ 337 - ترتيبه)، وفي أحكام القرآن (1929 و 1930)، وابن حزم (2/ 163)، والبيهقي (1/ 331 - 332)، وابن عبد البر (5/ 444) و (6/ 34).
وانظر فيمن وهم فيه على الليث: علل الدارقطني (14/ 143/ 3484).
قال النسائي: "وقد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن عروة، ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر".
وقال البيهقي: "وفي هذا ما دل على أنَّه لم يحفظه، وهو سماع عروة من فاطمة بنت أبي حبيش؛ فقد بيَّن هشام بن عروة أن أباه إنما سمع قصة فاطمة بنت أبي حبيش من عائشة، وروايته في الإسناد والمتن جميعًا أصح من رواية المنذر بن المغيرة".
وقال ابن عبد البر (5/ 448): "
…
هذا الحديث قد ضعفه أهل العلم؛ لأنَّه يروى عن عائشة، وعائشة لم يختلف عنها في أن الأقراء الأطهار
…
، وأما حديث فاطمة ابنة أبي حبيش: فلم يذكر فيه هشام بن عروة - من رواية مالك وغيره - القرء، إنما قال فيه:"إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة"، لم يقل:"إذا أتاك قرؤك"، وهشام أحفظ من الَّذي خالفه في ذلك".
وفي كلام الأئمة كفاية، وهو ظاهر واضح، وحديث هشام بن عروة سيأتي برقم (282) فلينظر في موضعه.
ومنذر بن المغيرة: ذكره ابن حبان في الثقات (7/ 480)، ولم يرو عنه سوى بكير بن عبد الله بن الأشج، فهو مجهول لا يعرف؛ لذا لما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه قال:"هو مجهول؛ ليس هو بمشهور"[الجرح والتعديل (8/ 242)][انظر: التهذيب (4/ 155)، الميزان (4/ 182)، المغني (2/ 677)، وقال: "لا يعرف". بيان الوهم والإيهام (2/ 458)، الإصابة (4/ 381)].
وفي مخالفته لهشام بن عروة ما يدل على سوء حفظه أيضًا.
ولابن حزم وابن القيم في هذا الحديث كلام غير مقبول، فليراجع في موضعه، وكلام ابن القطان الفاسي أصوب من كلامهما، وانظر ما كتبه الألباني في ذلك في: صحيح أبي داود (2/ 40).
***
281 -
قال أبو داود: حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا جرير، عن سهيل -يعني: ابن أبي صالح-، عن الزهري، عن عروة بن الزبير: حدثتني فاطمة بنت أبي حبيش: أنها أمرت أسماء - أو: أسماء حدثتني أنها أمرتها فاطمة بنت أبي حبيش -: أن تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، ثم تغتسل.
• حديث شاذ.
ومن طريق أبي داود: أخرجه البيهقي (1/ 331).
ثم قال: "هكذا رواه جرير بن عبد الحميد، عن سهيل، ورواه خالد بن عبد الله، عن سهيل، عن الزهري، عن عروة، عن أسماء، في شأن فاطمة بنت أبي حبيش، فذكر قصة في كيفية غسلها إذا رأت الصفارة فوق الماء.
ورواه محمد بن عمرو بن علقمة، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة، فذكر استحاضتها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها بالإمساك عن الصلاة إذا رأت الدم الأسود.
وفيه وفي رواية هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، دلالة على أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تميز بين الدمين.
ورواية سهيل فيه انظر، وفي إسناد حديثه، ثم في الرواية الثانية عنه دلالة على أنَّه لم يحفظها كما ينبغي".
قلت: أما رواية محمد بن عمرو فسيأتي الكلام عليها في موضعه عند الحديث رقم (286).
• وأما رواية سهيل بن أبي صالح؛ فقد اختلف عليه:
1 -
فرواه جرير بن عبد الحميد [ثقة، صحيح الكتاب]، عن سهيل به. هكذا على الشك.
2 -
ورواه خالد بن عبد الله الواسطي [ثقة ثبت]، عن سهيل بن أبي صالح، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تصل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله! إن هذا من الشيطان، لتجلس في مركن فإذا رأت صفرة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا [واحدًا]، وتتوضأ فيما بين ذلك".
أخرجه أبو داود (296)، والحاكم (1/ 174)، والطحاوي في المشكل (1/ 354/ 331 - ترتيبه)، وفي شرح المعاني (1/ 100)، والطبراني في الكبير (24/ 139/ 370)، والدارقطني (1/ 215 - 216)، وابن حزم (2/ 212 - 213)، والبيهقي (1/ 353 - 354)، وابن بشكوال (2/ 648).
3 -
ورواه علي بن عاصم [صدوق يخطئ]، عن سهيل بن أبي صالح: أخبرني الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله! فاطمة بنت أبي حبيش لم تصل منذ كذا وكذا؟ قال: "سبحان الله! إنما ذلك عرق، - فذكر كلمة بعدها - أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي، وتؤخر في الظهر وتعجل في العصر، وتغتسل لهما غسلًا واحدا، وتؤخر من المغرب، وتعجل من العشاء، وتغتسل لهما غسلًا، وتصلي".
أخرجه الحاكم (1/ 174)، ولم يذكر لفظه، والدارقطني (1/ 216).
4 -
ورواه بكير بن جعفر الجرجاني، عن عمران بن عبيد الضبي، عن سهيل بن أبي صالح، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة، عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله - صلى الله عليك - إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت هكذا هكذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هذا عرق، تنتظر أيامها التي كانت تعتد فتدعها، ثم تغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وللمغرب والعشاء واحدًا، وللفجر غسلًا واحدًا".
أخرجه ابن عدي في كامله (2/ 41).
وقال: "إنما يرويه عن سهيل: جرير بن عبد الحميد، وبه يعرف".
قلت: عمران بن عبيد الضبي الجرجاني: له ترجمة في تاريخ جرجان (321)، ولم أر فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وبكير بن جعفر الجرجاني: شيخ صالح، حدث بمناكير عن المعروفين [الكامل (2/ 40)، تاريخ جرجان (169)، الميزان (1/ 349)، اللسان (2/ 275)].
• وعلى هذا فالمحفوظ عن سهيل: عن الزهري، عن عروة، عن أسماء بنت عميس.
قال ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (2/ 459) عن حديث جرير بن عبد الحميد:
"فإنه مشكوك في سماعه إياه: من فاطمة أو من أسماء، وفي متن الحديث ما أنكر على سهيل، وعُدَّ مما ساء فيه حفظه، وظهر أثر تغيره عليه، وكان قد تغير، وذلك أنَّه أحال فيه على الأيام، وذلك أنَّه قال: فأمرها أن تقعد الأيام التي كانت تقعد، والمعروف في قصة فاطمة الإحالة على الدم والقرء، وعن عروة فيه رواية أخرى لم يشك فيها أن التي حدثته هي أسماء، رواها عن سهيل: علي بن عاصم؛ ذكرها الدارقطني
…
وذكر أيضًا
…
" ثم ساق رواية خالد الطحان عن سهيل.
وقال البيهقي: "هكذا رواه سهيل بن أبي صالح عن الزهري عن عروة، واختلف فيه عليه، والمشهور: رواية الجمهور: عن الزهري، عن عروة، عن عائشة في شأن أم حبيبة بنت جحش
…
".
• قلت: أخطأ سهيل في هذا الحديث على الزهري في سنده ومتنه وفي اسم المستحاضة: فإن سهيلًا وإن احتج به مسلم، فليس بذاك الحافظ المتقن الَّذي يعتمد على حفظه، فقد كان من يخطئ ويهم، وساء حفظه في آخر عمره، ولما انتقل إلى العراق نسي الكثير من حديثه، وهذا الحديث رواه عنه العراقيون: جرير، وخالد الطحان، وعلي بن عاصم.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإن سهيلًا ليس من أصحاب الزهري المكثرين عنه، بل هو قليل الحديث جدًّا عن الزهري.
وأما أصحاب الزهري المكثرين عنه: إبراهيم بن سعد، وسفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، والليث بن سعد، وعمرو بن الحارث، والأوزاعي، وابن إسحاق، وابن أبي ذئب، وصالح بن أبي الأخضر:
فهؤلاء تسعة منهم، وفيهم من أثبت أصحابه، وممن طالت صحبتهم له من الطبقة الأولى: ابن عيينة، ويونس:
رووه جميعًا عن الزهري، عن عروة وعمرة - أو: عن أحدهما -، عن عائشة: أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن هذه ليست بالحيضة؛ ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلي".
قالت عائشة: فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش، حتَّى تعلو حمرة الدم الماء. وهذا لفظ بعضهم.
أخرجه البخاري (327)، ومسلم (334) واللفظ له، ويأتي تخريجه قريبًا، والكلام على ألفاظه برقم (285 و 288 و 289 و 290 و 291 و 292).
فرواية هؤلاء أولى بالصواب من رواية سهيل، وتدل على عدم حفظه للحديث، والله أعلم.
• والمحفوظ في قصة فاطمة بنت أبي حبيش هو ما رواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، ويأتي برقم (282).
***
قال أبو داود: ورواه قتادة، عن عروة بن الزبير، عن زينب بنت أم سلمة: أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتصلي.
قال أبو داود: لم يسمع قتادة من عروة شيئًا.
• حديث ضعيف.
لم أقف على من وصل هذه الرواية، ويأتي الكلام على رواية زينب بنت أبي سلمة في هذا الباب عند الحديث رقم (293).
وقد نفى سماع قتادة من عروة بن الزبير أيضًا: الإمام أحمد والبرديجي [تحفة التحصيل (263 و 265)، جامع التحصيل (255)، المراسيل (632)].
وقد نقل البيهقي كلام أبي داود في سننه الكبرى (1/ 332)، ثم قال:"رواية عراك بن مالك، عن عروة، عن عائثة، في شان أم حبيبة: أصح من هذه الرواية".
وما قاله حق، ونص المرفوع فيه:"امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك، ثم اغتسلي" وقد تقدم برقم (279).
***
قال أبو داود: وزاد ابن عيينة في حديث الزهري، عن عمرة، عن عائشة: أن أم حبيبة كانت تستحاض فسألت النبي صلى الله عليه وسلم؛ فأمرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها.
قال أبو داود: وهذا وهم من ابن عيينة، ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري؛ إلا ما ذكر سهيل بن أبي صالح، وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة، لم يذكر فيه:"تدع الصلاة أيام أقرائها".
يأتي الكلام على طرق هذا الحديث وألفاظه في موضعه إن شاء الله تعالى برقم (285) وما بعده.
***
قال أبو داود: وروت قَمير بنت عمرو - زوج مسروق -، عن عائشة: المستحاضة تترك الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل.
وقال عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تترك الصلاة قدر أقرائها.
وروى أبو بشر جعفر بن أبي وحشية، عن عكرمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن أم حبيبة بنت جحش استحيضت
…
، فذكر مثله.
روى شريك، عن أبي اليقظان، عن عدي بن ثابت، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل وتصلي".
وروى العلاء بن المسيَّب، عن الحكم، عن أبي جعفر: أن سَودة استُحيضت، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم إذا مضت أيامها اغتسلت وصلت.
أما رواية قَمير فسيأتي تخريجها والكلام عليها برقم (300).
ورواية القاسم يأتي تخريجها مفصلة برقم (294 و 295).
ورواية أبي بشر يأتي تخريجها برقم (305).
ورواية شريك تأتي موصولة برقم (297)، وانظر تخريجه هناك.
وأما رواية العلاء بن المسيب: فقد قال أبو داود بعد الحديث رقم (304): "وروي عن العلاء بن المسيب وشعبة، عن الحكم، عن أبي جعفر، قال العلاء: عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأوقفه شعبة على أبي جعفر: توضأ لكل صلاة".
قلت: رواه حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، واختلف عليه:
1 -
فرواه الحسن بن عيسى الحربي - وفي نسخة: الجرمي -: ثنا حفص بن غياث، عن العلاء بن المسيب، عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفر، عن سودة بنت زمعة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها التي كانت تجلس فيها، ثم تغتسل غسلًا واحدًا، ثم توضأ لكل الصلاة".
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 79/ 9184)، والتصحيح من نصب الراية (1/ 202).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الحكم إلا العلاء بن المسيب، ولا عن العلاء إلا حفص بن غياث، تفرد به الحسن بن عيسى".
قلت: إن كان الحسن بن عيسى الحربي أو الجرمي هذا هو: الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابوري، وكان نصرانيًا فأسلم، إن كان هو، فهو ثقة، وإلا فلا أدري! وتابعه العطاردي [وهو: ضعيف] عند ابن خزيمة، ذكره البيهقي (1/ 335).
2 -
وخالفه الإمام الثقة الحافظ المصنف أبو بكر بن أبي شيبة، فقال: حدثنا حفص بن غياث: عن العلاء بن المسيب، عن الحكم، عن أبي جعفر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة إذا مضت أيام أقرائها أن تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي. مرسل.
رواه ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 118/ 1349).
قلت: وهو الصواب عن حفص بن غياث: مرسل.
وذكر أبو داود أن شعبة أوقفه على أبي جعفر، يعني: أن شعبة رواه عن الحكم بن عتيبة، عن أبي جعفر: موقوفًا عليه.
ولم أقف على هذه الرواية موصولة عن شعبة، ولا شك أن القول قول شعبة، فهو أثبت وأتقن وأضبط من مائة مثل العلاء بن المسيب - وإن كان ثقة -.
• ويؤيد صحة ما رواه شعبة:
1 -
ما رواه الدارمي في مسنده (1/ 223/ 791)، قال: أخبرنا موسى بن خالد، عن معتمر، عن إسماعيل، عن رجل من حيه، عن أبي جعفر، مثل ما قالت عائشة.
يعني: ما أسنده قبل (790) إلى قمير، عن عائشة، قالت: سألتها عن المستحاضة؟ قالت: تنتظر أقراءها التي كانت تترك فيها الصلاة قبل ذلك، فإذا كان يوم طهرها الَّذي كانت تطهر فيه اغتسلت، ثم توضأت عند كل صلاة وصلت.
وإسناد الدارمي: إسناد حسن؛ رجاله رجال مسلم، معتمر: هو ابن سليمان التيمي، وإسماعيل: هو ابن أبي خالد، والرجل الَّذي هو من حي إسماعيل: هو الحكم بن عتيبة؛ فإنهما كوفيان؛ متعاصران، أو يكون هو عبد الملك بن عبد الله بن جابر المذكور في الإسناد التالي.
2 -
قال ابن أبي شيبة في المصنف (1/ 120 / 1366): حدثنا ابن نمير، قال: حدثني إسماعيل، عن عبد الملك بن عبد الله: أنَّه سمع أبا جعفر يقول في المستحاضة: إنما هي ركضة من الشيطان، فإن غلبها الدم استثفرت، وتغتسل بعد قرئها، وتوضأ، كما قالت عائشة.
إسماعيل: هو ابن أبي خالد، وعبد الملك بن عبد الله بن جابر: ذكره البخاري في التاريخ الكبير (5/ 420 - 421)، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 354)، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وذكره ابن حبان في الثقات (7/ 103)، ولم يذكروا له راويًا سوى ابن أبي خالد، وقد توبع كما ترى.
وأبو جعفر: هو الباقر، محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وهو: ثقة فاضل [انظر: الثقات (7/ 103)، الفتح (1/ 411 - 412). وانظر: سنن البيهقي (1/ 335)].
فهو إسناد حسن أيضًا، فإن إسماعيل بن أبي خالد: كان لا يروي إلا عن ثقة، قاله العجلي [التهذيب (1/ 148)].
• والحاصل: أن المحفوظ إنما هو عن أبي جعفر الباقر من قوله: مقطوع عليه بإسناد صحيح، ولا يصح مسندًا موصولًا ولا مرسلًا؛ فكلاهما شاذ.
ثم وجدت في سنن الدارمي (1/ 798/ 224)، قال: أخبرنا محمد بن يوسف: أنا إسرائيل: ثنا أبو إسحاق، عن محمد بن أبي جعفر، أنَّه قال في المستحاضة: تدع الصلاة أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتحتشي كرسفًا، وتوضأ لكل صلاة.
والظاهر أن محمد بن أبي جعفر هذا هو محمد أبو جعفر، فإن أبا إسحاق السبيعي يروي عنه [روايته عنه في صحيح البخاري، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني (2/ 446)].
وقال الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى - في صحيح سنن أبي داود (2/ 111) بأنه خطأ مطبعي، وعلى هذا تكون الرواية: أبو إسحاق عن محمد أبي جعفر".
وهذا إسناد صحيح، رجاله رجال الشيخين.
وهو يؤيد ما ذكرنا من أن الصحيح: مقطوع على أبي جعفر الباقر من قوله، والله أعلم.
***
قال أبو داود: وروى سعيد بن جبير، عن علي، وابن عباس: المستحاضة تجلس أيام قرئها.
وكذلك رواه عمار مولى بني هاشم، وطلق بن حبيب، عن ابن عباس.
وكذلك رواه معقل الخثعمي، عن علي رضي الله عنه.
وكذلك روى الشعبي، عن قَمير امرأة مسروق، عن عائشة رضي الله عنها.
قال أبو داود: وهو قول الحسن، وسعيد بن المسيب، وعطاء، ومكحول، وإبراهيم، وسالم، والقاسم: أن المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها.
قلت: أما رواية سعيد بن جبير فسيأتي تخريجها بطرقها وألفاظها تحت الأثر الآتي برقم (302).
وكذا أثر ابن عباس.
وأما أثر علي فسيأتي موصولًا برقم (302).
وأثر عائشة سيأتي تخريجه عند الحديث رقم (300).
وأما آثار التابعين، فهذا تفصيلها:
1 -
أثر الحسن: وصله الدارمي (1/ 223 و 227/ 794 و 812 و 813).
2 -
وأثر عطاء: وصله الدارمي (813).
3 -
وأثر إبراهيم النخعي: وصله الدارمي (1/ 225/ 803)، وعبد الرزاق (1/ 305/ 1172)، وابن أبي شيبة (1/ 119/ 1356)، وأبو يوسف في الآثار (175).
4 -
وأثر القاسم: سيأتي موصولًا برقم (303).
وكذلك أثر سالم بن عبد الله.
***