المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌111 - باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٣

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌النوم مظنة للحدث

- ‌80 - باب في الرجل يطأ الأذى برجله

- ‌81 - باب من يحدث في الصلاة

- ‌82 - باب في المذي

- ‌83 - باب في الإكسال

- ‌84 - باب في الجنب يعود

- ‌85 - باب الوضوء لمن أراد أن يعود

- ‌86 - باب في الجنب ينام

- ‌87 - باب الجنب يأكل

- ‌88 - باب من قال: يتوضأ الجنب

- ‌89 - باب في الجنب يؤخِّر الغسل

- ‌90 - باب في الجنب يقرأ القرآن

- ‌قراءة الجنب والحائض للقرآن

- ‌91 - باب في الجنب يصافح

- ‌92 - باب في الجنب يدخل المسجد

- ‌لبث الحائض في المسجد

- ‌93 - باب في الجنب يصلي بالقوم وهو ناسٍ

- ‌94 - باب في الرجل يجد البِلَّة في منامه

- ‌95 - باب في المرأة ترى ما يرى الرجل

- ‌ 990).***96 -باب في مقدار الماء الذي يجزئ في الغسل

- ‌97 - باب في الغسل من الجنابة

- ‌98 - باب في الوضوء بعد الغسل

- ‌99 - باب في المرأة هل تنقض شعرها عند الغسل

- ‌100 - باب في الجنب يغسل رأسه بخطمي أيجزئه ذلك

- ‌(1/ 446).***101 -باب فيما يفيض بين الرجل والمرأة من الماء

- ‌(1/ 274).***102 -باب في مؤاكلة الحائض ومجامعتها

- ‌103 - باب في الحائض تُناوِل من المسجد

- ‌(1/ 419).***104 -باب في الحائض لا تقضي الصلاة

- ‌105 - باب في إتيان الحائض

- ‌106 - باب في الرجل يصيب منها ما دون الجماع

- ‌107 - باب في المرأة تستحاض ومن قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض

- ‌108 - باب من روى أن الحيضة إذا أدبرت لا تدع الصلاة

- ‌(14/ 137 - 143/ 3484).***109 -باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة

- ‌110 - باب من روى أن المستحاضة تغتسل لكل صلاة

- ‌111 - باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلًا

- ‌(1/ 241/ 906).***112 -باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر

الفصل: ‌111 - باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلا

قال أبو داود: وفي حديث ابن عقيل الأمران جميعًا، قال:"إن قويت فاغتسلي لكل صلاة، وإلا فاجمعي"، كما قال القاسم في حديثه.

وقد روي هذا القول عن سعيد بن جبير، عن علي وابن عباس - رضي الله عنهمم -.

قلت: حديث القاسم يأتي بعد هذا.

وأما حديث ابن عقيل فليس فيه الأمر بالاغتسال لكل صلاة، وإنما أمرها أن تتحيض ستًّا أو سبعًا، ثم تغتسل بعد ذلك، وتصلي ثلائًا وعشرين أو أربعًا وعشرين، كما تحيض النساء وكما يطهرن لميقات حيضهن وطهرهن، فليس فيه إلا الاغتسال مرة واحدة عند انقضاء المدة المقدرة للحيض فقط، والله أعلم.

وأما أثر علي وابن عباس: فسيأتي الكلام عليه عند الحديث رقم (302).

***

‌111 - باب من قال: تجمع بين الصلاتين وتغتسل لهما غسلًا

294 -

. . . شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: استحيضت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُمرت أن تعجل العصر وتؤخر الظهر، وتغتسل لهما غسلًا، وأن تؤخِّر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل لهما غسلًا، وتغتسل لصلاة الصبح غسلًا.

فقلت لعبد الرحمن: عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء.

• حديث مضطرب.

أخرجه النسائي (1/ 122 و 184/ 213 و 360)، والدارمي (1/ 220/ 777)، وأحمد (6/ 172)، وإسحاق (2/ 408/ 964)، والطيالسي (3/ 41 - 42/ 1522)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (435)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 150)، وابن حزم في الإحكام (2/ 203)، والبيهقي (1/ 352)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 424/ 329)، والخطيب في المبهمات (126)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 647).

هكذا رواه أصحاب شعبة، منهم: معاذ بن معاذ العنبري، وغندر محمد بن جعفر، والنضر بن شميل، وأبو النضر هاشم بن القاسم، ووهب بن جرير، وحجاج بن محمد الأعور، وبشر بن عمر الزهراني، وأبو داود الطيالسي، وعمرو بن مرزوق، وقراد أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان، وعاصم بن علي (11).

وذكر جماعة منهم: معاذ العنبري، وأبو داود الطيالسي، وأبو النضر، وغيرهم: امتناع عبد الرحمن بن القاسم من رفع الحديث.

ص: 360

• واختلف فيه على عاصم بن علي:

فرواه عمر بن حفص [يظهر لي أنَّه: ابن صبيح الشيباني: وهو صدوق]، عن عاصم بن علي: ثنا شعبة به، هكذا كالجماعة [عند البيهقي]، وهو: الصواب.

وخالفه: الحسن بن سهل بن عبد العزيز المجوز [قال الدارقطني: "لا بأس به"، وقال ابن حبان في الثقات: "ربما أخطأ"، وذكره الحاكم في المعرفة في "النوع الحادي والخمسين" في معرفة جماعة من الرواة لم يحتج بحديثهم، يعني: في الصحيح ولم يسقطوا. سؤالات الحاكم (83)، الثقات (8/ 181)، المعرفة (309)]، قال: ثنا عاصم: ثنا شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم . . . وساق الحديث.

أخرجه البيهقي (1/ 352).

وقال: "وهكذا رواه أبو بكر بن إسحاق الفقيه عن الحسن بن سهل بن عبد العزيز، وهو غلط من جهة الحسن".

قال البيهقي: "ورواه محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الرحمن، فخالف شعبة في رفعه وسمى المستحاضة".

***

259 -

. . . محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة: أن سهلة بنت سهيل استحيضت، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك، أمرها أن تجمع بين الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، وتغتسل للصبح.

• حديث مضطرب.

أخرجه الدارمي (1/ 220 و 222/ 776 و 785)، وأحمد (6/ 119 و 139)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 101)، والطبراني في الأوسط (4/ 279/ 4197)، وفي الصغير (1/ 294/ 486)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3346/ 7662)، والبيهقي (1/ 352 - 353)، والخطيب في المبهمات (127)، والبغوي في شرح السُّنَّة (1/ 328/ 424)، وابن بشكوال في الغوامض (2/ 648).

قال الدارمي: "الناس يقولون: سهلة بنت سهيل، قال يزيد بن هارون: سهيلة بن سهل"، يعني: أخطأ في ذلك.

قال ابن حجر في التلخيص (1/ 302): "وقد قيل: إن ابن إسحاق وهم فيه".

وقال أبو بكر بن إسحاق: "قال بعض مشائخنا: لم يسند هذا الخبر غير محمد بن

ص: 361

إسحاق، وشعبة لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وأنكر أن يكون الخبر مرفوعًا، وأخطأ أيضًا في تسمية المستحاضة"، كذا ذكره البيهقي.

وتعقبه ابن التركماني في الجوهر النقي فقال: "امتنع عبد الرحمن من إسناد الأمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحًا، ولا شك أنَّه إذا سمع "فأمرت" ليس له أن يقول: "فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم"؛ لأنَّ اللفظ الأول مسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم بطريق اجتهادي لا بالصريح، فليس له أن ينقله إلى ما هو صريح، ولا يلزم من امتناعه من صريح النسبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكون مرفوعًا بلفظ "أمرت" على ما عرف من ترجيح أهل الحديث والأصول في هذه الصيغة أنها مرفوعة، فتأمله؛ فقد يتوهم من لا خبرة له من كلام البيهقي وغيره أنَّه من الموقوف الَّذي لا تقوم به الحجة، وبهذا يعلم أن ابن إسحاق لم يخالف شعبة في رفعه؛ بل رفعه ابن إسحاق صريحًا، ورفعه شعبة دلالة، ورفعه هو أيضًا صريحًا في رواية الحسن بن سهل عن عاصم عنه، وقد تقدم أن البيهقي قال بعد ذكر رواية عاصم: وهكذا رواه جماعة عن شعبة".

قلت: قوله: "وهكذا رواه جماعة عن شعبة"، يعني: قالوا في روايتهم: "فأمرت"، ولم يقولوا:"فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم".

ورواية ابن إسحاق وهم بلا شك، وهو مشهور بالتدليس ولم يصرح بالسماع، وقد وهم في:

1 -

تسمية المستحاضة: سهلة بنت سهيل.

2 -

وفي قوله: فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها.

3 -

وفي قوله: فأمرها أن تغتسل عند كل صلاة، فلما جهدها ذلك، أمرها.

فإذا تبين ذلك فلا ينبغي إذًا أن يعول على رواية ابن إسحاق هذه في الاستدلال بها على النسخ، كما ذهب إليه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 101)، وحكاه عن قوم لم يعينهم، واعتبر حديث ابن إسحاق هذا ناسخًا لأحاديث الأمر بالغسل عند كل صلاة، حيث نقلت المستحاضة إلى الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، كما في هذا الحديث وغيره.

• والحق أنَّه لا يصح حديث في أمر المستحاضة بالغسل عند كل صلاة ولا في أمرها بالجمع بين الصلاتين بغسل.

قال ابن عبد البر في التمهيد (6/ 50): "وأما الأحاديث المرفوعة في إيجاب الغسل لكل صلاة، وفي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، والوضوء لكل صلاة على المستحاضة، فكلها مضطربة لا تجب بمثلها حجة".

وقد تقدم كان شذوذ هذه الروايات المشتملة على هذه الألفاظ من الأمر بالغسل لكل صلاة، والجمع بين الصلاتين بغسل واحد، والأمر بالوضوء لكل صلاة، وسيأتي فيما بقي من الروايات مزيد بيان.

***

ص: 362

قال أبو داود: ورواه ابن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن امرأة استحيضت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها بمعناه.

• حديث مضطرب.

وقال البيهقي: "قال أبو بكر [يعني: ابن إسحاق الفقيه]: وقد اختلف الرواة في إسناد هذا الخبر، قال الشيخ رحمه الله تعالى: فرواه شعبة، ومحمد بن إسحاق كما مضى، ورواه ابن عيينة فأرسله إلا أنَّه وافق محمدًا في رفعه".

• قلت: قد اختلف في هذا الحديث على عبد الرحمن بن القاسم:

1 -

فرواه شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن امرأة استحيضت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُمرت أن تؤخر الظهر

الحديث وتقدم.

2 -

ورواه ابن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة: أن سهلة بنت سهيل أتت النبي صلى الله عليه وسلم . . . الحديث.

وتقدم كان شذوذ روايته وما فيها من زيادات.

3 -

ورواه سفيان بن عيينة، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه: أن امرأة استحيضت فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تجمع الظهر والعصر بغسل واحد، والمغرب والعشاء بغسل واحد، وتغتسل للصبح غسلًا، وتدع الصلاة قدر أقرائها وحيضها. مرسل.

أخرجه عبد الرزاق (1/ 308/ 1176)، والطحاوي (1/ 100)، والبيهقي (1/ 353)، والخطيب في المبهمات (126).

هكذا أرسله سفيان بن عيينة، ولم يذكر اسم المستحاضة وصرح برفعه.

4 -

ورواه سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه القاسم بن محمد، عن زينب بنت جحش قالت: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إنها مستحاضة [وفي رواية: قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمنة فقالت: إنها مستحاضة. وفي رواية أخرى: قالت: سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إنها مستحاضة]؟ فقال: "تجلس أيام أقرائها، ثم تغتسل، وتؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل وتصلي، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل وتصليهما جميعًا، وتغتسل للفجر".

أخرجه النسائي (1/ 184 - 185/ 361)، والطحاوي (1/ 100)، والطبراني في الكبير (24/ 56/ 145)، والبيهقي (1/ 353).

خالف الثوري: شعبة، وابن عيينة، وابن إسحاق فجعله من مسند زينب بنت جحش، وجعل المستحاضة: حمنة.

قال الطحاوي (1/ 104): "فكان حديث زينب الَّذي فيه ذكر الأقراء: حديثًا منقطعًا لا يثبته أهل الخبر؛ لأنهم لا يحتجون بالمنقطع وإنما جاء انقطاعه؛ لأنَّ زينب لم يدركها القاسم، ولم يولد في زمنها؛ لأنَّها توفيت في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي أول أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بعده".

ص: 363

قلت: هو كما قال: فإن انقطاعه ظاهر بالتأريخ فإن زينب توفيت سنة عشرين، وأبو القاسم: محمد بن أبي بكر الصديق ولد في حجة الوداع سنة عشر؛ يعني: أن عمره يوم توفيت زينب كان عشر سنين؛ مما يدل على أن القاسم إنما ولد بعد وفاة زينب بزمان.

ولكن الطحاوي فرَّق بين رواية شعبة ورواية الثوري فجعلهما حديثين، وإنما هما حديث واحد مداره على عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، وقد جعلهما النسائي والبيهقي واحدًا.

ولولا رواية الثوري وابن عيينة: لصح حديث شعبة، ولكان حجة في الجمع بين الصلاتين بغسل واحد للمستحاضة، ولكان شاهدًا يتقوى به حديث ابن عقيل في قصة حمنة بنت جحش في الجمع بين الصلاتين بغسل واحد؛ لا سيما وحديث شعبة على شرط الشيخين.

لكن لكون الثوري أحفظ من شعبة، وقد اختلفا في إسناد هذا الحديث، ثم خالفهما بعدُ: سفيان بن عيينة الإمام الحافظ، وخالفهم جميعًا - أيضًا -: ابن إسحاق؛ لذلك - وثلاثتهم حفاظ أئمة -، ولكون الَّذي اختلفوا عليه: وهو عبد الرحمن بن القاسم: ثقة ثقة، قال ابن عيينة:"كان أفضل أهل زمانه".

لذلك لا نستطيع أن نقضي لأحدهم على الآخر، حتَّى يتابَع أحدُهم [أعني: الثوري، أو شعبة، أو ابن عيينة، متابعة قوية تشهد لكون هذا الوجه هو المحفوظ.

وحتى نعثر على هذه المتابعة فإنا نتوقف عن الحكم لأيٍّ منهم، ونحكم على الحديث بالاضطراب، والله أعلم.

فإن قيل: فإن ابن إسحاق قد تابع شعبة على الإسناد، وإن كان خالفه في المتن، وفي التصريح بالرفع، وفي نسبة المستحاضة.

فنقول: إن ابن إسحاق قد عنعنه ولم يصرح فيه بالسماع، وهو مشهور بالتدليس، فلعله أخذه من مجروح فنكون حينئذ قد أخذنا بمتابعة ضعيف أو متروك أو كذاب.

ومما يجعل في النفس منه شيء كونه لم يوافقه في المتن وأتى به على غير وجهه، فإنه لا يعلم بأن سهلة بنت سهيل استحيضت إلا من حديث ابن إسحاق هذا [انظر: الاستيعاب (3341)، الإصابة (11352)، أسد الغابة (7027)]، ولا نعلم حديثًا يُقضى به في النسخ المذكور إلا حديث ابن إسحاق هذا.

ثم إن كان لا بد من أن يُقضى لأحد هؤلاء الأئمة الثلاثة؛ فالقول: قول سفيان الثوري، فهو أحفظهم جميعًا، وقد قدمه على شعبة جماعة؛ منهم: شعبة نفسه، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وأبو زرعة الرازي، وأبو داود، وغيرهم.

قال أحمد: "سفيان أحفظ للإسناد وأسماء الرجال من شعبة".

وقال أبو زرعة: "كان الثوري أحفظ من شعبة في إسناد الحديث ومتنه".

ص: 364

وقال أبو داود: "ليس يختلف سفيان وشعبة في شيء إلا يظفر به سفيان، وخالفه في أكثر من خمسين حديثًا، القول فيها قول سفيان".

[شرح علل الترمذي (1/ 453)، تقدمة الجرح والتعديل (1/ 63) وما بعدها].

• فإن رجحنا قول سفيان الثوري، فالحديث: ضعيف لانقطاعه، وإلا فهو: حديث مضطرب، والله أعلم.

***

296 -

. . . سهيل -يعني: ابن أبي صالح-، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، عن أسماء بنت عميس، قالت: قلت: يا رسول الله! إن فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت منذ كذا وكذا فلم تُصلِّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سبحان الله! إن هذا من الشيطان، لتجلس في مِركَن، فإذا رأت صفرة فوق الماء، فلتغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، وتغتسل للفجر غسلًا [واحدًا]، وتوضأ فيما بين ذلك".

قال أبو داود: رواه مجاهد، عن ابن عباس: لما اشتدَّ عليها الغسل أمرها أن تجمع بين الصلاتين.

قال أبو داود: ورواه إبراهيم عن ابن عباس، وهو قول إبراهيم النخعي، وعبد الله بن شداد.

• حديث سهيل شاذ.

حديث سهيل: تقدم تحت الحديث رقم (281).

وأثر مجاهد، عن ابن عباس:

وصله الدارمي (1/ 240/ 903)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 101 - 102).

من طريق حجاج بن منهال، قال: حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة-، عن قيس بن سعد، عن مجاهد، قال: قيل لابن عباس رضي الله عنهما: إن أرضنا أرض باردة؟ قال: "تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل لهما غسلًا، وتغتسل للفجر غسلًا".

وهذا إسناد رجاله ثقات؛ رجال مسلم؛ إلا أن الحفاظ ضعفوا حديث حماد بن سلمة عن قيس بن سعد.

قال أحمد: "ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد؛ فكان يحدثهم من حفظه"، يعني: فيخطئ [العلل ومعرفة الرجال (3/ 127/ 4544)، ضعفاء العقيلي (1/ 21)، الكامل (2/ 253 - 254)، سؤالات أبي داود (217)، المعرفة والتاريخ (2/ 92)، ذكره عن ابن المديني، شرح علل الترمذي (2/ 782)].

ص: 365

وقال يحيى بن سعيد القطان: "حماد بن سلمة عن زياد الأعلم وقيس بن سعد: ليس بذاك"[الكامل (2/ 256)، شرح العلل (2/ 783)].

• وأولى من هذه الرواية:

ما رواه عثمان بن الأسود [ثقة ثبت]، عن مجاهد في المستحاضة: إذا خلفت قرءها فإذا كان عند العصر توضأت وضوءًا سابغًا، ثم لتأخذ ثوبًا فلتستثفر به، ثم لتصل الظهر والعصر جميعًا، ثم لتفعل مثل ذلك، ثم لتصل المغرب والعشاء جميعًا، ثم لتفعل مثل ذلك، ثم لتصل الصبح.

أخرجه الدارمي (1/ 225/ 805).

وأثر إبراهيم عن ابن عباس:

وصله أبو القاسم البغوي في مسند ابن الجعد (115)، عن علي بن الجعد، قال: أخبرنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت إبراهيم النخعي، عن ابن عباس في المستحاضة، قال: تؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل لهما غسلًا، وتؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل لهما غسلًا، وتغتسل للصبح غسلًا.

وهذا إسناد رجاله ثقات، رجال البخاري؛ إلا أنَّه منقطع، قال ابن حزم:"لا نعرف لإبراهيم سماعًا من ابن عباس"، وإبراهيم النخعي: لم يسمع من أحد من الصحابة [المراسيل (1)، جامع التحصيل (142)، تحفة التحصيل (19)].

وأثر إبراهيم النخعي:

وصله الدارمي (1/ 225/ 803)، وعبد الرزاق (1/ 305/ 1172)، وابن أبي شيبة (1/ 119/ 1356).

من طريق سفيان الثوري وجرير بن عبد الحميد، عن منصور، عن إبراهيم، قال: تنتظر أيام أقرائها، ثم تغتسل للظهر والعصر غسلًا واحدًا، وتؤخر الظهر وتعجل العصر، وتغتسل للمغرب والعشاء غسلًا واحدًا، تؤخر المغرب وتعجل العشاء، وتغتسل للفجر، ولا تصوم، ولا يأتيها زوجها ولا تمس المصحف.

وهذا مقطوع بإسناد صحيح.

وأثر عبد الله بن شداد:

وصله الدارمي (1/ 225 - 226/ 807)، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس: ثنا أبو زبيد: ثنا حصين، عن عبد الله بن شداد، قال: المستحاضة تغتسل، ثم تجمع بين الظهر والعصر، فإن رأت شيئًا اغتسلت وجمعت بين المغرب والعشاء.

وهذا إسناد صحيح؛ رجاله رجال الشيخين.

أبو زبيد: هو عبثر بن القاسم، وحصين: هو ابن عبد الرحمن السلمي.

• وأثر ابن عباس قد ورد من طريق آخر، وهو صحيح عنه:

رواه عبد العزيز بن رفيع، عن عطاء - هو: ابن أبي رباح -، قال: كان ابن عباس

ص: 366