المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌130 - باب تخفيف الأخريين - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٩

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌130 - باب تخفيف الأخريين

- ‌15).***131 -باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌133 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌باب تكميلي

- ‌باب القراءة في صلاة العشاء

- ‌134 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌135 - باب القراءة في الفجر

- ‌136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

- ‌137 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

- ‌138 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

- ‌139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة

- ‌140 - باب تمام التكبير

- ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌142 - باب النهوض في الفرد

- ‌143 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌145 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌(14/ 407)].***146 -باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال [وفي نسخة: مع الإمام] رؤوسهنَّ من السجدة

- ‌147 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌148 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه

- ‌150 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

- ‌151 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌152 - باب في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

- ‌154 - باب مقدار الركوع والسجود

- ‌155 - باب أعضاء السجود

- ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

- ‌157 - باب السجود على الأنف والجبهة

- ‌(1/ 306).158 -باب صفة السجود

الفصل: ‌130 - باب تخفيف الأخريين

قلت: فإذا كان معاوية بن سلمة النصري قد برأه أبو حاتم من عهدة هذا الحديث، وهو كوفي سكن دمشق، وثقه ابن نمير، وقال أبو حاتم:"ثقة، مستقيم الحديث"، وقال الدارقطني:"كوفي، لا بأس به"، وذكر ابن الجنيد عن ابن معين أنه كأنه ضعفه [الجرح والتعديل (8/ 384)، علل الدارقطني (5/ 41)، تاريخ دمشق (59/ 33)، التهذيب (4/ 107)]، فإن كان كذلك؛ فقد لزمت العهدة محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع الدمشقي، وهو وإن قواه جماعة من الأئمة؛ إلا أنه قد قال عنه بلديه دحيم:"ليس من أهل الحديث"، وأهل بلد الرجل أعلم بحاله من غيرهم، لا سيما وقد ثبت عنه أنه دلس حديثًا عن ابن أبي ذئب، لم يسمعه منه، وأسقط من إسناده إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله التيمي، وهو: كذاب، يضع الحديث، قال الحاكم:"روى عن مالك ومسعر وابن أبي ذئب: أحاديث موضوعة"[انظر: الكامل (1/ 303)، اللسان (2/ 181)، [التهذيب (3/ 669)، الميزان (3/ 677)].

• والحاصل: فإن هذا الحديث مداره على محمد بن جحادة؛ فإن قلنا: إن المحفوظ عنه: عن رجل عن ابن أبي أوفى: فهو حديث ضعيف؛ لأجل الرجل المبهم.

وإن تنزلنا وقلنا: يحتمل أن يكون محمد بن جحادة رواه مرة: عن رجل، ومرة قال: عن طرفة الحضرمي، فلم يتغير حكمنا على الحديث؛ لأجل جهالة طرفة الحضرمي، وقد تفرد فيه بقوله: ويطيل القراءة في أول ركعة ما سمِعَ وقعَ الأقدام، حتى ينقطعَ صوتها، وفي الرواية الأولى: حتى لا يُسمَعُ وقْعُ قدمٍ، وكذلك تفرد فيه بجعل الرابعة أقصر من الثالثة، والله أعلم.

***

‌130 - باب تخفيف الأخريين

803 -

. . . شعبة، عن محمد بن عبيد الله أبي عون، عن جابر بن سمرة، قال: قال عمر لسعد: قد شكاك الناس في كل شيء حتى في الصلاة! قال: أما أنا فأَمُدُّ في الأوليين، وأحذِفُ في الأخريين، ولا آلو ما اقتديتُ به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ذاك الظنُّ بك.

• حديث متفق على صحته.

أخرجه البخاري (770)، ومسلم (453/ 159)، وأبو عوانة (1/ 473/ 1750 و 1751)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 73/ 1006)، والنسائي في المجتبى (2/ 174/ 1002)، وفي الكبرى (2/ 21/ 1076)، وابن حبان (5/ 264/ 1937)، وأحمد (1/ 175)، والطيالسي (213)، والدورقي في مسند سعد (3 - 5)، وأبو يعلى (2/ 53/ 692) و (2/ 88 و 89/ 741 و 742)، وأبو العباس السراج في مسنده (121)، وأبو القاسم البغوي

ص: 9

في مسند ابن الجعد (593)، والطحاوي في المشكل (12/ 47 و 48/ 4629 و 4630)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (60 و 61)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 162)، والبيهقي (2/ 65).

هكذا رواه عن شعبة: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وسليمان بن حرب، وحفص بن عمر، ومحمد بن جعفر غندر، وعفان بن مسلم، وبهز بن أسد، ومحمد بن كثير، وأبو داود الطيالسي، وعلي بن الجعد، ووكيع بن الجراح، وأبو النضر هاشم بن القاسم، والحجاج بن المنهال، وشبابة بن سوار، وعمرو بن مرزوق، وغيرهم.

وفي رواية القطان [عند النسائي]: أتَّئِدُ في الأوليين، وفي رواية محمد بن كثير [عند ابن حبان]: أُطيل.

• ورواه مسعر بن كدام، عن عبد الملك بن عمير، وأبي عون محمد بن عبيد الله، عن جابر بن سمرة قال: اشتكى أهل الكوفة صلاة سعد إلى عمر رضي الله عنه، فقال: أتعلمني الأعراب بالصلاة! والله إني لأركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، وإنه حبيب إليَّ ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: ذاك الظن بك أبا إسحاق.

أخرجه مسلم (453/ 160)، وأبو عوانة (1/ 473/ 1751)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 73/ 1007)[واللفظ له]، والبزار (3/ 276/ 1064)، والطحاوي في المشكل (12/ 48/ 4631)[وفي سنده خطأ].

• وروي عن شعبة، عن عبد الملك، وأبي عون، عن جابر بن سمرة، بنحو رواية أبي عوانة عن عبد الملك.

أخرجه البزار (3/ 275/ 1063)، بإسناد صحيح إليه.

• ورواه أبو عوانة، وسفيان الثوري، وزائدة بن قدامة، وهشيم بن بشير، وجرير بن عبد الحميد، وداود بن نصير الطائي، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي، ومعمر بن راشد [وهم ثقات حفاظ]، وحبان بن علي العنزي [ضعيف]:

عن عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة به مطولًا، ومختصرًا.

ولفظ أبي عوانة مطولًا [عند البخاري (755)، وما بين المعكوفين لغيره]، قال: حدثنا عبد الملك بن عمير، عن جابر بن سمرة، قال: شكا أهل الكوفة سعدًا إلى عمر رضي الله عنه، فعزله، واستعمل عليهم عمارًا، فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه، فقال: يا أبا إسحاق! إن هؤلاء يزعمون أنك لا تحسن تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله! فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخْرِم عنها، أصلي صلاة العشاء، فأركُد في الأوليين، وأخِفُّ [وفي رواية: وأحذف] في الأخريين، قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحاق، فأرسل معه رجلًا -أو: رجالًا- إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدَعْ مسجدًا إلا سأل عنه، ويثنون معروفًا، حتى دخل مسجدًا لبني عبس، فقام رجل منهم، يقال له: أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة، قال: أما إذ نشدتنا فان سعدًا كان لا يسير

ص: 10

بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعُوَنَّ بثلاث: اللَّهُمَّ إن كان عبدك هذا كاذبًا، قام رياءً وسمعةً، فأطِلْ عمره، وأطِلْ فقره، وعرِّضه بالفتن [وفي رواية: فأعْمِ بصره، وأَطِلْ عمره، وعرِّضه للفتن]، وكان بعدُ إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون، أصابَتني دعوة سعد، قال عبد الملك: فأنا رأيته بعدُ، قد سقط حاجباه على عينيه من الكِبَر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمِزُهُنَّ.

أخرجه البخاري (755 و 758)، ومسلم (453/ 158)، وأبو عوانة (1/ 472/ 1749)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 72/ 1004 و 1005)، والنسائي في المجتبى (2/ 174/ 1003)، وفي الكبرى (2/ 21/ 1077)، وفي مجلسين من إملائه (27)، وابن خزيمة (1/ 256/ 508)، وابن حبان (5/ 168/ 1859)، وأحمد (1/ 176 و 180)، والطيالسي (214)، وعبد الرزاق (2/ 360 و 361/ 3706 و 3707)، والحميدي (73)، وابن أبي شيبة (2/ 170/ 7757)، والدورقي في مسند سعد (1 و 2)، وابن شبة في أخبار المدينة (2/ 20/ 1392)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 79)، والبلاذري في فتوح البلدان (391)، وفي أنساب الأشراف (3/ 296)، وابن أبي الدنيا في مجابي الدعوة (32)، والبزار (3/ 273/ 1062)، والسرقسطي في الدلائل (2/ 722/ 390)، وأبو يعلى (2/ 53/ 693)، والدولابي في الكنى (1/ 29/ 81 و 82)، وأبو العباس السراج في مسنده (119 و 120 و 122)، والطحاوي في المشكل (12/ 49/ 4632 - 4634)، والطبراني في الأوسط (6/ 208/ 6207)، وفي الكبير (1/ 137 و 140/ 290 و 308)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (473)، واللالكائي في أصول الاعتقاد (7/ 1253/ 2360)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 129/ 501)، وفي الحلية (7/ 361 - 362)، والبيهقي في السنن (2/ 65)، وفي الدلائل (6/ 189)، والخطيب في المبهمات (25 و 26)، وفي التاريخ (1/ 145).

كذا وقع في رواية موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي [ثقة ثبت] عن أبي عوانة: أصلي صلاة العشاء، وفي رواية سعيد بن منصور وعارم أبي النعمان محمد بن الفضل وأبي داود الطيالسي [وهم ثقات حفاظ] وعاصم بن علي [صدوق] عن أبي عوانة: صلاتي العشي، وفي رواية إبراهيم بن الحجاج النيلي [ثقة] ومحمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي [ثقة]: صلاتي العشاء، ورواه عنه: العباس بن الوليد النرسي [ثقة]، وإبراهيم بن الحسن بن نجيح العلاف البصري [ثقة]، وخلف بن هشام [ثقة]، فلم يذكروا تعيين الصلاة.

هكذا اختلفوا على أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري، وقد أجمعوا على أنه ثقة ثبت حجة فيما حدث من كتابه، وإذا حدث من حفظه ربما غلط، قاله ابن عبد البر [انظر: التهذيب (4/ 308)]، فلا يبعد أن يكون هذا الاختلاف من قبل أبي عوانة، حدث به من حفظه، والله أعلم.

ص: 11

وقال زائدة: صلاتي العشاء، وقال معمر، وهي رواية عن الثوري [رواها عنه: عبيد الله بن موسى]: فأصلي بهم صلاة العشاء.

ولم يأت تعيين الصلاة في رواية هشيم وجرير وداود، وقالوا: وأحذف في الأخريين.

• ورواه سفيان بن عيينة [ثقة حافظ]: ثنا عبد الملك بن عمير: سمعت جابر بن سمرة السوائي، يقول: سمعت عمر بن الخطاب يقول لسعد بن أبي وقاص: والله لقد شكاك أهل الكوفة في كل شيء، حتى زعموا أنك لا تحسن تصلي بهم، فقال سعد: أما والله ما كنت آلو بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، أركد في الأوليين، وأحذف في الأخريين، قال: فسمعت عمر يقول: ذلك الظن بك، ذلك الظن بك.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 256/ 508)، وأحمد (1/ 179)، والحميدي (72)، وأبو يعلى (2/ 89/ 743)، وأبو العباس السراج في مسنده (123).

كذا رواه عن ابن عيينة فقال: في الظهر والعصر: أحمد بن حنبل، والحميدي [وهما من كبار الأئمة الحفاظ، من [ثبت أصحاب ابن عيينة]، ورواه عنه بدون هذا القيد: أبو خيثمة زهير بن حرب [يعلى]، وأبو همام الوليد بن شجاع، وسوار بن عبد الله بن سوار [سراج][وهم ثقات].

قال ابن رجب في الفتح (4/ 411): "صلاة العشي: هي صلاة الظهر والعصر؛ لأن العشي هو ما بعد الزوال"[وانظر: كشف المشكل (1/ 231)، شرح الكرماني (5/ 125)، لسان العرب (15/ 60)، الفتح لابن حجر (2/ 238)].

قلت: فكأن ابن عيينة رواه بالمعنى، والله أعلم.

وقد أخرجه البخاري في باب القراءة في الظهر [مثبت على هامش النسخة اليونينية (1/ 152 - ط المنهاج)، ورمز لها بأنها رواية أبي ذر الهروي والأصيلي وابن عساكر وأبي الوقت. شرح البخاري لابن بطال (2/ 373)، مشارق الأنوار (2/ 104)، شرح الكرماني (5/ 125)، فتح الباري لابن رجب (4/ 411)، التوضيح لشرح الجامع الصحيح (7/ 63)، الفتح لابن حجر (2/ 238)].

وقال ابن رجب في موضع آخر (4/ 450): "رُوي حديث سعد هذا بثلاثة ألفاظ: أحدها: هذا، وهو ذكر الصلاة مطلقًا، والثاني: ذكر صلاة العشي، والمراد: صلاة الظهر والعصر، والثالث: ذكر صلاة العشاء، فإن كان محفوظًا كان الأنسب ذكره في هذا الباب، وإنما خرجه البخاري في صلاة الظهر والعصر، وخرج هاهنا الرواية المطلقة التي تدخل فيها كل صلاة رباعية، لقوله: "أمد في الأوليين، وأحذف في الأخريين".

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 238): "قوله: "أصلي صلاة العشاء" كذا هنا بالفتح والمد للجميع، غير الجرجاني فقال: العشي، وفي الباب الذي بعده: "صلائي العشي" بالكسر والتشديد، لهم إلا الكشميهني، ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده عن أبي عوانة بلفظ: "صلاتي العشي"، وكذا في رواية عبد الرزاق عن معمر، وكذا لزائدة في صحيح أبي

ص: 12

عوانة، وهو الأرجح، ويدل عليه التثنية، والمراد بهما الظهر والعصر، ولا يبعد أن تقع التثنية في الممدود، ويراد بهما المغرب والعشاء؛ لكن يعكر عليه قوله:"الأخريين"؛ لأن المغرب إنما لها أخرى واحدة، والله أعلم".

هكذا رجح ابن حجر قول من قال: "صلاتي العشي"، ومال إليه ابن رجب، لكن كما ترى حسب ما ذكرنا من الاختلاف؛ فقد اختلف الثقات على أبي عوانة، واختلف الحفاظ أيضًا على عبد الملك بن عمير في تعيين هذه الصلاة التي ذكرها سعد لعمر، وما أُرى هذا الاختلاف إلا من قِبَل أبي عوانة، كما سبق بيانه، ومن قِبَل عبد الملك بن عمير نفسه؛ فإنه وإن كان ثقة؛ إلا أنه لم يكن بالحافظ، وكان الحفاظ يختلفون عليه، حتى قال فيه أحمد مرة:"عبد الملك بن عمير: مضطرب الحديث، قلَّ ما روى عنه إلا اختلف عليه"، وقال مرة أخرى:"مضطرب الحديث جدًّا مع قلة حديثه، ما أرى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها"، وقدم عليه مرة عاصم بن أبي النجود، وقدم عليه أخرى سماك بن حرب [انظر: العلل ومعرفة الرجال برواية المروذي وغيره (131 و 197)، العلل ومعرفة الرجال برواية عبد الله (3/ 54/ 4136)، الجرح والتعديل (5/ 360)، هدي الساري (443)، التهذيب (2/ 620)، الميزان (2/ 660)] [وانظر مثالين على اختلاف الحفاظ على عبد الملك بن عمير: ما تحت الحديث رقم (426)، وما تحت الحديث رقم (653)].

لكن هذا الاختلاف في هذه اللفظة لا يضر في ثبوت الحديث، فإنما أراد سعد أن يضرب مثالًا لعمر على صلاة رباعية اقتدى فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم، فسواء قلنا بأنها الظهر والعصر، صح المثال، وإن قلنا هي العشاء فقد صح أيضًا، لكن الأول أقرب، وذلك لأن قوله: أمدُّ، أو أركد في الأوليين: أقرب لوصف الصلاة السرية منه للجهرية، لا سيما إذا قيس بالحذف في الأخريين، ولهذا أخرج البخاري رواية من قال:"صلاتي العشي"، في باب القراءة في الظهر، والله أعلم.

والشيخان قد أخرجا هذا الحديث من رواية عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة، وعن أبي عون محمد بن عبيد الله عن جابر، ولم يأت في رواية أبي عون تعيين هذه الصلاة التي اضطرب في تعيينها عبد الملك، كما أن مسلمًا أعرض عن رواية من عيَّنها، وأخرجه من حديث أبي عون، ومن حديث هشيم وجرير ومسعر عن عبد الملك، ويبقى أن يقال: إن رواية عبد الملك المطولة: هي محفوظة؛ لكون الحفاظ لم يختلفوا عليه فيها اختلافًا يوجب الحكم عليها بالاضطراب، والله أعلم.

• وانظر في الأوهام: ضعفاء العقيلي (3/ 434).

• قال النووي في شرح مسلم (4/ 176): "قوله: "لا أخرم عنها"، هو بفتح الهمزة وكسر الراء؛ أي: لا أنقص.

قوله: "إني لأرْكُدُ بهم في الأوليين" يعني: أطوِّلهما وأُديمهما وأَمُدُّهما، كما قاله في الرواية الأخرى، من قولهم: رَكَدَتِ السُّفنُ والريحُ والماءُ؛ إذا سكن ومكث.

ص: 13

وقوله: "وأحذِف في الأخريين" يعني: أقصِّرُهما عن الأوليين، لا أنه يخل بالقراءة ويحذفها كلها".

قلت: كما جاء في حديث أبي قتادة المتقدم، وحديث أبي سعيد الآتي.

***

804 -

. . . هشيم: أخبرنا منصور، عن الوليد بن مسلم الهجيمي، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري، قال: حَزَرْنا قيامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدْرَ ثلاثين آيةً، قدر:{الم (1) تَنْزِيلُ} السجدة، وحزرنا قيامه في الأخريين على النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر، وحزرنا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك.

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (287)، ومسلم (452/ 156)، وأبو عوانة (1/ 1759/474)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 71/ 1002)، والنسائي في المجتبى (1/ 237/ 475)، وفي الكبرى (1/ 216/ 349)، والدارمي (1/ 335/ 1289)، وابن خزيمة (1/ 256/ 509)، وابن حبان (5/ 135/ 1828) و (5/ 167/ 1858)، وأحمد (3/ 2)، وابن أبي شيبة (1/ 312/ 3568) و (2/ 170/ 7758)، وعبد بن حميد (945)، وأبو يعلى (2/ 366/ 1126) و (2/ 469/ 1292)، وأبو العباس السراج في مسنده (117)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (111)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 207)، وفي المشكل (12/ 45/ 4627)، والدارقطني (1/ 337)، وقال:"هذا ثابت صحيح"، وابن حزم في المحلى (4/ 101)، والبيهقي (2/ 64 و 66 و 390).

• ورواه أبو عوانة، عن منصور، عن الوليد أبي بشر، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعةٍ قدرَ ثلاثين آيةً، وفي الأخريين قدرَ خمسَ عشرةَ آيةً، -أو قال: نصف ذلك-، وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعةٍ قدرَ قراءةِ خمسَ عشرةَ آيةً، وفي الأخريين قدر نصف ذلك.

أخرجه مسلم (452/ 157)، وأبو عوانة (1/ 475/ 1760)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 72/ 1003)، والدارمي (1/ 334/ 1288)، وابن حبان (5/ 133/ 1825)، وأحمد (3/ 85)، وأبو العباس السراج في مسنده (118)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (112)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 207)، وفي المشكل (12/ 44/ 4625 و 4626)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 56)، والبيهقي في السنن (2/ 64)، وفي المعرفة (1/ 535/ 746)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 593/65).

ص: 14

• وقد اختلف فيه على أبي عوانة:

أ- فرواه عبد الرحمن بن مهدي، ويونس بن محمد المؤدب، ويحيى بن حماد الشيباني ختن أبي عوانة، ومعلى بن منصور، وحَبَّان بن هلال، وحجاج بن المنهال، وقتيبة بن سعيد، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وأبو عمر الحوضي حفص بن عمر النمري، وشيبان بن فروخ، ويحيى بن عبد الحميد الحماني [وهم عشرة من الثقات، وفيهم جماعة من الأثبات المتقنين، والأخير متكلم فيه، واتُّهم]:

عن أبي عوانة، عن منصور، عن الوليد أبي بشر، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري به مرفوعًا.

ب- وخالفهم: عبد الله بن المبارك [ثقة ثبت، فقيه إمام]، فرواه عن أبي عوانة، عن منصور بن زاذان، عن الوليد أبي بشر، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الظهر فيقرأ قدر ثلاثين آية في كل ركعة، ثم يقوم في العصر في الركعتين الأوليين قدر خمس عشرة آية.

أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 237/ 476)، وفي الكبرى (1/ 217/ 350)، وعنه: الدولابي في الكنى (1/ 399/ 710).

وهذه رواية شاذة؛ والمحفوظ ما رواه الجماعة، ولعل الوهم فيها من أبي عوانة نفسه، حدث بها من حفظه فغلط، فقد كان صحيح الكتاب، وربما غلط إذا حدث من حفظه [انظر: التهذيب (4/ 308)].

وقد سئل الدارقطني عن هذا الحديث في العلل (11/ 350/ 3333)، فلم يذكر رواية ابن المبارك هذه، ولكن ذكر أن قتيبة بن سعيد رواه عن أبي عوانة بالشك، وذكر وهمًا آخر، ثم قال:"والصحيح: قل أبي عوانة وهشيم".

وقال ابن حجر في النكت الظراف (3/ 4259/431): "وتابعه [يعني: شيبان] يونس بن محمد عند أحمد، ويحيى بن حماد عند الدارمي، وحبان بن هلال عند الطحاوي، كلهم عن أبي عوانة، وقالوا: عن أبي الصديق، بدل: أبي المتوكل، فانفرد ابن المبارك عنه بقوله: عن أبي المتوكل، وهذا من أبي عوانة، لعله حدثه من حفظه، وحدث أولئك من كتابه، وكان إذا حدث من كتابه أتقن مما إذا حدث من حفظه".

• ورواه أبو داود الطيالسي: حدثنا المسعودي، عن زيد العمِّي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: اجتمع ثلاثون [بدريًّا] من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم، فقالوا: تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لا يجهر فيه من الصلاة، فما اختلف منهم رجلان، فقاسوا قراءته في الركعتين الأوليين من الظهر بقدر ثلاثين آية، وفي الركعتين الأخريين على النصف من ذلك، وفي العصر في الركعتين الأوليين على قدر النصف من الركعتين الأوليين من الظهر، وفي الركعتين الأخريبن علي قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر.

وفي رواية ابن ماجه: فقاسوا قراءته في الركعة الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آيةً،

ص: 15

وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك، وقاسوا ذلك في العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر.

أخرجه ابن ماجه (828)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 207)، وفي المشكل (12/ 46/ 4628).

وهذا إسناد ضعيف؛ زيد بن الحواري العمي: ضعيف، والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة: صدوق، اختلط قبل موته، وأبو داود الطيالسي ممن روى عن المسعودي بعد الاختلاط، ولفظ ابن ماجه منكر.

قال مغلطاي في شرح سنن ابن ماجه (5/ 187): "هذا حديث ضعيف".

• خالف الطيالسي: يزيد بن هارون [ثقة ثبت، ممن روى عن المسعودي بعد الاختلاط]: أخبرنا المسعودي، عن زيد العمي، عن أبي نضرة، [زاد في إتحاف المهرة (16/ 751/ 21207)، وأطراف المسند (8/ 349/ 11199): عن أبي سعيد]، قال يزيد: أخبرنا سفيان [هو الثوري]، عن زيد العمي، عن أبي العالية، قال: اجتمع ثلاثون من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أما ما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة فقد علمناه، وما لا يجهر فيه فلا نقيس بما يجهر به، قال: فاجتمعوا فما اختلف منهم اثنان؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظهر قدر ثلاثين آية في الركعتين الأوليين في كل ركعة، وفي الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك، ويقرأ في العصر في الأوليين بقدر النصف من قراءته في الركعتين الأوليين من الظهر، وفي الأخريين بقدر النصف من ذلك.

أخرجه أحمد (5/ 365 - الميمنية)(10/ 5480/ 23567 - ط المكنز)(38/ 186/ 23097 - ط الرسالة).

ورواه عبد الرزاق، عن الثوري، عن زيد العمي، عن أبي العالية، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رمقوه في الظهر، فحزروا قراءته في الركعة الأولى من الظهر بتنزيل السجدة.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 105/ 2677).

وهذا مرسل بإسناد ضعيف، سبق بيانه، والحديث ضعيف.

• وحديث أبي سعيد هذا يعارض ظاهره حديث أبي قتادة في مسألتين:

الأولى: تطويل الركعة الأولى وتقصير الثانية من الركعتين الأوليين.

الثانية: الاقتصار على الفاتحة في الأخريين من الظهر.

• أما الأولى، فللعلماء في الجمع بين الحديثين أقوال، منها:

أ- قال ابن حبان: "قول أبي سعيد: فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين قدر ثلاثين آية، يضاد في الظاهر قول أبي قتادة: ويطيل في الأولى، ويقصر في الثانية، وليس بحمد الله ومَنِّه كذلك؛ لأن الركعة الأولى كان يقرأ صلى الله عليه وسلم فيها ثلاثين آية بالترسيل والترتيل والترجيع، والركعة الثانية كان يقرأ فيها مثل قراءته في الأولى، بلا ترسيل ولا ترجيع، فتكون القراءتان واحدة، والأولى أطول من الثانية".

ص: 16

ب- وقال ابن قدامة في المغني (1/ 334): "ثم لو قدرنا التعارض كان تقديم حديث أبي قتادة أولى؛ لأنه أصح، ويتضمن زيادة، وهي ضبط التفريق بين الركعتين".

ج- وقال ابن حجر في الفتح (2/ 244) في شرح حديث أبي قتادة في تطويل الأولى وتقصير الثانية: "وقال من استحب استواءهما: إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء".

وقد رُدَّ هذا التأويل من قبلُ، قال ابن الملقن في الإعلام (3/ 197):"وفي هذا الحمل ضعف؛ لأن السياق للقراءة".

• ومما يؤيد كون أبي سعيد لم يرد بهذا الحديث نفي التطويل في الركعة الأولى:

ما رواه الوليد بن مسلم، وأبو نصر عبد الملك بن عبد العزيز التمار، وعبد الله بن يوسف، ومحمد بن بكار العاملي [وهم ثقات]:

عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قزعة، عن أبي سعيد الخدري، قال: لقد كانت صلاة الظهر تُقامُ، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يتوضأ، ثم يأتي ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى؛ مما يطوِّلها. لفظ الوليد.

أخرجه مسلم (454/ 161)، وأبو عوانة (1/ 1747/472 و 1748)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 74/ 1008)، والنسائي في المجتبى (2/ 164/ 973)، وفي الكبرى (2/ 10/ 1047)، وأبو العباس السراج في مسنده (145)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 178 و 179/ 305 و 306)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (552)، والبيهقي (2/ 66).

• ورواه عبد الرحمن بن مهدي، وبشر بن السري، وزيد بن الحباب، وعبد الله بن صالح كاتب الليث:

ثنا معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد: حدثني قزعة، قال: أتيت أبا سعيد وهو مكثورٌ عليه، فلما تفرَّق الناس عنه، قلت: إني لا أسألك عما يسألك هؤلاء، قلت: أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما لك في ذلك من خير؟ فأعادها عليه، فقال: كانت صلاة الظهر تُقامُ فينطلِق أحدُنا إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ، ثم يرجع إلى المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى.

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (243)، ومسلم (454/ 162)، وأبو عوانة (1/ 1748/472)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 74/ 1009)، وابن ماجه (825)، وابن حبان (5/ 164/ 1854)، وأحمد (3/ 35) مطولًا. والبيهقي (2/ 390).

فإن قيل: حديثه هذا لا يختلف عن حديثه الأول، إذ يحتمل أن التطويل كان في الركعتين الأوليين جميعًا، فيقال: لو كان الأمر كذلك، لما خص أبو سعيد الركعة الأولى بهذا الوصف المشعر بالاختصاص بها دون الثانية، وإلا لقال: مما يطيل في الأوليين، أو نحو ذلك، والله أعلم.

قال ابن حبان (5/ 165): "إنما كان يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم ليتلاحق الناس فيشهدوا الصلاة، ولا يفعل ذلك في كلِّ ركعة، إنما كان يفعله في الركعة الأولى فقط".

ص: 17