الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال في الخلاصة (1/ 419) عن الإقعاء المسنون: "فهو سُنَّة، والافتراش سُنَّة؛ لكن الصحيح: أن الافتراش أفضل لكثرة الرواة له، ولأنه أعون للمصلي، وأحسن في هيئة المصلي".
وقال في المجموع (3/ 401): "وكلاهما سُنَّة، لكن إحدى السُّنَّتين أكثر وأشهر، وهي رواية أبي حميد؛ لأنه رواها وصدقه عشرة من الصحابة كما سبق، ورواها وائل بن حجر وغيره، وهذا يدلّ على مواظبته صلى الله عليه وسلم عليها وشهرتها عندهم، فهي أفضل وأرجح، مع أن الإقعاء سُنَّة أيضًا"[وانظر: المجموع شرح المهذب (3/ 397 - 401)، فقد أطال في بيان هذه المسألة، ونقل كلام أهل العلم فيها، والله الموفق للصواب].
***
144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
846 -
قال أبو داود: حدثنا محمَّد بن عيسى: حدثنا عبد الله بن نمير، وأبو معاوية، ووكيع، ومحمد بن عبيد.
كلهم: عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع يقول: "سمع الله لمن حمده، اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما شئت من شيءٍ بعدُ".
قال أبو داود: قال سفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، عن عبيدٍ أبي الحسن: هذا الحديث ليس فيه: بعد الركوع، قال سفيان: لَقِينا الشيخ عبيدًا أبا الحسن بعدُ، فلم يقل فيه: بعد الركوع.
قال أبو داود: ورواه شعبة، عن أبي عصمة، عن الأعمش، عن عبيد، قال: بعد الركوع.
• حديث صحيح.
أخرجه من طريق الأعمش:
مسلم (476/ 202)، وأبو عوانة (1/ 496/ 1848)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 91/ 1051)، وابن ماجه (878)، وأحمد (4/ 353 و 381)، وابن أبي شيبة (1/ 222/ 2546)، وعبد بن حميد (522)، والبزار (8/ 291/ 3361)، وأبو العباس السراج في مسنده (284 و 286 و 287)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (14 و 16 و 17) و (611 و 613 و 691)، والطبراني في الدعاء (564)، والدارقطني في الأفراد (2/ 66/ 4065 - أطرافه)،
وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (150)(2037 - المخلصيات)، وابن حزم في المحلى (4/ 119 و 120)، والبيهقيُّ في السنن (2/ 94)، وفي الدعوات الكبير (89)، والخطيب في الموضح (2/ 268).
هكذا رواه عن الأعمش: أبو معاوية، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن نمير، ومحمد بن عبيد الطنافسي، وحفص بن غياث، وعبد العزيز بن مسلم القسملي، ومنصور بن أبي الأسود، والحسين بن واقد [وهم ثقات].
• ورواه شعبة، قال: وحدثني أبو عصمة، عن سليمان الأعمش، عن عبيد، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو إذا رفع رأسه من الركوع. . . .
أخرجه أبو عوانة (1/ 496/ 1847)، وأحمد (4/ 354)، والمحاملي في الأمالي (16)، وابن عديّ في الكامل (7/ 43)، وأبو موسى المديني في اللطائف (667 و 668).
وهذا إسناد ساقط، لا يسوي شيئًا؛ أبو عصمة نوح بن أبي مريم: متروك، ذاهب الحديث، متهم، كذبه غير واحد [التهذيب (4/ 247)].
• ورواه سفيان الثوري عن الأعمش كالجماعة، ثمَّ سمعه من أبي الحسن عبيد بن الحسن بدون هذا القيد: إذا رفع رأسه من الركوع:
يرويه يحيى بن آدم [ثقة حافظ]: ثنا سفيان، عن الأعمش، عن عبيد بن الحسن، عن ابن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللَّهُمَّ لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
قال سفيان: فلقيت الشيخ عبيدًا فلم يقل: بعد الركوع.
أخرجه أبو داود [رواية أبي الحسن بن العبد. تحفة الأشراف (4/ 161/ 5173 - ط الغرب]، وأبو العباس السراج في مسنده (285)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (15) و (612)، والطبراني في الدعاء (565).
• ورواه شعبة، عن عبيد بن الحسن، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء: "اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما شئت من شيءٍ بعدُ".
أخرجه مسلم (476/ 203)، وأبو عوانة (1/ 496/ 1847)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 91/ 1052)، وأحمد (4/ 354)، والطيالسي (2/ 160/ 855) و (2/ 164/ 863)، والبزار (8/ 291/ 3362)، والطحاوي (1/ 239)، والمحاملي في الأمالي (15)، وابن عديّ في الكامل (7/ 43)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (152)(2039 - المخلصيات)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(134)، وأبو موسى المديني في اللطائف (666 و 668).
هكذا رواه عن شعبة به هكذا بدون ذكر الرفع من الركوع: غندر محمَّد بن جعفر،
وحجاج بن محمَّد، وأبو داود الطيالسي، ويزيد بن هارون [وهم أربعة من ثقات أصحاب شعبة، لا سيما وفيهم غندر؛ أكثر الناس لزومًا لشعبة].
• خالفهم فأثبت الزيادة: عفان بن مسلم [ثقة ثبت، من أصحاب شعبة]، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [ثقة ثبت، من أصحاب شعبة]، وقراد أبو نوح عبد الرحمن بن غزوان [ثقة، مكثر عن شعبة، وكان شعبة ينزل عليه، وله حديث تفرد به عن الليث، وأخطأ فيه. التهذيب (2/ 542)]:
قالوا: حدثنا شعبة: أخبرني أبو الحسن [عبيد بن حسن]: سمعت ابن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: "ربنا لك الحمد، ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
أخرجه أبو إسحاق الحربي في غريب الحديث (1/ 333)، والطبراني في الدعاء (561)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (151)(2038 - المخلصيات)، وأبو موسى المديني في اللطائف (666).
• وخالفهم في إسناده: حفص بن عمر الحوضي [ثقة ثبت]، فرواه عن شعبة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن ابن أبي أوفى، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء:"اللَّهُمَّ لك الحمد، مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما شئت من شيءٍ بعدُ".
أخرجه البزار (8/ 291/ 3359)، والدارقطني في الأفراد (2/ 64/ 4054 - أطرافه).
قال الدارقطني: "غريب من حديث شعبة عن أبي إسحاق، لم يروه عنه غير سليمان بن حرب وأبي عمر الحوضي".
وهذه الرواية الأخيرة وهمٌ؛ فإن الحديث لا يُعرف من حديث أبي إسحاق الشيباني إلا من هذا الوجه، وهو مشهور من حديث عبيد بن حسن ومجزأة بن زاهر عن ابن أبي أوفى، والله أعلم.
• قال أبو بكر النيسابوري بعد رواية قراد أبي نوح: "والذي عندي أن قرادًا وهم في قوله: إذا رفع رأسه من الركوع؛ لأنَّ الثقات مثل حجاج ويزيد وأبي داود لم يذكروه، وإنما ذكره شعبة عن أبي عصمة عن الأعمش عن عبيد"[المخلصيات (2038)].
وقال أبو موسى المديني بعد رواية أبي الوليد: "وليس في رواية الآخرين [يعني: يزيد بن هارون، وأبا داود الطيالسي] ذكر الرفع من الركوع، وهو الصواب".
قلت: قد أتى بالزيادة عن شعبة ثلاثة من أصحابه الثقات، اثنان منهم من الحفاظ المتقنين، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
• ورواه عن عبيد بن حسن أيضًا بإثبات كون هذا الذكر في الصلاة، أو بعد رفع الرأس من الركوع:
أ - بكر بن وائل [التيمي الكوفي: صدوق]، عن عبيد بن حسن، عن ابن أبي أوفى؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: "ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
أخرجه الطبراني في الأوسط (5/ 382/ 5624)، وفي الدعاء (563).
قال: حدثنا محمَّد بن عبد الله الحضرمي [مطين: ثقة حافظ]، قال: حدثنا أبو كريب [محمد بن العلاء بن كريب الكوفي: ثقة حافظ]، قال: حدثنا يحيى بن يعلى بن الحارث المحاربي [كوفي ثقة]، قال: حدثني أبي [كوفي ثقة]، عن بكر به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن بكر بن وائل إلا يعلى بن الحارث، ولا عن يعلى إلا ابنه، تفرد به أبو كريب".
قلت: فهو إسناد كوفي جيد غريب.
ب وج - قيس بن الربيع [صدوق، تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدث به. التقريب (511)]، والعلاء بن صالح الأسدي [لا بأس به. التهذيب (3/ 344)، الميزان (3/ 101)]:
عن عبيد بن الحسن أبي الحسن، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال:. . . فذكراه.
أخرجه الطيالسي (2/ 160/ 855)، والطبراني في الدعاء (562 و 566)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (152)(2039 - المخلصيات)، وأبو موسى المديني في اللطائف (666).
• هكذا لم ينفرد الأعمش بهذه الزيادة في هذا الحديث، فقد تابعه شعبة والعلاء بن صالح وقيس بن الربيع، وكذلك بكر بن وائل.
وسليمان بن مهران الأعمش: من كبار حفاظ الإِسلام في زمانه، بل مدار حديث الكوفة على الأعمش وأبي إسحاق السبيعي، وقد بلغ الأعمش الغاية في الحفظ والإتقان حتى لقِّب بالمصحف [التهذيب (2/ 110)]، فهل مثل هذا يحتاج إلى متابع!؟
وكون عبيد بن الحسن حدث الثوري وغيره من الثقات بدون هذه الزيادة؛ فلا يقدح ذلك في ثبوتها؛ فإن القول لمن زاد إذا كان ثقة حافظًا، لا سيما وسماع الأعمش أقدم بكثير من سماع الثوري، فيحتمل أن يكون عبيد نسيها حين حدَّث الثوري، والله أعلم.
ولذا فإن مسلمًا قد افتتح برواية الأعمش هذه أحاديث الباب محتجًا به على جعل هذا الذكر بعد الرفع من الركوع، فليس هو بمعلول، بل هو حديث صحيح، والله أعلم.
• وقد رواه بدونها أيضًا: مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، قال: حدثنا عبيد بن حسن، عن ابن أبي أوفى؛ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما شئت من شيءٍ بعدُ".
أخرجه أحمد (4/ 353 و 355 - 356 و 356)، وأبو العباس السراج في مسنده
288 -
، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (18) و (614)، والطبراني في الدعاء (560)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 246).
وهذا إسناد صحيح.
تنبيه: وقع في رواية الطبراني: إذا رفع رأسه من الركوع، وهي زيادة شاذة من حديث مسعر، فلا تثبت من حديثه.
• ورواه شعبة، عن مجزأة بن زاهر، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنَّه كان يقول:"اللَّهُمَّ لك الحمد، مِلءَ السماء ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما شئت من شيءٍ بعدُ، اللَّهُمَّ طهِّرني بالثلج والبرَد والماء البارد، اللَّهُمَّ طهِّرني من الذنوب والخطايا [ونقِّني منها] كما ينقَّى الثوبُ الأبيضُ من الوسَخ"، وفي رواية:"من الدرَن"، وفي أخرى:"من الدنَس".
أخرجه مسلم (476/ 204)، والبخاري في الأدب المفرد (684)، وأبو عوانة (1/ 496/ 1849)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 91/ 1053)، والنسائيُّ في المجتبى (1/ 198/ 402)، وابن حبَّان (3/ 237/ 956)، وأحمد (4/ 354)، والطيالسي (2/ 164/ 863)، وابن أبي شيبة (6/ 26/ 29206)، والبزار (8/ 288/ 3356)، وبحشل في تاريخ واسط (44)، وأبو العباس السراج في مسنده (289)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (19) و (611)، والبيهقيُّ في السنن (1/ 5)، وفي الدعوات الكبير (91).
• ورواه رقبة بن مصقلة، عن مجزأة الأسلمي، عن ابن أبي أوفى، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اللَّهُمَّ طهِّرني بالثلج والبرَد والماء البارد، اللَّهُمَّ طهِّرني من الذنوب كما يطهَّر الثوبُ الأبيضُ من الدنَس".
أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 199/ 403)، وابن حبَّان (3/ 236/ 955)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 331/ 2366)، والبزار (8/ 288/ 3357)، والطبراني في الأوسط (2/ 344/ 2179)، وفي الدعاء (1441)، والدارقطني في الأفراد (2/ 67/ 4069 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في السادس من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (69)(1088 - المخلصيات)، والخطيب في المتفق والمفترق (1/ 211/ 70).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن رقبة إلا إبراهيم بن يزيد".
وقال الدارقطني: "تفرد به إبراهيم بن يزيد بن مَردانْبَه عن رقبة بن مصقلة عنه".
قلت: رقبة بن مصقلة: ثقة مأمون، وإبراهيم بن يزيد بن مردانبه: قال أبو حاتم: "شيخ يكتب حديثه، ولا يحتج به"، وروى له النسائي على تشدده في الرجال، وذكره ابن حبَّان في الثقات [التهذيب (1/ 93)، التقريب (66)، وقال: "صدوق"]، وهو مكثر عن رقبة جدًّا كأنه راويته، فيحتمل تفرد مثله، وإسناده جيد، والله أعلم.
• ورواه إسرائيل، عن مجزأة، عن عبد الله بن أبي أوفى؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ طهرني بالثلج والبرد والماء البارد كما يطهَّر الثوب الدنِس من الوسخ، اللَّهُمَّ ربنا
لك الحمد ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (676)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 332/ 2367).
وهذا حديث صحيح.
قلت: وعبيد بن الحسن ومجزأة بن زاهر: ثقتان؛ ولا يقدح حديث مجزأة في حديث عبيد بن الحسن، فكلٌّ قد حدث بما سمع، وكلٌّ حفظ ما لم يحفظه الآخر، فوجب قبول زيادة كل منهما، من غير أن تقدح في حديث الآخر، فكلا الحديثين صحيح، وقد أخرجهما مسلم، مع الأخذ في الاعتبار أن حديث مجزأة بن زاهر ليس في أدعية الصلاة، وإنما هو دعاء مطلق غير مقيد، والله أعلم.
• ومن الغرائب: ما رواه إبراهيم بن عبد الله بن محمَّد الكوفي [هو إبراهيم بن أبي بكر بن أبي شيبة، وهو: صدوق]، وأحمد بن إبراهيم الدورقي [ثقة حافظ]:
عن عمر بن حفص بن غياث، عن أبيه، عن الحسن بن عبيد الله، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:"اللَّهُمَّ طهِّرني [وفي رواية: برِّد قلبي] بالثلج والبرد والماء البارد، اللَّهُمَّ نقِّني [وفي رواية: نقِّ قلبي] من الذنوب والخطايا كما ينقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدنَس".
أخرجه الترمذي (3547)، والبزار (8/ 292/ 3363)، وتمام في الفوائد (472).
قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح غريب".
وقال البزار: "ولا نعلم أسند عطاء بن السائب عن ابن أبي أوفى إلا هذا الحديث، ولا روى هذا الحديث عن الحسن بن عبيد الله عن عطاء إلا حفص بن غياث".
قلت: إسناده صحيح غريب؛ والحسن بن عبيد الله: كوفي ثقة، توفي سنة (139 هـ)، وقيل:(142 هـ)، فهو أقدم وفاة بكثير من الثوري وشعبة ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط، فهو قديم السماع من عطاء، وبين وفاتيهما ما بين ثلاث إلى ست سنين، وبقية رجاله ثقات، والله أعلم.
• وله أسانيد أخرى لا تصح [عند: أحمد (4/ 381)، وابن صاعد في مسند ابن أبي أوفى (19)، وابن عديّ في الكامل (3/ 56)].
• قال ابن رجب في الفتح (5/ 78) عن حديث الأعمش: "ورجح الإمام أحمد رواية شعبة، وقال: أظن الأعمش غلط فيه؛ يعني: في ذكره أنَّه كان يقوله بعد رفع رأسه من الركوع، وقد بيَّن ذلك أبو داود في سننه، وبسط القول فيه".
قلت: وهذا مقابَل بما رواه أبو داود في مسائله لأحمد (239)، قال:"قلت لأحمد مرة أخرى: أدعو بدعاء ابن أبي أوفى إذا رفعت رأسي من الركوع؟ قال: إذا كنت تصلي وحدك تقوله، أو يكون الإمام يقوله، قلت: في الفريضة؟ قال: نعم"[وانظر أيضًا: مسائل أبي داود (237 و 238)، مسائل عبد الله (263 و 264)، مسائل صالح (367)، مسائل الكوسج (230)].
فهذا احتجاج من الإمام أحمد بحديث ابن أبي أوفى في الذكر بعد الركوع، وقد سبق أن بينت أن رواية الأعمش محفوظة، لم يغلط فيها، وقد توبع عليها، وقد صححها مسلم وغيره، والله أعلم.
***
847 -
قال أبو داود: حدثنا مؤمَّل بن الفضل الحراني: حدثنا الوليد:
(ح) وحدثنا محمود بن خالد: حدثنا أبو مسهر،
(ح) وحدثنا ابن السرح: حدثنا بشر بن بكر،
(ح) وحدثنا محمَّد بن مصعب: حدثنا عبد الله بن يوسف، كلهم، عن سعيد بن عبد العزيز، عن عطية بن قيس، عن قَزَعة بن يحيى، عن أبي سعيد الخدري؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول حين يقول:"سمع الله لمن حمده": "اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد ملء السماء"،- قال مؤمل:"ملء السماوات" - "وملء الأرض، وملء ما شئت من شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبدُ، وكلنا لك عبدٌ، لا مانعَ لما أعطيتَ"، زاد محمود:"ولا معطيَ لما منعتَ"، ثمَّ اتفقوا:"ولا ينفعُ ذا الجدِّ منك الجدُّ".
قال بشر: "ربنا لك الحمد"، لم يقل:"اللَّهُمَّ"، لم يقل محمود:"اللَّهُمَّ"، قال:"ربنا ولك الحمد".
• حديث صحيح.
أخرجه مسلم (477)، وهو مخرج في الذكر والدعاء برقم (90).
وانظر فيمن وهم في إسناده عند: ابن أبي شيبة (1/ 222/ 2549)، وابن المقرئ في المعجم (1338).
• وقد ورد هذا الذكر من حديث ابن عباس، وعلي بن أبي طالب، ورفاعة بن رافع، وغيرهم:
1 -
حديث ابن عباس:
يرويه عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير:
عن ابن عباس؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع [وفي رواية: كان إذا قال: "سمع الله لمن حمده"]، قال:"اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعدُ، أهل الثناء والمجد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطيَ لما منعت، ولا ينفع ذا الجدِّ منك الجدُّ". لفظ عطاء مطول.
ولفظ سعيد: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: "سمع الله لمن حمده"، قال: "اللَّهُمَّ ربنا
لك الحمد، ملء السماء وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعدُ".
وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد السجود بعد الركعة يقول: "اللَّهُمَّ لك الحمد ملء السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
أخرجه مسلم (478)، وهو مخرج في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (90).
وانظر فيمن وهم في إسناده عند: أحمد (1/ 270)، والطبراني في الكبير (12/ 69/ 12503).
2 -
حديث علي بن أبي طالب:
يرويه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة، قال:. . . فذكر الحديث بطوله، وفيه: وكان إذا رفع رأسه من الركوع في الصلاة المكتوبة، قال:"اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد".
وفي رواية: وإذا رفع، قال:"اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، مِلءَ السماوات ومِلءَ الأرض، ومِلءَ ما بينهما، ومِلءَ ما شئتَ من شيء بعد".
وفي رواية: وإذا رفع، قال:"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلءَ السماوات والأرض، ومِلءَ ما بينهما، ومِلءَ ما شئتَ من شيء بعد".
أخرجه مسلم (771)، وقد تقدم عند أبي داود برقم (760) بتمامه، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء برقم (79 و 86 و 94 و 109) وتحت الحديث رقم (90)، فانظره.
3 -
حديث رفاعة بن رافع الزرقي:
يرويه مالك، عن نُعيم بن عبد الله المُجْمِر، عن علي بن يحيى الزُّرَقي، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي، قال: كنا يومًا نصلِّي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما رفعَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رأسَه من الركوع، قال:"سمع الله لمن حمده"، قال رجلٌ وراءَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد، حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، فلما انصرفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَن المتكلِّم بها آنفًا؟ "، فقال الرجلُ: أنا يا رسولَ الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:"لقد رأيتُ بضعةً وثلاثين ملكًا يبتدِرونها أيُّهم يكتبُها أوَّلُ".
أخرجه البخاري (799)، وقد سبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 174) برقم (89)، وتقدم في السنن برقم (770).
• وروي أيضًا عن جماعة من الصحابة، ولا يصح عن أحد منهم؛ فقد روي:
• من حديث أبي جحيفة، وفيه قصة ذكر الجدود، وهو حديث ضعيف [أخرجه ابن ماجه (879)، وابن أبي شيبة (1/ 222/ 2550)، وابن منيع في مسنده (2/ 382/ 1939 - إتحاف الخيرة)، والبزار (10/ 161/ 4234)، وجعفر الفريابي في القدر (182)، وأبو يعلى (2/ 185/ 882)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 239)، وفي المشكل (13/ 163/ 5168)، والطبراني في الكبير (22/ 133/ 355)، وفي الدعاء (567)، وابن عبد البر في
التمهيد (23/ 85)] [وفي إسناده: شريك بن عبد الله النخعي، وهو: سيئ الحفظ، عن شيخه أبي عمر المنبهي، وهو: مجهول].
• ومن حديث ابن مسعود [أخرجه الطبراني في الكبير (9/ 201/ 8985) و (10/ 168/ 10348) و (10/ 226/ 10551)، وفي الدعاء (553 - 555)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (167) (533 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (4/ 377)، والخطيب في تاريخ بغداد (7/ 225)][بأسانيد ضعيفة].
• ومن حديث عائشة [أخرجه الطبراني في الدعاء (569)، وأبو نعيم في الحلية (3/ 81)][وإسناده واهٍ، فيه أبان بن أبي عياش، وهو: متروك، منكر الحديث، رماه شعبة بالكذب].
• ومن حديث بريدة بن الحصيب [أخرجه البزار (10/ 332/ 4462)، والدارقطني (1/ 339)، وابن الجوزي في التحقيق (508)][وهو حديث باطل، مروي بإسنادين، أحدهما فيه: جابر بن يزيد الجعفي، وهو: متروك، يكذب، وعمرو بن شمر الجعفي: متروك، منكر الحديث، كُذِّب، ورُمِي بالوضع. اللسان (6/ 210)، والراوي عنه: مجهول، والإسناد الآخر واهٍ جدًّا، مسلسل بالمتروكين من العرازمة، وفيه جابر الجعفي أيضًا].
• ومن حديث محمَّد بن مسلمة [وهو حديث منكر؛ تكلمت عليه في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (79)، وقد خرجته مفصلًا تحت الحديث رقم (762) من السنن].
• ومن حديث المغيرة بن شعبة [أخرجه أبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (168) (534 - المخلصيات).][وهو حديث منكر؛ الحمل فيه على جابر بن يزيد الجعفي، وقد سبق ذكره].
***
848 -
. . . مالك، عن سمي، عن أبي صالح السَّمَّان؛ عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، فإنَّه من وافق قولُه قولَ الملائكة غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه".
• حديث متفق على صحته.
أخرجه البخاري (796 و 3228)، ومسلم (409)، وهو مخرج في الذكر والدعاء (1/ 172) برقم (88).
• وانظر طرق حديث أبي هريرة هذا، وطرق حديث أبي هريرة الآخر:"وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد"، وما جاء في ذلك عن عدد من الصحابة، غير ما تقدم ذكره في الباب: انظر الأحاديث المتقدمة برقم (601 و 603 و 836) وما تحت الأحاديث رقم (604 و 607 و 619 و 630 و 722)، وتخريج الذكر والدعاء (1/ 172/ 88).
• ومما فاتني ذكره:
ما رواه سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قال القارئ: سمع الله لمن حمده؛ فقال من خلفه: اللَّهُمَّ ربنا ولك الحمد، فوافق قولُه ذلك قولَ أهل السماء: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه".
أخرجه مسلم (409)، وأبو عوانة (1/ 456/ 1689 و 1690)، وأبو نعيم في المستخرج (2/ 32/ 907)، والنسائيُّ في الكبرى (9/ 204/ 12771 - تحفة الأشراف)، وابن حبَّان (5/ 235/ 1909)، وأحمد (2/ 417)، والطبراني في الدعاء (577).
• وأما حديث حذيفة:
الذي يرويه شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي حمزة رجل من الأنصار [هو: طلحة بن يزيد]، عن رجل من بني عبس [شعبة يرى أنَّه صلة بن زفر]، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه؛ أنَّه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل،. . . والشاهد منه قوله: ثمَّ رفع رأسه، فكان قيامه نحوًا من ركوعه، وكان يقول:"لربي الحمد، لربي الحمد".
فهو حديث حسن؛ سبق تخريجه في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (82)، ويأتي في السنن برقم (874)، ويأتي ذكره أيضًا في الباب الآتي.
وهذه الرواية يمكن تفسيرها بما رواه جرير بن عبد الحميد، وحفص بن غياث، عن الأعمش، عن سعد بن عُبَيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زُفَر، عن حذيفة، قال: صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فاستفتح سورة البقرة،. . . فذكر الحديث بطوله، وفيه: ثمَّ رفع رأسه، فقال:"سمع الله لمن حمده، اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد"، فأطال القيام،. . .
أخرجه مسلم (772)، وأبو نعيم في مستخرجه عليه (2/ 369/ 1764)، والنسائيُّ (2/ 224/ 1133)، وابن خزيمة (684)، وابن حبَّان (6/ 344/ 2609)، وابن نصر في تعظيم قدر الصلاة (312).
وراجع تخريجه في الذكر والدعاء برقم (83)[ويصحح إسناده هناك]، ويأتي في السنن برقم (871).
وبالجمع بين الروايتين يتبين أن قوله صلى الله عليه وسلم: "لربي الحمد، لربي الحمد"، إنما كان بعد الذكر المعهود:"سمع الله لمن حمده، اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد"، والله أعلم.
***
849 -
قال أبو داود: حدثنا بشر بن عمار: حدثنا أسباطٌ، عن مُطرِّف، عن عامر، قال: لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ولكن يقولون: ربنا لك الحمد.
• مقطوع على عامر الشعبي بإسناد صحيح.
أخرجه من طريق أبي داود: الخطيب في تالي تلخيص المتشابه (2/ 520).
• ورواه محمَّد بن فضيل، عن مطرف، عن عامر؛ قال: لا يقول القوم خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ولكن ليقولوا: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 227/ 2598).
وهذا إسناد كوفي صحيح إلى عامر بن شراحيل الشعبي قوله، ومطرف هو: ابن طريف الكوفي، وأسباط هو: ابن محمَّد القرشي، ورجاله جميعًا ثقات مشهورون، غير بشر بن عمار القُهُستاني، روى عنه أبو داود هذا الأثر فقط، وشيوخ أبي داود ثقات، وروى عنه أيضًا جماعة من الثقات، وذكره ابن حبَّان في الثقات [التهذيب (1/ 230)، تالي تلخيص المتشابه (2/ 519)، تهذيب الكمال (4/ 136)، التقريب (98)، وقال: "صدوق"]، وقد توبع في روايته كما ترى.
• وصح ذلك أيضًا من قول ابن مسعود، وأبي هريرة، ومن فعل ابن عمر:
فقد روى سفيان الثوري، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله؛ قال: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، قال من خلفه: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 166 - 167/ 2915)[وفي سنده سقط]، وابن أبي شيبة (1/ 227/ 2597)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 161/ 1419).
وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.
• وروى ابن عيينة، عن أيوب السختياني، قال: سمعت عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، يقول: سمعت أبا هريرة يقول: إذا رفع الإمام رأسه من الركوع، فقال: سمع الله لمن حمده، فقل: ربنا لك الحمد.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 167/ 2916)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (3/ 162/ 1421).
وهذا موقوف على أبي هريرة بإسناد صحيح.
• وروى ابن جريج، قال: أخبرني نافع، أن ابن عمر كان يقول إذا كان مأمومًا، فقال الإمام: سمع الله لمن حمده، قال ابن عمر: اللَّهُمَّ ربنا لك الحمد.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 162/ 1420).
وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.
ولم يصح عن أحد من الصحابة خلاف ذلك؛ وإنما صح عن ابن سيرين وعطاء [عند: عبد الرزاق (2/ 168/ 2919)، وابن أبي شيبة (1/ 227/ 2600)، والبيهقيُّ (2/ 96)].
• قال الترمذي بعد حديث مالك السابق (267): "والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن يقول الإمام: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، ويقول من خلف الإمام: ربنا ولك الحمد، وبه يقول أحمد.
وقال ابن سيرين وغيره: يقول من خلف الإمام: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مثل ما يقول الإمام، وبه يقول الشافعي وإسحاق".