المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٩

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌130 - باب تخفيف الأخريين

- ‌15).***131 -باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌133 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌باب تكميلي

- ‌باب القراءة في صلاة العشاء

- ‌134 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌135 - باب القراءة في الفجر

- ‌136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

- ‌137 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

- ‌138 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

- ‌139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة

- ‌140 - باب تمام التكبير

- ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌142 - باب النهوض في الفرد

- ‌143 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌145 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌(14/ 407)].***146 -باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال [وفي نسخة: مع الإمام] رؤوسهنَّ من السجدة

- ‌147 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌148 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه

- ‌150 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

- ‌151 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌152 - باب في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

- ‌154 - باب مقدار الركوع والسجود

- ‌155 - باب أعضاء السجود

- ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

- ‌157 - باب السجود على الأنف والجبهة

- ‌(1/ 306).158 -باب صفة السجود

الفصل: ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أنه كان يصلي بهم، فيكبر كلما وضع رأسه ورفع، فإذا انصرف قال: أنا أشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم. لفظ الطحان.

وفي رواية يزيد: فيكبر كلما رفع ووضع.

وفي رواية الطنافسي: فيكبر خلف الركوع وخلف السجود.

أخرجه أحمد (2/ 502 و 527)، وابن أبي شيبة (1/ 218/ 2496)، والبزار (14/ 316/ 7961)، وأبو يعلى (10/ 357/ 5949).

إسناده حسن، وهو حديث صحيح، تقدم ذكره في طرق حديث أبي هريرة، وانظر تخريجه أيضًا تحت الحديث السابق برقم (738).

• وقد سبق أن بينت أن حديث أبي هريرة المتفق عليه يبين موضع التكبير [راجع تخريجه بطرقه في الحديث السابق]:

ففي رواية ابن جريج: أخبرني ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن؛ أنه سمع أبا هريرة، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة يكبِّر حين يقوم، ثم يكبِّر حين يركع، ثم يقول:"سمع الله لمن حمده" حين يرفع صُلْبَه من الركوع، ثم يقول وهو قائم:"ربنا ولك الحمد"، ثم يكبِّر حين يهوي ساجدًا، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يكبِّر حين يسجد، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثم يفعل مثل ذلك في الصلاة كلِّها حتى يقضيها، ويكبِّر حين يقوم من المثنى بعد الجلوس.

ثم يقول أبو هريرة: إني لأشبهكم صلاةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم.

• ورواه عن الزهري بمثل حديث ابن جريج: عقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، إلا أنهما لم يذكرا قول أبي هريرة: إني لأشبهكم صلاةٌ برسول الله صلى الله عليه وسلم.

• فحديث أبي هريرة من هذا الطريق حجة في بيان موضع التكبير، وأن محله بين الركنين، حال الانتقال، وأنه يقول: سمِع الله لمن حمده بعد أن يبدأ في الرفع من الركوع، وقبل أن يستوي قائمًا، فإذا استوى قائما قال: ربنا ولك الحمد.

***

‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

؟

838 -

. . . يزيد بن هارون: أخبرنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه.

• حديث منكر.

تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (728)، وهو حديث منكر.

***

ص: 294

839 -

. . . حجاج بن منهال: حدثنا همام: حدثنا محمد بن جُحادة، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر حديث الصلاة، قال: فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرض قبل أن تقعا كفَّاه.

قال همام: وحدثنا شقيق: حدثني عاصم بن كليب، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وفي حديث أحدهما، وأكبر علمي أنه في حديث محمد بن جحادة: وإذا نهض نهض على ركبَتَيه، واعتمد على فخِذِه.

• حديث شاذ.

تقدم تخريجه تحت الحديث السابق برقم (723)، وسبق برقم (736).

• ومما روي أيضًا في تقديم الركبتين على اليدين عند النزول:

حديث أنس:

يرويه العلاء بن إسماعيل العطار: حدثنا حفص بن غياث، عن عاصم الأحول، عن أنس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر حتى حاذى بإبهاميه أذنيه، ثم ركع حتى استقر كل مفصل منه في موضعه، ثم رفع رأسه حتى استقر كل مفصل منه في موضعه، ثم انحط بالتكبير فسبقت ركبتاه يديه.

أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 55/ 81 - السفر الثاني)، والدارقطني (1/ 345)، والحاكم (1/ 226)، وابن حزم في العلى (4/ 129)، والبيهقي (2/ 99)، والحازمي في الاعتبار (1/ 88/329)، وابن الجوزي في التحقيق (519)، والضياء في المختارة (6/ 293/ 2310).

قال الدارقطني: "تفرد به العلاء بن إسماعيل عن حفص بهذا الإسناد، والله أعلم".

وقال الحاكم: "هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين، ولا أعرف له علة، ولم يخرجاه".

وتعقبه ابن عبد الهادي فقال في التنقيح (2/ 251): "وليس كما قال؛ فإن العلاء بن إسماعيل: غير معروف".

وقال البيهقي: "تفرد به العلاء بن إسماعيل، والله تعالى أعلم".

قلت: العلاء بن إسماعيل العطار، أبو الحسن الكوفي، ومنزله بفَيد: مجهول [التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (1/ 55/ 81 - السفر الثاني)، زاد المعاد (1/ 229)، التنقيح (2/ 251)، اللسان (5/ 462)، التلخيص الحبير (1/ 254)]، وفي تفرده بهذا عن حفص بن غياث نكارة ظاهرة، فهو كما قال أبو حاتم لما سأله ابنه عن هذا الحديث، فقال:"هذا حديث منكر"[العلل (539)].

قال ابن القيم في الزاد (1/ 229): "وإنما أنكره -والله أعلم- لأنه من رواية

ص: 295

العلاء بن إسماعيل العطار عن حفص بن غياث، والعلاء هذا مجهول، لا ذكر له في الكتب الستة".

وقال ابن حجر في الإتحاف (2/ 1225/61): "وإنما أنكره لأنه تفرد به عن حفص، والعلاء لا يعرف حاله؛ وقد ذكر مسلم أن علامة المنكر أن يتفرد من ليس معروفًا حالُه برواية حديثٍ عمن يكون مكثرًا من الرواية.

وقد رواه عمر بن حفص بن غياث عن أبيه بسند آخر، قال: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة وغيره، عن عمر موقوفًا عليه، وهذا هو المحفوظ، فإن عمر أثبت الناس في أبيه".

وقال في اللسان (5/ 462): "وخالفه عمر بن حفص بن غياث، وهو من أثبت الناس في أبيه، فرواه عن أبيه عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة وغيره عن عمر موقوفًا عليه، وهذا هو المحفوظ، والله أعلم".

قلت: وهو كما قال الحافظ، وسيأتي ذكر أثر عمر في نهاية أحاديث الباب.

***

840 -

. . . عبد العزيز بن محمد: حدثني محمد بن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا سجد أحدكم فلا يبرُك كما يبرُك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه".

• حديث غريب.

أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/ 139)، والنسائي في المجتبى (2/ 207/ 1091)، وفي الكبرى (1/ 345/ 682)، والدارمي (1/ 347/ 1321)، وأحمد (2/ 381)، والسرقسطي في الدلائل (3/ 992/ 539)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 254)، وفي المشكل (1/ 168)، والدارقطني في السنن (1/ 344 و 345)، وفي الأفراد (2/ 297/ 5254 - أطرافه)، وتمام في الفوائد (720)، وابن حزم في العلى (4/ 129)، والبيهقي في السنن (2/ 99 و 100)، وفي المعرفة (2/ 836/4)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 134/ 643)، والحازمي في الاعتبار (1/ 325 - 326/ 86)، وابن الجوزي في التحقيق (521 و 522).

هكذا رواه عن عبد العزيز الدراوردي: سعيد بن منصور، ويحيى بن حسان التنيسي، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله المديني، ومروان بن محمد الطاطري، وأصبغ بن الفرج [وهم ثقات].

وتحرف على أحد الرواة عن سعيد بن منصور عند البيهقي قوله: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، أو:"وليضع يديه ثم ركبتيه"، فقال:"وليضع يديه على ركبتيه"، وجماعة الثقات

ص: 296

من أصحاب سعيد بن منصور [مثل أحمد بن حنبل وأبي داود وغيرهما] رووه عنه كالجماعة.

والمتفرد بهذه اللفظة: الحسن بن علي بن زياد الرازي السُّرِّي: صحح له الحاكم، وهو شيخ للعقيلي وبعض الحفاظ [الأنساب (3/ 252)]، وهي وهم ظاهر، والله أعلم.

***

841 -

. . . قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يعمِدُ أحدُكم في صلاته، فيبرُك كما يبرُك الجمل".

• حديث غريب.

أخرجه من طريق قتيبة بن سعيد: الترمذي (269)، والنسائي في المجتبى (2/ 207/ 1090)، وفي الكبرى (1/ 344/ 681)، والبيهقي (2/ 100).

قلت: في هذا الحديث انفرد عبد العزيز الدراوردي بهذه الزيادة في الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، واتفق هو وعبد الله بن نافع الصائغ المدني على النهي عن التشبه بالبعير في بروكه، وهو معنى صحيح موافق لأصول الشريعة في النهي عن التشبه بالحيوانات، كما قرره ابن القيم في الزاد (1/ 224)، فالذي اتفقا عليه: أن لا يتشبه المصلي في نزوله إلى الأرض بالبعير حال بروكه، فالمنهي عنه هو هذه الهيئة في نفسها حال النزول، بتقديم المقدَّم على المؤخَّر، بغض النظر عن مسمى الركبة في البعير والإنسان عند أهل اللغة، وفي هذا المعنى يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع (3/ 111):"فإن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يبرك الرجل كما يبرك البعير، والبعير إذا برك يقدم يديه، فيقدم مقدَّمه على مؤخَّره كما هو مشاهد، وقد ظن بعض أهل العلم أن معنى قوله: "فلا يبرك كما يبرك البعير" يعني: فلا يبرك على ما يبرك عليه البعير، وأنه نهى أن يبرك الإنسان على ركبتيه، وعلى هذا؛ فيقدم يديه، ولكن بين اللفظين فرقًا واضحًا، فإن النهي في قوله: "كما يبرك" نهي عن الكيفية؛ لأن الكاف للتشبيه، ولو كان اللفظ: "فلا يبرك على ما يبرك" لكان نهيًا على ما يسجد عليه، وعلى هذا؛ فلا يسجد على ركبتيه؛ لأن البعير يبرك على ركبتيه، وعلى هذا فيقدم يديه"، ثم قال بعد ذلك بسطور (3/ 112):"وهذا صحيح أن ركبتي البعير وكلِّ ذات أربع في اليدين، لكن الحديث لا يساعد لفظه على هذا المعنى"[وانظر له أيضًا: فتاوى أركان الإسلام (249)، مجموع الفتاوى والرسائل (13/ 170 - 183)].

ومن ثم فإن قول القائل بأن الدراوردي قد يكون انقلب عليه متن الجزء الثاني من الحديث ليس ببعيد، فإن الدراوردي كان سيئ الحفظ، وربما حدَّث من حفظه فأخطأ

ص: 297

[انظر: التهذيب (2/ 592)]؛ لأن المتبادر إلى الذهن من هذا النهي عن التشبه في الكيفية: أن لا يقدِّم المصلي يديه على ركبتيه؛ لأن هذه هي الهيئة التي يبرك بها الجمل، ومن ثم فإن الأقرب عندي أن هذه اللفظة التي في حديث الدراوردي غير محفوظة، من قِبَله هو، هذا من وجه [وانظر: زاد المعاد (1/ 223)، تهذيب السنن (3/ 52)].

ومن وجه آخر: فقد تفرد بهذا الحديث عن أبي الزناد: محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو عبد الله المدني، وهو وإن وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في الثقات، إلا أن ابن سعد قال عنه في الطبقات:"كان قليل الحديث، وكان يلزم البادية، ويحب الخلوة"[التهذيب (3/ 604)]، فأين هذا -مع قلة حديثه، وعدم سكناه المدينة- من أصحاب أبي الزناد من المدنيين والغرباء على كثرتهم، وجمعهم لحديثه، وهذا الحديث من أحاديث الأحكام مما تنشط النفوس لحمله، فأين عنه مالك، وعبيد الله بن عمر العمري، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وابن إسحاق، وابن عجلان، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، وسفيان بن عيينة، وشعيب بن أبي حمزة، والمغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، وغيرهم ممن أكثر عن أبي الزناد؟! وهل خص أبو الزناد محمد بن عبد الله بهذا الحديث دون غيره؟ ألم يكن الأولى بهذا الاختصاص ابنه عبد الرحمن، أو مالك، أو الثوري، أو ابن عيينة، أو أمثال هؤلاء ممن عرفوا بالحرص على العلم ونقله؟

فكيف ينفرد محمد بن عبد الله بن حسن عن أبي الزناد بهذا الحديث، بل ولم يرو عنه غير هذا الحديث، بل ولا يُعرف له عنه سماع.

فهو حديث غريب غريب.

قال البخاري بعد أن أخرجه في ترجمة محمد بن عبد الله بن حسن: "ولا يتابع عليه، ولا أدري سمع من أبي الزناد، أم لا؟ ".

وقيل لعبد الله الدارمي: ما تقول؟ قال: "كله طيب"، وقال:"أهل الكوفة يختارون الأول"؛ يعني: النزول بالركب على حديث وائل بن حجر.

وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه".

وقال حمزة الكناني: "هو منكر"[الفتح لابن رجب (5/ 90)].

وقال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن الحسن العلوي عن أبي الزناد.

قال أبو بكر بن أبي داود: وهذه سُنَّة تفرد بها أهل المدينة، ولهم فيها إسنادان: هذا أحدهما، والآخر: عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قول أصحاب الحديث: وضع اليدين قبل الركبتين".

وقال أبو سليمان الخطابي في معالم السنن (1/ 180): "حديث وائل بن حجر أثبت من هذا، وزعم بعض العلماء أن هذا منسوخ، وروى فيه خبرًا عن سلمة بن كهيل، عن

ص: 298

مصعب بن سعد [كذا، وإنما هو عن أبيه سعد، قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين".

وقال البيهقي: "يتفرد به: محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي".

وقال الحازمي: "هذا حديث غريب، لا يُعرف من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه، وهو على شرط أبي داود والترمذي والنسائي، أخرجوه في كتبهم".

وقال ابن العربي في العارضة (2/ 61) عن حديث وائل: "حديث غريب"، وعن حديث أبي هريرة:"ضعيف"، ثم قال:"وهذان حديثان لم يصحا".

وقال النووي في المجموع (3/ 381)، وفي الخلاصة (1284):"رواه أبو داود والنسائي بإسناد جيد، ولم يضعفه أبو داود".

وقال ابن حجر في البلوغ (310): "وهو أقوى من حديث وائل".

وقال المناوي في الفيض (1/ 373): "وأعله البخاري والترمذي والدارقطني بمحمد بن عبد الله بن حسن وغيره".

• قال الترمذي: "وقد روي هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد الله بن سعيد المقبري: ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره".

قلت: رواه ابن فضيل، عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة يرفعه؛ أنه قال:"إذا سجد أحدكم فليبتدئ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرُك بُروك الفحل".

وفي رواية: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 235/ 2702)، وأبو يعلى (11/ 414/ 6540)، والطحاوي (1/ 255)، والبيهقي في السنن (2/ 100)، وفي المعرفة (2/ 837/5).

قال الطحاوي: "فهذا خلاف ما روى الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، ومعنى هذا: لا يبرُك على يديه كما يبرُك البعير على يديه".

وقد فرح بعضهم بهذا الحديث لكونه يعارض رواية الدراوردي المقلوبة، وأن عبد الله بن سعيد المقبري قد رواه على الوجه الصحيح.

لكن قال البيهقي في المعرفة: "هكذا رواه عبد الله بن سعيد المقبري؛ غير أنه ضعيف، لا يُفرح بما يتفرد به، والله أعلم".

وقال في السنن: "إلا أن عبد الله بن سعيد المقبري: ضعيف، والذي يعارضه يتفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي، وقد رواه عبد الله بن نافع مختصرًا".

قلت: إسناده واهٍ؛ عبد الله بن سعيد المقبري: متروك، منكر الحديث.

• وإنما يُعرف هذا عن أبي هريرة موقوفًا عليه قوله:

فقد روى محمد بن علي بن زيد المكي الصائغ [راوي سنن سعيد بن منصور، وهو: ثقة. الثقات (9/ 152)، سؤالات السهمي (5)، التقييد (88)، السير (13/ 428)]، قال:

ص: 299

نا سعيد بن منصور، قال: نا عبد الله بن وهب، قال: نا عمرو بن الحارث؛ أن بغير بن عبد الله بن الأشج حدثه، عن أبي مرة مولى عقيل بن أبي طالب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: لا يبركَن أحدٌ بروك البعير الشارد، ولا يفترش ذراعيه افتراش السبع.

أخرجه السرقسطي في الدلائل (3/ 991/ 538)، عن محمد بن علي به.

وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وأبو مرة مولى عقيل بن أبي طالب: سمع أبا هريرة [انظر: الموطأ (1/ 632/ 1410) وغيره]، ومحمد بن علي هذا قد رواه عن سعيد بن منصور بالإسنادين جميعًا، بهذا الإسناد موقوفًا، وبإسناد الدراوردي مرفوعًا، فدل على أنه محفوظ عن سعيد بن منصور بالوجهين جميعًا.

ووصف البعير بالشارد وصف زائد على مجرد البروك المعتاد من البعير، وفسر السرقسطي قول أبي هريرة بأن لا يرم بنفسه معًا كما يفعل البعير الشارد غير المطمئن المواتر، ولكن لينحط مطمئنًا، يضع يديه ثم ركبتيه، ثم احتج على ذلك بحديث الدراوردي، والله أعلم.

• وقد روي نحو حديث أبي هريرة [من طريق الدراوردي] من حديث ابن عمر:

قال المزي في التحفة (5/ 495/ 8030 - ط دار الغرب): " (د) حديث: أن ابن عمر كان يضع يديه قبل ركبتيه، زاد ابن يحيى في حديثه: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

(د) في الصلاة، عن إسحاق أبي يعقوب -شيخ ثقة-، وعن محمد بن يحيى، عن أصبغ، كلاهما عنه به"؛ يعني: عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.

قال المزي: "قال أبو داود: روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير.

(ز) إسحاق هذا هو ابن أبي إسرائيل.

(كـ) وهذا الحديث في رواية ابن العبد، ولم يذكره أبو القاسم".

قلت: وهذا الحديث ليس في المطبوع من سنن أبي داود، لكونه من رواية ابن العبد فقط، وقد رواه أيضًا من طريق أصبغ بن الفرج به مرفوعًا:

ابن خزيمة (1/ 318 - 319/ 627)، وابن حبان في وصف الصلاة بالسُّنَّة (9/ 213/ 10918 - إتحاف المهرة)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 165/ 1430)، والطحاوي (1/ 254)، والدارقطني في السنن (1/ 344)، وفي الأفراد (1/ 578/ 3358 - أطرافه)، وابن الجوزي في التحقيق (520).

قال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به أصبغ بن الفرج عن عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله".

وقال في موضع آخر من الأفراد (2/ 297/ 5254 - أطرافه): "وهذا تفرد به الدراوردي عن عبيد الله بن عمر".

قلت: نعم المتفرد به هو الدراوردي، ولم يتفرد به أصبغ عنه، فقد تابعه جماعة،

ص: 300

تابعه إسحاق بن أبي إسرائيل عند أبي داود، كما في التحفة.

وتابعهما: عبد الله بن وهب، ومحرز بن سلمة، قالا: حدثنا الدراوردي به.

أخرجه الحاكم (1/ 226)، وعنه: البيهقي في السنن (2/ 100)، والحازمي في الاعتبار (1/ 324 - 325/ 85).

فهؤلاء أربعة من الثقات رووه عن الدراوردي به.

وعلقه البخاري في الصحيح قبل الحديث رقم (803)، بصيغة الجزم.

وقال أبو داود: "روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وله معارض من حديث أنس ووائل بن حجر"، ثم ذكر بأن القلب إلى حديث ابن عمر أميل.

وقال الحازمي: "هذا حديث يُعدُّ في مفاريد عبد العزيز عن عبيد الله".

وقال الدارقطني في العلل (13/ 24/ 2912): "يرويه الدراوردي، واختلف عنه:

فرواه عبد اللّه بن وهب، وأصبغ بن الفرج، عن الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعًا.

وقال أبو نعيم الحلبي: عن الدراوردي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، فعله، موقوفًا، وهو الصواب".

قلت: أبو نعيم الحلبي عبيد بن هشام: صدوق، لُقِّن في آخر عمره أحاديث ليس لها أصل [التهذيب (3/ 41)]، والذين رفعوه أربعة من الثقات، ويغلب على ظني أن هذا الاختلاف إنما هو من الدراوردي نفسه.

وقال البيهقي في السنن بعد ما رواه من طريق محرز: "وكذلك رواه ابن وهب وأصبغ بن الفرج عن عبد العزيز، والمشهور عن عبد الله بن عمر في هذا:

"، ثم ذكر حديث أيوب عن نافع.

وقال في المعرفة (2/ 4): "والمحفوظ: عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما"".

قلت: أخرجه من طريق إسماعيل ابن علية، ووهيب بن خالد، عن أيوب به مرفوعًا:

أبو داود (892)، والنسائي في المجتبى (2/ 207/ 1092)، وفي الكبرى (1/ 345/ 683)، وابن خزيمة (630)، وابن حبان في وصف الصلاة بالسُّنَّة (9/ 33/ 10345 - إتحاف المهرة)، وابن الجارود (201)، والحاكم (1/ 226)، وأحمد (2/ 6)، والطوسي في مختصر الأحكام (2/ 123/ 252)، وأبو العباس السراج في مسنده (338 و 339)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 167/ 1434)، والبيهقي (2/ 101).

وقد اختلف في رفعه ووقفه، ويأتي تخريجه مستوفى -إن شاء الله تعالى- في موضعه من السنن.

ص: 301

• وحاصل أقوال الأئمة في حديث ابن عمر هذا:

أنه حديث منكر؛ لتفرد الدراوردي به عن عبيد الله بن عمر العمري، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي: صدوق، إلا أن حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر، وربما قلب حديث عبد الله بن عمر العمري [وهو: ضعيف] يرويه عن عبيد الله بن عمر.

قال أبو داود: "روى عبد العزيز عن عبيد الله أحاديث مناكير"، وقال النسائي:"الدراوردي: ليس به بأس، حديثه عن عبيد الله بن عمر: منكر"، وقال أحمد:"أحاديثه عن عبيد الله بن عمر تشبه أحاديث عبد الله بن عمر"[شرح علل الترمذي (2/ 810)، التهذيب (2/ 593)، وفيه قول أحمد: "وربما قلب حديث عبد الله بن عمر، يرويها عن عبيد الله بن عمر"].

وقد اختلف فيه على الدراوردي، فمنهم من رواه عنه مرفوعًا، وهم الأكثر، ورواه أبو نعيم الحلبي عنه موقوفًا، ولعل هذا الاختلاف من الدراوردي نفسه، فإن الدراوردي وإن كان أحد علماء المدينة وثقاتهم، صحيح الكتاب، إلا أنه كان سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، فربما حدث بهذا الحديث من حفظه فوهم، أو دخل له حديث في حديث، وهو كان كان صحيح الكتاب؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (2/ 592) وغيره].

ولذلك فلا يستبعد أن يكون دخل له حديث في حديث، وإنما أراد حديث نافع، عن ابن عمر:"أن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما".

أو يكون أصله موقوفًا مقلوبًا، فقد رواه يعقوب بن إبراهيم، عن ابن أبي ليلى، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان يضع ركبتيه إذا سجد قبل يديه، ويرفع يديه إذا رفع قبل ركبتيه.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 236/ 2705).

ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: صدوق، سيئ الحفظ جدًّا، وشيخ ابن أبي شيبة هو: أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (8/ 518)، الجرح والتعديل (9/ 201)].

قال ابن المنذر (3/ 166): "وقد تُكلِّم في حديث ابن عمر، قيل: إن الذي يصح من حديث ابن عمر موقوف، وحديث وائل بن حجر: ثابت، وبه نقول".

• قلت: لا يصح في الباب حديث مرفوع.

وقال ابن المنذر: "وقد زعم بعض أصحابنا أن وضع اليدين قبل الركبتين منسوخ".

قلت: احتج ابن خزيمة على ذلك بالحديث الذي رواه:

إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، قال: ثنا أبي، عن أبيه، عن سلمة، عن مصعب بن سعد، عن سعد، قال: كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأُمرنا بالركبتين قبل اليدين.

ص: 302

أخرجه ابن خزيمة (628)، وعنه: ابن حبان في الصلاة (5/ 95/ 5001 - إتحاف المهرة)، وابن المنذر (3/ 167/ 1433)، والبيهقي في السنن (2/ 100)، والحازمي في الاعتبار (1/ 327 - 328/ 87).

قال البيهقي في المعرفة (2/ 5): "هذا إن كان محفوظًا دل على النسخ؛ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه: حديث نسخ التطبيق، والله أعلم".

وقال في السنن: "إسناده ضعيف"، ثم قال:"كذا قال، والمشهور عن مصعب عن أبيه: حديث نسخ التطبيق، والله أعلم".

وقال الحازمي: "وأما حديث سعد: ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدل على النسخ؛ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه: حديث نسخ التطبيق، والله أعلم".

وقال النووي في الخلاصة (1285)، وفي المجموع (3/ 381):"رواه ابن خزيمة في صحيحه، وادّعى أنه ناسخ لتقديم اليدين، وكذا اعتمده أصحابنا، ولا حجة فيه؛ لأنه ضعيف، ظاهر الضعف، بيَّن البيهقي وغيره ضعفه، وهو من رواية يحيى بن سلمة، وهو ضعيف باتفاقهم، قال البخاري: في حديثه مناكير، وقال أبو حاتم: منكر الحديث".

وقال ابن القيم في تهذيب السنن (3/ 52): "وهذا الحديث هو في الصحيحين عن مصعب بن سعد، قال: صليت إلى جنب أبي فجعلت يدي بين ركبتي، فنهاني عن ذلك، فعدت فقال: لا تصنع هذا؛ فإنا كنا نفعله فنهينا عن ذلك، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب، فهذا هو المعروف عن سعد؛ أن المنسوخ هو قصة التطبيق ووضع الأيدي على الركب، ولعل بعض الرواة غلط فيه، من وضع اليدين على الركبتين، إلى وضع اليدين قبل الركبتين"، وقال:"أما حديث سعد: ففي إسناده مقال، ولو كان محفوظًا لدل على النسخ، غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق"[وانظر: زاد المعاد (1/ 227)].

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 291): "وهذا لو صح لكان قاطعًا للنزاع، لكنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل عن أبيه، وهما ضعيفان".

قلت: لا شك أنه معلول بحديث مصعب بن سعد عن أبيه في نسخ التطبيق، في الصحيحين وغيرهما، ويأتي تخريجه قريبًا -إن شاء الله تعالى- برقم (867).

فهو حديث منكر باطل؛ يحيى بن سلمة بن كهيل: متروك، منكر الحديث [التهذيب (4/ 361)]، وابنه: إسماعيل: متروك [التهذيب (1/ 170)]، وحفيده: إبراهيم: ضعيف، اتهمه أبو زرعة [التهذيب (1/ 59)].

• لكن ثبت عن عمر بن الخطاب النزول على الركبتين:

رواه يعلى بن عبيد الطنافسي، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود؛ أن عمر كان يقع على ركبتيه.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 236/ 2704)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 165/ 1431).

ورواه حفص بن غياث، قال: ثنا الأعمش، قال: حدثني إبراهيم عن أصحاب

ص: 303

عبد الله: علقمة والأسود، فقالا: حفظنا عن عمر في صلاته أنه خرَّ بعد ركوعه على ركبتيه، كما يخِرُّ البعير، ووضع ركبتيه قبل يديه.

أخرجه الطحاوي (1/ 256)، قال: حدثنا فهد بن سليمان [المصري: ثقة. الجرح والتعديل (7/ 89)، تاريخ دمشق (48/ 459)، تاريخ الإسلام (20/ 416)]، قال: حدثنا عمر بن حفص [ثقة]، قال: حدثنا أبي به.

• ورواه أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان أصحاب عبد الله إذا ذُكر القنوت -يعني: في الفجر-، قالوا: حفظنا من عمر رضي الله عنه أنه كان إذا افتتح الصلاة، قال: سبحانك اللَّهُمَّ وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، وإذا ركع كبر، ووضع يديه على ركبته، وإذا انحط للسجود انحط بالتكبير، فيقع كما يقع البعير، تقع ركبتاه قبل يديه، ويكبر إذا سجد وإذا رفع وإذا نهض، لا نحفظ له أنه يقوم بعد القراءة يدعو.

أخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (1/ 371/ 650 - مسند ابن عباس).

• ورواه الثوري ووكيع ومعمر، عن الأعمش، عن إبراهيم؛ أن عمر كان إذا ركع يقع كما يقع البعير، ركبتاه قبل يديه، ويكبر ويهوي. لفظ وكيع مختصر.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 176/ 2955)، وابن أبي شيبة (2/ 236/ 2703).

قلت: كل هؤلاء الذين رووه عن الأعمش من ثقات أصحابه عدا معمر، والذي يظهر لي من هذا الاختلاف على الأعمش، أنه كان بحسب نشاطه، فإذا نشط أسنده، وذكر من حدَّث به إبراهيم، وكان أحيانًا يبهم الواسطة، أو يرسله لعلم السامع أن إبراهيم لم يدرك عمر، وإنما يروي عن أصحاب ابن مسعود عنه، وعليه: فالذي حفظ الزيادة في الإسناد وأداها أولى من رواية من أسقطها، أو أبهمها، لا سيما وكان يحيى بن سعيد القطان يعدُّ حفص بن غياث من أوثق أصحاب الأعمش، ولم ينفرد بذلك حفص، فقد تابعه يعلى بن عبيد، وهو ثقة يحفظ، والله أعلم.

وعليه: فهو موقوف على عمر بإسناد صحيح.

وروي عن ابن مسعود، ولا يصح عنه [انظر: شرح معاني الآثار (1/ 256)].

• قال النووي في المجموع (3/ 380) عن تقديم الركبتين على اليدين: "قال الترمذي والخطابي: وبهذا قال أكثر العلماء، وحكاه أيضًا القاضي أبو الطيب عن عامة الفقهاء، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، والنخعي، ومسلم بن يسار، وسفيان الثوري، [وفي الأوسط: والشافعي]، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، قال: وبه أقول، وقال الأوزاعي ومالك: يقدم يديه على ركبتيه، وهي رواية عن أحمد، وروي عن مالك أنه يقدم أيهما شاء ولا ترجيح، واحتُجَّ لمن قال بتقديم اليدين بأحاديث، ولمن قال بعكسه بأحاديث، ولا يظهر ترجيح أحد المذهبين من حيث السُّنَّة"[وانظر: الفتح لابن رجب (5/ 91)].

قلت: إذا كانت الأحاديث المرفوعة لا تصلح للاحتجاج في الباب، وثبت في الباب

ص: 304