الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرجه الطبراني في الصغير (36)، قال: حدثنا أحمد بن إسحاق الصدفي المصري: حدثنا عمرو به.
قال الطبراني: "لم يروه عن محمَّد بن ثابت إلا يحيى بن أيوب، تفرد به: عمرو بن الربيع".
قلت: هو حديث منكر؛ لا يُعرف من حديث ثابت البناني عن أنس إلا من هذا الوجه، ومحمد بن ثابت البناني: منكر الحديث، روى عن أبيه ما لا يتابع عليه [التهذيب (3/ 525)، الميزان (3/ 495)]، وشيخ الطبراني: مجهول [تاريخ الإِسلام (21/ 51)].
• قلت: والحاصل؛ فإنَّه لا يصح بهذا اللفظ حديث؛ وإنما الصحيح في الباب:
ما رواه محمَّد بن عمرو بن حلحلة، عن محمَّد بن عمرو بن عطاء، أنَّه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أْنا كنت أحفظَكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثمَّ هَصَر ظهره، فإذا رفع رأسه استوى حتى يعود كل فَقَارٍ مكانَه، فإذا سجد وضع يديه غيرَ مُفترِشٍ ولا قابِضِهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على رجلِه اليسرى، ونصب اليمنى، وإذا جلس في الركعة الآخرة قدَّم رجلَه اليسرى، ونصب الأخرى، وقعد على مقعدته.
أخرجه البخاري (828)، وتقدم عند أبي داود برقم (732).
والشاهد منه قوله: ثمَّ هَصَر ظهره.
• قال البغوي: "قوله: "هصر ظهره"؛ أي: ثناه ثنيًا شديدًا في استواء بين رقبته وظهره، والهصر: مبالغة الثني للشيء الذي فيه لين، حتى ينثني كالغصن الرطب من غير أن يبلغ الكسر والإبانة"، وقال ابن حجر في الفتح (2/ 308):"ثناه في استواء، من غير تقويس"[وانظر: معالم السنن (1/ 169)، جامع الأصول (5/ 419)]، والله أعلم.
***
149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه
"
864 -
. . . إسماعيل: حدثنا يونس، عن الحسن، عن أنس بن حكيم الضبي، قال: خاف من زياد - أو: ابن زياد -، فأتى المدينة، فلقيَ أبا هريرة، قال: فنسبني، فانتسبت له، فقال: يا فتى! ألا أحدِّثك حديثًا؟ قال: قلت: بلى، رحمك الله - قال يونس: وأحسبه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن أول ما يحاسبُ الناسُ به يومَ القيامة من أعمالهم الصلاة"، قال: "يقول ربنا عز وجل لملائكته -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها؟ فإن كانت تامةً كُتِبتْ له تامةً، وإن
كان انتقص منها شيئًا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوُّعٍ؟ فإن كان له تطوعٌ، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثمَّ تؤخذ الأعمال على ذاكم".
• حديث حسن.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34)، والحاكم (1/ 262)، وأحمد (2/ 425)، وابن حزم في المحلى (2/ 245)، والبيهقيُّ (2/ 386)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 80).
رواه عن إسماعيل ابن علية: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وأحمد بن حنبل، وغيرهما.
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وله شاهد بإسناد صحيح على شرط مسلم"، ثمَّ أخرج حديث تميم الآتي.
• قلت: قد اختلف فيه على يونس بن عبيد العبدي البصري:
أ - فرواه إسماعيل ابن علية [ثقة ثبت]: حدثنا يونس، عن الحسن، عن أنس بن حكيم الضبي، عن أبي هريرة، - قال يونس: وأحسبه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا روى ابن علية شك يونس في رفعه.
ب - ورواه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، ويزيد بن زريع [ثقة ثبت]، وإسماعيل بن حكيم:
عن يونس، عن الحسن، عن أنس بن حكيم الضبي، قال: قال أبو هريرة: ألا أحدثك حديثًا لعل الله أن ينفعك به؟ قلت: بلى، رحمك الله، قال:"إن أول ما يحاسب به الناس من أعمالهم الصلاة، فيقول ربنا للملائكة -وهو أعلم-: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامةً كتبت له تامةً، وإن كان انتقص منها شيئًا، قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع، أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثمَّ يؤخذ الأعمال على ذاكم". موقوف على أبي هريرة قوله.
وفي رواية عبد الوارث: سمع يونس، عن الحسن، سمع أنس بن حكيم الضبي، سمع أبا هريرة، قوله.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 33 - 34)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (182)، وذكره الدارقطني في العلل (8/ 246/ 1551).
• وأخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 305)، من طريق إسماعيل بن حكيم عن يونس به مرفوعًا، لكن الراوي عنه: محمَّد بن يونس أبو العباس الكديمي، وهو: كذاب، يضع الحديث.
• ورواه البزار (16/ 271/ 9463) و (17/ 48/ 9565)، قال: حدثنا محمَّد بن المثنى: نا إسماعيل بن حكيم، عن يونس بن عبيد، عن علي بن زيد، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
وإسناده صحيح إلى إسماعيل بن حكيم، وقد قلب إسناده فجعله عن علي بن زيد بن جدعان بدل: الحسن البصري، ويبدو أنَّه قد اضطرب فيه على يونس بن عبيد، وإسماعيل بن حكيم الخزاعي البصري صاحب الزيادي: روى عنه جماعة، ولم أر فيه جرحًا أو تعديلًا [الجرح والتعديل (2/ 165)، غنية الملتمس (82)، تاريخ الإِسلام (4/ 232) و (13/ 104)].
ج - خالفهم: حماد بن سلمة، فرواه عن يونس بن عبيد، عن الحسن، عن رجل من بني سليط، قال: قال لي أبو هريرة. . .، فذكره.
أخرجه البيهقي في الشعب (3/ 181/ 3284).
هكذا وهم فيه حماد بن سلمة، وحمل حديث يونس بن عبيد على حديث حميد، وهو الحديث الآتي، والمحفوظ: رواية جماعة الثقات من أصحاب يونس.
قال البيهقي: "ورواه غيره عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أنس بن حكيم الضبي عن أبي هريرة، ووقفه بعضهم على أبي هريرة، وهذا - والله أعلم - فيمن ضيع من سننها شيئًا".
• قلت: اختلف ثقات أصحاب يونس بن عبيد، فرواه ابن علية عنه بالشك في رفعه، وجزم بوقفه عنه: عبد الوارث ويزيد بن زريع، ورواية الجزم أولى وأصح من رواية الشك، وعلى هذا فالمحفوظ من حديث يونس بن عبيد عن الحسن البصري: رواية الوقف.
• وقد رواه قتادة عن الحسن البصري، واختلف فيه على قتادة:
أ - فرواه همام بن يحيى [ثقة]، وسعيد بن بشير [ضعيف، يروي عن قتادة المنكرات]:
قال همام: حدثني قتادة، عن الحسن، عن حُرَيث بن قَبِيصة، قال: قدمتُ المدينة، فقلتُ: اللَّهُمَّ يسر لي جليسًا صالحًا، قال: فجلست إلى أبي هريرة، فقلت: إني سألت الله أن يرزقني جليسًا صالحًا، فحدِّثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله أن ينفعني به، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، فإن انتقص من فريضته شيء، قال الرب عز وجل: انظروا هل لعبدي من تطوع، فيكمل بها ما انتقص من الفريضة، ثمَّ يكون سائر عمله على ذلك".
أخرجه الترمذي (413)، والنسائيُّ في المجتبى (1/ 232/ 465)، وفي الكبرى (1/ 205/ 322)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (196)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (185)، والطحاوي في المشكل (6/ 387/ 2553)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 39/ 2673)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (20/ 277).
وعلقه أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 366)، وابن أبي حاتم في العلل (426).
قال الترمذي: "وفي الباب عن تميم الداري.
حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه.
وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن أبي هريرة، وقد روى بعض أصحاب الحسن، عن الحسن، عن قبيصة بن حريث غير هذا الحديث، والمشهور هو: قبيصة بن حريث.
وروي عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا".
وفي مختصر الطوسي: "حديث غريب"، وإن كان ما وقفت عليه من المصادر قد نقل عن الترمذي قوله:"حسن غريب" بإضافة الحسن إلى الغرابة.
قلت: حريث بن قبيصة مقلوب عن: قبيصة بن حريث، كما قال الترمذي، قال البخاري:"في حديثه نظر"، لذا أورده العقيلي وابن عديّ في الضعفاء، وقال ابن حزم:"ضعيف مطروح"، وقال النسائي في حديثه الآخر فيمن وطئ جارية امرأته:"ليس في هذا الباب شيء صحيح يحتج به"، ولم يثبت خبره ابن المنذر.
وقال أحمد بن حنبل: "شيخ لا يعرف، لا يحدث عنه غير الحسن"، وقال البيهقي:"غير معروف"، وقال ابن القطان:"وهو رجل لا تُعرف له حال، ولا يُعرف روى عنه غير الحسن"، وقال أيضًا:"والأمر على ما قال الترمذي من أنَّه قبيصة بن حريث، لا حريث بن قبيصة، وهو يروي عن سلمة بن المحبق، وهو مع ذلك: لا تعرف حاله، فأما إن كان حريث بن قبيصة فهو: لا تعرف عينه ولا حاله".
وقال العجلي: "تابعي ثقة"، وذكره ابن حبَّان في الثقات، وهما معروفان بتوثيق المجاهيل [السنن الكبرى للنسائي (6/ 448/ 7195)، معرفة الثقات (1509)، ضعفاء العقيلي (3/ 484)، الكامل (6/ 50)، المعرفة للبيهقي (6/ 360)، السنن الكبرى له (8/ 240)، بيان الوهم (3/ 566/ 1354) و (4/ 135/ 1576)، مغاني الأخيار (4/ 39)، التهذيب (3/ 425)].
قلت: فهو مجهول، وحديثه لا يصح.
ب - ورواه أبو العوام عمران بن داود القطان [صدوق، كثير الوهم]، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته، فإن وُجدت تامةً كتبت تامةً، وإن كان انتُقِص منها شيء، قال: انظروا، هل تجدون له من تطوع؟ يُكمَّل له ما ضيع من فريضةٍ من تطوعه، ثمَّ سائر الأعمال تجري على حسب ذلك".
أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 233/ 466)، وأبو طاهر المخلص في السابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (77)(1408 - المخلصيات).
من طريق أبي داود سليمان بن سيف الحراني، قال: حدثنا شعيب بن بيان الصفار [وعند النسائي: حدثنا شعيب -يعني: ابن بيان بن زياد بن ميمون، قال: كتب علي بن المديني عنه]، قال: حدثنا أبو العوام به.
قال ابن صاعد: "وهذا حديث متصل الإسناد، غريب، ما سمعناه إلا منه"؛ يعني: شيخه أبا داود سليمان بن سيف الحراني، وهو: ثقة حافظ.
لكن الشأن في شعيب بن بيان بن زياد بن ميمون؛ فإنَّه ضعيف؛ لا يحتمل تفرده بهذا؛ قال البزار: "وشعيب: ضعيف الحديث، وإنما يكتب من حديثه ما تفرد به"؛ يعني: لبيان غرائبه، لذا فقد ساق له البزار جملةً من غرائبه عن أبي العوام، وقال العقيلي:"بصرى، يحدث عن الثقات بالمناكير، وكاد أن يغلب على حديثه الوهم"، وقال الجوزجاني:"يحدث عن الثقات بالمناكير"، ولم يدخله ابن حبَّان في ثقاته، في الراجح عندي؛ وذلك أن الذهبي لم يذكر ذلك، وليس هو في مطبوعة الثقات، وأما ابن حجر فلم يجزم بذلك، وتردد فيه، ومعلوم أن النسخة التي اعتمد عليها ابن حجر من الثقات كانت سقيمة، ولعل قول الذهبي فيه:"صدوق" مرجعه إلى إخراج النسائي له، مع شدة تحري النسائي لرجاله، وتوقيه في شرطه لمن يخرج له في سننه؛ لكن هذا فيمن احتج به النسائي، وأما هنا فقد أخرج له لبيان الاختلاف فيه على قتادة، وليس لشعيب في الكتب الستة غير هذا الحديث الواحد المختلف فيه، مما يقوي القول بتضعيفه، والله أعلم [مسند البزار (13/ 473 - 475/ 7267 - 7272)، ضعفاء العقيلي (2/ 183)، ضعفاء ابن الجوزي (1629)، الميزان (2/ 275)، التهذيب (2/ 172)].
فهو حديث منكر، ولا يُعرف عن الحسن، عن أبي رافع، عن أبي هريرة؛ إلا من هذا الوجه، ولذا فقد استغربه ابن صاعد، والله أعلم.
ج - ورواه أبان بن يزيد العطار [ثقة، في طبقة الشيوخ من أصحاب قتادة]، قال: أخبرنا قتادة، عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة يحاسب بصلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر".
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 33)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 478/ 1900 - السفر الثاني)، والبزار (16/ 270/ 9462) و (17/ 50/ 9567)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (181)، ومسلمة بن قاسم في زياداته على كتاب الأوائل لابن أبي شيبة في مصنفه (7/ 276/ 36047)، والبيهقيُّ في الشعب (3/ 182/ 3286)(5/ 495/ 3016 - ط الأوقاف القطرية)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 82)، وفي الاستذكار (2/ 365).
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلم له طريقًا عن أبي هريرة أحسن من هذا الطريق".
تابعه على هذا الوجه: ابن أبي عروبة، ذكره الدارقطني في العلل (8/ 245/ 1551).
د - ورواه موسى بن خلف العمي [ليس بالقوي]: حدثنا قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. هكذا بإسقاط الواسطة بين الحسن وأبي هريرة.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34).
هـ - ورواه خليد بن دعلج [ضعيف، روى عن قتادة أحاديث منكرة. التهذيب (1/ 550)]، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة، يُنظر في صلاته؛ فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر".
أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 127/ 3782)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (44).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن أنس إلا خليد بن دعلج، تفرد به: روح بن عبد الواحد".
قلت: خليد قد علمت حاله، وأما روح بن عبد الواحد: فقال فيه العقيلي: "لا يتابع على حديثه"، وقال أبو حاتم:"ليس بالمتقن، روى أحاديث فيها صنعة"، وقال مرة أخرى:"شيخ"، وقال ابن عديّ في ترجمة خليد:"وهذه الأحاديث عن خليد عن قتادة عن أنس: بعضها قد شارك خليد غيره عن قتادة، وبعضها لم يشاركوه فيه، فالذي لم يشاركوه فيه: يا حبذا كل عالم، وحديث القثاء، ولعل البلاء ممن رواه عن خليد"، وفي أحدهما: روح بن عبد الواحد، وذكره ابن حبَّان في الثقات [ضعفاء العقيلي (2/ 58)، الجرح والتعديل (3/ 499)، الكامل (3/ 48)، اللسان (3/ 482)].
قلت: فهو حديث منكر؛ وفيه سلوك للجادة.
• والحاصل من هذا الاختلاف على قتادة: أن رواية أبان بن يزيد العطار هي الأقرب للصواب، لا سيما لو ثبتت متابعة سعيد بن أبي عروبة له؛ فإن ابن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة، هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإنها بذلك توافق رواية يونس بن عبيد عن الحسن [في المحفوظ عنه]، لكنها تخالفها في الرفع، ومروية بمعناها.
هكذا يكون اتفق يونس بن عبيد وقتادة في روايتهما: عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة، واختلفا: فوقفه يونس، ورفعه قتادة.
• وخالفهما في تعيين الواسطة بين الحسن وأبي هريرة:
أ - فرواه ابن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة]، وسلمة بن الفضل الأبرش [صدوق، كثير الخطأ، له غرائب وأفراد]، وشريك بن عبد الله النخعي [صدوق، سيئ الحفظ]، ومحمد بن كثير الكوفي [ضعيف، روى أحاديث منكرة. التهذيب (3/ 683)]:
عن إسماعيل بن مسلم المكي [ضعيف، عنده عجائب، ويروي عن الثقات المناكير.
العلل ومعرفة الرجال (2/ 352/ 2556)، ضعفاء العقيلي (1/ 92)، الكامل (1/ 283)، التهذيب (1/ 167)]، عن الحسن، عن صعصعة بن معاوية، قال: لقيت أبا هريرة [حين صدر عن الماء]، فقال: ممن أنت؟ قلت: من أهل العراق، فقال: ألا أحدثك حديثًا ينفع من بعدك، قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، يقول الله لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، فإن كانت تامةً كتبت له تامةً، وإن كانت ناقصةً، قال الله بحلمه وعلمه وفضله: ردوا على عبدي، انظروا هل له من
تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت له به، ثمَّ يؤخذ الأعمال على ذاكم".
أخرجه ابن المبارك في المسند (40)، وفي الزهد (915)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (183)، والدارقطني في العلل (8/ 248/ 1551)، وابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال (54)، والذهبي في تذكرة الحفاظ (4/ 1386).
ب - ورواه عمرو بن أبي سلمة [التنيسي الدمشقي: صدوق، منكر الحديث عن زهير بن محمَّد التميمي، قال أحمد بن حنبل: "روى عن زهير أحاديث بواطيل؛ كأنه سمعها من صدقة بن عبد الله، فغلط، فقلبها عن زهير"، التهذيب (3/ 275)، وانظر بعض مناكيره عن زهير: علل الترمذي (148)، علل ابن أبي حاتم (414 و 588 و 713 و 895 و 956 و 1710 و 2167 و 2375)، وما تقدم في السنن برقم (592 و 614)، وانظر: شرح علل الترمذي (2/ 777 و 822)]، عن زهير بن محمَّد التميمي، عن سالم [هو: ابن عبد الله الخياط]، قال: سمعت الحسن، يقول: أخبرني صعصعة بن معاوية، قال: كنت أجالس أبا هريرة بالمدينة،. . . فذكر الحديث، ولم يرفعه.
أخرجه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (184).
• وله إسناد آخر عن صعصعة بن معاوية، ولا يصح أيضًا [عند: البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34)].
ج - وروى محمَّد بن عمرو الأنصاري [الواقفي، أبو سهل البصري: ضعيف]، عن الحسن بن أبي الحسن، عن ضبة بن محصن؛ أنَّه خرج إلى عمر [بن الخطاب]، فلقي أبو هريرة ضبةَ بن محصن في المسجد، فقال: ألا أحدثك حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة بالصلاة، يقول لملائكته: انظروا إلى صلاة عبدي، فإن وجدتموها تامةً اكتبوها، وإن وجدتموها ناقصةً، قال لملائكته: انظروا هل له من تطوع؟ فتتموها له، ثمَّ تقبض الأعمال على حسب ذلك".
أخرجه ابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (188 و 189).
فهذه أسانيد ضعيفة عن الحسن.
• وعلى هذا فأصح الطرق عن الحسن في إثبات الواسطة: ما رواه يونس بن عبيد وقتادة [في المحفوظ عنهما]، عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة.
• وقد رواه جماعة عن الحسن عن أبي هريرة، بلا واسطة:
أ - روى أبو نعيم [ثقة ثبت]، وعلي بن الجعد [ثقة ثبت]، قالا:
حدثنا علي بن علي الرفاعي [لا بأس به]، سمع الحسن، قال: قال أبو هريرة: "أول ما يحاسب به ابن آدم يوم القيامة بصلاته، فإن كان أتمها كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئًا، قال: انظروا إلى فريضته فأتموها بما وجدتم لعبدي من تطوع". موقوف.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (263).
ب - ورواه الحر بن مالك العنبري [صدوق]، قال: حدثنا عباد بن راشد [صدوق، يهم ويخطئ. التهذيب (2/ 276)، الميزان (2/ 365)]، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما يحاسب به ابن آدم صلاته"، قال:"فيقول الله جل جلاله لملائكته: انظروا في صلاة عبدي، فإن وجدوها كاملة كتبوها كاملة، فإن وجدوها قد انتقص شيئًا، قال: انظروا هل تجدون له تطوعًا؟ " قال: "فتكمل صلاته من تطوعه"، قال:"ثمَّ تؤخذ الأعمال على قدر ذلك".
أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 132)، وابن بشران في الأمالي (118).
تابعه أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي عن الحسن به.
ج - وروى وكيع بن الجراح، وأبو داود الطيالسي، وشيبان بن فروخ، ويونس بن محمَّد المؤدب، وعمرو بن منصور القيسي [وهم ثقات]، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف [صدوق] [وعنه: يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان: وثقه بعضهم، وتكلم فيه آخرون. وإبراهيم بن بوبة بن كوفي من أهل جرواءان: قال أبو الشيخ: "كان صدوقًا"، وقال أبو نعيم:"ثقة مأمون"، طبقات المحدثين (2/ 338)، تاريخ أصبهان (1/ 220)]:
حدثنا أبو الأشهب [جعفر بن حيان العطاردي: ثقة]، عن الحسن، قال: لقي أبو هريرة رجلًا [بالمدينة]، فقال: كأنك لست من أهل هذا البلد؟ قال: أجل، قال: أفلا أحدثك بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، [عسى الله أن ينفعك به]، قال: بلى، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:. . . فذكره بنحو رواية عباد بن راشد، وفي رواية الطيالسي قصة في آخره لا تصح.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34)، والطيالسي (4/ 213/ 2590)، وابن أبي شيبة (2/ 171/ 7770)، وأبو يعلى (11/ 96/ 6225)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 339)، والبيهقيُّ في الشعب (3/ 181/ 3283)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 31/ 2012).
• خالفهم: محمَّد بن يزيد الواسطي [الكلاعي: ثقة ثبت]، قال: ثنا أبو الأشهب، عن نافع، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره بطوله.
أخرجه ابن عديّ في الكامل (2/ 137).
قال الدارقطني في العلل (8/ 247/ 1551): "وقال محمَّد بن يزيد: عن أبي الأشهب، عن نافع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهِم، والصحيح: عن أبي الأشهب، عن الحسن، عن أبي هريرة".
وهذا يقتضي أن أبا الأشهب عند الدارقطني في الموضعين واحد، وهو جعفر بن حيان العطاردي، وهو الأقرب عندي، لكن ابن عديّ أخرجه في ترجمة جعفر بن الحارث أبي الأشهب الواسطي، وكذلك أورده الذهبي في ترجمة جعفر بن الحارث من الميزان (1/ 405)، ومحمد بن يزيد الكلاعي يروي عنهما، والله أعلم.
د - ثمَّ أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (2/ 339)، والبيهقيُّ (3/ 181/ 3283):
من طريق عبد الوهاب الخفاف: حدثنا عوف [هو: ابن أبي جميلة الأعرابي: ثقة]، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
هـ - وروى أبو النضر هاشم بن القاسم [ثقة ثبت]، قال: حدثنا المبارك [هو: ابن فضالة: صدوق يخطئ كثيرًا، يدلس ويسوي، من أصحاب الحسن لازمه طويلًا. التهذيب (4/ 18)]، عن الحسن، عن أبي هريرة - أُراه ذكره عن النبي صلى الله عليه وسلم:"إن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإن نقص منها، قيل له: لم نقصتَ منها؟ فيقول: يا ربِّ سلَّطتَ عليَّ مليكًا شغلني عن صلاتي، فيقول: قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك، فهلا سرقت لنفسك من عملك - أو: عمله -؟ قال: فيتخذ الله عليه الحجة".
أخرجه أحمد (2/ 328).
• ورواه موسى بن إسماعيل [ثقة ثبت]: حدثنا مبارك، قال: وحدثنا الحسن: حدثنا رجل من أهل البصرة: كنت أجالس أبا هريرة بالمدينة، قوله.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34).
هكذا اضطرب فيه ابن فضالة، وخالف في إسناده ومتنه أصحاب الحسن، ووهِم فيه وهمًا قبيحًا.
و - ورواه عباد بن ميسرة [المنقري: ليس بالقوي]: حدثنا الحسن، قال: ثنا أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 35).
قال البخاري: "ولا يصح سماع الحسن من أبي هريرة في هذا".
• قال الدارقطني في العلل (8/ 246/ 1551): "ورواه أبو الأشهب العطاردي، وخالد بن رباح، وعلي بن علي الرفاعي، وعباد بن راشد، وسعيد بن أبي هلال، عن الحسن، عن أبي هريرة.
واختلف عن أشعث بن عبد الملك؛ فرواه روح بن عبادة، عن أشعث، عن الحسن، عن أبي هريرة، وخالفه صلة بن سليمان، فرواه عن أشعث، عن الحسن، عن أبي الدرداء.
واختلف عن هشام بن حسان؛ فرواه ثابت أبو زيد، عن هشام، عن الحسن مرسلًا، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخالفه يحيى بن سليم، فرواه عن هشام، عن الحسن، عن أبي هريرة مرفوعًا.
وقيل: عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وكذلك روي عن عوف الأعرابي، عن الحسن، عن أبي هريرة.
وكذلك قال عثمان البري، عن قتادة، عن الحسن، عن أبي هريرة".
• وثمة اختلاف آخر على الحسن:
فقد رواه حماد بن سلمة [ثقة]، عن حميد الطويل [ثقة]، عن الحسن، عن رجل من بني سَلِيط، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
وهو الحديث الآتي:
***
865 -
. . . حماد، عن حميد، عن الحسن، عن رجل من بني سَلِيط، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه.
• هذا المبهم هو أنس بن حكيم، وحديثه هذا حسن.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34)، وابن ماجه (1426)، والحاكم (1/ 263)، وأحمد (4/ 103)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (187)، والدارقطني في العلل (8/ 248/ 1551)، والبيهقيُّ (2/ 386).
وقد أحالوا لفظه إما على حديث يونس بن عبيد المتقدم، أو على حديث تميم الداري الآتي، أو على حديث يحيى بن يعمر عن رجل من الصحابة.
هكذا رواه عن حماد بن سلمة: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعفان بن مسلم، وحجاج بن المنهال.
خالفهم: حسن بن موسى الأشيب: حدثنا حماد، عن حميد، عن الحسن، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثله.
أخرجه أحمد (4/ 103)(7/ 3744/ 17224 - ط المكنز).
والمحفوظ: رواية الجماعة عن حماد، وفيهم أثبت أصحابه، بإثبات الواسطة المبهمة.
• لكن روى موسى بن إسماعيل: ثنا حماد، عن ثابت، عن رجل، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (2/ 34).
وإسناده ضعيف؛ للواسطة المبهمة.
• قلت: الذي يظهر لي من هذا الاختلاف على الحسن البصري، أنَّه كان أحيانًا يسنده، وأحيانًا يرسله، وأحيانًا يبهم الواسطة، وذلك بحسب نشاطه، وليس هذا اضطرابًا.
والمحفوظ عن الحسن في هذا: ما رواه يونس بن عبيد وقتادة [في المحفوظ عنهما]، عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة.
وقفه يونس، ورفعه قتادة، ويونس من أثبت الناس في الحسن البصري [شرح علل الترمذي (2/ 685)]، إلا أني أخاف أن يكون شك في رفعه، ثمَّ ترك الرفع احتياطًا وتوقيًا، وقتادة: حافظ ثبت، وزيادته مقبولة، وقد كان من أسند الناس لحديث الحسن،
وقد تابعه على رفعه: أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي، وعوف الأعرابي، وحميد الطويل، وعباد بن راشد، وغيرهم، مما يعني: أن الرفع محفوظ من جهة الرواية، والله أعلم.
كما أن اللفظ المحفوظ: إنما هو ليونس لتقدمه في الحسن، وتابعه عليه جماعة من أصحابه، والله أعلم.
• وقد أورد ابن أبي حاتم في العلل (426) بعض هذا الاختلاف على الحسن، ثمَّ قال:"وسئل أبو زرعة عن ذلك؟ فقال: الصحيح: عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الدارقطني في العلل (8/ 248/ 1551): "وأشبهها بالصواب: قول من قال: عن الحسن، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة".
وقال ابن القطان في بيان الوهم (4/ 136/ 1576): "فهذه عن الحسن: خمسة أقوال، وما منها شيء يصح"، وكان قبل ذلك قال بجهالة: حريث بن قبيصة، وأنس بن حكيم.
ثمَّ رأى بعدُ أنَّ ذلك أنَّه مروي بإسناد صحيح عن أبي هريرة [كما قال ذلك في موضعين (4/ 136/ 1577) و (5/ 229/ 2439)]، وهو ما رواه النسائي من طريق: النضر بن شميل: حدثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:. . . فذكر الحديث، ويأتي بيان علته في الحديث الآتي إن شاء الله تعالى [تحت الحديث (866)].
• ومما يؤكد كون الواسطة بين الحسن وبين أبي هريرة هو أنس بن حكيم:
ما رواه سفيان بن حسين [وعنه: يزيد بن هارون]، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان [وفي الإسناد إليه: سليمان بن أحمد الواسطي، صاحب الوليد بن مسلم: متروك، كذبه جماعة. اللسان (4/ 123)]:
عن علي بن زيد بن جدعان، عن أنس بن حكيم الضبي، قال: قال لي أبو هريرة: إذا أتيت أهل مِصرِك، فأخبرهم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"أول شيء مما يحاسب به العبدُ يومَ القيامة صلاته المكتوبة؛ فإن صلحت [وفي رواية: فإن أتمها]، وإلا زيد فيها من تطوُّعه [وفي رواية: فإن أتمها، وإلا قيل: انظروا هل له من تطوعٍ؟ فإن كان له تطوعٌ؛ أُكملت الفريضةُ من تطوعه]، ثمَّ يُفعل بسائر الأعمال المفروضة كذلك".
أخرجه ابن ماجه (1425)، وأحمد (2/ 290)، وابن أبي شيبة (7/ 268/ 35968)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (180)، والطبراني في الأوسط (2/ 350/ 2199)، وفي مسند الشاميين (151)، والدارقطني في الأفراد (2/ 264/ 5037 - أطرافه)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 79)، والبغويُّ في شرح السنة (4/ 159/ 1019).
قال الدارقطني: "تفرد به: يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن علي بن زيد، عن أنس".
قلت: رواه إسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 31/ 2013) من طريق عمر بن عبد الله بن رزين، عن سفيان بن حسين به؛ لكنه لا يصح عنه؛ فإن الراوي عن ابن رزين: سهل بن عمار العتكي: ضعيف، واتهم بالكذب [اللسان (4/ 203)].
وقال البغوي: "هذا حديث حسن".
قلت: إسناده ضعيف؛ صالح في المتابعات، وعلي بن زيد بن جدعان: أحد علماء التابعين، ضعيف؛ وكان كثير الحديث واسع الرواية، وتقدمت ترجمته قريبًا تحت الحديث رقم (855).
• والحاصل: فإن هذا الحديث رواه الحسن البصري، وابن جدعان، عن أنس بن حكيم، عن أبي هريرة مرفوعًا.
وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة أنس بن حكيم، ذكره ابن المديني في المجهولين من مشايخ الحسن، وذكره ابن حبَّان في الثقات، وقال ابن القطان:"مجهول"[بيان الوهم (4/ 135/ 1576)، التهذيب (1/ 189)].
إلا أن حديثه هذا ثابت، لوجود ما يشهد له من حديث تميم الداري، وحديث يحيى بن يعمر عن رجل من الصحابة، وحديث أنس، وحديث عبد الله بن عائذ، والله أعلم.
***
866 -
. . . حماد، عن داود بن أبي هند، عن زُرارة بن أوفى، عن تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بهذا المعنى، قال:"ثمَّ الزكاة مثل ذلك، ثمَّ تؤخذ الأعمال على حسب ذلك".
• صوابه موقوف على تميم بإسناد صحيح، وله حكم الرفع.
أخرجه ابن ماجه (1426)، والدارميُّ (1/ 361/ 1355)(2/ 854 - 855/ 1395 - ط المغني)، والحاكم (1/ 262 - 263 و 263) [وانظر: الإتحاف (3/ 7/ 2455)]، وأحمد (4/ 103)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (190)، والطحاوي في المشكل (6/ 385/ 2552)، وأبو بكر الدينوري في المجالسة وجواهر العلم (2758)، وابن قانع في المعجم (1/ 109)، والطبراني في الكبير (2/ 51/ 1255)، وفي الأوائل (23)، وابن حزم في المحلى (2/ 245)، والبيهقيُّ في السنن (2/ 387)، وفي الشعب (3/ 180/ 3282)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 79 و 80).
هكذا رواه عن حماد بن سلمة: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وعفان بن مسلم، وسليمان بن حرب، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك، وعبيد الله بن
محمَّد التيمي العيشي، وحجاج بن المنهال، وإبراهيم بن الحجاج، وحسن بن موسى الأشيب [وهم ثقات]، والربيع بن يحيى [صدوق، فيه لين]، وعمر بن موسى السامي [وهو الحادي الكديمي البصري، وهو ضعيف؛ يسرق الحديث، ويخالف في الأسانيد، قاله ابن عدي، وغفل عنه ابن حبَّان فذكره في الثقات، وقال: "ربما أخطأ"، الكامل (5/ 54)، الثقات (8/ 445)، اللسان (6/ 111 و 151)].
ولفظ سليمان بن حرب [عند الدارمي]: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أول ما يحاسب به العبد الصلاة، فإن وجد صلاته كاملةً، كتبت له كاملةً، وإن كان فيها نقصان، قال الله تعالى للملائكة: انظروا، هل لعبدي من تطوع؟ فأكملوا له ما نقص من فريضته، ثمَّ الزكاة، ثمَّ الأعمال على حسب ذلك".
• خالفهم فوهم، وسلك فيه الجادة:
مؤمَّل بن إسماعيل [صدوق، كثير الغلط، كان سيئ الحفظ]، فرواه عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:. . . فذكره مختصرًا، وجعل ثابتًا مكان: داود بن أبي هند، وكان حماد مختصًا بثابت، مكثرًا عنه، فسبق به لسان مؤمل.
أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 51/ 1256).
• قال أبو الوليد: "لم يرفع هذا الحديث أحدٌ غير حماد بن سلمة".
وقال الدارمي: "لا أعلم أحدًا رفعه غير حماد"، قيل له: صح هذا؟ قال: "لا".
وقال الحاكم: "قصر به بعض أصحاب حماد بن سلمة، وموسى بن إسماعيل الحكم في حديثه".
وقال أيضًا: "حديث داود بن أبي هند ليس فيه خلاف على حماد".
وقال البيهقي في الشعب: "رواه الثوري عن داود موقوفًا".
وقال في السنن: "رفعه حماد بن سلمة، ووقفه غيره".
وصحح إسناده النوويّ في الخلاصة (1778)، وفي المجموع (4/ 61).
• قلت: قد اختلف فيه على داود بن أبي هند:
أ - فرواه حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن زُرارة بن أوفى، عن تميم الداري، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ب - ورواه خالد بن عبد الله الواسطي، وبشر بن المفضل، وهشيم بن بشير، ويزيد بن هارون [وهم ثقات أثبات]:
عن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، قال:"إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فمن أتمها حوسب بما سواها، وإن كان قد انتقصها؛ قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أُكمِلت الفريضةُ من التطوع، وإن لم يكن له تطوع لم تكمل الفريضة، وأخذ بطرفيه فقذف [به] في النار". موقوف.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 171/ 7771) و (6/ 170/ 30422) و (7/ 262/ 35904)، وفي الإيمان (112 و 113)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (191 و 192)، والبيهقي (2/ 387).
قال البيهقي: "ووقفه كذلك: سفيان الثوري، وحفص بن غياث، عن داود بن أبي هند".
قلت: روي عن الثوري مرفوعًا؛ لكنه منكر؛ رواه عنه عبد العزيز بن أبان الأموي السعيدي، وهو: متروك، كذبه ابن نمير وابن معين، وقال:"كذاب خبيث، يضع الحديث"[التهذيب (2/ 581)]:
أخرجه أبو يعلى الخليلي في فوائده (28).
• وعلى هذا: فإن رواية جماعة الحفاظ عن داود بن أبي هند هي المحفوظة؛ بوقف هذا الحديث على تميم الداري، إلا أن مثله لا يقال من قبل الرأي والاجتهاد، فله حكم الرفع.
لكن يبقى أن يقال: هذا إسناد رجاله ثقات، وقد اختلف في سماع زرارة بن أوفى من تميم، فقال أحمد بن حنبل:"ما أحسب زرارة لقي تميمًا، تميم كان بالشام، وزرارة بصري، كان قاضيها"[الفتح لابن رجب (3/ 361)، تحفة التحصيل (110)]، لا سيما ولم أقف في شيء من طرق هذا الحديث على التصريح بسماع زرارة من تميم.
لكن نقل البخاري في ترجمة زرارة من التاريخ الكبير (3/ 438)، قال:"وقال إسحاق: سألت عليًّا، فقال: أخبرنا عبد الأعلى، قال: أخبرني داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى: حدثني تميم الداري".
وفي هذا النقل إثبات سماع زرارة من تميم، وإسناده صحيح، وكأنه سيق أصالة لبيان السماع؛ أعني: أن إسحاق بن راهويه إنما سأل علي بن المديني عن هذه المسألة، فأجابه بهذا الإسناد الصحيح على ثبوت السماع، وعبد الأعلى هو: ابن عبد الأعلى السامي، والله أعلم.
وعلى هذا فهو موقوف على تميم بإسناد صحيح، وله حكم الرفع.
وهو شاهد قوي لحديث أبي هريرة، وبه يحكم له بالثبوت، وأن أنس بن حكيم وإن كان مجهولًا؛ إلا أنه روى حديثًا محفوظًا من وجه آخر، والله أعلم.
• ولحماد بن سلمة فيه إسناد آخر:
فقد روى النضر بن شميل [ثقة ثبت]، وعبد الملك بن إبراهيم الجدي [لا بأس به]: عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمَر، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كان أكملها، وإلا قال الله عز وجل: انظروا لعبدي من تطوع؟ فإن وُجد له تطوعٌ، قال: أكملوا به الفريضة".
أخرجه النسائي في المجتبى (1/ 467/234)، وفي الكبرى (1/ 205/ 321)،
وإسحاق بن راهويه (1/ 436/ 506)، والبزار (17/ 49/ 9566)، والطحاوي في المشكل (6/ 389/ 2554)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 80).
قال البزار: "وهذا الحديث رواه حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولا نعلم أحدًا قال: عن أبي هريرة؛ إلا عبد الملك الجدي".
وقال العقيلي: "قال الجدي وحده: عن حماد، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم"[الضعفاء (3/ 132)].
قلت: بل تابعه النضر بن شميل، لكنهما خولفا فيه:
• فقد رواه عفان بن مسلم، وحسن بن موسى الأشيب، وعبيد الله بن محمد التيمي، وأبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك [وهم ثقات]:
عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمَر، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره بنحو رواية داود بن أبي هند.
أخرجه أحمد (4/ 65 و 103)(5/ 72 و 377)، وابن أبي شيبة (7/ 272/ 36008)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (186)، والطحاوي في المشكل (6/ 385/ 2552)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3179/ 7310).
وهذا الوجه عندي هو الأشبه بالصواب؛ لأنه رواية الجماعة.
وعليه: فهو إسناد رجاله ثقات، ولم يذكر يحيى بن يعمر سماعًا من الصحابي، وإن كان جهالة الصحابي لا تضر، إلا أني أتوقف عن تصحيح إسناده لوجود شبهة الإرسال، وهو شاهد جيد أيضًا لحديث أبي هريرة المتقدم، والله أعلم.
• تنبيه: وقع عند الحاكم في مستدركه (1/ 263)(1/ 127 / ب- مخطوط رواق المغاربة): من طريق سليمان بن حرب، وإبراهيم بن الحجاج، والربيع بن يحيى:
ثنا حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وعن داود بن أبي هند، عن زرارة بن أوفى، عن تميم الداري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته"، وذكر الحديث بنحوه.
وتعقبه ابن حجر في الإتحاف (3/ 8/ 2455) بقوله: "إنما رواه الأزرق بن قيس، عن يحيى بن يعمر، عن رجل من الصحابة،
…
".
قلت: أخاف أن يكون الحاكم حمل حديث سليمان بن حرب وإبراهيم بن الحجاج على حديث الربيع [وقد علمت حاله، بأنه: صدوق، فيه لين]، بإسقاط يحيى بن يعمر من الإسناد، فوقع له الوهم لما جمع إسناد الثلاثة على رواية أحدهم، ممن يحتمل وقوع الوهم في روايته، وعليه فلا يمكن الاعتماد على رواية الحاكم هذه في إثبات وجه ثالث من الاختلاف على حماد، لا سيما ولم يذكر هذا الوجه أحد ممن ذكر الاختلاف فيه، مثل العقيلي وغيره، ولذا تعقبه ابن حجر، والله أعلم.
• ومن شواهده أيضًا:
1 -
حديث أنس، وله طرق:
أ - روى حماد بن زيد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما افترض على هذه الأمة من دينهم الصلاة، وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة، وأول ما يحاسبون عليه الصلاة، يقول الله: انظروا في صلاة عبدي، فإن كانت تامة حسبت له تامة، وإن كانت ناقصة كتبت له ناقصة، وقال: انظروا فإن كان له تطوع زيد في فريضته، ثم تستقر الأعمال"، زاد في رواية:"فإن وُجد له تطوعٌ تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن وجدت زكاته تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا هل له صدقة؟ فإن كانت له صدقة تمت له زكاته من الصدقة".
أخرجه الحارث بن أبي أسامة (105 - زوائده)(3/ 33/ 215 - المطالب)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (193)، وأبو يعلى (7/ 153/ 4124)، وفي مسنده الكبير (3/ 33/ 215 - المطالب)، وأبو عروبة الحراني في الأوائل (83).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل يزيد بن أبان الرقاشي، وهو ضعيف.
ب - وروى إسحاق بن يوسف الأزرق، عن القاسم بن عثمان أبي العلاء البصري، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت صلاته فسد سائر عمله".
أخرجه أبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 398/365)، والطبراني في الأوسط (2/ 240/ 1859)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (3/ 28/ 2005)، والضياء في المختارة (7/ 144 و 145/ 2578 و 2579).
قال الطبراني بعد أن روى ثلاثة أحاديث بهذا الإسناد: "لا تروى هذه الأحاديث الثلاثة عن أنس إلا بهذا الإسناد، تفرد بها القاسم".
قلت: هو حديث منكر بهذا اللفظ؛ فإن القاسم بن عثمان أبو العلاء البصري: ضعيف، حدث عنه إسحاق الأزرق بأحاديث لا يتابع منها على شيء [اللسان (6/ 376)، ضعفاء العقيلي (3/ 480)].
ج - وروى أشعث بن سوار [ضعيف]، عن سلمة بن كهيل التِّنْعي، عن عامر [بن شراحيل الشعبي]، عن أنس بن مالك، قال:"إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن تمت تم سائر عمله، وإن نقصت قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع؛ قال: أتموا به ما نقص من صلاته".
أخرجه أبو يعلى (7/ 56/ 3976).
وإسناده ضعيف؛ لأجل أشعث.
وحديث أنس بطريقيه الأول والثالث: شاهد صالح لحديث أبي هريرة.
2 -
حديث عبد الله بن عائذ بن قرط، أو: ابن قريط:
روى محمد بن حمير، عن عمرو بن قيس السكوني، عن عبد الله بن قرط، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده وخشوعه زيد فيها من سبحاته حتى تتم".
علقه ابن عبد البر في التمهيد (24/ 81).
قال ابن عبد البر: "هو عندي منكر،
…
، وهذا لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه، وليس بالقوي".
قلت: اختلف فيه على محمد بن حمير:
أ - فرواه هشام بن عمار [دمشقي صدوق، إلا أنه لما كبر صار يتلقَّن]: ثنا محمد بن حمير: ثنا عمرو بن قيس الكندي، عن عبد الله بن قرط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحاته حتى تتم".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (3/ 400/ 2549)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1758 / 4460).
ب - ورواة عمرو بن عثمان بن سعيد [حمصي، ثقة]، ومحمد بن هاشم بن سعيد البعلبكي [صدوق]:
عن ابن حمير، عن عمرو بن قيس السكوني، قال: حدثني عبد الله بن عائذ بن قرط - رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يؤتى بصلاة المرء يوم القيامة، فإن أُكملت [وفي الأسد: فإن أكملها]، وإلا زيد من سُبحته حتى تتم".
أخرجه ابن منده [عزاه إليه ابن الأثير في أسد الغابة (3/ 295)]، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (3/ 1699/ 4249)[وفي المطبوعة سقط].
قال أبو نعيم: "رواه حيوة [يعني: ابن شريح الحضرمي]، وأبو التَقي اليزني [هشام بن عبد الملك]، عن ابن حمير، فقالا:[عن عمرو]، عن ابن عائذ بن قريط،
…
".
قلت: وهما حمصيان، الأول: ثقة، والآخر: صدوق.
وعلقه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (9/ 323) في ترجمة ابن عائذ بن قريط، هكذا غير مسمى، وبتصغير جده.
ج - ورواه علي بن بحر [بغدادي، ثقة]، والهيثم بن خارجة [بغدادي، ثقة]، والوليد بن شجاع [أبو همام السكوني، الكوفي، نزيل بغداد، ثقة]:
قالوا: نا محمد بن حمير، عن عمرو بن قيس، عن عائذ بن قرط الثمالي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يتم ركوعها ولا سجودها زيد عليها من سبحاته حتى تتم".
أخرجه ابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 422/ 1522 - السفر الثاني)، وابن قانع في المعجم (2/ 302)، والطبراني في الكبير (18/ 37/22)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 2223/ 5533)، والضياء في المختارة (8/ 243/ 295).
وانظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1542) و (4/ 1942).
د - ورواه عبد الوهاب بن نجدة الحوطي [ثقة]: نا محمد بن حمير، عن عمرو بن قيس، عن عائذ بن قريط، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحاته حتى تتم".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 368/ 2409).
قال أبو نعيم (3/ 1699): "رواه حيوة وأبو التقي اليزني [هشام بن عبد الملك]، عن ابن حمير، فقالا:[عن عمرو]، عن ابن عائذ بن قريط، ولم يسمياه، وقال أبو همام الوليد بن شجاع، وحسين بن أبي السري، وهيثم بن خارجة، عن ابن حمير، عن عمرو، عن عائذ بن قرط -رجل من الصحابة-.
وقال أبو المهنى [في الأسد: ابن المهنا]: عن ابن حمير، عن عمرو، عن عائذ بن عمرو، وهو وهم".
قلت: قول الحمصيين عندي أشبه بالصواب، والله أعلم، وذلك أن أهل بلد الرجل أعلم بحديثه من غيرهم، وهذا حديث حمصي، وعلى هذا فإن صحابي هذا الحديث هو عبد الله بن عائذ بن قرط، أو: ابن قريط.
وأما قول البخاري في التاريخ الكبير (7/ 59): "عائذ بن قرط: عن النبي صلى الله عليه وسلم، أُراه سمع منه عمرو بن قيس الشامي"، فقد تعقبه عليه أبو زرعة الرازي، فقال:"وإنما هو: ابن عائذ بن قريط"، وتابعه عليه أبو حاتم الرازي [بيان خطأ البخاري (435)].
وعمرو بن قيس السكوني: حمصي، ثقة، وقد سمع من عبد الله بن عائذ، ومحمد بن حمير بن أنيس السليحي الحمصي: صدوق، وهو حديث حسن، والله أعلم.
قال ابن حجر في الإصابة (3/ 610): "وإسناده حسن"، لكن وقع عنده: قيس بن مسلم السكوني، وإنما هو: عمرو بن قيس السكوني.
وبذا يظهر خطأ ما ذهب إليه ابن عبد البر من إنكار هذا الحديث، ومعناه موافق للأحاديث المتقدمة، والله أعلم.
3 -
حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:
يرويه ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج، قال: سمعت رجلًا من كندة، يقول: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا ينتقص أحدكم من صلاته شيئًا إلا أتمها الله عز وجل من سبحته".
أخرجه أحمد (5/ 429)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (35/ 442).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل المبهم، وابن لهيعة: ضعيف.
4 -
حديث أبي سعيد الخدري:
يرويه حصين بن مخارق [قال الدارقطني: "يضع الحديث"، اللسان (3/ 220)]، عن
عمرو بن قيس الملائي [ثقة متقن]، عن عطية العوفي [ضعيف]، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول ما يُسأَل العبد عنه ويُحاسَب به صلاته، فإن قُبِلَ منه قُبِل سائر عمله، وإن رُدَّتْ رُدَّ عليه سائر عمله".
أخرجه أبو طاهر السلفي فيما انتخبه على شيخه أبي الحسين الطيوري "الطيوريات"(410)، بإسناد ساقط، مسلسل بالمتهمين والمتروكين والضعفاء [انظر تراجمهم: تاريخ بغداد (5/ 466) و (6/ 393)، اللسان (7/ 498)].
قلت: هو حديث موضوع.
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 362): "وقد روي هذا المعنى أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر وابن عباس، وفي إسنادهما ضعف".
• وروي أوله فقط من حديث ابن مسعود:
يرويه إسحاق الأزرق، عن شريك، عن عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يحاسب به العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".
أخرجه النسائي في المجتبى (7/ 83/ 3991)، وفي الكبرى (3/ 417/ 2439)، وابن ماجه (2617)، وابن أبي عاصم في الأوائل (32 و 34)، وفي الديات (6)، وابن نصر المروزي في تعظيم قدر الصلاة (179)، وأبو يعلى في المسند (9/ 285/ 5414)، وفي المعجم (286)، والطبراني في الكبير (10/ 191/ 10425)، والقضاعي في مسند الشهاب (213).
• وهي زيادة شاذة من حديث أبي وائل عن ابن مسعود، ولعل الوهم فيه من شريك بن عبد الله النخعي، فقد كان سيئ الحفظ:
وهذا الحديث قد رواه الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء".
أخرجه البخاري (6533 و 6864)، ومسلم (1678)، وأبو عوانة (4/ 100/ 6166 - 6170)، والترمذي (1396 و 1397)، وقال:"حسن صحيح"، والنسائي في المجتبى (7/ 83/ 3992)، وفي الكبرى (3/ 418/ 3440 و 3441)، وابن ماجه (2615)، وابن حبان (16/ 339/ 7344)، وأحمد (1/ 388 و 440 و 442)، وابن المبارك في المسند (97)، والحسين المروزي في زوائده على الزهد (1358)، والطيالسي (267)، وابن أبي شيبة في المصنف (5/ 457/ 27948) و (7/ 259/ 35867)، وفي المسند (229)، وابن أبي الدنيا في الأهوال (187)، وابن أبي عاصم في الأوائل (33)، وفي الديات (6)، والبزار (5/ 100/ 1678)، وأبو يعلى (9/ 35/ 5099) و (9/ 138/ 5215)، وأبو عروبة الحراني في الأوائل (92)، وابن أبي حاتم في العلل (2154)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (564 - 568)، وأبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(1112 و 1113 و 1116)،
والطبراني في الأوائل (24)، والدارقطني في العلل (5/ 91/ 736)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 87 و 88 و 127)، والبيهقي (8/ 21)، وغيرهم كثير.
• وروى مالك في موطئه (1/ 246/ 480) بعضه بلاغًا عن يحيى بن سعيد الأنصاري:
مالك، عن يحيى بن سعيد؛ أنه قال: بلغني: أن أول ما ينظر فيه من عمل العبد الصلاة، فإن قُبلت منه نُظر فيما بقي من عمله، وإن لم تُقبل منه لم يُنظر في شيء من عمله.
قال ابن عبد البر في التمهيد (24/ 79): "وهذا لا يكون رأيًا ولا اجتهادًا، وإنما هو توقيف، وقد روي مسندًا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه صحاح".
قلت: نعم، يكون كذلك، لو كان مالك رواه مسندًا إلى قائله، لكنا لا نعلم حال المحذوف من الإسناد، فلعل البلية من قبله، وقد علمتَ قبلُ حالَ المرفوع بهذا اللفظ، وأنه لا يصح، ومجموع ما صح من أحاديث الباب إنما يدل على أن النافلة تكمل النقص الحاصل في الفريضة، فإن لم تكملها عوقب على ذلك، كما في حديث تميم، وعلى هذا فإن مثل هذا مما يحتمل تأويله لو صح، والله أعلم.
• وأما ما روي في معارضة ذلك؛ فلا يصح منه شيء:
1 -
فقد روى موسى بن عبيدة، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، عن أبيه، عن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"يا علي! مثل من لا يتم صلاته مثل حُبلى حملت، فلما أن دنا نفاسها أسقطت، فلا هي ذات حمل، ولا هي ذات ولد، ومثل المصلي مثل التاجر لا يخلص له ربحه حتى يخلص له رأس ماله، وكذلك المصلي لا تقبل له نافلة حتى يؤدي الفريضة".
وقد اضطرب موسى بن عبيدة في إسناده، فمرة يرويه هكذا، ومرة يقول: عن صالح بن سويد عن علي بن أبي طالب به مرفوعًا، وقال غير ذلك.
أخرج هذه الطرق: أبو بكر بن أبي شيبة في مسنده (2/ 376/ 1928 - إتحاف الخيرة)، وأبو يعلى (1/ 267/ 315)(2/ 377/ 1929 - إتحاف الخيرة)، والرامهرمزي في الأمثال (55)، وابن بشران في الأمالي (1452)، والبيهقي في السنن (2/ 387)، وفي الشعب (3/ 3285/182)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 415)، وإسماعيل الأصبهاني في الترغيب والترهيب (2/ 423/ 1913)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 401).
وعزاه ابن رجب في الفتح (3/ 364) للبزار والهيثم بن كليب والإسماعيلي.
قال البيهقي: "موسى بن عبيدة: لا يحتج به، وقد اختلف عليه في إسناده".
وقال ابن رجب في الفتح (3/ 364): "وموسى بن عبيدة: ضعيف جدًّا من قبل حفظه، وقد تفرد بهذا"، وضعفه أيضًا النووي في المجموع (4/ 63)، وغيرهم.
قلت: هذا إسناد ضعيف؛ لأجل موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، وقد اضطرب في إسناده، فهو حديث ضعيف مضطرب.
2 -
وخرج أبو الشيخ الأصبهاني: من طريق أبي أمية، عن الحسن، عن أبي هريرة -مرفوعًا-:"من صلى المكتوبة فلم يتم ركوعها ولا سجودها، ثم يكثر من التطوع، فمثله كمثل من لا شف له حتى يؤدي رأس ماله".
وأبو أمية، هو: عبد الكريم: متروك الحديث، قاله ابن رجب في الفتح (3/ 364).
3 -
وروى كلثوم بن محمد بن أبي سدرة: ثنا عطاء الخراساني، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا صلى أحدكم المكتوبة فلم يتم ركوعها وسجودها وتكبيرها والتضرع فيها، كان كمثل التاجر لا شف له، حتى يفي رأس ماله".
أخرجه إسحاق بن راهويه في مسنده (1/ 374/ 390)، والطبراني في مسند الشاميين (3/ 307/ 2345).
قال ابن رجب في الفتح (3/ 364): "وكلثوم: ضعفه ابن عدي وغيره، وعطاء: لم يسمع من أبي هريرة".
قلت: هو إسناد ضعيف جدًّا، وقد تقدم الكلام على هذا الإسناد مفصلًا تحت الحديث رقم (672).
• وانظر أيضًا: مسند أحمد (2/ 352)، علل ابن أبي حاتم (768)، المجروحين (2/ 31)، المعجم الأوسط للطبراني (3284)، الفتح لابن رجب (3/ 365).
• قال ابن رجب في الفتح (3/ 362): "واختلف الناس في معنى تكميل الفرائض من النوافل يوم القيامة:
فقالت طائفة: معنى ذلك أن من سها في صلاته عن شيء من فرائضها أو مندوباتها كمل ذلك من نوافله يوم القيامة، وأما من ترك شيئًا من فرائضها أو سننها عمدًا، فإنه لا يكمل له من النوافل؛ لأن نية النفل لا تنوب عن نية الفرض، هذا قول عبد الملك بن حبيب المالكي وغيره.
وقالت طائفة: بل الحديث على ظاهره في ترك الفرائض والسنن عمدًا وغير عمد، واليه ذهب الحارث المحاسبي وغيره، وهو قول طائفة من أصحابنا وابن عبد البر، إلا أنهم خصوه بغير العامد، وحمله آخرون على العامد وغيره، وهو الأظهر إن شاء الله تعالى.
وقولهم: نية الفرض لا ينوب عنها نية النفل؛ إنما هو بالنسبة إلى أحكام تكليف العباد في الدنيا، فأما بالنسبة إلى فضل الله في الآخرة فلا؛ لأن فضله واسع لا حجر عليه، بل هو تعالى يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.
مع أن في تأدية الفرائض بنية التطوع اختلافًا مشهورًا بين العلماء في الحج والصيام والزكاة، وكذا في الصلاة،
…
".
***