الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عيسى: وعلى هذا العمل عند أهل العلم، وبه قال سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي".
قلت: حاصل ما صح من أحاديث القراءة في الفجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها بطوال المفصَّل، مثل: ق، والطور، والواقعة، والإنسان، وصح من حديث أبي برزة: أنَّه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيها ما بين الستين إلى المائة، وصح أنَّه قرأ في الصبح بأطول من ذلك مثل: السجدة، والصافات، والمؤمنون، وقرأ فيها بأقصر من ذلك مثل: التكوير، والله أعلم.
***
136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب
818 -
. . . همام، عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: أُمِرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر.
***
• حديث صحيح.
تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (61)، وهو حديث صحيح.
***
819 -
. . . عيسى، عن جعفر بن ميمون البصري: حدثنا أبو عثمان النهدي، قال: حدثني أبو هريرة، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اخرُجْ فنادِ في المدينة أنَّه: لا صلاة إلا بقرآنٍ، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد".
• حديث ضعيف.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (105)، وابن حبان (5/ 94/ 1791)، وإسحاق بن راهويه (1/ 179/ 126)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (1/ 23)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (42).
وعيسى هو: ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو: ثقة مأمون.
***
820 -
. . . يحيى: حدثنا جعفر، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنَّه: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد".
• حديث ضعيف.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (8)، وابن الجارود (186)، والحاكم (1/ 239)، وأحمد (2/ 428)، والبزار (17/ 18 - 19/ 9526)، وأبو بكر الجصاص في
أحكام القرآن (1/ 25)، والدارقطني (1/ 321)، والبيهقي في المعرفة (1/ 509/ 698)، وفي القراءة خلف الإمام (41)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 45) و (20/ 197)، وابن عساكر في تبيين كذب المفتري (124).
ويحيى هو: ابن سعيد القطان.
قال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى بهذا اللفظ إلا عن أبي عثمان عن أبي هريرة، وجعفر بن ميمون: بصري مشهور".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح لا غبار عليه؛ فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إلا عن الثقات".
وتعقبه ابن حجر في الإتحاف (15/ 163/ 19083) بقوله: "ضعفه أحمد وابن
معين".
وتعقبه ابن كثير في الأحكام الكبير (2/ 452) بقوله: "وقول الحاكم هذا عليه غبارٌ وإنكارٌ؛ لما قدمنا، والله أعلم".
ورآه ابن عبد البر ثابتًا.
وذكره النووي في فصل الضعيف من الخلاصة (1116) بلفظ عيسى بن يونس.
وقال في المجموع (3/ 274): "حديث ضعيف؛ رواه أبو داود بإسناد ضعيف".
• ورواه أيضًا عن جعفر بن ميمون:
أ - سفيان الثوري [رواه عنه قبيصة بن عقبة، ومعاوية بن هشام القصار]، عن جعفر أبي علي بياع الأنماط، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أن: "لا صلاةَ إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد". وفي رواية بدون: "فما زاد".
وفي رواية معاوية بن هشام [عند النسائي]: فناديتُ أن "لا تجزئ صلاة إلا بقراءةٍ، ولو بفاتحة الكتاب".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (90 و 295)(18/ ب و 52/ ج - مخطوط الفاتح)، والنسائي في الرابع من الإغراب (5)، والسري بن يحيى في حديثه عن شيوخه عن الثوري (177)، وأبو جعفر ابن البختري في المنتقى من السادس عشر من حديثه (34)(703 - مجموع مصنفاته)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 130)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 124)، والبيهقي في السنن (2/ 37 و 59)، وفي المعرفة (1/ 509/ 697)، وفي القراءة خلف الإمام (38 - 40)، والخطيب في الموضح (1/ 533).
قال أبو نعيم: "غريب من حديث الثوري عن جعفر".
ب - ورواه وهيب بن خالد [وعنه: سليمان بن حرب]: نا جعفر بن ميمون، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي في المدينة أنَّه: "لا صلاة إلا بقراءة ولو بفاتحة الكتاب".
وفي رواية: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وما زاد".
أخرجه العقيلي في الضعفاء (1/ 190)، والبيهقي في السنن (2/ 375)، وفي القراءة خلف الإمام (43 - 5 4)، والخطيب في الموضح (1/ 532).
قال العقيلي بعد أن أخرجه في ترجمة جعفر: "ولا يتابع عليه، والحديث في هذا الباب ثابت من غير هذا الوجه"؛ يعني: بغير هذا اللفظ.
وقال البيهقي: "أجمع سفيان بن سعيد الثوري ويحيى بن سعيد القطان - وهما إمامان حافظان - على روايته باللفظ الَّذي هو مذكور في خبرهما، فالحكم لروايتهما، ورواية من رواه: "ولو بفاتحة الكتاب"، مؤدَّاة على المعنى؛ يعني: أنَّه يزيد في قراءته على فاتحة الكتاب، ولو اقتصر عليها ولم يزد عليها كفت عنه، كما رويناه مفسرًا عن أبي هريرة رضي الله عنه.
قلت: جعفر بن ميمون الأنماطي: قليل الرواية، والأكثر على تضعيفه، أو تليينه، وهو الصواب، لا سيما وفيهم الإمام أحمد، حيث قال فيه مرة:"حدث عنه يحيى والثوري وأبو عبيدة الحداد، أخشى أن يكون ضعيف الحديث"، وقال أخرى:"ليس هو بقوي في الحديث"[العلل ومعرفة الرجال (3/ 58/ 4157) و (3/ 103/ 4396)، سؤالات الآجري (354)، الكامل (2/ 139)، الميزان (1/ 418)، التهذيب (1/ 313)]، وقد ذكرت أقوال أهل العلم فيه، وضعَّفت له حديثين في تخريج أحاديث الذكر الدعاء برقم (136 و 392)، وبيَّنت هناك مخالفته للثقات في روايته، وانظر أيضًا في كان مخالفته للثقات: حديث ابن مسعود - في قصة وفد الجن - المتقدم هنا في تخريج السنن برقم (39)، وقارنه بما رواه: البخاري في التاريخ الكبير (2/ 200)، وفي الأوسط (1/ 202/ 956)، والترمذي (2861)، والدارمي (12)، والفاكهي في أخبار مكة (4/ 24/ 2321)، والبزار (5/ 271 / 1886)، وأبو القاسم الأصبهاني في دلائل النبوة (2/ 663/ 85)، وانظر لبيان ذلك أيضًا: علل ابن المديني (260).
وهذا الحديث من الأدلة على ذلك أيضًا؛ فقد رواه عنه الثقات الحفاظ الأثبات: سفيان الثوري، ويحيى بن سعيد القطان، ووهيب بن خالد، وعيسى بن يونس، واختلفوا عليه فيه، مما يدل على أنَّه قد اضطرب في لفظه، ولم يضبطه، فمرة يقول:"اخرُجْ فنادِ في المدينة أنَّه: لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما زاد"، ومرة يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي أنَّه: "لا صلاةَ إلا بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد"، ومرة يقول: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي في المدينة أنَّه: "لا صلاة إلا بقراءةٍ، ولو بفاتحة الكتاب"، وغير ذلك مما تقدم ذكره، واللفظ الأول والأخير مخالف لرواية الثقات من حديث أبي سعيد [المتقدم برقم (818)]: أُمِرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر، ولحديث أبي هريرة [الآتي برقم (821)] مرفوعًا:"من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" ثلاثًا، " غير تمام"، ولحديث عبادة [الآتي برقم (822)] مرفوعًا: إلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وما كان في معنى هذه الأحاديث الدالة على تعين القراءة بفاتحة الكتاب دون غيرها من سور القرآن، وأنه لا تجزئ صلاة بدونها، ولذا فقد ضعف العقيلي حديثه هذا
بقوله: "ولا يتابع عليه"؛ يعني: بهذا اللفظ، وقال الذهبي في ترجمة جعفر من تاريخ الإسلام (9/ 94):"من مناكيره: حديث وهيب: ثنا جعفر بن ميمون، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن ينادي: "لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب وما زاد""، والله أعلم.
• فإن قيل: قد توبع على روايته في هذا الحديث:
فقد روى أبو يوسف القلوسي [يعقوب بن إسحاق بن زياد البصري: ثقة حافظ. تاريخ بغداد (14/ 285)، السير (12/ 631)، تاريخ الإسلام (20/ 492)]: ثنا معلى بن أسد [ثقة]: نا منصور بن سعد، عن عبد الكريم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة؛ أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى في طرق المدينة:"ألا صلاة إلا بقراءةٍ، ولو بفاتحة الكتاب".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (46) بإسناد صحيح إلى أبي يوسف.
ثم قال: ورواه محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن أبي يحيى محمد بن عبد الرحيم [صاعقة: ثقة حافظ]، عن معلى، بإسناده هذا، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره فنادى في طريق المدينة:"لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب".
قلت: هو إسناد غريب، عبد الكريم الَّذي يروي عن أبي عثمان النهدي هو: ابن رُشيد البصري [وهو: صدوق]، ولا يُعرف لابن مالك الجزري رواية عن أبي عثمان، كما أنَّه لا يُعرف لمنصور بن سعد البصري صاحب اللؤلؤ [وهو: ثقة] رواية عن عبد الكريم أيًا كان، وإن كان معلى بن أسد من طبقة تلاميذ منصور إلا أنَّه أيضًا غير معروف بالرواية عنه، والحاصل: فإن رجال هذا السند مع كونهم من أهل البصرة، ويعرفون بالصدق في الحديث، إلا أنَّه لا تُعرف لبعضهم رواية عن بعض، مع كونهم من بلد واحد؛ إلا في هذا الحديث الواحد، فهذا وجه غرابته، ولهذا فهذه المتابعة لا تغني شيئًا، ولا تقوي رواية جعفر بن ميمون، والله أعلم.
• وروى الطبراني في الأوسط (9/ 159/ 9415)، بإسناد صحيح إلى: كنانة بن جبلة، عن إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الكريم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي في أهل المدينة: "إن في كل صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب".
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الحجاج إلا إبراهيم بن طهمان".
قلت: لا أظنه يثبت عن إبراهيم؛ فإن الراوي عنه هنا، وأظنه هو المتفرد به: كنانة بن جبلة، قال عثمان بن سعيد الدارمي:"وسألت يحيى [يعني: ابن معين]، قلت: كنانة بن جبلة الَّذي كان يكون بخراسان من أهل الحديث؟ قال: ذاك كذاب خبيث"، قال عثمان:"وهو قريب مما قال يحيى، خبيث الحديث"، وقال الجوزجاني:"ضعيف الأمر جدًّا"، وقال ابن حبان:"كان مرجئًا، يقلب الأخبار، وينفرد عن الثقات بالأشياء المعضلات"، وقال ابن عدي:"ومقدار ما يرويه غير محفوظ"، وقال الأزدي: "متروك
الحديث"، وخفي أمره على أبي حاتم، فقال: "محله الصدق، يكتب حديثه، حسن الحديث" [تاريخ ابن معين للدارمي (717)، أحوال الرجال (377)، ضعفاء العقيلي (4/ 11)، الجرح والتعديل (7/ 169)، علل الحديث (2097)، المجروحين (2/ 229)، الكامل (6/ 74)، علل الدارقطني (11/ 201/ 2221)، ضعفاء ابن الجوزي (3/ 26)، اللسان (6/ 425)].
وفيه أيضًا: الحجاج بن أرطأة، وقد تفرد به عن عبد الكريم بن مالك الجزري، ولا يُعرف من حديثه، والحجاج: ليس بالقوي، وهو معروف بالتدليس، وهو هنا لم يذكر سماعًا، وقد كان يدلس عن الضعفاء والمتروكين.
وحاصل ما تقدم: أن الحديث إنما هو حديث جعفر بن ميمون، وبه يُعرف، ولم يتابع عليه، كما قال العقيلي، وحديثه هذا مما أُنكِر عليه، فهو حديث ضعيف.
• فإن قيل: له طريق أخرى عن أبي هريرة:
فقد روى أحمد بن عبد الله بن محمد الكندي: حدثنا نعيم بن حماد: حدثنا ابن المبارك: أخبرنا أبو حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بقراءةٍ، ولو بفاتحة الكتاب".
أخرجه أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي [متهم بوضع الحديث. اللسان (4/ 580)] في مسند أبي حنيفة (1)، وابن عدي [عزاه إليه الزيلعي في نصب الراية (1/ 367)، ولم أجده في كامله (1/ 194)]، والخطيب في التاريخ (4/ 216)، ومن طريقه: ابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 415/ 703).
قال الخطيب: "تفرد بروايته هذا الشيخ عن نعيم، ولا نعلمه يروى عن أبي حنيفة إلا بهذا الإسناد".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح؛ تفرد بروايته أحمد بن عبد الله عن نعيم، وهو مجهول؛ ونعيم مجروح".
قلت: نعيم بن حماد: ضعيف؛ والراوي عنه: أحمد بن عبد الله بن محمد، هو: أبو علي اللجلاج الكندي الخراساني، قال ابن عدي:"حدث بأحاديث مناكير لأبي حنيفة"، ثم أورد له أربعة أحاديث، ثم قال:"وهذا الأحاديث لأبي حنيفة لم يحدِّث بها إلا أحمد بن عبد الله هذا، وهي بواطيل عن أبي حنيفة، ولا يعرف أحمد بن عبد الله هذا إلا بهذه الأحاديث"، وضعفه الدارقطني، وقال الذهبي:"لا يُدرى من هو، عن نعيم بن حماد بخبر منكر"؛ يعني: هذا الحديث [الكامل (1/ 194)، الميزان (1/ 110 و 111)، اللسان (1/ 504 و 505)].
• قلت: فهو حديث منكر.
والمعروف في ذلك إنما هو موقوف على أبي هريرة قوله:
فقد روى داود بن أبي الفرات، عن إبراهيم بن ميمون الصائغ، عن عطاء، عن
أبي هريرة رضي الله عنه: في كل صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب، فما أعلن لنا النبي صلى الله عليه وسلم[في الصلاة] فنحن نُعْلِنُه، وما أسرَّ فنحن نُسِرُّه.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (16)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2516)، والطبراني في الأوسط (8/ 92/ 8066)، والخطيب في الموضح (1/ 373).
قال الطبراني: "لم يرو هذين الحديثين عن إبراهيم الصائغ إلا داود بن أبي الفرات وعون بن معمر".
قلت: وإسناده صحيح، وأصله متفق عليه بدون هذه الزيادة: ولو بفاتحة الكتاب، لكن معناها صحيح من كلام أبي هريرة في آخر الحديث، حيث قال: وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير، وقد تقدم تخريجه موسعًا برقم (797).
وقد رواه ابن جريج، وقيس بن سعد، وحبيب بن الشهيد، وحبيب المعلم، ورقبة بن مصقلة، وهارون بن أبي إبراهيم البربري الثقفي، وقتادة [وهو غريب من حديثه]، وابن أبي ليلى، ومروان بن جناح، وعمارة بن ميمون، جميعهم عن عطاء، عن أبي هريرة به.
ولفظ ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: في كل صلاة يُقرأ، فما أسمعَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسمعْناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، [فقال له رجل: إن لم أزد على أم القرآن؟ فقال:] وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير.
أخرجه البخاري (772)، ومسلم (396/ 43).
***
821 -
. . . مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنَّه سمع أبا السائب مولى هشام بن زُهرة، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأُمِّ القرآن فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ، غيرُ تمامٍ".
قال: فقلت: يا أبا هريرة، إني أكون أحيانًا وراء الإمام؛ قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسيٌّ في نفسك؛ فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله عز وجل: قسمتُ الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرؤوا، يقول العبدُ:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، يقول الله صلى الله عليه وسلم: حمدني عبدي، يقولِ:{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، يقول الله عز وجل أثنى عليَّ عبدي، يقول العبدُ:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، يقول الله عز وجل: مجَّدني عبدي، وهذه الآية بيني وبين عبدي، يقول العبدُ:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، فهذه
بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، يقول العبدُ:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} ، فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل".
***
• حديث صحيح.
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 136/ 224).
ومن طريقه: البخاري في القراءة خلف الإمام (78)، وفي خلق أفعال العباد (132)، وفي الكنى (38)، ومسلم (395/ 39)، وأبو عوانة (1/ 452/ 1673 و 1674) و (1/ 478 / 3901)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 18/ 874)، والنسائي في المجتبى (2/ 135/ 909)، وفي الكبرى (1/ 470/ 983) و (7/ 255/ 7958) و (10/ 6/ 10915)، وابن خزيمة (1/ 252 - 253/ 502)، وابن حبان (5/ 84/ 1784)، وأحمد (2/ 460)، وابن وهب في الجامع (359)، وعبد الرزاق (2/ 129/ 2768)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (223)، والبزار (15/ 284/ 8779)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 215)، وفي المشكل (3/ 122) و (14/ 12 و 14/ 5411 و 5412)، وفي أحكام القرآن (1/ 247/ 486)، وأبو أحمد الحاكم في عوالي مالك (21)، وأبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (1/ 9)، والجوهري في مسند الموطأ (625)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 129)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (654 و 655 و 657 و 658)، والبيهقي في السنن (2/ 38 و 39 و 166 - 167)، وفي الشعب (2/ 445/ 2361)، وفي المعرفة (1/ 506 و 507/ 692 - 694)، وفي القراءة خلف الإمام (49 - 52)، وفي الأسماء والصفات (1/ 483)، والبغوي في شرح السنَّة (3/ 47/ 578)، وقال:"هذا حديث صحيح"، وفي التفسير (1/ 43)، والحازمي في الاعتبار (1/ 388/ 127).
وانظر فيمن وهم فيه على مالك: التمهيد لابن عبد البر (20/ 187 و 191)، الاستذكار (1/ 447).
• تابع مالكًا عليه:
1 -
ابن جريج [وقد صرح بالسماع من العلاء، وهكذا رواه عنه جماعة من أثبت أصحابه: عبد الرزاق، وابن علية، وحجاج بن محمد المصيصي]، والوليد بن كثير المخزومي المدني، وورقاء بن عمر اليشكري [مختصرًا بشقه الأول فقط] [وهم ثقات]:
عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: أخبرني أبو السائب مولى عبد الله بن هشام بن زهرة، عن أبي هريرة به مرفوعًا.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (81)، وفي الكنى (38)، ومسلم (395/ 40)، وأبو عوانة (1/ 453/ 1675)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 18/ 875)،
وابن ماجة (838)، وابن خزيمة (1/ 247/ 489)، وأحمد (2/ 250 و 285 و 285 - 286 و 487)، والطيالسي (4/ 290/ 2684)، وعبد الرزاق (2/ 121/ 2744) و (2/ 128/ 2767)، والقاسم بن سلام في فضائل القرآن (223)، وابن أبي شيبة (1/ 316/ 3619) و (1/ 329/ 3775)، وابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 86)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2511)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 98/ 1298)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 256)، وابن بشران في الأمالي (916)، والبيهقي في السنن (2/ 166)، وفي القراءة خلف الإمام (53 و 54 و 59)، والخطيب في تاريخ بغداد (6/ 302).
2 -
محمد بن إسحاق، قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي، عن أبي السائب مولى بني زُهرة، عن أبي هريرة، قال:
…
فذكره مرفوعًا إلى قوله: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل"، ثم أوقف ما بعده على أبي هريرة، فقال: ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه: اقرؤوا؛ فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}
…
وذكره.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (79).
هكذا من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي [وهو: ثقة] عن ابن إسحاق به.
وتابعه على وقفه من هذا الموضع مقتصرًا عليه، ولم يذكر ما قبله: عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، فرواه عن ابن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، قال: إذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، فذكر نحوه، ولم يرفعه.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 86).
• ورواه بشقه الثاني مرفوعًا:
المحاربي [عبد الرحمن بن محمد بن زياد، وهو: ثقة]، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، عن أبي السائب مولى زهرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، فهذا لي، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} إلى أن يختم السورة، قال: فذاك له".
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 86).
• ورواه إبراهيم بن سعد [مدني ثقة، من أثبت أصحاب ابن إسحاق]، عن ابن إسحاق، قال: وحدثني العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحُرَقة، عن أبي السائب مولى عبد الله بن زهرة التيمي، عن أبي هريرة، فذكر الحديث.
أخرجه أحمد (2/ 286)، بعد رواية ابن جريج المرفوعة بشقيها، ولم يسق لفظ حديث ابن إسحاق.
وسياق أحمد هذا يدل على أن رواية ابن إسحاق مثل رواية ابن جريج في رفعه بشقيه، والله أعلم.
ورواه البيهقي في القراءة خلف الإمام (57 و 58)، من طريق: عبد الأعلى بن عبد الأعلى، ويونس بن بكير [صدوق]، عن ابن إسحاق: حدثني العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب مولى بني زهرة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، ثم هي خداج، غير تمام"، قلت: يا أبا هريرة! فكيف أصنع إذا جهر الإمام؟ قال: اقرأ بها في نفسك، قال: فذكر الحديث بطوله، وهذا لفظ عبد الأعلى، وظاهر صنيع البيهقي أنهما ذكرا بقية الحديث مرفوعًا، والله أعلم.
ورواه ابن عبد البر في التمهيد (20/ 196) من طريق عبد الأعلى بشقه الأول مرفوعًا.
والظاهر أن هذا الاختلاف في الرفع والوقف إنما هو من ابن إسحاق نفسه، والذين رووه عنه ثقات، والرفع محفوظ كما تقدم برواية الثقات، والله أعلم.
3 -
محمد بن عجلان:
يرويه قتيبة بن سعيد: ثنا ليث بن سعد، عن محمد بن عجلان، عن عبد الرحمن مولى الحرقة، عن أبي السائب مولى هشام، عن أبي هريرة؛ أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل صلى صلاة بغير قراءة فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام".
قال: قلت: إني لا أستطيع أن أقرأ مع الإمام؟ قال: اقرأ في نفسك؛ فإن الله قال: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، فأولها لي، وأوسطها بيني وبين عبدي، آخرها لعبدي وله ما سأل، قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال: حمدني عبدي، قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال: أثنى عليَّ عبدي، قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، فهذا لي، قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: أخلص العبادة لي، واستعان بي عليها، فهذا بيني وبين عبدي، وله ما سأل، قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} فهذا لعبدي، ولعبدي ما سأل".
أخرجه أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2512)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (55).
قال الدارقطني في العلل (9/ 22/ 1617): "وغيره يرويه عن الليث، عن ابن عجلان، عن العلاء عن عبد الرحمن، وهو الصواب".
وقال البيهقي: "وقتيبة واهمٌ فيه؛ فإن الحديث عن الليث عن ابن عجلان عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة عن أبي السائب".
قلت: رواه يحيى بن عبد الله بن بكير، وأبو صالح عبد الله بن صالح، وأبو الأسود النضر بن عبد الجبار [من رواية المقدام بن داود عنه، والمقدام ضعيف]:
عن الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم،
…
فذكره.
أخرجه البخاري في الكنى (38)، والبيهقي في القراءة (56)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 188 و 196).
قال ابن عبد البر في الإنصاف (11) عن رواية ابن عجلان هذه: "لم يرفع منه إلا قوله: "خداج غير تمام"، ومالك أحفظ وأثبت، وزيادة مثله مقبولة، وحجة على من قصر عنها".
• وقد اختلف فيه على العلاء بن عبد الرحمن:
أ - فرواه مالك، وابن جريج، والوليد بن كثير، وورقاء بن عمر، ومحمد بن إسحاق، وابن عجلان [وهم ستة من الثقات]:
عن العلاء بن عبد الرحمن، أنَّه سمع أبا السائب، يقول: سمعت أبا هريرة، يقول:
…
فذكره، على اختلاف بينهم في الرفع والوقف سبق بيانه، وأن المحفوظ فيه الرفع.
ب - ورواه سفيان بن عيينة، وشعبة بن الحجاج، وروح بن القاسم، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وأبو غسان محمد بن مطرف، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وإبراهيم بن طهمان، وسعد بن سعيد بن قيس الأنصاري، وجهضم بن عبد الله اليمامي [وهم ثقات في الجملة]، وزهير بن محمد العنبري [هو: التميمي، أبو المنذر الخراساني، رواية أهل الشام عنه ضعيفة فيها مناكير، ورواية أهل العراق عنه مستقيمة؛ وهذه منها، فإن الراوي عنه: أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، قال الإمام أحمد:"أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة: عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر"، انظر: التهذيب (1/ 639)، الميزان (2/ 84)، إكمال مغلطاي (5/ 90)، ترتيب علل الترمذي ص (395)، جامع الترمذي (3291)، وغيرها]، ومحمد بن يزيد البصري أو النصري [مجهول. الجرح والتعديل (8/ 127)، تاريخ دمشق (56/ 280)، اللسان (7/ 593)]، وغيرهم [منهم من طوله ومنهم من اختصره]:
وتابعهم أيضًا: عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي أبو جعفر المديني [ضعيف][وتفرد عن الجماعة بلفظة: "قسمت السورة"، وهي منكرة، والمعروف: "قسمت الصلاة"]:
كلهم [وهم ثلاثة عشر رجلًا] رووه عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج" ثلاثًا، "غير تمام".
فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام، فقال: اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، وقال مرة: فوَّض إليَّ عبدي -، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل: فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)} قال: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل". واللفظ لابن عيينة.
أخرجه مطولًا ومختصرًا: البخاري في القراءة خلف الإمام (12 و 77 و 80 و 82 - 86 و 255)، ومسلم (395/ 38)، واللفظ له، وأبو عوانة (1/ 453/ 1676 - 1678 و 1680)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 17/ 873)، والترمذي (2953)، والنسائي في الكبرى (7/ 256/ 7959)، وابن ماجة (3784)، وابن خزيمة (1/ 248/ 490)، وابن حبان (5/ 90/ 1788) و (5/ 91/ 1789) و (5/ 96/ 1794) و (5/ 97/ 1795)، وأحمد (2/ 241 و 457 و 478)، والشافعي في الأم (1/ 107)، وفي المسند (36)، والحميدي (973 و 974)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث (1/ 196)، وسعيد بن منصور في سننه (2/ 505 / 168)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (291)، والبزار (15/ 69/ 8297)، وأبو يعلى (11/ 336/ 6454) و (11/ 452/ 6522)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (2508 - 2510)، وإلطحاوي في شرح المعاني (1/ 216)، وفي المشكل (3/ 122 و 123) و (14/ 14 و 15/ 5413 و 5414)، وفي أحكام القرآن (1/ 247 / 487 و 488)، وابن عدي في الكامل (5/ 218)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (48 و 49)، وابن أخي ميمي الدقاق في فوائده (302)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 130)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (659)، والبيهقي في السنن (2/ 38 و 167)، وفي المعرفة (1/ 505/ 691)، وفي القراءة خلف الإمام (60 - 74 و 219 و 430 و 431)، وفي الأسماء والصفات (1/ 90)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 190 و 191)، والحازمي في الاعتبار (1/ 389/ 128).
وقع في روايةٍ عن ابن عيينة: عن العلاء عن أبيه، أو: عمن سمع أبا هريرة، والرواية التي جزم فيها ابن عيينة أولى من هذه؛ إذ هي الموافقة لرواية الجماعة، والله أعلم.
• قال أبو عبيد في غريبه: "قال الأصمعي: الخداج النقصان، مثل: خداج الناقة إذا ولدت ولدًا ناقصَ الخلق، أو لغير تمام، ويقال: أخدج الرجل صلاته فهو مخدِج، وهي مخدَجة، ومنه قيل لذي الثُّدَيَّة: إنه مخدَج اليد؛ يعني: أنَّه ناقصها"[انظر: معالم السنن (1/ 176)].
قلت: وجملة: "غير تمام" هي تفسير للخداج وبيان لمعناه، والله أعلم.
• واختلف فيه على شعبة:
فرواه محمد بن جعفر، ووكيع بن الجراح، وابن أبي عدي، وابن المبارك، وسعيد بن عامر [وهم ثقات][واختلف على سعيد في رفعه ووقفه، ولا يضر مثل ذلك؛ فهو محفوظ عن شعبة به مرفوعًا، عنه به بنحو رواية الجماعة: "كل صلاة لا يُقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام"، [وفي رواية: فقال أبي لأبي هريرة: فإذا كنت خلف الإمام؟ فأخذ بيدي، وقال: يا فارسي، أو قال: يا ابن الفارسي! اقرأ في نفسك][عند البخاري (255)، وأبي عوانة (1676)، وأحمد (2/ 457 و 478)].
ورواه وهب بن جرير [ثقة] عنه به، لكنه غاير في اللفظ، وقال:"لا تُجزئُ صلاةٌ لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، قلت: وإن كُنْتُ خلف الإمام؟ قال: فاخذ بيدي، وقال: اقرأ في نفسك [عند ابن خزيمة (490)، وابن حبان (1789 و 1794)، وأبي أحمد الحاكم (49)، والبيهقي في القراءة (62)].
قال ابن حبان: "لم يقل في خبر العلاء هذا: "لا تجزئ صلاةٌ" إلا شعبة، ولا عنه إلا وهب بن جرير ومحمد بن كثير".
وقال ابن المنذر في الأوسط (3/ 99/ 1299) بعد أن علقه من طريق وهب بن جرير: "فدل الحديث على أن معنى قوله: "فهي خداج" أنَّه النقص الَّذي لا تجزئ الصلاة معه، لا النقص الَّذي يجوز معه الصلاة، وإن صحت هذه اللفظة فإن جماعة رووا هذا الحديث عن شعبة وغيره، لم يذكروا فيه هذه اللفظة".
قلت: هي شاذة لا تصح، فلا يبنى عليها حكم، والله أعلم.
قال ابن حجر في النكت (2/ 807): "وانفرد وهب بن جرير عن شعبة بلفظ: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، حتَّى زعم بعضهم أن هذه الرواية مفسَّرة للخداج الَّذي في الحديث، وأنه عدم الإجزاء وهذا لا يتأتى له إلا لو كان مخرج الحديث مختلفًا، فأما والسند واحد متحد فلا ريب في أنَّه حديث واحد اختلف لفظه، فتكون رواية وهب بن جرير شاذة بالنسبة إلى ألفاظ بقية الرواة؛ لاتفاقهم دونه على اللفظ الأول؛ لأنَّه يبعد كل البعد أن يكون أبو هريرة رضي الله عنه سمعه باللفظين، ثم نقل عنه ذلك، فلم يذكره العلاء لأحد من رواته على كثرتهم إلا لشعبة، ثم لم يذكره شعبة لأحد من رواته على كثرتهم إلا لوهب بن جرير".
• ورواه ابن سمعان، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، به مرفوعًا وزاد فيه ذكر البسملة.
وقد تفرد ابن سمعان دون هؤلاء الثقات بزيادة البسملة في هذا الحديث، وهي زيادة باطلة، تفرد بها: ابن سمعان، وهو: عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني: متروك؛ كذبه مالك وأبو داود وغيرهما [التهذيب (2/ 336)]، وتقدم الكلام عليها تحت الحديث رقم (783).
• قال أبو داود في مسائله لأحمد (1986): "قلت لأحمد: حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة؟ قال: قد جمعهما بعضهم، فأرجو أن يكون كلا الحديثين صحيح.
يعني: حديث مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"وأيُّما صلاةٍ لم يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج" ومن قال: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة"، قال أبو داود: "رواه أبو أويس وسليمان بن بلال من رواية شيخ من أهل البصرة عنه، وابن ثوبان، عن ابن عجلان كلهم، قالوا: عن العلاء، عن أبيه وأبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة".
وقال البخاري في الكنى (38): "وقال أبو أويس وعبد الله بن جعفر المدني: عن العلاء، عن أبيه وأبي السائب، نحوه".
وقال الترمذي في الجامع: "هذا حديث حسن".
وقد روى شعبة وإسماعيل بن جعفر وغير واحد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث.
وروى ابن جريج ومالك بن أَنس، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث.
وروى ابن أبي أويس، عن أبيه، عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: حدثني أبي، وأبو السائب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا".
ثم أسند حديث ابن أبي أويس ثم قال: "وسألت أبا زرعة عن هذا الحديث، فقال: كلا الحديثين صحيح، واحتج بحديث ابن أبي أويس"، عن أبيه، عن العلاء" [وانظر: علل الترمذي (110)].
وقال البزار: "وهذا الحديث قد اختلف فيه، فرواه مالك عن العلاء عن أبي السائب مولى هشام عن أبي هريرة، ورواه شعبة عن العلاء عن أبيه، ورواه أبو أويس عن العلاء عن أبيه وأبي السائب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عدي بعد رواية شعبة عن العلاء عن أبيه: "وروى هذا مالك وجماعة معه عن العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة، ورواه ابن ثوبان [يعني: عن الحسن بن حر عن العلاء] وغيره عن العلاء عن أبيه وأبي السائب عن أبي هريرة، ويجوز أن يكون الحديث عن أبيه وأبي السائب؛ فإن الروايتين جميعًا قد رواهما الثقات عن العلاء"[الكامل (5/ 218 - ط الفكر) (6/ 374 - ط العلمية)].
وقال البيهقي في المعرفة (1/ 507): "هذا الحديث يرويه عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة: شعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، وروح بن القاسم، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإسماعيل بن جعفر، ومحمد بن يزيد البصري، وجهضم بن عبد الله.
ورواه مالك بن أَنس، وابن جريج، ومحمد بن إسحاق بن يسار، والوليد بن كثير، ومحمد بن عجلان، عن العلاء عن أبي السائب عن أبي هريرة.
وكأنه سمعه منهما جميعًا، فقد رواه أبو أويس المدني عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: سمعت من أبي وأبي السائب جميعًا، وكانا جليسين لأبي هريرة، قالا: قال أبو هريرة".
ثم قال: "وقد حكم مسلم بن الحجاج بصحة الإسنادين جميعًا".
وقال في القراءة خلف الإمام ص (41): "وهذا الحديث دون زيادة ابن سمعان: محفوظ صحيح من حديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، وعن أبي السائب جميعًا، عن
أبي هريرة؛ لكنه كان يرويه مرة عن أبيه، ومرة عن أبي السائب، ومرة عنهما جميعًا، والدليل على صحة ذلك: أن جماعة من الثقات رووه عنهما جميعًا".
وقال ابن عبد البر في الإنصاف (11): "والقول عندي في ذلك: مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأنَّ أبا السائب ثقة، وعبد الرحمن أبا العلاء ثقة أيضًا، فعن أيهما كان فهو من أخبار العدول التي يجب الحكم بها".
وقال في التمهيد (20/ 189): "وليس هذا باختلاف، والحديث صحيح للعلاء عن أبيه وعن أبي السائب جميعًا عن أبي هريرة، قد جمعهما عنه أبو أويس وغيره، قال علي بن المديني: وكذلك رواه ابن عجلان عن العلاء عن أبيه وعن أبي السائب جميعًا عن أبي هريرة؛ يعني: كما رواه أبو أويس"[وانظر أيضًا: علل الدارقطني (9/ 18/ 1617)].
وممن ذهب إلى هذا أيضًا: الحازمي في الاعتبار (1/ 390)، وكأنه نقل كلام البيهقي بحروفه.
• قلت: وهو كما قالوا؛ محفوظ عن العلاء على الوجهين، عن أبيه، وعن أبي السائب:
فقد رواه أبو أويس [عبد الله بن عبد الله بن أويس: ليس به بأس، لينه بعضهم]، عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: سمعت من أبي، ومن أبي السائب جميعًا، وكانا جليسي أبي هريرة، قالا: قال أبو هريرة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج، غير تمام"، قلت: يا أبا هريرة إني أكون أحيانًا وراء الإمام؟ فغمز ذراعي، وقال: يا فارسي اقرأ بها في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يقول الله: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، يقول عبدي: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، يقول الله: حمدني عبدِي، فيقول: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، فيقول الله: أثنى علي عبدي، يقول عبدي: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، يقول: مجدني عبدي، وهذه الآية بيني وبين عبدي، يقول عبدي: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، فهذه الآية بيني وبينه، وآخر السورة لعبدي، ولعبدي ما سأل، يقول عبدي: {هْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} إلى آخر السورة".
أخرجه مسلم (395/ 41)، وأبو عوانة (1/ 453/ 1679)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 18/ 876 و 877)، والترمذي في السنن (2953)، وفي العلل (110)، والبيهقي في السنن (2/ 39 و 375)، وفي المعرفة (1/ 508 / 695)، وفي القراءة خلف الإمام (77)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 189 و 190)، وفي الإنصاف (12).
• ولم ينفرد بذلك أبو أويس، فقد تابعه عليه:
الحسن بن الحر [ثقة]، فرواه عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه وأبي السائب [سقط ذكر الأخير عند ابن حبان]، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، فهي خداج، فهي خداج، غير تمام"، قال: فقال رجل: يا أبا
هريرة إني أحيانًا أكون وراء الإمام، قال: فغمز ذراعي، ثم قال: يا فارسي، اقرأ بها في نفسك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: "قال الله تبارك وتعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبادي نصفين
…
" فذكر الحديث بتمامه.
أخرجه ابن حبان (3/ 54/ 776)، والطحاوي في المشكل (14/ 15/ 5415)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 110/ 166)، والدارقطني في الأفراد (2/ 302/ 5289)، وأبو طاهر المخلص في السابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (75)(1406 - المخلصيات)، وأبو نعيم في الحلية (10/ 31)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (656)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (78)، وانظر: علل الدارقطني (9/ 22/ 1617).
من طريق: أبي المغيرة عبد القدوس بن الحجاج، وعلي بن عياش، وزيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي [ثقة، ولم يذكر أبا العلاء]:
ثلاثتهم عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن الحسن بن الحر به.
قال ابن صاعد: "هذا إسناد غريب، وقد تابعه عليه أبو أويس، فقال: عن العلاء، عن أبيه وأبي السائب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال الدارقطني في الأفراد: "غريب من حديث الحسن بن الحر عن العلاء، تفرد به: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان".
قلت: وهذا إسناد حسن إلى الحسن بن الحر، وقد سقط من إسناد البيهقي على الناسح: شيخ الحاكم، وهو أبو علي الحافظ الحسين بن علي بن يزيد النيسابوري، وهو الراوي عن ابن جوصا وغيره.
تنبيه: وقع عند الطبراني: عن العلاء، عن أبيه، عن أبي السائب، وهو وهم، وإنما هو العلاء عن أبيه وعن أبي السائب، كليهما معًا.
• وقال البيهقي في القراءة خلف الإمام (79): وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ [هو الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيِّع، صاحب المستدرك]: ثنا محمد بن تميم الأصم [لم أر في شيوخ الحاكم ولا في تلاميذ الترمذي من اسمه محمد بن تميم، وقد يكون تحرف عن محمد بن يعقوب أبي العباس الأصم الثقة الحافظ المشهور]: ثنا أبو إسماعيل الترمذي [محمد بن إسماعيل بن يوسف السلمي: ثقة حافظ]: ثنا أحمد بن الحسين اللهبي [من ولد أبي لهب، وثقه أبو بكر محمد بن النضر بن سلمة الجارودي الحافظ. مغاني الأخيار (1/ 25)]: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن ابن العجلان، عن العلاء، عن أبيه، وعن أبي السائب، عن أبي هريرة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى صلاة لا يقرأ فيها بشيء من القرآن فهي خداج، هي خداج، غير تمام".
قلت: لا أظنه يثبت عن حاتم بن إسماعيل الثقة المدني المشهور، ممن روى له الجماعة، وقد روى عنه جماعات من الثقات، واللهبي المتفرد به عنه: ليس بذاك المشهور، ولم يترجم له البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، ولم يوثقه سوى أبي
بكر الجارودي الراوي عنه، والحديث إنما يرويه الليث بن سعد عن ابن عجلان من حديث أبي السائب وحده، وهو المعروف عن ابن عجلان، والله أعلم.
• وقد روي من حديث ابن شهاب عن أبي السائب عن أبي هريرة، ولا يصح من حديث ابن شهاب:
يرويه محمد بن عزيز الأيلي، قال: حدثنا سلامة، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي السائب مولى هشام بن زهرة، أن أبا هريرة قال:
…
فذكره مرفوعًا.
أخرجه الطحاوي في المشكل (14/ 16/ 5416)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (80).
قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 188): "وهو صحيح من حديث الزهري، حدث به عنه عقيل هكذا، عن الزهري عن أبي السائب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: هكذا جرى على ظاهر السند لما نظر إلى ثقة عقيل بن خالد، لكن الشأن في الإسناد إليه، وهو منكر من حديث الزهري:
فإن سلامة بن روح بن خالد: ليس بالقوي، ولم يسمع من عمه عقيل، وحديثه عن كتب عقيل، وكانت فيه غفلة [انظر: التهذيب (2/ 141)، الميزان (2/ 183)]، ومحمد بن عزيز: صدوق، تُكلم في سماعه من ابن عمه سلامة [انظر: التهذيب (3/ 648)، الميزان (3/ 647)، إكمال مغلطاي (10/ 277)]، وقد أُنكرت أحاديث بهذا الإسناد، ومنها هذا الحديث [انظر: الكامل لابن عدي (3/ 313)، وغيره].
قال ابن عدي في الكامل (3/ 314): "وهذه الأحاديث عن عقيل عن الزهري كتاب نسخة كبيرة، يقع في جزأين، وفيها عن عقيل عن الزهري أحاديث أُنكِرت من حديث الزهري بما لا يرويه غير سلامة عن عقيل عنه، من ذلك:
…
" فذكر حديثًا، ثم قال: "وفي هذه النسخة: عن الزهري، عن أبي السائب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"من صلى صلاة لم يقرأ بفاتحة الكتاب فهي خداج"، وقد روي هذا بإسناد مظلم عن مالك، عن الزهري، عن أبي السائب، والمحفوظ في هذه الرواية: رواية العلاء بن عبد الرحمن عن أبي السائب".
• ورواه البيهقي في القراءة أيضًا (81 و 82) من طريقين عن صفوان بن سليم، عن أبي السائب، عن أبي هريرة به مرفوعًا مختصرًا بأوله فقط.
ولا يصح هذا من حديث صفوان بن سليم؛ ففي الطريق الأُولى: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة، وفيه أيضًا: عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير، وهو ممن يروي المناكير عن الثقات، حتَّى عن أبيه، وهذا منها [انظر: اللسان (5/ 328)].
وفي الطريق الثانية: يزيد بن عياض، وهو ابن جعدبة: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي [التهذيب (4/ 425)]، ومحمد بن عيسى الطرسوسي: قال ابن عدي: "عامة
ما يرويه لا يتابعونه عليه، وهو في عداد من يسرق الحديث"، وأخرج حديثه هذا في كامله (6/ 283)، وأنكره عليه، وقال: "وهذا بهذا الإسناد لا أعرفه إلا من حديث محمد بن عيسى الطرسوسي" [وانظر: اللسان (7/ 430)].
• وله طرق أخرى عن أبي هريرة:
أ - رواه الفضل بن موسى: نا جعفر بن برقان، عن حبيب بن أبي مرزوق، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"يقول الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، نصفه له، ونصفه لي، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال الرب: حمدني عبدي، فإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال الرب: أثنى عليَّ عبدي، فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قال: هذه لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، قال: هذه لعبدي ولعبدي ما سأل".
أخرجه إسحاق بن راهويه (1/ 333/ 323).
وهذا إسناد غريب منقطع؛ رجاله ثقات، وحبيب بن أبي مرزوق الرقي: كثير الإرسال، يروي المقاطيع، روى عن عطاء بن أبي رباح ونافع وعروة وميمون بن مهران وابن جريج، ولا أستبعد أن يكون بينه وبين أبي هريرة اثنان، ولا تُعرف له رواية لحديث أبي هريرة؛ إلا حديثًا آخر، ولا يصح عن حبيب [الجرح والتعديل (3/ 109)، علل الدارقطني (9/ 370/ 1807)، غنية الملتمس (162)، التهذيب (1/ 353)].
ب - وروى محمد بن أبي عدي، والنضر بن شميل، ويزيد بن هارون [وهم ثقات]:
عن محمد بن عمرو، عن عبد الملك بن المغيرة بن نوفل، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج [ثم هي خداج] ".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (91)، وأحمد (2/ 290)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (86).
وهذا إسناد رجاله ثقات، ولا يُعرف لعبد الملك سماع من أبي هريرة [انظر: التاريخ الكبير (5/ 433)].
ورواه معتمر بن سليمان [ثقة]، عن محمد بن عمرو، عن عبد الملك بن المغيرة، عن أبي هريرة موقوفًا، وفيه كلام لأبي سلمة مقطوعًا عليه.
علقه البيهقي في القراءة خلف الإمام ص (45)، ثم وصله بعد ذلك برقم (239).
قلت: الرفع زيادة من الثقات، فهي زيادة مقبولة.
ج - خالفهم: حماد بن سلمة، قال: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قوله.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (92)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (85).
هكذا رواه عن حماد بن سلمة أصحابه الثقات: موسى بن إسماعيل أبو سلمة التبوذكي، وشيبان بن عبد الرحمن النحوي.
ورواه إبراهيم بن رستم عن حماد به إلا أنَّه رفعه، وهو وهم.
أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 7)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 220).
وإبراهيم بن رستم، خراساني مروزي: ليس بالقوي [انظر: اللسان (1/ 279)، الجرح والتعديل (2/ 99)، الكامل (1/ 263)، وغيرها]، والمحفوظ وقفه عن حماد.
والذي يظهر لي أن حماد بن سلمة سلك فيه الجادة والطريق السهل، فإن محمد بن عمرو عن أبي سلمة جادة مسلوكة، بخلاف محمد بن عمرو عن عبد الملك بن المغيرة.
وعليه: فالمحفوظ رواية الجماعة: عن محمد بن عمرو، عن عبد الملك، عن أبي هريرة مرفوعًا، والله أعلم.
• وأما ما رواه أبو علي الحافظ [هو: الحسين بن علي بن يزيد بن داود، أبو علي النيسابوري: إمام ناقد، حافظ ثبت. تاريخ نيسابور (246)، الإرشاد (3/ 842)، تاريخ بغداد (8/ 71)، تاريخ دمشق (14/ 271)، السير (16/ 51)]: أنبأ أبو محمد عبد الله بن محمد بن وهب الدينوري: ثنا إبراهيم بن الحسن المقسمي [ثقة]: ثنا خالد بن زيد التستري [لم أهتد إليه، ولعله تصحيف]: نا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج، فهي خداج" ثلاثًا.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (84).
قال أبو علي: "الصحيح من حديث محمد بن عمرو: موقوف".
قلت: آفته شيخ أبي علي الحافظ، فإنه وإن كان حافظًا، وقبِله قومٌ وصدَّقوه؛ إلا إنه رمي بالكذب، وقال الدارقطني مرة:"متروك"، وقال أخرى:"يضع الحديث"[اللسان (4/ 573)].
وله طريق أخرى، ولا تصح أيضًا [عند: أبي نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 292)].
د - خالد بن عبد الله الواسطي، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج؛ إلا صلاةً خلف إمام".
أخرجه البيهقي في القراءة (427 و 428) من طريقين عن خالد به.
قال أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب الفقيه الحافظ: "هذا خبر فيه نظر، لا يثبته أهل المعرفة بالحديث، قالوا: أخطأ فيه خالد، وقلب متن الحديث، وجعل قوله: إني أكون أحيانًا خلف الإمام، فقال: "إلا خلف إمامًا سهوًا منه"، ثم استدل على ذلك بحديث العلاء عن أبيه.
وأشاد الحاكم بتوفيق شيخه في انتزاع علة هذا الخبر، وبيان موضع الوهم منه، إلا
أنَّه قال: "إلا أن الوهم عندي من عبد الرحمن بن إسحاق؛ فإنه به أليق، وخالد: ثبت مأمون،
…
" [مختصر الخلافيات (2/ 121)].
قلت: وهو كما قال الحاكم؛ وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، المعروف بعباد بن إسحاق: ليس به بأس، وليس هو ممن يعتمد على حفظه، ففي بعض حديثه ما ينكر ولا يتابع عليه [التهذيب (2/ 487)، الميزان (2/ 547)]، وحديثه هذا منكر.
هـ - وروي عن سعيد المقبري بلفظ آخر منكر أيضًا:
يرويه إبراهيم بن الفضل، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الركعتان اللتان لا يُقرأ فيهما خداج، لم تتما"، فقال رجل: يا رسول الله! أرأيت إن لم يكن معي إلا أم الكتاب؟ قال: "هي حسبك، هي السبع المثاني".
أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (14/ 58)، وابن عدي في الكامل (1/ 231) في ترجمة إبراهيم. ومن طريقه: البيهقي في القراءة (16).
قال ابن عدي: "وهذه الأحاديث التي أمليتها مع أحاديث سواها عن إبراهيم عن المقبري عن أبي هريرة مما لم أذكره، فكل ذلك: غير محفوظ، ولم أر في أحاديثه أوحش منها، وإنما يرويه إبراهيم بن الفضل عن المقبري".
قلت: فهو حديث منكر؛ تفرد به عن سعيد المقبري: إبراهيم بن الفضل المخزومي المدني؛ وهو: متروك، منكر الحديث [التهذيب (1/ 79)، الميزان (1/ 52)].
وقد رواه جماعة عن المقبري بغير هذا السياق، منهم ابن أبي ذئب:
فقد رواه ابن أبي ذئب: حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم".
أخرجه البخاري (4704)، وتقدم بطرقه تحت الحديث رقم (788).
• وللحديث طريق أخرى عن أبي هريرة، لا تخلو من مقال [عند: البيهقي في القراءة خلف الإمام (83)].
• وله في الباب حديث آخر سبق تخريجه برقم (797):
رواه حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، وعمارة بن ميمون، وحبيب بن الشهيد، عن عطاء، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: في كل صلاة يُقرأ، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم.
وأصله - في مسلم برقم (396/ 42).
ورواه ابن جريج، قال: أخبرني عطاء، أنَّه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: في كل صلاة يُقرَأُ، فما أسمعَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أسمعْناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، [فقال له رجل: إن لم أزد على أم القرآن؟ فقال:] وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير.
أخرجه البخاري (772)، ومسلم (396/ 43)، وتقدم تحت الحديث رقم (797).
وفي رواية خارج الصحيح، وهي ثابتة أيضًا: قال أبو هريرة رضي الله عنه: إذا كنت إمامًا فخفف؛ فإن في الناس الكبير والضعيف وذا الحاجة، وإذا صليت وحدك فطوِّل ما بدا لك، وفي كل صلاة اقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، فقال له رجل: أرأيت إن لم أزد على أم القرآن؟ قال: إن زدت عليها فهو خير، وإن انتهيت إليها أجزأ عنك [عند: عبد الرزاق والبيهقي].
وزاد ابن عيينة قبل سؤال الرجل: كل صلاة لا يُقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج [عند: الحميدي].
ورواه أيضًا: حبيب المعلم، عن عطاء، قال: قال أبو هريرة: في كل صلاة قراءة، فما أسمعنا النبي صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى منا، أخفيناه منكم، ومن قرأ بأم الكتاب فقد أجزأت عنه، ومن زاد فهو أفضل.
أخرجه مسلم (396/ 44)، وتقدم تحت الحديث رقم (797).
ورواه أيضًا عن عطاء [كما تقدم بيانه مفصلًا في الموضع المشار إليه من السنن]: رقبة بن مصقلة، وإبراهيم بن ميمون الصائغ، وهارون بن أبي إبراهيم البربري الثقفي، وقتادة، وابن أبي ليلى، ومروان بن جناح، وغيرهم.
وانظر أيضًا: مصنف ابن أبي شيبة (1/ 317/ 3628).
• خالف هؤلاه جميعًا، فرفع الموقوف وزاد فيه:
محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، فرواه عن عطاء، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته، ومن انتهى إلى أم القرآن فقد أجزأه".
أخرجه الدارقطني (1/ 317)، والحاكم (1/ 238)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (171 و 172).
من طريق فيض بن إسحاق الرقي [ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 12)، وقال: "كان ممن يخطئ"، وانظر: الطبقات الكبرى (7/ 486)، الجرح والتعديل (7/ 88)]: ثنا محمد بن عبد الله به.
قال الدارقطني: "محمد بن عبد الله بن عبيد الله: ضعيف".
قلت: هو حديث منكر؛ والمعروف وقفه على أبي هريرة، ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير: متروك، منكر الحديث [اللسان (7/ 227 و 404)].
• ومن شواهد حديث أبي هريرة:
1 -
حديث جابر بن عبد الله:
يرويه زيد بن الحباب [خراساني، سكن الكوفة، ثقة]، قال: حدثنا عنبسة بن سعيد [هو: ابن الضريس، كوفي، سكن الري، ثقة]، عن مطرف بن طريف [كوفي ثقة]، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة [مدني ثقة]، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال:
قال رسول الله عز وجل: "قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، وله ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قال: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قال: مجدني عبدي، قال: هذا لي، وله ما بقي".
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (1/ 86)، وابن أبي حاتم في تفسيره (1/ 28 19)، وأبو بكر الإسماعيلي في معجم شيوخه (2/ 607)، والسهمي في تاريخ جرجان (185)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (87 و 88).
قلت: هذا إسناد مدني، ثم كوفي، رجاله ثقات، لكن سعد بن إسحاق لا يُعرف بالرواية عن جابر، فضلًا عن أن يُعرف له منه سماع، بل التاريخ يدل على عدم الإدراك، فإن جابرًا توفي بعد السبعين، وتوفي سعد بعد سنة (140)، وعليه: يكون بين وفاتيهما قرابة سبعين سنة، فأنى له الإدراك؟، وبهذا يكون في السند انقطاع، والله أعلم.
2 -
حديث أُبي بن كعب:
يرويه أبو أسامة حماد بن أسامة، والفضل بن موسى:
عن عبد الحميد بن جعفر، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: ما في التوراة، ولا في الإنجيل، مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل".
هذا لفظ أبي أسامة، ولفظ الفضل:"ما أنزل الله في التوراة والإنجيل مثل أم القرآن، وهي السبع المثاني، وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل".
وفي رواية مطولة لأبي أسامة [عند ابن خزيمة (500) وغيره]: عن أُبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك سورة ما أُنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في القرآن مثلها؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال:"لعلك أن لا تخرج من ذلك الباب حتَّى أخبرك بها"، قال: فقمت معه، فجعل يحدثني، ويدي في يده، فجعلت أتباطأ كراهية أن يخرج قبل أن يخبرني بها، فلما دنوت من الباب، قلت: يا رسول الله السورة التي وعدتني؟ قال: "كيف تقرأ إذا قمت في الصلاة؟ " فقرأت فاتحة الكتاب، فقال:"هي هي، وهي السبع المثاني، النبي قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)} [الحجر: 87] هو الذي أوتيته".
أخرجه الترمذي (3125)، والنسائي في المجتبى (2/ 139/ 914)، وفي الكبرى (1/ 473/ 988)، والدارمي (2/ 538/ 3372)، وابن خزيمة (1/ 252/ 500 و 501)، وابن حبان (3/ 53/ 775)، والحاكم (1/ 557) و (2/ 258 و 354)، والضياء في المختارة (3/ 431 و 432/ 1232 - 1234)، وعبد بن حميد (165)، وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند (5/ 114)، وابن جرير الطبري في التفسير (14/ 58)، وابن المنذر في الأوسط
(3/ 99/ 1300)، وابن الضريس في فضائل القرآن (146)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (647 - 649)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (103)، وفي الشعب (2/ 442/ 2348)، وابن عبد البر في التمهيد (2/ 2190 و 221)، وفي الإنصاف (13).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه"، وذكر بعض الاختلاف فيه على العلاء.
• قلت: هذا الحديث قد اختلف فيه على العلاء بن عبد الرحمن:
أ - فرواه عبد الحميد بن جعفر [صدوق]، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أُبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
ج - ورواه عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وأخوه محمد بن جعفر، وروح بن القاسم، وحفص بن ميسرة، وجهضم بن عبد الله، وعبد السلام بن حفص، وعبد الرحمن بن إسحاق المدني [وهم ثقات في الجملة، وفيهم أثبات]، وعبد الرحمن بن إبراهيم القاص المدني [نزيل كرمان: ليس بالقوي، وأُنكرت عليه أحاديث عن العلاء، ليس هذا منها. العلل ومعرفة الرجال (2/ 473/ 3103)، وانظر: اللسان (5/ 80)، التعجيل (612)، المجروحين (2/ 60)]:
رواه تسعتهم عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة؛ قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب وهو يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إيهِ أُبيُّ"، فالتفت أُبيُّ ولم يجبه، ثم صلى أُبيُّ فخفَّف، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سلام عليك يا رسول الله، قال:" [وعليك السلام]، ويحك! ما منعك أُبيُّ أن دعوتُك أن لا تجيبي"، قال: يا رسول الله! كنت في صلاةٍ، قال:"فليس تجد فيما أوحى اللهُ إليَّ أنِ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24]، قال: بلى، يا رسول الله، لا أعود، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أتحب أن أعلمك سورةً لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها؟ "، قال: نعم، أي رسول الله! قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأرجو ألا تخرج من هذا الباب حتى تعلمها"، أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي يحدثني، وأنا أتبطَّأ مخافة أن تبلغ الباب قبل أن ينقضي الحديث، فلما دنونا من الباب، قلت: يا رسول الله! ما السورة التي وعدتني؟ قال: "كيف تقرأ في الصلاة؟ "، فقرأت عليه أم القرآن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده! ما أنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها، إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الَّذي أعطيت". لفظ روح بن القاسم وهو أحسنهم له سياقة، وهو ثقة حافظ، وبنحوه لفظ الدراوردي ومحمد بن جعفر.
أخرجه الترمذي (2875 و 3125 م)، والنسائي في الكبرى (10/ 108/ 11141)، والدارمي (2/ 538/ 3373)، وابن خزيمة (2/ 37 - 38/ 861)، وأحمد (2/ 357 و 412 - 413)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (220)، وأبو يعلى (11/ 367 / 6482)، وابن جرير الطبري في التفسير (14/ 58 و 59)، والطحاوي في المشكل (3/ 242
و 243)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (650 و 651)، والبيهقي في السنن (2/ 376)، وفي القراءة خلف الإمام (104 - 106)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 218)، وفي جامع كان العلم (2/ 864/ 1630)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 444 و 446/ 1186 و 1188).
قال الترمذي والبغوي: "حسن صحيح".
ج - ورواه شعبة [ثقة حافظ، إمام متقن]، وأبو أويس [عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي: ليس به بأس]، والحسن بن حر [ثقة]:
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، أنَّه قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم:{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} حتَّى ختمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت".
أخرجه الحاكم (1/ 558)، بإسناد غريب عن شعبة به. وذكره الدارقطني في الأحاديث التي خولف فيها مالك بن أَنس (55).
واختلف فيه على شعبة:
• فهكذا رواه عن شعبة: شبابة بن سوار، وهو: ثقة حافظ، والإسناد إليه غريب.
• ورواه غندر محمد بن جعفر [ثقة، من أثبت الناس في شعبة]، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت العلاء بن عبد الرحمن، يحدث عن أبيه، عن أبي بن كعب، أنَّه قال: السبع المثاني: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، هكذا موقوفًا.
أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (14/ 55)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 221).
وهو ثابت مشهور من حديث غندر، لكن لعل هذا الوجه لا يُعارض به المرفوع عن أبي هريرة باعتباره رواية مستقلة عن حديث الباب.
• ورواه عثمان بن جبلة بن أبي رواد [ثقة، كان شريكًا لشعبة]، عن شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السبع المثاني: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} .
أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (4/ 364)، بإسناد فيه من يجهل حاله إلى عثمان به.
• والأقرب عندي في حديث شعبة هذا: الوجه الأخير من حديث أبي هريرة مرفوعًا، فإن هذا الوجه الأخير عن شعبة هو الَّذي اعتمده الدارقطني في العلل (9/ 15) عند ذكر الاختلاف فيه على العلاء، ولم يذكر بقية هذه الوجوه عن شعبة، ولكنه ذكر الوجه الأول فقط في الأحاديث التي خولف فيها مالك (55) لكن سبق أن ذكرت بأنه غريب، لم يشتهر عن شعبة، والله أعلم.
كذلك فإن الترمذي مع سعة روايته وحفظه لم يتعرض في ذكر الاختلاف على العلاء إلى حديث شعبة من أي وجهٍ كان، والله أعلم.
د - ورواه عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم [ثقة]، ومحمد بن إسحاق [صدوق]، ومحمد بن عجلان [صدوق]:
عن العلاء بن عبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسلًا.
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (221).
هـ - ورواه محمد بن مصفى: ثنا بقية، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن العلاء بن عبد الرحمن، عمن سمع زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده! ما أنزل في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان مثلها، وهي السبع المثاني"؛ يعني: فاتحة الكتاب.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (144 و 256)، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرق الحمصي: ثنا محمد بن مصفى به.
وشيخ الطبراني: إبراهيم بن محمد بن الحارث بن عرق؛ مجهول الحال، قال الذهبي:"شيخ للطبراني غير معتمد"[الميزان (1/ 63)، اللسان (1/ 355)]، ومحمد بن مصفى بن بهلول الحمصي: صدوق، مدلس، يسوي حديث بقية.
قلت: وهذا منكر؛ فقد رواه علي بن عياش [حمصي، ثقة ثبت]، عن ابن ثوبان، عن الحسن بن الحر، عن العلاء، عن أبيه، عن أُبي بن كعب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
…
، في فضل فاتحة الكتاب فقط.
ذكره الدارقطني في العلل (9/ 17/ 1616).
وعاد بذلك هذا الطريق إلى الطريق الثالثة.
و - ورواه مالك بن أَنس [رأس المتقنين، وكبير المتثبتين]، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب؛ أن أبا سعيد مولى عامر بن كريز أخبره؛ أن رسول الله نادى أُبيَّ بنَ كعب وهو يصلي [في المسجد]، فلما فرغ من صلاته لحقه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على يده وهو يريد أن يخرج من باب المسجد، فقال:"إني لأرجو أن لا تخرج من [باب، المسجد حتى تعلم سورةً ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها"، قال أُبيُّ: فجعلت أُبْطئ في المشي رجاء ذلك، ثم قلت: يا رسول الله! السورة التي وعدتني؟ فقال: "كيف تقرأ إذا افتتحت الصلاة؟ "، قال: فقرأت عليه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، حتى أتيتُ على آخرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هي هذه السورة، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أُعطيتُ".
أخرجه مالك في الموطأ (1/ 134/ 222)، ومن طريقه: أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (221)، وإسحاق بن راهويه (14/ 432/ 3518 - المطالب العالية)، والجوهري في مسند الموطأ (626)، والحاكم (1/ 557) و (2/ 258)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (652)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (107).
وهذا مرسل؛ قال ابن عبد البر في التمهيد (20/ 218): "وحديثه هذا مرسل؛
…
ولم يختلف الرواة على مالك عن العلاء في إسناد هذا الحديث"، وقال في الاستذكار (1/ 442): "هذا الحديث مرسل في الموطأ هكذا عند جميع رواته فيما علمت"، وانظر فيمن وهم في إسناده على مالك فوصله: جامع البيان لابن جرير الطبري (14/ 58)، مستدرك الحاكم (2/ 258).
• هكذا اختلف على العلاء بن عبد الرحمن في هذا الحديث، والجملة موضع الشاهد:"وهي مقسومة بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل": جملة شاذة، تفرد بها عبد الحميد بن جعفر دون من رواه عن العلاء على كثرتهم.
وأما الاختلاف في الإسناد: فإنا إذا استبعدنا الطريق الخامسة لنكارتها؛ فإن الأشبه بالصواب رواية الجماعة، وعليه: فالأقرب أن يكون من مسند أبي هريرة، كما أن رواية مالك أيضًا محفوظة لمخالفته الجادة، ومالك، وما أدراك ما مالك؟، ولا يبعد أن يكون بعض هذا الاختلاف من العلاء نفسه، والله أعلم.
قال الترمذي بعد الموضع الثاني من حديث أبي هريرة (3125 م): "حديث عبد العزيز بن محمد أطول وأتم، وهذا أصح من حديث عبد الحميد بن جعفر، وهكذا روى غير واحد عن العلاء بن عبد الرحمن".
وقال بعد الموضع الأول لحديث أبي هريرة (2875): "هذا حديث حسن صحيح".
وقال الدارقطني في العلل (9/ 16/ 1616): "ويشبه أن يكون الحديث عند العلاء على الوجهين"؛ يعني: ما رواه عنه الجماعة من حديث أبي هريرة، وما رواه عنه مالك مرسلًا.
وقال البغوي عن حديث أبي هريرة: "حسن صحيح"، وصححه ابن خزيمة.
وأما ابن عبد البر فقد مال في التمهيد (20/ 218) إلى ترجيح رواية عبد الحميد، فقال:"وهو الأشبه عندي".
وقال أيضًا (20/ 222): "اختلف على العلاء في هذا الحديث كما ترى في الإسناد والمتن، وأظنه كان في حفظه شيء، والله أعلم، وقد جوده ابن أبي شيبة ويوسف بن موسى عن أبي أسامة عن عبد الحميد بن جعفر".
قلت: قد خالف عبد الحميد جمعًا كبيرًا من الثقات، وروايتهم أولى بالصواب، لا سيما وعبد الحميد لم يكن بذاك الحافظ، وعليه: فهو حديث صحيح من رواية الجماعة، وهو مرسل من رواية مالك، والله أعلم.
• وأما ما رواه الحاكم في المستدرك (1/ 558)، وعنه: البيهقي في الشعب (2/ 194/ 1514)، وعلقه في السنن (2/ 376).
من طريق: محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو قائم يصلي فلم يجبه،
…
وذكر الحديث.
فلا يثيب؛ فإنه غريب جدًّا، لا يُعرف من حديث أبي الزناد، ولا من حديث عبد الله بن أبي بكر، ولا من حديث ابن إسحاق، إلا من هذا الوجه، وفي إسناده من هو متكلم فيه، وبالغ بعضهم فرماه بالكذب، وهو: الفضل بن محمد الشعراني الحافظ الجوال [اللسان (6/ 350)، السير (13/ 317)، تذكرة الحفاظ (2/ 626)].
• ولأُبي بن كعب حديث آخر بمعنى حديث أبي هريرة في قسمة السورة، لكنه حديث باطل، تفرد به سليمان بن أرقم عن الزهري، وسليمان: متروك [أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 279/ 6411)، وأبو عمرو الداني في البيان في عد آي القرآن (56)].
3 -
حديث عائشة:
يرويه يزيد بن زريع، وإسماعيل ابن علية، وابراهيم بن سعد، ويزيد بن هارون، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وأحمد بن خالد الوهبي، وأبو شهاب الحناط عبد ربه بن نافع [وهم ثقات، عدا الأخير فممن يهم ويخطئ]:
عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عباد [بن عبد الله بن الزبير]، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل صلاة لا يُقرأ فيها [بفاتحة الكتاب] فهي خداج".
وفي رواية: "من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأُم القرآن فهي خداج، ثم هي خداج".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (10 و 68)، وابن ماجة (840)، وأحمد (6/ 142 و 275)، وإسحاق بن راهويه (2/ 366 / 908)، وابن أبي شيبة (1/ 317 / 3620)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 215)، وفي المشكل (3/ 1 12 و 122)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (89 و 90).
وإسناده حسن، وعباد بن عبد الله بن الزبير: ثقة، سمع عائشة، وروايته عنها في الصحيحين.
• وله طرق عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعًا، ولا تصح، وفي بعض ألفاظه:"كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وآيتين هي خداج"[عند: الطبراني في الأوسط (7/ 253/ 7426)، وفي الصغير (1/ 164 / 257)، وابن عدي في الكامل (4/ 32 و 152)، وأبي نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 235)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (91 و 92)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 416/ 704)][وانظر: بيان الوهم (3/ 197/ 913)].
4 -
حديث عبد الله بن عمرو:
يرويه عامر بن عبد الواحد الأحول [صدوق يخطئ، تقدم تفصيل القول فيه تحت الحديث المتقدم برقم (502)]، وحسين بن ذكوان المعلم [ثقة]، ومحمد بن إسحاق [صدوق، وفي الإسناد إليه: يحيى بن أبي طالب جعفر بن عبد الله بن الزبرقان: وثقه بعضهم، وتكلم فيه آخرون. انظر: اللسان (8/ 423 و 452)، الجرح والتعديل (9/ 134)، الثقات (9/ 270)، سؤالات الحاكم (239)، تاريخ بغداد (14/ 220)، السير (12/ 619)]،
وحجاج بن أرطأة [ليس بالقوي، ولم يذكر سماعًا، قال أبو نعيم الفضل بن دكين: "لم يسمع حجاج من عمرو بن شعيب إلا أربعة أحاديث، والباقي عن محمد بن عبيد الله العرزمي"، قال ابن رجب: "يعني: أنَّه يدلس بقية حديثه عن عمرو: عن العرزمي"، شرح العلل (2/ 855)]:
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل صلاة لا يُقرأُ فيها بأُم الكتاب فهي مخدجة، مخدجة، مخدجة"، وفي رواية:"فهي خداج، فهي خداج".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (11 و 15)، وابن ماجة (841)، وأحمد (2/ 204 و 215)، وابن عدي في الكامل (5/ 82)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (95 - 97).
وقد وهم فيه بعض الضعفاء، فقلب أحد رواته، وقال: عن عاصم الأحول، بدل: عامر الأحول [عند: الطبراني في الأوسط (4/ 100/ 3704)].
وهو حديث حسن.
• ورواه محمد بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي [ثقة]: نا أبو بكر -يعني: الحنفي-[عبد الكبير بن عبد المجيد: ثقة]: نا عبد الحميد بن جعفر [صدوق]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده؛ أنَّه كان يقرأ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنصت، فإذا قرأ لم يقرأ، فإذا أنصت قرأ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج".
أخرجه البيهقي في القراءة (301 و 302).
وفي مختصر الخلافيات للبيهقي (2/ 105): "وفي رواية محمد بن بشار بندار، عن أبي بكر الحنفي، عن عبد الحميد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، [عن جده عبد الله بن] عمرو، قال: كان يُقرأ خلف النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنصت، وإذا قرأ لم يقرؤوا خلفه، فإذا أنصت قرؤوا، وباقيه بمعناه"، وما بين المعكوفين زدته لاستقامة الإسناد؛ إذ هو سقط ظاهر.
وهذا إسناد حسن.
• وله طريق أخرى لكن بإسناد واهٍ [عند البيهقي في القراءة (236)، وفي إسناده: أبو الصلت الهروي، عبد السلام بن صالح، وهو: واهٍ، متهم بوضع أحاديث. راجع ترجمته تحت الحديث رقم (403)].
• ورواه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، في عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة مكتوبة أو تطوعًا فليقرأ فيها بأُم الكتاب وسورة معها؛ فإن انتهى إلى أم الكتاب فقد أجزى، ومن صلى صلاة مع إمام يجهر فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاته، فإن لم يفعل فصلاته خداج غير تمام".
أخرجه الدارقطني (1/ 321)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (173)، وابن الجوزي في التحقيق (484).
قال الدارقطني: "محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير: ضعيف".
قلت: هو حديث منكر؛ ومحمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير: متروك، منكر
الحديث [اللسان (7/ 227 و 404)]، وقد تقدم أنَّه قد رواه بنحو هذا مختصرًا من حديث أبي هريرة.
وتتابع على روايته بنحو هذا اللفظ الأخير بعض الضعفاء:
فقد رواه المثنى بن الصباح، وابن لهيعة:
عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده [عبد الله بن عمرو] به مرفوعًا.
أخرجه ابن وهب في الجامع (360)، وعبد الرزاق (2/ 133 و 135/ 2787 و 2793)، وابن الأعرابي في المعجم (2/ 711/ 1444)، وابن حبان في المجروحين (2/ 73 - 74)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (168 - 170).
• ورواه عكرمة بن عمار، قال: حدثني عمرو بن سعد [هو الفدكي، ويقال: اليمامي، وهو ثقة]، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تقرؤون خلفي؟ " قالوا: نعم؛ إنا لنهذُّه هذًّا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأم القرآن".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (69)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (167).
وهذا اللفظ إنما يُروى من حديث عبادة بن الصامت الآتي قريبًا، وعكرمة بن عمار وإن كان ثقة في غير يحيى بن أبي كثير، فحديثه عنه مضطرب؛ إلا أن الإمام أحمد قال عنه مرة:"مضطرب الحديث عن غير إياس بن سلمة"[التهذيب (3/ 133)].
• وقد خولف فيه عكرمة:
فقد رواه أبو المغيرة عبد القدوس بن الحجاج [ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، عن الأوزاعي: حدثني عمرو بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن عبادة بن الصامت، قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه: "تقرؤون القرآن إذا كنتم معي في الصلاة؟ " قالوا: نعم يا رسول الله، نهذُّه هذًّا، قال:"لا تفعلوا إلا بأم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (130)، ولا يصح لإرساله، وسيأتي تخريجه بطرقه تحت حديث عبادة بن الصامت الآتي برقم (825).
هذا هو المحفوظ في حديث عمرو بن سعد هذا، وقد سلك فيه عكرمة بن عمار الجادة والطريق السهل، فإن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: جادة مسلوكة.
• ورواه الحكم بن عبد الله أبو مطيع البلخي: حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "هل تقرؤون خلفي القرآن في الصلاة؟ " قالوا: نعم، نهذُّه هذًّا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأم القرآن".
أخرجه ابن عدي في الكامل (2/ 214).
ثم قال ابن عدي بعد أن أخرجه في ترجمة أبي مطيع هذا: "وأبو مطيع: بيِّن الضعف في أحاديثه، وعامة ما يرويه لا يتابع عليه".
قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به أبو مطيع الخراساني البلخي، الحكم بن عبد الله بن مسلمة: فقيه بصير بالرأي، من أصحاب أبي حنيفة، لكنه: متروك الحديث، كذبه أبو حاتم، واتهم بالوضع، جهمي خبيث [المجروحين (2/ 103)، الكامل (2/ 214)، تاريخ بغداد (8/ 223)، تاريح الإسلام (13/ 158)، اللسان (3/ 246)، وغيرها].
5 -
حديث مهران:
يرويه عبد الله بن حماد الآمُلي [ثقة. السير (12/ 611)، التهذيب (2/ 323)]، والوليد بن حماد الرملي [حافظ، يروي الواهيات. تاريخ دمشق (63/ 121)، السير (14/ 78)، اللسان (8/ 382)]:
نا سليمان بن عبد الرحمن [التميمي الدمشقي، ابن بنت شرحبيل: صدوق يخطئ، مكثر من الرواية عن الضعفاء والمجهولين]: ثنا عبد الرحمن بن سوار: قال: كنت جالسًا عند عمرو بن ميمون بن مهران، فقال له رجل من أهل الكوفة: يا أبا عبد الله! بلغني أنك تقول: من لم يقرأ خلف الإمام بأُم القرآن فصلاته خداج؟ قال عمرو: صدق؛ حدثني أبي ميمون بن مهران، عن أبيه مهران، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"من لم يقرأ بأُم الكتاب خلف الإمام فصلاته خداج".
أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 108 / 9268)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (5/ 2576/ 6212)، والبيهقي في القراءة (161).
قال الطبراني: "لا يُروى هذا الحديث عن مهران إلا بهذا الإسناد، تفرد به سليمان بن عبد الرحمن".
وقال أبو نعيم: "تفرد به سليمان بن عبد الرحمن".
وقال ابن السكن: "لا يروي عن ميمون شيء إلا من هذا الوجه [الإصابة (6/ 232)].
قلت: هو حديث ضعيف؛ عبد الرحمن بن سوار: شيخ لابن بنت شرحبيل، لم أقف له على ترجمة، فهو من شيوخه المجاهيل الذين لا يُعرفون إلا من طريقه، ومهران أبو ميمون لم يترجم له البخاري ولا ابن أبي حاتم ولا ابن حبان، وإنما ذكره المتأخرون في الصحابة، ولا تثبت له صحبة.
6 -
حديث رجل كان أسيرًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
يرويه عبد الوارث بن سعيد [ثقة ثبت]، عن عبد الله بن سوادة القشيري [ثقة]، عن رجل من أهل البادية، عن أبيه - وكان أبوه أسيرًا عند النبي صلى الله عليه وسلم - قال: سمعت محمدًا صلى الله عليه وسلم يقول: "كل صلاة لا يقرأ فيها فاتحة الكتاب فهي خداج، لم تقبل".
وفي رواية: سمعت محمدًا يقول لأصحابه: "تقرؤون خلفي القرآن؟ "، فقالوا: يا رسول الله نهذُّه هذًّا، قال:"لا تقرؤوا إلا بفاتحة الكتاب".
وفي رواية: "لا تُقبَل صلاة لا يُقرأ فيها بأُم الكتاب".
أخرجه أحمد (5/ 78)، والبيهقي في القراءة (162 و 163).
وهذا حديث ضعيف؛ لأجل جهالة تابعيه، وأبوه لا نعلم هل أسلم بعدُ أم لا؟ لا سيما ولم يشهد بالنبوة أو الرسالة حين الأداء، وإنما قال: سمعت محمدًا.
• وروي أيضًا من حديث ابن عباس، وأنس، وعلي بن أبي طالب، وأبي أمامة، وابن عمر، وجاج، وهي مناكير وأباطيل، عدا الأخيرين فلهما إسناد محتمل [عند: يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 251)، وابن أبي حاتم في العلل (1/ 155/ 437)، والبيهقي في شعب الإيمان (2/ 447/ 2362) و (2/ 448/ 2363)، وفي القراءة خلف الإمام (93 و 94 و 98 - 102 و 166)، والخطيب في تاريخ بغداد (5/ 203) و (13/ 25)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 416/ 705)].
• ومن فقه حديث أبي هريرة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "فهذا يقوله سبحانه وتعالى لكل مصَلٍّ قرأ الفاتحة، فلو صلى الرجل ما صلى من الركعات قيل له ذلك، وفي تلك الساعة يصلي من يقرأ الفاتحة من لا يحصي عدده إلا الله، وكل واحد منهم يقول الله له كما يقول لهذا، كما يحاسبهم كذلك، فيقول لكل واحد ما يقول له من القول في ساعة واحدة، وكذلك سمعه لكلامهم، يسمع كلامهم كلّه مع اختلاف لغاتهم وتفنن حاجاتهم، يسمع دعاءهم سمع إجابة، ويسمع كل ما يقولونه سمع علم وإحاطة، لا يشغله سمع عن سمع، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، فإنه سبحانه هو الَّذي خلق هذا كلّه، وهو الَّذي يرزق هذا كلّه، وهو الَّذي يوصل الغذاء إلى كل جزء جزء من البدن على مقداره وصفته المناسبة له، وكذلك من الزرع"[مجموع الفتاوى (5/ 479)].
وقال ابن رجب في شرح حديث أبي هريرة: "فهذا الحديث يدل على أن الله يستمع لقراءة المصلي حيث كان مناجيًا له، ويرد عليه جواب ما يناجيه به كلمة كلمة، فأول الفاتحة حمد، ثم ثناء، وهو تثنية الحمد وتكريره، ثم تمجيد، والثَّناء على الله بأوصاف المجد والكبرياء والعظمة، ثم ينتقل العبد من الحمد والثَّناء والتمجيد إلى خطاب الحضور، كأنه صلح حينئذ للتقريب من الحضرة فخاطب خطاب الحاضرين، فقال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وهذه الكلمة قد قيل: إنها تجمع سر الكتب المنزلة من السماء كلها؛ لأنَّ الخلق إنما خلقوا ليؤمروا بالعبادة، كما قال:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، وإنما أرسلت الرسل وأنزلت الكتب لذلك، فالعبادة حق الله على عباده، ولا قدرة للعباد عليها بدون إعانة الله لهم، فلذلك كانت هذه الكلمة بين الله وبين عبده؛ لأنَّ العبادة حق الله على عبده، والإعانة من الله فضل من الله على عبده.
وبعد ذلك الدعاء بهداية الصراط المستقيم؛ صراط المنعم عليهم، وهم الأنبياء وأتباعهم من الصديقين والشهداء والصالحين، كما ذكر ذلك في سورة النساء.
فمن استقام على هذا الصراط حصل له سعادة الدنيا والآخرة، واستقام سيره على الصراط يوم القيامة، ومن خرج عنه فهو إما مغضوب عليه، وهو من يعرف طريق الهدى
ولا يتبعه كاليهود، أو ضال عن طريق الهدى كالنصارى ونحوهم من المشركين.
فإذا ختم القارئ في الصلاة قراءة الفاتحة، أجاب الله دعاءه فقال:"هذا لعبدي ولعبدي ما سأل"، وحينئذ تؤمن الملائكة على دعاء المصلي، فيشرع للمصلين موافقتهم في التأمين معهم، فالتأمين مما يستجاب به الدعاء.
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"إذا قال الإمام: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فقولوا: آمين، يجبكم الله".
ولما كان المأموم مأمورًا بالإنصات لقراءة الإمام، مأمورًا بالتأمين على دعائه عند فراغ الفاتحة؛ لم يكن عليه قراءة؛ لأنَّه قد أنصت للقراءة، وأَمَّنَ على الدعاء، فكأنه دعا؛ كما قال كثير من السلف في قول الله تعالى لموسى وهارون:{قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89]، قالوا: كان موسى يدعو وهارون يؤَمِّن، فسمَّاهما داعيَين" [فتح الباري (4/ 499)].
وبهذا المعنى قال أهل التفسير، قال ابن جرير الطبري في تفسيره (11/ 160):"فإن قائل قائل: وكيف نسبت الإجابة إلى اثنين، والدعاء إنما كان من واحد؟ قيل: إن الداعي وإن كان واحدًا فإن الثاني كان مؤمِّنًا وهو هارون، فلذلك نسبت الإجابة إليهما؛ لأنَّ المؤمِّن داعٍ، وكذلك قال أهل التأويل"، وكذا قال جماعة من العلماء والمفسرين [انظر مثلًا: أحكام القرآن للجصاص (4/ 375)، شرح صحيح البخاري لابن بطال (2/ 395)، تفسير الماوردي (2/ 448)، الاستذكار (1/ 474)، التمهيد (7/ 12)، وغيرها].
***
822 -
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد، وابن السرح، قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا".
قال سفيان: لمن يصلي وحده.
• حديث متفق عليه من حديث ابن عيينة، دون زيادة "فصاعدًا"؛ فإنها شاذة.
أخرجه من طريق قتيبة بن سعيد:
البخاري في القراءة خلف الإمام (294) بدون الزيادة في آخره.
وقد اختلف في هذا الحديث على سفيان بن عيينة:
أ - فرواه قتيبة بن سعيد [ثقة ثبت]، وابن السرح [أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، وهو: ثقة]، قالا: حدثنا سفيان به هكذا، بزيادة:"فصاعدًا" في آخره.
وهي زيادة شاذة لا تثبت؛ فقد رواه جمع غفير من أصحاب ابن عيينة وأثبت الناس فيه، فلم يأتوا بهذه الزيادة:
ب - رواه الحميدي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن
أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وعمرو بن محمد الناقد، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وعلي بن حجر، وابن أبي عمر العدني، ومحمد بن منصور، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأحمد بن عبدة، وعثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، وحجاج بن منهال الأنماطي، والحسن بن محمد الزعفراني، وعبد الجبار بن العلاء، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، ومحمود بن آدم، ومعلى بن منصور، وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي، وعلي بن خشرم، وعلي بن مسلم بن سعيد الطوسي، ومحمد بن منصور، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن الزهري البصري، وعبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي، وسوار بن عبد الله بن سوار العنبري، وسهل بن زَنجلة وهو ابن أبي سهل، وإسحاق بن إسماعيل بن العلاء الأيلي، وعبد الله بن عمر بن محمد بن أبان [32][وهم ثقات، بعضهم من كبار الحفاظ الأثبات من أصحاب ابن عيينة]، وغيرهم:
عن سفيان، قال: حدثنا الزهري، قال: سمعت محمود بن الربيع، يحدث عن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب"، لفظ الحميدي والشافعي، وهما من أثبت الناس في ابن عيينة، وقال أكثرهم:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، هكذا بدون الزيادة في آخره.
أخرجه البخاري في الصحيح (756)، وفي القراءة خلف الإمام (3 و 6 و 87)(2/ ج و 3/ ب و 18/ أ - مخطوط الفاتح)، وفي خلق أفعال العباد (520 و 521)، ومسلم (394/ 34)، وأبو عوانة (1/ 450/ 1664)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 16/ 870)، والترمذي (247)، وقال:"حسن صحيح"، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 88 / 229)، والنسائي في المجتبى (2/ 137/ 910)، وفي الكبرى (1/ 471/ 984) و (7/ 254/ 7955)، وابن ماجة (837)، وابن خزيمة (1/ 246/ 488)، وابن حبان (5/ 82/ 1782)، وابن الجارود (185)، وأحمد (5/ 314)، والشافعي في المسند (36)، والحميدي (1/ 375/ 390)، وابن أبي شيبة (1/ 316/ 3618)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة (1/ 172)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 191/ 1277) و (3/ 193/ 1278)، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث (47)، والدارقطني (1/ 321)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 130)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (663)، والبيهقي في السنن (2/ 38 و 164)، وفي المعرفة (1/ 505 / 689)، وفي القراءة خلف الإمام (17 - 19)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 43) و (20/ 197)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 544)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 45/ 576)، وابن عساكر في تبيين كذب المفتري (124).
قال الترمذي: "حديث عبادة: حديث حسن صحيح".
والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن عبد الله، وعمران بن حصين، وغيرهم، قالوا: لا تجزئ
صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، وقال علي بن أبي طالب: كل صلاة لم يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج غير تمام، وبه يقول ابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق".
وقال الدارقطني: "هذا إسناد صحيح".
ج - ورواه زياد بن أيوب [وهو: ثقة]، عن ابن عيينة به، لكن بلفظ:"لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب".
أخرجه الدارقطني (1/ 321)، والبيهقي في المعرفة (1/ 505/ 690)، وفي القراءة خلف الإمام (20).
وهذه رواية بالمعنى، وهو شاذ بهذا اللفظ، والمحفوظ رواية الجماعة عن سفيان.
د - ورواه محمد بن خلاد الإسكندراني: ثنا أشهب بن عبد العزيز [ثقة فقيه]: ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أم القرآن عِوَضٌ من غيرها، وليس غيرها منها بِعِوَض".
أخرجه الدارقطني (1/ 322)، والحاكم (1/ 238)، والبيهقي في القراءة (21).
قال الدارقطني: "تفرد به محمد بن خلاد عن أشهب عن ابن عيينة، والله أعلم".
وقال الحاكم: "قد اتفق الشيخان على إخراج هذا الحديث عن الزهري من أوجه مختلفة بغير هذا اللفظ، ورواة هذا الحديث أكثرهم أئمة، وكلهم ثقات على شرطهما، ولهذا الحديث شواهد بألفاظ مختلفة لم يخرجاه، وأسانيدها مستقيمة"، قلت: ثم افتتحها بحديث منكر تقدم ذكره تحت حديث أبي هريرة السابق.
وتعقبه ابن حجر في الأتحاف (6/ 429/ 6758) بقوله: "محمد بن خلاد: قال أبو سعيد بن يونس: كان يروي مناكير، وقال ابن القطان: إنه يجوز أن يكون روى هذا اللفظ بالمعنى".
قلت: قال ابن القطان في بيان الوهم (4/ 160/ 1611): "وليس ينبغي أن يصحح هذا الخبر؛ فإن محمد بن خلاد هذا لم يعلم من حاله ما يعتمد عليه"، ثم قال:"وإلى ذلك فقد عهد يروي مناكير، منها هذا الحديث الَّذي لا يعرف إلا من روايته"، ثم قال:"إن الحديث أخاف أن يكون مغيَّرًا، قصد به معنى حديث عبادة بن الصامت الآخر، فغير".
قلت: هو حديث منكر؛ الحمل فيه على الإسكندراني هذا، فهو وإن وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه أبو زرعة وأبو حاتم، إلا أن ابن يونس قال فيه:"يروي المناكير"، وأهل بلد الراوي أعلم به من غيرهم، ثم إن هذا جرح مفسر، لا يقال إلا وقد وقف له على أحاديث منكرة تفرد هو بروايتها، أو كان ممن يتساهل في رواية المناكير من أحاديث الناس، وهذا الجرح المفسر يقدم على التعديل المجمل، لا سيما والذين وثقوه ممن عُرفوا بالتساهل في ذلك، والله أعلم [انظر: الجرح والتعديل (7/ 245)، المقفى الكبير (5/ 637)، تاريخ الإسلام (17/ 320)، اللسان (7/ 118)].
قال ابن حجر في اللسان (7/ 119): "والمحفوظ من رواية الحفاظ عن ابن عيينة: "لا لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" كذا رواه عنه: أحمد بن حنبل، وابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وابن أبي عمر، وعمرو الناقد، وخلائق، وبهذا اللفظ رواه أصحاب الزهري عنه: معمر، وصالح بن كيسان، والأوزاعي، ويونس بن يزيد، وغيرهم، والظاهر: أن رواية كل من زياد بن أيوب وأشهب منقولة بالمعنى، والله أعلم".
• تابع ابن عيينة عليه عن الزهري:
أ - يونس بن يزيد، عن ابن شهاب: أخبرني محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقترئ [وفي رواية: لمن لم يقرأ] بأُمِّ القرآن".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (7)، وفي خلق أفعال العباد (522)، ومسلم (394/ 35)، وأبو عوانة (1/ 451/ 1667) و (1/ 458/ 1699)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 17/ 871)، والدارمي (1/ 312/ 1242)، وابن وهب في الجامع (358)، والطحاوي في أحكام القرآن (1/ 252/ 511)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 190/ 1276)، والدارقطني (1/ 322)، والبيهقي في السنن (2/ 61 و 164)، وفي القراءة خلف الإمام (22 و 23).
قال الدارقطني: "هذا صحيح أيضًا، وكذلك رواه صالح بن كيسان، ومعمر، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن إسحاق، وغيرهم، عن الزهري".
• هكذا رواه عن يونس بن يزيد الأيلي، وهو المعروف عنه: الليث بن سعد، وعبد الله بن وهب، وعثمان بن عمر بن فارس [من رواية الإمامين عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي والحسن بن مكرم البزاز عنه].
• وخالفهم فزاد فيه ما ليس منه: محمد بن سليمان بن فارس: حدثني أبو إبراهيم محمد بن يحيى الصفار - وكان جارنا -: ثنا عثمان بن عمر، عن يونس، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب خلف الإمام".
أخرجه البيهقي في القراءة (134 و 135).
قال البيهقي: "قال أبو الطيب [يعني: محمد بن أحمد الذهلي]: قلت لمحمد بن سليمان: خلف الإمام؟ قال: خلف الإمام، وهذا إسناد صحيح، والزيادة التي فيه كالزيادة التي في حديث مكحول وغيره، فهي عن عبادة بن الصامت صحيحة، ومشهورة من أوجه كثيرة، وعبادة بن الصامت رضي الله عنه من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم".
قلت: هي زيادة منكرة؛ أبو أحمد محمد بن سليمان بن فارس النيسابوري الدلال: شيخ لابن حبان أخرج له في صحيحه (836 و 1812 و 2699 و 3299 و 3302)، روى عن البخاري كتاب التاريخ، وأنفق على طلب العلم أموالًا كثيرة، وسئل أبو عبد الله محمد بن
يعقوب بن الأخرم الحافظ عنه، فقال:"ما أنكرنا عليه إلا لسانه؛ فإنه كان فحاشًا"[الإرشاد للخليلي (3/ 858)، الكفاية (349)، الأنساب (2/ 519)، تاريخ الإسلام (23/ 440)]، وشيخه الصفار والد إبراهيم الصيدلاني: لم أهتد إليه، وليس هو الإمام الحافظ الشهير محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس الذهلي النيسابوري؛ فإنه أكبر من المذكور، وإن كان يروي عن عثمان بن عمر بن فارس، والله أعلم.
ب - صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، أن محمود بن الربيع - الَّذي مجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئرهم [مرتين]- أخبره، أن عبادة بن الصامت أخبره؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن"، وفي رواية:"بفاتحة الكتاب".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (4 و 5)، وفي خلق أفعال العباد (523)، ومسلم (394/ 36)، وأبو عوانة (1/ 450/ 1666)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 17/ 872)، وأحمد (5/ 321)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 189/ 1274)، والبيهقي في السنن (2/ 375)، وفي القراءة خلف الإمام (24).
• تنبيه: هذه الجملة الاعتراضية في صفة محمود بن الربيع: أنَّه هو الَّذي مجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه من بئرهم مرتين:
قد رواها صالح بن كيسان، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعمر بن راشد، وإبراهيم بن سعد، والأوزاعي:
عن الزهري، عن محمود بن الربيع، قال: عقلت من النبي صلى الله عليه وسلم مجةً مجها في وجهي، وأنا ابن خمس سنين، من دلو [كان في دارهم]، وألفاظهم متقاربة. وهو طرف من حديث عتبان بن مالك الطويل.
أخرجه البخاري (77 و 189 و 839 و 1185 و 6354 و 6422)، ومسلم (33/ 265) بعد الحديث رقم (657)، وأبو عوانة (18 و 1284 و 1666)، والنسائي في الكبرى (5/ 372/ 5834) و (9/ 406/ 10881)، وابن ماجة (660 و 754)، وابن خزيمة (1709)، وابن حبان (1292 و 4534)، وأحمد (5/ 427)، وابن المبارك في مسنده (43)، والطيالسي (2/ 570/ 1338)، وعبد الرزاق (10/ 429/ 19600)، وغيرهم كثير.
ج - معمر بن راشد، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا".
أخرجه مسلم (394/ 37) منبهًا على تفرد معمر بهذه الزيادة، فلم يسق الحديث بتمامه، وإنما قال: مثله، وزاد:"فصاعدًا". والبخاري في خلق أفعال العباد (524 و 525)، وأبو عوانة (1/ 450/ 1665)، والنسائي في المجتبى (2/ 138/ 911)، وفي الكبرى (1/ 472/ 985)، واللفظ له، وابن حبان (5/ 87/ 1786) و (5/ 96/ 1793)، وأحمد (5/ 322)، وعبد الرزاق (2/ 93/ 2623)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 98/ 1297)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (664)، والبيهقي في السنن (2/ 374)،
وفي القراءة خلف الإمام (27 و 28)، وابن عبد البر في التمهيد (20/ 197).
وتصرف مسلم يدل على إعلال هذه الزيادة حيث أخرها في الذكر بعد رواية ابن عيينة ويونس وصالح، وقد ساقها جميعًا بألفاظها، عدا رواية معمر فإنه لم يوردها بتمامها، وإنما نبه على شذوذ زيادته بذكرها وحدها دون لفظ الحديث، والله أعلم.
وقال البخاري في القراءة خلف الإمام (5)(3/ ج - مخطوط الفاتح): "وقال معمر عن الزهري: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم الكتاب فصاعدًا"، وعامة الثقات لم يتابع معمرًا في قوله: "فصاعدًا"، مع ما أنَّه قد أثبت فاتحة الكتاب، وقوله: "فصاعدًا" غير معروف، ما أراد به حرفًا أو أكثر من ذلك؛ إلا أن يكون كقوله: "لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعدًا" فقد تقطع اليد في دينار وفي أكثر من دينار.
قال البخاري: ويقال: إن عبد الرحمن بن إسحاق تابع معمرًا، وأن عبد الرحمن ربما روى عن الزهري، ثم أدخل بينه وبين الزهري غيره، ولا نعلم أن هذا من صحيح حديثه، أم لا؟ ".
وقال ابن حبان: "قوله صلى الله عليه وسلم في خبر مكحول: "فلا تفعلوا إلا بأُمِّ الكتاب" لفظةُ زجرٍ مرادٌ بها ابتداءُ أمرٍ مُستَأْنَفٍ، وقوله: "فصاعدًا" تفرَّد به معمر عن الزهري دون أصحابه".
د - ورواه عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري به، فذكره نحو حديث معمر.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (29)، بإسناد صحيح إلى: عبد الرحمن به.
وعبد الرحمن بن إسحاق المدني، المعروف بعباد بن إسحاق: ليس به بأس، وليس هو ممن يعتمد على حفظه، ففي بعض حديثه ما ينكر ولا يتابع عليه [التهذيب (2/ 487)، الميزان (2/ 547)]، وحديثه هذا شاذ، والمحفوظ: رواية ابن عيينة ويونس وصالح بن كيسان، بدون هذه الزيادة.
هـ - ورواه أحمد بن هارون المستملي المصيصي [يروي مناكير عن قوم ثقات.
اللسان (1/ 687)]: نا محمد بن حميد [كذا وقع في المطبوعة، وليس هو الرازي، ولعله: محمد بن حمير بن أنيس السليحي الحمصي، وهو: صدوق]: ثنا الأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، عن الزهري: حدثني محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعدًا".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (30).
فلا يثبت عن شعيب بن أبي حمزة من هذا الوجه، وروي عن الأوزاعي من وجهين آخرين فيهما ضعف؛ بدون هذه الزيادة، فلا تثبت الزيادة إذًا من حديث الأوزاعي أيضًا.
• رواه محمد بن عقبة بن علقمة البيروتي [قال أبو حاتم وابنه: "صدوق"، وقال ابن حبان في الثقات في ترجمة عقبة بن علقمة: "يعتبر حديثه من غير رواية ابنه محمد بن علقمة عنه؛ لأنَّ محمدًا كان يُدخِل عليه الحديث، ويجيب فيه"، اللسان (7/ 350)، الجرح والتعديل (8/ 36)، الثقات (8/ 500)]: نا أبي [صدوق]: حدثني الأوزاعي، وسألته عن
رجل صلى فنسي القراءة؟ فقال: قال الزهري: أخبرني محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (31).
وهذا ضعيف من هذا الوجه؛ فلعل محمد بن عقبة أدخله على أبيه فأجاب فيه.
• ورواه أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي بدمشق [صدوق حافظ، له غرائب. تاريخ دمشق (5/ 109)، السير (5/ 15)، تذكرة الحفاظ (3/ 795)، اللسان (1/ 566)]: نا سعد بن محمد البيروتي [ثقة. الجرح والتعديل (4/ 95)، تاريخ دمشق (20/ 276)]، قال: وجدت في كتاب محمد بن الأوزاعي [ذكره ابن حبان في الثقات (9/ 46)، وترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (54/ 94)، ونقل ثناء الناس عليه في دينه وعبادته] بخط عبد الرحمن بن أبي العشرين [كذا، وقد تحرف اسمه عن عبد الحميد، وهو عبد الحميد بن حبيب بن أبي العشرين، كاتب الأوزاعي، صدوق]، عن أبيه عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، قال: سألت الزهري عن رجل صلى فنسي القراءة؟ فقال الزهري: حدثني محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (32).
وهذه وجادة، ولا أدري هل كان الكتاب كان محفوظًا، أم لا؟ ولم أقف لمحمد بن عبد الرحمن الأوزاعي على رواية مسندة عن أبيه إلا من هذا الطريق، وإنما يحكي عنه أبيه كلامه، والله أعلم.
د - ورواه رشدين بن سعد، عن قرة بن عبد الرحمن، وعقيل، ويونس، عن ابن شهاب: حدثني محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (26).
ولا يصح هذا؛ رشدين بن سعد: ضعيف؛ وفي الإسناد إليه: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف؛ واتهم [انظر: اللسان (1/ 594)]، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل: ليس بقوي.
هـ - ورواه صامت بن معاذ الجندي: حدثنا أبو قرة، عن موسى بن عقبة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عبادة به مرفوعًا، بدون الزيادة.
أخرجه الطبراني في الصغير (211).
قال الطبراني: "لم يروه عن موسى بن عقبة إلا أبو قرة، تفرد به الصامت".
قلت: هو غريب من حديث موسى بن عقبة المدني، تفرد به عنه: أبو قرة موسى بن طارق اليماني، وهو: ثقة يغرب، وعنه: صامت بن معاذ بن شعبة بن عقبة الجندي أبو محمد: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"كان راويًا لأبي قرة، يَهِم ويُغرب"[الثقات (8/ 324)، اللسان (4/ 300)].
• ورُوي عن مالك، ولا يصح عنه:
فقد رواه محمد بن خالد بن عثمة: نا مالك، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (25)، من طريق: أحمد بن محمد بن حريث السجزي: ثنا عتاب بن الخليل الأيلي [ذكره ابن حبان في الثقات (8/ 523)، وروى عنه جماعة]: نا محمد بن خالد به.
قال أبو علي الحافظ: "ما كتبناه من حديث مالك إلا بهذا الإسناد، ومحمد بن خالد بن عثمة: بصري ثقة".
قلت: هو باطل من حديث مالك؛ محمد بن خالد بن عثمة: بصري، لا بأس به، ولا يحتمل من مثله التفرد عن مالك، وأحمد بن محمد بن الأزهر بن حريث السجزي: منكر الحديث، واتهمه ابن حبان بالكذب [اللسان (1/ 588)].
وانظر في الغرائب أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 89/ 4179).
• والحاصل: فإن حديث عبادة مرفوعًا: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" من رواية: ابن عيينة ويونس وصالح، هو المحفوظ بهذا اللفظ، وقد شذ من زاد فيه:"فصاعدًا".
***
823 -
. . . محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فثقُلَت عليه القراءة، فلما فرغ قال:"لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ " قلنا: نعم، هذًّا يا رسول الله، قال:"لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
• حديث ضعيف.
أخرجه أحمد (5/ 313 و 322)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 386/ 3624)، والبيهقي في المعرفة (2/ 51/ 918)، وفي القراءة خلف الإمام (112)، والضياء في المختارة (8/ 339/ 412).
رواه عن محمد بن سلمة: عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل النفيلي [ثقة حافظ]، وأحمد بن حنبل [ثقة حافظ، حجة متقن، إمام]، وأبو المعافى محمد بن وهب بن عمر بن أبي كريمة الحراني [صدوق].
ولفظ أحمد عن ابن سلمة: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ، فَثَقُلَتْ عليه القراءة، فلما
فرغ قال: "تقرؤون؟ "، قلنا: نعم، يا رسول الله، قال:"لا عليكم أن لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة إلا بها".
• تابع محمد بن سلمة عليه عن ابن إسحاق:
إبراهيم بن سعد [وهو ثقة حجة، أثبت الناس في ابن إسحاق، وقد صرح في روايته بسماع ابن إسحاق من مكحول]، وإسماعيل ابن علية [ثقة ثبت، وصرح ابن إسحاق في روايته بالتحديث]، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة، وصرح ابن إسحاق في روايته بالتحديث]، وأحمد بن خالد الوهبي، وعبدة بن سليمان، وعبد الله بن نمير، ويزيد بن هارون، ومحمد بن أبي عدي، ويحيى بن سعيد الأموي [وهم ثقات]، وعمر بن حبيب بن محمد العدوي القاضي [ضعيف]، وغيرهم:
عن ابن إسحاق به نحو حديث ابن سلمة.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (70 و 251 و 252)، والترمذي (311)، وأبو علي الطوسي في مستخرجه عليه "مختصر الأحكام"(2/ 197/ 294)، وابن خزيمة (3/ 36/ 1581)، وابن حبان (5/ 86/ 1785) و (5/ 95/ 1792) و (5/ 156/ 1848)، وابن الجارود (321)، والحاكم (1/ 238)، والضياء في المختارة (8/ 339 - 341/ 411 - 414)، وأحمد (5/ 316 و 322)، وابن أبي شيبة (1/ 328/ 3756)، والبزار (7/ 146/ 2701 - 2703)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 107/ 1321)، والطحاوي في شرح المعاني (1/ 215)، وفي أحكام القرآن (1/ 251/ 507)، والهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 194/ 1280)، والدارقطني (1/ 318 و 319)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (1/ 131)، وابن حزم في المحلى (3/ 236)، والبيهقي في السنن (2/ 164)، وفي المعرفة (2/ 51/ 917)، وفي القراءة خلف الإمام (108 و 114)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 44)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 82/ 606).
ولفظ إبراهيم بن سعد [عند أحمد]: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقُلت عليه فيها القراءة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، أقبل علينا بوجهه، فقال:"إني لأراكم تقرؤون خلف إمامكم إذا جهر؟ "، قال: قلنا: أجل، والله! إذًا يا رسول الله، إنه لَهَذًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تفعلوا إلا بأُم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
ولفظ الوهبي [عند البخاري]: صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاةً جهر فيها، فقرأ خلفه رجل، فقال:"لا يقرأن أحدُكم والإمام يقرأ إلا بأُم القرآن".
ولفظ ابن علية [عند ابن حبان وغيره]: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فثقُلت عليه القراءة، فلما انصرف قال:"إني لأراكم تقرؤون وراء إمامكم؟ " قال: قلنا: أجل، والله صلى الله عليه وسلم رسول الله! هذًّا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأُم الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
• وهكذا رواه عن يزيد بن هارون جماعة من الحفاظ، مثل: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن عبد الله بن نمير، ومحمد بن
رافع، وحسين بن نصر بن معارك، وزياد بن أيوب، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأحمد بن منصور، وإبراهيم بن خالد بن أبي اليمان أبو ثور الفقيه:
وخالفهم فسلك الجادة والطريق السهل: علي بن سهل بن المغيرة [وهو: ثقة]، فرواه عن يزيد بن هارون: أنا محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت به مرفوعًا.
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 1275/190).
• ورواه العباس بن الوليد بن مزيد: أخبرني أبي: حدثنا ابن لهيعة: حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة جهر فيها بالقراءة، ثم انصرف إلينا، فقال:"ألا أراكم تقرؤون مع إمامكم؟ "، قلنا: أجل، يا نبي الله، فقال:"إني أقول ما لي أنازع القرآن؟ لا تفعلوا، إذا جهر الإمام بالقرآن فلا يقرأ إلا بأُم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن".
أخرجه الطبراني في الصغير (1/ 384/ 643)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (32/ 178).
قال الطبراني: "لم يروه عن يزيد بن أبي حبيب إلا ابن لهيعة، والوليد بن مزيد ممن سمع ابن لهيعة قبل احتراق كتبه".
قلت: هو منكر بهذا اللفظ، تفرد به من حديث ابن إسحاق بهذا اللفظ: ابن لهيعة، وهو ضعيف.
• قال الترمذي: "حديث عبادة حديث حسن.
وروى هذا الحديث: الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، قال: وهذا أصحُّ.
والعمل على هذا الحديث في القراءة خلف الإمام عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين، وهو قول مالك بن أَنس وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق؛ يرَوْن القراءة خلف الإمام".
وقال البزار: "وهذا الحديث قد رواه الزهري أيضًا بنحو هذا الكلام عن محمود بن الربيع عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومحمود بن الربيع قد أدرك النبي عليه السلام".
وقال الطحاوي: "قد اضطرب علينا إسناد هذا الحديث عن مكحول فيمن بينه وبين عبادة".
وقال الدارقطني: "هذا إسناد حسن".
وقال البيهقي: "هذا إسناد صحيح، ذكر فيه سماع محمد بن إسحاق من مكحول".
وقال: "وقد تابع محمد بن إسحاق بن يسار على هذه الرواية عن مكحول غيره من ثقات الشاميين"، وقال في المعرفة بأنه موصول صحيح.
وقال الخطابي في المعالم (1/ 177): "هذا الحديث نص بأن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على من صلى خلف الإمام، سواء جهر الإمام بالقراءة أو خافت بها، وإسناده جيد، لا مطعن فيه، والهذُّ: سرد القراءة ومداركتها في سرعة واستعجال، وقيل: أراد بالهذ: الجهر بالقراءة، وكانوا يلبسون عليه قراءته بالجهر،
…
" [انظر: البدر المنير (3/ 548)].
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (4/ 219): "وهذا حديث مضطرب السند، مختلف في رفعه"، وأطال في رده ومعارضته.
قلت: سوف أتكلم على هذا الحديث - إن شاء الله تعالى - بعد استيعاب طرقه عن مكحول.
• تابع ابنَ إسحاق المدني على إسناده، وخالفه في متنه:
العلاء بن الحارث [دمشقي، ثقة فقيه، مقدَّم على أصحاب مكحول]، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، إمام وغير إمام".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (115)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [هو الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيِّع، صاحب المستدرك]: أنبأ أبو علي الحسين بن علي الحافظ [هو: الحسين بن علي بن يزيد بن داود، أبو علي النيسابوري: إمام ناقد، حافظ ثبت. تاريخ نيسابور (246)، الإرشاد (3/ 842)، تاريخ بغداد (8/ 71)، تاريخ دمشق (14/ 271)، السير (16/ 51)]: نا أحمد بن عمير الدمشقي [المعروف بابن جوصا: صدوق حافظ، له غرائب. تاريخ دمشق (5/ 109)، السير (5/ 15)، تذكرة الحفاظ (3/ 795)، اللسان (1/ 566)]: نا موسى بن سهل الرملي [ثقة]: نا محمد بن أبي السري: نا يحيى بن حسان [هو التنيسي، وهو: ثقة]: نا يحيى بن حمزة [دمشقي ثقة]، عن العلاء به.
قلت: هذا إسناد غريب، رجاله ثقات؛ غير ابن أبي السري، وهو محمد بن المتوكل بن عبد الرحمن العسقلاني: لين الحديث، كثير الغلط، وكان حافظًا، وثقه ابن معين [الجرح والتعديل (8/ 105)، الثقات (9/ 88)، الأنساب (4/ 191)، تاريخ دمشق (55/ 228)، بيان الوهم (5/ 218)، الميزان (4/ 23)، وقال: "ولمحمد هذا أحاديث تستنكر"، التهذيب (3/ 686)]، فهذا الحديث من مناكيره، ولا يصح من حديث العلاء بن الحارث عن مكحول، والله أعلم.
• وقد اختلف في هذا الحديث على مكحول:
أ - فرواه محمد بن إسحاق [مدني، صدوق]، قال: حدثني مكحول، عن محمود بن ربيع الأنصاري، عن عبادة بن الصامت، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فثقُلت عليه فيها القراءة، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته، أقبل علينا بوجهه، فقال:"إني لأراكم تقرؤون خلف إمامكم إذا جهر؟ "، قال: قلنا: أجل، والله! إذًا يا رسول الله، إنه
لَهَذًّا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تفعلوا إلا بأُم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
ب - ورواه زيد بن واقد [دمشقي، ثقة، من كبار أصحاب مكحول]، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عبادة بن الصامت. وهو الحديث الآتي.
***
824 -
. . . عبد الله بن يوسف: حدثنا الهيثم بن حميد: أخبرني زيد بن واقد، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، قال نافع: أبطأ عبادة بن الصامت عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم المؤذن الصلاة، فصلى أبو نعيم بالناس، وأقبل عبادة وأنا معه، حتَّى صففنا خلف أبي نعيم، وأبو نعيم يجهر بالقراءة، فجعل عبادة يقرأ بأمِّ القرآن، فلما انصرف، قلت لعبادة: سمعتك تقرأ بأُم القرآن وأبو نعيم يجهر، قال: أجل؛ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يُجهَر فيها بالقراءة، قال: فالتبست عليه القراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه، وقال:"هل تقرؤون إذا جهرتُ بالقراءة؟ "، فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك، قال:"فلا، وأنا أقول: ما لي ينازعُني القرآنُ؟، فلا تقرؤوا بشيء من القرآن إذا جهرتُ؛ إلا بأُم القرآن".
***
• حديث ضعيف.
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2/ 202/ 1187) و (4/ 386/ 3625)، والدارقطني (1/ 319)، والبيهقي في السنن (2/ 164)، وفي القراءة خلف الإمام (122).
هكذا رواه عن عبد الله بن يوسف التنيسي [وهو: ثقة متقن]: الربيع بن سليمان الأزدي الجيزي [ثقة]، ومحمد بن إسحاق الصاغاني [ثقة ثبت]، وبكر بن سهل الدمياطي [ضعيف. اللسان (2/ 344)، تاريخ دمشق (10/ 379)].
قال الدارقطني: "كلهم ثقات".
• ورواه مروان بن محمد الطاطري [وهو: ثقة]: نا الهيثم بن حميد [صدوق]: أخبرني زيد بن واقد، عن مكحول وحرام بن حكيم [هو: ابن خالد بن سعد بن الحكم الأنصاري: ثقة]، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، قال: كنت أغدو إلى المسجد مع عبادة بن الصامت، فأبطأ عبادة ذات يوم، قال: فجئنا وأبو نعيم يصلي بالناس الصبح،
…
فذكر القصة بطولها، إلى أن قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لا تفعلوا إلا بأُم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (121)، بإسناد حسن إلى مروان.
قال البيهقي: "وهذا إسناد صحيح، ورواته ثقات".
• ورواه هشام بن عمار [صدوق]، ومحمد بن المبارك الصوري [ثقة]:
حدثنا صدقة بن خالد [ثقة]: حدثنا زيد بن واقد، عن حرام بن حكيم ومكحول، عن نافع بن محمود بن ربيعة [الأنصاري][وقد تحرف اسمه في بعض المصادر]، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، وكان على إيلياء، فأبطأ عبادة عن صلاة الصبح، فأقام أبو نعيم الصلاة، وكان أول من أذن ببيت المقدس، فجئت مع عبادة حتَّى صف الناس، وأبو نعيم يجهر بالقراءة، فقرأ عبادة بأُم القرآن حتَّى فهمتها منه، فلما انصرف قلت: سمعتك تقرأ بأُم القرآن؟ فقال: نعم، صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصلوات التي يجهر فيها بالقرآن، فقال:"لا يقرأنَّ أحدكم إذا جهرتُ بالقراءة إلا بأُم القرآن". لفظ هشام.
وفي رواية الصوري: فلما انصرف قال: "منكم من أحد يقرأ شيئًا من القرآن إذا جهرت بالقراءة؟ " قلنا: نعم، يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وأنا، أقول: ما لي أنازع القرآن، فلا يقرأنَّ أحدٌ منكم شيئًا من القرآن إذا جهرت بالقراءة إلا بأُم القرآن".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (71)(1/ 13 - ج مخطوط الفاتح)، وفي خلق أفعال العباد (526)، والنسائي في المجتبى (2/ 141 / 920)، وفي الكبرى (1/ 475/ 994)[ولم يذكر مكحولًا في الموضعين]، والطحاوي في أحكام القرآن (1/ 251/ 508)، والدارقطني (1/ 320)، والبيهقي في السنن (1/ 165)، وفي المعرفة (2/ 52/ 919)، وفي القراءة خلف الإمام (120)، والضياء في المختارة (8/ 346/ 421).
• خالفهما فوهم: يحيى بن عبد الله بن الضحاك [البابلتي: ضعيف]، قال: ثنا صدقة، عن زيد بن واقد، عن عثمان بن أبي سودة [تابعي ثقة]، عن نافع بن محمود، قال: أتيت عبادة بن الصامت، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وقال فيه:"فلا يقرأنَّ أحدٌ منكم إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
أخرجه الدارقطني (1/ 320).
هكذا قلب إسناده البابلتي، وهو ضعيف؛ فجعل عثمان بن أبي سودة مكان مكحول وحرام بن حكيم.
وحديث الجماعة قال فيه الدارقطني: "هذا إسناد حسن، ورجاله ثقات كلهم، ورواه يحيى البابلتي، عن صدقة، عن زيد بن واقد، عن عثمان بن أبي سودة، عن نافع بن محمود".
وقال البيهقي: "والحديث صحيح عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وله شواهد".
وتُعُقِّب الدارقطني والبيهقي في تصحيح هذا الحديث أو تحسينه، وفي توثيق رجاله، تعقبهما عبد الحق الإشبيلي، وتبعه عليه ابن التركماني والذهبي، قال عبد الحق في الأحكام الوسطى (1/ 378) متعقِّبًا الدارقطني:"كذا قال، ونافع بن محمود هذا: لم يذكره البخاري في تاريخه، ولا ابن أبي حاتم، ولا أخرج له مسلم ولا البخاري شيئًا، وقال فيه أبو عمر: مجهول".
ونقله ابن التركماني في الجوهر النقي (2/ 165)، وزاد:"وقال الطحاوي: لا يُعرف، فكيف يصح، أو يكون سنده حسنًا، ورجاله ثقات؟! "[وانظر: بيان الوهم (5/ 374)، الميزان (4/ 242)].
قلت: قد أصابا في تعقبهما؛ فإن نافع بن محمود وإن وثقه الدارقطني والبيهقي، وصحح له البيهقي [حيث إن الحديث يوافق مذهبهما، ويقوي مذهب الشافعي الَّذي ينصرانه]، فقد وصفه بالجهالة جماعة [لكون الحديث يخالف مذهبهم، وقولهم فيه أقرب للصواب، وموافق لمنهج الأئمة المتبعين]:
قال الطحاوي: "وليس نافع بن محمود بمعروف".
وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (4/ 219): "ونافع بن محمود هذا: مجهول؛ لا يعرف".
وقال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 46): "ونافع هذا: مجهول".
وقال ابن قدامة في المغني (1/ 330): "غير معروف من أهل الحديث".
• تابع زيد بن واقد عليه عن مكحول:
أ - يزيد بن يزيد بن جابر [دمشقي ثقة، من أثبت الناس في مكحول]، عن مكحول، عن نافع بن محمود، عن عبادة بن الصامت؛ أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يقرأنَّ أحدكم مع الإمام إلا بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (123).
ولا يصح هذا عن ابن جابر، تفرد به عنه: إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة، وفيه أيضًا: عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير، وهو ممن يروي المناكير عن الثقات، حتَّى عن أبيه، وهذا منها [انظر: اللسان (5/ 328)].
ب - ورواه أسامة بن زيد، سمع مكحولًا، يقول: نا نافع بن محمود بن الربيع، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت به مرفوعًا.
أخرجه الهيثم بن كليب الشاشي في مسنده (3/ 193/ 1279)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 387/ 3627).
ولا يصح عن أسامة؛ فإن الراوي عنه: محمد بن عمر الواقدي، وهو: متروك.
• الوجه الثالث من الاختلاف على مكحول:
ج - ورواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر [دمشقي ثقة، قال دحيم: "هو بعد زيد بن واقد في مكحول"]، وسعيد بن عبد العزيز [التنوخي الدمشقي: ثقة ثبت، إمام فقيه، من أصحاب مكحول، قدَّمه بعضهم على الأوزاعي]، وعبد الله بن العلاء بن زبر [دمشقي ثقة]، ومحمد بن الوليد الزبيدي [ثقة ثبت]، والنعمان بن المنذر الغساني [دمشقي صدوق]:
رواه خمستهم: عن مكحول، عن عبادة به هكذا، بلا واسطة.
***
825 -
قال أبو داود: حدثنا علي بن سهل الرملي: حدثنا الوليد، عن ابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء، عن مكحول، عن عبادة، نحو حديث الربيع بن سليمان، قالوا: فكان مكحول يقرأ في المغرب والعشاء والصبح بفاتحة الكتاب في كل ركعة سرًّا، قال مكحول: اقرأ فيما جهر به الإمام إذا قرأ بفاتحة الكتاب وسكت سرًّا، فإن لم يسكت اقرأ بها قبله ومعه وبعده، لا تتركْها على حالٍ.
• حديث ضعيف.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في السنن (2/ 165 و 171)، وفي القراءة خلف الإمام (127 و 240).
• وتابع أبا داود عليه:
أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي المعروف بابن جوصا: نا علي بن سهل الرملي به.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (127).
• وقد اختلف في هذا الحديث على الوليد بن مسلم:
أ - فرواه علي بن سهل الرملي: حدثنا الوليد، عن ابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء، عن مكحول، عن عبادة به.
ب - ورواه الوليد بن عتبة الدمشقي: ثنا الوليد بن مسلم: حدثني غير واحد منهم سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن محمود [وفي رواية: ابن الربيع، أو: لبيد]، عن أبي نعيم؛ أنَّه سمع عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هل تقرؤون في الصلاة معي؟! قلنا: نعم، قال: "فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1/ 176/ 300)، والدارقطني (1/ 319)، والحاكم (1/ 238)، والبيهقي في السنن (2/ 165)، وفي القراءة خلف الإمام (125).
قال الدارقطني: "قال ابن صاعد: قوله: عن أبي نعيم [وفي سنن البيهقي: "أظنه قال: خطأ"]؛ إنما كان أبو نعيم المؤذن، وليس هو كما قال الوليد: عن أبي نعيم عن عبادة".
وقال البيهقي في السنن: "وهذا خطأ؛ إنما المؤذن والإمام كان أبو نعيم، والحديث: عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة، وعن مكحول، عن نافع بن محمود، عن عبادة، فكأنه سمعه منهما جميعًا".
وقال في القراءة: "أبو نعيم كان المؤذن، والراوي عن عبادة محمود بن الربيع، فغلط فيه الوليد".
قلت: هكذا قالوا، والذي يظهر لي أن الغلط ليس من الوليد بن مسلم، فقد اختلف فيه على الوليد بن عتبة:
فرواه أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي [ثقة حافظ، إمام]، ومحمد بن هارون بن محمد بن بكار بن بلال العاملي الدمشقي [ذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة، وأكثر عنه الطبراني. الثقات (9/ 151)، تاريخ دمشق (73/ 247 - المستدرك)، تاريخ الإسلام (21/ 293)]، كلاهما عن الوليد بن عتبة به هكذا.
• وخالفهما: عبدوس بن ديرويه، أو: ديزويه الرازي [روى عنه جماعة من المشاهير، منهم: العقيلي، والطبراني، سكن مصر وتوفي بها، وسمع بدمشق وغيرها. تاريخ دمشق (37/ 373)، تاريخ الإسلام (21/ 217)]، قال: ثنا الوليد بن عتبة الدمشقي: ثنا الوليد بن مسلم: ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة يجهر فيها بالقراءة، فالتبست عليه القراءة، فلما انصرف أقبل علينا بوجهه، فقال:"هل تقرؤون خلفي إذا جهرت؟! فقال بعضنا: إنا لنفعل ذلك، قال: "فلا تقرؤوا خلفي بشيء من القرآن إذا جهرتُ إلا بأُم القرآن".
أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (1/ 174/ 296) و (4/ 387/ 3626)، ومن طريقه: ابن عساكر في تاريخ دمشق (37/ 373).
فلم يذكر أبا نعيم لا في الإسناد، ولا في القصة، وهذا الوجه عن الوليد بن عتبة أشبه بالصواب، فإن ذكر أبي نعيم في الإسناد ليس له معنى، ولعل ابن عتبة رواه على الوجهين، وحملُ الوهمِ فيه على الوليد بن عتبة أولى من حمله على الوليد بن مسلم.
فإن كان الأمر كذلك؛ فإن رواية علي بن سهل الرملي عن الوليد: أشبه بالصواب، من وجوه:
منها: أن علي بن سهل أوثق من الوليد بن عتبة، أما علي بن سهل الرملي، فقال فيه أبو حاتم:"صدوق"، وقال النسائي:"ثقة"، وهما من المتعنتين في الرجال، وروى عنه: أبو زرعة وأبو حاتم وابن خزيمة وأبو داود والنسائي وأبو عوانة وغيرهم، وفي رواية هؤلاء عن الراوي توثيق ضمني له، فإنهم في الغالب لا يروون إلا عن ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (3/ 166)]، وأما الوليد بن عتبة الدمشقي، فقد روى عنه أبو داود وأبو زرعة، وقدَّمه دحيم ومحمد بن عوف الطائي على صفوان بن صالح الدمشقي الثقة، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكر فيه ابن أبي حاتم جرحًا ولا تعديلًا [التهذيب (4/ 320)، تاريخ أبي زرعة الدمشقي (1/ 286/ 470)، الجرح والتعديل (9/ 12)، الثقات (9/ 226)، تاريخ دمشق (63/ 213)، تهذيب الكمال (31/ 48)].
ومنها: أنَّه لم يختلف عليه مثلما اختلف فيه على ابن عتبة.
ومنها: أن علي بن سهل وإن كان رمليًا من الغرباء؛ إلا أنَّه مكثر من الرواية عن الوليد بن مسلم، عالم بحديثه.
ومنها: أن ابن خزيمة وأبا عوانة أخرجا في صحيحيهما لعلي بن سهل عن الوليد بن مسلم، بينما لم يخرجا شيئًا لابن عتبة عن الوليد.
• هكذا رواه الوليد بن مسلم [وهو: ثقة ثبت][على الوجه المحفوظ عنه]، عن ابن جابر، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الله بن العلاء، عن مكحول، عن عبادة به.
• وروى الطبراني في مسند الشاميين (1/ 171/ 291) و (3/ 269/ 2234)، قال: حدثنا حويت بن أحمد بن حكيم الدمشقي: ثنا سليمان بن عبد الرحمن: ثنا أبو خليد عتبة بن حماد: ثنا سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن عبادة بن نسي، عن عبادة بن الصامت؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى خلف الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب".
وهذا حديث منكر سندًا ومتنًا؛ أبو خليد عتبة بن حماد بن خليد الدمشقي، قال أبو حاتم:"شيخ"، ووثقه أبو علي النيسابوري والخطيب، وذكره ابن حبان في الثقات [التهذيب (3/ 50)]، فلا تُعارض بمثله رواية الوليد بن مسلم، عالم الشام ومحدثها.
ثم إن الراوي عن أبي خليد: سليمان بن عبد الرحمن التميمي الدمشقي، ابن بنت شرحبيل، وهو: صدوق يخطئ، مكثر من الرواية عن الضعفاء والمجهولين.
وحويت بن أحمد بن حكيم الدمشقي: في عداد المجاهيل، ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، ويظهر لي أنَّه قليل الرواية، والله أعلم [تاريخ دمشق (15/ 364)، تكملة الإكمال (2/ 245/ 1510)، تاريخ الإسلام (22/ 141)].
• ورواه محمد بن مصفى [بن بهلول الحمصي: صدوق، مدلس، يسوي حديث بقية]، وأحمد بن الفرج الحمصي [ضعفه أهل بلده، واغتر به الغرباء، قال محمد بن عوف: جليس له في حديث بقية أصل، هو فيها أكذب الخلق"، التهذيب (1/ 40)، اللسان (1/ 575)]، وكثير بن عبيد [المذحجي الحمصي: ثقة، والإسناد إليه صحيح، وبه تثبت الرواية عن بقية]:
ثنا بقية: عن [وفي رواية ابن الفرج: ثنا، الزبيدي، عن مكحول، عن عبادة بن الصامت، قال: سألنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "هل تقرؤون القرآن معي وأنا في الصلاة؟ " قالوا: نعم، يا رسول الله، نهذُّه هذًّا، - أو قال: ندرُسه درسًا -[وفي رواية ابن المصفى وابن الفرج: وندرسه درسًا، بغير شك]، قال:"فلا تفعلوا إلا بأُم القرآن سرًّا في أنفسكم".
أخرجه محمد بن الحسين الآبري في مناقب الشافعي (6)، والدارقطني (1/ 319)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (128).
قال الدارقطني: "هذا مرسل".
• تابعهم على إرساله عن مكحول:
النعمان بن المنذر الغساني الدمشقي [صدوق]، فرواه عن مكحول؛ أن عبادة بن الصامت قام في الناس، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بنا فجهر بالقرآن، فلبست عليه القراءة، فلما انصرف، قال:"هل تقرؤون خلف الإمام إذا جهر؟ " قالوا: نعم نهذُّ القرآن
هذا، قال:"عجبت أنازع القرآن"، وقال:"لا تقرؤوا إذا جهر الإمام إلا بأُم القرآن؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بأُم القرآن".
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (126)، بإسناد صحيح إلى النعمان.
• وحاصل الاختلاف في هذا الحديث على مكحول باستثناء الروايات الشاذة والمنكرة:
أ - رواه محمد بن إسحاق [مدني، صدوق]، قال: حدثني مكحول، عن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عبادة بن الصامت.
ب - ورواه زيد بن واقد [دمشقي، ثقة، من كبار أصحاب مكحول]، عن مكحول وحرام بن حكيم، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عبادة بن الصامت.
ج - ورواه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر [دمشقي ثقة، قال دحيم: "هو بعد زيد بن واقد في مكحول"]، وسعيد بن عبد العزيز [التنوخي الدمشقي: ثقة ثبت، إمام فقيه، من أصحاب مكحول، قدَّمه بعضهم على الأوزاعي]، وعبد الله بن العلاء بن زبر [دمشقي ثقة]، ومحمد بن الوليد الزبيدي [حمصي، ثقة ثبت]، والنعمان بن المنذر الغساني [دمشقي صدوق]:
رواه خمستهم: عن مكحول، عن عبادة به هكذا، بلا واسطة، وفي رواية النعمان: أن عبادة بن الصامت قام في الناس، هكذا بصورة المرسل.
قال أبو علي الحافظ: "مكحول سمع هذا الحديث من محمود بن الربيع، ومن ابنه نافع بن محمود بن الربيع، ونافع بن محمود وأبوه محمود بن الربيع سمعاه من عبادة بن الصامت رضي الله عنه "[القراءة خلف الإمام للبيهقي (123)].
وقال البيهقي في القراءة (133): "فهذا حديث سمعه مكحول الشامي -وهو أحد أئمة أهل الشام- من محمود بن الربيع ونافع بن محمود، كلاهما عن عبادة بن الصامت، وسمعه حرام بن حكيم من نافع بن محمود عن عبادة".
قلت: مكحول لم يذكر سماعًا في هذا الحديث لا من محمود، ولا من نافع، وهو مشهور بالإرسال، وقال ابن حبان:"ربما دلس".
وأما رواية ابن إسحاق فهي شاذة، حيث خالف أصحابَ مكحول، وأهلَ بلده، وأهلُ بلد الرجل وأصحابُه أعلم بحديثه من الغرباء.
وأما رواية زيد بن واقد نهي عندي محفوظة؛ لثقته وتقدَّمه في مكحول حيث كان من كبار أصحابه، كما أنَّه حملها عن مكحول وعن حرام بن حكيم، وكلاهما رواه عن نافع بن محمود، عن عبادة بن الصامت، والقصة التي ساقها ابن واقد تشهد على حفظه للحديث، وضبطه له.
وأما رواية الجماعة والتي ختم بها أبو داود ذكر الاختلاف على مكحول، فهي محفوظة أيضًا، فإن الوهم عن العدد أبعد، وبهذا يظهر أن مكحولًا كان ينشط أحيانًا فيذكر
نافعًا، وفي غالب أمره كان يحدث به مرسلًا، بلا واسطة بينه وبين عبادة، ومكحول لم يدرك عبادة بن الصامت، ولم يره، قال أبو داود:"لم ير عبادة بن الصامت"، وقال البزار:"ولم يسمع منه"[تحفة التحصيل (314)، التهذيب (4/ 148)].
وبناءً على ما تقدم: فإن الرواية الثالثة ظاهرة الضعف لانقطاعها البين بين مكحول وعبادة، وأما الثانية فمدارها على نافع بن محمود بن الربيع، أو: ابن ربيعة، ولم يترجم له البخاري ولا ابن أبي حاتم، وقال ابن حبان في ثقاته (5/ 470):"نافع بن محمود بن ربيعة: من أهل إيلياء، يروي عن عبادة بن الصامت، روى عنه حرام بن حكيم ومكحول، متن خبره في القراءة خلف الإمام يخالف متن خبر محمود بن الربيع عن عبادة، كأنهما حديثان، أحدهما أتم من الآخر، وعند مكحول الخبران جميعًا عن محمود بن الربيع ونافع بن محمود بن ربيعة، وعند الزهري الخبر عن محمود بن الربيع مختصر غير مستقصى"، لذا قال الذهبي في الميزان (4/ 242): "لا يُعرف بغير هذا الحديث،
…
، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: حديثه معلل".
ونافع هذا لا يُعرف إلا في هذا الحديث [وأما حديثه الآخر في التفريق بين الأم وولدها، فلا يصح عنه، في سنده: عبد الله بن عمرو بن حسان الواقعي، وهو كذاب، يضع الحديث. انظر: سنن الدارقطني (3/ 68)، مستدرك الحاكم (2/ 55)، سنن البيهقي (9/ 128)، البدر المنير (6/ 520)، اللسان (4/ 533)]، فهو مجهول؛ كما قال الطحاوي والجصاص وابن عبد البر وابن قدامة [وتقدم نقل كلامهم بعد حديث زيد بن واقد]، والذين وثقوه كالدارقطني والبيهقي اعتمدا في ذلك على كون خبره عندهما صحيح، تصحيحًا للمذهب، وهو حكم غير مقبول، فإن الذين قالوا بجهالته واحتجوا بذلك على تضعيف حديثه: قولهم أقرب للصواب، وهو الموافق لقواعد الأئمة المعتبرين، حيث إن حديث المجهول إذا خالف أحاديث الثقات فإنه يُرد ولا يُقبل، كما هي الحالة هنا، وإذا وافق حديثه أحاديث الثقات، يصحح حديثه ويمبل، كما سبق أن أشرت إلى ذلك مرارًا.
ونافع بن محمود هذا مع جهالته قد خالف في حديثه الَّذي انفرد به ما رواه الزهري الإمام الفقيه الحافظ المتقن، والذي اتفق على حديثه الشيخان، وأعرضا عن حديث نافع هذا عمدًا، لذا قال الترمذي في الجامع (311) عن حديث الزهري:"وهذا أصح"، بعدما حكم على حديث مكحول بأنه حسن، مشيرًا بذلك إلى ضعفه، ثم أكد ذلك بترجيح حديث الزهري عليه، والله أعلم.
قال ابن عبد البر في التمهيد (11/ 46): "ونافع هذا مجهول؛ ومثل هذا الاضطراب لا يثبت فيه عند أهل العلم بالحديث شيء، وليس في هذا الباب ما لا مطعن فيه من جهة الإسناد غير حديث: الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة، وهو محتمل للتأويل".
قلت: نافع مجهول، كما قال، لكن الحديث عندي ليس مضطربًا؛ حيث أمكن بيان الوجه الراجح، وأن مكحولًا حدَّث به على الوجهين: الثاني والثالث، ولا يصحان؛ أما
أحدهما: فلجهالة نافع، ومخالفته الزهري فيما روى، وأما الآخر فلانقطاعه الظاهر، كما تقدم بيانه، والله أعلم.
• والحاصل فإن حديث مكحول هذا حديث ضعيف؛ والله أعلم.
• وروى معاوية بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة، عن عبد الله بن عمرو بن الحارث، عن محمود بن الربيع الأنصاري، قال: قام إلى جنبي عبادة بن الصامت، فقرأ مع الإمام وهو يقرأ، فلما انصرف قلت له: أبا الوليد تقرأ، وتسمع وهو يجهر بالقراءة؟ قال: نعم، إنا قرأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فغلط رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سبَّح، فقال لنا حين انصرف:"هل قرأ معي أحدٌ؟! قلنا: نعم، قال: "قد عجبت، قلت: من هذا الَّذي ينازعني القرآن، إذا قرأ الإمام فلا تقرؤوا معه إلا بأُم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها".
أخرجه الدارقطني (1/ 320)، والحاكم (1/ 239)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (118).
قال الدارقطني: "معاوية وإسحاق بن أبي فروة: ضعيفان".
وقال الحاكم: "هذا متابع لمكحول في روايته عن محمود بن الربيع، وهو عزيز وإن كان من رواية إسحاق بن أبي فروة؛ فإني ذكرته شاهدًا".
قلت: هو حديث منكر؛ إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة: متروك، منكر الحديث، واتُّهم، وشيخه لم أعرفه، ومعاوية بن يحيى الصدفي: ضعيف؛ روى عنه إسحاق بن سليمان الرازي أحاديث مناكير، وهذا منها [التهذيب (4/ 113)].
• وقال البيهقي في القراءة (116): أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان [ثقة حافظ. تاريخ بغداد (11/ 229)، المنتخب من السياق (1247)، السير (17/ 397)]: أنا أحمد بن عبيد الصفار [ثقة ثبت. السير (15/ 439)]: نا الحسن بن علي المعمري [ثقة حافظ؛ إلا أنَّه رفع أحاديث وهي موقوفة، وزاد في المتون أشياء ليست فيها. انظر: الكامل (2/ 338)، تاريخ بغداد (7/ 369)، اللسان (3/ 71)]: نا عمرو بن عثمان [هو: ابن سعيد بن كثير الحمصي: صدوق]: نا محمد بن حمير [حمصي صدوق]: نا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عمرو بن الحارث، عن محمود بن الربيع، عن عبادة؛ أن محمودًا صلى إلى جانبه فسمعه يقرأ وراء الإمام، فسأله حين انصرف عن ذلك، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَّنا يومًا فانصرف إلينا، وقد غلط في بعض القرآن، فقال:"هل قرأ معي منكم أحد؟ " قلنا: نعم، قال:"قد عجبت من هذا الذي ينازعني القرآن، إذا قرأ الإمام فلا يقرأ معه أحد منكم؛ إلا بأُم القرآن".
قال البيهقي: "هكذا رواه جماعة عن عمرو بن عثمان الحمصي، ورواه أيضًا يحيى بن يحيى عن محمد بن حمير، ورواه بشر بن شعيب بن أبي حمزة عن أبيه".
قلت: هذا الحديث قد أخذ، شعيب بن أبي حمزة عن إسحاق بن أبي فروة؛ فعاد الحديث إليه:
فقد رواه محمد بن خالد بن خلي الحمصي [صدوق]: نا بشر بن شعيب [ثقة]، عن أبيه، عن إسحاق بن عبد الله ابن أبي فروة: أخبرني عبد الله بن عمرو بن الحارث، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت؛ أن محمودًا صلى إلى جنبه يومًا
…
فذكره.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (117)، بإسناد صحيح إلى ابن خلي.
• وتابع ابن أبي فروة عليه:
يزيد بن عياض، عن عبد الله بن عمرو بن الحارث، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من صلى وراء الإمام فلا يقرأ إلا بأُم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأها".
أخرجه ابن الأعرابي في المعجم (278).
وهي متابعة واهية، يزيد بن عياض، هو ابن جعدبة: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي [التهذيب (4/ 425)].
• وروى أبو إسحاق الفزاري [إبراهيم بن محمد بن الحارث: ثقة حافظ، إمام]، عن الأوزاعي: حدثني عمرو بن سعد [هو الفدكي، ويقال: اليمامي، وهو ثقة]: حدثني رجاء بن حيوة، عن عبادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تقرؤون القرآن إذا كنتم معي في الصلاة؟! قال: قلنا: نعم يا رسول الله، قال: "فلا تفعلوا إلا بأُم القرآن".
أخرجه أبو نعيم في الحلية (9/ 322)، قال: حدثنا محمد [يعني: ابن إبراهيم، الحافظ الإمام أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم الأصبهاني، ابن المقرئ، صاحب المعجم: ثقة حافظ. تاريخ أصبهان (2/ 267)، تاريخ دمشق (51/ 220)، التقييد (27)، السير (16/ 398)]: ثنا محمد [يعني: ابن بركة الحلبي، وهو: أبو بكر محمد بن بركة بن الحكم بن إبراهيم بن القرداح، أبو بكر الحافظ الحميري، اليحصبي القنِّسْريني، سكن حلب، ولقبه: بَرْداعِس، شيخ حافظ، قال عنه الدارقطني: "ضعيف"، وانظر في أوهامه: علل الدارقطني (9/ 241 / 1734)، انظر: سؤالات السهمي (95)، الإكمال (1/ 233)، تاريخ دمشق (52/ 145)، معجم البلدان (4/ 404)، السير (15/ 81)، تذكرة الحفاظ (3/ 827)، اللسان (7/ 9)]:
وأخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (129)، بإسناد صحيح إلى: أحمد بن عبيد الله بن يحيى بن صاحب، الدارمي الأنطاكي [روى عنه جماعة من الحفاظ، مثل: ابن حبان، وأبي علي الحافظ، وأبي بكر ابن المقرئ، وغيرهم. معجم ابن المقرئ (446)، تاريخ بغداد (4/ 252)]:
كلاهما محمد بن بركة: الحلبي، وأحمد الأنطاكي:
عن علي بن بكار المصيصي [هو علي بن بكار بن هارون المصيصي: لم يترجم له البخاري ولا ابن أبي حاتم، ويغرب على أبي إسحاق الفزاري، وكان آخر من روى عنه، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"مستقيم الحديث"، الثقات (8/ 474)، الحلية (8/ 257)
و (9/ 317)، الإرشاد للخليلي (1/ 444)، تاريخ الإسلام (18/ 354)، التهذيب (3/ 145)]: ثنا أبو إسحاق به.
فهو غريب من حديث أبي إسحاق الفزاري الإمام.
• خالفه: أبو المغيرة [عبد القدوس بن الحجاج الخولاني: ثقة، من أصحاب الأوزاعي]، قال: نا الأوزاعي: حدثني عمرو بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن عبادة بن الصامت، قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه:
…
فذكر الحديث.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (130)، بإسناد صحيح إلى أبي المغيرة.
قال البيهقي: "والروايتان صحيحتان؛ فقد رواه الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن عمرو بن سعد عنهما".
• ثم رواه البيهقي (131) بإسناد صحيح إلى: يزيد بن عبد الله بن رزيق [روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال في التقريب (1078): "مقبول"]: نا الوليد: نا أبو عمرو -يعني: الأوزاعي-: حدثني عمرو بن سعد: نا رجاء بن حيوة، وعمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عبادة بن الصامت، قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه:
…
فذكر الحديث.
قلت: هو غريب من حديث الوليد بن مسلم، حيث تفرد به عنه: ابن رزيق هذا، وهو ممن يخطئ على الوليد [راجع ما تحت الحديث رقم (180)، الطريق الرابعة]، والمحفوظ: عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، قال: صليت صلاةً، وإلى جنبي عبادة بن الصامت،
…
موقوفًا عليه، كما سيأتي قريبًا.
• وعليه: فالمحفوظ من حديث الأوزاعي:
ما رواه أبو المغيرة، قال: نا الأوزاعي: حدثني عمرو بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن عبادة بن الصامت، قال: سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه:
…
فذكر الحديث.
قلت: وهذا مرسل؛ عمرو بن شعيب لم يدرك عبادة بن الصامت، وقيل: لم يسمع من الصحابة إلا من الربيع بنت معوذ، وزينب بنت أبي سلمة [انظر: تحفة التحصيل (243)]، هذا مع ما في عمرو بن شعيب من مقال، قال أحمد:"له أشياء مناكير"، وقال أيضًا:"ربما احتججنا به، وربما وجس في القلب منه شيء"[الجرح والتعديل (6/ 238)، ضعفاء العقيلي (3/ 274)، التهذيب (3/ 278)]، فلا يثبت مثله، والله أعلم.
• خالف أبا المغيرة عن الأوزاعي فسلك فيه الجادة:
أ - رواه عتبة بن سعيد [حمصي، ثقة]، عن إسماعيل، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "تقرؤون القرآن إذا كنتم معي في الصلاة؟ " قالوا: نعم يا رسول الله! نهذُّ هذًّا، قال:"فلا تفعلوا إلا بأُم القرآن".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (72).
فأسقط عمرو بن سعد من الإسناد، وزاد فيه: عن أبيه، بعد عمرو بن شعيب.
وإسماعيل هذا هو ابن عياش الحمصي، وروايته عن أهل الشام مستقيمة؛ إلا أنَّه هنا خالف أبا المغيرة، وهو ثبت من أصحاب الأوزاعي، وروايته أولى بالصواب، ورواية ابن عياش: شاذة [وانظر للفائدة في تقديم أبي المغيرة في الأوزاعي، أو موافقته في رواياته أصحاب الأوزاعي: علل الدارقطني (7/ 275/ 1348) و (9/ 246/ 1736) و (9/ 256/ 1744) و (12/ 9/ 2342) و (12/ 361 / 2785) و (13/ 4/ 2895) و (14/ 246/ 3597)]، والله أعلم.
ب - ورواه منبه بن عثمان [صدوق. الجرح والتعديل (8/ 419)، الثقات (9/ 198)، تاريخ دمشق (60/ 273)، السير (10/ 159)]، عن الأوزاعي، عن عمرو بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن عبادة بن الصامت، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
أصحابه، فقال:
…
فذكر الحديث.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (132)، بإسناد صحيح إلى أحمد بن عمير بن يوسف الدمشقي [المعروف بابن جوصا، الحافظ المشهور]: نا الحسن بن علي بن عياش الحمصي: ثنا منبه بن عثمان به.
والحسن بن علي بن عياش: ترجم له ابن عساكر في تاريخ دمشق (13/ 311)، فقال:"حدث عن منبه بن عثمان الدمشقي، روى عنه أبو الحسن ابن جوصا"، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، فهو مجهول الحال.
ج - ورواه مسلمة بن علي [الخشني، وهو: متروك، منكر الحديث]، قال: حدثني الأوزاعي، عن مكحول، عن رجاء بن حيوة، عن عبد الله بن عمرو [وقع في كتاب البيهقي: عن عبد الله بن عمر]، قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . فذكر الحديث.
أخرجه البزار (1/ 239/ 489 - كشف الأستار)، والبيهقي في القراءة (406 و 407).
قال البزار: "لا نعلمه [يُروى] عن عبد الله بن عمرو إلا بهذا الإسناد، ومسلمة ليِّن الحديث".
فهو حديث منكر بهذا الإسناد.
وقال البيهقي: "وقيل: عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن رجاء بن حيوة عن عبادة، وقيل: عنه عن جسر بن الحسن عن رجاء، وقيل: عنه عن مكحول عن رجاء عن عبد الله بن عمرو، والمحفوظ ما ذكرنا إسناده، وقيل: عن رجاء بن حيوة عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت موقوفًا".
• قلت: المحفوظ في حديث رجاء بن حيوة:
ما رواه عبد الله بن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن ربيع، قال: صليت صلاةً، وإلى جنبي عبادة بن الصامت، قال: فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: فقلت له: يا أبا الوليد! ألم أسمعك تقرأ بفاتحة الكتاب؟ " قال: أجل؛ إنه لا صلاة إلا بها.
وفي رواية: فقال عبادة: لا صلاة إلا بقراءة.
أخرجه عبد الرزاق (2/ 130/ 2771)[وسقط من إسناده: محمود بن الربيع]، وابن أبي شيبة (1/ 329/ 3770)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 110/ 1327)، والطحاوي في أحكام القرآن (1/ 252/ 509)، والبيهقي في السنن (2/ 168)، وفي القراءة (133 و 201 و 202)، وعلقه ابن عبد البر في التمهيد (11/ 39).
من طرق عن ابن عون به.
قلت: وهذا موقوف على عبادة بن الصامت بإسناد صحيح، رجاله ثقات مشهورون، سمع بعضهم من بعض، قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 312) عن رجاء:"سمع محمود بن الربيع".
• وهذا هو الَّذي صح عن عبادة بن الصامت في هذا الحديث:
• ما رواه الزهري، قال: سمعت محمود بن الربيع، يحدث عن عبادة بن الصامت، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"[متفق عليه].
• وما رواه عبد الله بن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، قال: صليت صلاةً، وإلى جنبي عبادة بن الصامت، قال: فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: فقلت له: يا أبا الوليد! ألم أسمعك تقرأ بفاتحة الكتاب؟ قال: أجل؛ إنه لا صلاة إلا بها. موقوف.
وما عدا ذلك مما سبق ذكره في الباب فلا يصح منه شيء.
وهذه الرواية الثانية الموقوفة هي عندي أصل ما وقع من أوهام في رفع هذه القصة، والجمع بينها وبين حديث الزهري، كما وقع في حديث مكحول وغيره، والله أعلم.
فإن قيل: فلماذا لا يقال: اختلف رجاء بن حيوة والزهري على محمود بن الربيع، فرواه رجاء موقوفًا، ورفعه الزهري؟
فيقال: لا مخالفة بينهما، وإنما روى كل واحد منهما حديثًا مستقلًا: أما الزهري فروى عنه حديثًا مرفوعًا، وأما رجاء فروى عنه حادثةً، وواقعة حالٍ جرت له مع عبادة، وكلاهما ثقةٌ حفِظَ ما روى، وضبطه، وأداه كما سمعه.
• ففي سؤالات ابن طهمان لابن معين (336): "قيل له: روى الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من لم يقرأ بفاتحة الكتاب"، وروى ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، عن عبادة؛ موقوف؟ قال: قد روى، والزهري صحيح الحديث، ثقة".
يعني: أن رواية رجاء الموقوفة لا تعارض رواية الزهري المرفوعة، ولا تُعلُّها ما هو ظاهر، وذلك بخلاف ما رواه مكحول وغيره.
• وقال البخاري في القراءة خلف الإمام (154): "والذي زاد مكحول، وحرام بن معاوية [يعني: حرام بن حكيم]، ورجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، عن عبادة، فهو
تبع لما روى الزهري؛ لأنَّ الزهري قال: حدثنا محمود أن عبادة رضي الله عنه أخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء لم يذكروا أنهم سمعوا من محمود".
قلت: هذا القول من البخاري لا يعني أنَّه احتج بحديث مكحول، بل على العكس من ذلك؛ ففيه الدلالة على إعلال حديث مكحول بعدم سماعه من محمود بن الربيع، وقد تقدم بيان شذوذ رواية ابن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة، وكذلك بينتُ ضعفَ رواية مكحول وحرام بن حكيم عن نافع بن محمود؛ لجهالة نافع، ومخالفته رواية الزهري، وأما رواية رجاء فإنها لا تخالف رواية الزهري، ثم إنها ثابتة صحيحة، وقد أثبت له البخاري نفسه السماع من محمود بن الربيع.
وأخيرًا: فإن البخاري يرى صحة حديث الزهري، وأنه الأصل في هذا الباب، دون غيره؛ لذا أخرجه في صحيحه دون بقية الروايات المذكورة في هذا البحث.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية عن حديث مكحول: "وهذا الحديث معلل عند أئمة الحديث بأمور كثيرة، ضعفه أحمد وغيره من الأئمة، وقد بسط الكلام على ضعفه في غير هذا الموضع، وبيَّن أن الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة إلا بأُم القرآن"، فهذا هو الَّذي أخرجاه في الصحيحين، ورواه الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة، وأما هذا الحديث فغلِطَ فيه بعض الشاميين، وأصله: أن عبادة كان يؤم ببيت المقدس فقال هذا، فاشتبه عليهم المرفوع بالموقوف على عبادة"[مجموع الفتاوى (23/ 286)].
قال البيهقي في القراءة (133): "فهذا حديث سمعه مكحول الشامي -وهو أحد أئمة أهل الشام- من محمود بن الربيع ونافع بن محمود، كلاهما عن عبادة بن الصامت، وسمعه حرام بن حكيم من نافع بن محمود عن عبادة، وسمعه رجاء بن حيوة -وهو أحد أئمة أهل الشام- من محمود بن الربيع عن عبادة؛ إلا أن من شأن أهل العلم في الرواية أن يروي الحديث مرة فيوصله، ويرويه أخرى فيرسله، حتَّى إذا سئل عن إسناده فحينئذ يذكره، ويكون الحديث عنده مسندًا وموقوفًا، فيذكره مرة مسندًا، ومرة موقوفًا، والحجة قائمة بموصوله وموقوفه، وفي وصل من وصله دلالة على صحة مخرج حديث من أرسله، وإرسال من أرسله شاهد لصحة حديث من وصله، وفي كل ذلك دلالة على انتشار هذا الحديث عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم مسندًا، ثم من فتواه به موقوفًا، وإنما تعجب من تعجب من قراءته خلف الإمام فيما يجهر الإمام فيه بالقراءة؛ لذهاب من ذهب إلى ترك القراءة خلف الإمام فيما يجهر الإمام فيه بالقراءة، حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما لي أنازع القرآن"، ولم يسمع استثناء النبي صلى الله عليه وسلم قراءة فاتحة الكتاب سرًّا، وقوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها"، وسمعه عبادة بن الصامت، وأتقنه وأدَّاه وأظهره، فوجب الرجوع إليه في ذل.
قلت: هما حديثان مستقلان، أحدهما مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث الزهري، والآخر يروي حادثة تبين رأي عبادة الفقهي في هذه المسألة، فهو يروي هنا قول صاحب،
وأن هذا الَّذي فعله عبادة وقاله هو ما استنبطه من الحديث المرفوع الَّذي رواه، وليس الأمر كما قال البيهقي؛ فإن حديث الزهري لا يعطي هذا المعنى الَّذي ذهب إليه عبادة، وسيأتي كان ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى.
• ومن شواهد حديث عبادة: [سواء من طريق الزهري، أو من طريق مكحول]:
1 -
حديث رفاعة بن رافع:
في قصة المسيء صلاته، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم اقرأ بأُمِّ القرآن، ثم اقرأ بما شئتَ"، إلى قوله صلى الله عليه وسلم "ثم اصنع ذلك في كلِّ ركعةٍ".
وهي رواية شاذة بهذه الزيادة، وسوف يأتي تخريجه قريبًا مطولًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن برقم (857 - 861).
2 -
حديث أَنس بن مالك:
روى يحيى بن يوسف الزمي [ثقة]، وأبو توبة الربيع بن نافع [ثقة حجة]، ومخلد بن الحسن بن أبي زميل [لا بأس به]، وعبد الله بن جعفر الرقي [ثقة]، وفرح بن رواحة [ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "مستقيم الحديث جدًّا"، الثقات (9/ 13)، الإكمال (7/ 43)]، وعبد السلام بن عبد الحميد [مشاه بعضهم، وله مناكير، تكلم فيه أهل بلده. اللسان (5/ 173)، مترجم له في تحت الحديث رقم (407) في الشواهد]:
عن عبيد الله بن عمرو [ثقة]، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أَنس رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه، فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه، فقال:"أتقرؤون في صلاتكم [خلف الإمام، والإمام يقرأ؟ " فسكتوا، فقالها ثلاث مرات، فقال قائل أو قائلون: إنا لنفعل، قال:"فلا تفعلوا، وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه".
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (249)، وفي التاريخ الكبير (1/ 207) تعليقًا، وابن حبان (5/ 152/ 1844) و (5/ 162/ 1852)، والضياء في المختارة (6/ 231 و 232/ 2248 و 2249)، وأبو زرعة الدمشقي في الفوائد المعللة (102)، وأبو يعلى في المسند (5/ 187/ 2805)، وفي المعجم (303)، والطحاوي (1/ 218)، والطبراني في الأوسط (3/ 124/ 2680)، والدارقطني (1/ 340)، والبيهقي في السنن (2/ 166)، وفي القراءة (139 - 145 و 386 و 387)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 175 - 176).
ورواه يوسف بن عدي [ثقة]، عن عبيد الله بن عمرو به، وقصر في متنه، ولم يقل في آخره:"وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه".
أخرجه الطحاوي في أحكام القرآن (1/ 252/ 510)، والدارقطني (1/ 340)، والبيهقي في القراءة (146 و 385).
قال ابن حبان: "سمع هذا الخبر أبو قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعه من أَنس بن مالك، فالطريقان جميعًا محفوظان".
وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أيوب إلا عبيد الله".
وقال البيهقي في القراءة: "وفي إجماع هؤلاء الرواة الثقات عن عبيد الله بن عمرو على رواية هذا الحديث بتمامه دليل على تقصير يوسف بن عدي في روايته حيث انتهى بالرواية إلى قوله: "فلا تفعلوا"، ولم يذكر ما بعده من الأمر بقراءة فاتحة الكتاب في نفسه"، إلى أن قال:"فذكر بنقصان هذا الاستثناء، وهو تقصير منه، وسهو سها فيه، وليس هذا من النقصان الَّذي يتجوزه في الخبر بعض الرواة، فإنه يغير الحكم الَّذي هو مقصود صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم بالنهي عن القراءة خلف الإمام، واستثناء قراءة الفاتحة سرًّا في نفسه، ومثل هذا النقصان لا يجوز بحال، وبالله التوفيق".
وقال أيضًا: "تفرد بروايته عن أَنس: عبيد الله بن عمرو الرقي، وهو ثقة؛ إلا أن هذا إنما يعرف عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة".
• هكذا قالوا، وقد تفرد به عبيد الله بن عمرو الرقي دون أصحاب أيوب الثقات؛ وقد وهم فيه عبيد الله على أيوب السختياني، فقد رواه عنه أثبت أصحابه مرسلًا، وهو الصواب:
رواه حماد بن زيد، وإسماعيل ابن علية [من رواية أحمد بن حنبل ومؤمل بن هشام عنه] [وحماد وابن علية: أثبت الناس في أيوب]، وعبد الوارث بن سعيد، وحماد بن سلمة، وسفيان بن عيينة، ومعمر بن راشد [وهم ثقات]:
عن أيوب، عن أبي قلابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم به، هكذا مرسلًا.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (250)، وفي التاريخ الكبير (1/ 207)، وأحمد في العلل لابنه عبد الله (2/ 408/ 2280)، وعبد الرزاق (2/ 127/ 2765)، والبيهقي في السنن (2/ 166)، وفي المعرفة (2/ 54/ 922)، وفي القراءة خلف الإمام (148 - 151 و 158).
قال إسماعيل ابن علية، عن خالد الحذاء:"قلت لأبي قلابة: من حدثك هذا؟ قال: محمد بن أبي عائشة، مولى لبني أمية".
• خالف فوصله، وسلك فيه الجادة فوهم:
سليمان بن عمر بن خالد الأقطع الرقي [قال ابن أبي حاتم: "كتب عنه أبي بالرقة"، وذكره ابن حبان في الثقات. الجرح والتعديل (4/ 131)، الثقات (8/ 280)]: نا إسماعيل ابن علية، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أَنس؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه،
…
فذكر الحديث.
أخرجه البيهقي في القراءة خلف الإمام (147)، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ [هو الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيِّع، صاحب المستدرك]: أنا أبو علي الحافظ [هو: الحسين بن علي بن يزيد بن داود، أبو علي النيسابوري: إمام ناقد، حافظ ثبت. تاريخ نيسابور (246)، الإرشاد (3/ 842)، تاريخ بغداد (8/ 71)، تاريخ دمشق (14/ 271)، السير (16/ 51)]: نا محمد بن الحسن بن حرب الرقي بالأردن من كتابه: نا سليمان بن عمر به.
قال أبو علي: "لم أكتبه إلا عن هذا الشيخ من كتابه".
قلت: هو محمد بن علي بن الحسن بن علي بن حرب، أبو الفضل القاضي من أهل الرقة: وثقه الدارقطني، وخفي ذلك على ابن القطان فقال:"لا تُعرف حاله"[تاريخ الرقة (120)، سؤالات السهمي (17)، تاريخ بغداد (3/ 72)، تاريخ دمشق (54/ 261)، كان الوهم (5/ 85/ 2329)، تاريخ الإسلام (18/ 289)]، ولا أظن الوهم منه، لا سيما وقد حمله أبو علي الحافظ عنه من كتابه، والوهم فيه عندي من شيخه، فإنه ليس بذاك المشهور بالرواية عن ابن علية، وقد خالف من هو أعلم بحديث ابن علية منه، وهما: الإمام أحمد بن حنبل، وهو ثقة ثبت، إمام حجة، ومؤمل بن هشام اليشكري، وهو ثقة بصري، مكثر عن ابن علية، بل هو ختن إسماعيل ابن علية، وأهل بيت الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، والله أعلم.
• قال البخاري في التاريخ الكبير (1/ 207) بعد حديث عبيد الله بن عمرو هذا: "ولا يصح أَنس"؛ يعني: أن الصحيح هو المرسل؛ ولا يصح وصله بذكر أَنس، والله أعلم.
وقال أبو حاتم: "وهِم فيه عبيد الله بن عمرو، والحديث ما رواه: خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (1/ 175/ 502)].
وقال ابن عدي في الكامل (3/ 129): "ورواه عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن أَنس، وهذا أيضًا خطأ عن أيوب، أخطأ عليه عبيد الله بن عمرو،
…
".
وقال الدارقطني في العلل (12/ 237/ 2664): "وخالفهم ابن علية، وابن عيينة، وحماد بن زيد؛ رووه عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وهو [الـ]ـصحيح من رواية أيوب".
وقال البيهقي في السنن (2/ 166): "وقد قيل: عن أبي قلابة عن أَنس بن مالك، وليس بمحفوظ".
• ووجه آخر من الاختلاف في هذا الحديث على أيوب، وليس بشيء:
فقد روي من طرقٍ في بعضها ضعف:
عن الربيع بن بدر [متروك، لقبه عُلَيلة]، عن أيوب السختياني، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم،
…
فذكر نحوه.
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 128 - 129)، وأبو بكر ابن المقرئ في الأربعين (35)، والدارقطني (1/ 340)، والبيهقي في القراءة خلف الإمام (152 - 154 و 440).
قال ابن عدي: "وهذا أخطأ فيه عليلة على أيوب، فقال: عن الأعرج عن أبي هريرة، ورواه عبيد الله بن عمرو عن أيوب عن أبي قلابة عن أَنس، وهذا أيضًا خطأ عن أيوب، أخطأ عليه عبيد الله بن عمرو، والصواب: ما رواه جماعة عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت: أصاب ابن عدي فيما قال؛ إلا في حكمه الأخير إذا كان هكذا في أصله، ولم يسقط منه شيء، فإن جماعة الحفاظ من أصحاب أيوب قد رووه عنه عن أبي قلابة مرسلًا، والذي ذكره هو إنما يُعرف من رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي ذكره.
وقال الدارقطني في السنن: "الربيع بن بدر: ضعيف؛ كذا رواه الربيع بن بدر عن أبي هريرة، وخالفه سلام أبو المنذر، رواه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة، ولا يثبت.
وخالفهما عبيد الله بن عمرو الرقي، ورواه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أَنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه ابن علية وغيره، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا.
ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم".
وسئل الدارقطني في العلل (9/ 64/ 1645) عن حديث أبي قلابة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن كان أحدكم قارئًا خلف الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب"؟
فقال: "يرويه أيوب السختياني، واختلف عنه: فرواه سلام أبو المنذر، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة.
وخالفه الربيع بن بدر، رواه عن أيوب، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وخالفهم عبيد الله بن عمرو الرقي، فرواه عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أَنس بن مالك.
وخالفهم ابن علية، رواه عن أيوب، عن أبي قلابة، مرسلًا.
ورواه خالد، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
والمرسل الصحيح"، وذكر نحوه أيضًا في موضع آخر من العلل (12/ 237/ 2664).
وقال البيهقي: "قال أبو علي وأبو أحمد: أخطأ فيه عليلة -وهو الربيع بن بدر- على أيوب، إنما هو عن أيوب عن أبي قلابة".
وقال الخطيب بنحو كلام الدارقطني، كأنه نقله عنه [تاريخ بغداد (13/ 176)].
قلت: هو باطل من حديث الأعرج عن أبي هريرة، والصحيح: المرسل؛ كما تقدم.
• وقد اختلف في هذا الحديث على أبي قلابة:
أ - فرواه جماعة الحفاظ من أصحاب أيوب، عن أيوب، عن أبي قلابة مرسلًا [وهذا هو المحفوظ عن أيوب].
ب - ورواه خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
واختلف فيه على خالد، كما سيأتي بيانه.
3 -
حديث من شهد النبي صلى الله عليه وسلم:
فقد رواه يزيد بن زريع، وسفيان الثوري، وبشر بن المفصَّل، وشعبة بن الحجاج، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [وهم ثقات أثبات]:
عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة [وفي رواية شعبة: سمعت أبا قلابة]، عن محمد بن أبي عائشة، عن من شهد ذلك [وفي رواية الثوري وشعبة: عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم]، قال: صلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى صلاته، قال:"أتقرؤون [وفي رواية شعبة بالشك في هذه الزيادة: خلف الإمام] والإمام يقرأ؟ "، قالوا: إنا لنفعل، قال:"فلا تفعلوا؛ إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه". لفظ يزيد.
أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (73)، وأحمد (4/ 236) و (5/ 60 و 81 و 410)، وعبد الرزاق (2/ 127/ 2766)، ومسدد في مسنده (2/ 222/ 1554 - إتحاف الخيرة) و (2/ 342/ 1829 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي شيبة (1/ 328/ 3758)، وابن أبي عمر العدني في مسنده (2/ 222/ 1555 - إتحاف الخيرة) و (2/ 342/ 1830 - إتحاف الخيرة)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3166 / 7287)، والبيهقي في السنن (2/ 166)، وفي المعرفة (2/ 53 و 54/ 920 و 921)، وفي القراءة خلف الإمام (155 - 157)، وابن عبد البر في التمهيد (11/ 45)، وعلقه الدارقطني في العلل (12/ 238 / 2664).
قال البيهقي في السنن: "هذا إسناد جيد، وقد قيل: عن أبي قلابة عن أَنس بن مالك، وليس بمحفوظ".
وقال في المعرفة: "وهذا إسناد صحيح، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم ثقة، فترك ذكر أسمائهم في الإسناد لا يضر إذا لم يعارضه ما هو أصح منه، ورواه أيوب عن أبي قلابة فأرسله، والذي وصله حجة،
…
".
وقال في القراءة: "وهذا حديث صحيح، احتج به ابن خزيمة".
وقال الدارقطني في العلل (12/ 238/ 2664): "فأما خالد الحذاء: فرواه عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال ذلك: سفيان الثوري، ويزيد بن زريع، وبشر بن المفصَّل، عن خالد.
ورواه ابن علية، وخالد بن عبد الله، وشعبة، وعلي بن عاصم، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه هشيم، عن خالد، عن أبي قلابة مرسلًا، لم يجاوز به أبا قلابة.
والمرسل أصح".
وقال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 468): "حديث محمد بن أبي عائشة: منقطع مرسل؛ وحديث عبادة من رواية مكحول وغيره: متصل مسند من رواية الثقات".
• قلت: خالفهم:
إسماعيل ابن علية، وهشيم بن بشير [وهما ثقتان ثبتان]، قالا: أنا خالد، عن أبي
قلابة؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "هل تقرؤون خلف إمامكم؟ "، قال بعضٌ: نعم، وقال بعضٌ: لا، فقال:"إن كنتم لا بد فاعلين؛ فليقرأ أحدكم فاتحة الكتاب في نفسه". هكذا مرسلًا. قال ابن علية: قال خالد: فقلت لأبي قلابة: من حدثك هذا الحديث؟ قال: محمد بن أبي عائشة، مولى لبني أمية، كان خرج مع آل مروان حيث أخرجوا من المدينة.
أخرجه أحمد في العلل لابنه عبد الله (2/ 408 / 2826)، وابن أبي شيبة (1/ 328/ 3757).
قلت: الأشبه بالصواب صحة الوجهين عن خالد الحذاء، وأنه حدَّث به على الوجهين، فإن الذين اختلفوا عليه كلهم ثقات أثبات حفاظ، وقد رأى الدارقطني نفسه الوجه الأول محفوظًا، حيث لم يذكر غيره في السنن، وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 175/ 502): "سألت أبي عن الحديث الَّذي رواه عبيد الله بن عمرو، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أَنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في القراءة خلف الإمام؟
قال أبي: وهِم فيه عبيد الله بن عمرو، والحديث ما رواه: خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن محمد بن أبي عائشة، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فأعلَّ أبو حاتم رواية عبيد الله بن عمرو برواية الجماعة عن خالد الحذاء، مما يدل على أنها محفوظة عنده.
• وبناءً على ما تقدم فإن كلا الوجهين عن الحذاء: لا يصح، أما أحدهما فظاهر الإرسال، وأما الآخر؛ فإن ابن أبي عائشة لم يذكر سماعه من الصحابي، فقد يكون مرسلًا أيضًا، وابن أبي عائشة يروي عن الصحابة والتابعين، ومن المحتمل أن يكون رواه عن صحابي لم يدركه، والإرسال كان معروفًا في كثير من التابعين، والله أعلم.
• وأما الاختلاف على أبي قلابة؛ فأيوب أحفظ الرجلين، وروايته مرسلة، لكن قول خالد الحذاء: فقلت لأبي قلابة: من حدثك هذا الحديث؟ قال: محمد بن أبي عائشة، يجعل النفس تميل إلى القول بأن كلا الوجهين محفوظ عن أبي قلابة، وكلٌّ قد حدث عنه بما سمع، ولا يصح الحديث من هذه الوجوه، ولا يصلح مثله شاهدًا لحديث مكحول عن نافع بن محمود عن عبادة؛ لوجود المانع، وهو حديث الزهري، والله أعلم.
4 -
حديث أبي قتادة:
يرويه يزيد بن هارون: أنبأ سليمان التيمي، قال: حُدِّثت عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أتقرؤون خلفي؟! قالوا: نعم، قال: "فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب".
أخرجه أحمد (5/ 308)، وابن أبي شيبة في مسنده (2/ 222/ 1556 - إتحاف الخيرة)[وفي سنده سقط]، وابن منيع في مسنده (2/ 223/ 1557 - إتحاف الخيرة)[وفي سنده سقط]، وعبد بن حميد (2/ 223/ 1558 - إتحاف الخيرة)، وأبو يعلى (2/ 223 / 1559 - إتحاف الخيرة)، والبيهقي في السنن (2/ 166)، وفي القراءة (164 و 165).
إسناده ضعيف؛ لأجل المبهم، والحفاظ أمثال سليمان التيمي [وهو أحد حفاظ البصرة] لو شاؤوا لصرحوا بمن حدثهم، فإنهم في الغالب لا يُبهمون إلا من لا يرضونه، فالإبهام نوع من الجرح في مثل هذا الحال، والله أعلم.
5 -
حديث جابر بن عبد الله:
رواه الحميدي: ثنا موسى بن شيبة [من ولد كعب بن مالك]، عن محمد بن كليب - هو: ابن جابر بن عبد الله -، عن جابر -وهو: ابن عبد الله-، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإمام ضامن؛ فما صنع فاصنعوا".
وهو حديث ضعيف؛ تقدم تخريجه في شواهد الحديث رقم (518).
قال الدارقطني وقد أخرجه من طريق أبي حاتم الرازي: "قال أبو حاتم: هذا تصحيح لمن قال بالقراءة خلف الإمام".
وقد رد ابن القطان في بيان الوهم (2/ 552/ 555) على من استدل بكلام أبي حاتم هذا على تصحيح الحديث، فقال:"وهو في الحقيقة ليس بتصحيح له من أبي حاتم، إنما هو بمثابة من يروي حديثًا صحيحًا أو سقيمًا، ثم يقول: هذا فيه الحجة لمن ذهب إلى كذا؛ يعني: أنَّه من متعلقاته إن صح، أو حتَّى يدفع بما يوجب دفعه به".
6 -
حديث عمران بن حصين:
يرويه الربيع بن بدر [يقال له: عليلة، وهو: متروك]، عن سعيد الجريري، عن أبي العلاء، عن أخيه مطرف بن عبد الله بن الشخير، عن عمران بن حصين، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، وآيتين فصاعدًا".
أخرجه ابن عدي في الكامل (3/ 130)، والخطيب في الموضح (2/ 83).
قال ابن عدي: "وهذا طريق غريب عن عمران بن حصين، يرويه عليلة بن بدر".
• قلت: هذا حديث منكر؛ صوابه موقوف، وبغير هذا الإسناد:
فقد رواه إسماعيل ابن علية [ثقة ثبت، ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط]، وبشر بن المفصَّل [ثقة ثبت، روى له الشيخان عن الجريري]:
عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، قال: لا تجوز صلاةٌ لا يُقرَأ فيها بفاتحة الكتاب، وآيتين فصاعدًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 317/ 3622)، وابن المقرئ في المعجم (221)، والبيهقي في القراءة (234).
وهذا موقوف على عمران بن حصين بإسناد صحيح [انظر: صحيح البخاري (1115)].
هذا هو المحفوظ عن الجريري، وخالفهما: حماد بن سلمة [ثقة، ممن سمع من الجريري قبل الاختلاط]، فرواه عن الجريري، عن عبد الله بن بريدة، عن عمران بن حصين، أن عثمان بن أبي العاص، قال: لا تتم صلاةٌ إلا بفاتحة الكتاب، وثلاث آيات فصاعدًا.
أخرجه ابن المنذر في الأوسط (3/ 101 / 1305).
ورواية ابن علية وبشر أولى، والله أعلم.
7 -
حديث أبي مسعود:
يرويه إبراهيم بن أيوب الفرساني، عن أبي مسلم، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود الأنصاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وشيء معها".
أخرجه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 213) و (2/ 305).
هذا الإسناد من لدن الأعمش فمن فوقه على شرط مسلم (432)، وهذا حديث منكر باطل؛ حيث تفرد به عن الأعمش: قائده أبو مسلم عبيد الله بن سعيد بن مسلم الجعفي الكوني: ضعيف جدًّا، عنده أحاديث موضوعة، قال البخاري:"في حديثه نظر"[ضعفاء العقيلي (3/ 121)، المجروحين (1/ 239)، التهذيب (3/ 11)].
وإبراهيم بن أيوب الفرساني: قال أبو حاتم: "لا أعرفه"[الجرح والتعديل (2/ 89)، طبقات المحدثين بأصبهان (2/ 67)، اللسان (1/ 246)].
• وإنما يُعرف بهذا الإسناد:
ما رواه شعبة، والثوري، وأبو معاوية، والفضيل بن عياض، وعيسى بن يونس، ووكيع بن الجراح، وعبد الله بن نمير، ويحيى بن زكريا بن أبي زائدة، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وعبد الله بن داود الخريبي، وعبيد الله بن موسى، وجرير بن عبد الحميد، وزائدة بن قدامة، وأبو عوانة، وابن عيينة، ومحمد بن فضيل، وغيرهم [(16) فأكثر]:
عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، عن أبي مسعود البدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجزئ صلاة الرجل حتَّى يقيم ظهره في الركوع والسجود".
أخرجه أبو داود (855)، ويأتي تخريجه في موضعه من السنن إن شاء الله تعالى.
وقد سئل أبو حاتم عن حديث إبراهيم بن أيوب الفرساني هذا، فقال:"هذا باطل؛ إنما الحديث: "لا تجزئ صلاة رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود" [العلل (1/ 141/ 393)][وانظر أيضًا: العلل (1928)].
• وفي الباب أيضًا:
• عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاة مكتوبة مع الإمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في سكتاته، ومن انتهى إلى أم القرآن فقد أجزأه".
وهو حديث منكر؛ والمعروف وقفه على أبي هريرة، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (821).
• وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صلى صلاةً مكتوبةً أو تطوعًا فليقرأ فيها بأُم الكتاب وسورة معها؛ فإن انتهى إلى أم الكتاب فقد