الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وسوف يأتي تخريجه قريبًا مطولًا -إن شاء الله تعالى- في موضعه من السنن برقم (857 - 861).
قال ابن كثير في كتاب الأحكام الكبير (2/ 430) بعد ما احتج بحديث أبي هريرة في الصحيحين [البخاري (757 و 793 و 6251 و 6667)، مسلم (397)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (856) إن شاء الله تعالى]، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم:"ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن" إلى أن قال: "ثم افعل ذلك في صلاتك كلها"، قال ابن كثير:"وفيه دليل واضح على وجوب تكرار القراءة في كل ركعة، والله أعلم".
***
139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة
830 -
. . . خالد، عن حميد الأعرج، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابيُّ والأعجميُّ، فقال:"اقرؤوا؛ فكلٌّ حسنٌ، وسيجيء أقوامٌ يُقيمونه كما يُقامُ القِدْحُ، يتعجَّلونه ولا يتأجَّلونه".
• المحفوظ: مرسل بإسناد صحيح.
أخرجه أحمد (3/ 397)(6/ 3218/ 15506 - ط المكنز)(3/ 564/ 3755 - الإتحاف)، وسعيد بن منصور في سننه (1/ 152/ 31)، والفريابي في فضائل القرآن (174)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (157)، وابن بشران في الأمالي (229)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (16)، والبيهقي في الشعب (2/ 538/ 2642)، والبغوي في شرح السُّنَّة (9/ 88/ 609).
هكذا رواه خالد بن عبد الله الواسطي الطحان [وهو: ثقة ثبت]، عن حميد بن قيس الأعرج به.
• ورواه أسامة بن زيد الليثي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد، فإذا فيه قومٌ يقرؤون القرآن، قال:"اقرؤوا القرآن، وابتغوا به الله عز وجل، من قبل أن يأتي قومٌ يقيمونه إقامة القِدْح، يتعجَّلونه ولا يتأجَّلونه".
أخرجه أحمد (3/ 357)، وابن منيع في مسنده (8/ 272/ 8055 - إتحاف الخيرة)، وأبو يعلى (4/ 140/ 2197)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (1/ 170)، والبيهقي في الشعب (2/ 538/ 2643 و 2644).
هكذا وصل هذا الحديث عن ابن المنكدر: حميد بن قيس الأعرج المكي، وهو: ليس به بأس [وانظر ترجمته عند الحديث (785)]، وأسامة بن زيد الليثي مولاهم، وهو:
صدوق، صحيح الكتاب، يخطئ إذا حدث من حفظه، وقد أنكروا عليه أحاديث [تقدمت ترجمته مفصلة عند الحديث رقم (394 و 600 و 619)].
• وخالفهما من أهو أثبت من مائة منهما، فرواه عن ابن المنكدر فأرسله:
سفيان الثوري [ثقة حافظ، فقيه إمام، ثبت حجة]، وسفيان بن عيينة [ثقة حافظ، فقيه إمام، حجة]:
روياه عن محمد بن المنكدر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيجئ قوم يقرؤون القرآن، يُقيمونه إقامة القِدْح، يتعجَّلون أجره، ولا يتأجَّلونه".
وفي رواية للثوري: "اقرؤوا القرآن، وسلوا الله به، فإنه سيقرؤه أقوام يقيمونه إقامة القِدْح، يتعجَّلونه ولا يتأجَّلونه".
أخرجه عبد الرزاق (3/ 382/ 6034)، وسعيد بن منصور في سننه (1/ 150/ 30)، وابن أبي شيبة (6/ 125/ 30004)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (19)، والبيهقي في الشعب (2/ 538/ 2641).
قلت: وعلى هذا فالمرسل هو المحفوظ، فالحديث مرسل بإسناد صحيح، وله شواهد تقويه وتعضده وتشهد بصحته، يأتي ذكرها، مثل: حديث سهل بن سعد، وحديث حذيفة، وحديث عبد الرحمن بن شبل، والله أعلم.
• قال الكلاباذي: "معناه والله أعلم: يريدون به العاجلة؛ عرض الدنيا وحطامها، والرفعة فيها، "ولا يتأجلونه"؛ أي: لا يريدون به الدار الآخرة وما عند الله تعالى، فمعناه: أنهم لا يقرؤون القرآن للآجلة، بل يقرؤونه للعاجلة، فمن أراد به الدنيا، وترسل في قراءته، ورتَّله: فهو متعجِّل، ومن أراد به الآخرة، ومرَّ فيه، متعجلًا قراءته، بعد أداء الحروف حقَّها: فهو متأجِّل، الدليل على ذلك: ما روي من ختم عثمان رضي الله عنه في ليلة واحدة".
وقال الطيبي في شرحه على المشكاة (5/ 1691): "وفي الحديث رفع الحرج، وبناء الأمر على المساهلة في الظاهر، وتحري الحسبة والإخلاص في العمل، والتفكر في معاني القرآن، والغوص في عجائب أمره"، ثم نقل عن الشيخ أبي حامد الغزالي في كتابه الإحياء (1/ 284) ما ذكره من التخلي عن موانع الفهم، وأن أكثر الناس منعوا من فهم معاني القرآن لأسباب وحُجُبٍ أسدلها الشيطان على قلوبهم، فعميت عليهم عجائب أسرار القرآن، ثم ذكر أن حُحُب الفهم أربعة؛ أولها: أن يكون الهمُّ منصرفًا إلى تحقيق الحروف بإخراجها من مخارجها، يلبس الشيطان بذلك على بعض القراء ليصرفهم عن فهم معاني كلام الله عز وجل، فمن كان تأمله للقرآن مقصورًا على مخارج الحروف وضبط أحكام التجويد فأنى تنكشف له المعاني، والله أعلم.
وقال في المرقاة (5/ 85): "فكل واحدةٍ من قراءتكم حسنةٌ مرجوةٌ للثواب إذا آثرتم الآجلة على العاجلة، ولا عليكم أن لا تقيموا ألسنتكم إقامة القِدْح، وهو السهم قبل أن
يراش، "وسيجئ أقوام يقيمونه"؛ أي: يصلحون ألفاظه وكلماته، ويتكلفون في مراعاة مخارجه وصفاته، "كما يقام القدح"؛ أي: يبالغون في عمل القراءة كمال المبالغة لأجل الرياء والسمعة والمباهاة والشهرة،
…
، "يتعجلونه"؛ أي: ثوابه في الدنيا، "ولا يتأجلونه" بطلب الأجر في العقبى، بل يؤثرون العاجلة على الآجلة، ويتأكلون ولا يتوكلون".
قلت: وهذا لا يعني إهمال مخارج الحروف وقواعد التجويد، لكن المقصود أن لا يصرف القارئ كل همه إلى زينة التلاوة، فتصرفه عما أنزل له القرآن من تدبر آياته، وفهم معانيه، والعمل بما دل عليه، وإيثار الآخرة على الدنيا، والله أعلم.
***
831 -
. . . قال أبو داود: حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا عبد الله بن وهب: أخبرني عمرو، وابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن وفاء بن شُريح الصدفي، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا ونحن نقترئ، فقال:"الحمد لله، كتابُ الله واحدٌ، وفيكم الأحمر، وفيكم الأبيض، وفيكم الأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوامٌ يُقيمونه كما يُقوَّم السهمُ، يتعجَّلُ أجرَه، ولا يتأجَّلُه".
• حديث حسن بطرقه وشواهده.
أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي في الشعب (2/ 2647/540).
وأخرجه من طريق أحمد بن صالح [لكن بإسقاط ابن لهيعة من السند، فلم يقرنه بعمرو بن الحارث]: الطبراني في الكبير (6/ 207/ 6024)[وشيخ الطبراني فيه: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم. انظر: اللسان (1/ 594)، وقد توبع على روايته هنا].
وأخرجه من طريق ابن وهب [لكن بإبهام ابن لهيعة، أو بإسقاطه من السند]:
ابن حبان في الصحيح (3/ 36/ 760) و (15/ 120/ 6725)، وفي الثقات (5/ 498).
وسياقه في الموضع الثاني من الصحيح، بإسناد صحيح إلى: ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن بكر بن سوادة، عن وفاء بن شريح، عن سهل بن سعد، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقترئ، فقال:"الحمد لله، كتاب الله واحد، وفيكم الأحمر والأبيض والأسود، اقرؤوه قبل أن يقرأه أقوام يُقوِّمونه كما يُقَوَّم السهم".
وأخرجه الروياني (1117)، قال: نا أحمد بن عبد الرحمن: نا عمي: نا عمرو بن الحارث وابن لهيعة به.
وشيخ الروياني: أحمد بن عبد الرحمن بن وهب: أكثر عن عمه عبد الله بن وهب، وهو صدوق تغير بآخره، كان مستقيم الأمر، ثم خلَّط بعدُ فحدث بما لا أصل له، حتى رمي بالكذب، وقد أنكروا عليه أحاديث تفرد بها عن عمه، ولا أصل لها، حتى اتهمه أبو
زرعة بالوضع، وهو هنا قد توبع على روايته [التهذيب (1/ 81)، إكمال التهذيب (1/ 75)، الميزان (1/ 113)، [وانظر: ما تقدم برقم (148 و 714 و 829)].
وأخرجه من طريق ابن لهيعة به:
أحمد (5/ 338)(10/ 5415/ 23329 - ط المكنز)[وفيه: عن وفاء الحميري]، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (69 و 206) [وفيه: عن وفاء الحضرمي].
• وقد اختلف في هذا الحديث على ابن لهيعة:
أ- فقد رواه عبد الله بن وهب، وحسن بن موسى الأشيب، وحجاج بن محمد المصيصي [وهم ثقات حفاظ]، عن ابن لهيعة به هكذا.
ب- ورواه أيضًا حسن بن موسى، وحجاج بن محمد، وقتيبة بن سعيد [ثقة حافظ]، ويحيى بن إسحاق السيلحيني [صدوق حافظ، وله أفراد]:
عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن أبي حمزة الخولاني [وفي رواية الأشيب: عن وفاء الخولاني، بدلًا من أبي حمزة]، عن أنس بن مالك، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا ونحن نقترئ، فقال:"إن فيكم خيرًا، منكم رسول الله، وتقرؤون كتاب الله، منكم الأبيض والأسود، والأعجمي والعربي، وسيأتي على الناس زمان يقرؤون القرآن يُثَقِّفونه كما يُثقَّف القِدْح، لا يجاوز تراقيهم، يتعجلون أجورهم، ولا يتأجلونه". لفظ قتيبة، وبنحوه لفظ موسى.
أخرجه أحمد (3/ 146 و 155)(5/ 2635 و 2658/ 12679 و 12776 - ط المكنز)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (69 و 206)، وابن منيع في مسنده (1/ 256/ 419 - إتحاف الخيرة)، والفريابي في فضائل القرآن (175)، وأبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (17).
ج- ورواه عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي [ثقة]، عن ابن لهيعة، عن بكر بن سوادة، عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يأتي قوم يقرؤون القرآن، يقوِّمونه كما يُقام السهم، ولا يجاوز تراقيهم، يتعجلون أجره، ولا يتأجلونه".
أخرجه الفريابي في فضائل القرآن (197)، ومن طريقه: الشجري في الأمالي (1/ 108).
والذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا اضطراب من ابن لهيعة نفسه، حيث لم يروه عبد الله بن وهب عنه بالوجهين، فإن سماع ابن وهب من ابن لهيعة سماع صحيح، وعليه فإن رواية ابن وهب عن ابن لهيعة أصح من رواية غيره، والوجه الذي رواه ابن وهب هو المحفوظ عن ابن لهيعة، وإن كان رواه غيره من الثقات على الوجهين، ومما يؤكد كون حديث أبي حمزة الخولاني عن أنس غير محفوظ، أن ابن لهيعة قد رواه مرة فقال فيه: عن وفاء الخولاني، فرجع بذلك الحديث إلى وفاء، لكنه نسبه خولانيًا، ونسبه غيره صدفيًا، فالحديث حديث وفاء، وليس من حديث أبي حمزة الخولاني، ووفاء وأبو حمزة اثنان،
وليسا واحدًا، فالأول صدفي، والآخر خولاني، وقد فرق بينهما: البخاري، وابن حبان [التاريخ الكبير (8/ 191)، الكنى (26)، الجرح والتعديل (9/ 361)، الثقات (5/ 497 و 578)، فتح الباب (2238)، الأنساب (2/ 419) و (3/ 528)، اللباب (1/ 472) و (2/ 236)]، ومما يؤكد أن هذا الاختلاف اختلاف اضطراب، وليس اختلاف تعدد، رواية عثمان بن سعيد عن ابن لهيعة بإسقاط الواسطة بين بكر بن سوادة وسهل بن سعد، وابن لهيعة: ضعيف الحفظ، لا يحتمل من مثله التعدد في الأسانيد.
• بناء على ذلك، فالعمدة على حديث عمرو بن الحارث، وهو ثقة حافظ، والإسناد إليه صحيح، وبكر بن سوادة: مصري ثقة.
• وأقول: هكذا رواه بكر بن سوادة، عن وفاء بن شُريح الصدفي، عن سهل بن سعد الساعدي، لكن قال البخاري في التاريخ الكبير (8/ 191) بعد أن علق الحديث عن وفاء:"ويروى عن زياد بن نعيم، عن وفاء بن شريح، عن رويفع"، ولا أظن البخاري أراد به الإعلال، وإنما أراد ذكر ما لوفاء بن شريح من الأسانيد والرواية، وعدم جزم البخاري بهذا الإسناد، وتعليقه بصيغة التمريض؛ للإشارة إلى عدم ثبوت هذا الإسناد لكونه يدور على ابن لهيعة، والذي يرويه عن بكر بن سوادة، عن زياد بن نعيم، عن وفاء بن شريح، عن رويفع بن ثابت، وإنني لم أقف على شيء بهذا الإسناد سوى حديث:"من صلى على محمد، وقال: اللَّهُمَّ أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة، وجبت له شفاعتي"[عند: أحمد (4/ 108)، وإسماعيل القاضي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (53)، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (827)، والبزار (6/ 299/ 2315)، وابن عبد الحكم في فتوح مصر (94)، والخلال في السُّنَّة (1/ 260/ 315)، وأبي القاسم البغوي في معجم الصحابة (2/ 381/ 751)، وابن قانع في المعجم (1/ 217)، والآجري في الشريعة (1106)، والطبراني في الكبير (5/ 25 و 26/ 4480 و 4481)، وفي الأوسط (3/ 321/ 3285)، وأبي نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1067/ 2702 و 2703)][مخرج في الذكر والدعاء تحت الحديث رقم (153) (1/ 293)]، فالذي يظهر لي أن البخاري لم يُعل هذا بهذا، وإنما أراد بيان أن لوفاء بن شريح هذا حديثين أحدهما عن سهل بن سعد، والآخر عن رويفع بن ثابت، وقد ذكروا له رواية أيضًا عن المستورد بن شداد، والله أعلم.
فما هو حال وفاء بن شريح الصدفي إذًا؛ أولًا: لم يثبت لوفاء سماع من سهل بن سعد، ثم إن وفاء بن شريح هذا: روى عنه بكر بن سوادة، وزياد بن ربيعة بن نعيم، وغيرهما من ثقات المصريين، وذكره ابن حبان في الثقات [انظر: الأسماء المفردة للبرديجي (315)، الثقات (5/ 497)، المؤتلف للدارقطني (4/ 2286)، الإكمال لابن ماكولا (7/ 304)، تاريخ الإسلام (6/ 219)]، ولم ينفرد بهذا الحديث عن سهل.
• فقد رواه سفيان الثوري، وإسحاق بن سليمان الرازي، وعبد الله بن المبارك، وعبيد الله بن موسى، وروح بن عبادة، وغيرهم من الثقات:
عن موسى بن عبيدة: حدثني عبد الله بن عبيدة: حدثني سهل بن سعد الأنصاري، قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقترئ، يقرئ بعضنا بعضًا، فقال:"الحمد لله، كتاب الله واحد، [وفيكم الأخبار]، وفيكم الأحمر والأسود، اقرؤوا، اقرؤوا، اقرؤوا، قبل أن يجئ أقوام يقيمونه كما يقام القِدْح [وفي رواية: يقيمون حروفه كما يقام السهم]، لا يجاوز تراقِيَهم، يتعجَّلون أجره، ولا يتأجَّلونه".
أخرجه ابن المبارك في الزهد (813)، وفي المسند (25)، ومحمد بن يوسف الفريابي في حديثه عن الثوري (32)(243 - حديث الثوري)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (68 و 206)، وابن أبي شيبة في المسند (98)(1/ 257/ 421 - إتحاف الخيرة)، وعبد بن حميد (466)، وإسحاق بن راهويه (13/ 591/ 3266 - المطالب العالية)(1/ 257/ 420 - إتحاف الخيرة)، وجعفر الفريابي في فضائل القرآن (176)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (157)، والطبراني في الكبير (6/ 206/ 6021 و 6022)، وابن عدي في الكامل (4/ 131)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (18 و 95)، والبيهقي في الشعب (2/ 539/ 2645 و 2646)، والبغوي في التفسير (4/ 408).
وهذا إسناد ضعيف؛ لأجل موسى بن عبيدة الربذي، وهو ضعيف، صالح في المتابعات، إلا فيما يرويه عن عبد الله بن دينار، فقد روى عنه مناكير [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 60/ 231)، مسائل أحمد لابنه صالح (1646)، جامع الترمذي (1167)، ضعفاء العقيلي (4/ 160)، الجرح والتعديل (8/ 151)، المجروحين (2/ 234)، الكامل (6/ 333)، علل الدارقطني (11/ 339/ 2323)، التهذيب (4/ 181)، وغيرها كثير].
وأخوه عبد الله بن عبيدة: صدوق، روى له البخاري متابعة [صحيح البخاري (4378 و 7033)]، ومن ضعفه فلأجل رواية أخيه موسى عنه، قال يعقوب بن شيبة:"قد أدرك غير واحد من الصحابة"، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، ولم يذكر له البخاري سماعًا من أحد من الصحابة، وقال أبو حاتم:"روى عن عقبة بن عامر وسهل بن سعد، لا أدري سمع منهما، أم لا؟ "، وقال أيضًا:"يروي عن سهل بن سعد، فلا أدري أدركه، أم لا؟ "، وقال ابن خلفون:"لم يسمع من سهل بن سعد"[التهذيب (2/ 380)، التاريخ الكبير (5/ 143)، الجرح والتعديل (5/ 101)، علل الحديث (1696)، الثقات (5/ 45)، المجروحين (2/ 4)، غنية الملتمس (289)، التعديل والتجريح (2/ 841)، تاريخ دمشق (29/ 361)]، وأما تصريحه بالسماع في هذا السند فلا عبرة به، لمجيئه من طريق أخيه موسى، وهو ضعيف.
• والحاصل: فإن هذا الإسناد على ضعفه يصلح في المتابعات، ويشهد لحديث وفاء بن شريح عن سهل بن سعد، وبه يصير الحديث حسنًا؛ لأجل هذه المتابعة، وكذلك بما له من شواهد تقويه، وتشهد بصحته، مثل: حديث حذيفة بن اليمان وعبد الرحمن بن شبل ومرسل ابن المنكدر، والله أعلم.
• وللحديث شواهد، منها:
1 -
حديث حذيفة بن اليمان:
رواه أبو معاوية، وحفص بن غياث:
عن الأعمش، عن أبي عمار [وفي رواية حفص: سمعت أبا عمار]، عن حذيفة، قال: ليقرأنَّ القرآن أقوامٌ [وفي رواية: ليأتينَّ قومٌ في آخر الزمان يقرؤون القرآن] يقيمونه كما يُقام القِدْح، ولا يدعون منه ألفًا [ولا واوًا]، ولا يجاوز إيمانهم حناجرَهم.
أخرجه سعيد بن منصور (1/ 249/ 60)، والخلال في السُّنَّة (4/ 128/ 1331)، والبيهقي في الشعب (2/ 540/ 26482)، والخطيب في التاريخ (8/ 198).
وقد ترجم البخاري لأبي عمار مرتين، قال في أحدهما:"عبد الله بن حميد أبو عمار الدهني الكوفي: سمع حذيفة رضي الله عنه، روى عنه الأعمش"[التاريخ الكبير (5/ 71)].
وقال في الأخرى: "عريب بن حميد أبو عمار الهمداني، قاله علي"[التاريخ الكبير (7/ 79)].
وتبعه على التفريق بينهما: مسلم وابن أبي حاتم وابن حبان [الكنى لمسلم (2388 و 2390)، الجرح والتعديل (5/ 37) و (7/ 32)، الثقات (5/ 62 و 283)].
قال ابن أبي حاتم عن الأول: "عبد الله بن حميد أبو عمار الهمداني الكوفي: سمع حذيفة، روى عنه الأعمش، سمعت أبي يقول ذلك"[الجرح والتعديل (5/ 37)].
وقال عن الثاني: "عريب بن حميد أبو عمار الهمداني الدهني: كوفي، روى عن علي وقيس بن سعد بن عبادة، روى عنه أبو إسحاق الهمداني"، ثم نقل توثيق أحمد وابن معين له [الجرح والتعديل (7/ 32)].
لكن الذي يظهر لي أنهما واحد، فقد قال ابن معين:"أبو إسحاق عن عريب بن حميد، وهو أبو عمار الذي روى عنه الأعمش"، وقال مرة أخرى:"اسم أبي عمار [الهمداني] الذي روى عنه الأعمش: عريب بن حميد"[تاريخ ابن معين للدوري (3/ 341/ 1647) و (3/ 382/ 1855) و (3/ 399/ 1938)، معرفة الرجال لابن محرز (2/ 92/ 236)].
وقال أحمد: "اسم أبي عمار: عريب بن حميد، روى عنه الأعمش خمسة أحاديث"[مسائل ابن هانئ (2329)][وانظر: العلل ومعرفة الرجال (531)، الجرح والتعديل (7/ 32)].
وجمع بينهما المزي في التهذيب (20/ 46)، وكذا الذهبي وابن حجر وغيرهم، وعريب: ثقة [انظر: تاريخ الإسلام (6/ 153)، إكمال مغلطاي (9/ 234)، تهذيب التهذيب (3/ 97)، مغاني الأخيار (3/ 364)].
وبناء على ذلك: فالإسناد صحيح متصل، رجاله ثقات، سمع بعضهم من بعض، وهو موقوف على حذيفة، ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي؛ لإخباره بحكم غيبي، فله حكم الرفع، والله أعلم.
• وقد روي معناه مرفوعًا من وجه آخر لا يصح:
يرويه بقية بن الوليد، قال: حدثني حصين بن مالك الفزاري، قال: سمعت شيخًا يكنى أبا محمد -وكان قديمًا-، يحدث عن حذيفة بن اليمان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:"اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابين، فإنه سيجئ من بعدي قوم يرجِّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم، وقلوب من يعجبهم شأنهم".
أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (165)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 277)، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول (6/ 81/ 1340)، وابن وضاح في البدع (254)، وابن نصر المروزي في قيام الليل (135 - مختصره)، وأبو العباس الأصم في الثاني والثالث من حديثه (173)، والطبراني في الأوسط (7/ 183 / 7223)، وابن عدي في الكامل (2/ 78)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (42)، وأبو عمرو الداني في الأحرف السبعة (44 و 45)، والبيهقي في الشعب (2/ 540/ 2649 و 2650)، والجوزقاني في الأباطيل والمناكير (2/ 376/ 723)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 118/ 160).
قال بقية: "ليس له إلا حديث واحد وهو من أهل أفريقية".
وقال الطبراني: "لا يروى هذا الحديث عن حذيفة إلا بهذا الإسناد، تفرد به بقية".
وقال الجوزقاني: "هذا حديث باطل، وأبو محمد: شيخ مجهول، وحصين بن مالك أيضًا: مجهول، وبقية بن الوليد: ضعيف".
وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح، وأبو محمد: مجهول، وبقية يروي عن الضعفاء ويدلسهم".
قلت: قد صرح بقية بالتصريح في طبقات السند، وهو صدوق في نفسه، لكن الشأن في شيخه، وشيخ شيخه، فإن بقية مشهور بالرواية عن المجاهيل الذين لا يُعرفون إلا من طريقه، وحصين بن مالك الفزاري هذا هو أحد شيوخ بقية المجهولين، إضافة إلى أبي محمد الذي لم يعرفه نفس الراوي عنه على جهالته، فهو إسناد موغل في الجهالة، فحق أن يكون هذا الحديث من مناكير بقية بن الوليد.
قال الذهبي في الميزان في ترجمة حصين بن مالك (1/ 553): "تفرد عنه بقية، ليس بمعتمد، والخبر منكر".
وقال في المغني (1/ 178): "تفرد عنه بقية بن الوليد بهذا، لا يعتمد عليه".
2 -
حديث عبد الرحمن بن شبل:
يرويه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي [ثقة ثبت، وهو أثبت من روى عن يحيى بن أبي كثير]، وأيوب السختياني [ثقة ثبت إمام، وعنه: وهيب بن خالد، وهو: ثقة ثبت]:
قال هشام: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد الحبراني، قال: قال
عبد الرحمن بن شبل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به".
وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن التجار هم الفجار"، قال: قيل: يا رسول الله! أوليس قد أحل الله البيع؟ قال: "بلى، ولكنهم يحدِّثون فيكذبون، ويحلفون ويأثمون".
قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الفساق هم أهل النار"، قيل: يا رسول الله! ومن الفساق؟ قال: "النساء"، قال رجل: يا رسول الله! أوليس أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا؟ قال: "بلى، ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن، وإذا ابتلين لم يصبرن".
وفي رواية معاذ بن هشام، وابن أبي عدي [وهما ثقتان]، عن هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو راشد الحبراني؛ أنه سمع عبد الرحمن بن شبل [عند ابن جرير والحاكم والبيهقي].
أخرجه مطولًا ومختصرًا: أحمد (3/ 428)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (205)، وابن أبي شيبة (2/ 168/ 7742)، وابن منيع في مسنده (4/ 205/ 3700 - إتحاف الخيرة)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (97 و 98 - مسند علي)، والطحاوي في مشكل الآثار (5/ 325)، والخرائطي في مساوئ الأخلاق (122)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (181)، والطبراني في الأوسط (3/ 86/ 2574)، والحاكم (2/ 6 - 7) و (4/ 604)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (4 و 5)، والبيهقي في الشعب (4/ 218/ 4846)، وفي الآداب (1100)، وذكره ابن أبي حاتم في العلل (2/ 62/ 1674).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد ذكر هشام بن أبي عبد الله سماع يحيى بن أبي كثير من أبي راشد، وهشام: ثقة مأمون، وأدخل أبان بن يزيد العطار بينهما زيد بن سلام".
وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".
وقال البيهقي في الشعب: "خالفهما [يعني: أبانَ بن يزيد وعليَّ بن المبارك،: هشامٌ الدستوائي، فرواه عن يحيى عن أبي راشد، وذكر فيه سماعه من أبي راشد".
وقال في الآداب: "خالفه علي بن المبارك، وأبان العطار، فروياه عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد، وقد ذكر هشام الدستوائي فيه سماع يحيى من أبي راشد، وهشام أحفظ، والله أعلم".
• خالفهما: أبان بن يزيد العطار [ثقة، من أصحاب يحيى]، وهمام بن يحيى [ثقة، من أصحاب يحيى]، وعلي بن المبارك [ثقة، من أصحاب يحيى]، وموسى بن خلف [ليس به بأس]:
فرووه عن يحيى بن أبي كثير، عن [وفي رواية: حدثني] زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
…
فذكره.
رواه أبان بالطرف الأول والثاني، فرقهما حديثين، وهمام بالطرف الأول، وعلي بالطرف الأول والثاني والثالث، وبالطرف الرابع الآتي في حديث معمر، فرقها أحاديث.
وفي رواية أبان عند أحمد والطحاوي: عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري؛ أن معاوية قال له: إذا أتيت فسطاطي فقم فأخبر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
…
فذكره.
أخرجه البخاري في الأدب المفرد (992)، وأحمد (3/ 444)(6/ 3342 و 3343/ 15908 - 15911 - ط المكنز)، وابن أبي شيبة في مسنده (4/ 206/ 3701 - إتحاف الخيرة) و (8/ 8038/263 - إتحاف الخيرة)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 356/ 1251 - السفر الثاني)، وأبو يعلى في المسند (3/ 88/ 1513)، وفي المفاريد (30)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (100 - مسند علي)، والطحاوي في شرح المعاني (3/ 18)، وفي مشكل الآثار (5/ 326) و (11/ 109 - 110/ 4332)، وابن قانع في المعجم (2/ 175)، والطبراني في الكبير (19/ 314/ 711)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (211)، والحاكم (2/ 7) [وسقط من إسناده: عن أبي سلام، وهمًا من أحد الرواة]، والبيهقي في الشعب (2/ 532/ 2624) و (4/ 218/ 4844 و 4845) و (6/ 8867/452) و (7/ 150/ 9803)، وفي السنن (2/ 17) و (5/ 266).
قال ابن أبي حاتم في العلل (2/ 62/ 1674): "سألت أبي عن حديث رواه وهيب، عن أيوب، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤوا القرآن
…
"؟
قال أبي: رواه بعضهم فقال: عن يحيى، عن زيد بن سلام، عن أبي سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كلاهما صحيح؛ غير أن أيوب ترك من الإسناد رجلين".
• قلت: هذان الإسنادان هما المحفوظان عن يحيى بن أبي كثير، وما عدا ذلك مما يأتي ذكره أوهام.
والأقرب عندي -والله أعلم- أن كلا الإسنادين صحيح ثابت عن يحيى، كما صرح بذلك أبو حاتم الرازي، خلافًا لما ذهب إليه البيهقي من ترجيح طريق هشام الدستوائي على غيره، لكونه أثبت من روى الحديث عن يحيى، وذلك لأن الذين خالفوا هشامًا جماعة من ثقات أصحاب يحيى، ثم إنهم زادوا في الإسناد رجلين، وثبت فيه سماع يحيى من زيد بن سلام، وفي المقابل فقد أثبت هشام سماعه من أبي راشد، وهو محتمل؛ فإن يحيى بن أبي كثير تابعي صغير، رأى أنسًا، ولم يسمع منه، وروايته عن الصحابة مرسلة [انظر: تحفة التحصيل (346)]، وعلى هذا: فيحتمل أن يكون يحيى بن أبي كثير سمعه أولًا من زيد بن سلام، ثم لقي بعدُ أبا راشد فسمعه منه، والله أعلم.
• ورواه معمر بن راشد [ثبت في الزهري وابن طاووس، وقد يهم في حديث
غيرهما]، عن يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن جده، قال: كتب معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل أن: علم الناس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعهم فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تعلموا القرآن، فإذا تعلمتموه فلا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به".
ثم قال: "إن التجار هم الفجار"، قالوا: يا رسول الله! أليس قد أحل الله البيع وحرم الربا؟ قال: "بلى، ولكنهم يحلفون ويأثمون".
ثم قال: "إن الفساق هم أهل النار"، قالوا: يا رسول الله! ومن الفساق؟ قال: "النساء"، قالوا: يا رسول الله! ألسن أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا؟ قال: "بلى، ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن، وإذا ابتلين لم يصبرن".
قال: ثم قال: "يسلِّم الراكب على الراجل، والراجل على الجالس، والأقل على الأكثر، فمن أجاب السلام كان له، ومن لم يجب فلا شيء له".
أخرجه معمر في الجامع (10/ 387/ 19444 - المصنف)، ومن طريقه: أحمد (3/ 444)، وعبد بن حميد (314)، وأبو بكر الكلاباذي في بحر الفوائد (1/ 500)، والحاكم (2/ 190 - 191)، والبيهقي في السنن (2/ 17)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 425).
قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه".
وصحح إسناده ابن حجر في الفتح (11/ 15).
• هكذا رواه عبد الرزاق [ثقة، ثبت في معمر]، وابن المبارك [ثقة ثبت، إمام حجة، وهو أثبت الناس في معمر]، كلاهما عن معمر به هكذا.
[وانظر فيمن وهم فيه على ابن المبارك، فجعله من مسند عبد الله بن شبل: معجم الصحابة لابن قانع (2/ 133)].
• ورواه عبد الأعلى بن عبد الأعلى [ثقة، من أصحاب معمر] عن معمر به، لكن أسقط منه ذكر أبي سلام.
أخرجه أبو يعلى (7/ 387/ 7105 - إتحاف الخيرة)، وابن جرير الطبري في تهذيب الآثار (99 - مسند علي).
قلت: هذا الاختلاف على معمر، أظنه من معمر نفسه، وهو من دلائل عدم حفظه لإسناد هذا الحديث عن يحيى، حيث اختلف عليه فيه، ثم هو قد خالف فيه جماعة من ثقات أصحاب يحيى بن أبي كثير، فأسقط من إسناده أبا راشد الحبراني، ومعمر بن راشد: ثبت في الزهري وابن طاووس خاصة، وحديثه عنهما مستقيم، وأما حديثه عن غيرهما فيقع فيه الوهم الشيء بعد الشيء، وهذا منه، واللّه أعلم [انظر: شرح العلل (2/ 774 و 804)].
• وممن خالف جماعة الثقات من أصحاب يحيى بن أبي كثير، فوهم عليه فيه، وسلك الجادة والطريق السهل:
أ- حماد بن يحيى الأبح [لا بأس به، يهم في الشيء بعد الشيء]، عن يحيى بن أبي
كثير، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
…
فذكره.
أخرجه البزار (3/ 253/ 1044)، والدارقطني في العلل (4/ 273/ 557)، وفي الأفراد (1/ 136/ 550 - أطرافه)، وأبو طاهر المخلص في التاسع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (131)(2018 - المخلصيات).
قال البزار: "وهذا الحديث خطأ، إنما خطؤه من حماد بن يحيى؛ لأنه لين الحديث، والحديث الصحيح: إنما رواه يحيى بن أبي كثير، عن زيد بن سلام، عن أبي راشد الحبراني، عن عبد الرحمن بن شبل".
كذا قال البزار، والحديث محفوظ عن يحيى بن أبي كثير على الوجهين الأوَّلين، وكذلك أعله الدارقطني برواية معمر، ووهَّم فيه الأبح، وقد سبق بيان المحفوظ، والله أعلم.
وقال الدارقطني في الأفراد: "تفرد به: حماد بن يحيى الأبح عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبيه، وأول الحديث تفرد به: يحيى عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن عبد الرحمن بن شبل عن النبي صلى الله عليه وسلم،
…
".
ب - الضحاك بن نبراس [ضعيف]، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"اقرؤوا القرآن، لا تأكلوا به، ولا تستكثروا به، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، تعلموا القرآن؛ فإنه شافع لصاحبه يوم القيامة، تعلموا الزهراوين: سورة البقرة وآل عمران، فإنهما يجيئان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو غيايتان، أو كفرقين من طير صواف، يشفعان لصاحبهما يوم القيامة، تعلموا البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة".
أخرجه الطبراني في الأوسط (8/ 344/ 8823)، وابن عدي في الكامل (4/ 97)، والدارقطني في العلل (9/ 279/ 1760).
من طرقٍ عن أسد بن موسى، عن الضحاك به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة إلا الضحاك، تفرد به أسد بن موسى، ورواه هشام وأبان وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلمة عن أبي أمامة، وعن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل".
وقال الدارقطني: "رواه الضحاك بن نبراس البصري -وهو: ضعيف-، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، ووهم فيه.
والصحيح: عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي راشد، عن عبد الرحمن بن شبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم. قيل: صحابي؟ قال: بلى".
قلت: هذان حديثان ليحيى بن أبي كثير، الأول: يرويه عن أبي راشد الحبراني عن عبد الرحمن بن شبل، وعن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي راشد عن عبد الرحمن بن
شبل، والثاني: يرويه عن زيد بن سلام عن أبي سلام عن أبي أمامة، أو: عن أبي سلام عن أبي أمامة [وهو مخرج في الذكر والدعاء برقم (9)، وأصله في مسلم (804)]، هكذا دخل للضحاك حديث في حديث، فجمع متن الحديثين على إسناد واحد، ولم يرو يحيى بن أبي كثير أيًا من الحديثين بهذا الإسناد، وإنما سلك فيه الضحاك الجادة والطريق السهل.
• قلت: والحاصل: فإن حديث عبد الرحمن بن شبل ضعفه ابن حزم في المحلى (8/ 196) بقوله: "وأما حديث عبد الرحمن بن شبل: ففيه أبو راشد الحبراني، وهو مجهول"، وكذا قال في موضع آخر (9/ 499).
وقال ابن حجر في الفتح (9/ 101) بعد أن عزاه لأحمد وأبي يعلى: "وسنده قوي".
قلت: رواه يحيى بن أبي كثير بإسنادين كلاهما صحيح، وأبو راشد الحبراني: ثقة، من كبار التابعين بالشام، سمع عبد الرحمن بن شبل، وذكره أبو زرعة الدمشقي في الطبقة العليا التي تلي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره يعقوب بن سفيان في الطبقة العليا من تابعي أهل الشام، وذكره ابن سميع في الطبقة الثانية، وقال العجلي:"شامي تابعي ثقة، لم يكن بدمشق في زمانه أفضل منه"، وذكره ابن حبان في الثقات [المعرفة والتاريخ (2/ 318)، تاريخ دمشق (66/ 225)، التهذيب (4/ 520)، التقريب (702)، وقال: "ثقة، من الثانية"]، ولم ينفرد به يحيى بن أبي كثير:
• فقد رواه عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم [ثقة حافظ متقن]: نا محمد بن شعيب بن شابور [صدوق، صحيح الكتاب]: أخبرني معاوية بن سلام [ثقة]، عن أخيه زيد؛ أنه أخبره عن جده أبي سلام، عن أبي راشد؛ أنه أخبره قال: كنا مع معاوية رضي الله عنه في منزل يقال له مسكن، فلما أذن المؤذن بالأذان الأول أرسل معاوية إلى عبد الرحمن بن شبل رضي الله عنهما، فقال: أما إنك من قدماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم، فإذا صليت ودخلت فسطاطي فقم في الناس وحدثهم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عبد الرحمن رضي الله عنه فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرؤوا القرآن، واعملوا به، ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه، ولا تأكلوا به، ولا تستكبروا".
أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (4/ 2116/135).
وهذا إسناد شامي جيد، وهو حديث صحيح، والله أعلم.
• وفي الباب مما ليس فيه موضع الشاهد الذي ترجم له أبو داود:
1 -
عن عمران بن حصين [عند: الترمذي (2917)، وأحمد (4/ 432 - 433 و 436 - 437 و 439 و 445)، وسعيد بن منصور (1/ 187/ 45)، وابن أبي شيبة (6/ 124/ 30002)، والعقيلي (2/ 29)، والطبراني في الكبير (18/ 66 و 167/ 370 - 374)، والآجري في أخلاق حملة القرآن (165 و 166)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (6 و 7)، وأبي الفضل الرازي في فضائل القرآن (78)، والبيهقي في الشعب (2/ 533 و 534/ 2627 - 2629)، والبغوي في شرح السُّنَّة (4/ 440/ 1183)، وفي التفسير (1/ 34)، [قال
الترمذي: "هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك"، وهو كما قال، وقال العقيلي بعد أن أورده في ترجمة خيثمة بن أبي خيثمة:"لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به"، وقد خرجته في تخريج أحاديث الذكر والدعاء برقم (20)].
2 -
عن أبي سعيد الخدري [عند: أبي عبيد في فضائل القرآن (205)، ونعيم بن حماد في زياداته على الزهد لابن المبارك (63)، وابن نصر في قيام الليل (179 - مختصره)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (10)، والبيهقي في الشعب (2/ 534/ 2630)، [وفي إسناده ابن لهيعة، وهو ضعيف، واختلف عليه في رفعه ووقفه، ووقفه أصح].
3 -
عن بريدة بن الحصيب [عند: ابن الأعرابي في المعجم (2/ 420/ 821)، وابن حبان في المجروحين (1/ 148)، والبيهقي في الشعب (2/ 532/ 2625)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 117/ 159)][وهو حديث باطل، تفرد به أحمد بن مِيثَم عن علي بن قادم، قال ابن حبان عن ابن ميثم بأنه يروي عن علي بن قادم المناكير الكثيرة، وقال بأن هذا الحديث لا أصل له من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. انظر: اللسان (1/ 682)، [وانظر: فضائل القرآن لأبي عبيد (208)، المصنف لابن أبي شيبة (2/ 168/ 7741)، أخلاق أهل القرآن (58)، الحلية لأبي نعيم (4/ 199)، فضائل القرآن لجعفر المستغفري (11)].
4 -
عن ابن عباس [عند: أبي نعيم في الحلية (4/ 20)][قال أبو نعيم: "غريب من حديث طاووس، لم يروه عنه إلا أبو عبد الله الشامي، وهو مجهول، وفي حديثه نكارة"، قلت: وهو كما قال].
***
832 -
. . . سفيان الثوري، عن أبي خالد الدالاني، عن إبراهيم السَّكْسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذَ من القرآن شيئًا، فعلِّمني ما يجزئني منه، قال:"قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
قال: يا رسول الله، هذا لله عز وجل، فما لي؟ قال:"قل: اللَّهُمَّ ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني"، فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمَّا هذا فقد ملأ يديه من الخير".
• حديث حسن.
أخرجه النسائي في الرابع من الإغراب (233)، وأحمد (4/ 353)، وعبد الرزاق (2/ 121 - 122/ 2747)، وعبد بن حميد (524)، والبزار (8/ 280/ 3347)، وحمزة الكناني في جزء البطاقة (6)، والطبراني في الدعاء (1711)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (495)، وابن المقرئ في المعجم (185)، والدارقطني (1/ 314)، والبيهقي في
السنن (2/ 381)، وفي القراءة خلف الإمام (185)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 89 / 610)، والضياء في المختارة (13/ 102/ 169).
• رواه عن سفيان الثوري: وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ويعلى بن عبيد الطنافسي، والحسين بن حفص الأصبهاني، وعبد الرزاق، وهذا لفظ وكيع.
وفي رواية أحمد عن وكيع: قال: "قل: اللَّهُمَّ اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني"، ثم ادبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أمَّا هذا فقد ملأ يديه من الخير".
وزاد الباقون أيضًا المغفرة، وهو المحفوظ في الحديث.
وشذ يعلى بن عبيد بذكر البسملة في الذكر الأول بدل "سبحان الله".
وأبو خالد الدالاني، يزيد بن عبد الرحمن: كوفي، لا بأس به.
• ورواه أبو داود الطيالسي، ويزيد بن هارون، وأبو النضر هاشم بن القاسم، وعاصم بن علي [وهم ثقات، لكنهم ممن روى عن المسعودي بعد الاختلاط. الكواكب النيرات (35)، شرح علل الترمذي (2/ 747)]، وعمرو بن مرزوق [بصري ثقة، وهو مِن طبقة مَن سمع مِن المسعودي بعد الاختلاط]، وأبو أحمد الزبيري:
عن المسعودي، عن إبراهيم السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى؛ أن رجلًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إني لا أحسن القرآن، فهل شيء يجزئ من القرآن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، [وفي رواية يزيد: فقالها الرجل، وقبض كفه، وعدَّ خمسًا مع إبهامه]، ثم أدبر الرجل، ثم رجع فقال: يا رسول الله! هذا لله، فماذا لي؟ قال:"قل: اللهُمَّ اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني"، فعدَّهنَّ الرجل في يده عشرًا، [وفي رواية يزيد: فقالها وقبض على كفِّه الأخرى، وعدَّ خمسًا مع إبهامه، فانطلق الرجل وقد قبض كفَّيه جميعًا]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما هذا فقد ملأ يديه خيرًا".
أخرجه أحمد (4/ 382)، والطيالسي (2/ 157/ 851)، والبزار (8/ 280/ 3346)، والطبراني في الدعاء (1713)، والبيهقي في السنن (2/ 381)، وفي المعرفة (2/ 207/ 1186)، وفي الدعوات الكبير (103)، وفي القراءة خلف الإمام (184)، والشجري في الأمالي الخميسية (1/ 320)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (31/ 31).
وهذا الحديث من صحيح حديث عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي لأمرين:
الأول: أن أبا أحمد الزبيري محمد بن عبد الله بن الزبير الأسدي: ثقة ثبت، من أهل الكوفة، ومن طبقة وكيع وأبي نعيم ممن سمع من المسعودي قبل الاختلاط، وقد ذكر الإمام أحمد أن من سمع منه بالكوفة فقبل الاختلاط [انظر: التهذيب (2/ 523)، شرح العلل (2/ 747)، التقييد والإيضاح (430)، الكواكب النيرات (35)، تاريخ بغداد (10/ 218)، وغيرها].
الثاني: أن المسعودي قد توبع على هذه الرواية، مما يدل على استقامتها، حيث لم
يهِم فيها لا في المتن ولا في الإسناد، وفي ذلك دليل على أنها من صحيح حديثه، والله أعلم.
• ورواه مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، عن إبراهيم السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى، قال: أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن [وفي رواية: فشكا نسيان القرآن]، وسأله شيئًا يجزئ من القرآن، فقال له:"قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، قال: فذهب -أو: قام، أو نحو ذا-، قال: هذا لله عز وجل، فما لي؟ قال:"قل: اللَّهُمَّ اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدني، وارزقني" أو: "ارزقني واهدني وعافني".
قال مسعر: "سمعت هذا الحديث من إبراهيم السكسكي، عن ابن أبي أوفى، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وثبتني فيه غيره"، وقال مرة:"كنت عند إبراهيم وهو يحدث بهذا الحديث، فاستثبته من غيره"، ثم صرح بمن ثبته فيه في رواية أخرى، فقال:"استفهمت بعضه من أبي خالد".
أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 143/ 924)، وفي الكبرى (1/ 998/477)، وابن خزيمة (1/ 273/ 544) [انظر: الإتحاف (6/ 503/ 6889)]، وابن حبان (5/ 116/ 1809)، وابن الجارود (189)، والحاكم (1/ 241)، والضياء في المختارة (13/ 101 و 102/ 166 - 168)، وأحمد (4/ 356) واللفظ له، وأبو يوسف في الآثار (51)، وابن أبي شيبة (6/ 54/ 29419) و (7/ 168/ 35036)، والبزار (8/ 280/ 3345)، وابن قانع في المعجم (2/ 85)، والطبراني في الدعاء (1712)، والدارقطني (1/ 313)، وابن منده في التوحيد (2/ 126/ 271)، وابن بشران في الأمالي (935)، وابن بشران في الأمالي (935)، وأبو نعيم في الحلية (7/ 227)، وفي مسند أبي حنيفة (234)، والبيهقي في السنن (2/ 381)، وفي الشعب (1/ 431/ 618)[وفي إسناده خطأ]، وأبو القاسم الحنائي في فوائده (155).
رواه عن مسعر جماعة من الثقات، منهم: أبو نعيم، وأبو أحمد الزبيري، والفضل بن موسى، وعبيد الله بن موسى، وأبو أسامة حماد بن أسامة، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير، ومحمد بن عبد الوهاب السكري، وعمر بن علي، وجعفر بن عون، وخلاد بن يحيى، وسفيان بن عيينة.
• تنبيه: قال ابن عيينة [من رواية ابن المقرئ عنه] بعد أن روى الذكر الأول بدون الحوقلة: "زاد يزيد أبو خالد الواسطي: قال الرجل: هذا لربي، فما لي؟ قال: "قل: اللَّهُمَّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني"، قال الرجل: أربع لربي وأربع لي"[ابن الجارود].
قلت: وهي رواية شاذة من حديث مسعر؛ فإن المحفوظ أنها عشر، خمس لله، وخمس للعبد.
• ورواه مختصرًا أيضًا، وجمع في إسناده بين مسعر وأبي خالد:
سفيان بن عيينة، قال: ثنا يزيد أبو خالد الدالاني، ومسعر بن كدام، عن إبراهيم السكسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى؛ أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: علمني يا رسول الله شيئًا أقوله، يجزئني من القرآن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"، قال سفيان: لا أعلم إلا أنه قال: "ولا حول ولا قوة إلا بالله".
أخرجه الحميدي (717)(734 - ط حسين أسد)، ومن طريقه: ابن المنذر في الأوسط (4/ 159/ 1948)، زاد في آخره:"ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، قال الحميدي: وكان سفيان يحدث بهذا الحديث أبدًا على هذا، ثم حدثنا مرة فزاد فيه: قال: فضم الرجل عليها يده، وقال: هذا لربي، فماذا لي يا رسول الله؟ قال:"اللَّهُمَّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، وعافني"، قال: فضم عليها الأخرى، ثم قال: هذه خمس لربي وخمس لي.
• وممن رواه أيضًا عن ابن عيينة فجمع فيه بين مسعر وأبي خالد بهذا اللفظ مختصرًا، مع التردد في الجملة الأخيرة:
إبراهيم بن بشار الرمادي.
أخرجه ابن حبان (5/ 114 - 115/ 1808)، وابن عدي في الكامل (1/ 210).
• روى هذا الحديث عن ابن عيينة: الحميدي، وابن المقرئ محمد بن عبد الله بن يزيد، وسعيد بن عبد الرحمن المخزومي، وإبراهيم بن بشار الرمادي [وهم من ثقات أصحاب ابن عيينة، وأثبتهم فيه الحميدي].
وخالفهم: عبد الله بن بزيع، فرواه عن سفيان بن عيينة، عن منصور بن المعتمر، عن إبراهيم، عن عبد الله بن أبي أوفى الأسلمي، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
…
فذكره.
أخرجه الطبراني في الأوسط (3/ 237/ 3025).
قال الطبراني: "لم يروه عن سفيان بن عيينة عن منصور إلا عبد الله بن بزيع، وإبراهيم هذا هو: إبراهيم السكسكي، ولا يروى من حديث منصور إلا من هذا الوجه".
قلت: هو منكر بهذا الإسناد؛ والمعروف رواية الجماعة من ثقات أصحاب ابن عيينة، وعبد الله بن بزيع الإنصاري: قال ابن عدي: "أحاديثه عن من يروي عنه ليست بمحفوظة، أو عامتها،
…
، وليس هو عندي ممن يحتج به"، وقال الدارقطني: "لين، ليس بمتروك"، وقال أيضًا: "ليس بقوي"، وقال الساجي: "ليس بحجة، روى عنه يحيى بن غيلان مناكير" [الكامل (4/ 253)، سنن الدارقطني (1/ 399) و (2/ 108)، تخريج الأحاديث الضعاف (322)، من تكلم فيه الدارقطني في كتاب السنن (225)، اللسان (4/ 441)].
وهذا الحديث يرويه عنه: يحيى بن غيلان بن عوام الراسبي التستري: روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في الثقات (9/ 267)، وقال:"مستقيم الحديث"، قلت: إلا عن عبد الله بن بزيع، فقد روى عنه مناكير؛ قاله الساجي [اللسان (4/ 442)، التهذيب (4/ 381)].
وانظر وهمًا آخر على ابن عيينة: أطراف الغرائب والأفراد (2/ 63/ 4047)، ويأتي ذكره قريبًا.
• ورواه حجاج بن أرطأة [ليس بالقوي، يدلس عن الضعفاء والمتروكين]، عن إبراهيم السكسكي، عن ابن أبي أوفى، قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
…
فذكره بنحو رواية الدالاني والمسعودي.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 100/ 29797).
• هكذا روى هذا الحديث: يزيد بن عبد الرحمن أبو خالد الدالاني، وعبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي، ومسعر بن كدام، وحجاج بن أرطأة: عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي، عن ابن أبي أوفى.
• قال النسائي في الكبرى: "إبراهيم السكسكي: ليس بذاك القوي".
وقال البزار: "وهذا الحديث لا نعلمه يُروى إلا عن ابن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإبراهيم السكسكي هو إبراهيم بن عبد الرحمن، ويزيد أبو خالد هو يزيد الدالاني".
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه".
قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 576): "وتابع الشيخُ تقيُّ الدين القشيري الحاكمَ في كونه على شرط البخاري، فذكره في آخر اقتراحه في القسم الخامس، في ذكر أحاديث رواها قوم خرَّج عنهم البخاري في الصحيح ولم يخرج عنهم مسلم أو خرج عنهم مع الاقتران بالغير"[الاقتراح (101) الحديث الخامس].
وقال أبو القاسم الحنائي: "هذا حديث مشهور من حديث أبي سلمة مسعر بن كدام بن ظهير الهلالي الكوفي، عن أبي إسماعيل إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي نزيل الكوفة، عن أبي إبراهيم ويقال: أبو معاوية عبد الله بن أبي أوفى، ويقال: هو آخر من مات بالكوفة من الصحابة.
وقد أخرج البخاري في الصحيح عن هشيم عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى حديثًا في تفسير قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} [آل عمران: 77]، فهذا يلزمه إخراجه على شرطه؛ لأن مسعر بن كدام أحد الأئمة، وقد خرَّج حديثه في الصحيح، ولا يُعرف له علةٌ تمنع من إخراجه، والله أعلم".
وقال ابن عدي بعد أن أورد لإبراهيم السكسكي هذا الحديث، والحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في سبب النزول، قال:"ومدار هذين الحديثين على إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى، رواه عنه غير من ذكرته جماعة، ولم أجد له حديثًا منكر المتن، وهو إلى الصدق أقرب منه إلى غيره، ويكتب حديثه؛ كما قال النسائي".
قلت: إبراهيم بن عبد الرحمن أبو إسماعيل السكسكي: سمع عبد الله بن أبي أوفى [التاريخ الكبير (1/ 295)]، لينه شعبة والنسائي، وضعفه أحمد والدارقطني في رواية الحاكم عنه، وفي رواية أخرى قال:"تابعي صالح"، وذكره جماعة في جملة الضعفاء،
وقد قواه ابن عدي، وذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات [التهذيب (1/ 74)، إكمال مغلطاي (1/ 238)][وانظر أيضًا: هدي الساري (388)].
قال أبو زرعة العراقي في البيان والتوضيح لمن أُخرج له في الصحيح وقد مُس بضرب من التجريح (32): "أما قول أحمد فغير مفسَّر، وأما ما حكاه يحيى بن سعيد [يعني: عن شعبة] فقد فُسِّر بما ليس بقادح"؛ يعني: لقول شعبة فيه: "لا يُحسن يتكلم".
وإبراهيم السكسكي قد أخرج له البخاري عن ابن أبي أوفي في سبب نزول {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (2088 و 2675 و 4551)]، وأخرج له عن أبي بردة عن أبي موسى مرفوعًا:"إذا مرِض العبد أو سافر كُتِب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا"[(2996)]، وقد احتج به البخاري في الموضعين، وفي هذا توثيق ضمني من البخاري لإبراهيم السكسكي، واحتجاج منه بما تفرد به، فيكون هذا الحديث على شرطه.
وقد احتج بحديثه هذا: أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والحاكم، والضياء.
قال ابن القطان في سياق الرد على عبد الحق الإشبيلي: "وإن كان قوم قد ضعفوا إبراهيم السكسكي، فلم يأتوا بحجة، وهو ثقة، وقد أخرج له البخاري، [بيان الوهم (3/ 306/ 1056)].
وقال المنذري بعد أن أورد كلام شعبة والنسائي في السكسكي: "وقد احتج البخاري في صحيحه بإبراهيم السكسكي"[مختصر سنن أبي داود (1/ 242/ 795)].
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 234/ 781): "وإبراهيم السكسكي: صالح الحديث، وقد ضعفه شعبة وأحمد بن حنبل، وروى له البخاري في صحيحه، وقال النسائي: ليس بذاك القوي يكتب حديثه، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكر المتن، وهو إلى الصدق أقرب منه إلى غيره، ويكتب حديثه كما قال النسائي".
وقال الذهبي في الميزان (1/ 45): "كوفي صدوق، لينه شعبة والنسائي، ولم يُترك، قال النسائي: ليس بذاك القوي، وخرَّج له البخاري، وقال أحمد: ضعيف، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكر المتن".
وقال في من تُكُلِّم فيه وهو موثق (6): "لينه شعبة، وضعفه أحمد، حديثه حسن".
وقال ابن حجر في التقريب (61): "صدوق، ضعيف الحفظ".
لكن قال النووي في المجموع (3/ 328): "رواه أبو داود والنسائي، ولكنه من رواية إبراهيم السكسكي، وهو ضعيف".
وذكره في فصل الضعيف من الخلاصة (1/ 383/ 1198).
قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 576): "وأما قول النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه د س من رواية إبراهيم السكسكي وهو ضعيف، وإدخاله إياه في فصل الضعيف من خلاصته؛ فليس بجيد منه".
وقال العلائي في تفسير الباقيات الصالحات (45): "إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي: احتج به البخاري، والحديث صححه الدارقطني وغيره، وقد رُوي من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أيضًا"، فذكره ثم قال:"هذا إسناد صحيح أخرجه مسلم، وبه يقوى الحديث الذي قبله، والله سبحانه أعلم"[ويأتي ذكر حديث سعد في آخر الشواهد].
قلت: ويشهد له أيضًا حديث رفاعة بن رافع الآتي ذكره في الشواهد، وينضم إلى ذلك: أنه ليس في حديث السكسكي نكارة من جهة المعنى، فإن المكلَّف إذا كان لا يحسن شيئًا من القرآن، فإنه ينوب عنه أفضل الذكر، كما جاء في حديث سمرة [عند مسلم (2137)]:"أحبُّ الكلام إلى الله أربعٌ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرُّك بأيِّهنَّ بدأت"، وفي رواية لأحمد بإسناد صحيح: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن،
…
" "المسند (5/ 20] [وحديث سمرة خرجته في الذكر والدعاء برقم (31)].
قال الخطابي في المعالم (1/ 179): "فإن كان رجلٌ ليس في وسعه أن يتعلم شيئًا من القرآن لعجزٍ في طبعه، أو سوء حفظه، أو عجمة لسانٍ، أو آفةٍ تعرض له؛ كان أولى الذكر بعد القرآن ما علَّمه النبي صلى الله عليه وسلم من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أفضل الذكر بعد كلام الله عز وجل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر"" [وانظر: مجموع الفتاوى (23/ 286)].
• وقد قيل: بأن السكسكي قد توبع على هذا الحديث عن ابن أبي أوفى:
أ- فقد روى الفضل بن موفق: ثنا مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [يا رسول الله] إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن، فعلِّمني ما يجزئني من القرآن؟ فقال:"قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله"، قال: هذه لله، فما لي؟ قال:"قل: رب اغفر لي، وارحمني، واهدني، وعافني، وارزقني"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد ملأ يديه خيرًا".
أخرجه ابن حبان (5/ 117/ 1810)، والطبراني في الكبير (2/ 234/ 782 - تنقيح التحقيق)(3/ 577 - البدر المنير)، وابن المقرئ في المعجم (184)، والضياء في المختارة (13/ 117/ 191).
قلت: هو حديث منكر؛ الفضل بن موفق: قال أبو حاتم: "ضعيف الحديث، كان شيخًا صالحًا، قرابةٌ لابن عيينة، وكان يروي أحاديث موضوعة"، وذكره ابن حبان في الثقات، فكيف يُقبل من مثله التفرد بمثل هذا عن مالك بن مغول [الجرح والتعديل (7/ 68)، الثقات (9/ 6)، التهذيب (3/ 396)، الميزان (3/ 360)، المغني (2/ 514)].
ب- ورواه ابن عيينة، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفى، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن
…
، الحديث.
أخرجه الدارقطني في الأفراد (2/ 63/ 4047 - أطرافه).
قال الدارقطني: "تفرد به حامد بن يحيى عن ابن عيينة عن إسماعيل، وغيره يرويه عن ابن عيينة عن مسعر عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى".
قلت: هي رواية شاذة من حديث ابن عيينة، تفرد بها: حامد بن يحيى بن هانئ البلخي، وهو: ثقة، من أعلم الناس بابن عيينة، لازمه طويلًا، لكن خالفه من هو أثبت منه في ابن عيينة، وأكثر عددًا، لا سيما وفيهم الإمام الثبت الحجة: الحميدي، وهو أثبت الناس في ابن عيينة، وكان راويته.
• ورواه خالد بن نزار: ثنا سفيان الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن ابن أبي أوفى؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه رجل فقال: يا رسول الله! إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن، فعلمني ما يجزيني،
…
فذكره، وقال في الذكر الأول:"ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم"، وقال في الذكر الثاني:"قل: اللهُمَّ اغفر لي، وارحمني، وتب علي، وارزقني".
أخرجه أبو نعيم في الحلية (7/ 113)، والرافعي في التدوين (3/ 382).
من طريق: نصر بن مرزوق [صدوق. الجرح والتعديل (8/ 472)، مغاني الأخيار (3/ 978)]: ثنا خالد بن نزار به.
قال أبو نعيم: "هذا حديث غريب، تفرد به عن الثوري: خالد بن نزار".
قلت: خالد بن نزار: صدوق، يغرب ويخطئ [التقريب (292)، التهذيب (1/ 534)]، وقد تفرد عن الثوري بهذا الإسناد، فهو منكر؛ حيث خالف فيه جماعة من ثقات أصحاب الثوري:
فقد رواه وكيع بن الجراح، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ويعلى بن عبيد الطنافسي، والحسين بن حفص الأصبهاني، وعبد الرزاق:
عن سفيان الثوري، عن أبي خالد الدالاني، عن إبراهيم السَّكْسكي، عن عبد الله بن أبي أوفى، وهو حديث الباب.
• والحاصل فإن هذا الحديث مداره على إبراهيم السكسكي، ولم يتابع عليه، قال ابن عدي عن هذا الحديث، والحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه في سبب النزول:"ومدار هذين الحديثين على إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفى".
وهو حديث حسن، لأجل ما قيل في السكسكي، واحتجاج البخاري به في صحيحه يرفع من حاله، فلا ينزل حديثه عن رتبة الحسن، كما ذهب إلى ذلك جماعة، والله أعلم.
• وله شاهد من حديث رفاعة بن رافع:
في قصة المسيء صلاته، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم:"فإن كان معك قرآن فاقرأه، وإن لم يكن معك قرآن فاحمدِ اللهَ وهلِّلْه وكبِّره"، إلى قوله صلى الله عليه وسلم:"فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك".
رواه يحيى بن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن جده، عن رفاعة البدري، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد،
…
فاقتص الحديث، وفيه موضع الشاهد.
أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (3/ 321) و (8/ 297)، وأبو داود (861)، والترمذي (302)، والنسائي في المجتبى (2/ 20/ 667)، وفي الكبرى (2/ 247/ 1643)، وابن خزيمة (1/ 274/ 545)، وابن حبان في كتاب الصلاة (4/ 511/ 4582 - إتحاف المهرة)، والحاكم (1/ 243)، والطيالسي (2/ 714/ 1469)، وعلي بن حجر في حديثه عن إسماعيل بن جعفر (441)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (1/ 759/224 - السفر الثاني)، والطحاوي في شرخ المعاني (1/ 232)، وفي المشكل (4/ 267/ 1593) و (6/ 20/ 2244) و (15/ 6073/356 و 6074)، وابن المقرئ في الأربعين (30)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1072/ 2714)، والبيهقي في السنن (2/ 380)، وفي المعرفة (2/ 204/ 1182)، وفي القراءة خلف الإمام (183)، والبغوي في شرح السُّنَّة (8/ 3/ 553).
من طرقٍ عن إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، عن يحيى به.
• تنبيه: رواه الترمذي عن علي بن حجر، وسقط من إسناد الترمذي:"عن أبيه"، وهو خطأ، وقد رواه الحاكم من طريق الترمذي بإثباتها، والمحفوظ عن علي بن حجر: عن إسماعيل بن جعفر، عن يحيى بن علي، عن أبيه، عن جده، عن رفاعة، وهكذا رواه جماعة من الثقات عن إسماعيل بن جعفر، بإثبات "عن أبيه" في الإسناد، مثل: قتيبة بن سعيد، وأبي داود الطيالسي، وعباد بن موسى الختَّلي، وأبي عمر الدوري المقرئ، ويحيى بن أيوب المقابري، وعلي بن معبد بن نوح، وحجاج بن إبراهيم الأزرق.
قال الترمذي: "حديث رفاعة بن رافع: حديث حسن، وقد رُوي عن رفاعة هذا الحديث من غير وجه"، وهو كما قال.
واحتج به أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
وقال أبو نعيم: "كذا رواه يحيى بن علي عن أبيه، وتفرد بهذه اللفظة إسماعيل بن جعفر عنه: فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فقال: "أجل"".
• ورواه عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، عن يحيى بن علي بن يحيى، عن أبيه، عن جده، عن رفاعة بن رافع، فذكر الحديث، وفيه موضع الشاهد.
أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 39/ 4527).
ولا يصح هذا إلى عمرو بن الحارث، فإن شيخ الطبراني فيه: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد: ضعيف، واتهم [انظر: اللسان (1/ 594)]، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، وهم جميعًا ضعفاء [انظر: اللسان (7/ 55)، الكامل (2/ 234)].
• ويحيى بن علي بن يحيى بن خلاد: ذكره ابن حبان في الثقات، وقال في مشاهير علماء الأمصار:"وكان متقنًا"، واحتج بحديثه أحمد وأبو داود والنسائي، وصحح له ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وفي ذلك رد على قول ابن القطان:"لا تُعرف له حال"[التاريخ الكبير (8/ 1297)، الجرح والتعديل (9/ 175)، الثقات (7/ 612)، مشاهير علماء الأمصار (1101)، بيان الوهم (5/ 30/ 2273)].
• وتابعه: شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر [ليس به بأس]، فرواه عن علي بن يحيى، عن عمه رفاعة بن رافع به مرفوعًا، وموضع الشاهد منه:"ثم اقرأ إن كان معك قرآن، فإن لم يكن معك قرآن فاحمدِ اللهَ وكبِّر وهلِّلْ".
أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1/ 232)، وفي المشكل (6/ 19).
بإسناد جيد إلى سليمان بن بلال، قال: حدثني شريك به، إلا أنه غير محفوظ من حديث سليمان بهذا الإسناد، كما سيأتي بيانه في موضعه من السنن برقم (861) إن شاء الله تعالى.
لكن الحديث محفوظ من حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع به مرفوعًا.
فقد قال أبو حاتم: "ورواه شريك بن عبد الله بن أبي نمر، وداود بن قيس، وابن عجلان، عن علي بن يحيى بن خلاد، فقالوا: عن أبيه، عن رفاعة"[علل الحديث (1/ 82/ 221) (2/ 69/ 221 - ط سعد الحميد)]، والله أعلم.
وعلى كل حال فهذه متابعة جيدة، حيث تابع ابنُ أبي نمر: يحيى بن علي بن يحيى على هذه الجملة فيما يجزئ من لا يحسن القرآن من الذكر.
• وهذا الحديث قد رواه عن علي بن يحيى بن خلاد به، فلم يذكر الجملة موضع الشاهد، وإنما ذكر القراءة بما تيسر من القرآن، أو بأم القرآن وما تيسر، دون التحميد والتهليل والتكبير عند العجز:
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة [ثقة حجة]، وداود بن قيس الفراء [ثقة]، ومحمد بن عمرو بن علقمة، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان [وهم صدوقون]: فرووه عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة بن رافع، ولم يقل محمد بن عمرو في روايته: عن أبيه.
وسوف يأتي تخريجه قريبًا مطولًا -إن شاء الله تعالى- في موضعه من السنن برقم (857 - 861).
وقد كنت أميل إلى القول بشذوذ هذه الزيادة التي جاءت في حديث يحيى بن علي وابن أبي نمر، حيث لم يأت بها خمسة من الثقات، وهم أكثر عددًا، وأقوى ضبطًا، لكني لما وجدت الإمام أحمد قد احتج بها، أحجمت عن ذلك، وذهبت إلى القول بأنها محفوظة؛ لوجود القرائن الدالة على أنهما قد حفظا هذه الزيادة، لا سيما يحيى بن علي؛ فقد وصفه ابن حبان بالإتقان، وهو هنا يروي عن أهل بيته، وأهل بيت الرجل أعلم بحديثه من الغرباء، لكثرة الملازمة وتكرار السماع، كما أنه حفظ القصة ورواها بنحو رواية الجماعة، ثم إنه لم ينفرد بهذه الزيادة، فقد تابعه ابن أبي نمر عليها، مما يدل على أنه حفظها، والله أعلم.
قال الإمام أحمد في مسائل ابنه عبد الله (287): "وزاد إسماعيل بن جعفر في حديث رفاعة بن رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فإن كان معك قرآن فاقرأ به، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله،
ثم اركع"، قال عبد الله: "قال أبي: وكذلك أقول أنا: إن لم يحسن يقرأ يفعل كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم على حديث رفاعة بن رافع".
هكذا احتج الإمام أحمد بحديث رفاعة من رواية إسماعيل بن جعفر عن يحيى بن علي، فكأنه رآه محفوظًا، إذ لو كان منكرًا لما احتج به؛ إذ هو القائل:"المنكر أبدًا منكر"؛ يعني: لا يجوز الاحتجاج به بحال، والله أعلم.
وقال ابن حجر في الفتح (2/ 243): "ووقع فيه في بعض طرقه: "ثم اقرأ إن كان معك قرآن، فإن لم يكن فاحمد الله وكبر وهلل" فإذا جمع بين ألفاظ الحديث كان تعين الفاتحة هو الأصل لمن معه قرآن، فإن عجز عن تعلمها وكان معه شيء من القرآن قرأ ما تيسر، وإلا انتقل إلى الذكر".
• والحاصل: فإن حديث رفاعة بن رافع: حديث حسن، وهو شاهد جيد لحديث السكسكي عن ابن أبي أوفى، والله أعلم.
• وقد جاء نحو هذا الذكر بدون قيد الصلاة، وبدون الإجزاء من قراءة القرآن في الصلاة، من حديث سعد بن أبي وقاص:
رواه موسى الجهني، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [يا نبي الله]، علِّمني كلامًا أقوله، قال:"قل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، سبحان الله رب العالمين، لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم"، قال: فهؤلاء لربي، فما لي؟ قال:"قل: اللَّهُمَّ اغفر لي، وارحمني، واهدني، وارزقني، [وعافني] ".
أخرجه مسلم (2696)، وقد خرجته في الذكر والدعاء برقم (34).
• وفي الباب أيضًا:
عن أنس بن مالك مطولًا [عند: أبي جعفر ابن البختري في جزء فيه ثلاثة مجالس من أماليه (22) (221 - مجموع مصنفاته)، ومن طريقه: البيهقي في الشعب (1/ 431/ 619)، والضياء في المختارة (5/ 12/ 1613)][ورجاله موثَّقون؛ إلا أنه حديث غريب][وانظر: السلسلة الصحيحة (7/ 1005/ 3336)].
***
833 -
. . . قال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع: أخبرنا أبو إسحاق -يعني: الفزاري-، عن حميد، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نصلي التطوعَ، ندعو قيامًا وقعودًا، ونسبح ركوعًا وسجودًا.
• حديث ضعيف.
لم أقف على من رواه من طريق أبي إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد بن الحارث، وهو: ثقة حافظ إمام.
***
834 -
. . . قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا حماد، عن حميد، مثله، لم يذكر التطوع، قال: كان الحسن يقرأ في الظهر والعصر إمامًا أو خلف إمام بفاتحة الكتاب، ويسبِّح ويكبِّر ويهلِّل قدر:{ق} ، {وَالذَّارِيَاتِ} .
• حديث ضعيف.
هكذا رواه حماد بن سلمة عن حميد، وحماد أثبت الناس في حميد، وتابعه عليه بدون ذكر التطوع جماعة من الحفاظ المتقنين:
فقد رواه يحيى بن سعيد القطان، ومعاذ بن معاذ العنبري:
عن حميد، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله، قال: كنا ندعو قيامًا وقعودًا، ونسبح ركوعًا وسجودًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (6/ 110/ 29874)، ومسدد (4/ 154/ 509 - المطالب)، والبيهقي (2/ 88).
• ورواه يزيد بن هارون [ثقة متقن]، قال: أنا حميد الطويل، قال: صلى بنا الحسن إحدى صلاتي العشي، فأطال، فرأيت اضطراب لحيته، فلما انصرف قلت له: أكنت تقرأ؟ فقال: إن عامته تسبيح ودعاء، ثم قال: حدثنا جابر بن عبد الله، قال: كنا ندعو
…
فذكره.
أخرجه أحمد بن منيع (2/ 371/ 1910 - إتحاف الخيرة)(4/ 154/ 509 - المطالب).
قلت: هذا الحديث رجاله ثقات مشهورون؛ لكنه منقطع؛ فإن الحسن البصري لم يسمع جابر بن عبد الله، ولا عبرة بالسماع الوارد في رواية يزيد بن هارون، فقد جزم بعدم السماع جماعةٌ من الأئمة النقاد، مثل: بهز بن أسد، وابن معين، وابن المديني، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والبزار، والدارقطني، وابن حزم، وتردد فيه ابن خزيمة، ولم يذكر أحمد بن حنبل جابرًا فيمن سمع منهم الحسن [تاريخ ابن معين رواية الدوري (4/ 260/ 4258) و (4/ 4599/322)، سؤالات ابن الجنيد (180)، العلل لابن المديني (50)، الجرح والتعديل (3/ 41)، المراسيل (112 - 115)، صحيح ابن خزيمة (1353 و 2548)، المحلى (2/ 13) و (4/ 82)، بيان الوهم (3/ 210/ 928)، نصب الراية (1/ 91)، جامع التحصيل (164)، تحفة التحصيل (76)].
• ورواه معاذ بن معاذ، عن الأشعث، عن الحسن، قال: سئل جابر بن عبد الله عن القراءة في الركوع؟ فقال: كنا نجعل الركوع تسبيحًا.
أخرجه البيهقي (2/ 88).
وهذا مثل سابقه، وأشعث هو ابن عبد الملك الحمراني، وهو بصري ثقة.