المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌153 - باب الدعاء في الصلاة - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٩

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌130 - باب تخفيف الأخريين

- ‌15).***131 -باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌133 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌باب تكميلي

- ‌باب القراءة في صلاة العشاء

- ‌134 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌135 - باب القراءة في الفجر

- ‌136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

- ‌137 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

- ‌138 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

- ‌139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة

- ‌140 - باب تمام التكبير

- ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌142 - باب النهوض في الفرد

- ‌143 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌145 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌(14/ 407)].***146 -باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال [وفي نسخة: مع الإمام] رؤوسهنَّ من السجدة

- ‌147 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌148 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه

- ‌150 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

- ‌151 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌152 - باب في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

- ‌154 - باب مقدار الركوع والسجود

- ‌155 - باب أعضاء السجود

- ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

- ‌157 - باب السجود على الأنف والجبهة

- ‌(1/ 306).158 -باب صفة السجود

الفصل: ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

وقال ابن عبد البر في التمهيد (23/ 348): "هذا حديث مرسل في الموطأ عند جماعة الرواة، لم يختلفوا عن مالك في ذلك، وهو يستند من حديث الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة، ومن حديث عروة عن عائشة، من طرقٍ صحاحٍ ثابتة".

وقال في الاستذكار (2/ 530): "وهو حديث متصل صحيح، رواه أبو هريرة عن عائشة، ورواه عروة عن عائشة".

***

‌153 - باب الدعاء في الصلاة

880 -

. . . شعيب، عن الزهري، عن عروة، أن عائشة أخبرته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته:"اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من المأثم والمغرَم".

فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: "إن الرجل إذا غَرِمَ حدَّث فكذب، ووعد فأخلف".

• حديث متفق على صحته.

أخرجه البخاري (832 و 833 و 2397 و 7129)، ومسلم (587 و 589)، وسبق تخريجه في الذكر والدعاء (1/ 195) برقم (107).

رواه عن الزهري: شعيب بن أبي حمزة [وهو أتمهم له سياقًا]، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، والنعمان بن راشد [صدوق، كثير الوهم][كلاهما بمثل رواية شعيب]، وصالح بن كيسان [وروايته مختصرة، اقتصر فيها على الاستعاذة من فتنة الدجال، وتابعه على ذلك أيضًا شعيب]، وإبراهيم بن أبي عبلة، وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي [بنحو رواية شعيب، لكن زاد أو نقص خصلة]، ومعمر بن راشد، ومحمد بن أبي عتيق، وأبو سلمة سليمان بن سليم الحمصي، وصالح بن أبي الأخضر [ضعيف] [واقتصروا على الخصلة الرابعة، وما

بعدها من السؤال] [ومن لم أذكره بشيء فهو ثقة].

هكذا أخرج أبو داود هذا الحديث في هذا الباب بعد حديثين في الدعاء في السجود، وبعد أحاديث فضل الدعاء في السجود، والأمر بالإكثار من الدعاء فيه والاجتهاد في ذلك، وكأنه بذلك يشير إلى أن هذا الدعاء موطنه في السجود، لكن البخاري أورده في باب الدعاء قبل السلام؛ وحيث إن قوله:"يدعو في صلاته" مطلق لم يقيد بالسجود ولا بغيره، فقد اجتهد كل إمام في إلحاقه بالموطن المناسب من مواطن الدعاء في الصلاة، ولعل البخاري لحظ وجه الشبه بين حديث عائشة هذا، وبين حديث أبي هريرة مرفوعًا:

ص: 488

"إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع:

" [البخاري (1377)، مسلم (588)، أبو داود (983)، وهو مخرج في الذكر والدعاء برقم (106)]، فألحقه به في موضعه، والله أعلم.

***

881 -

. . . ابن أبي ليلى، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: صليتُ إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة تطوُّعٍ، فسمعته يقول:"أعوذ بالله من النار، ويلٌ لأهل النار".

• حديث ضعيف.

أخرجه ابن ماجه (1352)، وأحمد (4/ 347)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (142)، وابن أبي شيبة (2/ 25/ 6035)، وابن أبي الدنيا في صفة النار (1)، وابن الضريس في فضائل القرآن (6)، والطبراني في الكبير (7/ 79/ 6427)، وأبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (308)، وابن منده في معرفة الصحابة (2/ 543)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (2/ 1009/ 2571) و (5/ 2806/ 6648)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (1/ 171/ 69)، والبيهقي في السنن (2/ 310)، وفي الشعب (2/ 375/ 2091)، والبغوي في شرح السُّنَّة (2/ 203/ 695)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 287).

رواه عن ابن أبي ليلى: عبد الله بن داود الخريبي، ووكيع بن الجراح، وعبدة بن سليمان، وحميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، وعلي بن هاشم بن البريد، وعبيد الله بن موسى، والفضل بن موسى السيناني [وهم ثقات]، وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي [صدوق، كثير الخطأ. اللسان (8/ 518)، الجرح والتعديل (9/ 201)].

ولفظ وكيع [عند أحمد]: عن أبي ليلى قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاةٍ ليست بفريضة، فمرَّ بذكر الجنة والنار [وفي رواية ابن البريد: فمرَّ بآية]، فقال:"أعوذ بالله من النار، ويحٌ -أو: ويلٌ- لأهل النار".

• خالفهم: جابر بن نوح [ضعيف]، فرواه عن ابن أبي ليلى، عن الحكم [يعني: ابن عتيبة، وهو: ثقة ثبت]، وعيسى [يعني: ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو: ثقة]، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: صليت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا مرَّ بآية فيها ذكر النار، قال:"ويل لأهل النار، أعوذ بالله من النار".

أخرجه ابن قانع في المعجم (1/ 101)، بإسناد صحيح إلى جابر.

• ورواه المُطَّلب بن زياد [صدوق، وله مناكير. التهذيب (4/ 92)]، عن ابن أبي ليلى، عن عدي بن ثابت [تابعي ثقة، لم يدرك أبا ليلى. التهذيب (19/ 522)، تحفة التحصيل (224)]، عن أبي ليلى جدِّ محمد؛ أنه مرَّ على النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي

ص: 489

تطوعًا، فمرَّ بآية من ذكر النار، فقال:"ويلٌ لأهل النار، أعوذ بالله من عذاب النار".

أخرجه الطبراني في الكبير (7/ 79/ 6430)، بإسناد صحيح إلى المطلب.

قلت: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى: ليس بالقوي، كان سيئ الحفظ جدًّا، كثير الوهم، غلب عليه الاشتغال بالفقه والقضاء؛ فلم يكن يحفظ الأسانيد والمتون [انظر: التهذيب (3/ 627)، الميزان (3/ 613)]؛ فلا يحتج بحديثه، وأخشى أن يكون الاختلاف في إسناد هذا الحديث من قِبَله هو، وعليه: فهو حديث ضعيف، والله أعلم.

***

882 -

. . . ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة، قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقُمنا معه، فقال أعرابيٌّ في الصلاة: اللَّهُمَّ ارحمني ومحمدًا، ولا ترحمْ معنا أحدًا، فلما سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال للأعرابي:"لقد تحجَّرْتَ واسعًا".

يريد: رحمة الله عز وجل.

• حديث صحيح.

أخرجه البخاري (6010)، وقد سبق تخريجه تحت الحديث رقم (380).

***

883 -

. . . وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، قال:"سبحان ربي الأعلى".

قال أبو داود: خولف وكيع في هذا الحديث، رواه أبو وكيع، وشعبة، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفًا.

• لا يصح رفعه؛ إنما هو موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط البخاري.

أخرجه الحاكم (1/ 263 - 264)، والضياء في المختارة (10/ 362/ 386 و 387)، وأحمد (1/ 232)، وأبو جعفر النحاس في إعراب القرآن (5/ 204)، والطبراني في الكبير (12/ 16/ 12335)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (10/ 182)، والبيهقي (2/ 310)، والبغوي في التفسير (4/ 475)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 47).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن"، ولم يقل: صحيح؛ لأجل الاختلاف الآتي ذكره عن أبي إسحاق.

ص: 490

• قلت: قد اختلف في هذا الحديث على أبي إسحاق السبيعي:

أ - فرواه وكيع بن الجراح، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن عمران البَطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا.

ب - ورواه شعبة، وسفيان الثوري، والجراح بن مخلد [وعنه: ابنه وكيع]، وأبو الأحوص سلام بن سليم، ومعمر بن راشد:

عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه كان إذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} [القيامة: 40]، قال: سبحانك اللَّهُمَّ بلى، وإذا قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: سبحان ربي الأعلى. هكذا موقوفًا، وبإسقاط البطين من الإسناد.

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 452/ 4051)، وفي التفسير (3/ 367 و 383)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (151 و 154)، وابن أبي شيبة (2/ 248 / 8643)، وابن الضريس في فضائل القرآن (13)، وابن جرير الطبري في التفسير (30/ 250)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (71 و 72 و 87)[ورفعه في الموضع الثالث خطأ ممن دون وكيع، وهو على الصواب عند ابن أبي شيبة وابن جرير]، والبيهقي في الشعب (2/ 377/ 2100)، والواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 397 و 469)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 48)، وعلقه أبو داود. ومنهم من اقتصر على أحد شقيه.

[وانظر فيما لا يصح من هذا الوجه: فضائل القرآن للمستغفري (73 و 87)، الكشف والبيان لأبي إسحاق الثعلبي (10/ 92)].

[ووقع عند ابن أبي حاتم في التفسير (10/ 3389/ 19074) من طريق سفيان الثوري، زيادة مسلم البطين، بين أبي إسحاق وسعيد بن جبير، لكنها شاذة من حديث الثوري].

ج - ورواه عنبسة بن سعيد بن الضريس [كوفي، ثقة]، عن أبي إسحاق الهمداني، أن ابن عباس،

فذكره موقوفًا بتمامه.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 310 - ط هجر).

قلت: قصر في إسناده عنبسة، أو رواه أبو إسحاق هكذا بعد التغير، أو يكون الوهم فيه من شيخ ابن جرير: محمد بن حميد الرازي إن كان تفرد به، فإنه: حافظ ضعيف، كثير المناكير، وهو الأقرب، والله أعلم.

والصواب عن أبي إسحاق: ما رواه عنه جماعة أصحابه الثقات، لا سيما وفيهم أثبت أصحابه، وأقدمهم منه سماعًا: سفيان الثوري وشعبة.

وعليه: فإنه موقوف على ابن عباس بإسناد صحيح على شرط البخاري [انظر: صحيح البخاري (6299 و 6300)].

قال ابن حجر: "هذا موقوف صحيح".

فإن قيل: قال البخاري: "ولا أعرف لأبي إسحاق سماعًا من سعيد بن جبير"[علل الترمذي الكبير (39) ص (387)، تحفة التحصيل (245)].

ص: 491

فيقال: أولًا: قد احتج البخاري نفسه بهذا الإسناد في صحيحه، وهو لا يحتج إلا بما ثبت سماعه عنده.

ثانيًا: هذا الحديث من رواية شعبة عن أبي إسحاق، وشعبة لم يكن يحمل عن شيوخه إلا ما سمعوه من شيوخهم، لا سيما قتادة والأعمش وأبا إسحاق السبيعي، فقد قال فيهم:"كفيتكم تدليس ثلاثة"، ثم ذكرهم [معرفة السنن والآثار (1/ 86)]، قال ابن حجر:"فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة: أنها إذا جاءت من طريق شعبة دلت على السماع، ولو كانت معنعنة"[طبقات المدلسين (58)، النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 630 - 631)].

ثالثًا: قد ثبت سماع أبي إسحاق لهذا الأثر من سعيد بن جبير، من رواية شعبة عنه [كما في الفضائل لابن الضريس، ونتائج الأفكار].

رابعًا: قد ثبت سماع أبي إسحاق من سعيد بن جبير بأسانيد صحيحة [انظر مثلًا: الطبقات الكبرى لابن سعد (5/ 288)، العلل ومعرفة الرجال (2/ 108/ 1722)، مسند أحمد (1/ 373)، التاريخ الأوسط (1/ 134/ 590)، تفسير الطبري (5/ 102)، المستدرك (3/ 533)، الاستيعاب (3/ 934)].

• وقد روي من وجهٍ آخر موقوفًا، لكنه لا يصح:

رواه مهران، عن خارجة، عن داود، عن زياد بن عبد الله، قال: سمعت ابن عباس يقرأ في صلاة المغرب: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} سبحان ربي الأعلى.

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 310 - ط هجر)، قال: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا مهران به.

زياد بن عبد الله هو: ابن حدير الأسدي [روى عنه: داود بن أبي هند، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. التاريخ الكبير (3/ 360)، الجرح والتعديل (3/ 536)، الثقات (4/ 256)، التعجيل (345)، وقال: "فيه نظر"]، وداود، هو: ابن أبي هند [وهو: ثقة متقن]، وخارجة هو: ابن مصعب بن خارجة السرخسي [متروك، كان يدلس عن الكذابين، وكذبه ابن معين]، ومهران هو: ابن أبي عمر العطار الرازي [لا بأس به]، والراوي عنه: محمد بن حميد الرازي [وهو: حافظ ضعيف، كثير المناكير]؛ فهو إسناد ساقط، ولا يحفظ من حديث داود بن أبي هند.

• ورُوي من وجه آخر مرفوعًا، لكنه مرسل:

رواه يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال:"سبحان ربي الأعلى".

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 310 - ط هجر)، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد به.

وهذا مرسل بإسناد جيد؛ سعيد هو: ابن أبي عروبة، ويزيد هو: ابن زريع، وبشر

ص: 492

هو: ابن معاذ العقدي، وهو: صدوق، وبقية رجاله ثقات، ويزيد ممن سمع من ابن أبي عروبة قبل الاختلاط، لكن لا ينبغي أن يقال بأن هذا المرسل يقوي رواية وكيع المرفوعة عن ابن عباس، وذلك لأن قتادة حافظ متقن، ولو كان أخذه عن أنس لصاح به، فلما كان شيخه فيه ليس بصحابي، ويعلم أن فيه جرحة؛ كنى عنه، والله أعلم.

• وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} في الوتر وفي الفريضة، ولم يُذكر في شيء من ذلك أنه أجاب بقوله:"سبحان ربي الأعلى"[انظر مثلًا: تخريج الذكر والدعاء (1/ 361/ 175)، ما تقدم في السنن برقم (806)، وما سيأتي برقم (1122 و 1125)].

• والحاصل: فإن رفع هذا الحديث لا يصح، وإنما يصح موقوفًا على ابن عباس، والله أعلم.

• وقد صح موقوفًا أيضًا: عن علي بن أبي طالب، وأبي موسى الأشعري، وابن عمر، وعبد الله بن الزبير:

1 -

فقد روى عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع بن الجراح، وعبد الرزاق بن همام، وعبدة بن سليمان:

عن سفيان الثوري، عن السُّدِّي [إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة: ليس به بأس، وقد ضُعِّف. التهذيب (1/ 158)]، عن عبد خير؛ أن عليًّا رضي الله عنه قرأ في الصبح بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فقال: سبحان ربي الأعلى. لفظ ابن مهدي، وفي رواية عنه: أثبتَ سماع عبد خير من علي، ولم يعين الصلاة.

وفي رواية عبد الرزاق: عن عبد خير الهمداني، قال: سمعت عليًّا قرأ في صلاةٍ، فأبهمها ولم يعينها، وكذا عبدة.

أخرجه الشافعي في الأم (7/ 166)، وعبد الرزاق (2/ 451/ 4549)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (153)، وابن أبي شيبة (2/ 247/ 8641)، وابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 309 - ط هجر)، وأبو بكر الآجري في الشريعة (3/ 1097/ 671)، والبيهقي في السنن (2/ 311)، وفي المعرفة (2/ 143/ 1087).

وهذا موقوف على عليٍّ بإسناد حسن.

• تابعه: المسيب بن عبد خير [وهو: ثقة. التقريب (944)]، فرواه عن أبيه، عن علي به من غير قيد.

أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (85)، بإسناده إلى عبد بن حميد، قال: أنا عبيد الله بن موسى [العبسي: كوفي ثقة]، عن عيسى بن عمر [هو: الأسدي الهمداني الكوفي القارئ: ثقة]، عن المسيب به.

• وأما ما رواه أبو بكر بن الأنباري بإسناده: قرأ علي بن أبي طالب عليه السلام في الصلاة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ثم قال: سبحان ربي الأعلى، فلما انقضت الصلاة، قيل له:

ص: 493

يا أمير المؤمنين! أتزيد هذا في القرآن؟ قال: ما هو؟ قالوا: سبحان ربي الأعلى، قال: لا إنما أمرنا بشيء فقلته [ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (20/ 76/ 6307)، وابن عادل في اللباب في علوم الكتاب (20/ 274)].

فهذا يجعله في حكم المرفوع، لكنه لا يصح؛ فإنه من رواية عيسى بن عمر، عن أبيه، قال: قرأ علي

فذكره، وعيسى هذا هو: ابن عمر الأسدي الهمداني الكوفي القارئ، وهو: ثقة؛ إلا أن عامة مشايخه من أتباع التابعين، وأبوه عمر: لم أعرفه، ولا أظنه سمع عليًّا، لا سيما وقد قال فيه: قرأ علي، فلم يذكر ما يدل على اتصاله، ولا أُراه إلا باطلًا؛ وآفته عندي: حسين بن علي بن الأسود، وقد قال فيه ابن عدي:"يسرق الحديث"[الكامل (2/ 368)، التهذيب (1/ 425)، الميزان (1/ 543)]، والمعروف في هذا: ما تقدم عن عيسى بن عمر، عن المسيب بن عبد خير، عن أبيه، عن علي، والله أعلم.

2 -

وروى مسعر بن كدام [ثقة ثبت]، وحجاج بن أرطأة [ليس بالقوي]:

عن عمير بن سعيد [أبي يحيى النخعي]، قال: سمعت أبا موسى [الأشعري] قرأ في الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فقال: سبحان ربي الأعلى، [و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}].

أخرجه عبد الرزاق (2/ 451/ 4050)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (154)، وابن أبي شيبة (2/ 247/ 8639 و 8640)، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 27)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (83)، والبيهقي في السنن (2/ 311).

وهذا موقوف على أبي موسى الأشعري بإسناد صحيح.

3 -

وروى هشيم بن بشير [ثقة ثبت]، قال: أخبرنا أبو بشر [جعفر بن أبي وحشية: ثقة، من أثبت الناس في سعيد بن جبير]، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر [وفي رواية سعيد بن منصور: سمعت ابن عمر]، أنه كان يقرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} سبحان ربي الأعلى {الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى} ، قال: وهي في قراءة أُبي بن كعب كذلك.

وفي رواية: أنه كان إذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: سبحان ربي الأعلى

أخرجه الحاكم (2/ 521)، وأبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (154)، وسعيد بن منصور (8/ 700 - الفتح لابن حجر)، وابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 309 - ط هجر)، وأبو بكر الآجري في الشريعة (3/ 1097/ 672)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (88).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه".

وقال ابن حجر في الفتح (8/ 700): "إسناد صحيح".

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

وسعيد بن جبير يحتمل منه التعدد في الأسانيد، فهذا يرويه عن ابن عمر بزيادة فيه، من رواية أبي بشر عنه، وهو من أثبت الناس فيه، ورواه مرة أخرى عن ابن عباس، من

ص: 494

رواية أبي إسحاق السبيعي عنه، وكلاهما عندي محفوظ عن سعيد، والله أعلم.

قال ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 49): "وظاهره أن الكلَّ قرآن، ولعل الصحابي أثنى، ولم يفصل، فظنَّ الذي سمعه أن الكلَّ قرآن".

4 -

وروى عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، ووكيع بن الجراح [ثقة حافظ]:

عن هشام بن عروة، قال: سمعت ابن الزبير يقرأ بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} فقال: سبحان ربي الأعلى.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 248/ 8642)، وأبو بكر الآجري في الشريعة (3/ 1099 / 674)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (84).

وهذا موقوف على عبد الله بن الزبير بإسناد صحيح.

• ورواه وكيع بن الجراح، عن حماد بن نجيح، عن أبي المتوكل، عن ابن الزبير مثله.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 248/ 8644)(5/ 528/ 8735 - ط عوامة).

موقوف، ورجاله ثقات.

• وانظر فيما لا يصح: مصنف ابن أبي شيبة (2/ 248/ 8647)(5/ 528 / 8738 - ط عوامة).

***

884 -

قال أبو داود: حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، قال: كان رجلٌ يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} ، قال:"سبحانك، فَبَلَى"، فسألوه عن ذلك، فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال أبو داود: قال أحمد: يعجبني في الفريضة أن يدعو بما في القرآن.

• حديث ضعيف.

أخرجه من طريق أبي داود: البيهقي (2/ 310)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 105/ 624)، وفي التفسير (4/ 426).

• وقد اختلف فيه على شعبة:

أ - فرواه محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، قال: كان رجلٌ يصلي فوق بيته

فذكره.

ب - ورواه شبابة بن سوار، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن آخر؛ أنه كان فوق سطح

فذكره، وزاد في الإسناد مبهمًا.

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (10/ 3389/ 19073)(8/ 284 - تفسير ابن كثير)

ص: 495

(2/ 50 - نتائج الأفكار)(11/ 210/ 15680 - النكت الظراف بحاشية التحفة)[وسقط في المصدرين الأولين ذكر المبهم الأول].

• تابعه على هذا الوجه:

إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق [ثقة]، فرواه عن موسى بن أبي عائشة؛ أن رجلًا حدثهم، قال: أمَّهم رجلٌ يومًا فقرأ: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فلما بلغ آخرها، قال:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} ، قال:"سبحانك اللَّهُمَّ، وبلى"، فلما انصرف قلنا: شيئًا سمعناك وقلتَه، من أين أخذتَه؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.

أخرجه عبد الرزاق في التفسير (3/ 335).

وأخرجه ابن منده أيضًا من هذا الوجه بذكر مبهمَينِ في الإسناد [عزاه إليه ابن الأثير في الأسد (6/ 474)].

ج - وقال أبو عبيد في الفضائل (151): حدثنا أبو النضر [هاشم بن القاسم]، عن شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن رجل، عن آخر، عن آخر، أنه كان يقرأ فوق بيت له فرفع صوته:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} ، فقال:"سبحانك اللَّهُمَّ، وبلى"، فسئل عن ذلك، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله، فزاد في الإسناد مبهمَين.

ورواه من طريق أبي عبيد: ابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 50).

وقيل غير ذلك [انظر: النكت الظراف بحاشية التحفة (11/ 210/ 15680)].

قال ابن حجر في النتائج (2/ 50): "وموسى بن أبي عائشة: ثقة مخرج له في الصحيح، لكنه وُصف بكثرة الإرسال، وقد أخرجه ابن أبي حاتم من رواية شبابة عن شعبة، فقال: عن موسى عن رجل عن آخر، فاقتصر على اثنين، وروايتنا من طريق أبي النضر أتم، وفيها مبهمان: لا يُعرف حالهما ولا عينهما، وسقطا من رواية أبي داود، وعجبت من سكوته، ولعله تسهل فيه لوجود شاهده، ولكونه في فضائل الأعمال، ولكون شعبة لا يسند غالبًا إلا عن الثقات".

قلت: الذين رووه عن شعبة كلهم ثقات، والأصل أن الحكم للزائد في مثل هذه الحال، لكن يرجِّح القولَ الثاني روايةُ إسرائيل، والله أعلم.

وعليه فالأشبه بالصواب: رواية إسرائيل وشعبة [من رواية شبابة عنه]، كلاهما عن موسى بن أبي عائشة؛ أن رجلًا حدثهم، قال: أمَّهم رجلٌ يومًا فقرأ:

الحديث.

وهو حديث ضعيف؛ لأجل المبهم الذي حدَّث به موسى بن أبي عائشة، ثم إن راوي القصة هو الذي ادَّعى سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يشهد له بالصحبة تابعي ثقة معروف، وهذا مما يزيده ضعفًا، ويضعف الاستشهاد به على أن للمرفوع أصلًا، والله أعلم.

• وقد رُوي من وجه آخر مرفوعًا، لكنه مرسل:

رواه يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} ، ذُكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال:"سبحانك، وبلى".

ص: 496

أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (23/ 528 - ط هجر)، قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد به.

ورواه أيضًا: شيبان بن عبد الرحمن، ومعمر بن راشد؛ كلاهما عن قتادة به مرسلًا، وطوله بعضهم، وشك معمر في رفعه.

أخرجه عبد بن حميد (2/ 50 - نتائج الأفكار)، وابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 526 - ط هجر).

وهذا مرسل بإسناد صحيح؛ وسبق الكلام في الحديث السابق عن هذا الإسناد، وأنه لا يصلح للاستشهاد به لما في الباب، والله أعلم.

• فإن قيل: قد روي مرفوعًا من وجهٍ أقوى مما تقدم ذكره:

فقد روى سفيان بن عيينة، قال: ثنا إسماعيل بن أمية، قال: ثنا أعرابي من أهل البادية، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: "إذا قرأ أحدكم: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فأتى على آخرها: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)}، فليقل: بلى، وإذا قرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} فأتى على آخرها: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (50)} فليقل: آمنا بالله، وإذا قرأ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فأتى على آخرها: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فليقل: بلى".

وربما قال سفيان: "بلى؛ وأنا على ذلك من الشاهدين".

قال سفيان: قال إسماعيل: فاستعدتُّ الأعرابيَّ الحديث [لأنظر كيف حفظه]، فقال: يا ابن أخي! أتراني لم أحفظه؟ لقد حججت ستين حجةً، ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججتُ عليه.

أخرجه أبو داود (887)، والترمذي (3347)، وأحمد (2/ 249)، والحميدي (995)، وابن أبي حاتم في العلل (2/ 90/ 1763)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (436)، والدارقطني في العلل (11/ 247/ 2267)، والبيهقي في السنن (2/ 310)، وفي الشعب (2/ 377/ 2097)، وفي الأسماء والصفات (1/ 39)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 104/ 623)، وفي التفسير (4/ 426)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 42).

قال الترمذي: "هذا حديث إنما يُروى بهذا الإسناد عن هذا الأعرابي، عن أبي هريرة، ولا يسمَّى".

وقال ابن حجر: "هذا حديث حسن، يتقوى بكثرة طرقه".

• وقد اختلف فيه على إسماعيل بن أمية:

أ - فرواه سفيان بن عيينة، قال: ثنا إسماعيل بن أمية، قال: ثنا أعرابي من أهل البادية، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم:

فذكره، من قوله صلى الله عليه وسلم.

ب - ورواه شعبة، عن إسماعيل بن أمية، قال: قلت له: من حدثك؟ قال: [حدثني] رجلُ صِدقٍ، عن أبي هريرة.

ص: 497

ذكره الدارقطني في العلل (11/ 247/ 2267)، والمزي في التحفة (10/ 519/ 15500 - ط دار الغرب)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 43).

هكذا ذكروه، وسياقهم يشعر بأن شعبة رفعه، وظاهره الوقف، ولم أقف عليه مسندًا، والله أعلم.

ج - ورواه معمر بن راشد، عن إسماعيل بن أمية؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ:{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} ، قال:"آمنت بالله وبما أنزل"، وإذا قرأ:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} ، قال:"بلى"، وإذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} ، قال:"بلى". هكذا مرسلًا، بل معضلًا، ومن فعله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 452/ 4052)، وفي التفسير (3/ 383).

د - ورواه يريد بن عياض [ابن جعدبة: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي. التهذيب (4/ 425)]، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي اليسع، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أخرجه ابن أبي حاتم في العلل (2/ 90 / 1763)، والحاكم (2/ 510)، والبيهقي في الشعب (2/ 96/ 20376)، وفي الأسماء والصفات (1/ 39).

قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه".

قلت: أنى له الصحة، وأبو اليسع: مجهول، وابن جعدبة: كذاب.

هـ - ورواه نصر، عن إسماعيل بن أمية، عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

فذكره من قوله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه أبو بكر الشافعي في فوائده "الغيلانيات"(718)، ومن طريقه: الشجري في الأمالي الخميسية (1/ 139 و 156).

ذكره أبو بكر الشافعي فيما يرويه إبراهيم بن طهمان عن نصر بن حاجب، لكنه لم يذكر أباه في الرواية، وذكره الشجري في الأمالي في روايته في الموضع الثاني:"عن نصر بن حاجب"، لكن نص المزي في التحفة (10/ 519/ 15550 - ط دار الغرب) على أنه نصر بن طريف [وهو: متروك، معروف بالوضع. اللسان (8/ 261)]، وقال الدارقطني في العلل:"رواه إبراهيم بن طهمان عن نصر -شيخ له-"، هكذا ولم ينسبه.

والأقرب عندي أنه نصر بن حاجب الخراساني، كما جزم بذلك من أخرج حديثه، وهو أيضًا معروف بالرواية عن إسماعيل بن أمية [انظر: تاريخ واسط (131)]، ولا يُعرف نصر بن طريف بالرواية عن إسماعيل، وقد اختلفت أقوال الأئمة في نصر بن حاجب، فممن عدلوه: أبو حاتم، فقال:"صالح الحديث"، وقال أبو زرعة:"صدوق، لا بأس به"، وقال ابن معين [في رواية عنه]:"ثقة"، وقال ابن عدي:"لم يرو حديثًا منكرًا"، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له في صحيحه، لكنه فرق بينه وبين نصر بن حاجب الذي يروي عن إسماعيل بن أمية.

وتكلم فيه جماعة: فقال ابن معين [في رواية الدوري عنه]، وأبو داود: "ليس

ص: 498

بشيء"، وقال النسائي: "ليس بثقة"، وذكره العقيلي وابن عدي في الضعفاء، وقال البيهقي: "ليس بالقوي" [تاريخ ابن معين للدوري (4/ 358/ 4773)، ضعفاء العقيلي (4/ 301)، الجرح والتعديل (8/ 466)، الثقات (7/ 538) و (9/ 214)، صحيح ابن حبان (15/ 521/ 7047)، الكامل (7/ 38)، سنن البيهقي (2/ 483)، تاريخ بغداد (13/ 277)، اللسان (8/ 259)].

وأما شيخ إسماعيل بن أمية: فإن كان هو محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري، فإنه ليس من التابعين، وإنما يروي عنهم، فروايته هنا مرسلة، وإن كان غيره؛ فلا يُعرف، والله أعلم.

و - ورواه إبراهيم بن أبي يحيى [هو: الأسلمي، وهو: متروك، كذبه جماعة]، عن إسماعيل بن أمية، عن سعد بن عبد الرحمن [لم أعرفه]، عن أبي هريرة به مرفوعًا.

ذكره الدارقطني في العلل (11/ 246 / 2267).

ز - ورواه إسماعيل بن إبراهيم [هو: ابن علية]، عن إسماعيل بن أمية، عن عبد الرحمن بن القاسم [رجل من أهل مكة][لا يُعرف]، قال: قال أبو هريرة: من قرأ:

فذكره بنحو لفظ ابن عيينة، هكذا موقوفًا على أبي هريرة.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (152)، وابن أبي حاتم في العلل (2/ 90/ 1763)، والدارقطني في العلل (11/ 248 / 2267)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (82)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 43).

• قلت: فإذا استبعدنا رواية المتروكين ومن تُكُلِّم فيهم، نرى أنه قد اختلف أربعة من الثقات [ابن عيينة، وشعبة، ومعمر، وابن علية] على إسماعيل بن أمية [وهو مكي، ثقة ثبت]، وقد اختلفت أنظار النقاد في هذا الاختلاف:

قال ابن المديني: "قلت لسفيان بن عيينة: فإن إسماعيل ابن علية رواه عنه -أعني: عن إسماعيل بن أمية-، عن عبد الرحمن بن القاسم -رجل من أهل مكة-، عن أبي هريرة: إذا قرأ أحدكم: {لَا أُقْسِمُ}؟ فقال سفيان: لم يحفظ"[العلل (5/ 2267/ 429 - ط الريان)].

وقال أبو زرعة: "الصحيح: إسماعيل بن أمية، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبي هريرة، موقوف".

وقال الدارقطني عن رواية ابن عيينة: "وقوله أشبه".

وقال النووي في المجموع (4/ 76): "هو ضعيف؛ لأن الأعرابي مجهول، فلا يعلم حاله"، وذكره في فصل الضعيف من الخلاصة (1675).

وقال الذهبي في المغني (2/ 816): "أبو اليسع: لا يُعرف، وإسناده مضطرب"، وقال في الميزان (4/ 589):"لا يُدرى من هو، والسند بذلك مضطرب"، وقال في المقتنى (2/ 156):"لا يصح".

ص: 499

قلت: وأنا أميل إلى قول أبي زرعة بتصحيح الوجه الموقوف، وإن كان لا يثبت في نفسه لجهالة راويه، وذلك لأن مثل هذا لو كان ثابتًا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أو قوله، لاشتهر، أو لنُقِل إلينا ولو بإسناد واحد صحيح، فإن هذه سُنَّة مقترنة بتلاوة القرآن، والنبي صلى الله عليه وسلم يتلوه آناء الليل وأطراف النهار، في الصلوات المكتوبات، وفي تنفله، في مسجده، وفي بيته، في حضره، وفي سفره، فأين الصحابة وأمهات المؤمنين عن نقل ذلك عنه، بل صحت الأسانيد فيما تقدم معنا من حديث البراء بن عازب، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، فصلى العشاء الآخرة، فقرأ في إحدى الركعتين بـ (التِّيْنِ وَالْزَّيْتُونِ)[أخرجه البخاري (767 و 4952)، ومسلم (464/ 175)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (789)]، فلم يذكر أنه أجاب في آخرها بقوله: بلى، وروت أم الفضل بنت الحارث، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بـ (الْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا)، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله [أخرجه البخاري (4429)، ومسلم (462/ 173)، وتقدم تخريجه برقم (810)]، فلم تذكر أنه أجاب في آخرها بقوله: آمنا بالله.

وفي المقابل: لا تخلو أسانيد المرفوع في أجوية القرآن من مقال، بل لم يصح فيه عندي شيء مرفوع؛ وإنما الذي صح فيه موقوفات على الصحابة، ولذلك فإن الترمذي لم يحكم على طريق ابن عيينة بالحسن، وإنما اكتفى بإعلاله وتضعيفه براويه المبهم، إذ كيف ينفرد هذا الأعرابي الذي لا يُعرف اسمه، عن أبي هريرة بهذا الحديث الذي تتوافر الهمم والدواعي على نقله وتحمله عن أبي هريرة، لتعلقه بتلاوة القرآن، على كثرة أصحاب أبي هريرة ووفرتهم، والله أعلم.

والحاصل: فإن حديث أبي هريرة هذا لا يصح مرفوعًا، ولا موقوفًا، والله أعلم.

• ومما روي مرفوعًا، ولا يصح أيضًا:

1 -

إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إذا قرأت: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فبلغت: {بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} فقل: بلى، وإذا قرأت: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} فبلغت: {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} فقل: بلى".

أخرجه جعفر المستغفري في فضائل القرآن (1/ 173/ 70) بإسناده إلى إسحاق.

وهذا حديث منكر؛ ابن أبي فروة: متروك، واتُّهم.

• وتابعه من هو مثله: فرواه أبو بكر الهذلي [متروك الحديث، عامة ما يرويه لا يتابع عليه]، عن محمد بن المنكدر، عن جابر به مرفوعًا.

أخرجه الدارقطني في الأفراد (1/ 322/ 1747 - أطرافه).

قال الدارقطني: "تفرد به: أبو بكر الهذلي عن محمد بن المنكدر".

2 -

محمد بن يونس الكديمي [كذاب، يضع الحديث]، قال: حدثنا شعيب بن بيان الصفار [ضعيف. راجع الحديث المتقدم برقم (863)]، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثني

ص: 500

يونس الطويل -جليس لأبي إسحاق الهمداني-[لم أهتد إليه]، عن البراء بن عازب، قال: لما نزلت هذه الآية {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} قال رسول الله عليه السلام: "سبحانك وبلى".

أخرجه أبو بكر القطيعي في جزء الألف دينار (304)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (10/ 92)، والواحدي في تفسيره الوسيط (4/ 397)، وابن حجر في نتائج الأفكار (2/ 46).

قال ابن حجر: "هذا حديث غريب".

قلت: هو حديث باطل؛ والمعروف عن شعبة في هذا:

ما رواه عنه أصحابه، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه كان إذا قرأ:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)} قال: سبحانك اللَّهُمَّ بلى، وإذا قرأ:{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: سبحان ربي الأعلى.

وهو موقوف صحيح، تقدم تخريجه في الحديث السابق.

3 -

حديث الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18)} [آل عمران: 18]، [قال]:"وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب".

وفي لفظ له من طريق آخر: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات، وعامة قوله عشية إذ:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} إلى آخر الآية: "وأنا أشهد أي ربِّ".

أخرجه أحمد (1/ 166)(1/ 358/ 1438 - ط المكنز)، وابن أبي حاتم في التفسير (2/ 616/ 3303)، والطبراني في الكبير (1/ 124/ 250)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (435)، وأبو طاهر المخلص في الرابع من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (238)(853 - المخلصيات)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ 114/ 445)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (80)، والخطيب في تلخيص المتشابه في الرسم (1/ 511)، وأبو سعد السمعاني في معجم شيوخه (1/ 140/ 11 - المنتخب).

وهو حديث ضعيف؛ له إسنادان: أحدهما فيه مجهولان [وهو إسناد أحمد]، والآخر فيه اختلاف، وصوابه مرسل [كما في فوائد المخلص]، وكلا الإسنادين يدور على أبي سعيد أو أبي سعد عمر بن حفص بن ثابت الأنصاري، إذ عليه مدار الحديث، وتفصيل الكلام عليه يطول.

4 -

روى عمار بن عمر بن المختار: حدثني أبي: حدثني غالب القطان [غالب بن خطاف القطان: ثقة]، قال: أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبًا من الأعمش، فلما كانت ليلة أردت أن أنحدر إلى البصرة، قام فتهجد من الليل، فمر بهذه الآية:{شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: 18، 19] ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شهد الله به،

ص: 501

وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} قالها مرارًا، قلت: لقد سمع فيها شيئًا، فغدوت إليه فودَّعته، ثم قلت: يا أبا محمد! إني سمعتك تردد هذه الآية؟ قال: أو ما بلغك ما فيها؟ قلت: أنا عندك منذ شهر، لم تحدثني؟ قال: والله لا أحدثك بها إلى سنة، فأقمت سنة، فكنت على بابه، فلما مضت السنة، قلت: يا أبا محمد! قد مضت السنة، قال: حدثني أبو وائل، عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بصاحبها يوم القيامة، فيقول الله عز وجل: عبدي عهد إليَّ، وأنا أحقُّ من وفى بالعهد، أدخلوا عبدي الجنة".

أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 325)، والطبراني في الكبير (10/ 199 / 10453)، وابن عدي في الكامل (5/ 35) و (6/ 7)، وأبو نعيم في الحلية (6/ 187)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (81 و 1146)، والبيهقي في الشعب (2/ 465/ 2414)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم (1/ 415/ 607)، والخطيب في التاريخ (7/ 193)، وأبو القاسم المهرواني في فوائده "المهروانيات"(166)، والواحدي في تفسيره الوسيط (1/ 421)، والبغوي في التفسير (1/ 286)، والشجري في الأمالي الخميسية (1/ 33)، وابن الجوزي في العلل المتناهية (1/ 110 و 111/ 146 - 148).

قال العقيلي: "عمار بن عمر بن المختار عن أبيه: ولا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به".

وقال ابن عدي بعد أن أورده في ترجمة عمر بن المختار مع حديث آخر: "وهذان الحديثان لا يحدث بهما بإسناديهما غير عمر بن المختار، وقد حدثنا علي بن سعيد عن عمار بن عمر بن مختار عن أبيه بغير حديث، ومقدار ما يرويه: فيه نظر"، وكان قال في أول ترجمته:"يحدث بالبواطيل عن يونس بن عبيد وغيره".

وقال بعد أن أورده في ترجمة غالب القطان: "وفي حديثه بعض النكرة، وقد روى عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله حديث: {شَهِدَ اللَّهُ}: حديث معضل، رواه عنه عمر بن المختار بصري، ورواه عن عمر: عمار بن عمر ابنه".

فتعقبه الذهبي في الميزان (3/ 330) بقوله: "قلت: الآفة من عمر؛ فإنه متَّهم بالوضع، فما أنصف ابن عدي في إحضاره هذا الحديث في ترجمة غالب، وغالب من رجال الصحيحين، وقد قال فيه أحمد بن حنبل -كما قدمناه-: ثقة ثقة".

وقال أبو نعيم: "غريب من حديث الأعمش، تفرد به: عمر بن المختار عن غالب".

وقال البيهقي: "عمار بن عمر بن المختار عن أبيه: ضعيفان، وهذا لم يأت به غيرهما، والله أعلم".

وقال الخطيب: "هذا حديث غريب جدًّا؛ من حديث أبي وائل شقيق عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود، ومن حديث سليمان الأعمش عن أبي وائل، تفرد به: غالب بن خطاف القطان البصري عن الأعمش، ولم نكتبه إلا من رواية عمار بن عمر بن المختار عن أبيه عن غالب".

ص: 502

وقال ابن الجوزي: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، تفرد به: عمر بن المختار، وعمر يحدث بالأباطيل".

وقال ابن حجر في اللسان (6/ 48): "وليست الآفة في هذا الحديث إلا من عمر بن المختار".

قلت: هو حديث باطل.

وانظر أيضًا: فضائل القرآن لأبي عبيد (151).

• ومما روي عن الصحابة في هذا المعنى أيضًا:

1 -

ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن يوسف بن ماهك، عن عبد الله بن السائب، قال: أخَّر عمر بن الخطاب -كرم الله وجهه- العشاء الآخرة، فصليتُ، ودخل فكان في ظهري، فقرأت:{وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} حتى أتيت على قوله: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} ، فرفع صوته حتى ملأ المسجد: أشهد.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (149)، ومن طريقه: جعفر المستغفري في فضائل القرآن (74).

قلت: وهذا إسناد مكي، رجاله ثقات، وعبد الله بن السائب هو: المخزومي المكي، له صحبة، ولم أقف لابن ماهك على سماعه من عبد الله بن السائب، وإن كان أدركه، والله أعلم.

• ورواه عباد بن العوام، عن سعيد بن إياس الجريري، عن جعفر بن إياس، قال: دخل عمر بن الخطاب رضوان الله عنه المسجد، وقد سُبِق ببعض الصلاة، فنشب في الصف، وقرأ الإمام:{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ (22)} [الذاريات: 22]، فقال عمر: وأنا أشهد.

أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن (149)، ومن طريقه: جعفر المستغفري في فضائل القرآن (75).

إسناده ضعيف؛ لأجل انقطاعه، فإن أبا بشر جعفر بن أبي وحشية: لم يدرك عمر، وعباد بن العوام ممن سمع من الجريري بعد الاختلاط [انظر: بيان الوهم (5/ 217)، الكواكب النيرات (24)، وهو دون الطبقة التي سمعت منه قبل الاختلاط].

ولعل هذا الأثر يصح بمجموع هذين الطريقين، والله أعلم.

2 -

الثوري، عن الأعمش، عن أبي الضحى؛ أن عائشة مرّت بهذه الآية {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27)} [الطور: 27] فقالت: ربِّ مُنَّ عليَّ وقِني عذابَ السَّموم.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 445 / 4048)، عن الثوري به.

وخالفه: عبد الرحمن بن مهدي، فرواه عن سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، قال: حدثني من سمع عائشة،

فذكره عنها.

أخرجه أحمد في الزهد (909)، ومن طريقه: أبو نعيم في الحلية (2/ 48).

ص: 503

• ورواه شعبة، وشيبان بن عبد الرحمن، ووكيع بن الجراح، وسعيد بن أبي عروبة [ولم يسمع من الأعمش]:

عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها كانت إذا قرأت

فذكره.

وفي رواية وكيع: قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم.

أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 25/ 6036)، وابن أبي الدنيا في الرقة والبكاء (98)، وابن أبي حاتم في التفسير (10/ 3316 / 18686)، والبيهقي في الشعب (2/ 375 / 2092)(4/ 245/ 1924 - ط الأوقاف القطرية).

قلت: هكذا عيَّن المبهم في رواية الثوري: جماعةٌ من الثقات فيهم شعبة، فالقول قولهم، وبهذا يصح هذا الأثر عن عائشة، فهو موقوف صحيح، على شرط الشيخين، والله أعلم.

• وانظر فيما لا يصح عنهم:

1 -

عن عمر بن الخطاب [عند: ابن المبارك في الزهد (235)، وأبي عبيد في فضائل القرآن (150)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (76 و 79)].

2 -

عن علي بن أبي طالب، وليس بمحفوظ عنه، إنما هو من قول التابعي الراوي عنه: حجر بن قيس المدري، وفي الرواي عنه جهالة [عند: الحاكم (2/ 477)، وعنه: البيهقي في السنن (2/ 311)، وفي الشعب (1/ 239/230)] [وانظر للتصحيح: مصنف عبد الرزاق (2/ 452 - 453/ 4053)، فضائل القرآن لأبي عبيد (153)، العلل ومعرفة الرجال (1/ 318/ 552)، التاريخ الكبير للبخاري (4/ 228)، فضائل القرآن للمستغفري (86)].

ولفظه عند الحاكم والبيهقي: شداد بن جابان الصنعاني، عن حجر بن قيس المدري، قال: بت عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسمعته وهو يصلي من الليل يقرأ، فمرَّ بهذه الآية:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة: 58، 59] قال: بل أنت يارب، ثلاثًا، ثم قرأ:{أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (64)} [الواقعة: 63، 64] قال: بل أنت يا رب، ثلاثًا، ثم قرأ:{أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (68) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (69)} [الواقعة: 68، 69] قال: بل أنت يا رب، ثلاثًا ثم قرأ:{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (72)} [الواقعة: 71، 72] قال: بل أنت يا رب، ثلاثًا.

3 -

عن عبد الله بن مسعود [عند: أبي عبيد في فضائل القرآن (150)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (77 و 78)].

• وفي نهاية المطاف: فإنه لا يصح في الباب شيء مرفوع، إنما هي موقوفات قد ثبتت عن عدد من الصحابة، والثابت في هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في قيام الليل لا يمرُّ

ص: 504