المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٩

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌130 - باب تخفيف الأخريين

- ‌15).***131 -باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌133 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌باب تكميلي

- ‌باب القراءة في صلاة العشاء

- ‌134 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌135 - باب القراءة في الفجر

- ‌136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

- ‌137 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

- ‌138 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

- ‌139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة

- ‌140 - باب تمام التكبير

- ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌142 - باب النهوض في الفرد

- ‌143 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌145 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌(14/ 407)].***146 -باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال [وفي نسخة: مع الإمام] رؤوسهنَّ من السجدة

- ‌147 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌148 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه

- ‌150 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

- ‌151 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌152 - باب في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

- ‌154 - باب مقدار الركوع والسجود

- ‌155 - باب أعضاء السجود

- ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

- ‌157 - باب السجود على الأنف والجبهة

- ‌(1/ 306).158 -باب صفة السجود

الفصل: ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدا كيف يصنع

وعليه: فهو موقوف صحيح.

• وانظر له أسانيد أخرى موقوفًا على ابن عمر: مصنف عبد الرزاق (2/ 2933/172 و 2936)، مصنف ابن أبي شيبة (1/ 233/ 2673) و ‌

(1/ 236/ 2716).

***

156 -

باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

؟

893 -

. . . سعيد بن الحكم حدثهم: أخبرنا نافع بن يزيد: حدثني يحيى بن أبي سليمان، عن زيد بن أبي العتاب، وابن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجودٌ فاسجدوا، ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة".

• حديث منكر.

أخرجه ابن خزيمة (3/ 57 - 58/ 1622)، والحاكم (1/ 216 و 273 - 274)، وابن عدي في الكامل (7/ 230)، والدارقطني (1/ 347)، والبيهقي في السنن (2/ 89)، وفي المعرفة (1/ 580/ 826)، والمزي في التهذيب (10/ 88)، وعلقه البخاري في القراءة خلف الإمام (229).

هكذا رواه عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم: سبعة من الثقات، أكثرهم أئمة حفاظ: محمد بن يحيى بن فارس الذهلي [ثقة ثبت متقن، حافظ إمام]، وأحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي [ثقة ثبت حافظ. الجرح والتعديل (2/ 61)، السير (13/ 47)، مغاني الأخيار (1/ 28)]، وإبراهيم بن هانئ النيسابوري [ثقة حافظ إمام. الجرح والتعديل (2/ 144)، تاريخ بغداد (6/ 204)، السير (13/ 17)]، والفضل بن محمد الشعراني [ثقة حافظ، تُكُلِّم فيه بغير حجة. السير (13/ 317)، التذكرة (2/ 626)، اللسان (6/ 350)]، وأبو يحيى عبد الله بن أحمد بن زكريا بن الحارث بن أبي مسرة [ثقة مشهور. الجرح والتعديل (5/ 6)، الثقات (8/ 369)، السير (12/ 632)]، ومحمد بن سهل بن عسكر [ثقة]، ويحيى بن أيوب بن بادي العلاف [صدوق].

قال البخاري: "ويحيى: منكر الحديث، روى عنه أبو سعيد مولى بني هاشم وعبد الله بن رجاء البصري مناكير، ولم يتبين سماعه من زيد، ولا من ابن المقبري، ولا تقوم به الحجة".

وقال ابن خزيمة: "في القلب من هذا الإسناد؛ فإني كنت لا أعرف يحيى بن أبي سليمان بعدالة ولا جرح"، قال:"نظرت فإذا أبو سعيد مولى بني هاشم قد روى عن يحيى بن أبي سليمان هذا أخبارًا ذوات عدد"، قال:"وهذه اللفظة: "فلا تعدُّوها شيئًا" من الجنس الذي بينت في مواضع من كتبنا، أن العرب تنفي الاسم عن الشيء لنقصه عن

ص: 524

الكمال والتمام، والنبي صلى الله عليه وسلم إن صح عنه الخبر- أراد بقوله:"فلا تعدُّوها شيئًا"؛ أي: لا تعدُّوها سجدةً تجزئ من فرض الصلاة، لم يُرِد: لا تعدُّوها شيئًا لا فرضًا ولا تطوعًا".

وقال ابن عدي بعد أن أورد هذا الحديث في ترجمة يحيى بن أبي سليمان: "وليحيى بن أبي سليمان غير ما ذكرت، وهو ممن تكتب أحاديثه، وإن كان بعضها غير محفوظ".

لكن قال الحاكم في الموضع الأول: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ويحيى بن أبي سليمان: من ثقات المصريين".

وقال في الموضع الثاني: "هذا حديث صحيح، قد احتج الشيخان برواته عن آخرهم، غير يحيى بن أبي سليمان، وهو شيخ من أهل المدينة، سكن مصر، ولم يُذكر بجرح".

فتعقبه ابن حجر في الإتحاف (14/ 640/ 18389) بقوله: "قد قال البخاري: إنه منكر الحديث، وهذا كافٍ في جرحه من مثل البخاري".

وقال البيهقي في السنن: "تفرد به: يحيى بن أبي سليمان المديني، وقد روي بإسناد آخر أضعف من ذلك عن أبي هريرة".

وقال في المعرفة: "تفرد به: يحيى بن أبي سليمان هذا، وليس بالقوي".

وقال عبد الحق في الأحكام الكبرى (2/ 154)، وبنحوه في الوسطى (1/ 340):"يحيى بن أبي سليمان هذا: مضطرب الحديث".

وذكره النووي في فصل الضعيف من الخلاصة (2324)، وضعفه بيحيى.

وقال ابن رجب في الفتح (3/ 250): "وفي إسناده من ضُعِّف".

• قلت: يحيى بن أبي سليمان المدني: قال فيه البخاري: "منكر الحديث"، وروى له حديثًا آخر في الأدب المفرد (1279) بإسناد رجاله كلهم ثقات مشهورون؛ غير يحيى هذا، ثم أتبعه بقوله:"في إسناده نظر"، وروى له الترمذي حديثًا ثالثًا في موضعين، بإسناد رجاله كلهم ثقات مشهورون؛ غير يحيى هذا، ثم قال في الموضع الأول (2429) (4/ 427/ 2598 - طـ الرسالة):"هذا حديث حسن غريب"، وقال في الموضع الثاني (3353) (5/ 542/ 3647 - طـ الرسالة) (228/ ب- نسخة الكروخي) (9/ 313/ 13076 - تحفة الأشراف):"هذا حديث حسن صحيح غريب"، وفي التحفة:"حسن غريب صحيح"، وقال أبو حاتم:"ليس بالقوي، مضطرب الحديث، يكتب حديثه"، وسأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث رابع رجاله كلهم ثقات مشاهير؛ غير يحيى هذا، فقال:"هذا حديث منكر بهذا الإسناد"، وليس فيه من يحمل تبعته غير يحيى هذا، وقد أخطأ في إسناده ومتنه، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال ابن عدي:"وهو ممن تكتب أحاديثه، وإن كان بعضها غير محفوظ"، وقال البيهقي:"ليس بالقوي"، وقال ابن خزيمة:"في القلب من هذا الإسناد؛ فإني كنت لا أعرف يحيى بن أبي سليمان بعدالة ولا جرح"، وأما ذكر ابن حبان له في

ص: 525

الثقات؛ فإنه على قاعدته، حيث تبع في ذلك البخاري، وقد ذكره البخاري في تاريخه الكبير ولم يُتبعه بجرح، وإنما تكلم عنه البخاري في أحاديثه التي رواها له في القراءة والأدب، ولخفاء ذلك على ابن حبان فقد صحح له [صحيح ابن حبان (5607 و 7360)]، وأما توثيق الحاكم فهو فيه أشبه بتصرف ابن حبان في ثقاته، وكلامه في الموضع الثاني بأنه لم يُذكر بجرح يفسر توثيقه في الموضع الأول، كذلك فإنه لم يعرف بلد الرجل، حيث جعله مصريًّا، لمجرد رواية المصريين عنه، وإنما هو مدني، وقد رجع إلى ذلك في الموضع الثاني [التاريخ الكبير (8/ 280)، الجرح والتعديل (9/ 154)، علل ابن أبي حاتم (2/ 350/ 2571)، ضعفاء العقيلي (4/ 407)، الثقات (7/ 604)، سنن البيهقي (7/ 266)، تاريخ بغداد (14/ 108)، غنية الملتمس (646)، الميزان (4/ 383)، تاريخ الإسلام (9/ 666)، مختصر الكامل (2129)، التهذيب (4/ 363)].

والحاصل: فإن هذا الحديث: حديث منكر؛ تفرد به: يحيى بن أبي سليمان المديني [وهو: ضعيف] عن سعيد المقبري وزيد بن أبي العتاب، ولا يُعرف له سماع منهما.

• قلت: وهذا الحديث إنما يُعرف بيحيى بن أبي سليمان، كما يدل عليه كلام الأئمة الحفاظ، ولا يُعرف من حديث جعفر بن ربيعة؛ إلا وهمًا ممن رواه من حديثه، فإما أن يكون دخل له حديث في حديث، أو انتقل بصره فأسقط إسناد حديث الباب، وألزق متنه بحديث الوعك، وإنما هو حديث الوعك وحده.

• فقد روى جماعة من الثقات الحفاظ وغيرهم [يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل بن يوسف الترمذي، وأبو بكر محمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن سهل بن عسكر، ويوسف بن يزيد بن كامل بن حكيم القراطيسي، ومحمد بن مسكين بن نميلة، ومحمد بن سنجر، ويحيى بن أيوب بن بادي العلاف، وعلي بن داود بن يزيد القنطري، وعبيد بن عبد الواحد بن شريك][وهم عشرة]:

عن سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن نافع بن يزيد، قال: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب؛ أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن أزهر حدثه، عن أبيه عبد الرحمن بن أزهر؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما مثل المؤمن حين يصيبه الوعك -أو: الحمى- كمثل حديدة تدخل النار فيذهب خبثها، ويبقى طيبها". هكذا، ولم يتبعوه بحديث الباب في المسبوق.

أخرجه يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (1/ 122 و 173)، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات (24)، والبزار (8/ 379/ 3456)(1/ 362/ 756 و 757 - كشف الأستار)، والروياني (1539)، والطبراني في الكبير (10/ 591/ 13469 - إتحاف المهرة)(2/ 302 - مجمع الزوائد)، والحاكم (1/ 73 و 348) و (3/ 431)، والبيهقي في السنن (3/ 374)، وفي الشعب (7/ 159/ 9838)، وفي الآداب (738)، وابن عبد البر في التمهيد (24/ 59)، وابن الأثير في أسد الغابة (3/ 437 - 438).

ص: 526

• لكن رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (4/ 1818/ 4592)، وعنه: الخطيب في المتفق والمفترق (3/ 1505/ 922) من طريق إسماعيل بن عبد الله الأصبهاني سمويه.

وابن عساكر في تاريخ دمشق (34/ 185) من طريق ابن منده.

من طريق: سعيد بن الحكم بن أبي مريم: ثنا نافع بن يزيد: حدثني جعفر بن ربيعة، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن السائب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الأزهر، حدثه عن أبيه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إنما مثل العبد المؤمن حين يصيبه الوعك -أو: الحمى- كمثل حديدة تدخل النار فيذهب خبثها ويبقى لهيبها".

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جئتم الصلاة ونحن سجود فاسجدوا، ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة".

وهذا ظاهر عندي في دخول هذا الحديث على حديث الوعك، وأنه لم يكن بإسناده، وليس لجعفر بن ربيعة في حديث الباب ناقة ولا جمل، وإنما انتقل بصر الراوي أو الناسخ، فأسقط إسناد حديث المسبوق، وجعله بإسناد حديث الوعك، لا سيما وفي الإسناد إلى ابن أبي مريم من ضُعِّف، والله أعلم.

فإن شيخ ابن منده فيه: محمد بن عبد الله بن إبراهيم البغدادي، وهو: ابن ثابت الأشناني، قال الدارقطني:"كذاب دجال، يضع الأحاديث"، وقال الخطيب:"كان كذابًا، يضع الحديث"[ضعفاء الدارقطني (495)، تاريخ بغداد (5/ 439)، اللسان (7/ 249)][وقد رواه الأشناني عن أبي إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي عن ابن أبي مريم به بهذه الزيادة، وقد رواه غيره عن أبي إسماعيل الترمذي بدونها، كما تقدم].

وشيخ أبي نعيم فيه: عبد الله بن جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهاني -راويه عن سمويه-، وثقه جماعة، ويغلب على ظني أنه هو الذي وقع له الوهم في هذا الحديث [ترجمه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (4/ 237)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/ 40)، والسمعاني في الأنساب (1/ 175)، وابن نقطة في التقييد (378)، والذهبي في السير (15/ 553)، وفي تاريخ الإسلام (25/ 350)][وقد خفيت هذه العلة على ابن رجب فجوَّد إسناده في الفتح (3/ 251)، وذكر عن الضياء المقدسي بأنه لا يعلم له علة].

والحديث قد رواه عن ابن أبي مريم بالإسناد الأول سبعة من الثقات، ولا يُعرف عنه بهذا الإسناد الثاني إلا من هذين الطريقين، وفي أحدهما كذاب، والثاني غريب جدًّا، والوهم ظاهر من سياقه، والله أعلم.

• فإن قيل: لنافع بن يزيد الكلاعي في هذا الحديث إسناد آخر، لكنه اختصر الحديث، وزاد فيه:

فقد روى نافع بن يزيد الكلاعي المصري، عن ابن الهاد، عن عبد الوهاب بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة وفضلها".

ص: 527

أخرجه الطحاوي في المشكل (2/ 223/ 855 - ترتيبه)، وتمام في الفوائد (562)، وابن عبد البر (7/ 63).

فيقال: هذه الرواية وهمٌ، سبق التنبيه عليه تحت الحديث رقم (412)، فليراجع.

• ومما رآه بعضهم متابعًا أو شاهدًا لحديث يحيى بن أبي سليمان هذا:

1 -

ما رواه يحيى بن حميد، عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه".

وهو حديث منكر؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (412).

2 -

وما رواه جماعة من الضعفاء والمتروكين، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أدرك الركوع من الركعة الآخرة يوم الجمعة فليضف إليها أخرى، ومن لم يدرك الركوع من الركعة الأخرى فليصل الظهر أربعًا".

وهو حديث منكر؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (412).

3 -

وما رواه ياسين بن معاذ الزيات [متروك، منكر الحديث. اللسان (8/ 411)]، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك من الجمعة ركعة صلى إليها أخرى، فإن أدركهم جلوسًا صلى الظهر أربعًا".

وهو حديث منكر؛ تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (412)، وقد قال فيه أبو حاتم:"أما حديث سعيد عن أبي هريرة، فمتنه: "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها"، وهذا حديث لا أصل له"[العلل (1/ 203/ 584)].

4 -

وما رواه عيسى بن إبراهيم بن مثرود [الغافقي: ثقة]، وهارون بن معروف [ثقة حافظ]:

قالا: نا عبد الله بن وهب، عن يزيد بن عياض، عن أبي حازم، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة".

لفظ الغافقي، ولفظ هارون:"من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة".

أخرجه الطبراني في الأوسط (4/ 252/ 4119)، وابن عدي في الكامل (7/ 264).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن أبي حازم إلا يزيد بن عياض، ولا عن يزيد إلا ابن وهب، تفرد به: عيسى بن إبراهيم".

وقال ابن عدي: "وهذا الحديث عن أبي حازم، عن سعيد بن المسيب، يرويه عنه: يزيد بن عياض".

قلت: هو حديث باطل؛ تفرد به: يزيد بن عياض بن جعدبة، وهو: متروك، كذبه مالك وابن معين والنسائي [التهذيب (4/ 425)].

5 -

وما رواه عمرو بن مرزوق [ثقة]: أنبأ شعبة، عن عبد العزيز بن رفيع، عن

ص: 528

رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا جئتم والإمام راكع فاركعوا، وإن كان ساجدًا فاسجدوا، ولا تعتدُّوا بالسجود؛ إذا لم يكن معه الركوع".

أخرجه البيهقي (2/ 89)، بإسناد صحيح إلى عمرو بن مرزوق.

• ثم رواه البيهقي، قال: أخبرنا أبو عبد الله [هو الحافظ الكبير أبو عبد الله الحاكم المعروف بابن البيِّع، صاحب المستدرك]: أنبأ محمد بن جعفر الفراء [هو: محمد بن جعفر بن محمد بن مطر، أبو عمرو المزكي النيسابوري: ثقة متقن. تاريخ نيسابور (665)، السير (16/ 162)، تاريخ الإسلام (26/ 213)]: ثنا يحيى بن محمد [هو: يحيى بن محمد بن البختري: ثقة. تاريخ بغداد (14/ 229)، تاريخ الإسلام (22/ 323)]: ثنا عبيد الله بن معاذ [ثقة حافظ]: ثنا أبي [معاذ بن معاذ العنبري: ثقة متقن]: ثنا شعبة: ثنا عبد العزيز بن محمد المكي، عن رجل، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من لم يدرك الركعة لم يدرك الصلاة".

[وانظر فيمن أتى عن شعبة فيه بما ليس من حديثه: علل الدارقطني (6/ 58/ 975)].

ويغلب على ظني أن شيخ شعبة فيهما واحد، وأنه عبد العزيز بن رفيع، فقد رواه عنه جماعة من الثقات بهذا:

• فقد رواه يحيى بن سعيد القطان، ويعلى بن عبيد الطنافسي، وعبد الرزاق:

عن الثوري، عن عبد العزيز بن رفيع، عن شيخ للأنصار، قال: دخل رجلٌ المسجد، والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فسمع خفق نعليه، فلما انصرف قال: على أي حالٍ وجدتنا؟ قال: سجودًا فسجدتُّ، قال:"كذلك فافعلوا، ولا تعتدوا بالسجود؛ إلا أن تدركوا الركعة، وإذا وجدتم الإمام قائمًا فقوموا، أو قاعدًا فاقعدوا، أو راكعًا فاركعوا، أو ساجدًا فاسجدوا، أو جالسًا فاجلسوا".

أخرجه عبد الرزاق (2/ 281/ 3373)، ومسدد بن مسرهد (4/ 84/ 479 - المطالب)(2/ 395/ 1967 - إتحاف الخيرة)، والبيهقي (2/ 296).

• ورواه جرير بن عبد الحميد، عن عبد العزيز بن رفيع، عن رجل من أهل المدينة، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ أنه سمع خَفْقَ نعلي، وهو ساجدٌ، فلما فرغ من صلاته قال:"من هذا الذي سمعت خَفْقَ نعله؟ " قال: أنا يا رسول الله، قال:"فما صنعت؟ " قال: وجدتك ساجدًا فسجدت، فقال:"هكذا فاصنعوا، ولا تعتدُّوا بها، من وجدني راكعًا أو قائمًا أو ساجدًا؛ فليكن معي على حالي التي أنا عليها".

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 227/ 2601).

• ورواه أبو بكر بن عياش، عن عبد العزيز بن رفيع، عن رجل من الأنصار، عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 227/ 2602).

وهذا حديث ضعيف؛ لما سبق تقريره قبلُ، فإن عبد العزيز بن رفيع، وإن كان من

ص: 529

ثقات التابعين، قد روى عن جماعة من صغار الصحابة، إلا أنه يروي عن جماعة من التابعين، ولم يذكر سماعه من الشيخ الأنصاري المدني، وهذا الشيخ الأنصاري يحتمل أن يكون صحابيًّا أو تابعيًّا، فإن كان تابعيًّا فالإرسال فيه ظاهر، وإن كان صحابيًّا فإن احتمال عدم إدراك عبد العزيز له قائم، ومن ثم فالاتصال غير متحقق أيضًا، وهذا فضلًا عن كون عبد العزيز بن رفيع لم يصفه بالصحبة، ولم يشهد له بها، والله أعلم.

ثم وجدت الدارقطني في العلل (6/ 58/ 975) بعد أن ذكر رواية واهيةً من طريق: عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة الباهلي [وهو: متروك، يضع الحديث. اللسان (5/ 116)]، قال:"وخالفه: الثوري، وزهير، وجرير، وشريك، فرووه عن عبد العزيز بن رفيع، قال: حدثني شيخ من الأنصار مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصحيح".

فجعل الأنصاري تابعيًّا، لذا حكم عليه بالإرسال، وإن كان التصريح بالسماع لم يأت إلا من طريق شريك، فلا عبرة به، والله أعلم.

• وأما ما رواه الخطيب في المتفق والمفترق (1/ 367/ 180)، بإسناد صحيح إلى: إسماعيل بن زياد الدولابي، قال: أخبرنا أبو يوسف، عن منصور بن دينار، عن عبد العزيز بن رفيع، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أدرك السجود فليسجد، ولا يعتدَّنَّ به، ومن أدرك الركعة فليركع، وليحتسب بها".

فإنه لا يثبت؛ منصور بن دينار: ضعفه الجمهور، وقال أبو حاتم:"ليس به بأس"، واختلف قول أبي زرعة فيه [تاريخ ابن معين للدوري (3/ 493/ 2410)، التاريخ الكبير (7/ 347)، سؤالات البرذعي (435)، ضعفاء العقيلي (4/ 191)، الجرح والتعديل (8/ 171)، ثقات ابن حبان (7/ 477)، الكامل (6/ 392)، التعجيل (1067)، اللسان (8/ 160)].

وأبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي: صدوق، كثير الخطأ [اللسان (8/ 518)، الجرح والتعديل (9/ 201)]، وإسماعيل بن زياد الدولابي: مجهول، ترجم له الخطيب في التاريخ (6/ 249)، وفي المتفق (1/ 367)، والسمعاني في الأنساب (2/ 510)، برواية ابنه محمد وحده عنه، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، ولا روايةً غير هذا الحديث [ومحمد: قد وثقه الخطيب. تاريخ بغداد (2/ 38)، الأنساب (2/ 510)، تاريخ دمشق (52/ 100)، المنتظم (12/ 263)].

6 -

وروى المسعودي، عن عمرو بن مُرَّة، عن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، قال: أُحِيلَتْ الصلاةُ ثلاثةَ أحوالٍ، وأُحيلَ الصيامُ ثلاثةَ أحوالٍ،

فذكر الحديث، والشاهد منه: قال: وكانوا يأتون الصلاة وقد سبقهم ببعضها النبي صلى الله عليه وسلم، قال: فكان الرجل يشير إلى الرجل إن جاء: كَمْ صلى؟ فيقول: واحدةً أو اثنتين، فيصليها ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، قال: فجاء معاذ، فقال: لا أجده على حالٍ أبدًا إلا كنتُ عليها، ثم قضيتُ ما سبقني، قال: فجاء وقد سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها، قال: فثبت معه، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته، قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إنه قد سنَّ لكم معاذ فهكذا فاصنعوا".

ص: 530

وهو حديث ضعيف؛ صوابه مرسل، تقدم برقم (506 و 507).

• هكذا كل ما جاء صريحًا في هذا الباب لا يصح منه شيء، قال النووي في الخلاصة (2/ 670):"باب المسبوق يدرك الإمام راكعًا؛ أحاديثه ضعيفة".

• ومما يصح الاحتجاج به في هذا الباب من الأحاديث الثابتة الصحيحة:

1 -

حديث أبي بكرة في الركوع دون الصف، وما جاء في معناه عن الصحابة، وقد تقدم تخريجه مفصلًا برقم (683)، وهو حديث صحيح، قال البيهقي في السنن (2/ 90):"باب من ركع دون الصف، وفي ذلك دليل على إدراك الركعة، ولولا ذلك لما تكلفوه".

وقال ابن رجب في الفتح (5/ 12): "ولم يكن حرص أبي بكرة على الركوع دون الصف إلا لإدراك الركعة، وكذلك كل من أمر بالركوع دون الصف من الصحابة ومن بعدهم؛ إنما أمر به لإدراك الركعة، ولو لم تكن الركعة تُدرَك به لم يكن فيه فائدة بالكلية، ولذلك لم يقل منهم أحد: أن من أدركه ساجدًا فإنه يسجد حيث أدركته السجدة، ثم يمشي بعد قيام الإمام حتى يدخل الصف، ولو كان الركوع دون الصف للمسارعة إلى متابعة الإمام فيما لا يعتد به من الصلاة، لم يكن فرق بين الركوع والسجود في ذلك، وهذا أمر يفهمه كل أحد من هذه الأحاديث والآثار الواردة في الركوع خلف الصف، فقول القائل: لم يصرحوا بالاعتداد بتلك الركعة هو من التعنت والتشكيك في الواضحات، ومثل هذا إنما يحمل عليه الشذوذ عن جماعة العلماء، والانفراد عنهم بالمقالات المنكرة عندهم".

2 -

وما رواه ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها تمشون، وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا".

وهو حديث متفق على صحته [البخاري (636 و 908)، مسلم (602)، تقدم تخريجه برقم (572)]، وفيه دليل على أن المسبوق يدخل مع الإمام على أي حالٍ كان عليها، راكعًا أو ساجدًا أو جالسًا، فيصلي ما أدرك، ويتم ما فاته؛ إلا أنه لا يعتد بما دون الركوع، كما دل على ذلك حديث أبي بكرة، وما ثبت عن الصحابة في ذلك.

• ومما صح في ذلك عن الصحابة:

1 -

روى بشر بن المفضل، وعلي بن عاصم:

عن خالد الحذاء، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص، عن عبد الله [بن مسعود]، قال: من لم يدرك الإمام راكعًا لم يدرك تلك الركعة.

وفي رواية: من أدرك الركوع فقد أدرك.

أخرجه ابن المنذر في الأوسط (4/ 196/ 2023)، والبيهقي (2/ 90).

وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.

2 -

وروى إسرائيل [وعنه: عبيد الله بن موسى، وأبو غسان مالك بن إسماعيل، ويحيى بن آدم، وعبد الرزاق]، وزهير بن معاوية، ومعمر بن راشد:

ص: 531

عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، وهبيرة بن يريم، عن علي، وابن مسعود، قالا: من لم يدرك الركعة فلا يعتد بالسجود.

وفي رواية: من فاته الركوع فلا يعتد بالسجود.

وفي رواية: لا يعتدُّ بالسجود إذا لم يدرك الركوع.

منهم من أفرد هبيرة دون أبي الأحوص، وبالعكس، ومنهم من أفرد ابن مسعود دون علي، وبالعكس أيضًا، ومنهم من جمع.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 281/ 3371 و 3372)، وابن أبي شيبة (1/ 228/ 2615 و 2616)(2/ 462/ 2630 و 2631 - ط عوامة)(2/ 96/ 2627 و 2628 - طـ الرشد)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 196/ 2025)، والطبراني في الكبير (9/ 270/ 9351 و 9352) و (9/ 309/ 9548)، والبيهقي (2/ 90).

وهذا موقوف بإسناد صحيح.

3 -

وروى الطبراني في الكبير (9/ 270/ 9349 و 9350) بأسانيد صحيحة إلى سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، قال: من أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة.

وهذا موقوف على ابن مسعود بإسناد صحيح.

4 -

وروى منصور، عن زيد بن وهب، قال: خرجت مع عبد الله -يعني: ابن مسعود- من داره إلى المسجد، فلما توسَّطنا المسجد ركع الإمام، فكبر عبد الله ثم ركع، وركعت معه، ثم مشينا راكعَين حتى انتهينا إلى الصف حتى [وفي رواية: حين] رفع القوم رؤوسهم، فلما قضى الإمام الصلاة، قمت وأنا أرى أني لم أدرك، فأخذ عبد الله بيدي فأجلسني، وقال: إنك قد أدركت.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (2/ 314): "متصل صحيح من رواية أئمة أهل الحديث".

قلت: وهو كما قال، إسناده كوفي صحيح، رجاله أئمة ثقات، روى لهم الجماعة، وقد سبق تخريجه مع طرق أخرى تحت الحديث رقم (684)، فلتراجع.

5 -

وروى ابن جريج، قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر، قال: إذا أدركت الإمام راكعًا فركعت قبل أن يرفع [الإمام رأسه] فقد أدركت [تلك الركعة]، وإن رفع قبل أن تركع فقد فاتتك.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 279/ 3361) و (2/ 282/ 3374)، وابن أبي شيبة (1/ 219/ 2520)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 196/ 2022)، والبيهقي (2/ 90 و 296).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

6 -

وروى مالك، عن نافع؛ أن عبد الله بن عمر بن الخطاب كان يقول: إذا فاتتك الركعة فقد فاتتك السجدة.

ص: 532

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 42/ 16)، ومن طريقه: البيهقي (2/ 90)، وأبو موسى المديني في اللطائف (232 و 305 و 550).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

7 -

وروى عبيد الله بن عمر العمري، وجعفر بن برقان، وغيرهما:

عن نافع، عن ابن عمر، قال: على أي حالٍ وجدت الإمام فاصنع كما يصنع. أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 228/ 2608)(2/ 2623/461 - ط عوامة)(2/ 95/ 2620 - طـ الرشد)، وأبو جعفر ابن البختري في الحادي عشر من حديثه (160)(656 - مجموع مصنفاته)، والبيهقي (2/ 296).

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

8 -

وروى ابن شهاب الزهري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، أنه قال: دخل زيد بن ثابت المسجد فوجد الناس ركوعًا، فركع، ثم دبَّ حتى وصل الصف.

موقوف على زيد بإسناد صحيح، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (684)، وانظر طرقه هناك.

9 -

وروى عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر وزيد بن ثابت، قال: إن وجدهم وقد رفعوا رؤوسهم من الركوع كبر وسجد، ولم يعتدَّ بها.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 218/ 2505) و (1/ 227/ 2603)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 1263/80).

وهذا إسناد صحيح إلى ابن عمر، وسالم لا يثبت له لقاء زيد بن ثابت [تحفة التحصيل (121)]، وقد اختلف فيه على معمر، فرواه عنه عبد الرزاق مرسلًا، لم يذكر فيه سالمًا.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 278/ 3355).

ورواه إبراهيم بن سعد عن الزهري أيضًا بإسقاط سالم، أخرجه عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (379)، والبيهقي (2/ 91).

ورواه مالك في الموطأ (17) بلاغًا، لم يذكر أحدًا بينه وبين ابن عمر وزيد.

• وانظر بقية الآثار الواردة في الباب تحت الحديثين رقم (412 و 684).

• ومما روي في مخالفة ذلك:

ما رواه مسدد، قال: ثنا أبو عوانة، عن محمد بن إسحاق، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: من أدرك القوم ركوعًا فلا يعتد بالركعة.

أخرجه مسدد (4/ 81/ 478 - المطالب)(2/ 381/ 1935 - إتحاف الخيرة)، وابن المنذر في الأوسط (4/ 197/ 2026).

• ورواه البخاري في القراءة خلف الإمام (139)، قال: حدثنا مسدد [ثقة ثبت]، وموسى بن إسماعيل [أبو سلمة التبوذكي: ثقة ثبت]، ومعقل بن مالك [روى عنه البخاري

ص: 533

في التاريخ الأوسط وجزء القراءة، وروى عنه جماعة من الأئمة، وذكره ابن حبان في الثقات، لذا وثقه الذهبي، وأنكر ابن حجر على الأزدي تضعيفه. التهذيب (4/ 120) وغيره]، قالوا: حدثنا أبو عوانة [ثقة ثبت]، عن محمد بن إسحاق، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائمًا.

• ثم قال (140): حدثنا عبيد بن يعيش [ثقة]، قال: حدثنا يونس [هو: ابن بكير: صدوق]، قال: حدثنا ابن إسحاق [صدوق]، قال: أخبرني الأعرج، قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائمًا قبل أن يركع.

• وقد اختلفت الرواية في هذا عن أبي هريرة، فقد روى عبد الرحمن بن إسحاق المديني [المعروف بعباد، نزيل البصرة: صدوق]، عن المقبري، عن أبي هريرة.

وذكره مالك في الموطأ (18) بلاغًا عن أبي هريرة؛ أنه كان يقول: من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة.

ثم اختلف الأئمة في هذين الأثرين، فذهب ابن المديني والبخاري إلى الاحتجاج بخبر ابن إسحاق، وتوهين خبر عبد الرحمن بن إسحاق، وأطال البخاري في بيان ذلك [القراءة خلف الإمام (88 - 92)]، واستشهد مالك بأثر أبي هريرة الموافق لغيره من الصحابة، وضعف ابن عبد البر خبر ابن إسحاق.

قال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 62): "روي عن أبي هريرة: من أدرك القوم ركوعًا فلا يعتد بها، وهذا قولٌ لا نعلم أن أحدًا قال به من فقهاء الأمصار، وفيه وفي إسناده نظر".

وانظر كلام ابن رجب في الفتح (5/ 10)، فقد أطال في بيان ترجيح رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ إلى أن قال:"وأيضًا؛ فأبو هريرة لم يقل: إن من أدرك الركوع فاتته الركعة؛ لأنه لم يقرأ بفاتحة الكتاب كما يقوله هؤلاء، إنما قال: لا يجزئك إلا أن تدرك الإمام قائمًا قبل أن يركع، فعلل بفوات لحوق القيام مع الإمام، وهذا يقتضي أنه لو كبر قبل أن يركع الإمام ولم يتمكن من القراءة فركع معه كان مدركًا للركعة، وهذا لا يقوله هؤلاء، فتبين أن قولَ هؤلاء محدَثٌ لا سلف لهم به".

• وحاصل ما تقدم: أن جمهور الصحابة على أن الركعة تُدرك مع الإمام بإدراك الركوع؛ وإن فاته القراءة والقيام، فمن أدرك الركوع فقد أدرك الركعة، وأدرك الجماعة، ومن فاته الركوع فلا يعتدُّ بما بعده من نفس الركعة، إلا أنه يدخل مع الإمام على أي حال وجده عليه.

ومن أقوى ما احتج به المخالفون في إدراك الجماعة ولو فاته الركوع الأخير، هو حديث:"ما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا"، فيقال: هذا الحديث قد دل بعمومه على أن المأموم يتابع الإمام ويصلي معه ما أدركه من صلاته، في أي موضع كان: ساجدًا، أو جالسًا، طالما أدركه قبل السلام.

ص: 534