المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌132 - باب قدر القراءة في المغرب - فضل الرحيم الودود تخريج سنن أبي داود - جـ ٩

[ياسر فتحي]

فهرس الكتاب

- ‌130 - باب تخفيف الأخريين

- ‌15).***131 -باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌133 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌باب تكميلي

- ‌باب القراءة في صلاة العشاء

- ‌134 - باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين

- ‌135 - باب القراءة في الفجر

- ‌136 - باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب

- ‌137 - باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام

- ‌138 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر الإمام بقراءته

- ‌139 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجميَّ من القراءة

- ‌140 - باب تمام التكبير

- ‌141 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌142 - باب النهوض في الفرد

- ‌143 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌144 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌145 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌(14/ 407)].***146 -باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال [وفي نسخة: مع الإمام] رؤوسهنَّ من السجدة

- ‌147 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

- ‌148 - باب صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود

- ‌149 - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "كل صلاة لا يُتمُّها صاحبها تُتَمُّ من تطوُّعِه

- ‌150 - باب تفريع أبواب الركوع والسجود ووضع اليدين على الركبتين

- ‌151 - باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده

- ‌152 - باب في الدعاء في الركوع والسجود

- ‌153 - باب الدعاء في الصلاة

- ‌154 - باب مقدار الركوع والسجود

- ‌155 - باب أعضاء السجود

- ‌(1/ 236/ 2716).***156 -باب في الرجل يدرك الإمام ساجدًا كيف يصنع

- ‌157 - باب السجود على الأنف والجبهة

- ‌(1/ 306).158 -باب صفة السجود

الفصل: ‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

أخرجه البخاري في القراءة خلف الإمام (284)، وأبو يعلى (7/ 229/ 4230) واللفظ له، والطبراني في الأوسط (3/ 147/ 2755)، والبيهقي (3/ 118).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبد العزيز أبي سكين إلا المثنى القطان، تفرد به: سكين"[تصحفت القطان في بعض المصادر إلى العطار].

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 438): "هذا حديث حسن، أخرجه أبو يعلى والحسن بن سفيان في مسنديهما من رواية سكين بن عبد العزيز بهذا الإسناد".

قلت: هو حديث ضعيف؛ عبد العزيز بن قيس والد سكين: قال أبو حاتم: "مجهول"، وقال ابن خزيمة:"سكين بن عبد العزيز البصري: أنا بريء من عهدته، وعهده أبيه"[الجرح والتعديل (5/ 392)، صحيح ابن خزيمة (4/ 261/ 2832)، الثقات (5/ 124)، التهذيب (2/ 592)].

والمثنى بن دينار القطان الأحمري: قال أبو حاتم: "هو مجهول"، قلت: هو كذلك وإن ذكره ابن حبان في الثقات! فإن كان هو الراوي عن أنس، وعنه: حجاج بن نصير، فقد قال فيه العقيلي:"في حديثه نظر"[التاريخ الكبير (7/ 420)، الجرح والتعديل (8/ 325)، ضعفاء العقيلي (4/ 249)، الثقات (7/ 504)، الميزان (3/ 435)، إكمال مغلطاي (11/ 64)، اللسان (6/ 459 و 465)، التهذيب (4/ 21)، وقال في التقريب (578): "لين الحديث"].

ج- وما رواه حماد بن سلمة: ثنا قتادة، وثابت، وحميد، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يسمعون منه النغمة في الظهر بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} .

تقدم تحت الحديث رقم (800)، وله طرق ذكرتها هناك وتكلمت عليها، ولا يصح عن أنس مرفوعًا؛ إنما هو موقوف عليه من فعله.

وفي الباب أيضًا: عن بريدة بن الحصيب، ويأتي ذكره في ملحق القراءة في العشاء، بعد باب القراءة في المغرب، إن شاء الله تعالى.

***

‌132 - باب قدر القراءة في المغرب

810 -

. . . مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، أن أمَّ الفضل بنت الحارث سمعته وهو يقرأ:{وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} ، فقالت: يا بنيَّ لقد ذكَّرتني بقراءتك هذه السورة؛ إنها لآخر ما سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في المغرب.

• حديث متفق على صحته.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 128/ 208).

ص: 35

ومن طريقه: البخاري (763)، ومسلم (462/ 173)، وأبو عوانة (1/ 476/ 1764 و 1765)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 79/ 1019)، وأبو داود (810)، والنسائي في الكبرى (10/ 322/ 11577)، وابن حبان (5/ 139/ 1832)، وأحمد (6/ 345)، والشافعي في الأم (7/ 206)، وفي السنن (88)، وفي المسند (215)، وإسحاق بن راهويه (5/ 51/ 2156)، وأبو العباس السراج في مسنده (159)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (137)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (25/ 18/ 18)، والجوهري في مسند الموطأ (183)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3437/ 7823)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 654/ 975 و 976)، وابن حزم في المحلى (4/ 102)، والبيهقي في السنن (2/ 392)، وفي المعرفة (2/ 215/ 1206)، والبغوي في شرح السُّنَّة (3/ 68/ 596).

• تابع مالكًا عليه عن ابن شهاب الزهري:

1 و 2 - عُقَيل بن خالد، وصالح بن كيسان:

عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن أمَّ الفضل بنت الحارث، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بـ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} ، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله.

أخرجه البخاري (4429)، ومسلم (462/ 173)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 79/ 1020)، وأبو العباس السراج في مسنده (160)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (138)، والطبراني في الكبير (25/ 19 و 20/ 19 و 20 و 23)، وابن حزم في المحلى (4/ 152)، والبيهقي في الدلائل (7/ 189).

3 -

6 - سفيان بن عيينة، ويونس بن يزيد، ومعمر بن راشد [وستتهم: ثقات، من ثقات أصحاب الزهري المقدَّمين فيه، من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري]، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل [ليس بقوي؛ روى أحاديث مناكير. انظر: التهذيب (3/ 438)] [والإسناد إليه لا يصح]:

عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، أن أمَّ الفضل بنت الحارث سمعته

بنحو حديث مالك مختصرًا بدون القصة.

ولفظ ابن عيينة ويونس: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات.

ولفظ معمر: إن آخر ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب سورة المرسلات.

أخرجه مسلم (462/ 173)، وأبو عوانة (1/ 475/ 1761 - 1763)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 79/ 1020)، والنسائي في المجتبى (2/ 168/ 986)، وفي الكبرى (2/ 15/ 1060)، وابن ماجه (831)، والدارمي (1/ 336/ 1294)، وابن خزيمة (1/ 260/ 519)، وأحمد (6/ 338 و 340)، والشافعي في السنن (89 و 91)، وإسحاق بن راهويه (5/ 50/ 2154 و 2155)، وعبد الرزاق (2/ 108/ 2694)، والحميدي (338)،

ص: 36

وابن أبي شيبة (1/ 314/ 3590)، وعبد بن حميد (1585)، وعلي بن حرب في الأول من حديث سفيان بن عيينة (22)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 19/ 3196)، وأبو يعلى (12/ 496/ 7071)، وأبو العباس السراج في مسنده (157 و 158)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (135 و 136)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (25/ 18 - 20/ 17 و 20 - 22)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3544/ 8009)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 654/ 973 و 974)، والبيهقي في المعرفة (2/ 216/ 1208).

7 -

محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن أمه أم الفضل، قالت: خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب رأسه في مرضه، فصلى المغرب، فقرأ بالمرسلات، قالت: فما صلاها بعدُ [وفي رواية: فما صلى بعدها] حتى لقي الله.

أخرجه الترمذي (308)، والبيهقي في الدلائل (7/ 189).

قال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

هكذا تفرد ابن إسحاق بهذه الزيادة: وهو عاصب رأسه في مرضه، دون أصحاب الزهري، ولم يكن ابن إسحاق من الطبقة الأولى من أصحاب الزهري، كمالك ومعمر وسفيان وعقيل ويونس وصالح، ورواية الجماعة بدونها أولى.

• خالف أصحابَ الزهري، وأثبتَ الناس فيه، فوهم في إسناده:

أ- محمدُ بن عمرو، فرواه عن الزهري، عن تمام بن عباس، قال: سمعتني أم الفضل وأنا أقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} ، فقالت: أي يا بني هذه آخر سورة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها [يؤم الناس بها] في صلاة المغرب.

أخرجه عبد بن حميد (1586)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (6/ 20/ 3197)، وأبو علي الطوسي في مختصر الأحكام (2/ 189/ 289)، والطبراني في الكبير (25/ 21/ 24)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 655/ 977 و 978)[وسقط من إسناده محمد بن عمرو].

وهذا حديث منكر بهذا الإسناد، تفرد به محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، وهو: صدوق له أوهام، وليس من أصحاب الزهري، فأسقط من الإسناد: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وجعل تمام بن عباس، بدل: ابن عباس، وهو عبد الله، وقد ردَّ هذه الرواية: أحدُ أصحاب الزهري ممن روى عنه هذا الحديث، فقد قيل لسفيان بن عيينة بعد أن روى الحديث كالجماعة:"فإنهم يقولون: تمام بن عباس؟ "، فقال سفيان:"ما سمعت الزهري قط ذكر تمام، ما قال لنا إلا عن ابن عباس عن أمه"[مسند الحميدي (338)].

وانظر: المعرفة والتاريخ (1/ 176).

ب- أسامة بن زيد، عن ابن شهاب، عن أبي رشدين، عن أم الفضل بنت الحارث؛

ص: 37

أنها كانت إذا سمعت أحدًا يقرأ: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} قالت: صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمرسلات، ثم لم يصل لنا عشاءً حتى قبضه الله.

أخرجه الطبراني في الأوسط (6/ 235/ 6280)، وفي الكبير (25/ 23/ 33).

قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهري عن أبي رشدين -وهو كريب- إلا أسامة بن زيد.

ورواه الناس عن الزهري، عن عبيد الله، عن ابن عباس، عن أمه أم الفضل".

قلت: هو حديث منكر بهذا الإسناد؛ ولم يكن أسامة ثقة حافظًا يعتمد على حفظه، وقد خالف في هذا الحديث جبالَ الحفظ والإتقان، وأثبتَ الناس في الزهري، وأحفظهم لحديثه، وأطولهم له ملازمة، مع كمال الضبط، مثل: مالك، وابن عيينة، ومعمر، ويونس، وعقيل، وصالح بن كيسان.

فأين أسامة بن زيد الليثي من هؤلاء! والذي لو خالف واحدًا منهم لحكم علي روايته بالشذوذ، فكيف وقد اجتمعوا؟! وأين هو من أصحاب الزهري" [راجع ترجمته عند الحديث رقم (394)].

وانظر أيضًا: أطراف الغرائب والأفراد (4/ 355/ 4467).

• إسناد آخر وهم فيه راويه، ودخل له حديث في حديث:

يرويه موسى بن داود، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، عن حميد، عن أنس، عن أم الفضل بنت الحارث، قالت: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته المغربَ [متوشحًا في ثوبٍ]، فقرأ المرسلات، ما صلى بعدها صلاةً حتى قُبِض صلى الله عليه وسلم.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 168/ 985)، وفي الكبرى (2/ 15/ 1059)، وأحمد (6/ 338)، وابن سعد في الطبقات (1/ 462)، والبلاذري في أنساب الأشراف (1/ 239)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (25/ 21/ 25)، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3437/ 7827)، والبيهقي (3/ 66 و 67)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 23).

وقد رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة (6/ 3437/ 7827) من طريق بشر بن الوليد الكندي الفقيه [وهو صدوق، لكنه خرف، وصار لا يعقل ما يحدث به. تاريخ بغداد (7/ 80)، اللسان (2/ 316)]، مقرونًا بحديث موسى بن داود، كلاهما عن الماجشون به، ولم يبين أبو نعيم لفظ بشر بن الوليد من لفظ موسى، والحديث مشهور عن موسى بن داود، وبه يُعرف.

وهو حديث معلول، دخل فيه لموسى بن داود حديث في حديث، أدخل حديث أم الفضل هذا، في حديث حميد عن أنس في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب واحد، وجعلهما حديثًا واحدًا:

أما حديث أم الفضل: فهو ما رواه ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، أن أمَّ الفضل بنت الحارث، قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بـ {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} ، ثم ما صلى لنا بعدها حتى قبضه الله.

ص: 38

وقد كان هذا الحديث عند الماجشون معضلًا عن أم الفضل.

وأما حديث حميد عن أنس:

فهو ما رواه أبو ضمرة أنس بن عياض، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وأخوه محمد بن جعفر [ولا يثبت عنه]، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف، وسفيان الثوري، ومعتمر بن سليمان، وإسماعيل ابن علية، وهشيم بن بشير، وعلي بن عاصم، وعبد الله بن عمر العمري [ليس بالقوي]، وعمران بن داور القطان [صدوق، كثير الوهم، وفي الإسناد إليه جهالة]، ومندل بن علي [ضعيف]:

عن حميد، عن أنس، قال: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم: في ثوب واحد متوشحًا به، خلف أبي بكر.

تقدم تخريجه والكلام على طرقه والاختلاف فيه على حميد تحت حديث عائشة برقم (605).

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 84/ 226): "سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه موسى بن داود، عن الماجشون، عن حميد، عن أنس، عن أم الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد؟ فقالا: هذا خطأ.

قال أبو زرعة: إنما هو على ما رواه الثوري ومعتمر، عن حميد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في ثوب واحد، فقط.

دخل لموسى حديث في حديث، يحتمل أن يكون عنده حديث عبد العزيز قال: ذُكِر لي عن أم الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمرسلات، وكان بجنبه: عن حميد عن أنس، فدخل له حديث في حديث، والصحيح: حميد عن أنس، فقلت: يحيى بن أيوب يقول فيه: ثابت، قال: يحيى ليس بذاك الحافظ، والثوري أحفظ.

وقال أبي: إنما رواه يحيى بن أيوب عن حميد عن ثابت عن أنس، قال أبي: ومما يبين خطأ هذا الحديث: ما حدثنا به كاتب الليث، عن عبد العزيز الماجشون، عن حميد، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد، قال عبد العزيز: وذُكِر لي عن أم الفضل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالمرسلات، وكان هذا آخر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى قبض، فجعل موسى الحديث كله عن أم الفضل".

وقال أبو حاتم أيضًا: "هذا خطأ؛ إنما هو ما حدثنا به عبد الله بن صالح، عن عبد العزيز، عن رجل: أن النبي صلى الله عليه وسلم"[العلل (1/ 161/ 455)].

وقال ابن رجب في الفتح (4/ 426): "وهذا الإسناد كلهم ثقات؛ إلا أنه معلول، فإن الماجشون روى عن حميد عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في ثوب واحد، ثم قال الماجشون عقب ذلك: وذكر لي عن أم الفضل، فذكر هذا الحديث، فوهم فيه موسى بن داود، فساقه كله عن حميد عن أنس، ذكر ذلك أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان".

***

ص: 39

811 -

. . . مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بالطور في المغرب.

• حديث متفق على صحته.

أخرجه مالك في الموطأ (1/ 128/ 207).

ومن طريقه: البخاري (765)، ومسلم (463/ 174)، وأبو عوانة (1/ 476/ 1767)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 79/ 1021)، وأبو داود (811)، والنسائي في المجتبى (2/ 169/ 987)، وفي الكبرى (2/ 15 - 16/ 1061) و (10/ 273/ 11465)، وابن خزيمة (1/ 259/ 514)، وأحمد (4/ 85)، والشافعي في الأم (7/ 206)، وفي السنن (87)، وفي المسند (214)، والطيالسي (2/ 254/ 988)، والبزار (8/ 336/ 3407)، وأبو العباس السراج في مسنده (148)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (2/ 115/ 1492)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (3/ 603)، والجوهري في مسند الموطأ (202)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 927/622 و 928)، والبيهقي في السنن (2/ 392)، وفي المعرفة (2/ 215/ 1205)، والبغوي في شرح السُّنة (3/ 68/ 597).

• تابع مالكًا عليه عن ابن شهاب الزهري:

1 -

معمر بن راشد [ثقة ثبت، من أثبت الناس في الزهري]، عن الزهري، عن محمد بن جبير، عن أبيه - وكان جاء في فداء الأُسارى يوم بدر -، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، [وذلك أول ما وَقَرَ الإيمان في قلبي]، [وهو يومئذ مشرك].

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 108/ 2692).

ومن طريقه: البخاري (3050 و 4023)، ومسلم (463/ 174)، وأبو عوانة (1/ 476/ 1769)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 80/ 1022)، وأحمد (4/ 84)، وأبو العباس السراج في مسنده (147)، والطبراني في الكبير (2/ 115/ 1491)، والبيهقي (2/ 194).

2 -

سفيان بن عيينة [ثقة ثبت، من أثبت الناس في الزهري]، قال: حدثوني عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (37)} [الطور: 35 - 37] قال: كاد قلبي أن يطير.

قال سفيان: فأما أنا فإنما سمعت الزهري يحدث عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، ولم أسمعه زاد الذي قالوا لي.

هكذا في رواية الحميدي عند البخاري، وفي روايته في المسند: قال سفيان: قالوا

ص: 40

في هذا الحديث: أن جبيرًا قال: سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مشرك، فكاد قلبي أن يطير، ولم يقله لنا الزهري، هكذا رواه عن ابن عيينة أثبتُ الناس فيه، وهو راويته، وبيَّنَ فيه أن ابن عيينة لم يسمع هذه الزيادة من الزهري، وروى بعضهم هذه الزيادة عن ابن عيينة فأدرجها في سماعه من الزهري فوهم، وقد رواه جماعة عن ابن عيينة مختصرًا كالجماعة.

أخرجه البخاري (4854)، ومسلم (463/ 174)، وأبو عوانة (1/ 476/ 1766)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 80/ 1022)، وابن ماجه (832)، والدارمي (1/ 336/ 1295)، وابن خزيمة (1/ 259/ 514) و (3/ 41/ 1589)، وأحمد (4/ 80)، والشافعي في السنن (87)، والحميدي (556)، وابن أبي شيبة (1/ 314/ 3589)، وعلي بن حرب في الأول من حديث سفيان بن عيينة (37)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (2/ 974/ 4180 - السفر الثاني)، والبزار (8/ 334/ 3406)، وأبو يعلى (13/ 387/ 7393)، وأبو العباس السراج في مسنده (146)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (2/ 115/ 1494)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 622/ 929)، والبيهقي في السنن (2/ 193)، وفي المعرفة (2/ 216/ 1207)، وفي الأسماء والصفات (2/ 374)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 148)، والخطيب في تلخيص المتشابه (1/ 422).

3 -

10 - ورواه يونس بن يزيد، وعقيل بن خالد، وصالح بن كيسان [وهم ثقات، من أصحاب الزهري المقدَّمين فيه]، وبرد بن سنان [صدوق]، وعبد الرحمن بن نمر اليحصبي [ثقة]، وإسحاق بن راشد [ثقة، ليس بذاك في الزهري]، والنعمان بن راشد [صدوق، كثير الوهم]، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل [ليس بقوي] [والإسناد إليه ضعيف]:

عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور. زاد عبد الرحمن بن نمر في آخره:{وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} .

أخرجه مسلم (463/ 174)، وأبو عوانة (1/ 1768/476)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (2/ 80/ 1022)، وابن حبان (5/ 141/ 1833)، والبزار (8/ 337/ 3408)، وأبو العباس السراج في مسنده (149 و 150)، والطبراني في الكبير (2/ 115 و 116/ 1495 - 1497 و 1500 و 1501)، وفي الأوسط (2/ 1176/41)، وفي مسند الشاميين (1/ 208/ 368) و (4/ 124/ 2901)، والدارقطني في الأفراد (1/ 347/ 1900 - أطرافه).

11 -

13 - محمد بن عمرو [هو: ابن علقمة الليثي: صدوق له أوهام]، ويعقوب بن عطاء بن أبي رباح [ضعيف، والراوي عنه: زمعة بن صالح، وهو: ضعيف أيضًا، وعنه: أبو قرة، وبهذا الإسناد تُروى غرائب عن يعقوب]، ويزيد بن أبي حبيب [ثقة، ولم يسمع من الزهري، إنما روايته عنه كتاب، كما قال هنا: أن ابن شهاب كتب إليه، والراوي عنه: ابن لهيعة، وهو: ضعيف]:

عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قدمت في فداء أهل

ص: 41

بدر، فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس المغرب، وهو يقرأ:{وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2)} . لفظ محمد بن عمرو، ولم يذكر يعقوب الآيتين، وقال في رواية يزيد بن أبي حبيب: العتمة، بدل: المغرب، وهي رواية منكرة.

أخرجه ابن حبان (5/ 142/ 1834)، وأحمد (4/ 83)، والبزار (8/ 337/ 3409)، والطبراني في الكبير (2/ 115 و 117/ 1493 و 1503)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 149)، والخطيب في التاريخ (2/ 366).

14 -

أسامة بن زيد [الليثي: صدوق، له أوهام، ليس بذاك في الزهري]؛ أن ابن شهاب أخبره، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه؛ أنه جاء في فداء أساري أهل بدر، قال: فوافقتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب: {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ (2) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (3)} ، فأخذني من قراءته كالكرب، فكان ذلك أول ما سمعتُ من أمر الإسلام.

أخرجه أبو العباس السراج في مسنده (151)، والطبراني في الكبير (2/ 116/ 1498)، وأبو نعيم في الدلائل (189).

15 -

محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قدمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء سبايا، فنمت في مسجد بعد العصر وأنا على شركي، فوالله ما أنبهني إلا قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغرب بـ {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} .

أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (365).

وهذه زيادة شاذة من حديث الزهري: فنمت في مسجد بعد العصر وأنا على شركي، فقد رواه جماعة من أصحاب الزهري المتقنين المقدمين فيه بدون هذه الزيادة، مثل: مالك ومعمر وابن عيينة ويونس وعقيل وصالح، وتابعهم على ذلك جماعة من أصحاب الزهري ممن هم دون هذه الطبقة، فلم يذكروا فيه هذه الزيادة.

وتفرد بها عن الزهري: ابن إسحاق، وهو صدوق، من الطبقة الثالثة من أصحاب الزهري، وقد ضعف في الزهري [انظر: شرح العلل (2/ 614 و 676)].

16 -

هشيم بن بشير، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قدمت المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأكلمه في أسارى بدر، فانتهيت إليه وهو يصلي بأصحابه صلاة المغرب، فسمعته يقرأ:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7)} [الطور: 7]، فكأنما صدع قلبي، فلما فرغ كلمته فيهم، فقال:"شيخ لو كان أتاني لشفعته"؛ يعني: أباه مطعم بن عدي.

أخرجه الطحاوي (1/ 212).

• واختلف فيه على هشيم:

أ- فرواه سعيد بن منصور [ثقة ثبت حافظ] عن هشيم به هكذا.

ب- ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام [ثقة إمام]: ثنا هشيم: حدثنا سفيان بن حسين، عن الزهري، -قال هشيم: ولا أظنني إلا قد سمعته من الزهري-، عن محمد بن جبير بن

ص: 42

مطعم، عن أبيه جبير بن مطعم، قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم لأكلِّمَه في أسارى بدرٍ، فوافقته وهو يصلِّي بأصحابه المغرب -أو: العشاء -، فسمعته وهو يقول -أو: يقرأ -، وقد خرج صوته من المسجد:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)} [الطور: 7 - 8]، فكأنما صُدِع قلبي، فلما فرغ من صلاته كلمته في أسارى بدر، فقال:"شيخك" أو: "الشيخ لو كان أتانا فيهم شفعناه" يعني: أباه المطعم بن عدي، قال أبو عبيد: قال هشيم وغيره: وكانت له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يد.

أخرجه أبو عبيد في الأموال (302)، ومن طريقه: ابن زنجويه في الأموال (1/ 383)، والطبراني في الكبير (2/ 116/ 1499)، وابن عبد البر في التمهيد (9/ 149).

ج- ورواه الربعي: ثنا هشيم بن بشير: أنا إبراهيم بن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن جده، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه العشاء -أو: المغرب-، فسمعته وهو يقرأ، وقد خرج صوته من المسجد:{إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ (7) مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ (8)} فكأنما صُدِع عن قلبي.

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 117/ 1502)، وفي الصغير (2/ 288/ 1141).

قال الطبراني في الكبير: حدثنا يعقوب بن غيلان العماني: ثنا عروة بن سعيد، عن عروة الربعي به.

وقال في الصغير: حدثنا يعقوب بن غيلان العماني بالبصرة: حدثنا سعيد بن عروة الربعي البصري: حدثنا هشيم به.

قال الطبراني في الصغير: "لم يروه عن إبراهيم بن محمد إلا هشيم، تفرد به: سعيد بن عروة، وهو ثقة، ولا نحفظ لإبراهيم بن محمد بن جبير حديثًا مسندًا غير هذا".

قلت: هذا الإسناد الأخير خطأ، ولا يثبت عن هشيم، وما في المعجم الكبير وهمٌ لا أدري ممن هو؟ وصوابه هو ما في المعجم الصغير، قال ابن ماكولا في الإكمال (6/ 360) في ترجمة يعقوب بن غيلان العماني:"حدَّث عن سعيد بن عروة الربعي، وقيل: عروة بن سعيد بن عروة، وكأن الأول أشبه".

وسعيد بن عروة البصري: كان علي بن المديني يعده من ثقات أصحاب شعبة، كذا

في الجرح والتعديل، وذكره مسلم في الطبقة الأولى من أصحاب شعبة، وذكره النسائي فيمن روى عن شعبة، ووثقه الطبراني [الجرح والتعديل (4/ 53)، رجال عروة بن الزبير (136)، إكمال التهذيب لمغلطاي (6/ 265) و (8/ 66)، معرفة أصحاب شعبة (66)].

وقد وقفت له على روايةٍ عن علي بن عابس [عند الطبراني في الأوسط (1026)]، ولم أقف له على رواية واحدة عن شعبة، فكيف يكون من أصحاب شعبة، بل من الطبقة الأولى من أصحابه، ثم لا تقع له رواية واحدة عن شعبة في الكتب المصنفة المشهورة، فأخاف أن يكون اسمه هذا مصحفًا، لا سيما وسعيد بن عروة هذا مقِلٌّ جدًّا في الرواية، وليس له عن هشيم سوى هذا الحديث الواحد، والله أعلم.

ص: 43

ويعقوب بن غيلان العماني: روى عنه جماعة، مثل: العقيلي وابن الأعرابي وابن قانع والطبراني وغيرهم، وهو: بصري، مجهول الحال [الإكمال (6/ 360)، الأنساب (4/ 235)، تاريخ الإسلام (22/ 325)، توضيح المشتبه (6/ 342)].

وعليه فلا تثبت هذه الرواية عن هشيم أصلًا، وليست هي من حديثه، وهذا فضلًا عن جهالة إبراهيم بن محمد بن جبير بن مطعم، فإنه مجهول، ولا يُعرف إلا في هذا الحديث الواحد، كما قال الطبراني [انظر: اللسان (1/ 349)].

وعندئذ يبقى الترجيح بين رواية سعيد بن منصور، ورواية أبي عبيد، والذي يظهر لي -والله أعلم- أن رواية أبي عبيد قد فضحت رواية سعيد بن منصور، وبيَّنت أنها مدلَّسة، فإن هشيمًا كان على يقين من سماعه هذا الحديث من سفيان بن حسين، وأنه هو الواسطة بينه وبين الزهري في هذا الحديث، وفي نفس الوقت فإن الشك يساوره: هل سمع هذا الحديث من الزهري أم لا؟ فالواجب عندئذ: اطِّراح الشك، والبناء على اليقين.

وعليه فإن هذا الحديث من رواية سفيان بن حسين عن الزهري، وسفيان بن حسين ضعيف في الزهري خاصة [التهذيب (2/ 54)، وانظر: الحلية (9/ 223)، الحديث المتقدم برقم (722)]، فهو حديث منكر بهذا السياق، وقد دخل له حديث في حديث، جمع بين حديثنا هذا، وبين حديث معمر وابن عيينة عن الزهري بهذا الإسناد مرفوعًا:"لو كان المطعم بن عدي حيًّا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"[أخرجه البخاري (3139 و 4024)، وسيأتي عند أبي داود برقم (2689) إن شاء الله تعالى]، والله أعلم.

• قال البزار (8/ 337): "وهذا الحديث لا نعلم رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جبير بن مطعم، ولا نعلمه يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه أنه قرأ في المغرب بالطور إلا في هذا الحديث".

قلت: قد صح الإسناد، وثبت الحديث، وهل من شرط الصحيح أن تروى السُّنَّة الواحدة عن أكثر من صحابي، فإن تفرد بها صحابي واحد كانت غريبة!؟

• ولحديث جبير هذا طريقان آخران:

1 -

روى ابن جريج، قال: أخبرني عثمان بن أبي سليمان: أن جبير بن مطعم قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب بالطور.

أخرجه عبد الرزاق (2/ 108/ 2693).

وهذا رجاله ثقات؛ لكنه مرسل؛ فإن عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم إنما يروي عن جده بواسطة.

ورواه أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي، قال: ثنا زهير بن محمد [هو التميمي، وهو هنا من رواية أهل العراق عنه]، عن عبد الله بن أبي بكر [هو: ابن محمد بن عمرو بن حزم]، عن عثمان بن أبي سليمان، عن أبيه، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور.

ص: 44

أخرجه الدولابي في الكنى (1/ 109/ 225)، والحاكم في المعرفة (115)[وفي سنده سقط].

وقال الحاكم: "وهو معلول من ثلاثة أوجه: أحدها: أن عثمان هو ابن أبي سليمان، والآخر: أن عثمان إنما رواه عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه، والثالث: قوله: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو سليمان لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره".

قلت: رجاله ثقات، وهو مرسل، كما قال الحاكم، فإن أبا سليمان بن جبير بن مطعم: تابعي ثقة [كنى البخاري (37)، الجرح والتعديل (9/ 380)، إيضاح الإشكال لابن القيسراني (8)]، وهذا الحديث إنما يُعرف من رواية الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، ولا يُعرف من رواية نافع عن أبيه.

وانظر: الإصابة (7/ 201).

2 -

وروى محمد بن جعفر غندر، وعفان بن مسلم، وبهز بن أسد، ووهب بن جرير، وأبو داود الطيالسي، وحجاج بن محمد، وعمرو بن مرزوق [7]:

عن شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: سمعت بعض إخوتي، يحدِّث عن أبي، عن جبير بن مطعم، قال: أتيت المدينة في فداء بدرٍ -قال: وهو يومئذٍ مشركٌ [وفي رواية: وما أسلم يومئذ]- قال: فدخلت المسجد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة المغرب، يقرأ فيها بالطور، فكأنما صُدِع قلبي لقراءة القرآن.

أخرجه أحمد (4/ 83 و 85)، والطيالسي (2/ 253/ 985)، وأبو يعلى (13/ 404/ 7407)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (2/ 141/ 1595)، والبيهقي في السنن (2/ 444).

ورواه النضر بن شميل: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، قال: أخبرني بعض إخوتي، عن جبير بن مطعم؛ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم في فداءٍ من فداءِ المشركين، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي المغرب، فقرأ فيها بالطور، فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن.

أخرجه أبو يعلى (13/ 413/ 7418).

ورواه أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، عن جبير بن مطعم؛ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي المغرب، فكأنما صُدِع، أو: صُدِع قلبي حين سمعت القرآن.

أخرجه الطبراني في الكبير (2/ 141/ 1596)، والبيهقي في الشعب (2/ 489/ 2492 - ط العلمية)(4/ 532 - 533/ 2263 - ط وزارة الأوقاف بقطر).

ورواه يعقوب بن إسحاق الحضرمي: حدثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أخيه، عن أبيه، عن جبير بن مطعم، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أهل بدر، فسمعته يقرأ في المغرب بالطور، فكأنما تصدع قلبي حين سمعت القرآن.

أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد (3/ 53).

ص: 45

قلت: هكذا اختلفوا فيه على شعبة، وكلهم ثقات، ورواية الجماعة هي الصواب؛ لأنهم أكثر، لا سيما وفيهم غندر، وكان لزم شعبة عشرين سنة، وكان كتابه حَكَمًا بين أصحاب شعبة، وقد تابعه عليه جماعة من ثقات أصحاب شعبة كما ترى.

وعليه: فالإسناد ضعيف؛ ففي إسناده مبهم، وبقية رجاله ثقات، والمحفوظ في هذا الحديث بهذه القصة عدم التصريح بدخول المسجد، كما أخرجه الشيخان من طرقٍ عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، وفي رواية معمر [وهي أقرب الروايات الصحيحة لرواية شعبة هذه]: وكان جاء في فداء الأُسارى يوم بدر، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، وذلك أول ما وَقَرَ الإيمان في قلبي، [وهو يومئذ مشرك]، والله أعلم.

***

812 -

. . . عبد الرزاق، عن ابن جريج: حدثني ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصار المفصَّل! وقد رأيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطُولى الطُّولَيَين؟ قال: قلت: ما طولى الطُّولَيَين؟ قال: الأعراف.

قال: وسألتُ أنا ابنَ أبي مليكة، فقال لي من قِبَل نفسه: المائدة والأعراف.

• حديث صحيح.

أخرجه عبد الرزاق في المصنف (2/ 107/ 2691)[وقال ابن أبي مليكة: الأنعام والأعراف].

ومن طريقه: أبو داود (812)، وابن خزيمة (1/ 259/ 516) [وقال ابن أبي مليكة: الأنعام والأعراف]، وأحمد (5/ 189)، وأبو العباس السراج في مسنده (161)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (139)، والطبراني في الكبير (5/ 122/ 4811)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 548/ 791) [وقال ابن أبي مليكة: الأنعام والأعراف]، وابن حزم في المحلى (4/ 103).

كذا في أكثر الروايات عن عبد الرزاق؛ أن ابن أبي مليكة قال من قِبَل رأيه: الأنعام والأعراف.

• تابع عبد الرزاق عليه:

1 -

أبو عاصم النبيل [ثقة ثبت]، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصارٍ؟ وقد سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطُولِ الطُّولَيَين.

ص: 46

وفي رواية ابن خزيمة: عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب بطُولى الطوليين.

زاد في رواية ابن أبي داود: فقلت لعروة: وما طولى الطولتين؟ قال: الأنعام والأعراف.

وفي رواية البيهقي: فقلت لعروة: ما طولى الطوليين؟ قال: الأعراف، قال: فقلت لابن أبي مليكة: ما طولى الطوليين؟ قال: الأنعام والاعراف.

فكأنه وقع اختصار في رواية ابن أبي داود.

وشذ أبو مسلم الكجي [إبراهيم بن عبد الله بن مسلم: ثقة، سمع في الحداثة من أبي عاصم النبيل. تاريخ بغداد (6/ 120)، السير (13/ 423)] فقال في رواية الطبراني: "الأعراف ويونس".

أخرجه البخاري (764)، وابن خزيمة (1/ 259/ 515)، وابن أبي داود في المصاحف (501)، وأبو العباس السراج في مسنده (161)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (140)، والطبراني في الكبير (5/ 122/ 4812)، والبيهقي (2/ 392).

2 -

5 - خالد بن الحارث، وحجاج بن محمد المصيصي، وروح بن عُبادة، ومحمد بن بكر البرساني، ومحمد بن جعفر غندر [وهم ثقات]:

قال خالد: حدثنا ابن جريج، عن ابن أبي مليكة [وفي رواية البرساني: سمعت عبد الله بن أبي مليكة، وكذا بإثبات السماع في رواية حجاج]، أخبرني عروة بن الزبير، أن مروان بن الحكم أخبره، أن زيد بن ثابت قال: ما لي أراك تقرأ في المغرب بقصار السور [وفي رواية حجاج والبرساني: بقصار المفصل]؟ وقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطوليين، قلت: يا أبا عبد الله ما أطول الطوليين [وفي رواية حجاج والبرساني: فقلت لعروة: وما طولى الطوليين]؟ قال: الأعراف.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 170/ 990)، وفي الكبرى (2/ 17/ 1064)، وابن خزيمة (1/ 659/ 516)، وأحمد (5/ 188 و 189 - ميمنية)(9/ 5063 و 5063 - / 5064 22043 و 22048 - ط المكنز)، وأبو العباس السراج في مسنده (161)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (141)، وابن المنذر في الأوسط (2/ 337/ 961)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 552/ 798).

وقول من قال: "الأنعام والأعراف" في حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة هذا: أولى ممن قال: "الأعراف ويونس"؛ لأنهم أكثر عددًا، وهو الموافق للمعنى، قال ابن حجر:"فحصل الاتفاق على تفسير الطولى بالأعراف، وفي تفسير الأخرى ثلاثة أقوال، المحفوظ منها: الأنعام"[انظر: فتح الباري (2/ 247)، نتائج الأفكار (1/ 455)].

وروى بعض المحدثين هذا الحديث فقال فيه: بطِوَل الطوليين، بكسر الطاء وفتح الواو، قال الخطابي بأنه خطأ فاحش؛ لأن الطِّوَل الحبل، وليس هذا موضعه، وإنما هو

ص: 47

طولى الطوليين، يريد أطول السورتين [إصلاح غلط المحدثين (15)، أعلام الحديث (1/ 493)، معالم السنن (1/ 175)].

• وقد اختلف فيه على عروة بن الزبير في صحابي هذا الحديث:

1 -

فرواه ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت

فذكره.

2 -

ورواه عمرو بن الحارث [ثقة ثبت]، وحيوة بن شريح [ثقة ثبت]، وابن لهيعة [ضعيف]:

عن أبي الأسود [محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي، يتيم عروة: ثقة]، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث، عن زيد بن ثابت، أنه قال لمروان: يا أبا عبد الملك أتقرأ في المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ، و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}؟ قال: نعم، قال: فمحلوفه [وفي رواية: فحلفت بالله]، لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بأطول الطوليين {المص} . لفظ عمرو.

وقال حيوة: أنا أبو الأسود؛ أنه سمع عروة بن الزبير، يقول: أخبرني زيد بن ثابت؛ أنه قال لمروان بن الحكم: يا أبا عبد الملك

فذكره بنحوه [عند الطحاوي].

وتابعه ابن لهيعة على إثبات سماع عروة من زيد [عند الطبراني (4827)].

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 169/ 989)، وفي الكبرى (2/ 16/ 1063)، وابن خزيمة (1/ 271/ 541)، وابن حبان (5/ 144/ 1836)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (5/ 122/ 4813) و (5/ 126/ 4827).

قلت: سماع عروة لهذا الحديث من زيد بن ثابت لا يثبت؛ فإن راويه عن حيوة بن شريح هو أبو زرعة وهب الله بن راشد المصري: قال أبو حاتم: "محله الصدق"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال:"يخطئ"، ولم يكن النسائي يرضاه، وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم:"أردت أن أكتب عن أبي زرعة وهب الله بن راشد؛ فنهاني عمِّي أن أكتب عنه"؛ يعني: سعيد بن أبي مريم، ولم يعرفه أبو زرعة الرازي ولا ابن وارة، وله إفرادات وأوهام [ضعفاء العقيلي (4/ 323)، الجرح والتعديل (6/ 402) و (9/ 27)، الثقات (9/ 228)، معجم الطبراني الصغير (189 و 190 و 558 و 726)، المعجم الأوسط (1236)، بيان الوهم (5/ 232 و 251)، الفتح لابن حجر (11/ 55)، اللسان (8/ 405)]، فمثل هذا لا يثبت به سماعٌ نفاه بعض الأئمة كالدارقطني [ويأتي نقل كلامه]، وتابعه على ذلك من هو أضعف منه: ابن لهيعة، وقد رواه الإمام الثقة الثبت: عمرو بن الحارث بدونه، والله أعلم.

3 -

ورواه بقية بن الوليد [صدوق مدلس]، وأبو حيوة [شريح بن يزيد الحمصي: ليس به بأس. التهذيب (2/ 163)، سؤالات أبي داود (305)]:

عن شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن رسول صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف، فرَّقها في ركعتين.

ص: 48

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 170/ 991)، وفي الكبرى (2/ 17/ 1065)، والطبراني في مسند الشاميين (4/ 299/ 3362)، والبيهقي (2/ 392).

قال ابن الملقن في البدر المنير (3/ 183): "إسناد حسن، وذكره ابن السكن في سننه الصحاح، وقال: هو حديث مختلف فيه".

• قلت: قد اختلف فيه على هشام بن عروة:

أ- فرواه شعيب بن أبي حمزة، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة.

وقال ابن أبي حاتم في العلل (1/ 169/ 484): "سمعت أبي، وحدثنا عن هشام بن عمار، عن الدراوردي، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعتي المغرب: {المص} .

قال أبي: هذا خطأ؛ إنما هو: عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل" [وانظر: الإمام لابن دقيق العيد (4/ 54)، شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي (5/ 207)].

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 457) بأن قوله: عن عائشة: شاذ.

ب- ورواه أبو أسامة حماد بن أسامة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبدة بن سليمان، ووكيع بن الجراح، وشعيب بن إسحاق، ومحمد بن بشر العبدي، وحماد بن سلمة، وأبو معاوية محمد بن خازم الضرير [وهم ثمانية من الثقات، وأكثرهم حفاظ متقنون]:

عن هشام، عن أبيه؛ أن أبا أيوب، أو: زيد بن ثابت -شك هشام-، قال لمروان -وهو أمير المدينة-: إنك تخِفُّ القراءة في الركعتين من المغرب؛ فوالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيهما بسورة الأعراف، في الركعتين جميعًا، فقلت لأبي: ما كان مروان يقرأ فيهما؟ قال: من طُوَل المفصل.

وشذ حماد بن سلمة، فقال: أن مروان كان يقرأ في المغرب بسورة يس.

أخرجه ابن خزيمة (1/ 260/ 518) و (1/ 271/ 540)(518 و 540 - ط الميمان)، وأحمد (5/ 185 و 418)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/ 314 و 324/ 3591 و 3712)(3/ 230 - 231/ 3611 - ط عوامة) و (3/ 259/ 3732 - ط عوامة)(2/ 277/ 3608 - ط الجمعة واللحيدان) و (2/ 297/ 3729 - ط الجمعة واللحيدان)، وفي المسند (143)، والطحاوي (1/ 211)، والطبراني في الكبير (4/ 131/ 3893) و (5/ 125/ 4823)، وأبو طاهر المخلص في الثالث من فوائده بانتقاء ابن أبي الفوارس (12)(378 - المخلصيات)، وذكره الدارقطني في العلل (6/ 127/ 1026)، وانظر: الإتحاف (4/ 639/ 4813).

قال ابن خزيمة: "وهكذا رواه وكيع، وشعيب بن إسحاق، عن هشام؛ قالا: عن زيد أو عن أبي أيوب".

ج- ورواه محاضر بن المورع [صدوق، مغفَّل]، قال: نا هشام، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف، في الركعتين كلتيهما.

ص: 49

أخرجه ابن خزيمة (1/ 260/ 517)، والحاكم (1/ 237)، وأبو العباس السراج في مسنده (166)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (146)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 179)، والبيهقي في المعرفة (2/ 216/ 1209).

تنبيه: زيد في رواية السراج بعد زيد بن ثابت: عن أبي أيوب، فصار من مسند أبي أيوب، وهي زيادة شاذة.

قال ابن خزيمة: "لا أعلم أحدًا تابع محاضر بن المورع بهذا الإسناد، قال أصحاب هشام في هذا الإسناد: عن زيد بن ثابت، أو عن أبي أيوب، شك هشام".

وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين؛ إن لم يكن فيه إرسال، ولم يخرجاه بهذا اللفظ، إنما اتفقا على حديث ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عروة، عن مروان، عن زيد بن ثابت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة المغرب، يطوِّل الركعتين، وحديث محاضر هذا مفسَّر ملخَّص، وقد اتفقا على الاحتجاج بمحاضر".

قلت: حديث ابن جريج انفرد به البخاري دون مسلم، ومروان بن الحكم: ليس من شرط مسلم، ولم يخرج له شيئًا، والمحاضر إنما أخرج له البخاري متابعة على قولٍ، وحديث المحاضر هذا ليس على شرط أيًّا منهما، بل هو حديث معلول، والله أعلم.

• قلت: تابع محاضرًا عليه الليثُ بن سعد:

فقد رواه الوليد بن صالح [النخاس الجزري، نزيل بغداد: ثقة]، وعيسى بن حماد [زغبة، المصري: ثقة، وهو آخر من حدَّث عن الليث من الثقات]، وفردوس بن الأشعري [شيخ ليس بالمشهور، ذكره ابن حبان في الثقات. التاريخ الكبير (7/ 141)، الجرح والتعديل (7/ 93)، الثقات (7/ 321)]:

قال الوليد: ثنا الليث بن سعد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زيد بن ثابت [وفي رواية عيسى بن حماد: أنه سمع زيد بن ثابت]؛ أنه قال لمروان وهو أمير المدينة: تخفِّف القراءة في المغرب؟، قال مروان: هو أرفق بالناس، قال زيد بن ثابت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيها بأطول الطوليين {المص} .

ولفظ ابن الأشعري: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَّنا في صلاة المغرب بـ {المص} حتى يأتي على آخرها. وهو منكر بهذا اللفظ.

أخرجه ابن أبي داود في المصاحف (502) مختصرًا، وأبو العباس السراج في مسنده (167)، وفي حديثه بانتقاء الشحامي (147)[وفي سنده سقط]، والطبراني في الكبير (5/ 126/ 4825).

قلت: إثبات سماع عروة لهذا الحديث من زيد بن ثابت لا يصح، فقد رواه جماعة من الثقات الحفاظ عن هشام بالعنعنة، ولم يذكروا فيه سماعًا.

د- ورواه عبد الرحمن بن أبي الزناد [وعنه: سليمان بن داود الهاشمي]، عن هشام بن عروة، عن أبيه؛ عن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ألم أرك

ص: 50

الليلة خفَّفت القراءة في سجدتي المغرب، والذي نفسي بيده؛ إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأ فيهما بطولى الطوليين.

أخرجه أحمد (5/ 187).

قلت: وهم فيه ابن أبي الزناد بزيادة مروان بن الحكم في إسناده؛ إذ الحفاظ يروونه عن هشام بن عروة بدون هذه الزيادة، وابن أبي الزناد وإن كان صدوقًا ثبتًا في هشام بن عروة؛ إلا أن له أوهامًا كثيرة، والله أعلم.

هـ- ورواه عقبة بن خالد [صدوق]، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين من المغرب بسورة الأنفال.

أخرجه الطبراني في الكبير (4/ 130/ 3892)، بإسناد صحيح إلى عقبة.

ثم أعاده الطبراني في مسند زيد بن ثابت (5/ 125/ 4824) بنفس إسناده ومتنه غير أنه جعل زيد بن ثابت مكان: أبي أيوب.

قال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 457) بأن قوله فيه: بسورة الأنفال: شاذ.

قلت: وهو كما قال.

و- قال الترمذي في العلل الكبير (108): "سألت محمدًا عن حديث محمد بن عبد الرحمن الطفاوي [صدوق يهم]، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب وزيد بن ثابت، قالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الأوليين من المغرب بالأعراف؟

فقال: الصحيح: عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب، أو: زيد بن ثابت، هشام بن عروة يشك في هذا الحديث، وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت.

رواه ابن أبي مليكة، عن عروة، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت".

وقال الدارقطني في العلل (6/ 126/ 1026) عن رواية الجماعة عن هشام بالشك: "وهو الصحيح عن هشام؛ فإنه كان يشك في هذا الحديث، والصحيح من هذا الحديث: زيد بن ثابت، ولم يسمعه عروة منه، إنما سمعه من مروان عن زيد بن ثابت، بيَّن ذلك ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عروة، قال: أخبرني مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت".

وقد انتقد الدارقطني هذا الحديث على البخاري في كتابه التتبع (160)، وفي جزء فيه بيان أحاديث أودعها البخاري كتابه الصحيح (5)، وأورد عليه الاختلاف على هشام بن عروة، وعلى عروة نفسه، لكن كلامه في العلل يشير إلى تصحيح ما ذهب إليه البخاري، فكأنه عاد على نفسه بالاعتراض، والله أعلم.

وقال البيهقي (2/ 392): "والصحيح هي الرواية الأولى"؛ يعني: رواية ابن أبي مليكة.

وقال ابن عبد البر في إسناد ابن أبي مليكة بأنه أصح ممن قال فيه: عن عائشة [التمهيد (9/ 145)].

ص: 51

وانظر: النكت الظراف بحاشية التحفة (12/ 159/ 16959).

• قلت: حاصل هذا الاختلاف على هشام بن عروة: أن المحفوظ عنه رواية جماعة الحفاظ بالشك: هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب، أو: زيد بن ثابت.

وهذا هو قول البخاري والدارقطني، وخالفهما أبو حاتم، فقال:"إنما هو: عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، مرسل"[العلل (484)، وتقدم ذكره]، ولم أقف على من رواه بهذا الوجه مسندًا، والصواب مع البخاري والدارقطني، والله أعلم.

فإن قيل: قول الدارقطني: "والصحيح من هذا الحديث: زيد بن ثابت، ولم يسمعه عروة منه، إنما سمعه من مروان عن زيد بن ثابت"، فهو معارض أولًا: بثبوت لقاء عروة لزيد بن ثابت، وقد أثبته له ابن المديني [وانظر الرد على من نفى سماعه منه: الحديث المتقدم برقم (411)].

وثانيًا: بثبوت السماع من رواية أبي الأسود، كما تقدم في طرق الاختلاف على عروة، وقد قال ابن حجر في الفتح (2/ 247):"وعند النسائي من رواية: أبي الأسود، عن عروة، عن زيد بن ثابت، أنه قال لمروان: أبا عبد الملك أتقرأ في المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} و {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}، وصرح الطحاوي من هذا الوجه بالأخبار بين عروة وزيد، فكأن عروة سمعه من مروان عن زيد، ثم لقي زيدًا فأخبره"، وقد ذهب إليه قبل ذلك ابن القطان الفاسي في بيان الوهم (5/ 231/ 2441).

فيقال: أولًا: إنما نفى الدارقطني السماع في هذا الحديث على وجه الخصوص، ولا تمانع بين كون الراوي سمع شيخه وحدث عنه بأحاديث مسموعة، ثم يروي بعد ذلك حديثًا أو أكثر عنه بواسطةٍ لكونه لم يسمعه منه، وثانيًا: فقد تقدم بيان عدم ثبوت هذا السماع في رواية أبي الأسود وفي رواية الليث بن سعد، والله أعلم.

• وحاصل الاختلاف على عروة في هذا الحديث:

أن ابن أبي مليكة، رواه عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، عن زيد بن ثابت.

ورواه أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل الأسدي يتيم عروة، عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت.

ورواه هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي أيوب، أو: زيد بن ثابت.

والذين اختلفوا على عروة كلهم ثقات مدنيون معروفون بالرواية عن عروة والإكثار عنه، وقد اتفق اثنان منهم على أن الحديث من مسند زيد بن ثابت، وشك هشام، وعليه فرواية الذي حفظ ولم يشك أولى من رواية من شك ولم يضبط.

كذلك فإن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو تابعي ثقة حافظ حجة، أدرك ثلاثين من الصحابة، قد زاد في الإسناد مروان بن الحكم بين عروة وزيد، والزيادة من الحافظ مقبولة.

ص: 52

فدل ذلك على صحة اختيار البخاري لإسناد ابن أبي مليكة، وإدخاله في صحيحه، وأن حديث: ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عروة بن الزبير، عن مروان بن الحكم، قال: قال لي زيد بن ثابت: ما لك تقرأ في المغرب بقصارٍ؟ وقد سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بطُولِ الطُّولَيَين: حديث صحيح، أودعه البخاري كتابه الجامع الصحيح.

• قال ابن رجب في الفتح (4/ 429): "ولعل مسلمًا أعرض عن تخريج هذا الحديث لاضطراب إسناده؛ ولأن الصحيح عنده إدخال مروان في إسناده، وهو لا يخرج له استقلالًا، ولا يحتج بروايته، والله أعلم".

قلت: تقدم بيان نفي هذا الاضطراب، وأن المحفوظ فيه رواية ابن أبي مليكة التي أخرجها البخاري.

ومن اعترض على تصحيح الحديث لوجود مروان بن الحكم في إسناده، فيقال له: نعم صدرت من مروان موبقات، لعله كان متأولًا فيها، وأما في الحديث والرواية فإنه صدوق لا يُتَّهم، قال عروة بن الزبير:"كان مروان لا يُتَّهم في الحديث"، ولفظه في التاريخ الكبير:"فلا إخاله يُتَّهم علينا"، وقد قبل روايته واعتمدها، بناءً على صدقه في الحديث: صحابي مشهور، وهو سهل بن سعد الساعدي، وكذلك روى عنه جماعة من كبار فقهاء أهل المدينة وعلمائها، مثل: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، ومالك -وهو الحجة في أهل المدينة- قد أخرج له موطئه من حديثه ورأيه، ومن أخرج له مالك في موطئه فهو ثقة عنده، وقد كان مالك من أشد الناس انتقادًا للرجال، فرواية مالك له في موطئه وهو مدني: توثيق له، فقد سأل بشر بن عمر الزهراني مالك بن أنس عن رجل، فقال:"هل رأيته في كتبي؟ " قال: لا، قال:"لو كان ثقة لرأيته في كتبي"، وفي رواية:"أترى في كتبي عنه شيئًا؟ لو كنتُ أرضاه رأيتَ في كتبي عنه"، وقد سبق تقرير هذا القول، ونقل كلام أهل العلم فيه تحت شواهد الحديث السابق برقم (623)، ومنها قول ابن الملقن في البدر المنير:"فهذا تصريح من هذا الإمام بأن كل من روى عنه في موطئه يكون ثقةً"، وقال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة:"ومن كان من أهل العلم ونصح نفسه: علم أن كل من وضعه مالك في موطئه وأظهر اسمه: ثقة، تقوم به الحجة"، وقد احتج واستشهد البخاري به في مواضع من صحيحه، وصحح له الترمذي [مقدمة صحيح مسلم (1/ 26)، ضعفاء العقيلي (1/ 14)، الجرح والتعديل (1/ 24) و (2/ 22)، المعرفة والتاريخ (3/ 144 و 168)، المحدث الفاصل (410)، الكامل (1/ 91)، التمهيد (1/ 68)، ترتيب المدارك (1/ 75)، بيان الوهم (4/ 349/ 1935) و (5/ 22/ 2257)، شرح مسلم للنووي (1/ 120)، تهذيب الكمال (27/ 112)، سير أعلام النبلاء (8/ 72)، البدر المنير (3/ 546)] [التاريخ الكبير (7/ 368)، صحيح البخاري (764 و 1563 و 1695 و 2307 و 2832 و 3717 و 5321 و 6145)، جامع

ص: 53

الترمذي (3014 و 3033)، المراسيل (728)، الجرح والتعديل (8/ 271)، بيان الوهم (5/ 231/ 2441)، هدي الساري (2/ 1189)، التهذيب (4/ 50)].

• ومما اعترض به أيضًا على تصحيح هذا الحديث:

معارضته لحديث رافع بن خديج وأنس بن مالك وغيرهما في سرعة انصراف النبي صلى الله عليه وسلم من صلاة المغرب:

قال ابن حجر في الفتح (2/ 248): "حديث رافع الذي تقدم في المواقيت: أنهم كانوا ينتضلون بعد صلاة المغرب؛ يدل على تخفيف القراءة فيها، وطريق الجمع بين هذه الأحاديث: أنه صلى الله عليه وسلم كان أحيانًا يطيل القراءة في المغرب، إما لبيان الجواز، وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين".

وقال أيضًا في نتائج الأفكار (1/ 458) في الرد على من احتج بحديث حماد، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله [وهو حديث صحيح مخرج في السنن برقم (416)]، وقد صح أيضًا عن جماعة من الصحابة، وهو مخرج في الصحيحين من حديث رافع بن خديج [البخاري (559)، ومسلم (637)، راجع تخريجها تحت الحديث رقم (417)]، قال الطحاوي بعد أن احتج بشيء من هذه الأحاديث في شرح المعاني (1/ 213):"فلما كان هذا وقتَ انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاة المغرب؛ استحال أن يكون ذلك، وقد قرأ فيها الأعراف ولا نصفها"، فتعقبه ابن حجر بقوله:"الجمع ممكن؛ أي: وهو باختلاف الأحوال، ولا تُرَدُّ الأحاديث الصحيحة بمثل هذا الاعتراض".

قلت: يمكن حمل إنكار زيد بن ثابت على مروان على مداومته على القراءة في المغرب بقصار المفصل، ومجانبته ما عداه، مع أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ فيها بطوال المفصل وأوساطه، مثل: الطور والمرسلات، بل ذهب زيد إلى أبعد من ذلك وهو أنه قرأ فيها مرةً بالأعراف، لا أنه داوم على ذلك، وهو ظاهر من قوله: رأيتُ وسمعتُ، ومن قال في الرواية:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم" والتي تدل على الدوام أو الكثرة، فيمكن حمله على الرواية بالمعنى حتى تأتلف هذه الأحاديث التي في الباب، وحتى يمكن الجمع بينها وبين عمل الصحابة، ومن وجه آخر: أنه لو كان صلى الله عليه وسلم يداوم على القراءة في المغرب بالأعراف لكان ذلك سُنَّة لا تخفى على الخلفاء الراشدين فمن بعدهم، ولنُقل ذلك إلينا نقلًا متواترًا عن عدد من الصحابة لكون ذلك مما تتوافر الهمم والدواعي على نقله لمخالفته العادة، حيث إن الصلاة في هذه الحال سوف تستغرق وقت صلاة المغرب حتى يدخل وقت العشاء، أو يكاد، فلما لم ينقل هذا إلينا لا سيما مع وجود من يقول بأن وقت المغرب وقت مضيقٌ، وقتًا واحدًا، وأنها تصلَّى بمجرد غروب الشمس، من غير تطويل القراءة فيها، فإن هذا كله يجعل النفس تميل إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرة واحدة، أو كان فعله لها نادرًا، بحسب ما اقتضته مصلحة حاضرة، والله أعلم.

ص: 54

• ومما روي في هذا الباب أيضًا:

1 -

حديث ابن عمر:

يرويه يحيى بن معين [ثقة حافظ، إمام حجة]، والحسين بن حريث أبو عمار المروزي [ثقة]:

عن أبي معاوية، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهم في المغرب بـ {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: 167].

أخرجه ابن حبان (5/ 143/ 1835)، ووكيع في أخبار القضاة (3/ 197)، والطبراني في الكبير (12/ 372/ 13380)، وفي الأوسط (2/ 57/ 1239) و (2/ 206/ 1742)، وفي الصغير (117)، والدارقطني في الأفراد (1/ 576/ 3344 - أطرافه).

قال وكيع: "قيل: إن أبا معاوية غلِط في رفعه".

وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عبيد الله إلا أبو معاوية، تفرد به الحسين".

وقال الدارقطني: "غريب من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع، لم يسنده غير أبي معاوية، وكذلك رواه يحيى بن معين عن أبي معاوية مرفوعًا".

وقال ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 451): "هذا حديث غريب،

، ورجاله من رواة الصحيحين؛ لكنهما لم يخرجا لأبي معاوية عن عبيد الله بن عمر شيئًا،

".

قلت: وهِم في رفعه أبو معاوية الضرير محمد بن خازم، وجعل القراءة في صلاة المغرب، وكان أبو معاوية ثبتًا في حديث الأعمش، يهم في حديث غيره، وقد يرفع الموقوف [التهذيب (3/ 551)].

• وقد رواه موقوفًا على الصواب، وجعل القراءة في صلاة العشاء:

عبد الله بن نمير [ثقة]، وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي [ثقة]، وأبو ضمرة أنس بن عياض [ثقة]، ومحمد بن عبيد الطنافسي [ثقة]، وشعيب بن إسحاق [ثقة]، وعبد الرحمن بن مغراء أبو زهير الكوفي [صدوق، تُكُلِّم في حديثه عن الأعمش]:

عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: أنه كان يقرأ في عشاء الآخرة بالذين كفروا والفتح. موقوف.

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 316/ 3614)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 616/ 912)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 26/ 2916).

قال الدارقطني: "وقولهم أصح من قول أبي معاوية الضرير عن عبيد الله، فإنه وهم في رفعه، والله أعلم".

قلت: وهذا موقوف على ابن عمر، بإسناد صحيح على شرط الشيخين.

• وروى عبدة بن سليمان [ثقة ثبت]، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع: أن ابن عمر قرأ مرةً في المغرب بـ {يس} .

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 315/ 3599).

ص: 55

وهذا موقوف على ابن عمر بإسناد صحيح.

وروى ابن علية، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر أنه قرأ في المغرب بـ {يس} ، {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} .

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 315/ 3600).

وهذه متابعة صالحة لرواية عبدة عن عبيد الله بن عمر العمري، دون زيادة {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ} ، وإسنادها ضعيف؛ لأجل ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف؛ لاختلاطه وعدم تميز حديثه.

• خالف إسماعيلَ ابن علية [وهو ثقة ثبت] في وقفِه؛ ورفعَه فوهِم:

عبدُ الله بن قبيصة، فرواه عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بياسين.

أخرجه العقيلي في الضعفاء (2/ 290)، وابن عدي في الكامل (4/ 192).

قال العقيلي: "غير محفوظ"؛ يعني: مرفوعًا، وإنما يُعرف موقوفًا.

وقال ابن عدي: "هذا الحديث لم يتابَع عبد الله بن قبيصة على متنه".

قلت: هو حديث منكر؛ والمعروف موقوف على ابن عمر، وعبد الله بن قبيصة: كثير الوهم، حدَّث بما لا يتابع عليه [الجرح والتعديل (5/ 142)، الضعفاء للعقيلي (2/ 290)، الكامل (4/ 192)، اللسان (4/ 545)].

• وخالف الجماعة من أصحاب عبيد الله:

حفص بن غياث: ثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .

أخرجه ابن ماجه (833)، ووكيع في أخبار القضاة (3/ 197)، والطبراني في الكبير (12/ 288/ 13395)، وأبو الشيخ في طبقات المحدثين (4/ 153)، والدارقطني في الأفراد (1/ 576/ 3345 - أطرافه)، وأبو نعيم في تاريخ أصبهان (1/ 320)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 727/ 1091)، والحسن بن محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص (35)، والخطيب في تاريخ بغداد (4/ 50)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (14/ 350)، والمزي في التهذيب (1/ 272).

قلت: حفص بن غياث: ثقة؛ لكنه ليس من حديثه، فقد تفرد به عنه: أحمد بن بديل، وهو لا بأس به؛ لكن أُنكرت عليه أحاديث رواها عن حفص بن غياث، وهذا منها، فهو حديث منكر [الكامل (1/ 186)، تاريخ بغداد (4/ 50)، التهذيب (1/ 17)].

قال النضر قاضي همذان: "ذكرت هذا الحديث لأبي زرعة الرازي، فقال: من حدثك به؟ قلت: ابن بديل، قال: شرٌّ له".

وقال وكيع في أخبار القضاة: "وهذا لا يُعرف، ولا تُعرف له علة،

".

وقال الدارقطني في العلل (13/ 27/ 2916): "ولم يُتابع على ذلك"، ثم قال:

ص: 56

"والمحفوظ عن ابن عمر: ما قاله عبد الوهاب ومن تابعه! يعني: الموقوف، وفي صلاة العشاء.

وقال في موضع آخر (13/ 116/ 2994): "وليس هذا من الحديث بسبيل".

وقال البرقاني: "قال لنا الدارقطني: تفرد به حفص بن غياث عن عبيد الله"، وكذا قال في الأفراد.

وقال ابن حجر في الفتح (2/ 248): "ظاهر إسناده الصحة؛ إلا أنَّه معلول".

• وروى خالد بن حيان الرقي أبو يزيد الخراز [ليس به بأس]، عن عبيدة بن حسان، عن عبد الله بن كرز، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم صلاة المغرب فقرأ بالمعوِّذتين.

أخرجه حرب الكرماني في مسائله (136)، والعقيلي في الضعفاء (2/ 292)، وابن المقرئ في المعجم (567)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 749/ 1132)، وذكره الدارقطني في العلل (13/ 27/ 2916).

قال العقيلي بعد ما أخرجه في ترجمة عبد الله بن كرز: "ولا يتابع عليه".

وقال الدارقطني في العلل: "والمحفوظ عن ابن عمر: ما قاله عبد الوهاب ومن تابعه" يعني: الموقوف، وفي صلاة العشاء.

قلت: هو حديث باطل؛ عبد الله بن كرز: متروك [اللسان (4/ 519 و 549)، المغني (1/ 346 و 351)]، وعَبِيدة بن حسان، هو: العنبري السنجاري: قال أبو حاتم: "منكر الحديث"، وقال ابن حبان:"كان ممن يروي الموضوعات عن الثقات"، وقال الدارقطني:"ضعيف"[التاريخ الكبير (6/ 86)، الجرح والتعديل (6/ 92)، المجروحين (2/ 189)، سنن الدارقطني (3/ 41) و (4/ 138)، اللسان (5/ 364)].

• طريق أخرى:

روى وكيع بن الجراح، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بـ (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ).

أخرجه الطحاوي (1/ 214).

كذا هو عند الطحاوي [وكذا هو في الإتحاف (8/ 484/ 9817)] من مسند ابن عمر، لكن وقع بنفس الإسناد عند ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وغيرهما من مسند عبد الله بن يزيد الأنصاري الخطمي:

فقد رواه وكيع، وأبو نعيم الفضل بن دكين:

عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن عبد الله بن يزيد الأنصاري؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بـ (التِّينِ وَالزَّيْتُونِ).

أخرجه ابن أبي شيبة (1/ 314/ 3592)(3/ 231/ 3612 - ط عوامة)، وعبد بن حميد (493)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (2/ 675/ 1001)، وانظر: نتائج الأفكار (1/ 458).

ص: 57

وهذا إسناد واهٍ؛ لأجل جابر بن يزيد الجعفي، وهو: متروك، يكذب، وعامر هو: ابن شراحيل الشعبي، وإسرائيل هو: ابن يونس بن أبي إسحاق.

2 -

مرسل عبد الله بن عتبة بن مسعود:

يرويه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ [ثقة]، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا حيوة [هو: ابن شريح المصري: ثقة ثبت]، وذكر آخر [قيل: هو ابن لهيعة]، قالا: حدثنا جعفر بن ربيعة، أن عبد الرحمن بن هرمز حدثه، أن معاوية بن عبد الله بن جعفر حدثه، أن عبد الله بن عتبة بن مسعود حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب بـ {حمَ} الدخان.

أخرجه النسائي في المجتبى (2/ 169 / 988)، وفي الكبرى (2/ 16/ 1062).

وهذا مرسل؛ رجاله ثقات؛ فإن عبد الله بن عتبة بن مسعود: ثقة، رفيع القدر، كثير الحديث والفتيا، فقيه، سمع عمر بن الخطاب، واستعمله عمر على سوق المدينة، وكان قد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأتي به، فمسحه بيده ودعا له، ذكره البخاري في التابعين، وقال: "سمع عمر رضي الله عنه، كان بالكوفة

"، وذكره ابن البرقي فيمن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يثبت عنه رواية، فهو: تابعي من كبار التابعين، وغلط من عده في الصحابة، فقد توفي النبي صلى الله عليه وسلم وله من العمر قرابة خمس سنين [التاريخ الكبير (5/ 157)، معرفة الثقات (930)، طبقات ابن سعد (5/ 58)، الاستيعاب (1464)، الإصابة (4831)، التهذيب (2/ 381)، وغيرها].

ومعاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: تابعي، وثقه العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات، وروى عنه جماعة من الثقات [طبقات ابن سعد (5/ 329)، التهذيب (4/ 110)]، ومع ذلك فقد حسنه ابن حجر في نتائج الأفكار (1/ 450).

• وقال ابن أبي عمر العدني [محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني: صدوق، في مسنده (4/ 72/ 473 - مطالب) (2/ 352/ 1854 - إتحاف الخيرة): حدثنا المقرئ: ثنا حيوة: ثنا جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال: إن معاوية بن عبد الله، حدَّث عن ابن مسعود صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب {حَم} التي يذكر فيها الدخان.

هكذا جعله من مسند ابن مسعود، وأظنه غلطًا؛ فإنني لم أجد أحدًا ممن ترجم لمعاوية ذكر له رواية عن ابن مسعود، ولا أظنه أدركه، فإن ابن مسعود قديم الوفاة.

• خالف هذين: عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري [ثقة ثبت]، قال: نا عبد الله بن يزيد، قال: نا حيوة بن شريح، قال: أخبرني جعفر بن ربيعة القرشي، عن الأعرج، عن معاوية بن عبد الله، حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة المغرب حم التي فيها الدخان.

أخرجه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة (5/ 393/ 2214).

[انظر: شرح سنن ابن ماجة لمغلطاي (5/ 209)، الإصابة (6/ 157)].

وهذا مرسل أيضًا، وأيًّا كان الصواب، رواية القواريري [لحفظه وضبطه]، أم رواية

ص: 58