المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الإشارة في عقد النكاح: إذا كان العاقد للنكاح قادرا على النطق - فقه النكاح والفرائض

[محمد عبد اللطيف قنديل]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة:

- ‌المرأة قبل الإسلام:

- ‌المرأة في ظل الإسلام:

- ‌مقدمات النكاح

- ‌المقدمة الأولى: الاختيار

- ‌المقدمة الثانية: الخطبة

- ‌مدخل

- ‌مشروعية خطبة النساء

- ‌شروطها:

- ‌وسائل التعرف على المخطوبة:

- ‌موضع النظر المسموح به شرعا ووقتا وهل يكرر أم لا

- ‌حكم المضاجعة والمصافحة:

- ‌المعانقة والتقبيل:

- ‌الصفة الشرعية للخطبة والعدول عنها:

- ‌ممن تخطب المراد خطبتها

- ‌عقد النكاح:

- ‌تعدد الزوجات في الشريعة الإسلامية:

- ‌أركان النكاح

- ‌الركن الأول: الصيغة

- ‌مدخل

- ‌الألفاظ التي ينعقد بها النكاح:

- ‌انعقاد النكاح بغير العربية:

- ‌الإشارة في عقد النكاح:

- ‌شروط الصيغة:

- ‌آداب عقد النكاح

- ‌الخطبة قبل العقد

- ‌ الدعاء بعد العقد:

- ‌ إعلان الزواج وإشهاره:

- ‌ أن ينوي الزوج بالنكاح إقامة السنة:

- ‌ وصية الزوج

- ‌ الوليمة:

- ‌الركن الثاني: الزوج

- ‌الركن الثالث: الزوجة

- ‌مدخل

- ‌المحرمات على التأبيد وأسبابها

- ‌مانع السبب

- ‌ مانع الرضاع:

- ‌مانع المصاهرة:

- ‌ الموانع المؤقتة

- ‌الركن الرابع من أركان النكاح: الشاهدان

- ‌الركن الخامس من أركان النكاح: الولي

- ‌مدخل

- ‌شروط ولي النكاح:

- ‌أسباب الولاية:

- ‌موانع الولاية:

- ‌انعدام الولي:

- ‌تعدد الأولياء:

- ‌الإقرار بالنكاح:

- ‌الوكالة في النكاح:

- ‌الكفاء في النكاح

- ‌الخيار في النكاح والرد بالعيب:

- ‌الإعفاف:

- ‌آثار عقد النكاح الصحيح

- ‌أولا: حقوق الزوج على زوجته

- ‌ثانيا: حقوق الزوجة

- ‌المهر

- ‌النفقة تعريفها وسبب وجوبها ودليله

- ‌الحقوق المشتركة بين الزوجين

- ‌مدخل

- ‌الطلاق:

- ‌أركان الطلاق:

- ‌تقسيمات الطلاق

- ‌واجبات الزوجة المعتدة

- ‌الرجعة:

- ‌الخلع

- ‌مدخل

- ‌التوكيل في الخلع:

- ‌العدة:

- ‌الإيلاء:

- ‌الظهار:

- ‌اللعان:

- ‌باب الفرائض والمواريث:

- ‌كتاب الطلاق

- ‌كتاب الرجعة

- ‌الفهرس:

الفصل: ‌ ‌الإشارة في عقد النكاح: إذا كان العاقد للنكاح قادرا على النطق

‌الإشارة في عقد النكاح:

إذا كان العاقد للنكاح قادرا على النطق فلا ينعقد النكاح في حقه بالإشارة؛ لأن اللفظ أدل على المراد من الإشارة، أما الأخرس فلعجزه عن النطق يصح انعقاد النكاح، بإشارته بشرط أن تكون واضحة الدلالة على المراد يفهمها العاقد الآخر والشهود وذلك لأنها الوسيلة الوحيدة في حقه فبها يقضي جميع حاجياته.

ص: 70

‌شروط الصيغة:

يشترط في الصيغة التي تتكون من الإيجاب والقبول عشرة شروط:

1-

ألا يتخلل الإيجاب والقبول كلام أجنبي عن العقد لا سكوت طويل يشعر بالإعراض عن العقد.

فإن فصل بينهما بخطبة النكاح كأن يقول الولي: زوجتك، فيقول الزوج: بسم الله والحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله قبلت النكاح.

ففي انعقاد النكاح بذلك قولان:

أحدهما: ينعقد؛ لأن الخِطْبة مشروعة في العقد.

الثاني: لا ينعقد لوجود فاصل بين الإيجاب والقبول كما لو فصل بينهما بغير الخطبة.

2-

موافقة الإيجاب للقبول:

فلو قال الولي: زوجتك ابنتي فاطمة البكر البالغة العاقلة، فقال الزوج: قبلت نكاح ابنتك زينب البالغة العاقلة الثيب فلا ينعقد النكاح؛ لأن الإيجاب على زوجة غير التي عليها القبول.

3-

أن تكون الصيغة منجزة؛ لأن عقد النكاح عقد وضع ليفيد حكمه في الحال وتترتب عليه آثاره عقب انعقاده.

ص: 70

والتعليق نوعان: صوري، وحقيقي

أولا- التعليق الصوري:

كأن يعلق العقد على شيء موجود أثناء العقد بأن يقول الولي: زوجتك ابنتي إن كنت طبيبا، والزوج بالفعل طبيب، أو يقول الزوج قبلت نكاح ابنتك إن كانت مدرسة وهي بالفعل مدرسة.

فإن كان التعليق بهذه الصورة فإنه لا يؤثر في انعقاد العقد، وذلك لأنه لا يترتب على التعليق منع أي أثر من آثار العقد فتعليقه من حيث الصورة.

ثانيا- التعليق الحقيقي:

كأن يقول الولي للزوج: زوجتك ابنتي إذا حضر أبوك من السفر، أو يقول الزوج: تزوجت ابنتك إذا حضر أبي من السفر.

فلا ينعقد العقد أبدا؛ لأن المعلق على غير موجود لا يكون موجودا كذلك.

4-

أن تكون الصيغة على التأبيد لا على التأقيت بمدة معلومة كشهر أو سنة، أو مجهولة كقدوم زيد.

فإن أوقت بوقت معلوم أو مجهول كان نكاح المتعة الذي حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر بعدما أن كان مباحا، وفي ذلك يقول إمامنا الشافعي -يرحمه الله:"لا أعلم شيئا حرم ثم أبيح ثم حرم إلا المتعة".

5-

ألا يكون العقد مضافا إلى زمن مستقبل.

كأن يقول الولي: زوجتك ابنتي في شهر ربيع الأول وهما في رمضان، أو يقول الزوج تزوجت ابنتك في شهر الله المحرم وهما في رمضان.

فلا ينعقد النكاح إذا أضيف إلى زمن المستقبل؛ لأن الإضافة تتنافى مع آثار العقد التي تترتب عليه في الحال.

6-

ألا تقترن الصيغة بشرط.

والشرط الذي تقترن به صيغة عقد النكاح، إما أن يكون من مقتضيات العقد، أو يكون منافيا له، أو يكون شرطا نهى عنه الشرع، أو شرط يعود نفعه على المرأة

ص: 71

ولكل شرط من هذه الشروط التي تقترن بالصيغة حكمه الخاص به نوضحه فيما يلي:

الشروط التي يجب الوفاء بها:

وهي كل شرط من مقتضيات العقد ومقاصده ولم يتضمن مخالفة لشرع الله أو ارتكاب محظور حرمه الإسلام، كاشتراط معاشرة الزوجة بالمعروف، أو يقسم لها كغيرها من الزوجات أو أنها لا تخرج من بيته إلا بإذنه، أو لا تصوم إلا بإذنه، أو لا تتصرف في شيء من ماله إلا بإذنه.

فمثل هذه الشروط يجب الوفاء بها لقوله صلى الله عليه وسلم: "المسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا".

الشروط التي لا يجب الوفاء بها مع صحة العقد:

وهي كل ما كان منافيا لمقتضى العقد كأن يشترط الزوج عليها أن لا مهر لها ولا نفقه ولا يطأها أو يطأها ويعزل عنها، أو اشترط أن تنفق هي عليه، أو تشترط المرأة ما يعود نفعه وفائدته إليها كأن تشترط عليه ألا يخرجها من بلدها أو بيت أبيها، أو لا يتزوج عليها أو لا يسافر بها، فمثل هذه الشروط باطلة لا يجب الوفاء بها؛ لأنها تنافي العقد حيث إنها تتضمن إسقاط حقوق تجب بالعقد قبل انعقاده، أما العقد في نفسه فهو صحيح؛ وذلك لأن هذه الشروط تعود إلى معنى زائد في العقد لا يشترط ذكره ولا يضر الجهل به، فلم يبطل العقد قياسا على من عقد واشترط في العقد صداقا محرما كالخمر أو الخنزير، ولأن الزوج يصح مع الجهل بالعقد فجاز أن ينعقد مع الشرط والفاسد.

الشروط التي لا يجب الوفاء بها وتؤدي إلى فساد العقد:

وهي كل شرط نهى عنه الشرع وحرمه وحرم الوفاء به كأن تشترط المرأة عند العقد عليها طلاق ضرتها.

ص: 72

لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى أن تشترط المرأة طلاق ضرتها" لما رواه الإمام أحمد عن عبد لله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يحل أن تنكح امرأة بطلاق أخرى".

ووجه الدلالة: أن نهي النبي صلى الله وسلم يقضي فساد المنهي عنه، ولأنه اشترطت عليه فسخ عقده وإبطال حقه وحق امرأته فلم يصح.

والفرق بين اشتراط المرأة عدم الزواج عليها الذي لا يجب الوفاء به ويصح معه العقد، وبين اشتراطها طلاق ضرتها الذي لا يجب الوفاء به ويبطل معه العقد وهو أن اشتراط طلاق الزوجة فيه إضرار بها لما فيه من كسر لقلبها وخراب بيتها وشماتة أعدائها ولا ضرر لا ضرار.

ومن صور الزواج المقترن بشرط غير صحيح زواج الشغار وصورته أن يزوج الرجل وليته لآخر على أن يزوجه الآخر وليته ولا صداق بينهما وقد كان هذا مشهورا في الجاهلية.

وقد نهى عنه رسول الله -صلى الله عليه سلم- فقال فيما رواه مسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: "لا شغار في الإسلام".

وروى ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار، الشغار: أن يقول الرجل للرجل: زوجني ابنتك أو أختك على أن أزوجك ابنتي أو أختي وليس بينهما صداق.

ووجه الدلالة هو نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الشغار والنهي يقتضي البطلان واختلف العلماء في علة النهي، فقال بعضهم: هي التعليق والتوقيف، كأنه يقول لا ينعقد زواج ابنتي حتى ينعقد زواج ابنتك، وقال البعض الآخر: إن علة النهي هي التشريك في البضع، جعل بضع كل واحدة مهرا للأخرى وهي لا تنتفع به، فلم يرجع إليها المهر بل عاد المهر إلى الولي وهو ملكه لبضع زوجته بتمليكه لبضع موليته، وهذا ظلم بين وواضح للمرأتين وإخلاء نكاحها من مهر تنتفع به.

ص: 73

7-

اتحاد المجلس.

فلو أجاب في مجلس، وقبل الزوج في مجلس آخر فلا ينعقد النكاح لعدم اتحاد المجلس.

8-

ألا يرجع الموجب عن إيجابه قبل قبول الآخر، ولا يصدر من القابل ما يدل على الإعراض عن القبول.

9-

أن يبقي العاقد على صفة الكمال حتى يوجد القبول.

فلو أوجب الموجب ثم مات أو جُن أو أغمي عليه أو رجعت الآذنة أو أغمي عليها أو جُنت أو ارتدت امتنع القبول.

10-

أن يكون الإيجاب والقبول بلفظين وضعا للماضي، أو وضع أحدهما للماضي والآخر للمستقبل.

الصيغة التي ينعقد بها العقد لا يخلو حالها من أحوال ثلاثة:

الحال الأولى: أن تعقد بلفظ الماضي.

الحال الثانية: أن تعقد بلفظ المستقبل.

الحال الثالثة: أن تعقد بلفظ الأمر.

الحال الأولى: أن يعقد الموجب والقابل بلفظ الماضي فضربان

أحدهما: أن يعقداه بالبذل والقبول، بأن يقول الولي: قد زوجتك ابنتي على صداق قدره ثلاث آلاف جنيه مثلا، فيقبل الزوج قد قبلت نكاحها على هذا الصداق، أو يقول: قبلت نكاحها ولا يذكر الصداق، ففي الصورتين ينعقد النكاح باتفاق فقهاء المذهب.

أما إذا قال: قد قبلت ويسكت ولا يذكر النكاح ولا الصداق ففي انعقاد النكاح بذلك قولان:

القول الأول: لا ينعقد النكاح بذلك؛ لأنه لم يوجد منه التصريح، بواحد من لفظي النكاح والتزويج، ونيته لا تكفي في الانعقاد.

ص: 74

القول الثاني: ينعقد العقد

لأن قوله قبلت إنما هو جواب للبذل الصريح وجواب الصريح يكون صريحا، ولأن البذل والقبول معتبر في النكاح كاعتباره في البيع.

الضرب الثاني: أن يعقداه بالطلب والإيجاب.

وهو أن يبدأ الزوج فيقول للولي: زوجني ابنتك على صداق ألف جنيه مثلا، فيقول الولي: قد زوجتكها على هذا الصداق، أو يقول: قد زوجكتها ويسكت ولا يذكر الصداق، ففي الصورتين ينعقد العقد أما إذا قال الولي: قد فعلت، أو قد أجبتك، ولا يقول: قد زوجتكها فلا ينعقد النكاح باتفاق في المذهب؛ لأن الولي هو المملك لبضع المنكوحة فكان الاعتبار الصريح في لفظه أساس في انعقاد العقد ولا ينعقد العقد بدونه.

أما إذا ابتدأ الولي فقال: زوجت بنتي على زواج ألف جنيه مثلا فقال الزوج: قد تزوجتها على هذا الصداق لم يصح العقد إلا إذا عاد الولي فيقول: قد زوجتكها.

ذلك لأن قول الولي في الابتداء: زوجت بنتي ليس ببذل منه ولا إجابة، وإنما هو استخبار، والنكاح لا ينعقد من جهة الولي إلا بالبذل إن كان مبتدأ أو بالإيجاب إن كان مجيبا، فإذا كان كذلك صار ما ابتدأ به الولي استخبارا غير مؤثر في العقد، ويكون جواب الزوج طلبا فكان واجبا على الولي أن يعود فيقول: قد زوجتكها، فعندئذ يصير النكاح منعقد بالطلب من الزوج وبالإيجاب من الولي.

وهكذا لو ابتدأ الزوج فقال للولي: زوجتني ابنتك، فقال الولي: قد زوجكتها لم ينعقد العقد؛ لأن ما ابتدأ به الزوج استخبار، والعقد لا يتم من قبل الزوج إلا بالطلب إن كان مبتدأ أو بالقبول إن كان مجيبا وليس استخباره طلبا ولا قبول، فإن عاد الزوج بعد قول الولي: قد زوجتها، وقال -أي الزوج- قد قبلت تزويجها صح العقد حينئذ بالبذل من الولي، وبالقبول من الزوج.

ص: 75

الحال الثانية: أن تعقد الصيغة بلفظ المستقبل من الولي والزوج.

كأن يقول الولي: أزوجك بنتي، فيقول الزوج: أتزوجها.

أو يقول الزوج: أتزوج ابنتك، فيقول الولي، أزوجها، فلا ينعقد النكاح في الصورتين بقوليهما؛ لأن كلاهما مجرد وعد بالنكاح وليس بنكاح.

إلا إذا عاد الولي فقال: قد زوجتكها وقال الزوج: قد تزوجتها، فينعقد بالبذل من الولي وبالقبول من الزوج.

وكذلك لو قال الولي للزوج: أأزوجك بنتي؟ فقال الزوج: أأتزويج ابنتك؟ لا ينعقد العقد؛ لأنه استفهام للوعد فكان أضعف منه.

إلا إذا عقب الولي بالبذل فقال: زوجتك بنتي، وعقب الزوج بالقبول: قد تزوجتها.

الحال الثالثة: أن يعقد بلفظ الأمر

وهو أن يقول الولي للزوج آمرا: تزوج ابنتي فيقول الزوج: قد تزوجتها فلا يصح العقد إلا إذا عقب الولي على كلام الزوج قائلا: قد تزوجكتها.

ولو بدأ بالزوج فقال للولي: زوجني ابنتك، فقال الولي: قد زوجتكها صح العقد ولسنا بحاجة أن يعقب الزوج بالقبول.

والفرق بين الصورتين أن المراعى من جهة الولي البذل إن كان مبتدأ، والإيجاب إن كان موجبا، وليس في أمره بذل ولا إيجاب فلم يصح العقد.

والمراعى من جهة الزوج الطلب إن كان مبتدأ، والقبول إن أجاب، وأمره تضمن الطلب وإن لم يتضمن القبول فصح به العقد وتم بالطلب منه وبالإيجاب من الولي، فإذا استوفيت صيغة العقد هذه الشروط فقد انعقد العقد وترتبت عليه آثاره الشرعية، ولا يثبت فيه خيار المجلس ولا خيار الشرط.

لأن الخيار موضوع لاستدراك المعاينة في المفاوضات، وليس النكاح منها، لجوازه مع الإخلال بذكر العوض من الصداق فإن اشترط فيه خيار الثلاث أبطله باتفاق المذهب.

ص: 76