الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط ولي النكاح:
ويشترط في الولي شروط:
الأول: الإسلام
فلا ولاية لكافر على مسلمة لقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} 1.
الثاني: البلوغ والعقل
فلا ولاية لصبي ولامجنون؛ لأنهما لا ولاية لهما على أنفسهما فمن باب أولى لا ولاية لهما على غيرهما.
الثالث: الذكورة
فلا تلي المرأة عقد النكاح لنفسها أو لغيرها أذن الولي الذكر أم لم يأذن.
الرابع: الحرية
فلا ولاية لرقيق لأنه ناقص الأهلية.
الخامس: العدالة
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي مرشد" والمراد بالرشد العدالة، ولأنه لفسقه عز عليه أن يتحرى الكفاءة في الزواج.
1 من الآية 141 من سورة النساء.
أسباب الولاية:
للولاية في النكاح أسباب أربعة:
السبب الأول: الأبوة وفي معناها الجدودة، وهي أقوى الأسباب بكمال الشفقة، فللأب تزويج البكر الصغيرة، والكبيرة بغير إذنها، ولكن يستحب استئذان البالغة
لما رواه الدارقطني في سننه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يزوجها أبوها".
ووجه الدلالة: هو أن الحديث جعل الثيب أحق بنفسها من وليها أي أنها لا تجبر على النكاح ونص على أن البكر يزوجها أبوها أي يجبرها على النكاح.
وروى ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صمتها أي سكوتها".
ووجه الدلالة: هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جعل الثيب أحق بنفسها من وليها دل على أن ولي البكر أحق بها من نفسها ويكون قوله: "والبكر تستأذن في نفسها" محمول على الاستحباب دون الوجوب استطابة للنفس؛ لأنه لو كان محمولا على الوجوب لصارت أحق بنفسها من وليها كالثيب.
فالإجبار على النكاح معتبر بالبكارة لا بالصغر، ومن ثم فإن للأب أو الجد إجبار البكر على النكاح؛ لأنها لم تمارس الرجال بالوطء فهي شديدة الحياء، ولأن الولي يحتاط لموليته مخالفة العار وغيره.
ويشترط لإجبار البكر على النكاح شروط:
1-
ألا يكون بينه وبينها عداوة ظاهرة.
2-
أن يزوجها من كفء.
3-
أن يزوجها بمهر المثل.
4-
أن يكون المهر نقدا من نقد البلد.
5-
أن يكون الزوج معسرا بالمهر.
6-
ألا يزوجها بمن تتضرر بمعاشرتة كالأعمى أو الشيخ الهرم.
7-
ألا يكون قد وجب عليها الحج لها غرض في تعجيل براءة ذمتها منه فإن الزوج قد يمنعها لكون الحج على التراخي.
8-
ألا يكون بينها وبين الزوج الذي يجبرها الولي على نكاحه عداوة ظاهرة.
فإن افتقد شرط من هذه الشروط فليس له إجبارها ويسن ألا تزوج البكر الصغيرة حتى تبلغ ويسن استأذن البكر الكبيرة البالغة بأن يرسل إليها نسوة ثقات ينظرن ما في نفسها والأم بذلك أولى لأنها تطالع على ما لا يطلع عليه غيرها.
والبكر: هي التي لم تفض بكارتها أو زالت بكارتها بغير الوطء كالأصبع أو حدة حدة الطمث، أو طول التعنيس، أو وطئت في دبرها أو زالت بكارتها بسقطة من أعلى إلى أسفل أو خلقت بلا بكارة.
والثيب: هي التي زالت بكارتها بوطء صحيح أو غير صحيح.
والثيب: لا يزوجها الأب إلا بإذنها والجد كالأب إن كانت بالغة وإن كانت غير بالغة فلا تزوج حتى تبلغ؛ لأن إذن الصغيرة غير معتبر فامتنع تزويجها إلى البلوغ.
وتزوج الثيب البالغة العاقلة بصريح الإذن ولا يكفي سكوتها، لقوله صلى الله عليه وسلم:"ليس للولي من الثيب أمرًا".
ووجه الدلالة: هو أن الأمر المراد به الإجبار والإلزام وليس للولي إجبار الثيب وإلزامها.
السبب الثاني: عصوبة من كان على حاشية النسب كالأخ والعم وبنيهما.
فليس لأحد من هؤلاء تزويج الصغيرة بكرا كانت أم ثيبا حتى تبلغ وتأذن بالنكاح.
وأما البالغة فإن كانت ثيبا، فلهم تزويجها بإذنها الصريح وإن زوجت بدون رضاها لم ينعقد النكاح.
وإن كانت بكرا فلهم تزوجيها إذا استأذنوها، وهل يكفي سكوتها أم يشترط نطقها؟ وجهان في المذهب:
أصحهما: يكفي سكوتها، وإذا اكتفينا بالسكوت حصل الرضا، ضحكت أم بكت، إلا إذا صاحب بكاؤها ما يدل على الرفض كالصياح وضرب الخد فلا يكون سكوتها رضا؛ لأن ذلك يشعر بعدمه.
والثاني: يشترط صريح نطقها كالثيب.
وإذا أراد تزويج البكر بغير كفء فاستأذنها، فهل يكفي سكوتها؟
وجهان:
أحدهما: يكفي سكوتها ويصح نكاحها.
والثاني: لا يكفي بل لا بد من صريح النطق كالثيب وإذا استأذنها في التزويج بدون مهر أو بأقل من مهر المثل، أو بنقد غير نقد البلد فسكتت فلا يكفي سكوتها، لتعلقه بالمال كبيع مالها.
ويجوز للمرأة أن تأذن لوليها -غير الأب أو الجد- بلفظ الإذن، ويجوز بلفظ الوكالة.
ولو أذنت له ثم رجعت لم يصح تزويجها، كالموكل إذا عزل الوكيل فإن زوجها الولي بعد العزل قبل العلم ففي صحة النكاح وجهان.
ولو قالت: رضيت إن رضيت أمي أو رضيت بما تفعله أمي فلا يكفي؛ لأن الأم لا تعقد، ولأن الصيغة الأولى صيغة تعليق وكذا لا يكفي رضيت إن رضي أبي؛ لأنه تعليق، وإن قالت: رضيت بما يفعله الولي كان إذنا.
ولو أذنت في التزويج بألف، ثم قيل لها عند العقد بخمسمائة فسكتت وهي بكر كان سكوتها إذنا في تزويجها بخمسمائة، ولو قيل ذلك لأمها وهي حاضرة فسكتت لم يكن إذنا.
السبب الثاني: الإعتاق.
فالمعتق وعصبته يزوجون كالأخ.
السبب الرابع: السلطنة.
فيزوج السلطان بالولاية العامة البوالغ ثيبات أو أبكارًا بإذنهن، ولا يزوج الصغار حتى يبلغن، لقوله صلى الله عليه وسلم:"السلطان ولي من لا ولي له".
الأحوال التي يزوج فيها السلطان:
أولا: عضل الولي القريب ولو كان الأب وإن علا.
والعضل: هو أن يمتنع الولي عن تزويج موليته.
حكمه:
صغيرة من الصغائر إلا إذا أصر الولي على الامتناع فإنه يكون كبيرة من الكبائر لإصراره عليه.
دليل تحريمه:
يستدل على تحريم العضل بقوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} 1.
ووجه الدلالة: هو النهي عن العضل في قوله: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ} والنهي يقتضي التحريم.
متى يكون الولي عاضلا؟
يعتبر الولي عاضلا في الأحوال التالية:
- إذا طلبت البالغة العاقلة رشيدة كانت أو سفيهة تزويجها من كفء فامتنع.
- إذا دعته إلى تزويجها من عنين أو مجبوب؛ إذ لا حق له في التمتع.
- إذا دعته إلى تزويجها بأقل من مهر مثلها أو بنقد غير نقد البلد ورضيت هي بذلك؛ لأن المهر حق خالص لها.
- إذا دعته إلى تزويجها في نكاح التحليل فيرى بعض فقهاء المذهب إن كان امتناعه للخروج من الخلاف أو لقوة دليل التحريم عنده فلا إثم عليه، بل يثاب على قصده.
1 من الآية 232 من سورة البقرة.
- لو طلبت التزويج من رجل وادعت كفاءته وأنكر الولي رفع أمرهما إلى القاضي، فإن لم تثبت كفاءته لم يعتبر عاضلا؛ لأن له حقا في الكفاءة، وإن ثبتت كفاءته ألزمه القاضي بتزويجها، فإن امتنع زوجها القاضي.
فيما عدا ذلك لو امنتع الولي لم يكن عاضلا.
ثبوت العضل عند الحاكم:
ولا يتحقق العضل حتى يمتنع الولي عن التزويج بدون وجه حق بين يدي القاضي، وذلك بأن يحضر الخاطب والولي والمرأة ويأمره القاضي بالتزويج، فيقول: لا أفعل، أو يسكت، فحينئذ يزوجها القاضي.
هذا إذا تيسر إحضار الولي عند القاضي، إما إذا تعذر إحضاره كأن هرب من القاضي أو امتنع عن الحضور بين يديه فيثبت القاضي عضله بالبينة ثم يقوم بتزويجها.
ثانيا: عند غيبة الولي الأقرب:
إذا غاب الولي الأقرب غيبة قريبة أم بعيدة فلا تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد ولكن يزوجها السلطان بعد أن يرضى الخاطب ويحضر العقد أهلها ممن له لاية كالعصابات أولا ولاية له كالأخوال ليشاورهم الحاكم في الأمر وليسألهم عن كفاءة زوجها استطابة لنفوسهم، ولأنهم أعرف بحالها وحال الزوج فإن كان الزوج كفء زوجها الحاكم عن إذنها، وإن كان غير كفء لم يزوجها به وإن أذنت فيه ورضي أهلها؛ لأن للغائب حقا في طلب الأكفاء لها.
ويستحب للحاكم إذا تعذر تزويجها بمن يقع عليه الاختيار أن ينيب الحاضر من أوليائها، فإن لم يفعل وتفرد بالعقد جاز.
ثالثا: عند إرادة الولي تزويجها من نفسه ولا يوجد من يساويه في الولاية كأن كان الولي ابن عم ويريد أن يتزوج بابنة عمه ولا يوجد من يزوجها له ممن يساويه في الدرجة فيزوجها السلطان.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح؛ خاطب، ولي، وشاهدا عدل".
ووجه الدلالة: هو جعل النبي صلى الله عليه وسلم حضور أربعة أمر معتبر في صحة النكاح وجعل الخاطب منهم غير الولي، فلم يجز أن يصح بثلاثة يكون الولي منهم خاطبا، كما لا يجز أن يكون الشاهد منهم خاطبا.
وقوله صلى الله عليه وسلم "لا يتزوج الرجل المرأة حتى يكون الولي غيره ولا يشتري الوالي شيئا من الغنيمة ولا والوصي شيئا من الميراث". ولأن الولي مندوب لطلب الحظ لها في التماس من هو أكفأ وأغنى فإذا زوجها من نفسه انصرف نظره إلى حظ نفسه دونها فصار ممنوعا منه.
رابعًا: إذا كان الولي محرما بحج أو عمرة
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب" فإن أحرم الولي الأقرب ففي أصح الوجهين يزوجها السلطان كما لو كان غائبا سواء أكان الإحرام بالحج أو العمرة، أو بهما معا صحيحًا أم فاسدًا.
وفي الوجه الثاني: يسلب الإحرام الولاية عن الأقرب وينقلها إلى الأبعد، كما لو جن الأقرب.
خامسا: عند انعدام الولي من سائر العصبات.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "السلطان ولي من لا ولي له".
سادسا: تزويجه للمجنونة البالغة التي فقد المجير لها على النكاح وهو "الأب وإن علا".
ترتيب الأولياء في النكاح:
تقدم جهة القرابة، ثم الولاء، ثم السلطنة.
ويقدم من القراب الأب وإن علا، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق وإن سفل، ثم ابن الأخ لأب وإن سفل، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق وإن سفل ثم ابن العم لأب وإن سفل.
تولي عقد النكاح عاقد واحد:
الأصل في العقود أن يتولى إنشاءها عاقدان موجب وقابل ومن بينها عقد النكاح ولكن قد يخرج عقد النكاح عن هذا الأصل أحيانا فيتولى إنشاءه عاقد واحد موجب وقابل ولذلك:
إذا كان العاقد الجد، فهل يجوز أن يزوج ابنة ابنه الصغيرة أو الكبيرة بابن ابن آخر صغير له عليه ولاية؟
في أصح الوجهين يجوز ذلك لقوة ولايته قياسا على البيع.
والثاني: لا يصح؛ لأن خطاب الإنسان مع نفسه لا ينتظم لقوله صلى الله عليه وسلم: $"كل نكاح لا يحضره أربعة فهو سفاح".
ويشترط لتولي الجد طرفي العقد شروط ثلاثة:
أولها: ألا يكون أبو الولد من أهل الولاية.
الثاني: أن يكون ابن الابن محجورا عليه إما لصغر سنه أو لسفهه.
الثالث: أن تكون بنت الابن بكرا صغيرة أو كبيرة أو مجنونة بكرا أو ثيبًا.
فيستفاد من الشرط الثالث أن يكون الجد مجبرا على النكاح.
ولا بد من إيجاب وقبول كالبيع، وقيل: يكفي الإيجاب وذكر بعض فقهاء المذهب أن يقول الجد عند القبول وقلبت بالواو فإن قال: قبلت لم يصح.