الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمات النكاح
المقدمة الأولى: الاختيار
…
مقدمات النكاح:
لعقد النكاح مقدمتان:
المقدمة الأولى: الاختيار
الاختيار: خار يخير صار ذا خير، وخار الله لك من الأمر: جعل الله لك فيه الخير، وأنت بالخيار: أي اختر ما شئت، والاختيار: طلب الخير يقول المولى جل جلاله:
في هذه الآية الكريمة يخبرنا ربنا عز وجل بأن الزجة سكن لزوجها، وحرث له، كما قال تعالى:{نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} 2.
وشريكة حياته، وربة بيته، وأم أولاده، ومهوى فؤاده وموضع سره ونجواه، وهي أهم ركن من أركان الأسرة؛ لأنها المنجبة للأولاد، ويرث عنها أولادها الكثير من المزايا والصفات، وفي أحضانها يجد أولادها عواطف الأمومة، وتتربى ملكاتهم، ويكتسبون الكثير من العادات والتقاليد، ويعرفون أمور دينهم، لذلك وغيره حث الإسلام الرجل عند اختيار شريكة حياته أن يتحرى الدقة عند اختيارها وفقا لما حث عليه الإسلام.
1 الآية 2 من سورة الروم.
2 الآية 233 من سورة البقرة.
وأهم الصفات التي تختار الزوجة لأجلها أهمها:
1-
أن تكون ذات دين وخلق فاضل نظرًا لأن عقد النكاح عقد يدوم العمر كله فإن الشارع الحكيم جعل له مقدمات وجه إلى الاختيار وجعله مرحلة تسبق الخطبة والعقد حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم".
وفَصَّلَ صلى الله عليه وسلم ما يدور بنفس كل من ينشد شريكة حياته فقال: "تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فأظفر بذات الدين تربت يداك" وللعلماء في المعنى المراد من قوله صلى الله عليه وسلم: "ترتب يداك" تأويلات ثلاثة:
أحدها: أن تربت بمعنى استغنت فتكن دعاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن يتمثل أمره، وإن كان معناها لغة "افتقرت" فتصير من أسماء الأضداد.
الثاني: أن معناه تربت يدالك إن لم تظفر بذات الدين؛ لأن من لم يظفر بذات الدين سلبت منه البركة فافتقرت يداه.
الثالث: أنها كلمة تخف على ألسنة العرب في خواتيم الكلام، ولا يريدون بها دعاء ولا ذما فيقولون: ما أشعره قاتله الله، وما رماه شلت يداه ففي هذا الحديث النبوي الشريف بين النبي صلى الله عليه وسلم الرغبة التي تدور في نفس كل باحث عن الزواج فبين أن من الناس من يرغب في ذات المال وليستفيد بمالها، ومنهم من يؤثر ذات الحسب
ليشرف بمصاهرة أهلها، ومنهم من يؤثر الجمال لتمتلأ نفسه بهجة وسرور إذا نظر إليها، ومنهم من يفضل ذات الدين والخلق.
ورسولنا -صلوات ربي وسلامه عليه- يحث راغبي الزواج على اختيار ذات الدين والخلق الفاضل، وواضح أنه ليس معنى الظفر بذات الدين قصر الاختيار عليه والعدول عما سواه من الصفات الأخرى، وإنما القصد اعتبار الدين أساسا في الاختيار، ولا يمنع هذا من التطلع بعد ذلك إلى شيء من الاعتبارات الأخرى.
أما إذا كان اختيار من يرغب في الزواج الجمال وحده فذلك أمر لا يحقق الحياة الزوجية السعيدة؛ لأن الجمال كثيرا ما يولد الغيرة والشك، فضلا عن أنه عرضة للزوال فتزول الرغبة بزواله وتغيره.
كما أن اعتبار المال وحده أساس للاختيار أو الحسب كذلك لا تتحقق معهما الحياة الزوجية المنشودة ويُعَرِض الزوجة للتعالي على زوجها والطغيان فتفسد بينهما الحياة الزوجية وإلى هذا المعنى ينبهنا النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: "لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يُرْدِيهن، ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تُطْغيهن، ولكن تزوجهن على الدين ولأمة سوداء ذات دين أفضل".
فأفضل كنز يحصل عليه الرجل في حياته هو المرأة الصالحة ذات الدين يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة؛ إذا نظر إليها سرته وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته".
فهذا دليل على اختيار صاحبة الدين؛ لأن ذلك عامل رئيسي في إسعاد الحياة الزوجية ليتحقق بذلك السكن والمودة والرحمة من منطلق قوله تعالى: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} 1.
وعلى العكس من ذلك إذا لم يكن كل من الزوجين على جانب كبير من الخلق والدين فإن ذلك يعرض الحياة الزوجية للتقوض والانهدام.
فليكن الأساس الأول للاختيار عند الزواج هو الدين؛ لأن ذلك يحقق للرجل هدفين عظيمين:
أولهما: إسعاد الرجل.
ثانيهما: تنشئة الأولاد نشأة صالحة تتميز بالاستقامة وحسن الخلق لذا قال -صلى الله عليه سلم: "تخيروا لنطفكم فأنكحوا الأكفاء، وأنكحوا إليهم".
2-
أن تكون بكرًا:
بكارة الجارية عذرتها، وأصله من ابتكار الفاكهة وهو أكل باكروتها ومنه: ابتكر الخطبة: أدرك أولها، وبكَّر بالصلاة صلاها في أول وقتها، والبكر: بفتح الباء الفتي القوي من الإبل، والباكورة أول الفاكهة.
والبِكْرُ: هي العذارء الباقية على حالها الأول لم تفض بكارتها أو التي زالت عذرتها بغير وطء كإصبع أو زيادة طمث أو النزول من أعلى إلى أسفل.
1 من الآية 21 من سورة الروم.
ويستدل على اختيار البكر بما رواه جابر في الصحيحين عن رسول الله -صلى الله عليه سلم- أنه قال له: "هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك".
وقوله -صلى الله عليه سلم: "عليكم بالأبكار فإنهن أعذب أفواها وأنتق أرحامًا وأرضى باليسير".
وفي رواية أخرى: "عليكم بالأبكار فإنهن أطيب أفواها وأضيق أرحامًا وأرضى باليسير من الجماع".
وقوله -صلى الله عليه سلم: "أنتق أرحاما" أي أكثر أولادًا يقال للمرأة كثيرة الأولاد ناتق.
وفي الحرص على الزواج بالمرأة البكر ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: أنها تحب زوجها الأول وتألفه؛ لأن النفس البشرية مجبولة على الأنس بأول مألوف، بخلاف المرأة التي مارست الرجال وسبق لها الزواج فربما لا ترضى ببعض الأوصاف في زوجها الثاني والتي تخالف ما ألفته في زوجه الأول فيؤدي إلى أن تكره الزوج الثاني.
الفائدة الثانية: أن البكر تكون كاملة التودد لزوجها.
الفائدة الثالثة: أن البكر لا تحن إلا للزوج الأول:
وفي ذلك يقول الشاعر:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى
…
ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
…
وحنينه أبدًا لأول منزل
إلا إذا كان هناك ما يدعو الرجل إلى نكاح الثيب كأن كانت له زوجة وفارقها بالموت أو الطلاق وتركت له أبناء يحتاجون إلى من تتولى تربيتهم فالثيب أفضل قال جابر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هلك أبي وترك سبع بنات، أو تسع بنات فكرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت ثيبا، فقال صلى الله عليه وسلم:"بارك الله لك".
ووجه الدلالة: هو أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما علم حاجة جابر إلى نكاح الثيب لتقوم على تربية أخواته أقره على ذلك ودعا له بالبركة.
3-
أن تكون جميلة:
أي باعتبار الطبع فيما يظهر ولو سوداء مثلا؛ لأن من مقاصد النكاح العفة وهي لا تحصل إلا بجمال حسب طبعه ولقوله صلى الله عليه وسلم: "تنكح المرأة لأربع؛ لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك".
ولكن يكره اختيار بارعة الجمال؛ لأنها إما أن تزهو أي تتكبر بجمالها أو تمتد الأعين إليها.
والمراد بالجمال: الوصف القائم بالذات المستحسن لذوي الطباع السليمة.
وقال الأصمعي: الحسن في العينين، والجمال في الأنف والخد، والملاحة في الفم.
وهذا هو الفرق بين الحسن، والجمال، والملاحة.
وحث النبي صلى الله عليه وسلم الرجال عند اختيارهم أن تكون المرأة المختارة جميلة حيث قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "تنكح المرأة لأربع" ومن بينها "الجمال" ولا يتعارض هذا مع ما أخرجه ابن ماجه والبزار والدارقطني من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنكحوا النساء لحسنهن فلعله يُرْدِهن، ولا لمالهن فلعله يُطغهن، وانكحوا للدين".
وذلك لأن الحديث المتفق عليه والذي يرغب في صفة الجمال عند اختيار شريكة الحياة القصد منه الإخبار من النبي صلى الله عليه وسلم بما يفعله الناس في العادة أنهم يرغبون في هذه الخصال الأربع وآخرها ذات الدين.
أما الحديث الثاني والذي ظاهره النهي عن اختيار ذات الجمال والمال ذلك؛ لأن كلا منهما عرضة للزوال فلا معنى لإيثار شيء من ذلك على الدين والخلق.
4-
ألا تكون صاحبة ولد من زوج سابق:
لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن حارثة: "لا تتزوج خمسًا: شَهْبَرة وهي الطويلة المهزولة، ولا لَهْبَرة وهي الزرقاء البذية، ولا نَهْبَرة وهو العجوز المدبرة، ولا هَنْدَرة وهي القصيرة الدميمة،
ولا لفوتا وهي ذات الولد من غيرك".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "الزرقاء" أي في العين.
"البذية": أي في اللسان.
وقد قيل: النساء ثلاثة؛ واحدة لك، وواحدة عليك، وواحدة لا لك ولا عليك.
أما التي لك فهي البكر، وأما التي عليك فهي الثيب التي لها ولد من غيرك، وأما التي لا لك ولا عليك فهي الثيب التي ليس لها ولد من غيرك.
وقال بعض العلماء يكره نكاح خمسة:
أنانة: أي كثيرة الأنين والتشكي وتعصب رأسها كل ساعة فنكاح المريضة والمتمرضة لا خير فيه.
وحنانة: وهي التي تحن إلى زوج آخر كل ساعة.
وحداقة: وهي التي ترمي بعينها إلى كل شيء تكلف زوجها شراءه.
وبراقة: وهيا التي تعمل على تجميل وجهها وتزينه، وقيل: هي التي تغضب على الطعام ولا تأكل إلا وحدها تشتغل بنفسها في كل شيء.
والشداقة: وهي التي تتشدق كثيرا بالكلام.
5-
ألا تكون أعلى منه قدرًا ونسبًا ومالًا وجاهًا ولا أصغر منه سنا.
لأن ذلك كله يؤدي إلى ترافعها عليه وعدم احترامه وربما يؤدي ذلك إلى النشوز والمخالفة والهجر في المضجع وعدم تمكينه من المباشرة فيؤدي كل ذلك إلى قطع العشرة.
فالأولى أن يختار الرجل إما من هي مثلة في المنزلة، أو من هي دونه فيها ليعظم قدره عندها وليحقق معها القوامة التي عبر عنها القرآن الكريم حيث يقول ربنا جل جلاله {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} 1.
6-
ألا يكون في حلها خلاف:
ينبغي على الرجل عند اختيار شريكه حياته أن يختار التي تحل له قولا واحدا ويبتعد عن اختيار المختلف في حلها كالتي زنى هو بها أو تمتع بأمها، أو التي زنى بها أصله أو فرعه، أو التي شك في تحريمها عليه بسبب الرضاع المحرم.
7-
أن تكون ولودا ودودا:
وقوله صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الولود الودود".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "سوداء ولود خير من حسناء عقيم".
وتعرف البكر بأقاربها من النساء، والودود التي تتودد لزوجها بحبها له بسبب ما تتصف به من صفات حميدة.
8-
ألا يكن لها مطلق يرغب في نكاحها:
لأن ذلك يؤدي في الغالب إلى إفساد العلاقة الزوجية بينها وبين الزوج الثاني لها بسبب رغبتها وحنينها إلى الزوج الأول.
9-
أن تكون خفيفة المهر:
لقوله صلى الله عليه وسلم: "أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة".
1 من الآية 34 من سورة النساء.
قال عروة: أول شؤم المرأة أن يكثر صداقها.
10-
ألا تكون ذات قرابة قريبة:
لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تنكحوا القرابة القريبة، فإن الولد يخلق ضاويًا" أي نحيفا. وذلك لضعف الشهوة وقال ابن الصلاح: لم أجد لهذا الحديث أصلا معتمدا، فينبغي ألا يكون لهذه الصفة أثر عند الاختيار لعدم وجود دليل يعتمد عليه، بل الثابت خلافه لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج بزينب بنت جحش رضي الله عنهما وهي بنت عمته، وزوج ابنته فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب وهو ابن عمه.
ومن ثم فلا أرى بأسا من زواج القريبة، وإن كان الطب الحديث أثبت أن هناك عوامل وراثية بين الزوجين القريبين تؤدي أحيانا إلى حدوث تشوهات خلقية لأبنائهما، ولكنه في نفس الوقت قد توصل بفضل الله عز وجل ثم بفضل الاختراعات العلمية الحديثة إلى الوسائل العلاجية قبل الزواج إلى التغلب على هذه الظاهرة التي قد يصاب بها الجنين الناتج عن زواج الأقارب.
ثم قال الخطيب الشربيني -يرحمه الله- بعد أن أورد هذه الصفات التي تختار على أساسها المرأة عند الاقتران بها، وهذه الصفات كلها قل أن يجدها الشخص في نساء الدنيا، وإنما توجد في نساء الجنان فنسأل الله تعالى ألا يحرمنا منهن". ا. هـ.
والاختيار كما يتحقق من جانب الرجل على ما جرى عليه العرف والعادة بصفته الطالب والمرأة المطلوبة.
فإنه -أي الاختيار- يتحقق كذلك من جانب المرأة، إما بنفسها أو بوليها، وأساس الاختيار واحد، فإنه ينبغي أن تختار المرأة الزوج الصالح الذي تأمن معه على نفسه ومالها وعرضها وتسعد بحياة زوجية مستقرة في كنف زوجها دون أن تجري وراء المظاهر الخادعة والنزعات الطائشة فإذا جعلت المرأة اختيار شريك حياتها أساسه الجاه والثراء دون اكتراث بما رواء ذلك، فإن هذا الاختيار غالبا ما يعرضها للهزات العنيفة ويجعل حياتها الزوجية مع هذا الزوج غير مستقرة ولا مستديمة.
ومن ثم كان لزاما عليها عند اختيارها للزوج المنشود أن يكون ذلك الزوج في المقام الأول صاحب خلق ودين ثم الاعتبارات الأخرى مطلوبة في الزوج ولكن في المرتبة التالية لذلك.
فلتنظر إلى المقارنة البلاغية اللطيفة في قوله -عز من قائل- {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} 1.
فهذه المقابلة الرائعة تبين لنا بيانا لا شك فيه بأنه يجب على كل من الزوجين أن يختار لنفسه من يناسبه حتى يتم الأنس والوئام والمنشود في الحياة الزوجية الصالحة، لو كان الاختيار من جانب الزوج فقط لاكتفى القرآن الكريم بقوله:{وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} .
1 من الآية 26 من سورة النور.
من غير احتياج إلى إيراد العبارة الثانية {وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} فالرجل يسعد في حياته وتسعد معه المرأة إذا كان كل منهما على خلق ودين، وإلى هذا المعنى يقول ربنا حل جلاله:{وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} 1.
كما أن نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلفه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الارض وفساد كبير".
وكما قيل: إن صاحب الدين إذا أحب أكرم وإذا كره لم يظلم.
فعلى الولي أن يختار لمن له عليها ولاية صاحب الدين والخلق والشرف؛ لأنه إن عاشرها عاشرها بالمعروف، وإن فارقها فارقها بإحسان.
ورحم الله تعالى الإمام الجليل أبا حامد الغزالي الذي قال في الإحياء: والاحتياط في حقها أهم؛ لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها، والزوج قادر على الطلاق بكل حال، فمن زوج ابنته ظالمًا أو فاسقًا أو مبتدعًا أو شارب خمر فقد جنى على دينه وتعرض لسخط الله تعالى لما قطع من الرحم وسوء الاختيار.
قال رجل للحسن بن علي رضي الله عنهما: إن لي بنتا فمن ترى أن أزوجها له؟ فقال له الحسن رضي الله عنه: زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
1 من الآية 32 من سورة النور.