الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الخامس من أركان النكاح: الولي
مدخل
…
الركن الخامس من أركان النكاح: الولي
فالولي ركن مهم في عقد النكاح لا يصح إلا به وليس للمرأة أن تنفرد بإنشاء عقد نكاحها إذن لها الولي أم لم يأذن صغيرة كانت أم كبيرة، شريفة أم غير شريفة بكرا أم ثيبا.
وبه قال من الصحابة -رضوان الله عليهم- عمر، وعلي، وابن عباس، وابن عمر، وعائشة.
ومن التابعين: الحسن، وابن المسيب، وعمر بن عبد العزيز، وشريع، والنخعي.
ومن الفقهاء: الأوزاعي، والثوري، وابن أبي ليلى، وإسحاق، ومالك الشافعي وأحمد خلافا للحنفية القائلين بأن المرأة البالغة العاقلة الرشيد تزوج نفسها بنفسها ويشترط إذن الولي عند صاحبيه.
ويستدل على أن الولي ركن في النكاح لا ينعقد إلا به بالكتاب والسنة والقياس.
أولا: من الكتاب قوله تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} 1.
ووجه الدلالة على ثبوت الولاية من هذه الآية الكريمة من وجهين:
أولهما: نهي الأولياء عن العضل -الذي هو المنع- فلو جاز للنساء الانفراد بالعقد لما أثر عضل الأولياء ولما توجه إليهم النهي عن العضل.
الثاني: قوله في سياق الآية: {إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} 2.
والمعروف ما تناوله العرف بالاختيار، وهو الولي والشاهدان ولا يجوز أن يتوجه النهي عن العضل في الآية إلى الأزواج لأمرين.
أولهما: إن عضل الزوج قبل العدة فحق لا يجوز أن ينهى عنه.
وإن عضل بعدة العدة فهو غير مؤثر.
1 من الآية 232 من سورة البقرة.
2 من الآية 232 من سورة البقرة.
الثاني: ما روي من سبب نزول الآية الكريمة أنها نزلت في معقل بن يسار زوج أخته رجلا ثم طلقها وتراضيا بعد العدة أن يتزوجها فعضلها معقل وحلف أن لا يزوجها فنهاه الله تعالى عن عضلها وأمره أن يزوجها ففعل.
وقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} 1.
وقوله تعالى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} 2.
ووجه الدلالة من الآيتين هو خطاب المولى عز وجل بالنكاح للرجال ولم يخاطب به النساء، فيكون المعنى زوجوا أيها الأولياء الأيم التي لا زوج لها من النساء، وكذلك نهاهم قائلا: ولا تزوجوا أيها الأولياء من لكم الولاية عليها من المشركين حتى يؤمنوا.
ثانيا: من السنة
ويستدل على ركنية الولي في النكاح من السنة، بما رواه ابن مسعود، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وعائشة، وأنس بن مالك، وعمران بن الحصين، أبو موسى الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: $"لا نكاح إلا بولي". ووجه الدلالة: هو أن النهي فيقوله: "لا نكاح" يقتضي الفساد.
وكذلك يستدل بما روي عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها".
ووجه الدلالة: هو أن الحديث نص صريح في إبطال النكاح بغير ولي من غير تخصيص ولا تمييز، فدل ذلك على أن العقد يرجع إلى الولي ولا تباشره المرأة بنفسها وقال الترمذي: حديث حسن.
1 من الآية 32 من سورة النور.
2 من الآية 221 من سورة البقرة.
وأخرج ابن ماجه من حديث أبي هريرة بسند حسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها".
ثالثا: من القياس
هو أن كل من كان من زوائد النكاح كان شرطا فيه كالشهود، ولأن كل عقد صارت المرأة فيه فراشا لم تملكه قياسا على الأمة، ولأن كل من عقد على نفسه واعترض عليه غيره في فسخه دل على فساد عقده كالأمة والعبد إذا زوجا أنفسهما بدون إذن السيد ولأن لولي المرأة حقين قبل بلوغها حقا في طلب الكفاءة وحقا في طلب العقد، فلما كان بلوغها غير مسقط لحقه في طلب الكفاءة كان غير مسقط لحقه في مباشرة العقد.
فدلت هذه الأدلة من الكتاب السنة والقياس على بطلان النكاح بدون ولي.
ولكن ما العمل إذا تناكح زوجان بدون ولي؟
الجواب عن ذلك أنه إذا لم يدخل بها يفرق بينهما فورًا ولا عدة عليهما ولا يتوارثان إن مات أحدهما ولا مهر لها، وإن كان قد دخل بها فلا حد عليهما سواء أكانا يعتقدان إباحة النكاح بدون ولي أو يعتقدان تحريمه أو يجهلان حكمه ويترتب على الدخول في النكاح بدون ولي ما يترتب على النكاح الصحيح من أحكام إلا في وجوب التفريق بينهما ولكنه يوجب العدة ويلحق النسب، ويثبت به التحريم بالمصاهرة ويتوراثان إن مات أحدهما.