الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الرابع من أركان النكاح: الشاهدان
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل".
ووجه الدلالة: هو نفي النبي صلى الله عليه وسلم النكاح الذي افتقد الولي والشاهدين، والنفي يقتضي الفساد.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم التابعين حيث قالوا: "لا نكاح إلا بشهود".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "لابد في النكاح من أربعة؛ زوج، وولي، وشاهدي عدل".
وقال إمامنا الشافعي -يرحمه الله- في كتابه الأم: لا نكاح حتى يجمع أربعا، أن ترضى المرأة وهي بالغ، وأن يرضى الزوج البالغ، وأن ينكح المرأة الولي، أو السلطان، وأن يشهد على عقد النكاح شاهدان، فإن نقص النكاح واحدا من هذا كان فاسدًا.
ولأن عقد النكاح يختلف عن بقية العقود في تجاوزه عن العاقدين إلى ثالث وهو الولد الذي يلزم حفظ نسبه خالفها في وجوب الشهادة عليه وجعلها ركنا من أركانه حفظا لنسب الولد ولأن الأبضاع يحتاط لها فأوجبت الشريعة الإسلامية صون الأنكحة عن الجحود فاشترط لعقد النكاح شاهدي عدل.
ويشترط في شاهدي عقد النكاح شروط سبعة:
الشرط الأول: أن يكونا مسلمين سواء أكانت المنكوحة مسلمة أم ذمية؛ إذ الكافر ليس أهلا للشهادة.
الشرط الثاني: أن يكونا رجلين.
قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} 1.
1 من الآية الثانية من سورة الطلاق.
ووجه الدلالة: هو أن الله تعالى أمر بشاهدين في الرجعة وهي أخف حالا من النكاح فكان ذلك في النكاح أولى.
ولأن الفرج لا يسوغ فيها البذل والإباحة ومن ثم فإنها لا تستباح بشهادة النساء.
الشرط الثالث: إن يكونا عدلين ولو ظاهرًا.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل".
والعدالة التي تقيل معها الشهادة هي ملكة في النفس تمنعها من ارتكاب الذنوب، فلو كانا فاسقين فلا ينعقد النكاح بشهادتهما؛ لأن النكاح لا ينعقد بولاية الفاسق، ومن ثم فلا ينعقد بشهادته فلو عرفا بها ظاهر لا باطنا انعقد النكاح بشهادتهما؛ لأن الظاهر من المسلمين العدالة، ولأن النكاح يجري بين أوساط الناس وعوامهم فلو اعتبر في الشاهدين العدالة الباطنة لاحتاج الناس إلى معرفتها ليحضروا من يتصف بها فيطول بهم الأمر ويشق عليهم ذلك.
فلو ظهر فسق الشاهدين عند إنشاء العقد فالعقد باطل على المذهب لفوات العدالة كما لو ظهرا كافرين.
ويظهر فسق الشاهد بالبينة، أو باتفاق الزوجين، أو بعلم نفسه، ولو أقر الزوجان أن النكاح عقد بشهادة عدلين حكم عليهما بصحة النكاح بإقرارهما، ثم ادعيا أنه عقد بشهادة فاسقين لم يعتد قولهما.
ولا أثر لقولهما كنا عند العقد فاسقين؛ لأن الحق ليس لهما فلا يقبل قولهما على الزوجين.
ولو اعترف الزوج بفسق الشاهدين وأنكرت الزوجة فرق بينهما مؤاخذة له بقوله، وتعتبر فرقة فسخ على الصحيح في المذهب، فلا تنقص عدد الطلاق، لأنه لم ينشئ طلاقا ولم يقر به، وقيل: هي طلقة بائنة تنقصه، وفي تلك الحالة سواء قلنا إنها فرقة فسخ أم فرقة طلاق فعليه نصف المهر المسمى إن لم يدخل وكله إن
دخل بها؛ لأن حكم اعترافه مقصور عليه، ولا يرثها وترثه بعد حلفها أن النكاح عقد بشهادة عدلين.
وإن أقرت الزوجة بفسق الشاهدين وأنكر الزوج ذلك فإنه لا يفرق بينهما بل يقبل قوله عليها بيمينه؛ لأن العصمة بيده وهي تريد رفعها والأصل بقاؤها، وتؤاخذ بإقرارها بالنسبة لما يضرها فلو مات الزوج لا ترثه وإن ماتت هي أو طلقها قبل الدخول سقط المهر، وإن كان قد دخل بها فلها الأقل من المسمى أو مهر المثل، إلا إذا كانت محجورة عليها لسفهها فإن ذلك كله لم يسقط لفساد إقرارها بالمال.
الشرط الرابع: أن يكونا مكلفين أي بالغين عاقلين، فلا تقبل شهادة الصبي المجنون لأنهما لا ولاية لهما على نفسيهما، ومن ثم فلا ولاية لهما على غيرهما لأن الشهادة من باب الولاية.
الشرط الخامس: الحرية فلا ينعقد النكاح بشهادة الرقيق.
الشرط السادس: السمع.
فلا يصلح النكاح بحضور الشاهدين حتى يسمعا لفظ الولي بالبذل ولفظ الزوج بالقبول.
فإن سمعا مع البذل والقبول ذكر الصداق شهدا به وبالعقد، وإن لم يسمعا ذكر الصداق شهدا بالعقد دون الصداق.
الشرط السابع: أن يكونا بصيرين في أحد الوجهين؛ لأن الأقوال لا تثبت إلا بالمعاينة والسماع.
وفي الوجه الثاني: ينعقد النكاح بشهادة الأعمى؛ لأنه أهل للشهادة في الجملة.
والأصح انعقاد النكاح بشهادة ابني الزوجين أو ابن أحدهما وابن الآخر، وكذلك ينعقد بشهادة عدوهما أو عدو أحدهما وعدو الآخر؛ لأنهما من أهل الشهادة.
وقيل: لا ينعقد النكاح بشهادة الأبناء أو الأعداء لتعذر ثبوت النكاح بهما.