الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولأنه لو ساغ للأم أن تتزوج زوج ابنتها، وللبنت أن تتزوج زوج أمها لقطعت الأرحام ولأوجس الأصل خيفة من فروعه، وأوجس الفرع خيفة من أصله، وما بمثل ذلك تقام دعائم الأسر.
ثانيا:
الموانع المؤقتة
المانع الأول: مانع العدد
اتفق الفقهاء على أنه يجوز للرجل الحر أن يجمع بين أربع حرائر ولا يزيد على ذلك.
ولم يخالفهم في ذلك إلا أقواما لا يعتد بخلافهم، وهم بعض الشيعة والروافض، وبعض أهل الظاهر.
وهؤلاء المخالفين سماهم فخر الدين الرازي: قوما سدى أي: ضائعين في تفكيرهم.
كما وصفهم القرطبي بقوله: وهذا كله جهل باللسان والسنة ومخالفة للإجماع.
الأدلة:
أولا: أدلة الجمهور
استدلوا بقول الله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} 1. ووجه الدلالة: هو أن الواو العاطفة للأعداد بعضها على بعض بمعنى "أو" ويؤيده قوله تعالى في سورة فاطر: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} 2 فالآية محمولة على عادة العرب في الخطاب على طريق المجموعات فيكون المراد بها التخيير بين الزواج باثنتين أو ثلاث أو أربع.
وكذلك استدلوا بما رواه ابن عمر قال: أسلم غيلان الثقفي وتحته عشرة نسوة في الجاهلية فأسلمن معه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا.
1 من الآية 3 من سورة النساء.
2 من الآية 3 من سورة فاطر.
وروي عن قيس بن الحارث قال: أسلمت وعندي ثمان نسوة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال:"اختر منهن أربعا".
وروي عن نوفل بن معاوية أنه أسلم وتحته خمس نسوة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"أمسك أربعا وفارق الأخرى".
فدلت الأحاديث بمجموعها على أنه لا يجوز للحر الزيادة في النكاح عن أربع.
وقال ابن عبد البر: الأحاديث المروية في هذا الباب كلها معلولة، وليست أسانيدها بالقوية، ولكنها لم يرو شيء يخالفها عن النبي صلى الله عليه وسلم والأصول تعضدها والقول بها والمصير إليها أولى، وبالله التوفيق.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: والأحاديث بمجموعها لا تقتصر عن رتبة الحسن لغيره فتنهض بمجموعها للاحتجاج بها، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال.
وقال -أيضا- في السيل الجرار: والاستدلال على ذلك بحديث قيس بن الحارث، وغيلان الثقفي، ونوفل بن معاوية، هو الذي ينبغي الاعتماد عليه، وإن كان كل واحد منها لا يخلو عن مقال، ولكن الاجماع على ما دلت عليه قد صارت به من المجمع على العمل به.
وحكى ذلك الإجماع ابن حجر في الفتح، وصاحب البحر الزخار، ولم ينقل عن أحد من السلف في عهد الصحابة والتابعين أنه جمع في عصمته أكثر من أربع، فدل العمل وفق السنة على أنه لا يجوز الزواج بأكثر من أربع نسوة.
ثانيا: أدلة الرافضة وبعض أهل الظاهر استدلوا بقوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} 1.
وزعموا أن الواو للجمع وأكدوا زعمهم هذا بأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج تسعا وجمع بينهن في عصمته إذن يباح للرجل المسلم أن يجمع بين تسع
1 من الآية 3 من سورة النساء.
من النسوة بل ذهب بعضهم إلى أقبح من هذا. فقالوا بإباحة الجمع بين ثمان عشرة تمسكا منه بأن العدد في تلك الصيغ يفيد التكرار والواو للجمع، فجعل مثنى بمعنى اثنين اثنين وكذلك ثلاث ورباع.
وفند زعمهم هذا القرطبي قائلا: وهذا كله جهل باللسان والسنة، ومخالفة لإجماع الأمة؛ إذ لم يسمع أن أحد من الصحابة والتابعين جمع في عصمته أكثر من أربع. ثم رد عليهم في موضع آخر، فقال: وأما قولهم: إن الواو جامعة، فقد قيل ذلك لكن الله تعالى خاطب العرب بأفصح اللغات والعرب لا تدع أن تقول تسعة وتقول اثنين وثلاثة وأربعة، وكذلك تستقبح ممن يقول: أعط فلانا أربعة ستة ثمانية، ولا يقول: ثمانية عشر، وإنما الواو في هذا الموضوع بدل، أي: أنكحوا ثلاثا بدلا من مثنى، ورباع بدلا من ثلاث ولذلك عطف بالواو ولم يعطف بأو.
وأما قولهم: تزوج النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وجمع بينهن، فهذا من خصوصياته.
وكذلك رد على بعض أهل الظاهر القائلين بإباحة الجمع بين ثمان عشرة امرأة فقال: وكذلك جهلة الآخرون؛ لأن مثنى تقتضي اثنين اثنين، ثلاث ثلاثة ثلاثة، ورباع أربعة أربعة، ولم يعلموا أن اثنين اثنين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا حصر للعدد، ومثنى وثلاث ورباع بخلافها، ففي العدد المعدول عند العرب زيادة معنى ليست في الأصل، وذلك أنها إذا قالت: جاءت الخيل مثنى، إنما تعني بذلك اثنين اثنين، أي جاءت مزدوجة.
الترجيح:
وبعد أن استعرضت أقوال العلماء وأدلتهم مع مناقشة أدلة أصحاب الرأي الثاني القائلين بأنه يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع أرى بأن الراجح هو الرأي القائل بأنه لا يجوز للحر أن يجمع بين أكثر من أربع؛ لقوة أدلتهم وسلامتها من المناقشة.
هذا بالإضافة إلى أن الاقتصار على أربع عدل وتوسط وحماية للنساء من ظلم يقع عليهن بسبب الزيادة على ذلك، وهذا بخلاف ما كانت عليه العرب في الجاهلية.
ولقد أصحبت هذه الزيادة أمرا استثنائيًّا نادرًا فلا يلزم الرجل بالتعداد بل الزواج بواحدة أصبح هو الأعم الأغلب.
المانع الثاني: مانع الجمع
أولا: الجمع بين المرأة وأختها أو عمتها أو خالتها.
اتفق الفقهاء على أنه يحرم الجمع بين المرأة وأختها سواء أكانتا من أب وأم أو من أم أو من أب وسواء أكانتا من نسب أم رضاع وكذلك يحرم الجمع بينها وبين عمتها أو خالتها بالنكاح.
لقوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} 1 ولقوله -صلى الله عليه سلم: "لا يجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها".
ولا يحرم الجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها، عند الرافضة والخوارج ومن أعجبه قولهم وهم كما وصفهم ابن حجر: لا يعتد بخلاقهم؛ لأنهم مرقوا من الدين.
ثم لا فرق بين العمة أو الخالة حقيقة أو مجازًا كعمات آبائها وخالتهم، وعمات أمهاتهن وخالتهن وإن علت درجتهن من نسب أو رضاع.
ولقد استنبط الفقهاء من النصيين السابقين القرآني والنبوي قاعدة لتحريم الجمع بين المحارم، هي يحرم الجمع بين امرأتين لو كانت إحداهما رجلا لا يجوز له نكاح أخرى.
وكذلك لا يجوز الجمع بين المرأة ابنتها، قياسا على تحريم الجمع بين الأختين، بل هو أولى؛ لأن قرابة الولادة أقوى من قرابة الأخوة.
1 من الآية 23 من سورة النساء.
والحكمة من التحريم الجمع بين المرأة وأختها وبينها وبين عماتها أو خالتها هي: أن الجمع بينهما يؤدي إلى قطيعة الرحم بسبب ما يكون بين الضرتين من عداوة وكراهية، وقطيعة الرحم حرام وما أدى إلى حرام فهو حرام.
وكذلك اتفق الفقهاء على أنه يحرم الجمع بين المرأة وأختها وبينها وبين عمتها في عدة طلاق إحداهما طلاقا رجعيا واتفقوا على جواز الجمع بينهما إذا ماتت إحدهما فلو ماتت زوج الرجل جاز له نكاح أختها أو عمتها أو خالتها من غير انتظار مدة العدة.
أما إذا طلقت الزوجة طلاقا بائنا بينونة صغرى أم كبرى فإنه لا يحرم على الزوج عند فقهاء المذهب نكاح أختها أو عمتها أو خالتها في عدتها، لزوال النكاح بينهما بالبينونة، ومن ثم فإنه لو وطئها بعد علمه ببينونتها أقيم عليه الحد.
ثانيا: الجمع بين امرأة الرجل بعد وفاته أو طلاقها وابنته من غيرها بنكاح.
قال ابن المنذر: اختلف أهل العلم في الجمع بين امرأة الرجل وابنته من غيرها بالنكاح، فأباح أكثر أهل العلم نكاحها، فعل ذلك عبد الله بن جعفر وعبد الله بن صفوان بن أمية، وأباح ذلك ابن سيرين، وسليمان بن يسار، والثوري، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، وقال مالك: لا أعلم ذلك حراما، وبه نقول: وذلك أني لا أجد دلالة أحرم بها، وكره ذلك الحسن البصري وعكرمة.
ثالثا: الجمع بين بنات العم وبنات الخال بنكاح.
يجوز الجمع بينهما بالاتفاق، لدخولهما في عموم قوله تعالى:{وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} 1.
ولأن أحداهما تحل للأخرى لو كانت ذكرًا.
1 الآية 24 من سورة النساء.
هذا ولم أتعرض للجمع بين المحارم بملك اليمين؛ لأن الله تعالى مَنَّ علينا بنعمة الإسلام التي حرر الله تعالى بها الرقاب من ذل العبودية لغير الله، ومن ثم عزفت عن الخوض في الحديث عنه لعدم وجوده.
المانع الثالث: مانع الكفر
اتفق أهل العلم على تحريم نكاح المسلم للمشركة، ونكاح المشرك المسلمة.
وكذلك اتفقوا على جواز نكاح المسلم للكتابية اليهودية أو النصرانية، ولم يخالف في ذلك إلا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فلقد سئل عن نكاحهما، فقال: حرم الله المشركات على المؤمنين ولا أعرف شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى، عقب القرطبي على قول ابن عمر، قائلا: أما حديث ابن عمر فلا حجة فيه؛ لأن ابن عمر رحمه الله كان رجلا متوقفا، فلما سمع الآيتين في الواحدة التحليل، وفي الأخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف.
وقال الجصاص: يعني بآية التحليل {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} 2.
وبآية التحريم: {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حتَّى يُؤْمِنَّ} 3.
فلما رأى ابن عمر الآيتين في نظامهما تقتضي إحداهما التحليل والأخرى التحريم وقف فيه ولم يقطع بإباحته.
وحرم ابن عباس رضي الله عنهما نكاح الكتابيات إذا كن من أهل دار الحرب.
1 من الآية 221 من سورة البقرة.
2 من الآية 221 من سورة البقرة.
3 من الآية 221 من سورة البقرة.
وعقب الجصاص على هذه التفرقة، فقال: ولم يفرق غيره ممن ذكرنا قوله من الصحابة بين الحربيات الذميات وظاهر الآية يقضي جواز نكاح الجميع لشمول الاسم لهن.
واختلف الروايات عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فمرة قال: بالحل ومرة أخرى قال: بالكراهة.
وإذا تم نكاح المسلم للكتابية كما هو رأي الجمهور على ما سبق بيانه فإن هذا النكاح تترتب عليه جميع الآثار الشريعة والواجبات، إلا أنه لا يجري بينهما توارث لاختلاف الدين، والأولاد يكونون مسلمين لما تقرر في القواعد الفقهية: من أن الولد يتبع أشرف الأبوين دينا.
والغالب في الكتابيات أنهن يجهلن، ما قررته الشريعة الإسلامية من حقوق وواجبات لكل واحد من الزوجين على الآخر، ولهذا رأى ولاة الأمر في مصر أن يضعوا نظاما خاصا للزواج بالكتابيات ينحصر في النقاط التالية:
1-
لا يتولى المأذون الزواج الخاص بالكتابيات، بل يترك أمره إلى القاضي الشرعي الذي يتولاه بنفسه، كما نصت على ذلك المادة "27" من لائحة المأذونين ونصها: ليس للمأذون أن يباشر زواج من لا ولي لها من الأيتام، ولا العقود التي يكون أحد الطرفين فيها تابعا لدولة أجنبية أو كان غير مسلم، وإنما ذلك كله من اختصاص القضاء.
2-
وضع لهذا الزواج وثيقة خاصة دون فيها ما للزوج من حقوق شريعة بسبب هذا الزواج حتى تكون الزوجة على بينة من الأمر قبل الإقدام عليه، وتتلى هذه الأحكام على الزوجة، وتفهم كل ما تدل عليه، لتكون عالمة بما لها وما عليها راضية بذلك ملتزمة بما فيها
…
نصت هذه الوثيقة على ما يأتي:
أ- للزوج المسلم أن يتزوج مثنى وثلاث ورباع رضيت بذلك أم كرهت.
ب- أن يطلق متى شاء قبلت أو عارضت وإذا طلقها طلاقا رجعيا فله أن يراجعها في أثناء العدة ولو عارضت ذلك، وإذا كان الطلاق بائنا فليس له أن يعيدها إلا بعقد ومهر جديدين إذا كانت البينونة صغرى، وإذا كانت كبرى فليس له أن يتزوجها إلا إذا تزوجت زوجا آخر، ودخل بها ثم طلقها وانتهت عدتها وأنه إذا طلقها قبل الدخول فلها نصف المهر المسمى وإن طلقها بعد الدخول فلها المهر المسمى أو مهر المثل، وإن طلقها قبل الدخول ولا تسميه للمهر فلها المتعة حسب تقدير القاضي أو اتفاقهما.
ج- له أن يلزمها بالطاعة في مسكنه الشرعي، ويمنعها من الخروج إلا بإذنه، وأنها تستحق النفقة وقت الزواج وفي العدة.
د- الأولاد الذين ترزقهم من المسلم يكونون مسلمين تبعا لدين أبيهم.
هـ- لا توراث بينها وبين زوجها المسلم إذا مات أحدهما؛ لأن شرط الإرث اتحاد الدين وأن الأولاد يرثون أباهم ولا يورثونها.
و لها حق في الحضانة إلا إذا رأى القاضي ما يمنع من بقاء الأولاد تحت سلطانها، وأن لها الحق في إرضاع أولادها، وأن أجرة الرضاعة والحضانة على أبيهم.
نكاح المجوسية 1:
اتفق أهل العلم على تحريم المسلم للمرأة المجوسية؛ لأنهم ليسوا بأهل كتاب بدليل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في مجوس البحرين: "إن
1 مجس: المجوسية نحلة، والمجوسي: منسوب إليها، والجمع: المجوسي. لسان العرب مادة "مجس".
والمجوس: هم الذين يعبدون النار، ويقولون إن العالم أصلان: النور والظلمة، وقيل: هم قوم يعبدون الشمس والقمر، وقيل: هم قوم يستعملون النجاسات، وقيل: غير ذلك.
تفيسر الشوكاني 3/ 443.
من أبى منهم الإسلام ضربت عليهم الجزية ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح لهم امرأة".
نكاح الصابئة 1:
ويحرم عليه كذلك نكاح الصابئة؛ لأنها ليست من أهل الكتاب وأقول: لقد انتشر في عصرنا الحاضر الكثير والكثير من شبابنا المسلم في الكثير من الدول الأوروبية يرغبون في الزواج بغير المسلمة زاهدين في المسلمات الطاهرات وهذه فتنة عظيمة.
وأعظم منها: أن اليهود والنصارى يرغبون بناتهم في التزويج بالمسلمين لتنصيرهم وإبعادهم عن دينهم، فإذا نكحت أحداهن مسلما فإنها لا تزال تدعوه إلى دينها وترغبه فيه حتى يرتد ويدخل في دينها، فإذا لم يتحقق لها ذلك فلا أقل من أنها تجعل الأولاد الذين ولدوا تحت فراش المسلم نصارى أو يهود.
لذلك فإنني أرى حرمة نكاح المسلم لغير المسلمة أيا كان دينها، وسندي في ذلك ما روي أن حذيفة بن اليمان تزوج يهودية بالمدائن، فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن خل سبيلها، فكتب إليه حذيفة، أحرام هي يا أمير المؤمنين؟ فكتب إليه عمر، أعزم عليك ألا تضع كتابي حتى تخلي سبيلها فإني أخاف أن يقتد بك المسلمون، فيختاروا نساء أهل الذمة لجمالهن، وكفى بذلك فتنة لنساء المسلمين.
1 يقال: صبأ فلان أي: خرج من دين إلى دين، وهم قوم يعبدون الملائكة وقيل: يعبدون الكواكب، وقيل غير ذلك.
تفسير ابن كثير 1/ 104 ومعاني القرآن وإعرابه للزجاج 1/ 147 عالم الكتب بيروت.
المانع الرابع: مانع الإحرام 1:
ويحرم على المحرم بالحج والعمرة أن يتزوج أو يزوج غيره بالوكالة أو الولاية الخاصة فإن تزوج أو زوج فالنكاح باطل.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب".
ولأن الإحرام عبادة حرمت الطيب فمن باب أولى يحرم النكاح وهل يجوز للإمام أو الحاكم أن يزوج بولاية الحكم؟
فيه وجهان:
الوجه الأول: لا يجوز كما لا يجوز أن يزوج بالولاية الخاصة.
الوجه الثاني: يجوز؛ لأن الولاية العامة أكد بدليل أنه يزوج بالولاية العامة.
المسلمة والكافرة ولا يملك ذلك بالولاية الخاصة.
شهادة المحرم على النكاح:
وشهادة المحرم على النكاح جائزة ولا تؤثر في العقد؛ لأن العقد هو الإيجاب والقبول والشاهد لا صنع له في ذلك.
خطبة المحرم:
ويكره للمحرم أن يخطب؛ لأن النكاح لا يجوز فكرهت الخطبة له.
مراجعة المحرم لزوجته:
يجوز للمحرم أن يراجع الزوجة في الإحرام؛ لأن الرجعة كاستدامة النكاح بدليل أنها تصح من غير ولي ولا شهود.
1 أحرم بالحج والعمرة أي: حرم عليه ما كان حلال له من قبل دخوله في إحرام كالصيد والنساء. والإحرام في الشرع: نية الدخول في النسك.
المانع الخامس: مانع العدة 1
اتفق الفقهاء على أن النكاح لا يجوز في العدة أيا كان نوعها وكذلك اتفقوا على أنه إذا عقد رجل على امرأة في عدتها وجب التفريق بينهما دخل بها أم لم يدخل وذلك لأن نكاحها يفضي إلى اختلاط الأنساب وهو حرام، وما أدى إلى حرام فهو حرام وإذا ما نقضت العدة جاز له نكاحها.
المانع السادس: مانع التطليق ثلاثا للمطلق
اتفق الفقهاء على أنه لا يجوز للمطلق أن يعقد على امرأته التي طلقها ثلاثا مرة أخرى حتى تتزوج زوجًا آخر، ويدخل بها دخولا شرعيا ثم يطلقها بمحض إرادته، ثم تنقضي عدتها من الثاني.
لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} 2.
واختلفوا فيما يكفي من النكاح، وما الذي يبيح التحليل على مذهبين:
المذهب الأول: ذهب جمهور العلماء والأئمة الأربعة إلى أن الوطء الذي يبيح التحليل هو التقاء الختانين الذي يوجب الحد والغسل، ويفسد الصوم والحج ويحصن الزوجين ويوجب كمال الصداق.
المذهب الثاني: وذهب سعيد بن المسيب، والخوارج والشيعة وداود الظاهري أنها تحل للأول بنفس العقد.
1 جمع عدة مأخوذة من العدد لاشتمالها على عدد من الأقراء أو الأشهر غالبا، وشرعا: اسم لمدة تتربص فيها المرأة لمعرفة براءة رحمها أو للتعبد أو للتضجع على زوجها الأول.
وشرعت صيانة للإنسان وتحصينا لها من الاختلاط رعاية لحق الزوجين والولد والناكح الثاني، والمغلب فيها جانب التعبد بدليل أنها لا تنقضي بقرء واحد مع حصول البراءة به.
2 من الآية 230 من سورة البقرة.
الأدلة:
أولا: أدلة الجمهور
استدلوا بما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة رفاعة القرظي جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن رفاعة طلقني، فبت طلاقي، وإني نكحت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي، وإن ما معه مثل الهدبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
ووجه الدلالة: هو أن المقصود بالعسيلة في الحديث الجماع ولو لم ينزل.
ثانيا: أدلة أصحاب المذهب الثاني
استدلوا بظاهر قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} 1.
الترجيح:
والراجح هو ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول لقوة ما استدلوا به، ولأن ما ذهب إليه أصحاب المذهب الثاني مردود ببيان النبي صلى الله عليه وسلم المقصود من الآية، وإجماع الأمة على أن الدخول الحقيقي شرط للحل. والله أعلم.
المانع السابع: مانع الزوجية
اتفق الفقهاء على أن الزوجية بين المسلمين، وأهل الذمة مانعة من موانع النكاح الشرعية.
لقوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 2.
ووجه الدلالة: هو أن الله تعالى: عطف المحصنات بالواو العاطفة على قوله تعالى: حرمت عليكم، والعطف يقتضي التشريك في الحكم، والمراد بالمحصنات ها هنا ذوات الأزواج يقال: امرأة محصنة أي متزوجة.
1 من الآية 230 من سورة البقرة.
2 من الآية 24 من سورة النساء.