الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
موانع الولاية:
الموانع جمع مانع، والمانع في اللغة الحاجز بين شيئين والمنع الحرمان، يقال: فلان ممنوع من كذا أي: محروم منه، ومنعه يمنعه: ضد إعطائه، والمانع في الاصطلاح، ما يلزم من وجوده العدم، ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم لذاته.
كنزول دم الحيض على المرأة البالغة العاقلة فإنه مانع من الصلاة والصيام.
وموانع ولاية النكاح ثمانية:
المانع الأول: الرق
فلا ولاية لرقيق، ويجوز أن يتوكل لغيره في قبول النكاح بإذن سيده بلا خلاف في المذهب وبغير إذنه في أصح الوجهين.
ولا يصح توكيله في الإيجاب على الأصح عند الجمهور.
المانع الثاني: ما يسلب النظر والبحث عن حال الزوج
وهو واحد من صور ستة:
الصورة الأولى: الصبا والجنون المطبق يمنعان الولاية وينقلانها إلى الأبعد، وفي الجنون المنقطع وجهان:
أصحهما: أنه كالمطبق ويزوجها الولي الأبعد يوم جنون الأقرب، لبطلان أهليته.
والثاني: لا يزيله كالإغماء، فعلى هذا ننتظر حتى يفيق ثم يعقد على الصحيح.
الصورة الثانية: اختلال النظر لهرم أو خبل جبل عليه أو عارض يمنع الولاية وينقلها إلى الأبعد.
الصورة الثالثة: الإغماء الذي يدوم يوما أو يومين فأكثر ففي أحد الوجهين تنتقل الولاية إلى الأبعد.
وفي الوجه الثاني: لا تنتقل الولاية بل ننتظر إفاقته كالنائم.
أما الإغماء الذي لا يدوم غالبا فهو كالنوم باتفاق المذهب ننتظر إفاقته ولا نتنتقل الولاية إلى الأبعد.
الصورة الرابعة: السكران
إن كان متعديا بسكره كان فاسقا فيمنع من الولاية لفسقه، وإن لم يكن متعديا بسكره، فالمذهب أنه لا يزوج وننتظر إفاقته.
الصورة الخامسة: الأمراض والآلام الشاغلة عن النظر ومعرفة المصلحة تمنع الولاية وتنقلها إلى الأبعد.
الصورة السادسة: العمى يقدح في ولاية النكاح؛ لأنه نقص يؤثر في الشهادة فأشبه الصغر فتنتقل الولاية إلى الأبعد.
وفي أصح الوجهين لا يقدح في الولاية لحصول المقصود بالبحث والسماع.
ويجري الخلاف في ولاية الأخرس الذي له كتابة أو إشارة مفهمة فيزوج بهما، فإن لم تكن مفهمة فلا ولاية له وتنتقل الولاية إلى الأبعد.
المانع الثالث: الفسق
فسق عن أمر ربه خرج، ويتحقق الفسق بارتكاب الإنسان كبيرة من الكبائر أو الإصرار على الصغيرة، ولم تغلب طاعته على معاصيه.
والفسق مانع من ولاية النكاح سواء أكان الأب وإن علا أو غيرهما من سائر العصبات، فسق بشرب خمر أو غيره، أعلن فسقه أو لا على المذهب.
فتنتقل الولاية للأبعد، لقوله صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي مرشد".
رواه الشافعي في مسنده بسند صحيح، وقال الإمام أحمد: إنه أصح شيء في الباب وقال الشافعي: والمرشد العدل.
فالفسوق يمنع الولاية؛ لأنه نقص يقدح في الشهادة كالرق في أظهرالقولين.
وفي القول الثاني: لا يمنع الولاية فيلي الفاسق تزويج موليته؛ لأن الفسقة لم يمنعوا من التزويج في عصر السلف الصالح وهذا ما صححه متأخري فقهاء المذهب وينبغي العمل به يقول الإمام الغزالي: ولا سبيل إلى الفتوى بغيره إذا الفسق قد عم البلاد والعباد، قال النووي: وهذا الذي قاله حسن وينبغي العمل به.
أما الحاكم فلا يقدح فسقه لأنه لا ينعزل به فيزوج بناته وبنات غيره بالولاية العامة تفخيما لشأنه.
ويزوج الفاسق نفسه؛ لأن غايته أنه يضر بنفسه يحتمل في نفسه ما لا يحتمل في حق غيره؛ ولهذا يقبل إقراره على نفسه ولا تقبل شهادته على غيره.
توبة الفاسق:
إذا قلنا: إن الفسق مانع من موانع الولاية كما في أظهر القولين فإذا تاب الفاسق عن فسقه زوج موليته في الحال.
المانع الرابع: اختلاف الدين
فلا يزوج المسلمة وليها الكافر، بل يزوجها الأبعد من أولياء النسب أو الولاء أو السلطان.
ولا يزوج الكافرة وليها المسلم بل يزوجها الكافر الأبعد، فإن لم يكن زوجها قاضي المسلمين بالولاية العامة.
والمرتد لا ولاية له على مسلمة ولا مرتدة ولا غيرها من الكافرات.
ولا فرق في ذلك كله بين أن يكون الزوج كافرًا أو مسلمًا.
المانع الخامس: الإحرام
وهو نية الدخول في النسك حجا كان أو عمرة.
والإحرام مانع من موانع ولاية النكاح فيسلب الولاية وينقلها للأبعد كالجنون في أحد الوجهين.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يَنكح المحرم ولا يُنكح ولا يخطب".
وفي أصح الوجهين: أنه مجرد الامتناع دون زوال الولاية لبقاء الرشد والنظر، فعلى هذا يزوجها السلطان كما لو غاب الولي الأقرب.
المانع السادس: البنوة
ولا ولاية للابن على أمه وليس له أن يزوجها بالبنوة؛ لأنه يرى نكاحها عارًا، بمعنى أنه يمنع نكاحها ويراه عارا فهو لا يطلب الحظ لها في نكاح كفئها، فلذلك خرج الابن عن معنى الأولياء.
وما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خطب أم سلمة، قالت: يا رسول الله ما لي ولي حاضر، فقال:"ما لك ولي حاضر ولا غائب لا يرضاني"، ثم قال لابنها عمر بن أبي سلمة:"قم يا غلام فزوج أمك".
فهذا الحديث لا يفيد ولاية الابن في تزويج أمه لوجوه ثلاثة:
أحدها: أن ابنها زوجها بالعصوبة لا بالبنوة؛ لأنه كان أقرب عصبتها الحاضرين، فهو عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فكان من بني عمها يجتمعان في عبد الله بن عمر بن مخزوم.
الثاني: أن قوله صلى الله عليه وسلم: "قم فزوج أمك" أي جئني بمن يزوج أمك؛ لأنها لم يكن لها ولي، ولأن عمر ابنها كان غير بالغ قيل: إنه كان ابن ست سنين وقيل: ابن سبع سنين، فدل ذلك على أن أمره بالتزويج إنما كان أمرًا بإحضار من يتولى التزويج.
الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم من خصوصياته أنه يتزوج بدون ولي، فأمر ابنها بذلك.
هذا بالإضافة إلى أن راوي هذا الحديث إنما هو ثابت عن عمر بن أبي سلمة، وثابت لم يلق عمر فكان منقطعا.
فإذا ما تقرر أن الابن لا يزوج أمه بالبنوة فله تزويجها بواحد من أسباب ثلاثة:
1-
أن يكون عصبة لها من النسب بأن يكون ابن ابن عمها، وليس لها من هو أقرب منه.
2-
أن يكون الابن قاضيا وليس لها عصبة ما فيزوجها بولاية الحكم.
3-
أن يكون الابن وكيلا لوليها المناسب فيجوز له أن يزوجها بالوكالة لا بالولاية.
المانع السابع: السفه
السفه ضد الحلم، وأصله الخفة والحركة، وسفه تسفيها نسبه إلى السفه، ويقال: سفه نفسه، وغبن رأيه، وسفه الرجل صار سفيها.
والسفيه في إصطلاح الفقهاء: هو الذي لا يحسن القيام على شئون ماله وتدبيره، فيبذر في غير موضع الإنفاق.
والسفيه الذي بلغ غير رشيد، أو بذر ماله بعد رشده ثم حجر عليه لا ولاية له في النكاح على المذهب؛ لأنه لا يلي أمر نفسه فمن باب أولى لا يلي أمر غيره.
وقيل: يلي النكاح؛ لأنه كامل النظر في أمر النكاح، وإنما حجر عليه لحفظ ماله.
المانع الثامن: ألا يكون وصيًّا.
إذا أوصى الأب يتزوج ابنته لم يكن لوصية أن يزوجها صغيرة كانت أم كبيرة عين له الزوج أو لم يعينه.
وذلك؛ لأن ولاية النكاح قد انتقلت بموت الأب إلى من يستحقها بنفسه من العصبات فصار موصيا فيما غيره أحق به فكان مردود الوصية فبات على ما لو أوصى بالولاية على مال أولاده ولهم جد إلى غيره بطلت وصيته.
ولاية الأبعد في وجود الأقرب.
لا تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد إلا إذا كان الأقرب يوجد به مانع من موانع الولاية السابقة، وذلك لخروج الأقرب عن أن يكون وليا فأشبه المعدوم.
فإن زال المانع للولاية عن الأقرب عادت الولاية إليه، ولو زوج الأبعد وادعى الأقرب أنه زوج بعد أهليته للولاية، فلا قول لهما -الأقرب والأبعد- وإنما القول قول الزوجين؛ لأن العقد لهما ومن ثم فلا يقبل فيه قول غيرهما.
أما إذا تيقين الولي الأبعد أن الأقرب منه لا يوجد به مانع من موانع الولاية وعقد هو فلا يصح عقده.