الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختلاف الزوجين أو ورثتهما في ملكية متاع البيت أو بعضه:
إن اختلاف الزوجان حال حياتهما في ملكية الجهاز والأثاث المنزلي ومع أحدهما بينة تثبت ملكيته له حكم له بها وكذلك إن اختلف أحدهما مع ورثة الآخر أو ورثتهما بعد وفاتهما وإن لم يكن تمت بينة الجهاز يقسم بينهما نصفين أو بين ورثتهما بغض النظر عما يصلح للجار وما يصلح للنساء.
النفقة تعريفها وسبب وجوبها ودليله
…
ب- النفقة:
من الحقوق المالية الواجبة للزوجة على زوجها النفقة.
تعريفها:
النفقة لغة: الصرف يقال: أنفق ماله أي صرفه ولا تستعمل إلا في الخير.
وفي الاصطلاح: اسم لما يصرفه الإنسان على زوجته وعياله وأقاربه من طعام وكسوة ومسكن وخدمة.
والمراد بنفقة الزوجة: كل ما تحتاج إليه لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخادم وكل ما تحتاج إليه من فرش وغطاء حسبما تعارف أهل كل زمان ومكان. ويقول صاحب المغني المحتاج: والحقوق الواجبة للزوجية سبعة: الطعام، الإدام والكسوة وآلة التنظيف ومتاع البيت والسكنى وخادم إن كانت ممن تخدم.
سبب وجوبها للزوجة ودليله:
على الجديد في المذهب تجب نفقة الزوجة على زوجها بالتمكين التام من نفسها؛ لأنها سلمت ما ملك عليها وهو البضع فتستحق ما يقابله من الأجرة لها.
ولا تجب بمجرد العقد فقط، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم عقد على السيدة عائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين، ودخل بها بعد سنتين، ولم ينقل أنه أنفق عليها قبل الدخول بها، ولو كانت النفقة حقا لها لقدمها إليها، ولو قدمها لنقل إلينا.
وعلى القديم في المذهب تجب بالعقد وتستقر بالتمكين.
ويستدل على وجوبها بالكتاب والسنة والإجماع.
فمن الكتاب قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} 1.
ووجه الدلالة هو أن الله تعالى جعل القوامة للرجل على المرأة والقيم على غيره هو المتكفل بأمره.
وقوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} 2.
ووجه الدلالة: هو أن الله تعالى أمر الأزواج بإسكان المطلقات في فترة العدة من حيث سكنوا من سعهم وطاقتهم والأمر للوجوب، فإذا كان الأمر بالإسكان والرعاية هنا للمطلقات، فمن باب أولى يجب للزوجات عند قيام الزوجية حقيقة أو حكما.
ومن السنة: ما رواه جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: في خطبة الوداع: "اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف".
ومنها: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه؟، فقال صلى الله عليه وسلم:"أن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا كسيت".
ومنها: قول النبي صلى الله عليه وسلم لهند زوجة أبي سفيان: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".
ووجه الدلالة هو أن هذه الأحاديث دلت بمجموعها على وجوب نفقة الزوجة على زوجها.
1 الآية 34 من سورة النساء.
2 الآية 6 من سورة الطلاق.
وانعقد إجماع الأمة من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل العصور على ذلك حتى عصرنا الحاضر مستندين إلى الأدلة الشرعية التي دلت على ذلك كما أجمعت الأمة على أنه إذا امتنع الزوج من الإنفاق على زوجته التي مكنته من نفسها بدون مبرر شرعي كان ظالما وألزمه القاضي بأدائها.
الحكمة من مشروعيتها:
أجب الشرع على الزوج لزوجته النفقة لحكم سامية من أهمها:
1-
أن الزوجة بتمكينها للزوج من نفسها أصبحت محبوسة في بيت الزوجية لحقه وهذا الاحتباس استوجب حقا لها في الإنفاق والكسوة والسكنى.
2-
أن الزوجة بالتمكين من نفسها تكون قد فرغت نفسها للحياة الزوجية من حفظ النسل والقيام على تربية الأولاد ورعاية شئون البيت، وخصصت نفسها لمنفعة زوجها، وهي بذلك لا تتمكن من الخروج للاكتساب والسعي على الرزق، فوجب لها نظير ذلك حق النفقة، عملا بالقاعدة العامة "كل من حبس نفسه لحق غيره ومنفعته فنفقته على من احتبس لأجله".
3-
اقتضت حكمة المولى عز وجل أن يودع في الرجل القدرة على العمل والتكسب والتفوق في التدبير وحسن الأداء وجعل له القوامة والزعامة على الأسرة لذا كان واجبا عليه أن يكفي زوجته النفقة هي وأولادها وجعل الشرع نفقتها بابا من أبواب التقرب إلى الله، ومصدقا لقوله صلى الله عليه وسلم:"دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك".
فالرجل يكد ويتعب في سبيل الحصول على نفقة زوجته وعياله والزوجة ألقي على عاتقها رعاية البيت والسهر على تربية أبنائها.
وهذا أساس سليم تستقيم به الأسر وتنشأ في ظلها الأبناء.
ويوم أن انقلبت الموازين وخرجت المرأة في ظل ما يسمونه بالمدينة والتحضر للعمل وتركت مسئوليتها الأولى -البيت والأبناء- تزلزلت الأسرة وأنجبت للأمة جيلا فقد الحنان والعطف؛ لأنه افتقد الأم ودفأها وتربى بعيدا عنها، إما في ظل المربيات، وإما في ظل القريبات وكلاهما لا يعطي الطفل ما يحتاج إليه من الرعاية والعناية وحسن التربية والعجيب في الأمر أن المرأة عندما خرجت إلى منطلق الحياة في عصرنا حملت بذلك نفسها وبيتها ما قد كان في غنى عنه لو أنها استقرت في بيتها وراعت أولادها وتركت مهمة الإنفاق لزوجها.
والأعجب من ذلك أن المرأة لا تفهم هدف الإسلام في هذه الناحية فخيل لها أعداء الإسلام أن قيام الزوج على شئونها وقرارها في البيت ظلم لها وانتقاص من شأنها وصداقتهم في ذلك.
والحق الذي لا ريب فيه أنه تكريم وصيانة لها وتطبيق لفطرة الله عز وجل الذي خلق الرجل وكيفه للعمل والكسب، وخلق المرأة وهيأها للقرار في البيت وبث العطف والحنان لأبنائها.
شروط وجوب النفقة:
يشترط لوجوب نفقة الزوجة على زوجها الشروط التالية:
1-
أن يكون عقد الزواج صحيحا.
2-
أن تمكن زوجها من نفسها بأن تسلم نفسها له ولا تمتنع من الدخول في طاعته.
3-
ألا تمتنع من الانتقال حيث يريد الزوج إلا إذا أراد الزوج الإضرار بها بالسفر أو كانت لا تأمن على نفسها ومالها.
4-
أن يكونا من أهل الاستمتاع.
فإذا افتقد شرط في هذه الشرط لا تجب لها النفقة.
تقدير النفقة:
إذا كانت الزوجة مقيمة في بيت زوجها ويتولى الزوج الإنفاق عليها وإحضار ما يكفيها من طعام وكسوة وغيرهما، فليس للزوجة حينئذ مطالبته بفرض نفقة لها، ذلك لأن الزوج قائما بالواجب عليه نحوها.
أما إذا كان الزوج بخيلا لا يقوم بكفاية زوجته أو تركها بلا نفقة بغير حق، فلها الحق في مطالبته بأن يفرض لها نفقة من طعام وكسوة وغيرهما وللقاضي أن يحكم لها بذلك متى تثبت صحة دعواها، كما أن لها الحق أن تأخذ من ماله ما يكفيها بالمعروف ولو بدون علم الزوج.
ويستدل على ذلك بما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن هند زوجة أبي سفيان قالت لرسول الله -صلى الله عليه سلم: "يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: "خذي ما يكفيك ولدك بالمعروف" فتقدر نفقة الزوجة حسب حالة الزوج.
فإن كان موسرا كل يوم مدان من غالب قوت البلد، وإن كان معسرا لزمه مد واحد، وإن كان متوسط فمد ونصف.
ويجوز في ظاهر المذهب أن تأخذ ثمن ذلك نقدا، ويجب لها من الكسوة والسكنى ما جرت به العادة عرف.
لقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ} 1.
وهذا ما جرت عليه المحاكم الآن في تقدير نفقة الزوجة على زوجها تطبيقا للمادة 16 من القانون رقم 25 لسنة 1929م ونصها: تقدر نفقة الزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسرًا وعسرًا، مهما كان حال زوجته.
1 من الآية 7 من سورة الطلاق.
ولا يدخل في نفقة الزوجة الطيب وثمن الأدوية ففي التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي، ولا يجب عليه ثمن الطيب ولا أجرة الطبيب ولا شراء الأودية". ا. هـ.
الإعسار بالنفقة:
إذا ما أعسر الزوج بأداء النفقة الواجبة عليه لزوجته شرعا فللزوجة الخيار إن شاءت أقامت على النكاح وجعلت النفقة دينا في ذمة الزوج، وإن اختارات المقام مع إعساره بالنفقة وأرادت بعد ذلك فسخ النكاح جاز لها ذلك.
وإن شاءت أقامت على النكاح حالا، أو بعد إمهاله ثلاثة أيام على الأصح في المذهب.
وإن أعسر بنفقة الموسر أو المتوسط لم يكن لها الحق في فسخ النكاح ولكن لها نفقة المعسر، وما زاد عنها لا يكن دينا في ذمته.
وإن أعسر بالكسوة ثبت لها الفسخ قولا واحدا في المذهب وإن أعسر بالأدم لم تفسخ، وإن أعسر بالسكنى إن شاءت فسخت النكاح وإن شاء أقامت عليه وكانت السكنى دينا في ذمته.
الاختلاف في النفقة:
إنا اختلفا في قبضها فالقول قولها مع اليمين، وإن اختلفا في تسليمها نفسها الموجب لنفقتها قول الزوج مع يمينه.
الإبراء في دين النفقة:
إذا صارت النفقة دينا في ذمة الزوج لزوجته جاز أن تبرئة من هذا الدين كله أو بعضه، ولو أبرأته مما يكون لها من نفقة في المستقبل لم يصح إبراؤها؛ لأنه لم يثبت دينا بعد في ذمته، إلا إذا فرضت النفقة مشاهرة أو سنة جاز إبراؤها.
الحقوق غير المالية الواجبة للزوجة على زوجها:
من أهمها:
1-
حسن المعاشرة:
امتثالا قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} 1.
ومن مظاهرحسن الخلق وكمال الإيمان معاشرة المرأة بالمعروف، يقول صلى الله عليه وسلم:"أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا وخياركم خياركم لنسائهم" وإكرام الزوجة دليل على الشخصية المتكاملة، وإهانتها عنوان الخسة والدناءة.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا ليئم".
صيانتها:
يجب على الزوج أن يصون زوجته وأن يحفظها من كل سوء يخدش شرفها ويدنس عرضها ويعرض سمعتها للقيل والقال، وهذا من الغيرة التي يحبها الله ورسوله.
2-
العدل:
ويُعنى به القَسْم: بفتح القاف وسكون السين يقال: قسمت المال بين الشركاء، أي: فرقته بينهم، ومنه القسم بين النساء؛ لأن الزوج يقسم بينهن في المبيت ونحوه.
والعدل من الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية للزوجة عموما سواء أكان للزوج زوجة أم أكثر.
لقول الله عز وجل: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} 2.
1 الآية 19 من سورة النساء.
2 الآية 3 من سورة النساء.
فالعدل بالنسبة للزوجة الواحدة يقصد به معاملتها بالمعروف، وعدم إيذائها بالقول أو بالفعل، وأن يكون أمينا معها فيطعمها مما ياكل ويكسوها بما يليق بها وأن يسكنها المسكن اللائق بها.
والعدل بين الزوجات يقصد به تقسيم أيام وجود الزوج عند كل واحدة بمعنى أن يعدل فلا يزيد إحداهن أياما على حساب الأخرى.
لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل".
تعريف القَسْم وحكمه:
القسمة: في اللغة التسوية بين الزوجات في المبيت.
والتسوية بين الزوجات مستحبة وليست بواجبة، ولكن الزوج إذا لم يَقْسِم بينهن فإنه يأثم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: $"اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" ولأن النبي -صلى الله عليه سلم- كان شديد الميل إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولأن المبيت حقه فله تركه.
زمان القسم:
والأصل في القسم الليل؛ لأنه زمان السكن والراحة، لقول الله تعالى:{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا، وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} 1.
إلا إذا كان الزوج ممن عمله ليلا كالحارس ونحوه فعماد القسم في حقه النهار؛ لأنه زمان سكنه وراحته والليل زمان معاشه.
فمن كان عماد قسمه الليل حرم عليه أن يدخل في نوبة واحدة من نسائه على غيرها منهن سواء أكان دخوله لحاجة أم لغيرها على الصحيح في المذهب، إلا لضرورة كأن تكون في النزع الأخيرة أو تكون قد فارقت الحياة أو شب حريق
1 آية 10، 11 من سورة النبأ.
بالبيت، وإذا دخل للضرورة فمكث طويلا قضي لصاحبة النوبة مثل ذلك القدر في نوبة المدخول عليها.
فلو تعدي بالدخول بلا ضرورة ولو كان لحاجة فإن طال زمانه قضي وإلا فلا قضاء عليه ولكنه يعصي.
مكان القسم:
يجب على الزوج أن يفرد لكل واحدة من نسائه مسكنا خاصا بها، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك.
ولأنهن لا يشتركن في النفقة فكذلك لا يشتركن في المسكن، ولأن بين الضرائر تنافسا وتباغضا إن اجتمعن خرجن إلى الافتراء والقبح، ولأنهن إذا اجتمعن شاهدت كل واحدة منهن خلوة الزوج بضرتها وذلك مكروه.
ويحرم عليه أن يقيم بمسكن واحد منهن ويدعو من بقي منهن إليه؛ لأن الحضور إلى بيت الضرة شاق على النفس ولا يلزمهن الإجابة فإن أجبنه فعلى صاحبة البيت التمنع وإن كان البيت ملك للزوج؛ لأنه لها حق السكنى فيه.
ويحرم أن يجمع ولو ليلة واحدة بين ضرتين في مسكن واحد لما بينهما من التباغض إلا برضاهما؛ لأن الحق لهما ولو رجعا بعد رضاهما جاز ذلك.
وإذا رضيا أو رضين الجمع في بيت واحد يكره كراهة تنزيهية أن يطأ إحداهما بحضرة الأخرة؛ لأنه عمل بعيد عن المروءة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الوَجْسِ، وهو أن يطأ الزوج زوجته بحيث يسمع حسه فإن أسكنهن في بيت واحد وأفراد لكل واحدة منهن حجرة منه بحيث إذا دخلت توارت فيها عن ضرائرها، جاز ذلك بشرط أن يسكن مثلهن ذلك وليس من حق واحدة منهن أن تطالبه بمسكن منفرد.
وإن كان مثلهن لا يسكن مثل ذلك لجلالة قدرهن ويسر زواجهن وجب عليه أن يفرد كل واحدة منهن بدار فسيحة اعتبارا بالعرف، كما يعتبر العرف في كسوتهن.
قدر القسم:
للزوج أن يقسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها، ويجوز ليلتين وثلاثا بغير رضاهن، وقيل: لا تجوز الزيادة على ليل إلا برضاهن.
هبة أحدى الزوجات نوبتها من القسم لضرتها:
ويجوز أن تهب إحدى الزوجات نوبتها من القسم لأخرى، لما روي عن أم المؤمنين سودة بنت زمعة وهبت نوبتها من قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لها لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولا يلزم على الزوج قبول هذه الهبة وله أن يبيت عند الواهبة في نوبتها.
فإن رضي بالهبة وكانت الواهبة قد وهبته لمعينة بات عند الموهوب لها ليلتين، ولا يشترط في الهبة رضا الموهوب لها على الصحيح، ولو وهبت حقها للزوج، فهل له أن يختص واحدة بنوبة الأخرى؟ وجهان في المذهب.
ولو وهبت حقها لجميع الضرائر أو أسقطته مطلقا وجبت النوبة فيه بين الباقيات بلا خلاف.
وللواهبة الرجوع في هبتها متى شاءت، ويعود حقها في المستقبل؛ لأن المستقبل هبة لم تقبض حتى لو رجعت في اثناء الليل وجب عليه الخروج فورا من عند الموهوب لها.
ولا يجوز للواهبة أن تأخذ من حقها من القسم عوضا لا من الزوج ولا من الموهوب لها. فإن أخذت لزمها رده؛ لأن الحقوق لا تقبل العوض.
ويأخذ حكم طلاق الكناية قول الزوج على الطلاق فإن نوى بذلك الطلاق وقع وإن لم ينوي لم يقع لكن الخلاف في كفارة اليمين فيرى ابن تيمية أن عليه كفارة وهذا ما نرجحه ويرى ابن القيم أنه لا كفارة عليه.
ثانيها: أقسامه باعتبار السنة والبدعة
يكون الطلاق سنيا إذا طلق الزوج زوجته المدخول بها في طهر لم يمسها فيه وكانت هي غير حامل طلقة واحدة.
ويكون بدعيا إذا كانت مدخولا بها وطلقها أثناء الحيض أو النفاس أو في طهر جومعت فيه ولم يتبين حملها سواء كان الطلاق بلفظ واحد أو جمع الثلاث.
ولا يوصف الطلاق بلفظ سني ولا بدعي إذا طلق قبل الدخول أو بعد الدخول وكانت حامل أو لا تحيض
هل يقع الطلاق البدعي أو لا يقع؟
يرى جمهور الفقهاء وعلى رأسهم الأئمة الأربعة أن الطلاق البدعي يقع ويرى الشيعة الإمامية وابن تيمية وابن القيم أنه لا يقع.
والراجح رأي الجمهور إن كانت الطلقة الأولى أو الثانية ويؤخذ برأي ابن تيمية ومن وافقه إذا كانت الطلقة الثالثة جمعا بين الأدلة وحفاظا على الأسرة.
ثالثهما: أقسامه باعتبار العدد
يملك الحر على زوجته ثلاث طلقات فإن طلقها الأولى أو الثانية فإن الطلاق يكون رجعيا وله مراجعتها ما دامت في العدة إما بالقول كأن يقول راجعتك أو بالفعل كان يجامعها وتكون الرجعة بدون عقد ومهر جديدين ما دامت في العدة لكن إن انتهت عدتها ولم يراجعها فيها فإنها تكون بائنة منه بينونة صغرى فإن أراد مراجعتها فلا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين وبرضاها.
ويكون الطلاق بائنا بينونة كبرى إذا طلق الزوج زوجته المدخول بها الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.
وإن كانت الجديدة ثيبا فإن من المستحب أن يخبرها بين أن يقيم عندها ثلاثا بلا قضاء، وبين أن يقيم عندها سبعا ويقضي للباقيات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأم سلمة عندما دخل بها:"إن شئت سبعت عندهن وإن شئت ثلثت عندك ودرت"، أي بالقسم الأول بلا قضاء.
ما يسقط حق الزوجة في القسم:
إذا استحقت الزوجة القسم فإنه يسقط حقها فيه بواحد من الأمور ثلاثة:
1-
إن سافرت بغير إذنه قولا واحدا في المذهب وهي في سفرها آثمة وصارت أسوأ حالا من المقيمة الناشزة.
وإن سافرت بإذنه ففي أحد القولين يسقط حقها وفي القول الثاني: لا يسقط.
2-
إذا خرج سهمها عند الاقتراع وامتنعت بدون عذر عن الخروج مع الزوج.
3-
إذا كان بالزوجة جنون وخاف على نفسه منها.
ولا يمنع من القسم مرض الزوج ولا مرض الزوجة لما روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطاف به على نسائه في مرضه الذي مات فيه حتى أذن له بالتمريض في بيت عائشة رضي الله عنها.
فيقسم للمريضة والرتقاء والحائض والنفساء والتي حلف عليها يمين إيلاء أو ظهار، ولا يقربها حتى يكفر؛ لأن القسم للألفة والسكن لا الجماع.
حق الزوجة في طلب التطليق عند عدم العدل:
إذا لم يعدل الزوج بين زوجاته في المبيت ووجدت الزوجة غير المقسوم لها أنها متضررة بذلك، فهل الضرر الواقع عليها يعطيها الحق في طلب التفريق بينهما وبين زوجها؟
سبقت الإشارة إلى أن القسم بين الزوجات في المبيت ليس واجبا على الزوج وغير لازم عليه، فيجوز له تركه وليس لزوجاته مطالبته بذلك؛ لأن هذه الأمور ترجع إلى الطبع، ولكن يستحب عدم تعطيل الزوجات في المبيت؛ لأنه من باب
المعاشرة بالمعروف وتحصين الزوجات واجب عليه، ولأن ترك الزوج المبيت مع زوجته يؤدي إلى الفجور، ومن ثم فلا يجوز شرعا للزوجة للطلب التفريق بينها وبين زوجها عند تركه القسم في المبيت.
هل يلزم الزوج بالجماع عند القسم أو لا؟
اذا استقر القسم للزوجات فإنه لا يجبر على الجماع ولا يجب عليه وله أن يجامع من يشاء منهن؛ لأن الجماع إنما هو من دواعي الشهوة وخلوص المحبة التي لا يقدر على تكلفها بالتصنع لها.
لقوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} 1.
قال الإمام الشافعي -يرحمه الله- معناه: ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء بما في القلوب فلا تميلوا كل الميل في أن تتبعوا أهواءكم وأفعالكم "فتذورها كالمعلقة".
وهي التي ليست بزوجة ولا مفارقة.
فدلت هذه الآية الكريمة على أن التسوية بينهن فيما يقدر عليه من أفعاله في القسم والإيواء، ولا يلزمه التسوية بينهن فيما لا يقدر عليه من المحبة والشهوة فكذلك الجماع.
لذلك قال صلى الله عليه وسلم: "اللهم هذا قَسْمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك".
ولكن يستحب أن يحصنهن بالجماع قدر استطاعته؛ لأنه من باب المعاشرة بالمعروف ولأن تركه قد يؤدي إلى الفجور فإن كانت الزوجة واحدة جامعها كل أربع ليال مرة اعتبارا بمن له أربع زوجات.
1 من الآية 29 من سورة النساء.
وإن رأى الزوج من نفسه عجزا عن إقامة حق الزوجة في مضجعها فلا بأس بأن يتناول الأدوية التي تزيد من قوته ونشاطه حتى يعفها بشرط ألا تكون محرمة.
واعتبر الشرع جماع الرجل زوجته من باب الصدقات التي يثاب عليها ففي صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ولك في جماع زوجتك أجرًا".
قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في حلال".
ويستحب أن يناما في فراش واحد إلا إذا كان لأحدهها عذر في الانفراد.
ويستحب المداعبة والملاعبة والملاطفة والتقبيل حتى تقضي المرأة حاجتها.
لما رواه أبو يعلى عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإذا قضى حاجته قبل أن تقضي حاجتها فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها" ومن الواجب أن يستترا عند الجماع.
لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم أهله فليستتر ولا يتجردا تجرد العيرين" أي: الحمارين.
وتسن التسمية والاستعاذة عند الجماع للحديث المتفق عليه أن رسول الله -صلى الله عليه سلم- قال: "لو أن أحدكم إذا أتى أهله قال: بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإن قدر بينهما في ذلك ولد لن يضر ذلك الولد الشيطان أبدًا".
ويحرم إتيان الزوجة في دبرها؛ لأنه عمل تنفر منه الفطرة ويأباه الطبع ويحرمه الشرع.
يقول المولى عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} 1.
والحرث هو موضع الغرس والزرع وموضع الحرث من الزوجة هو القبل للدبر.
العزل:
العزل: هو أن ينزع الرجل ذكره بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج منعا للحمل.
وهو جائز شرعًا، لما رواه البخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل، وفي رواية عنه عند مسلم: نعزل على عهد رسول الله -صلى الله عليه سلم- فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينهانا وروي عن الإمام الشافعي -يرحمه الله- أنه قال: نحن نروي عن عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا بأسًا.
تحديد النسل:
من مقاصد النكاح التناسل والتكاثر كما سبقت الإشارة إليه ولكن الإسلام لا يمنع من تنظيم النسل باستخدام الوسائل الحديثة عند الضرورة كأن يكون الرجل ذا عيال لا يستطيع القيام على تربيتهم التربية الصحيحة، وكذلك إذا كانت الزوجة مريضة لا تقوى على مواصلة الحمل وتكراره ونحو ذلك.
تزين الرجل لزوجته:
يستحب أن يتزين الرجل لزوجته كما يجب أن تتزين هي له.
يقول جد الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: "إني لأتزين لأمرأتي كما تتزين لي وما أحب أن آخذ الحق كله الذي لي عليها، فستستوجب حقها الذي لها علي؛ لأن الله تعالى يقول:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} 2.
1 من الآية 223 من سورة البقرة.
2 من الآية 228 من سورة البقرة.