الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الخامس: أن يزوجها الأقرب برضاها فليس للأبعد الاعتراض إذ لا حق له في التزويج الآن.
القسم السادس: أن يزوج الأب أو الجد بكرًا صغيرة أو بالغة غير كفء بغير رضاها، ففي أظهر القولين: أن النكاح باطل؛ لأنه على خلاف الغبطة، ولأن ولي المال لا يصح تصرفه بغير الغبطة فولي البضع من باب أولى.
وفي القول الآخر: يصح، وللبالغة الخيار في الحال، وللصغيرة الخيار إذا بلغت.
القسم السابع: أن يزوج السلطان أو نائبه من لا ولي لها برضاها بغير كفء لم يصح النكاح في الأصح؛ لأنه نائب عن المسلمين ولهم حظ في الكفاءة، والثاني: يصح كالولي الخاص.
نقصان مهر المثل:
إذا رضيت المرأة بالنكاح بأقل من مهر مثلها لم يكن للأولياء الاعتراض عليها فيه ولا أن يمنعوها من النكاح لنقصه، فإن منعوها صار المانع لها عاضلا وزوجها الحاكم.
ويستدل على ذلك بما أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح من حديث عامر بن ربيعة أن امرأة تزوجت من نعلين فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: "أرضيت من نفسك ومالك بهاتين النعلين؟ " قالت: نعم، فأجازه.
ووجه الدلالة من الحديث أنه اعتبر رضاها به دون الأولياء وأنه لم يسأل هل هذا مهر مثلها؟ فدل ذلك على أن نقصان المهر ورضا الأولياء غير معتبرين.
الخيار في النكاح والرد بالعيب:
الخيار في اللغة: طلب خير الأمرين أو الأمور.
وفي الاصطلاح: أن يكون أحد العاقدين أو لكليهما حق إمضاء العقد أو فسخه.
وعقد النكاح من العقود اللازمة طالما أنه قد استوفى أركانه وشروطه ومن ثم فلا ويثبت فيه لواحد من الزوجين خيار المجلس ولا خيار الشرط إلى ثلاث بخلاف
البيع، وذلك لأن الخيار موضوع لاستدراك المعاينة في الأعواض، وليس النكاح منها: لجوازه مع الإخلال بذكر العوض -الصداق- فإن شرط فيه خيار الشرط إلى ثلاث أبطله قولًا واحدًا في المذهب ولكن يدخل عقد النكاح الخيار بأسباب متفق عليها بين فقهاء المذهب وأسباب مختلف فيها بينهم.
أولا: أسباب الخيار المتفق عليها ثلاثة
1-
العيب.
2-
التغرير.
3-
العتق.
العيوب المثبتة للخيار ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عيوب يشترك فيها الرجال مع النساء وهي ثلاثة:
الجنون: وهو زوال الشعور من القلب مع بقاء الحركة والقوة في الأعضاء.
فإذا وجد أحد الزوجين بالآخر جنونا سواء أكان مطبقا أم متقطع ثبت له الخيار، بخلاف الإغماء بسبب المرض فلا يثبت به خيار كسائر الأمراض، يلحق بالجنون الخبل والصرع.
الجذام: وهو علة يحمر منها العضو ثم يسود ثم ينقطع ويتناثر، ويكون في أي مكان من الجسم لكنه في الوجه أغلب، ويرجع فيه إلى قول الأطباء.
البرص: وهو بياض شديد يبقع الجلد ويذهب دمويته.
هذا إذا كان كل من الجذام والبرص مستحكمين، بخلاف غيرهما من أوائل الجذام أو البرص، فلا يثبت به خيار.
القسم الثاني: عيوب تختص بالرجال وهي اثنتان
الجب: وهو قطع الذكر كله أو بعضه بحيث لم يتبق منه أقل من الحشفة، أما إذا كان الباقي منه قدرها بحيث يمكنه الإيلاج به فلا خيار بذلك.
العُنَّة: وهي أن يكون الزوج عاجزا عن الوطء في القبل خاصة، ويسمى الزوج عنينا: للين ذكره انعطافه مأخوذ من عنان الدابة للينة وتثبت العنة بإقرار الزوجة أو ببينة على إقراره؛ لأن الشهود لا يطلعون عليها وتثبت أيضا بيمينها بعد نكوله وإذا ثبت عنته ضرب القاضي له سنة تبدأ من وقت تحديد القاضي وحكمه بها وتعتبر السنة بالأهلة هكذا فعل عمر رضي الله عنه وأقره الصحابة على ذلك، فإذا مضت السنة ولم يجامع تبين لنا عجزه.
القسم الثالث: عيوب تختص بالنساء وهي اثنتان
الرتق: وهو انسداد محل الجماع من المرأة بلحم.
القرن: وهو انسداد محل الجماع بعظم.
وليس على الزوج إجبار الرتقاء أو القرناء على شق الموضع فإن شقته وأمكن الوطء فلا خيار له.
فإذا وجد أحد الزوجين بالآخر عيبا من هذه العيوب كان له الحق في فسخ النكاح على الفور بعد العلم به سواء أكان العيب حادثا بعد العقد أم قبله، أو بعد الوطء في غير العنة، أما هي إذا حدثت بعده فلا خيار ويقبل دعوى الجهل بأصل ثبوت الخيار أو بفوريته إن أمكن بألا يكون مخالطا للعلماء الذين يعرفون هذا الحكم.
ويستدل على ذلك بما رواه ابن عمر رضي الله عنهما -أن النبي -صلى الله عليه سلم- تزوج امرأة من بني بياضه فوجد بكشحها بياضا فردا، وقال:"دلستم علي".
ووجه الدلالة: هو أنه لما نقل عنه صلى الله عليه وسلم العيب والرد وجب أن يكون الرد؛ لأجل العيب.
وروى ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اجتنبوا من النكاح أربعة: الجنون، والجذام، والبرص، والقرن".
ووجه الدلالة: هو أن تخصيصه لهذه العيوب الأربعة من عيوب النكاح يدل على اختصاصها بالفسخ.
ثبوت العيب عند الحاكم:
ويشترط في الفسخ بالعيب الرفع إلى الحاكم؛ لأنه مجتهد في الأصح، قياسا على الفسخ بالإعسار بالنفقة، وقيل: لا يشترط الرفع في الحاكم، بل لكل منهما الانفراد بالفسخ، كالرد بالعيب.
الآثار المترتبة على الفسخ بالعيب.
إذا كان الفسخ بعيب من هذه العيوب قبل الدخول فإنه يسقط المهر ولا متعة لها؛ لأن العيب إن كان به فهي الفاسخة فلا شيء لها، وإن كان بها فسبب الفسخ معنى وجد فيها فكأنما هي الفاسخة.
وإن كان الفسخ بعد الدخول وكان لا يعلم بالعيب إلا بعده، فالصحيح أنه يجب المسمى، وقيل: يجب مهر المثل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها".
وتجب عليها العدة بالإصابة؛ لأن الإصابة فراش يلحق بها ولدها ولا نفقة لها في العدة سواء أكانت حاملا أم غير حامل؛ لانقطاع أثر النكاح بالفسخ.
ولا يرجع الزوج الفاسخ للنكاح بعد الفسخ بالمهر الذي غرمه على من غره من ولي أو زوجة بالعيب المقارن للعقد على الجديد في المذهب، لاستيفائه منفعة البضع المتقوم عليه بالعقد.
وفي القديم يرجع به للتدليس عليه بإخفاء العيب المقارن للعقد.
أما العيب الحادث بعد العقد إذا فسخ به فلا يرجع بالمهر قولًا واحدًا في المذهب لانتفاء التدليس.
ثبوت الخيار بالتغرير:
التغرير في اللغة: الخداع
وفي الاصطلاح: إغراء العاقد وخديعته ليأخذ المعقود عليه وهو يظن أنه في مصلحته، بينما هو خلاف ذلك في واقع الأمر.
والتغرير إما أن يكون بالزوج، وإما أن يكون بالزوجة.
أولا: التغرير بالزوج
إذا عقد رجل على امرأة على صفة من الصفات ثم تبين له خلاف ذلك كان عقد عليها على أنها بكر ثم تبين أنها ثثيب، أو عقد عليها على أنها طبيبة ثم تبين له أنها ممرضة مثلا.
ففي أحد القولين: يثبت له خيار الفسخ ولا مهر لها ولا متعة إن لم يكن قد دخل بها، وإن كان قد دخل بها فلها مهر مثلها ولا نفقة لها في العدة حتى ولو كانت حاملا.
وهل يرجع بالمهر على من غرر به؟
ففي الجديد لا يرجع؛ لاستيفائه منفعة البضع المتقوم عليه بالعقد.
وفي القديم يرجع للتدليس عليه.
والثاني: لا خيار له إن كانت حرة؛ لأن بيده طلاقها.
ثانيا: التغرير بالزوجة
إذا غرر رجل بامرأة وتزوجها على أنه حر فبان عبدا أو أنه قرشي فبان غير قرشيا وعلى أنه طبيب أو مهندس فظهر غير ذلك ففي صحة النكاح قولان:
القول الأول: أن النكاح باطل قياسا على ما لو أذنت في رجل بعينه فزوجت غيره.
والقول الثاني: أن النكاح صحيح ولها الخيار؛ لأنه منكوح بعينه وغرر بشيء وجد دونه فصار ذلك منه تدليسا، والتدليس في العقود يوجب الخيار ولا يوجب الفسخ كالعيوب في البيع.
وعلى كلا القولين لم يكن قد دخل بها فُرِّقَ بينهما ولا شيء عليه إن كان قد دخل بها فُرِّقَ بينهما وعليه مهر المثل ولا حد عليه ويلحقه الولد ولا نفقة لها حاملا كانت أم غير حامل.
خيار العتق:
إذا عتقت امرأة تحت رقيق كان لها الخيار في فسخ النكاح أو عدمه؛ لأنها تُعَيَّر بمن فيه رق.
لما رواه البخاري ومسلم أن بريرة عتقت تحت زوجها مُغِيث فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم بين المفارقة وبين المقام معه فاختارت نفسها.
ويثبت خيار العتق في أظهر القولين على الفور كما في خيار العيب.
وقيل: على التراخي لمدة ثلاثة أيام من حين علمها بالعتق؟ لأنها مدة قريبة تتروى فيها، إلا إذا قالت: جهلت العتق فإنها تصدق بيمينها إن أمكن بأن كان المعتق لها غائبًا، وكذا إن قالت: الخيار به في الأظهر.
فإن فسخت قبل الدخول فلا مهر لها ولا متعة، وإن فسخت بعد الدخول والوطء وجب لها المسمى للاستقرار بالوطء، ويكون المهر لسيدها.
ثالثا: أسباب الخيار المختلف فيها كثيرة
ومنها: إذا زوج الأب أو الجد بكرا بغير كفء وقلنا: بصحة النكاح فلها الخيار.
ومنها: ما لو زوج الصغير من لا تكافئه، وصححناه، فله الخيار إذا بلغ.
ومنها: ما لو ظنها مسلمة فظهرت كتابية، فله الخيار على رأي.
ومنها: أن يجد الزوج المرأة لا تحتمل الوطء إلا بالإقضاء.
ومنها: إعساره بالمهر أو النفقة.