الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَوْلُهُ: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: (125)].
الشرح
الآية الرابعة: قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: (125)].
نثبت من هذه الآية خمسَ صفاتٍ:
1 -
الإرادة.
…
2 - الهداية.
…
3 - شرح الصدور.
4 -
الإضلال.
…
5 - الجَعْل.
والإرادة تنقسم إلى قسمين:
1) الإرادة الكونية: وهي المرادفة للمشيئة؛ (أراد) فيها بمعنى (شاء)، وتكون فيما يحب الله وفيما لا يحب، ويلزم فيها الوقوعُ.
2) الإرادة الشرعية: وهي المرادفة للمحبة، (أراد) فيها بمعنى (أحبَّ)، وهي مختصة بما يحب سبحانه وتعالى، ولا يلزم فيها الوقوعُ.
إشكال:
كيف يريد الله ما لا يحب
؟
ما يريده الله مما لا يحب، يترتبُ عليه جملةٌ من الحِكَم والمصالح الكثيرة، مثال ذلك: إرادة الله للكفر في الأرض يترتبُ عليه مجاهدةُ الكفار والدعوة إلى الله، ونشر الحق، والصراع بين الحق والباطل.
فإنَّ من أسباب ظهور الدين مقاومةَ هؤلاء الكفار.
وَقَوْلُهُ: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: (195)]، {وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات:(9)]، {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:(7)]، {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:(222)]، وَقَوْلُهُ:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: (31)]، وَقَوْلُهُ:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: (54)]، وَقَوْلُهُ:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: (4)]، وَقَوْلُهُ:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: (14)].
الشرح
ثم ذكر ثماني آيات متعلقة بصفة المحبة لله عز وجل قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: (195)]، وقال تعالى:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: (9)]، وقال تعالى:{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: (7)].
وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: (222)]، وقال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: (31)]، وقال تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: (54)]، وقال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: (4)]، وقال تعالى:{وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج: (14)].
اشتملت هذه الآيات التي ذكرها المُصَنِّف رحمه الله على إثبات صفة
المحبة لله عز وجل وهي من الصفات الفعلية، وقد دل على إثباتها الكتاب والسنة والإجماع، ولكنها -كما يقولُ أهلُ السنة- على ما يليق بجلال الله وعظمته، خلافًا للنُّفاة الذين نَفَوْا صفة المحبة لله عز وجل.
ما سبب هذا النفي الذي قالوا به عز وجل.
سبب النفي مخافةُ التشبيه؛ تشبيه الخالق بالمخلوق؛ يقولون: لا نثبت لله محبة؛ لأن المخلوق موصوف بها.
الجواب: لله تعالى محبة وللمخلوق محبة، ولكن ليست محبةُ الله تعالى كمحبة المخلوق، فمحبة الله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه، أما محبة المخلوق الضعيف فعلى قَدْر ضعفه ومسكنته، والله عز وجل قد أثبت في كتابه العزيز المحبة من الطرفين في قوله تعالى:{فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: (54)]؛ أثبت له المحبة وأثبت لهم المحبة، فقوله:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ} هذه محبة الخلق، وقوله:{فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} هذه محبة الله تعالى.
ما أسباب محبة الله لعبده؟
هناك أسباب كثيرة؛ أهمُّها:
1) كثرة التأمل في نعم الله عز وجل، فهذا مما يزيد الإيمان ويعلِّق بالله عز وجل، ويوصل لهذه المنزلة العالية.
2) محبة ما يحبه اللهُ تعالى من الأقوال والأفعال والأعمال والأشخاص.
وَقَوْلُهُ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: (1)]، {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} [غافر:(7)]، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب:(43)]، {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف:(156)].
الشرح
3) كثرة ذكر الله تعالى وشكره وحمده.
4) اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} .
وأحسن من تكلم في هذه المسألة ابنُ القيم رحمه الله، وخرج كلامه في رسالة مستلَّة من بعض كتبه بعنوان:«الأسباب الجالبة لمحبة الله» .
هذه الآيات السبع كلها في صفة الرحمة لله عز وجل.
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} يؤخذ منها صفة الرحمة، وهي الصفة المشتركة في هذه الآيات السبع، وهي سبب ذكر هذه الآيات.
{رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا} يؤخذ منها صفة الرحمة، وقد دلت الآية على أكثرَ من الوصف بصفة الرحمة؟ دلت على سَعة رحمة لله تعالى.
الصفة الثانية من الآية: سعة العلم، وقد أفادت الآية وصفَ رحمة الله وعلمه بالسعة.
{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} نأخذ من الآية: صفة الرحمة، والرحمةُ تنقسم إلى قسمين: رحمة عامة، ورحمة خاصة.
فالرحمة في الآية هي الرحمة الخاصة بالمؤمنين؛ لقوله: {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} ، و {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} تدل الآية على سعة رحمة الله سبحانه وتعالى.
{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: (54)]، {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الأحقاف:(8)]، {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [يوسف:(64)].
الشرح
{كُلَّ} من ألفاظ العموم، {شَيْءٍ} نكرة تفيد الإطلاق، (كل) مضاف و (شيء) مضاف إليه، عموم أضيف إلى إطلاق، والصفة هنا هي الرحمة، فنأخذ من ذلك إثبات سعة رحمة الله سبحانه، وهذا مما يزيد المؤمن أملًا في رحمة الله وطمعًا في فضله.
{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} يؤخذ منها صفة الرحمة، كما يؤخذ منها صفة الكتابة من قوله:{كَتَبَ رَبُّكُمْ} .
{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} يؤخذ من الآية: صفة المغفرة، وصفة الرحمة.
{فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} يؤخذ من الآية: صفة الرحمة، كما يؤخذ منها وصفٌ زائد على الرحمة؛ وهو أنه أرحم الراحمين، كما يؤخذ من الآية صفة ثالثة؛ وهي صفة الحفظ وأنه سبحانه هو الحافظ، بل هو خير حافظًا.
الخلاصة من هذه الآيات: أنها تضمَّنت:
1 -
صفة الرحمة لله سبحانه وتعالى، وهناك صفات أخرى؛ وهي:
2 -
سَعة العلم.
3 -
سعة الرحمة.
4 -
الكتابة.