الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والنجباء، والأوتاد، والأقطاب، أو القُطب الواحد، فليس بصحيح عنه صلى الله عليه وسلم، ولم ينطق السلف بشيء من هذه الألفاظ، إلا بلفظ (الأبدال)، وقد جاء في الحديث: أنهم أربعون رجلًا، يكونون بالشام، والحديث منقطع ليس بثابت، أخرجه أحمد في مسنده
(1)
من حديث علي رضي الله عنه.
وليس لأولياء الله شيء يتميَّزون به عن الناس في الظاهر من الأمور المباحات، فلا يتميزون بلباس دون لباس، ولا بحَلْق شعر أو تقصيره أو ظفره، إذا كان مباحًا، كما قيل: كم مِن صدِّيقٍ في قَباء، وكم من زنديقٍ في عَباء، بل يوجد في جميع أصناف أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ فيوجدون في أهل القرآن وأهل العلم، ويوجد في أهل الجهاد والسيف، ويوجدون في التجار والصُّنَّاع والزُّرَّاع
(2)
.
ما ا
لفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان
؟
(3)
.
(1)
(2/ 231) رقم (896)، ولفظ الحديث:«الأبدالُ يكونون بالشام، وهم أربعون رجلا، كلما مات رجلٌ أبدل الله مكانه رجلًا، يُسقى بهم الغيث، ويُنتصرُ بهم على الأعداء، ويُصرف عن أهل الشام بهم العذابُ» . والحديث منقطع؛ لأنه من رواية شريح بن عبيد عن علي، وشريح لم يدرك عليًّا.
(2)
ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص (8 - 72) بتصرف يسير.
(3)
الفرقان ص (202).
ثُمَّ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالجمَاعَةِ: اتِّبَاعُ آثَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَاطِنًا وَظَاهِرًا، وَاتِّبَاعُ سَبِيلِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَاتِّبَاعُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنْ كُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» .
الشرح
وأخيرًا بعد ما فرغ المُصَنِّف من بيان منهج أهل السنة في مسائل العقيدة، ناسب أن يذكر منهجَهم في عموم الدين وأصوله وما يتفرع من ذلك، وذكر جملة من صفاتهم التي ترسم منهجهم وهي:
1 -
اتباع آثار الرسول صلى الله عليه وسلم ظاهرًا وباطنًا.
2 -
اتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار.
3 -
اتباع وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ مِنْ بَعْدِي تَمَسَّكُوا بِهَا
…
»
(1)
، والفرق بين اتباع سبيل السابقين الأولين واتباعِ وصيةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث هو: أن اتباع سبيل السابقين الأولين اتباعٌ عامٌّ للصحابة جميعًا، أما اتباع الوصية الواردة في الحديث فهو: اتباع خاص للخلفاء الأربعة رضوان الله عليهم أجمعين.
4 -
أنهم يعظمون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1)
أخرجه أحمد (28/ 375) رقم (17145)، وأبو داود (4/ 201) رقم (4607)، والترمذي رقم (2676)، وابن ماجه (1/ 16) رقم (43) من حديث العرباض بن سارية، وهو حديثٌ صحيحٌ تتابعت عبارات الأئمة في تصحيحه؛ كالترمذي وأبي نُعَيْم والبغوي، وغيرهم.
وَيَعْلَمُونَ أَنَّ أَصْدَقَ الْكَلَامِ كَلَامُ الله، وَخَيْرَ الهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَيُؤْثِرُونَ كَلَامَ الله عَلَى غَيْرِهِ مِنْ كَلَامِ أَصْنَافِ النَّاسِ، وَيُقَدِّمُونَ هَدْيَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عَلَى هَدْيِ كُلِّ أَحَدٍ، وَلِهَذَا سُمُّوا (أَهْلَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ) ، وَسُمُّوا (أَهْلَ الجَمَاعَةِ)؛ لِأَنَّ الجَمَاعَةَ هِيَ الِاجْتِمَاعُ، وَضِدُّهَا الْفُرْقَةُ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الجَمَاعَةِ قَدْ صَارَ اسْمًا لِنَفْسِ الْقَوْمِ المُجْتَمِعِينَ.
وَالْإِجْمَاعُ هُوَ الْأَصْلُ الثَّالِثُ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَهُمْ يَزِنُونَ بِهَذِهِ الْأُصُولِ الثَّلَاثَةِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ بَاطِنَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ مِمَّا لَهُ تَعَلُّقٌ بِالدِّينِ، وَالْإِجْمَاعُ الَّذِي يَنْضَبِطُ: هُوَ مَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ؛ إِذْ بَعْدَهُمْ كَثُرَ الِاخْتِلَافُ، وَانْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ.
الشرح
5 -
الاجتماع على الكتاب والسنة، والتعاونُ على البر والتقوى.
6 -
أنهم يَزِنون الناس بالأصول الثلاثة؛ وهي الكتاب والسنة والإجماع الذي كان عليه السلف الصالح.
أما إجماع مَن بعدهم، فلم يصح كثيرٌ منه لسببين هما:
أ- كثرة الاختلاف.
ب- انتشار المسلمين في أقطار الأرض مما يشق معه نقل الإجماع؛ قال الإمام أحمد رحمه الله: «مَنِ ادَّعى الإجماعَ فقد كذب»
(1)
.
(1)
العدة في أصول الفقه لأبي يعلى الفراء (4/ 1059).