الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُحِبُّونَ آلَ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ، وَيَحْفَظُونَ فِيهِمْ وَصِيَّةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم حَيْثُ قَالَ يَوْمَ غَدِيرِ خُمٍّ:«أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» .
وَقَالَ أَيْضًا لِلْعَبَّاسِ عَمِّهِ، وَقَدِ اشْتَكَى إِلَيْهِ أَنَّ بَعْضَ قُرَيْشٍ يَجْفُو بَنِي هَاشِمٍ؛ فَقَالَ:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ؛ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحِبُّوكُمْ؛ للهِ وَلِقَرَابَتِي» .
وَيَتَوَلَّوْنَ أَزْوَاجَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أُمَّهَاتِ المؤْمِنِينَ، وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُنَّ أَزْوَاجُهُ فِي الْآخِرَةِ؛ خُصُوصًا خَدِيجَةَ ? أُمَّ أَكْثَرِ أَوْلَادِهِ، وَأَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِهِ وَعَاضِدَه عَلَى أَمْرِهِ، وَكَانَ لَهَا مِنْهُ المَنْزِلَةُ الْعَالِيَةُ، وَالصِّدِّيقَةَ بِنْتَ الصِّدِّيقِ رضي الله عنها الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ» .
الشرح
قوله: «وَيُحِبُّونَ آلَ بَيْتِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَيَتَوَلَّوْنَهُمْ
…
» إلخ. لحثِّ النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك وترغيبه الأكيد في ذلك؛ إذ قال صلى الله عليه وسلم: «أُذَكِّرُكُمُ اللهَ فِي أَهْلِ بَيْتِي» كما في حديث زيد رضي الله عنه في «مسلم»
(1)
.
و
يدخل في أهل بيته أزواجُه الطاهرات المطهرات رضي الله عنهن
؛ ولهذا خصهن المُصَنِّف بالذكر والتأكيد، وقد خص المُصَنِّف اثنتين هما: خديجة وعائشة رضي الله عنها، وخديجة رضي الله عنها كانت لها مزية؛ لسابقتها في الإسلام ومساندتِها النبيَّ صلى الله عليه وسلم
(1)
صحيح مسلم (4/ 1873) رقم (2408).
وَيَتَبَرَّؤونَ مِنْ طَرِيقَةِ الرَّوَافِضِ الَّذِينَ يُبْغِضُونَ الصَّحَابَةَ وَيَسُبُّونَهُمْ، وَطَرِيقَةِ النَّوَاصِب الَّذِينَ يُؤْذُونَ أَهْلَ الْبَيْتِ بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَيُمْسِكُونَ عَمَّا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَيقُولُونَ: إنَّ هَذِهِ الْآثَارَ المَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ، وَمِنْهَا مَا قَدْ زِيدَ فِيهِ وَنُقِصَ وَغُيِّرَ عَنْ وَجْهِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْهُ هُمْ فِيهِ مَعْذُورُونَ؛ إِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُصِيبُونَ، وَإِمَّا مُجْتَهِدُونَ مُخْطِئُونَ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مَعْصُومٌ عَنْ كَبَائِرِ الْإِثْمِ وَصَغَائِرِهِ، بَلْ يَجُوزُ عَلَيْهِمُ الذُّنُوبُ فِي الجمْلَةِ، وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِنْ صَدَرَ،
الشرح
ووقوفِها معه، ولكونها أمَّ أكثر أولاده، وعائشة رضي الله عنها جاء فضلها في قول النبي صلى الله عليه وسلم:«فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ»
(1)
، وقد قال القحطاني:
أَكْرِمْ بِعَائِشَةَ الرِّضَا مِنْ حُرَّةٍ
…
بِكْرٍ مُطَهَّرَةِ الإِزَارِ حَصَان
هِيَ عِرْسُهُ هِيَ إِلْفُهُ هِيَ أُنْسُهُ
…
هِيَ حِبُّه صِدْقًا بِلَا إِدْهَان
قوله: «وَيقولون: إن هَذِهِ الْآثَارَ المَرْوِيَّةَ فِي مَسَاوِيهِمْ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ» وهو الأكثر.
قوله: «وَلَهُمْ مِنَ السَّوَابِقِ وَالْفَضَائِلِ مَا يُوجِبُ مَغْفِرَةَ مَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ إِنْ صَدَرَ» من الأسباب المكفرة لذنوبهم:
(1)
أخرجه البخاري (4/ 158) رقم (3411)، ومسلم (4/ 1886) رقم (2431) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
حَتَّى إِنَّهُمْ يُغْفَرُ لهمْ مِنَ السَّيِّئَاتِ مَا لَا يُغْفَرُ لِمَنْ بَعْدَهُمْ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مِنَ الحسَنَاتِ الَّتِي تَمْحُو السَّيِّئَاتِ مَا لَيْسَ لِمَنْ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ ثَبَتَ بِقَوْلِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم أَنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ، وَأَنَّ المُدَّ مِنْ أَحَدِهِمْ إِذَا تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا مِمَّنْ بَعْدَهُمْ.
ثُمَّ إِذَا كَانَ قَدْ صَدَرَ مِنْ أَحَدِهِمْ ذَنْبٌ؛ فَيَكُونُ قَدْ تَابَ مِنْهُ، أَوْ أَتَى بِحَسَنَاتٍ تَمْحُوهُ، أَوْ غُفِرَ لَهُ؛ بِفَضْلِ سَابِقَتِهِ، أَوْ بِشَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم الَّذِي هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِشَفَاعَتِهِ، أَوِ ابْتُلِيَ بِبَلَاءٍ فِي الدُّنْيَا كُفِّرَ بِهِ عَنْهُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي الذُّنُوبِ المُحَقَّقةِ؛ فَكَيْفَ الْأُمُورُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا مُجْتَهِدِينَ؛ إِنْ أَصَابُوا فَلَهُمْ أَجْرَانِ، وَإِنْ أخطئوا فَلَهُمْ أَجْرٌ وَاحِدٌ، وَالخَطَأُ مَغْفُورٌ، ثُمَّ إِنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يُنْكَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِهِمْ قَلِيلٌ نَزْزٌ مَغْفُورٌ فِي جَنْبِ فَضَائِلِ الْقَوْمِ وَمَحَاسِنِهِمْ؛ مِنَ الْإِيمَانِ باللهِ، وَرَسُولِهِ، وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، وَالْهِجْرَةِ، وَالنُّصْرَةِ، وَالْعِلْمِ النَّافِعِ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَمَنْ نَظَرَ فِي سِيرَةِ الْقَوْمِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ وَمَا مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ الْفَضَائِلِ؛ عَلِمَ يَقِينًا أَنَّهُمْ خَيْرُ الخَلْقِ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ، لَا كَانَ وَلَا يَكُونُ مِثْلُهُمْ، وَأَنَّهُمُ الصَّفْوَةُ مِنْ قُرُونِ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي هِيَ خَيْرُ الْأُمَمِ وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللهِ.
الشرح
أ) التوبة.
ب) أن يأتي الصحابي بحسنات تمحو ذنوبه، كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود:114].
ج) أن يغفر الله تعالى له ذنوبه بفضل سابقته في الإسلام.
وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ: التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَمَا يُجْرِي اللهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ، فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَالمُكَاشَفَاتِ وَأَنْوَاعِ الْقُدْرَةِ وَالتَّاثِيرَاتِ، وَالمَاثُورِ عَنْ سَالِفِ الْأُمَمِ فِي سُورَةِ الْكَهْفِ وَغَيْرِهَا، وَعَنْ صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ قُرونِ الْأُمَّةِ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
الشرح
د) شفاعة الحبيب صلى الله عليه وسلم والصحابة هم أحق الناس بشفاعته.
هـ) الابتلاء الذي يَبتلي الله تعالى به عبادَه المؤمنين، فهذه الأسباب ماحية للذنوب الصادرة من آحادهم.
قوله: «وَمِنْ أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ التَّصْدِيقُ بِكَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ
…
» قال ابن سعدي: «تواترت نصوصُ الكتاب والسنة، والوقائعُ قديمًا وحديثًا؛ على وقوع كرامات الأولياء
…
»
(1)
ثم ذكر رحمه الله أن كرامات الأولياء تفيد ثلاث قضايا:
أ) الدلالة على كمال قدرة الله تعالى.
ب) أن وقوع الكرامة للأولياء هي معجزة للأنبياء؛ لأن تلك الكرامات لم تحصل للأولياء إلا ببركة متابعتِهم نبيَّهم.
ج) أن كرامات الأولياء من البشرى المعجلة في الحياة الدنيا، والله تعالى يقول:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [يونس:63].
(1)
التنبيهات اللطيفة ص (110 - 113).