الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مَعَ الْأُمَرَاءِ؛ أَبْرَارًا كَانُوا أَوْ فُجَّارًا، وَيُحَافِظُونَ عَلَى الجَمَاعَاتِ،
الشرح
2 -
العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما، فقد يظن الظان أن هذا منكر وليس بمنكر، أو هو معروف وليس كذلك، ولهذا أمثلة منها:
المثال الأول: مَن ينكر على من يجلس جلسة الاستراحة ظنًّا منه أنها غيرُ مشروعة.
المثال الثاني: مَن ينكر على من يصلي تحية المسجد بعد صلاة العصر بناءً على أنها وقت نهي، مع أنَّ الذي يصليها يحتجُّ بكونها من ذوات الأسباب.
المثال الثالث: مَن ينكر في الحج على من يرمي قبل الزوال، باعتبار أنه خلافُ السُّنة، مع أن الذي يعمل بذلك يحتج بقولِ مَن أجازه.
3 -
الرفق في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
4 -
الحِلم والصبر على الأذى في ذلك، ومتى ما التزم الداعيةُ بهذه الشرائط كان ذلك طريقًا إلى قبوله في النفوس.
قوله: «وَيَرَوْنَ إِقَامَةَ الحَجِّ وَالْجِهَادِ وَالجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ مَعَ الْأُمَرَاءِ
…
» هذا من أصول أهل السنة:
إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الولاة المسلمين
؛ أبرارًا كانوا أو فجارًا. ودليله قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء:59].
وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ،
الشرح
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يصلون مع مَنْ يعرفون فِسقَهم؛ كصلاة ابن عمر خلف الحجاج، وصلاة ابن مسعود خلف الوليد بن عقبة.
وقد جاء عن الوليد بن عقبة أنه صلى مرة الفجر أربع ركعات بسبب شرب الخمر
(1)
، ومع ذلك لم يَمنع ذلك الصحابةَ أن يصلوا خلفه، لكنهم أنكروا عليه.
قوله: «وَيَدِينُونَ بِالنَّصِيحَةِ لِلْأُمَّةِ» دليلُ هذا حديثُ تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ، قُلْنَا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لله وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأَئِمَّةِ المسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ»
(2)
.
- المراد بالنصيحة لله: الإيمان به وبربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
- المراد بالنصيحة للرسول: تصديقه واتباعه.
- المراد بالنصيحة للكتاب: الإيمان به وتدبره والعمل به.
- المراد بالنصيحة لأئمة المسلمين: أمرهم بالمعروف، ونهيُهم عن المنكر، ودلالتُهم على الحق، وطاعتهم بالمعروف، وتبصيرهم بالحق إذا انحرفوا عنه.
- المراد بالنصيحة للعامة: أمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، وكفُّ الأذى عنهم، والسعي في مصالحهم الدنيوية والأخروية.
(1)
أخرجه البيهقي في معرفة السنن والآثار (13/ 51) رقم (17428).
(2)
أخرجه مسلم (1/ 74) رقم (55) من حديث تميم الداري رضي الله عنه.
وَيَعْتَقِدُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ، يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ. وَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ؛ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ» .
الشرح
(1)
» هذا مَثَلٌ مثَّل به النبي صلى الله عليه وسلم لبيان وجوب وحدة المسلمين وتعاوُنهم فيما بينهم؛ حيث شبه ذلك بتشبيك الأصابع، وفي هذا دليل على وجوب الترابط بين المسلمين.
وقوله: «مَثَلُ المُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الجسَدِ
…
»
(2)
؛ يؤخذ من هذا الحديث أن الأخوة الإيمانية سببٌ للتعاطف والتراحم، وفيه الحث على جمع الكلمة، والتحذيرُ من الاختلاف، ومشروعية تفقد أحوال المسلمين.
وقد اشتهر على ألسنة الناس حديثُ: «مَنْ لا يَهْتَمُّ بِأَمْرِ المُسْلِمِينَ فَلَيْسَ مِنْهُمْ» ، ومعناه صحيح، لكن سنده ضعيف
(3)
.
(1)
أخرجه البخاري (3/ 129) رقم (2446)، ومسلم (4/ 1999) رقم (2585) من حديث أبي موسى رضي الله عنه.
(2)
أخرجه البخاري (8/ 10) رقم (6011)، ومسلم (4/ 1999) رقم (2586) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه.
(3)
أخرجه الطبراني في الصغير (2/ 131). وينظر: الفوائد المجموعة ص (83)، وكشف الخفاء (2/ 1614)، والسلسلة الضعيفة (1/ 483).
وَيَامُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ، وَالرِّضَى بِمُرِّ الْقَضَاءِ.
الشرح
قوله: «وَيَامُرُونَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ الْبَلَاءِ، وَالشُّكْرِ عِنْدَ الرَّخَاءِ، وَالرِّضَى بِمُرِّ الْقَضَاءِ» ذكر المُصَنِّف هنا عددًا من صفات أهل السنة المتعلقة بأقدار الله التي يقدرها على عباده:
الصفة الأولى: أنهم يأمرون بالصبر على البلاءِ، والبلاءُ على نوعين:
الأول: بلاء في الدنيا. والثاني: بلاء في الدين. أما البلاء في الدنيا فالواجب نحوَه احتسابُ الأجر بالصبر، أما البلاء في الدين فالواجب فيه الثبات على الحق، والأخذ بوسائل الوقاية من الفتن والمغريات.
الصفة الثانية: الشكر عند الرخاء، كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله:«عَجَبًا لِأَمْرِ المؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»
(1)
.
وأيهما أفضل: الصبر على البلاء أو الشكر عند الرخاء؟
الجواب: هذه مسألة: طويلة كتب فيها ابن تيمية وألف فيها ابن القيم (عُدة الصابرين)، وملخص هذه المسألة أن فيها أقوالًا:
الأول: أَنَّ الصبر أفضل.
الثاني: أَنَّ الشكر أفضل.
الثالث: أَنَّ الصبر والشكر بمنزلةٍ واحدةٍ.
(1)
أخرجه مسلم (4/ 2295) رقم (2999) من حديث صهيب رضي الله عنه.