الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الركن الثاني:
الإيمان بالملائكة:
الملائكة: عالم غيبي خلقهم الله من نور لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، وقد جعل الله تعالى لهم وظائفَ؛ علِمنا طرَفًا منها من خلال الكتاب والسنة، وخفي علينا الكثير منها، ولعلي أذكر طائفة مِمَّن علِمنا وظائفهم من خلال الدليل:
أولًا: الملائكة الموكلون بما فيه حياة:
وما فيه حياة على أنواع:
1 -
ما فيه حياة القلوب، وهذا حياته تكون بالوحي، والملك الموكل بالوحي جبريل عليه السلام.
2 -
من وُكِّل بحياة الأرض المتمثلة في القطر والنبات، وهذا هو ميكائيل.
3 -
من وُكِّل بحياة الأجساد يوم المعاد وبالنفخ بالصور، والموكل بذلك إسرافيل. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يخص بالذكر في دعائه هؤلاء الثلاثةَ؛ وذلك لعظم قدرهم كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت:«كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ: اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحقِّ بِإذنكَ؛ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»
(1)
.
(1)
أخرجه مسلم (1/ 534) رقم (770).
وعلى المسلم أن يكثر من هذا الدعاء؛ خصوصًا في هذا الزمان الذي كثر فيه الاختلافُ والافتراق، وانتشرت فيه الفتنُ والهرج والمرج.
ثانيًا: الملائكة الموكلون بقبض الأرواح:
وهم ملك الموت وأعوانه، ويجب الإيمان به وبوظيفته التي جاءت في النصوص، وقد اشتَهَر عند العوام باسم عزرائيل، ولا يثبت في ذلك شيء.
وقد جاء في القرآن أن قابض الأرواح {مَلَكُ الْمَوْتِ} [السجدة: (11)] هكذا مفردًا، وجاء في القرآن أن القابض للأرواح أكثر من واحد؛ قال تعالى:{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النحل:32].
فكيف نجمع بين هذه الآيات؟
الجواب: لا منافاة بين هذه الآيات؛ فمَلَك الموت هو الذي يباشر قبض الأرواح، وقد جعل الله له أعوانًا من الملائكة، وهذا كما في الآية الأخرى {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61].
ثالثًا: الملائكة السيَّاحون في الأرض الذين يلتمسون مجالسَ الذكر:
كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ لله مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ، يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللهَ تَنَادَوْا: هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ»
(1)
.
(1)
أخرجه البخاري (8/ 87) رقم (6045).
رابعًا: الملائكة الموكَّلون بكتابة أعمال العباد:
كما قال تعالى: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: (10) - (12)]، وقال تعالى:{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: (18)].
وعن طاووس عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ما مِن شيء يتكلمُ به ابنُ آدم إلا كُتب عليه؛ حتى أنينه في مرضه» ، ويذكر عن الإمام أحمد أنه اشتدَّ عليه المرضُ ذات مرة، فكان يظهر له صوتٌ وأنين، فقيل له: إن طاووسًا كان يكره أنينَ المرض، فتركه
(1)
.
خامسًا: الملائكة الذين يتعاقبون على بني آدم في الليل والنهار:
كما في قوله تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} [الرعد: (11)] وقوله: {مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} أي بأمره، وحروفُ الجر تتناوبُ عند الكوفيين، مثالٌ آخر قوله تعالى:{وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: (71)] في جذوع النخل: المراد على جذوع النخل، وحروف الجر تتناوب كما سبق.
سادسًا: الملائكة الرُّكَّع السجود:
قال تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل: (49)] أي أن الملائكة يسجدون، وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} [الأعراف: (206)].
(1)
البداية والنهاية (9/ 242).
وعددهم كثير، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ؛ مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا وَمَلَكٌ وَاضِعٌ جَبْهَتَهُ سَاجِدًا لله»
(1)
.
وهذا الحديث ضعيف؛ لأنه من رواية إبراهيمَ بنِ المهاجر؛ وقد ليَّنه ابن حجر، والحديث له شواهد لكن لا تخلو كلُّها من ضعف، فالأقرب عدم صحة الحديث، وقد جاءت نصوص أخرى تدل على كثرتهم كما في حديث الإسراء والمعراج في «الصحيحين»:«فَرُفِعَ لِي الْبَيْتُ المَعْمُورُ، فَسَأَلْتُ جِبْرِيلَ فَقَالَ: هَذَا الْبَيْتُ المَعْمُورُ؛ يُصَلِّي فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ إِذَا خَرَجُوا لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ»
(2)
، هذا الحديث يدل على عظمة مَن خلقهم، وقدرته سبحانه وتعالى، ونستفيد منه كثرة الملائكة؛ إذ إن عدد من يصلي في البيت المعمور كل يوم سبعون ألف ملك لا يرجعون إليه أخرى.
سابعًا: خزنة الجنة والنار:
جاء في القرآن تسمية خازن جهنم بـ «مالك» ، قال تعالى: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ
(1)
أخرجه الترمذي (4/ 134) رقم (2312)، وابن ماجه (2/ 1402) رقم (4190)، وقال الترمذي:«حديثٌ حسنٌ غريب» .
(2)
صحيح البخاري (4/ 109) رقم (3207)، وصحيح مسلم (1/ 149) رقم (164) من حديث مالك بن صعصعة رضي الله عنه.