الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ، وَحُسْنِ الْجِوَارِ،
الشرح
ومنها: ما رواه «البخاري» و «مسلم» من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال:«سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى الله؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: ثُمَّ بِرُّ الوَالِدَيْنِ»
(1)
.
قوله: «وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ» وقد جاءت نصوص كثيرة في
فضل صلة الأرحام
(2)
.
(3)
.
قوله: «وَحُسْنِ الْجِوَارِ» وقد جاءت فيه نصوص كثيرة تؤكد حق الجار في الإسلام؛ من ذلك:
(1)
صحيح البخاري (1/ 112) رقم (527)، وصحيح مسلم (1/ 89) رقم (85).
(2)
أخرجه البخاري (8/ 32) رقم (6138) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
أخرجه مسلم (4/ 1981) رقم (2555) من حديث عائشة رضي الله عنها.
وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ، وَالرِّفْقِ بِالمَمْلُوكِ.
وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ وَالخُيَلَاءِ، وَالْبَغْيِ، وَالِاسْتِطَالَة عَلَى الخَلْقِ بِحَقٍّ أَوْ بِغَيْرِ حَقٍّ،
الشرح
- ما رواه «البخاري» و «مسلم» عن أبي شُريح رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ
…
»
(1)
.
- وفي «مسلم» عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا طَبَخْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا وَتَعَاهَدْ جِيرَانَكَ»
(2)
.
قوله: «وَالْإِحْسَانِ إِلَى الْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ
…
»؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [البقرة:215].
قوله: «وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْفَخْرِ وَالخُيَلَاءِ، وَالْبَغْيِ
…
» الفخر: هو التمدح بالخصال، والخيلاء: هو الكِبْر، جاء في «الصحيحين»:«بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِى قَدْ أَعْجَبَتْهُ جُمَّتُهُ وَبُرْدَاهُ؛ إِذْ خُسِفَ بِهِ الأَرْضُ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِي الأَرْضِ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ»
(3)
.
(1)
صحيح البخاري (8/ 11) رقم (6019)، وصحيح مسلم (3/ 1352) رقم (48) من حديث أبي شريح العدوي رضي الله عنه.
(2)
صحيح مسلم (4/ 2025) رقم (2625).
(3)
صحيح البخاري (7/ 141) رقم (5789)، وصحيح مسلم (3/ 1653) رقم (2088) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وَيَامُرُونَ بِمَعَالِي الْأَخْلَاقِ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ سَفْسَافِهَا، وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ أَوْ يَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَطَرِيقَتُهمْ هِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ الَّذِي بَعَثَ الله بِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، لَكِنْ لَمَّا أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ أُمَّتَهُ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، كُلُّهَا فِي النَّارِ؛ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الجمَاعَةُ، وَفِي حَدِيثٍ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مِثْلِ مَا أَنَا عَلَيْهِ الْيَوْمَ وَأَصْحَابِي» ؛ صَارَ المُتَمَسِّكُونَ بِالْإِسْلَامِ المَحْضِ الخالِصِ عَنِ الشَّوْبِ هُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ وَالجَمَاعَةِ؛ وَفِيهِمُ الصِّدِّيقُونَ، وَالشُّهَدَاءُ، وَالصَّالِحُونَ.
وَمِنْهُمْ أَعْلَامُ الهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، أُولُو المَنَاقِبِ المَاثُورَةِ، وَالْفَضَائِلِ المذْكُورَةِ،
الشرح
ثم جمع هذه الصفات المحمودة بقوله: «وَيَامُرُونَ بِمَعَالِي الْأَخْلَاقِ، وَيَنْهَوْنَ عَنْ سَفْسَافِهَا» هذه جملة كافية في الأخلاق الجامعة.
قوله: «وَكُلُّ مَا يَقُولُونَهُ أَوْ يَفْعَلُونَهُ مِنْ هَذَا وَغَيْرِهِ؛ فَإِنَّمَا هُمْ فِيهِ مُتَّبِعُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ
…
» ذكر المُصَنِّف في ختام هذه الرسالة منهج أهل السنة والجماعة فيما يقولون ويفعلون وأنه محكوم بما جاء في الكتاب والسنة.
وأن طريقتهم هي دين الإسلام، وهم أصحاب الإسلام الخالص من الشوائب، ولذلك فازوا بهذا اللقب الشريف «أهل السنة والجماعة» ، ولهذا وجد منهم طوائف بلغوا المراتب العالية.
قوله: «وَمِنْهُمْ أَعْلَامُ الهُدَى» أعلام الهدى: أي الأعلام العالمون.
وَفِيهِمُ الْأَبْدَالُ، وَفِيهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ، الَّذِينَ أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى هِدَايَتِهِمْ ودِرَايَتِهم، وَهُمُ الطَّائِفَةُ المنْصُورَةُ الَّذِينَ قَالَ فِيهِمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الحَقِّ مَنْصُورَةٌ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ، وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» .
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ، وَأَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ، وَأَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ، وَالله أَعْلَمَ، وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
الشرح
قوله: «وَفِيهِمُ الْأَبْدَالُ» الأبدال: جمع بَدَل، وهم الذين يخلُف بعضُهم بعضًا في تجديد هذا الدين والدفاع عنه، كما في الحديث:«إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَاسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا»
(1)
.
هم الأولياء والعباد، وسُموا بهذا الاسم لأنه كلما مات أحد منهم أُبدِل بآخر، فلذلك سُموا أبدالًا.
قوله: «وَفِيهِمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ» أي الأئمة المقتدى بهم؛ كالأئمة الأربعة ثم مَن جاء بعدهم من أصحاب الفضل والفقه والدين، ولعل كاتب هذه الرسالة من أوائل هؤلاء.
ثم دعا بدعوة قال فيها: «نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنْهُمْ، وَأَنْ لَا يُزِيغَ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا ، وَأَنْ يَهَبَ لَنَا مِنْ لَدُنْهُ رَحْمَةً إِنَّهُ هُوَ الْوَهَّابُ» .
(1)
أخرجه أبو داود (4/ 109) رقم (4291) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإسناده صحيح.
وبهذه الدعوة المباركة ختم المُصَنِّف هذه الرسالةَ النافعة المباركة التي حوت علمًا عظيمًا على صغر حجمها، فنسأل الله أن يَجزيه عن الإسلام خيرَ الجزاء.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
د. عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل
القصيم - بريدة
بريد إلكتروني:[email protected]