المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية: - التحفة الندية شرح العقيدة الواسطية - عبد الرحمن العقل

[عبد الرحمن بن عبد العزيز العقل]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ترجمة موجزة لشيخ الإسلام ابن تيميَّة

- ‌نبذة تعريفية بالعقيدة الواسطية

- ‌ الفرق بين الحَمْد والمَدْح

- ‌ حكم مَن شهِد أن لا إله إلا الله، ولم يشهد بأن محمدًا رسول الله

- ‌ المراد بصلاة الملائكة على الرسول أو على أحد من المؤمنين

- ‌من آمن بوجود الله وبربوبيته ولم يؤمن بألوهيته، هل يعد مؤمنًا

- ‌ الإيمان بالملائكة:

- ‌هل للملائكة أجساد، أم هي أرواح فقط

- ‌ الإيمان بالكتب:

- ‌ما الفرق بين النبي والرسول

- ‌ البعث بعد الموت:

- ‌الإِيمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ

- ‌متى كتب الله المقادير

- ‌ هل يُتصور خلوُّ الأرض من الكفر والنفاق

- ‌ما المراد بالإلحاد في الأسماء

- ‌ما حقيقة الإلحاد في آيات الله وكيف يكون

- ‌هل يجوز تخيل صفات الله

- ‌هل مرتبة الصديقية خاصة بالرجال

- ‌ كيف يريد الله ما لا يحب

- ‌ الكتابة على قسمين: كتابة شرعية، وكتابة كونية

- ‌هل القتلُ عمدًا كفرٌ يستوجبُ الخلودَ في النار

- ‌ إثبات العينين لله تعالى

- ‌الصفات على نوعين:

- ‌المحبة على أقسام

- ‌ استوى الله سبحانه على العرش استواءً يليقُ به

- ‌إثبات علو الله على خلقه

- ‌ إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة

- ‌ إثباتُ صفة الفرح لله جل وعز، والكلام في هذه الصفة

- ‌ إثبات صفة العلو لله تعالى

- ‌ حكم رفع الصوت بالدعاء في قنوت التراويح

- ‌ وسطية أهل السنة في باب الصفات بين أهل التعطيل وأهل التمثيل

- ‌ أنهم وسط في أفعال الله تعالى بين الجبرية والقدرية

- ‌ أنهم وسط في باب الوعيد بين المرجئة والوعيدية

- ‌ أنهم وسط في باب أسماء الإيمان والدين بين الحرورية -أي (الخوارج) - والمعتزلةِ، وبين المرجئة والجهميةِ

- ‌ فتنة القبر وعذاب القبر

- ‌ الحكمة من إخفاء عذاب القبر بالنسبة للجن والإنس

- ‌نْشَرُ الدَّوَاوِينُ، وَهِيَ صَحَائِفُ الْأَعْمَالِ

- ‌الحساب يوم القيامة على نوعين:

- ‌هل الحوض موجود الآن، أو لا يوجد إِلَّا يوم القيامة

- ‌الفرق بين أقوال القلوب وأعمالها

- ‌ التكفير المطلق، وتكفير المعين

- ‌ الحكم الشرعي على الفاسق

- ‌ هل يُشهد لأحد بالجنة ممن لم يَشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك

- ‌يدخل في أهل بيته أزواجُه الطاهرات المطهرات رضي الله عنهن

- ‌ الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية:

- ‌لفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان

- ‌ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌ إقامة الحج والجهاد والجمع والأعياد مع الولاة المسلمين

- ‌ الرضى بمر القضاء

- ‌ فضل صلة الأرحام

الفصل: ‌ الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية:

مسألة:‌

‌ الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية:

قال ابن باز رحمه الله: «الفرق بين المعجزة والكرامةِ والأحوالِ الشيطانية: أن المعجزة هي ما يُجري اللهُ على أيدي الرسل والأنبياء من خوارقِ العادات؛ من انشقاق القمر، ونزول القرآن، فإن القرآن هو أعظم معجزة على الإطلاق، وحنينِ الجذع ونبوعِ الماء من بين أصابعه، وأما الكرامةُ فهي ما يُجري الله على أيدي أوليائه المؤمنين من خوارقِ العادات، وشرطُ كونها كرامة: أن يكون مَن جرت على يديه مستقيمًا على الإيمان، ومتابعةِ الشريعة، فإن كان خلافَ ذلك، فالجاري على يده من الخوارق هو من الأحوال الشيطانية» .

ثم ذكر رحمه الله فائدة جليلة تتعلق بهذا الموضوع، فقال:«لِيُعْلمْ أن عدم حصول الكرامة لبعض المسلمين لا يدل على نقص إيمانهم؛ لأن الكرامة إنما تقع لأسباب؛ منها: تقوية إيمان العبد وتثبيته، ولهذا لم يَر كثير من الصحابة شيئًا من الكرامات لقوة إيمانهم وقوة يقينهم، ومنها: لإقامة الحجة على العدو كما حصل لخالد لما أكل السم، وكان قد حاصر حصنًا فامتنعوا عليه حتى يأكله، فأكله وفتح الحصن، ومثل ذلك ما جرى لأبي مسلم الخَوْلاني لما ألقاه الأسودُ العَنْسي في النار، فأنجاه الله من ذلك لحاجته لتلك الكرامة، وكقصة أم أيمن لما خرجت مهاجرةً واشتد بها العطشُ سمعت حِسًّا من فوقها فرفعت رأسَها فإذا بدلوٍ من الماء فشربت منه»

(1)

.

(1)

ينظر: تعليقُه على التنبيهات اللطيفة ص (110 - 111).

ص: 204

وبين كرامات الأولياء وما يشبهها من الأحوال الشيطانية: فروقٌ متعددة، منها: أن كرامات الأولياء سببُها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنه ورسوله.

فالقول على الله بغير علم، والشرك والظلم والفواحش؛ قد حرَّمها الله تعالى ورسوله، فلا تكون سببًا لكرامة الله تعالى، ولا يستعان بالكرامات عليها.

ومن أهل الأحوال من إذا حضر سماعَ المكاء والتصدية يتنزلُ عليه شيطانُه حتى يحمله في الهواء، ويخرجه من تلك الدار، فإذا حضر رجل من أولياء الله تعالى، طرد شيطانه فيسقط، كما جرى هذا لغير واحد.

ومن هؤلاء مَن يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت، سواءٌ كان ذلك المخلوق مسلمًا أو نصرانيًا أو مشركًا، فيتصور الشيطانُ بصورة ذلك المستغاث به، ويقضي بعضَ حاجة ذلك المستغيث، فيظن أنه ذلك الشخص، أو هو ملَك تصور على صورته، وإنما هو شيطان أضلَّه لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تَدخل في الأصنام وتكلم المشركين.

ومن هؤلاء مَن يتصور له الشيطان ويقول له: أنا الخضر، وربما أخبره ببعض الأمور، وأعانه على بعض مطالبه.

وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب، يموتُ لهم الميتُ، فيأتي الشيطانُ بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت، ويقضي

ص: 205

الديون، ويرد الودائع

(1)

.

ومن هؤلاء شيخٌ كان بمصر أوصى خادمَه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحدًا يغسلني، فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمُه شخصًا في صورته، فاعتقد أنه جاء ليغسل نفسه، فتأمل كيف جاء الشيطان في صورته ليغوي الأحياء، كما أغوى الميتَ قبل ذلك.

ومنهم من يرى عرشًا في الهواء، وفوقه نور، ويسمع من يخاطبه ويقول: أنا ربُّك، فإن كان من أهل المعرفة، علم أنه شيطان فزجره واستعاذ بالله منه، فيزول ذلك.

ومنهم من يرى أشخاصًا في اليَقَظَة يَدَّعي أحدُهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين، ويكون من الشياطين، وقد جرى هذا لغير واحد.

ومنهم مَن يرى ذلك عند قبر الذي يزوره، فيرى القبرَ قد انشق وخرج إليه صورة، فيعتقدها الميتَ، وإنما هو جني تصور بتلك الصورة.

وكل من قال: إنه رأى نبيًّا بعين رأسه فما رأى إلا خيالًا.

وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة.

ومِن أعظم ما يقوِّي الأحوالَ الشيطانية: سماعُ الغناء والملاهي وهو سماع المشركين، قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:35].

(1)

ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص (236 - 237) بتصرف.

ص: 206

قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما وغيرُهما من السلف: «التصدية: التصفيق باليد، والمكاء: مثل الصفير» . فكان المشركون يتخذون هذا عبادةً

(1)

.

وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم أن يقرأ، والباقون يستمعون، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه:«ذكِّرْنا ربَّنا، فيقرأ وهم يستمعون»

(2)

.

فأولياء الله الذين تجري على أيديهم الكرامات: هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:26،63].

وفي الحديث الصحيح الذي رواه «البخاري»

(3)

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ» ، فهذا أصح حديث يُروى في الأولياء، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من عادى وليًّا لله، فقد بارز الله بالمحاربة.

وكل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عِدَّةِ الأولياء، والأبدال، والنقباء،

(1)

ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص (237 - 250) بتصرف.

(2)

أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 486) رقم (4179)، والدارمي في سننه (4/ 2190) رقم (3536)، وابن حبان في صحيحه (16/ 169) رقم (7196)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 258).

(3)

صحيح البخاري (8/ 105) رقم (6502).

ص: 207