الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة:
الفرق بين المعجزة والكرامة والأحوال الشيطانية:
(1)
.
(1)
ينظر: تعليقُه على التنبيهات اللطيفة ص (110 - 111).
وبين كرامات الأولياء وما يشبهها من الأحوال الشيطانية: فروقٌ متعددة، منها: أن كرامات الأولياء سببُها الإيمان والتقوى، والأحوال الشيطانية سببها ما نهى الله عنه ورسوله.
فالقول على الله بغير علم، والشرك والظلم والفواحش؛ قد حرَّمها الله تعالى ورسوله، فلا تكون سببًا لكرامة الله تعالى، ولا يستعان بالكرامات عليها.
ومن أهل الأحوال من إذا حضر سماعَ المكاء والتصدية يتنزلُ عليه شيطانُه حتى يحمله في الهواء، ويخرجه من تلك الدار، فإذا حضر رجل من أولياء الله تعالى، طرد شيطانه فيسقط، كما جرى هذا لغير واحد.
ومن هؤلاء مَن يستغيث بمخلوق إما حي أو ميت، سواءٌ كان ذلك المخلوق مسلمًا أو نصرانيًا أو مشركًا، فيتصور الشيطانُ بصورة ذلك المستغاث به، ويقضي بعضَ حاجة ذلك المستغيث، فيظن أنه ذلك الشخص، أو هو ملَك تصور على صورته، وإنما هو شيطان أضلَّه لما أشرك بالله، كما كانت الشياطين تَدخل في الأصنام وتكلم المشركين.
ومن هؤلاء مَن يتصور له الشيطان ويقول له: أنا الخضر، وربما أخبره ببعض الأمور، وأعانه على بعض مطالبه.
وكثير من الكفار بأرض المشرق والمغرب، يموتُ لهم الميتُ، فيأتي الشيطانُ بعد موته على صورته، وهم يعتقدون أنه ذلك الميت، ويقضي
الديون، ويرد الودائع
(1)
.
ومن هؤلاء شيخٌ كان بمصر أوصى خادمَه فقال: إذا أنا مت فلا تدع أحدًا يغسلني، فأنا أجيء وأغسل نفسي، فلما مات رأى خادمُه شخصًا في صورته، فاعتقد أنه جاء ليغسل نفسه، فتأمل كيف جاء الشيطان في صورته ليغوي الأحياء، كما أغوى الميتَ قبل ذلك.
ومنهم من يرى عرشًا في الهواء، وفوقه نور، ويسمع من يخاطبه ويقول: أنا ربُّك، فإن كان من أهل المعرفة، علم أنه شيطان فزجره واستعاذ بالله منه، فيزول ذلك.
ومنهم من يرى أشخاصًا في اليَقَظَة يَدَّعي أحدُهم أنه نبي أو صديق أو شيخ من الصالحين، ويكون من الشياطين، وقد جرى هذا لغير واحد.
ومنهم مَن يرى ذلك عند قبر الذي يزوره، فيرى القبرَ قد انشق وخرج إليه صورة، فيعتقدها الميتَ، وإنما هو جني تصور بتلك الصورة.
وكل من قال: إنه رأى نبيًّا بعين رأسه فما رأى إلا خيالًا.
وهذه الأحوال الشيطانية تحصل لمن خرج عن الكتاب والسنة.
ومِن أعظم ما يقوِّي الأحوالَ الشيطانية: سماعُ الغناء والملاهي وهو سماع المشركين، قال الله تعالى:{وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:35].
(1)
ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص (236 - 237) بتصرف.
قال ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما وغيرُهما من السلف: «التصدية: التصفيق باليد، والمكاء: مثل الصفير» . فكان المشركون يتخذون هذا عبادةً
(1)
.
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا اجتمعوا أمروا واحدًا منهم أن يقرأ، والباقون يستمعون، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه:«ذكِّرْنا ربَّنا، فيقرأ وهم يستمعون»
(2)
.
فأولياء الله الذين تجري على أيديهم الكرامات: هم المؤمنون المتقون، كما قال تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} [يونس:26،63].
وفي الحديث الصحيح الذي رواه «البخاري»
(3)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ اللهَ قَالَ: مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ» ، فهذا أصح حديث يُروى في الأولياء، فبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من عادى وليًّا لله، فقد بارز الله بالمحاربة.
وكل حديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في عِدَّةِ الأولياء، والأبدال، والنقباء،
(1)
ينظر: الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص (237 - 250) بتصرف.
(2)
أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (2/ 486) رقم (4179)، والدارمي في سننه (4/ 2190) رقم (3536)، وابن حبان في صحيحه (16/ 169) رقم (7196)، وأبو نعيم في الحلية (1/ 258).
(3)
صحيح البخاري (8/ 105) رقم (6502).