الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَطَاعَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهُمْ وَلَا نَصِيفَهُ» ، وَيَقْبَلُونَ مَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ، وَيُفَضِّلُونَ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ -وَهُوَ صُلْحُ الحُدَيْبِيَّةِ- وَقَاتَلَ، عَلَى مَنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلَ، وَيُقَدِّمُونَ المُهَاجِرِينَ عَلَى الْأَنْصَارِ. وَيُؤْمِنُونَ بِأَنَّ اللهَ قَالَ لِأَهْلِ بَدْرٍ - وَكَانُوا ثَلَاثَمِائَةٍ وَبِضْعَةَ عَشَر:
الشرح
1 -
مجتهدون مصيبون.
2 -
ومجتهدون مخطئون.
فالمجتهد المصيب له أجران، والمجتهد المخطئ له أجر واحد، وخطؤه مغفور باجتهاده، ومما يعتقده أهل السنة أيضًا: الشهادة لمن شهِد له النبي صلى الله عليه وسلم منهم بالجنة.
مسألة:
هل يُشهد لأحد بالجنة ممن لم يَشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بذلك
؟
في هذه المسألة خلاف مشهور على رأيين:
الرأي الأول: قول جمهور أهل العلم أنه لا يُشهد لأحد لم يَشهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة.
الرأي الثاني: قول شيخ الإسلام أنه تجوز الشهادة لمن استفاض في الأمة الثناء عليه، قال شيخ الإسلام:«ولا يُشهد لأحد بالجنة إلا لمن شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم أو اتفقت الأمةُ على الثناء عليه»
(1)
.
(1)
الفتاوى الكبرى (5/ 359).
«اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ، وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ أَحَدٌ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ؛ كَمَا أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، بَلْ لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَة، وَيَشْهَدُونَ بِالجنَّةِ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ رَسُولُ الله ? كَالْعَشَرَةِ، وَثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاس، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ? وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ،
الشرح
وأوسع كتاب تحدث فيه شيخ الإسلام عن ذلك هو: «كتاب النبوات» ، فقد عدد الأقوال في هذه المسألة وقال: «قيل: يُشهد لمن استفاض عند الأمة أنه رجل صالح؛ كعمر بن عبد العزيز والحسن البصري وغيرهم، وكان أبو ثور يشهد لأحمد بن حنبل بالجنة
…
(1)
»
(2)
.
قوله: «مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ» وقد جمع أبو بكر رضي الله عنه من الفضائل والمحاسن ما لم يجمعه أحد من الصحابة رضي الله عنهم جميعًا.
قال شيخ الإسلام في «جواب الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية» :
(1)
صحيح البخاري (2/ 97) رقم (1367)، وصحيح مسلم (2/ 655) رقم (949).
(2)
النبوات ص (10).
ثُمَّ عُمَرُ، وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانَ، وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ رضي الله عنهم؛ كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآثَارُ، وَكَمَا أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ فِي الْبَيْعَةِ مَعَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَقَدَّمَ قَوْمٌ عُثْمَانَ وَسَكَتُوا، وَرَبَّعُوا بِعَلِيٍّ، وَقَدَّمَ قَوْمٌ عَلِيًّا، وَقَوْمٌ تَوَقَّفُوا، لَكِنِ اسْتَقَرَّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، ثُمَّ عَلِيٍّ، وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ المسْأَلَةُ -مَسْأَلَةُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ- لَيْسَتْ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي يُضَلَّلُ المُخَالِفُ فِيهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ السُّنَّةِ، لَكِنَّ الَّتِي يُضْلَّلُ فِيهَا مَسْأَلَةُ الْخِلَافَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ أَنَّ الخلِيفَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، ثُمَّ عُثْمَانُ، ثُمَّ عَلِيٌّ، وَمَنْ طَعَنَ فِي خِلَافَةِ أَحَدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ؛ فَهُوَ أَضَلُّ مِنْ حِمَارِ أَهْلِهِ.
الشرح
(1)
.
قوله: «ثُمَّ عُمَرُ، وَيُثَلِّثُونَ بِعُثْمَانَ، وَيُرَبِّعُونَ بِعَلِيٍّ- رضي الله عنهم
…
» إلخ. خلاصة هذه المسألة: أن أمر أهل السنة استقرَّ على تقديم عثمانَ على عَلِيٍّ في الفضل، ومن خالف في ذلك فلا يُضَلَّل؛ لكنه خالف ما استقر عليه أهلُ السنة في أمر لا ينبغي له المخالفة فيه.
وأما مَن قدَّم عليًّا على عثمان رضي الله عنهما في الخلافة فإنه ضال، بل يقول المُصَنِّف هنا: هو أضل من حمار أهله.
(1)
الاعتراضات المصرية على الفتيا الحموية ص (79).