الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نبذة تعريفية بالعقيدة الواسطية
نسبة العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام:
لا شك في صحة نسبة العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فقد توافرت الأدلة على ثبوت نسبتها إليه، ويؤكد ذلك الحقائق التالية:
1 -
تصريح شيخ الإسلام بتأليفه لها كما في «مجموع الفتاوى»
(1)
، وهذا سيد الأدلة.
2 -
أن كثيرًا من الذين ترجموا لشيخ الإسلام ابن تيمية نسبوا له هذه العقيدة
(2)
.
3 -
لم ينسبها أحد من الناس لغير شيخ الإسلام ابن تيمية.
سبب تأليفها:
سبب تأليف هذه العقيدة، ذكره شيخُ الإسلام نفسه، إذ قال: «هذه كان سبب كتابتها أنه قدِم عليَّ من أرض (واسط)
(3)
بعضُ قضاة نواحيها - شيخ
(1)
مجموع الفتاوى (3/ 194).
(2)
ينظر: العقود الدرية ص (68)، والدرر الكامنة (1/ 180)، والبدر الطالع (1/ 66)، والعبر (4/ 11)، ومرآة الجنان (4/ 180)، والبداية والنهاية (14/ 42).
(3)
واسط: مدينة بالعراق، بناها الحجاج ين يوسف، وسميت بذلك لأنها وسطٌ بين البصرة والكوفة. ينظر: معجم البلدان (5/ 347).
يقال له: (رضي الدين الواسطي) من أصحاب الشافعي - قدم علينا حاجًّا، وكان من أهل الخير والدين، وشكا ما الناسُ فيه بتلك البلاد وفي دولة التَّتَر من غلبة الجهل والظلم ودروس الدين والعلم، وسألني أن أكتب له عقيدة تكون عمدة له ولأهل بيته، فاستعفيتُ من ذلك وقلت: قد كتب الناس عقائد متعددة؛ فخذ بعض عقائد أئمة السنة، فَأَلَحَّ في السؤال وقال: ما أحب إلا عقيدة تكتبها أنت، فكتبت له هذه العقيدة وأنا قاعد بعد العصر
(1)
، وقد انتشرت بها نسخ كثيرة؛ في مصر؛ والعراق؛ وغيرهما»
(2)
.
سبب تسميتها بالواسطية:
هي نسبة إلى مدينة (واسط) كما في سبب تأليفها المذكور آنفًا، إذ كُتِبَتْ هذه العقيدة لأهلها، وأول من أطلق عليها هذا الاسم شيخ الإسلام نفسه، حيث قال - في حكايته للمناظرة التي حصلت له مع أهل الكلام -: «
…
ثم أرسلت من أحضرها ومعها كراريس بخطي من المنزل، فحضرَت العقيدة الواسطية»
(3)
.
وقال بعضهم: هي نسبة إلى الوسطية - أي وسطية أهل السنة والجماعة -
(1)
ألفها في جلسة، ومن العجيب أن بعضهم يمكث في شرحها سنين، وهذا من بركة العلم، فقد بارك الله للشيخ في علمه، وفتح عليه من العلم الجم والقلم السيال، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة:4].
(2)
مجموع الفتاوى (3/ 164).
(3)
المصدر السابق (3/ 163 - 164).
ولا شك أنها عقيدة وسطية، ولكن نسبتها إلى واسط هو الصواب؛ ولأنه لو كانت نسبتها إلى الوسطية لسُمِّيتْ (العقيدة الوسطية)، لا الواسطية؛ وقد جاء في غِلاف بعض الطبعات المصرية (العقيدة الوسطية) ولعله سهوٌ، أو اعتقاد أنها نسبة إلى الوسطية، وكل ذلك غير صحيح.
تاريخ تأليفها:
أُلِّفت العقيدة الواسطية في حدود سنة (692 هـ)؛ لأن شيخ الإسلام قال في حكايته للمناظرة مع أهل الكلام: «أنا أعلم أن أقوامًا يكذبون عليَّ؛ كما قد كذبوا عليَّ غير مرة، وإن أمليت الاعتقاد من حفظي: ربما يقولون كتم بعضه؛ أو داهن ودارى، فأنا أحضر عقيدة مكتوبة؛ من نحو سبع سنين قبل مجيء التتر إلى الشام»
(1)
، يقصد بذلك العقيدة الواسطية، ومجيء التتر كان سنة (699 هـ)، فإذا نُقص منها سبع سنين صارت (692 هـ).
موضوعها:
اشتملت العقيدة الواسطية على عدد من موضوعات العقيدة، منها: مسائل الأسماء والصفات، ووسطية أهل السنة والجماعة، ومسائل الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر، وحقوق الصحابة وآل البيت، وكرامات الأولياء، وطريقة أهل السنة في السلوك والعمل، وغيرها من المسائل التي هي من أصول مذهب أهل السنة والجماعة، وقد تخلل هذه
(1)
مجموع الفتاوى (3/ 162).
المسائلَ بعضُ القواعد الجامعة في العقيدة.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله في شرحه للقواعد المثلى: «إن قال قائل: ما الفرق بين هذا - أي القواعد المثلى - وبين ما قرأناه من العقيدة الواسطية؟
الجواب: الفرق أن العقيدة الواسطية يتكلم فيها المُصَنِّف رحمه الله عن المسائل، وربما يشير إلى القواعد، لكن الأصل أنه إنما يتكلم عن المسائل، أما هذه فإنها تبحث في القواعد العامة، بقطع النظر عن كل مسألة بعينها، فبينهما فرق، يشبه الفرق بينهما ما بين أصول الفقه والفقه؛ لأن هذه قواعد وما ذكره المُصَنِّف رحمه الله في الواسطية مسائل»
(1)
.
قيمتها العلمية:
تتمثل القيمة العلمية للعقيدة الواسطية في أمور، أبرزها ما يلي:
1 -
تلقي العلماء وطلبة العلم لها بالقبول وثناؤهم عليها، في القديم والحديث، قال الذهبي رحمه الله في حكاية مناظرة شيخ الإسلام:«ووقع الاتفاق على أن هذا معتقد سلفي جيد»
(2)
.
وقال العلامة ابن رجب رحمه الله أيضًا: «ووقع الاتفاق
…
على أن هذه عقيدة سُنية سلفية»
(3)
.
(1)
شرح الواسطية لابن عثيمين الشريط الأول، الوجه الأول.
(2)
نقله ابن عبد الهادي في العقود الدرية ص (212).
(3)
ذيل طبقات الحنابلة (4/ 511).
وقال الشيخ السعدي رحمه الله: «جَمَعت على اختصارها ووضوحها جميعَ ما يجب اعتقاده من أصول الإيمان وعقائده الصحيحة»
(1)
.
وقال شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله: «ومِن كتب العقيدة المهمة كتاب (العقيدة الواسطية) لشيخ الإسلام ابن تيمية؛ فهو كتاب جليل مختصر عظيم الفائدة في مجمل عقيدة أهل السنة والجماعة»
(2)
.
وقال شيخنا الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وهو يوصي ببعض الكتب المهمة -: «كتاب (العقيدة الواسطية)، وتتضمن توحيد الأسماء والصفات، وهي من أحسن ما ألف في هذا الباب، وهي جديرة بالقراءة والمراجعة»
(3)
.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة
(4)
2 -
جلالة مؤلفها، الذي يُعَد من أئمة أهل السنة والجماعة، ومن أكبر المنافحين والمدافعين عن الحق وعن عقيدة السلف، وقد كتب الله له القبول فطبَّق علمُه الآفاقَ، وذاع صيته في جميع المدن والأعماق.
3 -
أَنَّ المُصَنِّف رحمه الله حشد في هذه الرسالة من نصوص الوحيين ما
(1)
التنبيهات اللطيفة ص (13).
(2)
مجموع فتاوى ابن باز (27/ 396).
(3)
مجموع فتاوى ورسائل العثيمين (26/ 341)، وكتاب العلم له ص (70).
(4)
(2/ 242).
يشفي ويكفي
(1)
؛ ولذا جاءت بعض الأبواب والفصول وليس فيها غير الآيات والأحاديث، وقد أشار إلى هذا شيخ الإسلام بنفسه، فقال:«تحريت في هذه العقيدة اتباع الكتاب والسنة»
(2)
، وقال أيضًا:«وكل لفظ ذكرته فأنا أذكر به آية أو حديثًا أو إجماعًا سلفيًّا»
(3)
.
4 -
أَنَّ المُصَنِّف رحمه الله تحرى في هذه العقيدة ما أجمع عليه سلفُ هذه الأمة؛ من القرون المفضلة ومن بعدهم، لذلك جاءت محكمة متقنة؛ ويقول في ذلك: «وقلت مرَّاتٍ: قد أمهلتُ كل من خالفني في شيء منها ثلاثَ سنين؛ فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة التي أثنى عليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم
…
يخالفُ ما ذكرتُه فأنا أرجعُ عن ذلك»
(4)
.
شروحها والتعليقات عليها:
لقد اعتنى العلماء وطلبة العلم بهذه العقيدة؛ حفظًا، وتدريسًا، وقد شرحت بشروح كثيرة منها:
1 -
التنبيهات اللطيفة على ما احتوت عليه الواسطية من المباحث المنيفة: للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376 هـ).
(1)
وهذا فيه فائدة لطالب العلم؛ وهي أن يدعم ما يقول ويكتب بنصوص الكتاب والسنة، وأن لا يكون كلامه خاليًا منهما؛ فيصير جافًّا من دونهما.
(2)
مجموع الفتاوى (3/ 165).
(3)
المصدر السابق (3/ 189).
(4)
المصدر السابق (3/ 169).
2 -
التعليقات السَّنِيَّة على العقيدة الواسطية: للشيخ فيصل بن عبد العزيز آل مبارك (ت:1376 هـ).
3 -
شرح العقيدة الواسطية: من تقريرات الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (ت:1389 هـ)، كتبها ورتبها: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم.
4 -
شرح العقيدة الواسطية: للشيخ محمد خليل هرَّاس (ت:1395 هـ).
5 -
حاشية على العقيدة الواسطية: للشيخ محمد بن عبد العزيز بن محمد ابن مانع (ت:1394 هـ).
6 -
الروضة النديَّة شرح العقيدة الواسطية: للشيخ زيد بن عبد العزيز بن فياض (ت:1416 هـ).
7 -
التَّنبيهات السنيَّة على العقيدة الواسطية: للشيخ عبد العزيز الناصر الرشيد (ت:1418 هـ).
8 -
شرح العقيدة الواسطية: للشيخ محمد بن صالح العثيمين (ت:1421 هـ).
9 -
الكواشف الجليَّة عن معاني الواسطية: للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان (ت:1422 هـ).
10 -
الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية: للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان أيضًا (ت:1422 هـ).
11 -
شرح العقيدة الواسطية: للشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان.
12 -
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية: للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن
الجبرين (ت:1430 هـ).
13 -
توضيح مقاصد العقيدة الواسطية: للشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك.
14 -
اللآلئ البهية في شرح العقيدة الواسطية: لمعالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ.
15 -
الأسئلة النجدية على العقيدة الواسطية: للشيخ محمد بن علي بن سليمان الرُّوق.
16 -
الفوائد السنية على العقيدة الواسطية: للشيخ عبد الله بن صالح بن محمد القصير.
17 -
شرح العقيدة الواسطية: للشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني.
18 -
التعليقات المفيدة على العقيدة الواسطية: للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن علي الشريف.
19 -
شرح العقيدة الواسطية من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية: للشيخ خالد بن عبد الله المصلح.
20 -
شرح العقيدة الواسطية: للشيخ خالد بن عبد الله باحميد الأنصاري.
21 -
الجلسات الطلابية لشرح العقيدة الواسطية: لشيخنا عبد الله بن محمد الغنيمان.
بسم الله الرحمن الرحيم
الشرح
قوله: «بِسْمِ الله» ابتدأ المُصَنِّف هذه الرسالة بالبسملة اقتداءً بالكتاب العزيز، إذ جاءت البسملة في أول سور القرآن؛ واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكاتباته؛ كما في كتابه لهرقل، إذ ابتدأ بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)؛ فعن ابن عباس أن أبا سفيان أخبره، قال:«دَخَلْنَا عَلَى هِرَقْلَ فَأَجْلَسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهدَى أَمَّا بَعْدُ»
(1)
.
أما الحديث الشهير، الذي روي من طريق أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«كُلُّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَقْطَعُ»
(2)
، وفي رواية:«أبتر»
(3)
، وفي رواية:«لا يُبْدَأ فِيهِ بِالحمْدِ للهِ فَهُوَ أَقْطَع»
(4)
فهو
(1)
صحيح البخاري (1/ 8) رقم (7)، وصحيح مسلم (3/ 1393) رقم (1773).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ الخطيبُ البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي (2/ 69).
(3)
هذه الرواية عند عبد القادر الرُّهاوي في كتاب الأربعين ص (5).
(4)
هذه الرواية عند أبي داود (4/ 261) رقم (4840)، وابن ماجه (1/ 610) رقم (1894)، والدارقطني (1/ 427) رقم (883)، وابن حبان (1/ 173) رقم (1)، والبيهقي في شعب الإيمان (6/ 214) رقم (4062)، وإسنادها ضعيف، قال أبو داود:«رواه يونس، وعقيل، وشعيب، وسعيد بن عبد العزيز، عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا» .
الحَمْدُ لله
الشرح
غير صحيح، ولا يثبت في البسملة والحمدلة عن النبي صلى الله عليه وسلم شيءٌ.
«بِسْمِ الله» : (الباء) للاستعانة؛ أراد المُصَنِّف أن يستعين بالله تعالى على تأليف هذه الرسالة، والاستعانة بالله على شؤون العبد العامة والخاصة من أسباب التوفيق والسعادة.
(1)
.
قوله: «الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ» : اسمان كريمان لله عز وجل من أسمائه الحسنى يدلان على صفة الرحمة لله جل وعز، والفرق بينهما أن «الرَّحْمَن»: ذو الرحمة العامة لجميع الخلق، و «الرَّحِيم»: ذو الرحمة الخاصة بالمؤمنين، كما قال تعالى:{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: (43)].
قوله: «الحَمْدُ لله» : معناها وصف المحمود بأوصاف الكمال، مع المحبة والتعظيم والإجلال، وجميع أوصاف الكمال ثابتة لله تعالى على أتم الوجوه وأكملها.
(1)
مدارج السالكين (1/ 96).