المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل المتوكل وأهل الذمة] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذكر الجزية] [

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ] [

- ‌فصل‌‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِوحكمتها وسببها]

- ‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِ

- ‌[ادِّعَاءُ يَهُودِ خَيْبَرَ إِسْقَاطَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ وَرَدُّ ذَلِكَ]

- ‌[الْحِكْمَةُ مِنْ إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا]

- ‌[شُبْهَةٌ وَجَوَابُهَا]

- ‌[سَبَبُ وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيمُ الْفَيْءِ وَالْخُمْسِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسُوغُ إِطْلَاقُ حُكْمِ اللَّهِ عَلَى مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ إِلَّا مَا عُلِمَ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ يَقِينًا]

- ‌[فصل نرجع إِلَى الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَتِ الْجِزْيَةُ أُجْرَةً عَنْ سُكْنَى الدَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَصْنَافُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهَا الْجِزْيَةُ]

- ‌[الْجِزْيَةُ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِالشَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَحِلُّ تَكْلِيفُهُمْ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَلَا تَعْذِيبُهُمْ عَلَى أَدَائِهَا وَلَا حَبْسُهُمْ وَضَرْبُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى تَجِبُ الْجِزْيَةُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مَجْنُونٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إِنْ بَذَلَتِ الْجِزْيَةَ مِنْ نَفْسِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا بَلَغُوا وَالْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُهْبَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الذِّمِّيُّ يَتَرَهَّبُ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَلَّاحُو أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَزْوِيرُ يَهُودِ خَيْبَرَ كِتَابًا فِي إِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ مَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أُعْتِقَ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أَسْلَمَ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَافِرُ إِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ]

- ‌[فَصْلٌ إِنِ اجْتَمَعَتْ عَلَى الذِّمِّيِّ جِزْيَةُ سِنِينَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ بَذْلِ الْجِزْيَةِ أَوِ الْخَرَاجِ مِنْ عَيْنِ مَا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ]

- ‌[فصل أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَنِي تَغْلِبَ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفِيَّةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَرَاءُ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ نَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنَ التَّغْلِبِيِّ بَدَلًا مِنَ الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ غَيْرِ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُنَاكَحَةِ وَحِلِّ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الضَّمَانِ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّابِئَةِ واخْتَلاف النَّاس فِيهِمُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ اسْتِسْلَافِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ اتِّفَاقٍ وَافْتِرَاقٍ]

- ‌[ذكر أَصْلُ الْخَرَاجِ وَابْتِدَاءُ وَضْعِهِ وَأَحْكَامُهُ] [

- ‌فصل أَنْوَاعُ أَرْضِ الْخَرَاجِ] [

- ‌النوع الأول أَرْضٌ اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ إِحْيَاءَهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَا مُلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَقَهْرًا]

- ‌[بَيْعُ أرض الخراج وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا وَإِجَارَتُهَا]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنْ يُقِرَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ بِخَرَاجٍ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ أَرْضٌ جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا فَخَلَّصَهَا الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ أَرْضٌ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى نُزُولِهِمْ عَنْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لَنَا وَتُقَرُّ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ وَضْعِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ قَدْرُ الْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَرَاجُ يُوضَعُ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الزَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَادَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ زِيَادَةً عَارِضَةً]

- ‌[فَصْلٌ الْأَرْضُ الَّتِي يُمْكِنُ زَرْعُهَا خَرَاجُهَا وَاجِبٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَقْلِ أَرْضِ الْخَرَاجِ إِلَى الْعُشْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ هَلْ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ خَرَاجُ الْأَرْضِ الَّتِي تَمَّ تَأْجِيرُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ عَامِلِ الصَّدَقَةِ وَرَبِّ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ ادِّعَاءُ رَبِّ الْأَرْضِ دَفْعَ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ أَعْسَرَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ مَاطَلَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ ظُلِمَ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْإِمَامِ إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ وَتَرْكُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ أَرْضِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءُ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ] [

- ‌فصل أَمْوَالُهُمُ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا فِي الْمُقَامِ]

- ‌[فَصْلٌ أَمْوَالهم الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يُؤْخَذُ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ في أخذ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَّى أُخِذَ مِنْهُمْ مَرَّةً كُتِبَ لَهُمْ حُجَّةٌ بِأَدَائِهِمْ لِتَكُونَ وَثِيقَةً لَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الْعُشُورُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى الذِّمِّيِّ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَرْبِيُّ الْمُعَاهَدُ هَلْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ تَاجِرٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْشَرُونَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً]

- ‌[فَصْلٌ عُشْرُ الْأَمْوَالِ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ مِنَّا إِذَا دَخَلْنَا إِلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَأْخُذُوهُ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ فيما يؤخذ من الذمي إذا مر ببلاد الإسلام]

- ‌[ذكر الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا] [

- ‌فَصْلٌ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ أَحْمَدَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مذهب أَبُو حَنِيفَةَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[ذكر معاملة أهل الذمة عند اللقاء] [

- ‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بِالسَّلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفَ نَرُدُّ عَلَى أهل الذمة إِذَا تَحَقَّقَ لَدَيْنَا أَنَّهُمْ قَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُهُودِ جَنَائِزِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْزِيَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهْنِئَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدُ مُسْلِمٍ]

- ‌[ذكر الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ] [

- ‌فَصْلٌ الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَالِ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ] [

- ‌فصل حَالُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَالُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَهْدِيُّ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَارُونُ الرَّشِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَأْمُونُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُتَوَكِّلُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الرَّاضِي بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْآمِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فصل مَا يُلْزَم بِهِ أهل الذمة مِنَ اللِّبَاسِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غِشِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَدَاوَتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَوْلِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَ شُئُونِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَلِكُ الصَّالِحُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[ذكر ذبائح أهل الذمة] [

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ فِي أَحْكَامِ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[المسألة الأولى مَا تَرَكُوا التَّسْمِيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا ذَكَرُوا اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِمْ فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي الطَّرِيفَا وَهُوَ مَا لَصِقَتْ رِئَتُهُ بِالْجَنْبِ هَلْ يُحَرَّمُ عَلَيْنَا]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ مُعَامَلَة أهل الذمة] [

- ‌فصل الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ من أهل الذمة]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرِكَتِهِمْ وَمُضَارَبَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِئْجَارِهِمْ وَاسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إِجَارَةُ دَارِ الْمُسْلِمِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ أَوْقَافِهِمْ وَوَقْفِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوَصِيَّةِ لِلْكُفَّارِ]

الفصل: ‌[فصل المتوكل وأهل الذمة]

الْمَأْمُونُ وَوَصَلَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، قَالَ الْكِسَائِيُّ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ وَلَا تَعْمَلُ بِهِ؟ فَأَمَرَ الْمَأْمُونُ بِإِحْضَارِ الذِّمَّةِ، فَكَانَ عِدَّةُ مَنْ صَرَفَ وَسَجَنَ أَلْفَيْنِ وَثَمَانِ مِائَةٍ، وَبَقِيَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ مُنْحَازِينَ إِلَى حِمَايَةِ بَعْضِ جِهَاتِهِ، فَخَرَجَ تَوْقِيعُهُ بِمَا نُسْخَتُهُ:" أَخْبَثُ الْأُمَمِ الْيَهُودُ، وَأَخْبَثُ الْيَهُودِ السَّامِرَةُ، وَأَخْبَثُ السَّامِرَةِ بَنُو فُلَانٍ، فَلْيُقْطَعْ مَا بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ دِيوَانِ الْجَيْشِ وَالْخَرَاجِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ".

وَدَخَلَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ عَلَى الْمَأْمُونِ وَفِي مَجْلِسِهِ يَهُودِيٌّ جَالِسٌ فَأَنْشَدَهُ:

يَابْنَ الَّذِي طَاعَتُهُ فِي الْوَرَى

وَحُكْمُهُ مُفْتَرَضٌ وَاجِبُ

إِنَّ الَّذِي عُظِّمْتَ مِنْ أَجْلِهِ

يَزْعُمُ هَذَا أَنَّهُ كَاذِبُ

فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ: أَصَحِيحٌ مَا يَقُولُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ.

[فَصْلٌ الْمُتَوَكِّلُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

92 -

فَصْلٌ

[الْمُتَوَكِّلُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

وَأَمَّا الْمُتَوَكِّلُ فَإِنَّهُ صَرَفَ أَهْلَ الذِّمَّةِ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَغَيَّرَ زِيَّهُمْ فِي

ص: 467

مَرَاكِبِهِمْ وَمَلَابِسِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّ الْمُبَاشِرِينَ مِنْهُمْ لِلْأَعْمَالِ كَثُرُوا فِي زَمَانِهِ وَزَادُوا عَلَى الْحَدِّ، وَغَلَبُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ لِخِدْمَةِ أُمِّهِ وَأَهْلِهِ وَأَقَارِبِهِ، وَذَلِكَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، فَكَانَتِ الْأَعْمَالُ الْكِبَارُ كُلُّهَا أَوْ عَامَّتُهَا إِلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ النَّوَاحِي، وَكَانُوا قَدْ أَوْقَعُوا فِي نَفْسِ الْمُتَوَكِّلِ مِنْ مُبَاشَرِي الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا وَأَنَّهُمْ بَيْنَ مُفَرِّطٍ وَخَائِنٍ، وَعَمِلُوا عَمَلًا بِأَسْمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَسْمَاءِ بَعْضِ الذِّمَّةِ لِيَنْفُوا التُّهْمَةَ وَأَوْجَبُوا بِاسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَالًا كَثِيرًا، وَعُرِضَ عَلَى الْمُتَوَكِّلِ فَأُغْرِيَ بِهِمْ وَظَنَّ مَا أَوْجَبُوا مِنْ ذَلِكَ حَقًّا، وَأَنَّ الْمَالَ فِي جِهَاتِهِمْ كَمَا أَوْجَبُوهُ، وَدَخَلَ سَلَمَةُ بْنُ سَعِيدٍ النَّصْرَانِيُّ عَلَى الْمُتَوَكِّلِ وَكَانَ يَأْنَسُ بِهِ وَيُحَاضِرُهُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ فِي الصَّحَارِي وَالصَّيْدِ، وَخَلْفَكَ مَعَادِنُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَنْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَيَمْلَؤُهَا ذَهَبًا عِوَضًا عَنِ الْفَاكِهَةِ.

ص: 468

فَقَالَ لَهُ الْمُتَوَكِّلُ: عِنْدَ مَنْ؟ فَقَالَ: عِنْدَ الْحُسَيْنِ بْنِ مُخَلَّدٍ، وَأَحْمَدَ بْنِ إِسْرَائِيلَ، وَمُوسَى بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمَيْمُونِ بْنِ هَارُونَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ اسْمُهُ ثَابِتٌ فِي الْعَمَلِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ الْمَرْفُوعِ لِلْمُتَوَكِّلِ، فَقَالَ لَهُ الْمُتَوَكِّلُ: مَا تَقُولُ فِي عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى؟ فَسَكَتَ، فَقَالَ: بِحَيَاتِي عَلَيْكَ قُلْ لِي مَا عِنْدَكَ، فَقَالَ: قَدْ حَلَّفْتَنِي بِحَيَاتِكَ وَلَا بُدَّ لِي مِنْ صِدْقِكَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَقَدْ صَاغَ لَهُ صَوَالِجَةً وَأُكْرُمَنَ ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِينَارٍ، فَقُلْتُ لَهُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَضْرِبُ كُرَةً مِنْ جُلُودٍ بِصَوْلَجَانٍ مِنْ خَشَبٍ وَأَنْتَ تَضْرِبُ كُرَةً مِنْ فِضَّةٍ بِصَوْلَجَانٍ مِنْ فِضَّةٍ! ! فَالْتَفَتَ الْمُتَوَكِّلُ إِلَى الْفَتْحِ بْنِ خَاقَانَ وَقَالَ: ابْعَثْ فَأَحْضِرْ هَؤُلَاءِ، وَضَيِّقْ عَلَيْهِمْ. فَحَضَرَتْ جَمَاعَةُ الْكُتَّابِ وَعَلِمُوا مَا وَقَعُوا فِيهِ مِنَ الْكَافِرِ، فَاجْتَمَعُوا إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى فَأَنْفَذَ مَعَهُمْ كَاتَبَهُ إِلَى سَلَمَةَ، وَعَاتَبَهُ فِيمَا جَرَى مِنْهُ،

ص: 469

فَحَلَفَ إِنَّنِي لَمْ أَفْعَلْ مَا فَعَلْتُهُ إِلَّا عَلَى سُكْرٍ، وَلَمْ أَقُلْ مَا قُلْتُهُ عَنْ حَقِيقَةٍ فَأَخَذَ خَطَّهُ بِذَلِكَ، فَدَخَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى عَلَى الْمُتَوَكِّلِ وَعَرَّفَهُ مَأْثَمَةَ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى خَطِّ سَلَمَةَ وَقَالَ: هَذَا قَصْدُهُ أَنْ يَخْلُوَ أَرْكَانُ دَوْلَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُتَّابِ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَمَكَّنَ هُوَ وَرَهْطُهُ مِنْهَا.

وَكَانَ الْمُتَوَكِّلُ قَدْ جَعَلَ فِي مَوْكِبِهِ مَنْ يَأْخُذُ الْمُتَظَلِّمِينَ وَيُحْضِرُهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى خَلْوَةٍ، فَأُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْخٌ كَبِيرٌ، فَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ، وَأَنَّ سَعِيدَ بْنَ عَوْنٍ النَّصْرَانِيَّ غَصَبَهُ دَارَهُ، فَلَمَّا وَقَفَ الْمُتَوَكِّلُ عَلَى قِصَّةِ الشَّيْخِ اشْتَدَّ غَضَبُهُ إِلَى أَنْ كَادَتْ تَطِيرُ أَزْرَارُهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ إِلَى صَالِحٍ عَامِلِهِ بِرَدِّ دَارِهِ.

قَالَ الْفَتْحُ بْنُ خَاقَانَ: فَقُمْتُ نَاحِيَةً لِأَكْتُبَ لَهُ بِمَا أَمَرَنِي فَأَتْبَعَنِي رَسُولًا يَسْتَحِثُّنِي فَبَادَرْتُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَفَ عَلَى الْكِتَابِ زَادَ فِيهِ بِخَطِّهِ: نُفِيتُ عَنِ الْعَبَّاسِ؛ لَئِنْ خَالَفْتَ فِيمَا أَمَرْتُ بِهِ لَأُوَجِّهَنَّ مَنْ يَجِيئُنِي بِرَأْسِكَ، وَوَصَلَ الشَّيْخَ بِأَلْفِ دِينَارٍ، وَبَعَثَ مَعَهُ حَاجِبًا، وَكَثُرَ تَظَلُّمُ النَّاسِ مِنْ كُتَّابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَتَتَابَعَتِ الْإِغَاثَاتُ.

وَحَجَّ الْمُتَوَكِّلُ تِلْكَ السَّنَةَ، فَرُئِيَ رَجُلٌ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيَدْعُو عَلَى الْمُتَوَكِّلِ فَأَخَذَهُ الْحَرَسُ وَجَاءُوا بِهِ سَرِيعًا فَأَمَرَ بِمُعَاقَبَتِهِ، فَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا قُلْتُ مَا قُلْتُهُ إِلَّا وَقَدْ أَيْقَنْتُ بِالْقَتْلِ، فَاسْمَعْ كَلَامِي وَمُرْ

ص: 470

بِقَتْلِي، فَقَالَ: قُلْ، فَقَالَ: سَأُطْلِقُ لِسَانِي بِمَا يُرْضِي اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُغْضِبُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، قَدِ اكْتَنَفَتْ دَوْلَتَكَ كُتَّابٌ مِنَ الذِّمَّةِ أَحْسَنُوا الِاخْتِيَارَ لِأَنْفُسِهِمْ، وَأَسَاءُوا الِاخْتِيَارَ لِلْمُسْلِمِينَ وَابْتَاعُوا دُنْيَاهُمْ بِآخِرَةِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، خِفْتَهُمْ وَلَمْ تَخَفِ اللَّهَ وَأَنْتَ مَسْئُولٌ عَمَّا اجْتَرَحُوا وَلَيْسُوا مَسْئُولِينَ عَمَّا اجْتَرَحْتَ، فَلَا تُصْلِحْ دُنْيَاهُمْ بِفَسَادِ آخِرَتِكَ، فَإِنَّ أَخْسَرَ النَّاسِ صَفْقَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ أَصْلَحَ دُنْيَا غَيْرِهِ بِفَسَادِ آخِرَتِهِ، وَاذْكُرْ لَيْلَةً تَتَمَخَّضُ صَبِيحَتُهَا عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَوَّلَ لَيْلَةٍ يَخْلُو الْمَرْءُ فِي قَبْرِهِ بِعَمَلِهِ، فَبَكَى الْمُتَوَكِّلُ إِلَى أَنَّ غُشِيَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ الرَّجُلَ فَلَمْ يُوجَدْ، فَخَرَجَ أَمْرُهُ بِلُبْسِ النَّصَارَى وَالْيَهُودِ الثِّيَابَ الْعَسَلِيَّةَ، وَأَلَّا يُمَكَّنُوا مِنْ لُبْسِ الثِّيَابِ لِئَلَّا يَتَشَبَّهُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَلْتَكُنْ رُكُبُهُمْ خَشَبًا، وَأَنْ تُهَدَّمَ بِيَعُهُمُ الْمُسْتَجَدَّةُ، وَأَنْ تُطَبَّقَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ وَلَا يُفْسَحَ لَهُمْ فِي دُخُولِ حَمَّامَاتِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يُفْرَدَ لَهُمْ حَمَّامَاتٌ خَدَمُهَا ذِمَّةٌ، وَلَا يَسْتَخْدِمُوا مُسْلِمًا فِي حَوَائِجِهِمْ لِنُفُوسِهِمْ، وَأَفْرَدَ لَهُمْ مَنْ يَحْتَسِبُ عَلَيْهِمْ وَكَتَبَ كِتَابًا نُسْخَتُهُ:

" أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى الْإِسْلَامَ دِينًا فَشَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ وَأَنَارَهُ وَنَصَرَهُ وَأَظْهَرَهُ وَفَضَّلَهُ وَأَكْمَلَهُ، فَهُوَ الدِّينُ لَا يُقْبَلُ غَيْرُهُ، قَالَ تَعَالَى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] ، بَعَثَ بِهِ صَفِيَّهُ وَخِيرَتَهُ مِنْ خَلْقِهِ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم فَجَعَلَهُ خَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَإِمَامَ الْمُتَّقِينَ، وَسَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ:{لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [يس: 70]، وَأَنْزَلَ كِتَابًا عَزِيزًا:{لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 42] ،

ص: 471

أَسْعَدَ بِهِ أُمَّتَهُ وَجَعَلَهُمْ: {خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} [آل عمران: 110] .

وَأَهَانَ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ وَوَضَعَهُمْ وَصَغَّرَهُمْ وَقَمَعَهُمْ وَخَذَلَهُمْ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ وَضَرَبَ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةَ وَالْمَسْكَنَةَ، وَقَالَ:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29] .

وَطَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَخَبَّثَ سَرَائِرَهُمْ وَضَمَائِرَهُمْ، فَنَهَى عَنِ ائْتِمَانِهِمْ وَالثِّقَةِ بِهِمْ لِعَدَاوَتِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ، وَغِشِّهِمْ وَبَغْضَائِهِمْ فَقَالَ:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ} [آل عمران: 118] .

وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 144] .

ص: 472

وَقَالَ: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ} [آل عمران: 28] .

وَقَالَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51] .

وَقَدِ انْتَهَى إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ أُنَاسًا لَا رَأْيَ لَهُمْ وَلَا رَوِيَّةَ، يَسْتَعِينُونَ بِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَفْعَالِهِمْ، وَيَتَّخِذُونَهُمْ بِطَانَةً مِنْ دُونِ الْمُسْلِمِينَ، وَيُسَلِّطُونَهُمْ عَلَى الرَّعِيَّةِ فَيَعْسِفُونَهُمْ، وَيَبْسُطُونَ أَيْدِيَهُمْ إِلَى ظُلْمِهِمْ وَغَشَمِهِمْ وَالْعُدْوَانِ عَلَيْهِمْ، فَأَعْظَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ذَلِكَ وَأَنْكَرَهُ وَأَكْبَرَهُ وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ مِنْهُ، وَأَحَبَّ التَّقَرُّبَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِحَسْمِهِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ، وَرَأَى أَنْ يَكْتُبَ إِلَى عُمَّالِهِ عَلَى الْكُوَرِ وَالْأَمْصَارِ وَوُلَاةِ الثُّغُورِ وَالْأَجْنَادِ فِي تَرْكِ اسْتِعْمَالِهِمْ لِلذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَأُمُورِهِمْ، وَالْإِشْرَاكِ لَهُمْ فِي أَمَانَاتِهِمْ وَمَا قَلَّدَهُمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتَحْفَظَهُمْ إِيَّاهُ، وَجَعَلَ فِي الْمُؤْمِنِينَ الثِّقَةَ فِي الدِّينِ وَالْأَمَانَةَ عَلَى إِخْوَانِهِمُ الْمُؤْمِنِينَ، وَحُسْنَ الرِّعَايَةِ لِمَا اسْتَرْعَاهُمْ، وَالْكِفَايَةَ لِمَا اسْتُكْفُوا، وَالْقِيَامَ بِمَا حُمِّلُوا، مَا أَغْنَى عَنِ الِاسْتِعَانَةِ بِالْمُشْرِكِينَ بِاللَّهِ الْمُكَذِّبِينَ بِرُسُلِهِ الْجَاحِدِينَ لِآيَاتِهِ الْجَاعِلِينَ مَعَهُ إِلَهًا آخَرَ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

ص: 473