الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْحُجَّةُ فِي هَذَا قِصَّةُ بَنِي تَغْلِبَ وَقِيَاسُهُمْ عَلَيْهِمْ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ يَقُولُ: أَهْلُ الْكِتَابِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ فِي مَوَاشِيهِمْ صَدَقَةٌ، وَلَا فِي أَمْوَالِهِمْ، إِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْجِزْيَةُ إِلَّا أَنْ يَكُونُوا صُولِحُوا عَلَى أَنْ تُؤْخَذَ مِنْهُمْ - كَمَا صَنَعَ عُمَرُ رضي الله عنه بِنَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ حِينَ أَضْعَفَ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ فِي صُلْحِهِ إِيَّاهُمْ - إِذَا كَانُوا فِي مَعْنَاهُمْ.
أَمَّا قِيَاسُ مَنْ لَمْ يُصَالِحْ عَلَيْهِمْ فِي جَعْلِ جِزْيَتِهِمْ صَدَقَةً فَلَا يَصِحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
[فَصْلٌ فِي مُنَاكَحَةِ وَحِلِّ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ]
31 -
فَصْلٌ
[فِي مُنَاكَحَةِ وَحِلِّ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ]
وَأَمَّا مُنَاكَحَتُهُمْ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلصَّحَابَةِ، وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ:
إِحْدَاهُمَا: لَا تَحِلُّ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وَالشَّافِعِيِّ رحمه الله وَطَرَدَ الشَّافِعِيُّ الْمَنْعَ فِي ذَبَائِحِ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
كُلِّهِمْ.
وَاخْتُلِفَ فِي مَأْخَذِ هَذَا الْقَوْلِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَمْ يَتَحَقَّقْ دُخُولُهُمْ فِي الدِّينِ قَبْلَ التَّبْدِيلِ، فَلَا يَثْبُتُ لَهُمْ حُكْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَهَذَا الْمَأْخَذُ جَارٍ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَا فِيهِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى: إِنَّهُمْ لَمْ يَدِينُوا بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلِ انْتَسَبُوا إِلَيْهِ وَلَمْ يَتَمَسَّكُوا بِهِ عَمَلًا، وَهَذَا مَأْخَذُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا مِنْ دِينِهِمْ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَهَذَا الْمَأْخَذُ أَصَحُّ وَأَفْقَهُ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهُ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُمْ وَذَبَائِحُهُمْ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عَنْ أَحْمَدَ رَوَاهُ عَنْهُ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ آخِرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ: وَكَانَ آخِرَ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَرَى بِذَبَائِحِهِمْ بَأْسًا.