الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]
17 -
فَصْلٌ
[تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]
وَأَهْلُ خَيْبَرَ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْيَهُودِ فِي الذِّمَّةِ وَالْجِزْيَةِ سَوَاءٌ، لَا يُعْلَمُ نِزَاعٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي ذَلِكَ.
وَرَأَيْتُ لِشَيْخِنَا فِي ذَلِكَ فَصْلًا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّهِ بِلَفْظِهِ قَالَ: " وَالْكِتَابُ الَّذِي بِأَيْدِي الْخَيَابِرَةِ الَّذِي يَدَّعُونَ أَنَّهُ بِخَطِّ عَلِيٍّ فِي إِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ بَاطِلٌ، وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ شُرَيْحٍ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَالْقَاضِي الْمَاوَرْدِيِّ وَأَبِي مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إِجْمَاعٌ وَصِدْقٌ ".
قَالَ: " هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، ثَابِتٌ بِالْعُمُومِ لَفْظًا وَمَعْنًى، وَهُوَ عُمُومٌ مَنْقُولٌ بِالتَّوَاتُرِ لَمْ يَخُصَّهُ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ أَوَّلَهُ الشَّرْعُ فَيَمْتَنِعُ تَخْصِيصُهُ بِمَا لَا تُعْرَفُ صِحَّتُهُ وَلَا وُجِدَ أَيْضًا فِي الشَّرِيعَةِ لِلْمُخَصِّصِ، فَإِنَّ الْوَاحِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِثْلَ أَبِي بُرْدَةَ
بْنِ دِينَارٍ وَسَالِمٍ أَبِي حُذَيْفَةَ إِنَّمَا خُصَّ بِحُكْمٍ لِقِيَامِ مَعْنًى اخْتُصَّ بِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْيَهُودُ وَأَعْقَابُهُمْ، بَلِ الْخَيَابِرَةُ قَدْ صَدَرَ مِنْهُمْ مُحَارَبَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَفِي قِتَالِ عَلِيٍّ لَهُمْ مَا يَكُونُونَ بِهِ أَحَقَّ بِالْإِهَانَةِ، فَأَمَّا الْإِكْرَامُ وَتَرْكُ الْجِهَادِ إِلَى الْغَايَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا فِي أَهْلِ دِينِهِمْ فَلَا وَجْهَ لَهُ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَضْرِبْ جِزْيَةً رَاتِبَةً عَلَى مَنْ حَارَبَهُ مِنَ الْيَهُودِ، لَا بَنِي قَيْنُقَاعَ وَلَا النَّضِيرِ وَلَا قُرَيْظَةَ وَلَا خَيْبَرَ، بَلْ نَفَى بَنِي قَيْنُقَاعَ إِلَى أَذْرِعَاتٍ، وَأَجْلَى النَّضِيرَ إِلَى خَيْبَرَ، وَقَتَلَ قُرَيْظَةَ وَقَاتَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ، فَأَقَرَّهُمْ فَلَّاحِينَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَأَمَرَ بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ
جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، لَكِنْ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا أَوْ عَدْلَهُ مَعَافِرَ.
قُلْتُ: وَمَقْصُودُ شَيْخِنَا: أَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ وَغَيْرَهُمْ مِنَ الْيَهُودِ كَانُوا فِي حُكْمِهِ سَوَاءً، فَلَمْ يَأْخُذِ الْجِزْيَةَ مِنْ غَيْرِهِمْ حَتَّى أَسْقَطَهَا عَنْهُمْ، فَإِنَّ الْجِزْيَةَ إِنَّمَا نَزَلَتْ فَرِيضَتُهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْيَهُودِ وَحَرْبِهِمْ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي سُورَةِ " بَرَاءَةٌ " عَامَ حَجَّةِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه سَنَةَ تِسْعٍ، وَقِتَالَهُ لِأَهْلِ خَيْبَرَ كَانَ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَكَانَتْ خَيْبَرُ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ جَعَلَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ شُكْرَانًا لِأَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ وَصَبْرِهِمْ، كَمَا جَعَلَ فَتْحَ قُرَيْظَةَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ شُكْرَانًا وَجَبْرًا لِمَا حَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ، وَكَمَا جَعَلَ النَّضِيرَ بَعْدَ أُحُدٍ كَذَلِكَ وَجَعَلَ قَيْنُقَاعَ بَعْدَ بَدْرٍ، وَكُلُّ وَاقِعَةٍ مِنْ وَقَائِعِ رَسُولِ اللَّهِ