الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَضْبُوطًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ، وَشَهْرٍ وَشَهْرٍ، وَنَحْوِهِ فَفِيهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالَتِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّانِي: تُلَفَّقُ أَيَّامُ إِفَاقَتِهِ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَفِي مِقْدَارِ وَقْتِ جِزْيَتِهِ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ لَهُ مِنْ أَيَّامِ إِفَاقَتِهِ حَوْلٌ أُخِذَتْ مِنْهُ الْجِزْيَةُ.
وَالثَّانِي: تُؤْخَذُ مِنْهُ فِي آخِرِ كُلِّ حَوْلٍ بِقَدْرِ إِفَاقَتِهِ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يُجَنُّ ثُلُثَ الْحَوْلِ وَيُفِيقُ ثُلُثَيْهِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَفِيهِ الْوَجْهَانِ كَمَا ذَكَرْنَا، فَإِنِ اسْتَوَتْ إِفَاقَتُهُ وَجُنُونُهُ وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لُفِّقَتْ إِفَاقَتُهُ بِقَدْرِ اعْتِبَارِ الْأَغْلَبِ لِعَدَمِهِ فَتَعَيَّنَ التَّلْفِيقُ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُجَنَّ نِصْفَ حَوْلٍ ثُمَّ يُفِيقَ إِفَاقَةً مُسْتَمِرَّةً أَوْ يُفِيقَ نِصْفَهُ ثُمَّ يُجَنَّ جُنُونًا مُسْتَمِرًّا فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ جُنُونِهِ وَعَلَيْهِ مِنْهَا بِقَدْرِ مَا أَفَاقَ مِنَ الْحَوْلِ.
[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهَا]
12 -
فَصْلٌ.
وَلَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهَا: هَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَلِلشَّافِعِيِّ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ هَذَا أَحَدُهَا.
وَالثَّانِي: يَجِبُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، أَوْ لَا سَبِيلَ إِلَى إِقَامَتِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ.
وَالثَّانِي: تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ إِذَا قَدَرَ عَلَيْهَا.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى عَاجِزٍ عَنْهَا، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِنَّمَا فَرَضَهَا عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى الْفَقِيرِ الْمُعْتَمِلِ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ أَدَائِهَا بِالْكَسْبِ، وَقَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ كُلُّهَا تَقْتَضِي أَلَّا تَجِبَ عَلَى عَاجِزٍ كَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالْخَرَاجِ وَ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [الطلاق: 7] ، وَلَا وَاجِبَ مَعَ عَجْزٍ وَلَا حَرَامَ مَعَ ضَرُورَةٍ.
فَإِنْ قِيلَ: نَحْنُ لَا نُكَلِّفُهُ بِهَا فِي حَالِ إِعْسَارِهِ بَلْ تَسْتَقِرُّ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ، فَمَتَى أَيْسَرَ طُولِبَ بِهَا لِمَا مَضَى كَسَائِرِ الدُّيُونِ، قِيلَ: هَذَا مَعْقُولٌ فِي دُيُونِ الْآدَمِيِّينَ، وَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَوْجَبَهَا عَلَى الْقَادِرِينَ دُونَ الْعَاجِزِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: الْجِزْيَةُ أُجْرَةٌ عَنْ سُكْنَى الدَّارِ فَتَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، قِيلَ: انْتِفَاءُ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ عَنْهَا جَمِيعِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بِأُجْرَةٍ، فَلَا يُعْرَفُ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الْإِجَارَةِ فِي الْجِزْيَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه أَجْرَى عَلَى السَّائِلِ الذِّمِّيِّ رِزْقَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَكَيْفَ يُكَلَّفُ أَدَاءَ الْجِزْيَةِ وَهُوَ يُرْزَقُ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ؟ !