المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بالسلام] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذكر الجزية] [

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ] [

- ‌فصل‌‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِوحكمتها وسببها]

- ‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِ

- ‌[ادِّعَاءُ يَهُودِ خَيْبَرَ إِسْقَاطَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ وَرَدُّ ذَلِكَ]

- ‌[الْحِكْمَةُ مِنْ إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا]

- ‌[شُبْهَةٌ وَجَوَابُهَا]

- ‌[سَبَبُ وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيمُ الْفَيْءِ وَالْخُمْسِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسُوغُ إِطْلَاقُ حُكْمِ اللَّهِ عَلَى مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ إِلَّا مَا عُلِمَ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ يَقِينًا]

- ‌[فصل نرجع إِلَى الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَتِ الْجِزْيَةُ أُجْرَةً عَنْ سُكْنَى الدَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَصْنَافُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهَا الْجِزْيَةُ]

- ‌[الْجِزْيَةُ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِالشَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَحِلُّ تَكْلِيفُهُمْ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَلَا تَعْذِيبُهُمْ عَلَى أَدَائِهَا وَلَا حَبْسُهُمْ وَضَرْبُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى تَجِبُ الْجِزْيَةُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مَجْنُونٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إِنْ بَذَلَتِ الْجِزْيَةَ مِنْ نَفْسِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا بَلَغُوا وَالْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُهْبَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الذِّمِّيُّ يَتَرَهَّبُ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَلَّاحُو أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَزْوِيرُ يَهُودِ خَيْبَرَ كِتَابًا فِي إِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ مَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أُعْتِقَ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أَسْلَمَ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَافِرُ إِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ]

- ‌[فَصْلٌ إِنِ اجْتَمَعَتْ عَلَى الذِّمِّيِّ جِزْيَةُ سِنِينَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ بَذْلِ الْجِزْيَةِ أَوِ الْخَرَاجِ مِنْ عَيْنِ مَا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ]

- ‌[فصل أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَنِي تَغْلِبَ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفِيَّةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَرَاءُ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ نَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنَ التَّغْلِبِيِّ بَدَلًا مِنَ الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ غَيْرِ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُنَاكَحَةِ وَحِلِّ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الضَّمَانِ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّابِئَةِ واخْتَلاف النَّاس فِيهِمُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ اسْتِسْلَافِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ اتِّفَاقٍ وَافْتِرَاقٍ]

- ‌[ذكر أَصْلُ الْخَرَاجِ وَابْتِدَاءُ وَضْعِهِ وَأَحْكَامُهُ] [

- ‌فصل أَنْوَاعُ أَرْضِ الْخَرَاجِ] [

- ‌النوع الأول أَرْضٌ اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ إِحْيَاءَهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَا مُلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَقَهْرًا]

- ‌[بَيْعُ أرض الخراج وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا وَإِجَارَتُهَا]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنْ يُقِرَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ بِخَرَاجٍ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ أَرْضٌ جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا فَخَلَّصَهَا الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ أَرْضٌ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى نُزُولِهِمْ عَنْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لَنَا وَتُقَرُّ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ وَضْعِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ قَدْرُ الْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَرَاجُ يُوضَعُ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الزَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَادَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ زِيَادَةً عَارِضَةً]

- ‌[فَصْلٌ الْأَرْضُ الَّتِي يُمْكِنُ زَرْعُهَا خَرَاجُهَا وَاجِبٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَقْلِ أَرْضِ الْخَرَاجِ إِلَى الْعُشْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ هَلْ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ خَرَاجُ الْأَرْضِ الَّتِي تَمَّ تَأْجِيرُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ عَامِلِ الصَّدَقَةِ وَرَبِّ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ ادِّعَاءُ رَبِّ الْأَرْضِ دَفْعَ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ أَعْسَرَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ مَاطَلَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ ظُلِمَ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْإِمَامِ إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ وَتَرْكُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ أَرْضِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءُ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ] [

- ‌فصل أَمْوَالُهُمُ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا فِي الْمُقَامِ]

- ‌[فَصْلٌ أَمْوَالهم الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يُؤْخَذُ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ في أخذ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَّى أُخِذَ مِنْهُمْ مَرَّةً كُتِبَ لَهُمْ حُجَّةٌ بِأَدَائِهِمْ لِتَكُونَ وَثِيقَةً لَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الْعُشُورُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى الذِّمِّيِّ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَرْبِيُّ الْمُعَاهَدُ هَلْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ تَاجِرٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْشَرُونَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً]

- ‌[فَصْلٌ عُشْرُ الْأَمْوَالِ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ مِنَّا إِذَا دَخَلْنَا إِلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَأْخُذُوهُ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ فيما يؤخذ من الذمي إذا مر ببلاد الإسلام]

- ‌[ذكر الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا] [

- ‌فَصْلٌ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ أَحْمَدَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مذهب أَبُو حَنِيفَةَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[ذكر معاملة أهل الذمة عند اللقاء] [

- ‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بِالسَّلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفَ نَرُدُّ عَلَى أهل الذمة إِذَا تَحَقَّقَ لَدَيْنَا أَنَّهُمْ قَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُهُودِ جَنَائِزِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْزِيَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهْنِئَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدُ مُسْلِمٍ]

- ‌[ذكر الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ] [

- ‌فَصْلٌ الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَالِ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ] [

- ‌فصل حَالُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَالُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَهْدِيُّ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَارُونُ الرَّشِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَأْمُونُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُتَوَكِّلُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الرَّاضِي بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْآمِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فصل مَا يُلْزَم بِهِ أهل الذمة مِنَ اللِّبَاسِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غِشِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَدَاوَتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَوْلِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَ شُئُونِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَلِكُ الصَّالِحُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[ذكر ذبائح أهل الذمة] [

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ فِي أَحْكَامِ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[المسألة الأولى مَا تَرَكُوا التَّسْمِيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا ذَكَرُوا اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِمْ فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي الطَّرِيفَا وَهُوَ مَا لَصِقَتْ رِئَتُهُ بِالْجَنْبِ هَلْ يُحَرَّمُ عَلَيْنَا]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ مُعَامَلَة أهل الذمة] [

- ‌فصل الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ من أهل الذمة]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرِكَتِهِمْ وَمُضَارَبَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِئْجَارِهِمْ وَاسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إِجَارَةُ دَارِ الْمُسْلِمِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ أَوْقَافِهِمْ وَوَقْفِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوَصِيَّةِ لِلْكُفَّارِ]

الفصل: ‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بالسلام]

[ذكر معاملة أهل الذمة عند اللقاء] [

‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بِالسَّلَامِ]

ذِكْرُ [مُعَامَلَتِهِمْ] عِنْدَ اللِّقَاءِ وَكَرَاهَةِ أَنْ يُبْدَءُوا بِالسَّلَامِ وَكَيْفَ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى بِالسَّلَامِ، فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ» "، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ ".

وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ " «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمُ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ أَحَدُهُمُ: السَّامُ عَلَيْكَ، فَقُلْ: وَعَلَيْكَ» " هَكَذَا بِالْوَاوِ.

وَفِي لَفْظٍ: " عَلَيْكَ " بِلَا وَاوٍ.

وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 409

قَالَ: " «إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ هَكَذَا.

وَفِي لَفْظٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: " فَقُولُوا: عَلَيْكُمْ " بِلَا وَاوٍ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «دَخَلَ رَهْطٌ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ، فَفَهِمْتُهَا فَقُلْتُ: عَلَيْكُمُ السَّامُ وَاللَّعْنَةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الْأَمْرِ كُلِّهِ "، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَدْ قُلْتُ: وَعَلَيْكُمْ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.

وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: " قَدْ قُلْتُ: عَلَيْكُمْ " وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ الْوَاوَ.

وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: «فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها: عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ، قَالَ: " مَهْلًا يَا عَائِشَةُ عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ "، قَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: " أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ؟ فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ، وَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ» ".

ص: 410

وَعِنْدَ مُسْلِمٍ قُلْتُ: " «بَلْ عَلَيْكُمُ السَّامُ وَالذَّامُ» ".

وَعِنْدَهُ أَيْضًا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: «سَلَّمَ نَاسٌ مِنْ يَهُودَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالُوا: السَّامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ، قَالَ: عَلَيْكُمْ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها وَغَضِبَتْ: أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالُوا؟ قَالَ: " بَلَى قَدْ سَمِعْتُ فَرَدَدْتُ: عَلَيْكُمْ، إِنَّا نُجَابُ عَلَيْهِمْ وَلَا يُجَابُونَ عَلَيْنَا» ".

وَعَنْ أَبِي [بَصْرَةَ] رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنَّا غَادُونَ عَلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، فَإِنْ سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» " رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

ص: 411

وَلَهُ أَيْضًا عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِنِّي رَاكِبٌ غَدًا إِلَى يَهُودَ فَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا سَلَّمُوا عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» ".

ص: 412

[مَعْنَى السَّلَامِ]

[الْوَجْهُ الْأَوَّلُ:] وَلَمَّا كَانَ السَّلَامُ اسْمًا مِنْ أَسْمَاءِ الرَّبِّ تبارك وتعالى، وَهُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ فِي الْأَصْلِ - كَالْكَلَامِ وَالْعَطَاءِ - بِمَعْنَى

ص: 413

السَّلَامَةِ كَانَ الرَّبُّ تَعَالَى أَحَقَّ بِهِ مِنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ ; لِأَنَّهُ السَّالِمُ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعَيْبٍ وَنَقْصٍ وَذَمٍّ، فَإِنَّ لَهُ الْكَمَالَ الْمُطْلَقَ مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَكَمَالُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا كَذَلِكَ، وَالسَّلَامُ يَتَضَمَّنُ سَلَامَةَ أَفْعَالِهِ مِنَ الْعَبَثِ وَالظُّلْمِ وَخِلَافِ الْحِكْمَةِ، وَسَلَامَةَ صِفَاتِهِ مِنْ مُشَابَهَةِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ، وَسَلَامَةَ ذَاتِهِ مَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، وَسَلَامَةَ أَسْمَائِهِ مِنْ كُلِّ ذَمٍّ، فَاسْمُ السَّلَامِ يَتَضَمَّنُ إِثْبَاتَ جَمِيعِ الْكَمَالَاتِ لَهُ وَسَلْبَ جَمِيعِ النَّقَائِصِ عَنْهُ.

وَهَذَا مَعْنَى: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَيَتَضَمَّنُ إِفْرَادَهُ بِالْأُلُوهِيَّةِ وَإِفْرَادَهُ بِالتَّعْظِيمِ، وَهَذَا مَعْنَى: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، فَانْتَظَمَ اسْمُ " السَّلَامِ " الْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ الَّتِي يُثْنَى بِهَا عَلَى الرَّبِّ جل جلاله.

وَمِنْ بَعْضِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ الْحَيُّ الَّذِي سَلِمَتْ حَيَاتُهُ مِنَ الْمَوْتِ وَالسِّنَةِ وَالنَّوْمِ وَالتَّغَيُّرِ، الْقَادِرُ الَّذِي سَلِمَتْ قُدْرَتُهُ مِنَ اللُّغُوبِ وَالتَّعَبِ وَالْإِعْيَاءِ وَالْعَجْزِ عَمَّا يُرِيدُ، الْعَلِيمُ الَّذِي سَلِمَ عِلْمُهُ أَنْ يَعْزُبَ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ يَغِيبَ عَنْهُ مَعْلُومٌ مِنَ الْمَعْلُومَاتِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِهِ عَلَى هَذَا.

ص: 414

فَرِضَاهُ سُبْحَانَهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهُ الْغَضَبُ، وَحِلْمُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهُ الِانْتِقَامُ، وَإِرَادَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا الْإِكْرَاهُ، وَقُدْرَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا الْعَجْزُ وَمَشِيئَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُنَازِعَهَا خِلَافُ مُقْتَضَاهَا، وَكَلَامُهُ سَلَامٌ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ كَذِبٌ أَوْ ظُلْمٌ، بَلْ تَمَّتَ كَلِمَاتُهُ صِدْقًا وَعَدْلًا، وَوَعْدُهُ سَلَامٌ أَنْ يَلْحَقَهُ خُلْفٌ، وَهُوَ سَلَامٌ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ شَيْءٌ أَوْ بَعْدَهُ شَيْءٌ أَوْ فَوْقَهُ شَيْءٌ أَوْ دُونَهُ شَيْءٌ، بَلْ هُوَ الْعَالِي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ وَقَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ، وَعَطَاؤُهُ وَمَنْعُهُ سَلَامٌ أَنْ يَقَعَ فِي غَيْرِ مَوْقِعِهِ، وَمَغْفِرَتُهُ سَلَامٌ أَنْ يُبَالِيَ بِهَا أَوْ يَضِيقَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ أَوْ تَصْدُرَ عَنْ عَجْزٍ عَنْ أَخْذِ حَقِّهِ كَمَا تَكُونُ مَغْفِرَةُ النَّاسِ، وَرَحْمَتُهُ وَإِحْسَانُهُ وَرَأْفَتُهُ وَبِرُّهُ وَجُودُهُ وَمُوَالَاتُهُ لِأَوْلِيَائِهِ وَتَحَبُّبُهُ إِلَيْهِمْ وَحَنَانُهُ عَلَيْهِمْ وَذِكْرُهُ لَهُمْ وَصَلَاتُهُ عَلَيْهِمْ سَلَامٌ أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ مِنْهُ إِلَيْهِمْ أَوْ تَعَزُّزٍ بِهِمْ أَوْ تَكَثُّرٍ بِهِمْ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ السَّلَامُ مِنْ كُلِّ مَا يُنَافِي كَلَامَهُ الْمُقَدَّسَ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.

وَأَخْطَأَ كُلَّ الْخَطَأِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ السُّلُوبِ، فَإِنَّ السَّلْبَ الْمَحْضَ لَا يَتَضَمَّنُ كَمَالًا، بَلِ اسْمُ السَّلَامِ مُتَضَمِّنٌ لِلْكَمَالِ السَّالِمِ مِنْ كُلِّ مَا يُضَادُّهُ، وَإِذَا لَمْ تَظْلِمْ هَذَا الِاسْمَ وَوَفَّيْتَهُ مَعْنَاهُ وَجَدْتَهُ مُسْتَلْزِمًا لِإِرْسَالِ الرُّسُلِ، وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ وَشَرْعِ الشَّرَائِعِ، وَثُبُوتِ الْمَعَادِ وَحُدُوثِ الْعَالَمِ، وَثُبُوتِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ، وَعُلُوِّ الرَّبِّ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ وَرُؤْيَتِهِ لِأَفْعَالِهِمْ وَسَمْعِهِ لِأَصْوَاتِهِمْ وَاطِّلَاعِهِ عَلَى سَرَائِرِهِمْ وَعَلَانِيَاتِهِمْ، وَتَفَرُّدِهِ بِتَدْبِيرِهِمْ وَتَوَحُّدِهِ فِي كَمَالِهِ الْمُقَدَّسِ عَنْ شَرِيكٍ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَهُوَ السَّلَامُ الْحَقُّ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَمَا هُوَ النَّزِيهُ الْبَرِيءُ عَنْ نَقَائِصِ الْبَشَرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

ص: 415

وَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفًا بِأَنَّ لَهُ يَدَيْنِ لَمْ يَكُنْ فِيهِمَا شِمَالٌ بَلْ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ مُبَارَكَةٌ، كَذَلِكَ أَسْمَاؤُهُ كُلُّهَا حُسْنَى وَأَفْعَالُهُ كُلُّهَا

ص: 416

خَيْرٌ، وَصِفَاتُهُ كُلُّهَا كَمَالٌ وَقَدْ جَعَلَ سُبْحَانَهُ السَّلَامَ تَحِيَّةَ أَوْلِيَائِهِ فِي الدُّنْيَا وَتَحِيَّتَهُمْ يَوْمَ لِقَائِهِ، «وَلَمَّا خَلَقَ آدَمَ وَكَمَّلَ خَلْقَهُ فَاسْتَوَى قَالَ اللَّهُ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ بِهِ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذَرِّيَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ» .

وَقَالَ تَعَالَى: {لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [الأنعام: 127]، وَقَالَ:{وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ} [يونس: 25] .

وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ الْجَنَّةِ بِدَارِ السَّلَامِ، فَقِيلَ: السَّلَامُ هُوَ اللَّهُ،

ص: 417

وَالْجَنَّةُ دَارُهُ، وَقِيلَ: السَّلَامُ هُوَ السَّلَامَةُ، وَالْجَنَّةُ دَارُ السَّلَامَةِ مِنْ كُلِّ آفَةٍ وَعَيْبٍ وَنَقْصٍ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ دَارَ السَّلَامِ ; لِأَنَّ تَحِيَّتَهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي كُلِّهَا.

[الْوَجْهُ الثَّانِي:] وَأَمَّا قَوْلُ الْمُسَلِّمِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَهُوَ إِخْبَارٌ لِلْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ بِسَلَامَتِهِ مِنْ غِيلَةِ الْمُسْلِمِ وَغِشِّهِ وَمَكْرِهِ وَمَكْرُوهٍ يَنَالُهُ مِنْهُ، فَيَرُدُّ الرَّادُّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ أَيْ: فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِكَ وَأَحَلَّهُ عَلَيْكَ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا الْوَجْهِ وَبَيْنَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ خَبَرٌ وَفِي الثَّانِي طَلَبٌ.

وَوَجْهٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: اذْكُرِ اللَّهَ الَّذِي عَافَاكَ مِنَ الْمَكْرُوهِ وَأَمَّنَكَ مِنَ الْمَحْذُورِ وَسَلَّمَكَ مِمَّا تَخَافُ وَعَامَلَنَا مِنَ السَّلَامَةِ وَالْأَمَانِ بِمِثْلِ مَا عَامَلَكَ بِهِ، فَيَرُدُّ الرَّادُّ عَلَيْهِ مِثْلَ ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَزِيدَهُ كَمَا أَنَّ مَنْ أَهْدَى لَكَ هَدِيَّةً يُسْتَحَبُّ لَكَ أَنْ تُكَافِئَهُ بِزِيَادَةٍ عَلَيْهَا، وَمَنْ دَعَا لَكَ يَنْبَغِي أَنْ تَدْعُوَ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.

وَوَجْهٌ رَابِعٌ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى سَلَامِ الْمُسَلِّمِ وَرَدِّ الرَّادِّ بِشَارَةً مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، جَعَلَهَا عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُسْلِمِينَ لِبَعْضِهِمْ بَعْضًا بِالسَّلَامَةِ مِنَ الشَّرِّ،

ص: 418

وَحُصُولِ الرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَةِ، وَهِيَ دَوَامُ ذَلِكَ وَثَبَاتُهُ، وَهَذِهِ الْبِشَارَةُ أُعْطُوهَا لِدُخُولِهِمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، فَأَعْظَمُهُمْ أَجْرًا أَحْسَنُهُمْ تَحِيَّةً، وَأَسْبَقُهُمْ فِي هَذِهِ الْبِشَارَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ " وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ صَاحِبَهُ بِالسَّلَامِ ".

وَاشْتَقَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِأَوْلِيَائِهِ مِنْ تَحِيَّةِ بَيْنِهِمُ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ، وَاسْمُ دِينِهِ الْإِسْلَامُ الَّذِي هُوَ دِينُ أَنْبِيَائِهِ وَرُسُلِهِ وَمَلَائِكَتِهِ.

قَالَ تَعَالَى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [آل عمران: 83] .

وَوَجْهٌ خَامِسٌ: وَهُوَ أَنْ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ لَهُمْ تَحِيَّةٌ بَيْنَهُمْ مِنْ أَقْوَالٍ وَأَعْمَالٍ كَالسُّجُودِ وَتَقْبِيلِ الْأَيْدِي وَضَرْبِ الْجُوكِ، وَقَوْلِ بَعْضِهِمُ: انْعَمْ صَبَاحًا، وَقَوْلِ بَعْضِهِمْ: عِشْ أَلْفَ عَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَشَرَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " وَكَانَتْ أَحْسَنَ مِنْ جَمِيعِ تَحِيَّاتِ الْأُمَمِ بَيْنَهَا، لِتَضَمُّنِهَا السَّلَامَةَ الَّتِي لَا حَيَاةَ وَلَا فَلَاحَ إِلَّا بِهَا، فَهِيَ الْأَصْلُ الْمُقَدَّمُ

ص: 419

عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.

وَانْتِفَاعُ الْعَبْدِ بِحَيَاتِهِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِشَيْئَيْنِ: بِسَلَامَتِهِ مِنَ الشَّرِّ وَحُصُولِ الْخَيْرِ، وَالسَّلَامَةُ مِنَ الشَّرِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُصُولِ الْخَيْرِ وَهِيَ الْأَصْلُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ، بَلْ وَكُلُّ حَيَوَانٍ، إِنَّمَا يَهْتَمُّ بِسَلَامَتِهِ أَوَّلًا وَغَنِيمَتِهِ ثَانِيًا، عَلَى أَنَّ السَّلَامَةَ الْمُطْلَقَةَ تَتَضَمَّنُ حُصُولَ الْخَيْرِ، فَإِنَّهُ لَوْ فَاتَهُ حَصَلَ لَهُ الْهَلَاكُ وَالْعَطَبُ أَوِ النَّقْصُ، فَفَوَاتُ الْخَيْرِ يَمْنَعُ حُصُولَ السَّلَامَةِ الْمُطْلَقَةِ، فَتَضَمَّنَتِ السَّلَامَةُ نَجَاةَ الْعَبْدِ مِنَ الشَّرِّ، وَفَوْزَهُ بِالْخَيْرِ مَعَ اشْتِقَاقِهَا مِنِ اسْمِ اللَّهِ.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ السَّلَامَ اسْمُهُ وَوَصْفُهُ وَفِعْلُهُ، وَالتَّلَفُّظُ بِهِ ذِكْرٌ لَهُ كَمَا فِي " السُّنَنِ "«أَنَّ رَجُلَا سَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى تَيَمَّمَ وَرَدَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ: " إِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إِلَّا عَلَى طَهَارَةٍ» ".

ص: 420

فَحَقِيقٌ بِتَحِيَّةٍ هَذَا شَأْنُهَا أَنْ تُصَانَ عَنْ بَذْلِهَا لِغَيْرِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَأَلَّا يُحَيَّى بِهَا أَعْدَاءُ الْقُدُّوسِ السَّلَامِ.

وَلِهَذَا كَانَتْ كُتُبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى مُلُوكِ الْكُفَّارِ " «سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى» " وَلَمْ يَكْتُبْ لِكَافِرٍ: " سَلَامٌ عَلَيْكُمْ " أَصْلًا، فَلِهَذَا قَالَ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ:" «وَلَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ» ".

ص: 421