الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ فِيهِ مِنَ الْإِطَالَةِ وَالْحَشْوِ وَمَا لَا يُشْبِهُ عُهُودَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَفِيهَا وُجُوهٌ أُخَرُ مُتَعَدِّدَةٌ مِثْلَ أَنَّ هَذِهِ الْعُهُودَ لَمْ يَذْكُرْهَا أَحَدٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ قَبْلَ ابْنِ شُرَيْحٍ، وَلَا ذَكَرُوا أَنَّهَا رُفِعَتْ إِلَى أَحَدٍ مِنْ وُلَاةِ الْأُمُورِ فَعَمِلُوا بِهَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ شُهْرَتُهُ وَنَقْلُهُ.
قُلْتُ: وَمِنْهَا أَنَّ هَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ مُصَنِّفِي كُتُبِ السِّيَرِ وَالتَّارِيخِ، وَلَا رَوَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِهِمْ أَلْبَتَّةَ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنْ جِهَةِ الْيَهُودِ وَمِنْهُمْ بَدَأَ وَإِلَيْهِمْ يَعُودُ.
[فَصْلٌ أَحْكَامُ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]
18 -
فَصْلٌ
[أَحْكَامُ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]
وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ مُسْلِمًا فَلَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَوَجَبَتْ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُؤَدِّيهَا عَنْهُ.
وَفِي " السُّنَنِ " وَ " الْمُسْنَدِ " مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ فِي أَرْضٍ، وَلَيْسَ عَلَى مُسْلِمٍ جِزْيَةٌ» ".
وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لِكَافِرٍ فَالْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ أَيْضًا: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ [نَحْفَظُ] عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَى الْعَبْدِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: " «لَا جِزْيَةَ عَلَى عَبْدٍ» " وَفِي رَفْعِهِ نَظَرٌ وَهُوَ ثَابِتٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «وَإِنَّ الْعَبْدَ مَحْقُونُ الدَّمِ»
فَأَشْبَهَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ ; وَلِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَهُوَ أَسْوَأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ الْعَاجِزِ، وَلِأَنَّهَا لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَوَجَبَتْ عَلَى سَيِّدِهِ إِذْ هُوَ الْمُؤَدِّي لَهَا عَنْهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ جِزْيَةٍ، وَلِأَنَّهُ تَبَعٌ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ كَذُرِّيَّةِ الرَّجُلِ وَامْرَأَتِهِ، وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَلَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ كَبَهَائِمِهِ وَدَوَابِّهِ.
وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَنَحْنُ نَذْكُرُ نُصُوصَ أَحْمَدَ مِنَ الطَّرِيقَيْنِ.
قَالَ أَبُو طَالِبٍ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْعَبْدِ النَّصْرَانِيِّ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ؟ قَالَ: لَيْسَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قُلْتُ فَالْعَبْدُ لَيْسَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ لِنَصْرَانِيٍّ كَانَ أَمْ لِمُسْلِمٍ كَمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ رضي الله عنه.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْتُ أَبِي عَنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ كَاتَبَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا هَلْ تُؤْخَذُ مِنَ الْعَبْدِ الْجِزْيَةُ مِنْ مُكَاتَبَتِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ وَالْمَكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: ثَنَا يَزِيدُ، ثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُفْيَانَ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ أَبِي عِيَاضٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: لَا تَشْتَرُوا مِنْ رَقِيقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا مِمَّا فِي أَيْدِيهِمْ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ خَرَاجٍ يَبِيعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَلَا يُقِرَّنَّ أَحَدُكُمْ بِالصَّغَارِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ.
قَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَرَادَ عُمَرُ أَنْ يُوَفِّرَ الْجِزْيَةَ ; لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا اشْتَرَاهُ سَقَطَ عَنْهُ أَدَاءُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَالذِّمِّيُّ يُؤَدِّي عَنْهُ وَعَنْ مَمْلُوكِهِ خَرَاجَ جَمَاجِمِهِمْ، إِذَا كَانُوا عَبِيدًا أَخَذَ مِنْهُمْ جَمِيعًا الْجِزْيَةَ.
وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: قَوْلُ عُمَرَ " لَا تَشْتَرُوا رَقِيقَ أَهْلِ الذِّمَّةِ "، قَالَ: لِأَنَّهُمْ أَهْلُ خَرَاجٍ يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، فَإِذَا صَارَ إِلَى الْمُسْلِمِ انْقَطَعَ عَنْهُ ذَلِكَ.