الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِهَا وَالْبَذْرَ فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ يَخْتَصُّ الْأَرْضَ، وَالْمَاءُ جُزْءٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَطْءِ فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا أَمَةُ الْغَيْرِ كَانَ الْوَلَدُ لِمَالِكِ الْأُمِّ، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالْوَاطِئِ لِلسَّرِيَّةِ فَإِنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ اعْتِقَادَ الْوَاطِئِ شَرْطًا وَلَوْ نَزَا فَحْلٌ عَلَى رَمَكَةٍ فَأَوْلَدَهَا كَانَ الْوَلَدُ لِصَاحِبِ الرَّمَكَةِ دُونَ صَاحِبِ الْفَحْلِ بِالِاتِّفَاقِ، وَأَيْضًا فَالْمَاءُ لَيْسَ عَلَيْهِ خَرَاجٌ وَلَا عُشْرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ مَنَعَ أَبُو حَنِيفَةَ صَاحِبَ الْخَرَاجِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْعُشْرِ، وَمَنَعَ صَاحِبَ الْعُشْرِ أَنْ يَسْقِيَ بِمَاءِ الْخَرَاجِ، وَلَمْ يَمْنَعْ أَحْمَدُ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنْ يَسْقِيَ بِأَيِّ الْمَاءَيْنِ شَاءَ.
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ: الْخَرَاجُ مِثْلُ الْجِزْيَةِ عَلَى الرَّقَبَةِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: إِنَّمَا هُوَ جِزْيَةُ رَقَبَةِ الْأَرْضِ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى رَقَبَةٍ فَالِاعْتِبَارُ بِهَا دُونَ الْمَاءِ الَّذِي لَمْ يُوضَعْ عَلَيْهِ خَرَاجٌ.
[فَصْلٌ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ هَلْ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهَا]
49 -
فَصْلٌ
[الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ هَلْ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهَا]
وَإِذَا بَنَى فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ دُورًا وَحَوَانِيتَ كَانَ خَرَاجُهَا مُسْتَحِقًّا عَلَيْهِ؛ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ ; لِأَنَّ الْخَرَاجَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الزَّرْعِ وَالْغَرْسِ،
فَإِنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ يَعْقُوبَ بْنِ بُخْتَانَ، وَقَدْ سَأَلَهُ: تَرَى أَنْ يُخْرِجَ الرَّجُلُ عَمَّا فِي يَدِهِ مِنْ دَارٍ أَوْ ضَيْعَةٍ عَلَى مَا وَظَّفَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى كُلِّ جَرِيبٍ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ؟ فَقَالَ: مَا أَجْوَدَ هَذَا، فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تُعْطِي عَنْ دَارِكَ الْخَرَاجَ فَتَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: إِنَّمَا كَانَ أَحْمَدُ يَفْعَلُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ بَغْدَادَ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ الَّتِي وَضَعَ عَلَيْهَا عُمَرُ الْخَرَاجَ، فَلَمَّا بُنِيَتْ مَسَاكِنَ رَاعَى أَحْمَدُ حَالَهَا الْأُولَى الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا مِنْ عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه إِلَى أَنْ صَارَتْ دُورًا.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ بِنَائِهِ فِي مُقَامِهِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ لِزَارِعِهَا [وَفَلَّاحِهَا] عَفْوٌ لَا خَرَاجَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ فِيهَا إِلَّا بِمَسْكَنٍ يَسْكُنُهُ، وَمَا بَنَاهُ لِلْكِرَاءِ وَالتَّوْسِعَةِ الَّتِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فَعَلَيْهِ خَرَاجُهُ.
قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَمَرَّ عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، وَهُوَ غَيْرُ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ احْتِيَاطًا وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ أَهْلَ بَغْدَادَ عَامَّةً، بَلْ عَدَّ مِنْ جُمْلَةِ وَرَعِهِ أَنَّهُ كَانَ يُخْرِجُ الْخَرَاجَ عَنْ دَارِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَغَيْرُهُ لَمْ يَكُنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا كَانَ أَحْمَدُ يُلْزِمُ بِهِ النَّاسَ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّهُ لَا خَرَاجَ عَلَى الْمَسَاكِنِ.