المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل الأمكنة التي يمنع أهل الذمة من دخولها والإقامة بها] - أحكام أهل الذمة - ط رمادي - جـ ١

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[ذكر الجزية] [

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ] [

- ‌فصل‌‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِوحكمتها وسببها]

- ‌ ممن تؤخذ الْجِزْيَةِ

- ‌[ادِّعَاءُ يَهُودِ خَيْبَرَ إِسْقَاطَ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ وَرَدُّ ذَلِكَ]

- ‌[الْحِكْمَةُ مِنْ إِبْقَاءِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَيْنَ أَظْهُرِنَا]

- ‌[شُبْهَةٌ وَجَوَابُهَا]

- ‌[سَبَبُ وَضْعِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ تَقْسِيمُ الْفَيْءِ وَالْخُمْسِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَسُوغُ إِطْلَاقُ حُكْمِ اللَّهِ عَلَى مَسَائِلِ الِاجْتِهَادِ إِلَّا مَا عُلِمَ حُكْمُ اللَّهِ فِيهِ يَقِينًا]

- ‌[فصل نرجع إِلَى الْكَلَامِ فِي أَحْكَامِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ لَيْسَتِ الْجِزْيَةُ أُجْرَةً عَنْ سُكْنَى الدَّارِ]

- ‌[فَصْلٌ الْأَصْنَافُ الَّتِي تُؤْخَذُ مِنْهَا الْجِزْيَةُ]

- ‌[الْجِزْيَةُ غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بِالشَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَحِلُّ تَكْلِيفُهُمْ مَا لَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ وَلَا تَعْذِيبُهُمْ عَلَى أَدَائِهَا وَلَا حَبْسُهُمْ وَضَرْبُهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَى تَجِبُ الْجِزْيَةُ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا امْرَأَةٍ وَلَا مَجْنُونٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إِنْ بَذَلَتِ الْجِزْيَةَ مِنْ نَفْسِهَا]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ أَوْلَادِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا بَلَغُوا وَالْمَجْنُونِ إِذَا أَفَاقَ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ كَانَ يُجَنُّ وَيُفِيقُ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ]

- ‌[فَصْلٌ لَا جِزْيَةَ عَلَى فَقِيرٍ عَاجِزٍ عَنْ أَدَائِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَا تُؤْخَذُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ رُهْبَانُ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الذِّمِّيُّ يَتَرَهَّبُ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ فَلَّاحُو أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ تُؤْخَذُ الْجِزْيَةُ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ كَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[تَزْوِيرُ يَهُودِ خَيْبَرَ كِتَابًا فِي إِسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ مَنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا مِنْ عَبِيدِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أُعْتِقَ]

- ‌[فَصْلٌ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِنْ أَسْلَمَ]

- ‌[فَصْلٌ الْكَافِرُ إِنْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ]

- ‌[فَصْلٌ إِنِ اجْتَمَعَتْ عَلَى الذِّمِّيِّ جِزْيَةُ سِنِينَ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ بَذْلِ الْجِزْيَةِ أَوِ الْخَرَاجِ مِنْ عَيْنِ مَا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ]

- ‌[فصل أَخْذُ الْجِزْيَةِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَحِلُّ ذَبَائِحِهِمْ وَمُنَاكَحَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي بَنِي تَغْلِبَ وَأَحْكَامِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفِيَّةُ أَخْذِ الصَّدَقَةِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فُقَرَاءُ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ نَأْخُذُ الْجِزْيَةَ مِنَ التَّغْلِبِيِّ بَدَلًا مِنَ الصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الصَّدَقَةُ مِنْ غَيْرِ بَنِي تَغْلِبَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي مُنَاكَحَةِ وَحِلِّ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الضَّمَانِ فِي الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّابِئَةِ واخْتَلاف النَّاس فِيهِمُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ اسْتِسْلَافِ الْجِزْيَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنِ اتِّفَاقٍ وَافْتِرَاقٍ]

- ‌[ذكر أَصْلُ الْخَرَاجِ وَابْتِدَاءُ وَضْعِهِ وَأَحْكَامُهُ] [

- ‌فصل أَنْوَاعُ أَرْضِ الْخَرَاجِ] [

- ‌النوع الأول أَرْضٌ اسْتَأْنَفَ الْمُسْلِمُونَ إِحْيَاءَهَا]

- ‌[النَّوْعُ الثَّانِي أَرْضٌ أَسْلَمَ عَلَيْهَا طَوْعًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ الثَّالِثُ مَا مُلِكَ عَنِ الْكُفَّارِ عَنْوَةً وَقَهْرًا]

- ‌[بَيْعُ أرض الخراج وَهِبَتُهَا وَرَهْنُهَا وَإِجَارَتُهَا]

- ‌[النَّوْعُ الرَّابِعُ مَا صُولِحَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنْ يُقِرَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ بِخَرَاجٍ]

- ‌[النَّوْعُ الْخَامِسُ أَرْضٌ جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا فَخَلَّصَهَا الْمُسْلِمُونَ بِغَيْرِ قِتَالٍ]

- ‌[النَّوْعُ السَّادِسُ أَرْضٌ صَالَحْنَاهُمْ عَلَى نُزُولِهِمْ عَنْهَا وَتَكُونُ مِلْكًا لَنَا وَتُقَرُّ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ أَصْلُ وَضْعِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ قَدْرُ الْخَرَاجِ الْمَضْرُوبِ عَلَى الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ الْخَرَاجُ يُوضَعُ عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الزَّرْعِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زِيَادَةِ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ زِيَادَةً عَارِضَةً]

- ‌[فَصْلٌ الْأَرْضُ الَّتِي يُمْكِنُ زَرْعُهَا خَرَاجُهَا وَاجِبٌ]

- ‌[فَصْلٌ فِي نَقْلِ أَرْضِ الْخَرَاجِ إِلَى الْعُشْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْبِنَاءُ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ هَلْ يُسْقِطُ الْخَرَاجَ عَنْهَا]

- ‌[فَصْلٌ خَرَاجُ الْأَرْضِ الَّتِي تَمَّ تَأْجِيرُهَا عَلَى الْمُؤَجِّرِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ عَامِلِ الصَّدَقَةِ وَرَبِّ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْلٌ ادِّعَاءُ رَبِّ الْأَرْضِ دَفْعَ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ أَعْسَرَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ مَاطَلَ بِالْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْأَرْضِ الَّتِي لَا يَنَالُهَا الْمَاءُ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحَقُّ بِالْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَنْ ظُلِمَ فِي أَرْضِهِ الْخَرَاجِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ لِلْإِمَامِ إِسْقَاطُ الْخَرَاجِ وَتَرْكُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ أَرْضِ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي كَرَاهَةِ الدُّخُولِ فِي أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ شِرَاءُ أَرْضِ الْخَرَاجِ]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي أَمْوَالِهِمْ] [

- ‌فصل أَمْوَالُهُمُ الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا فِي الْمُقَامِ]

- ‌[فَصْلٌ أَمْوَالهم الَّتِي يَتَّجِرُونَ بِهَا مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يُؤْخَذُ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ في أخذ الْعُشُورُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ]

- ‌[فَصْلٌ مَتَّى أُخِذَ مِنْهُمْ مَرَّةً كُتِبَ لَهُمْ حُجَّةٌ بِأَدَائِهِمْ لِتَكُونَ وَثِيقَةً لَهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ تُؤْخَذُ الْعُشُورُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَى الذِّمِّيِّ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْحَرْبِيُّ الْمُعَاهَدُ هَلْ عَلَيْهِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ فِي جَمِيعِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ تَاجِرٍ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُعْشَرُونَ فِي السَّنَةِ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً]

- ‌[فَصْلٌ عُشْرُ الْأَمْوَالِ لَا يُؤْخَذُ إِلَّا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُمُ الْعُشْرُ سَوَاءٌ أَخَذُوهُ مِنَّا إِذَا دَخَلْنَا إِلَيْهِمْ أَوْ لَمْ يَأْخُذُوهُ]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ فيما يؤخذ من الذمي إذا مر ببلاد الإسلام]

- ‌[ذكر الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا] [

- ‌فَصْلٌ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مَذْهَبُ أَحْمَدَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ تَفْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[فَصْلٌ مذهب أَبُو حَنِيفَةَ في الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

- ‌[ذكر معاملة أهل الذمة عند اللقاء] [

- ‌فصل حكم بداءة أهل الذمة بِالسَّلَامِ]

- ‌[فَصْلٌ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ كَيْفَ نَرُدُّ عَلَى أهل الذمة إِذَا تَحَقَّقَ لَدَيْنَا أَنَّهُمْ قَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكُمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي عِيَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي شُهُودِ جَنَائِزِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَعْزِيَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي تَهْنِئَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمَرْأَةِ الْكَافِرَةِ تَمُوتُ وَفِي بَطْنِهَا وَلَدُ مُسْلِمٍ]

- ‌[ذكر الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ] [

- ‌فَصْلٌ الْمَنْع مِن اسْتِعْمَالِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي شَيْءٍ مِنْ وِلَايَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأُمُورِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حَالِ خُلَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ] [

- ‌فصل حَالُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حَالُ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ مَعَ أَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَهْدِيُّ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ هَارُونُ الرَّشِيدُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَأْمُونُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُتَوَكِّلُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُقْتَدِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الرَّاضِي بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْآمِرُ بِاللَّهِ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[فصل مَا يُلْزَم بِهِ أهل الذمة مِنَ اللِّبَاسِ وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ تَمْيِيزِهِمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى غِشِّ أَهْلِ الذِّمَّةِ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَدَاوَتِهِمْ وَخِيَانَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ تَوْلِيَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضَ شُئُونِ الْبِلَادِ الْإِسْلَامِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَلِكُ الصَّالِحُ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ]

- ‌[ذكر ذبائح أهل الذمة] [

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَاهَدِ وَالْحَرْبِيِّ فِي أَحْكَامِ الذَّبَائِحِ]

- ‌[فَصْلٌ مَسَائِلُ فِي أَحْكَامِ ذَبَائِحِهِمْ]

- ‌[المسألة الأولى مَا تَرَكُوا التَّسْمِيَةَ عَلَيْهِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا ذَكَرُوا اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَى ذَبِيحَتِهِمْ فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُسْلِمِ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ إِذَا ذَبَحُوا مَا يَعْتَقِدُونَ حِلَّهُ فَهَلْ تَحْرُمُ عَلَيْنَا الشُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ عَلَيْهِمْ]

- ‌[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ فِي الطَّرِيفَا وَهُوَ مَا لَصِقَتْ رِئَتُهُ بِالْجَنْبِ هَلْ يُحَرَّمُ عَلَيْنَا]

- ‌[ذِكْرُ أَحْكَامِ مُعَامَلَة أهل الذمة] [

- ‌فصل الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ من أهل الذمة]

- ‌[فَصْلٌ فِي شَرِكَتِهِمْ وَمُضَارَبَتِهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اسْتِئْجَارِهِمْ وَاسْتِئْجَارِ الْمُسْلِمِ نَفْسَهُ مِنْهُمْ]

- ‌[فَصْلٌ إِجَارَةُ دَارِ الْمُسْلِمِ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ الْكُفَّارُ مَمْنُوعُونَ مِنَ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى أَمْلَاكِ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي حُكْمِ أَوْقَافِهِمْ وَوَقْفِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِمْ]

- ‌[فَصْلٌ أَحْكَامُ الْوَصِيَّةِ لِلْكُفَّارِ]

الفصل: ‌فصل الأمكنة التي يمنع أهل الذمة من دخولها والإقامة بها]

[ذكر الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا] [

‌فَصْلٌ الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا]

75 -

فَصْلٌ

فِي الْأَمْكِنَةِ الَّتِي يُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ دُخُولِهَا وَالْإِقَامَةِ بِهَا.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] .

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ خَرَجَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " انْطَلِقُوا إِلَى يَهُودَ، فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَادَاهُمْ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ".

فَقَالَ: ذَلِكَ أُرِيدُ، فَقَالَ: أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، فَقَالُوا: قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ.

فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " ذَلِكَ أُرِيدُ "، ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ فَقَالَ:" اعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنِّي أُرِيدُ أَنَّ أُجْلِيَكُمْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ، وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّمَا الْأَرْضُ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.

ص: 370

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: يَوْمُ الْخَمِيسَ، وَمَا يَوْمُ الْخَمِيسَ! قَالَ: «اشْتَدَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ، فَقَالَ:" ائْتُونِي بِكَتِفٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّونَ بَعْدَهُ أَبَدًا " فَتَنَازَعُوا - وَلَا يَنْبَغِي عِنْدَ نَبِيٍّ تَنَازُعٌ - فَقَالُوا: مَا لَهُ؟ أَهَجَرَ؟ اسْتَفْهِمُوهُ.

فَقَالَ: " ذَرُونِي، الَّذِي أَنَا فِيهِ خَيْرٌ مِمَّا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ " فَأَمَرَهُمْ بِثَلَاثٍ فَقَالَ: " أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوٍ مِمَّا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ "، وَالثَّالِثَةُ إِمَّا سَكَتَ عَنْهَا، وَإِمَّا قَالَهَا فَنَسِيتُهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.

ص: 371

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: «أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي النَّضِيرِ وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمُوا فَأَمَّنَهُمْ، وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ؛ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «آخَرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ص: 372

وَفِي " مُسْنَدِهِ " أَيْضًا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «يَا عَلِيُّ، إِنْ أَنْتَ وُلِّيتَ الْأَمْرَ بَعْدِي فَأَخْرِجْ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".

ص: 374

قَالَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» "، قَالَ: إِنَّمَا الْجَزِيرَةُ مَوْضِعُ الْعَرَبِ، وَأَمَّا مَوْضِعٌ يَكُونُ فِيهِ أَهْلُ السَّوَادِ وَالْفُرْسُ فَلَيْسَ هُوَ جَزِيرَةَ الْعَرَبِ. مَوْضِعُ الْعَرَبِ: الَّذِي يَكُونُونَ فِيهِ.

وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» " قَالَ: هُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ، لَيْسَ هُمْ مِثْلَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: أَيْ يُخْرَجُونَ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ دُونَ الشَّامِ يُرِيدُ أَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى يُخْرَجُونَ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.

قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ: قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَنْ يَدْخُلُوا الْحَرَمَ.

[حَدُّ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ]

وَقَالَ [عَبْدُ اللَّهِ] بْنُ حَنْبَلٍ: [حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ:] قَالَ عَمِّي: جَزِيرَةُ

ص: 377

الْعَرَبِ يَعْنِي الْمَدِينَةَ وَمَا وَالَاهَا ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَجْلَى يَهُودَ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوا بِهَا.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: حَدِيثُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «لَا يَبْقَى دِينَانِ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ» " تَفْسِيرُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ فَارِسَ وَالرُّومِ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: كُلُّ مَا كَانَ دُونَ أَطْرَافِ الشَّامِ.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَقَالَ: مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ فَارِسَ وَالرُّومِ قِيلَ لَهُ: مَا كَانَ خَلْفَ الْعَرَبِ؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَفِي " الْمُغْنِي ": " جَزِيرَةُ الْعَرَبِ مَا بَيْنَ الْوَادِي إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ،

ص: 378

قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ مِنْ رِيفِ الْعِرَاقِ إِلَى عَدَنٍ طُولًا، وَمِنْ تِهَامَةَ وَمَا وَرَاءَهَا إِلَى أَطْرَافِ الشَّامِ عَرْضًا.

ص: 379

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هِيَ مِنْ حَفْرِ أَبِي مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ طُولًا، وَمِنْ رَمْلِ يَبْرِينَ إِلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ عَرْضًا.

ص: 380

قَالَ الْخَلِيلُ: إِنَّمَا قِيلَ لَهَا: " جَزِيرَةُ الْعَرَبِ " لِأَنَّ بَحْرَ الْحَبَشِ وَبَحْرَ فَارِسَ وَالْفُرَاتَ قَدْ أَحَاطَتْ بِهَا، وَنُسِبَتْ إِلَى الْعَرَبِ لِأَنَّهَا أَرْضُهَا وَمَسْكَنُهَا وَمَعْدِنُهَا.

وَقَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: جَزِيرَةُ الْعَرَبِ: الْمَدِينَةُ وَمَا وَالَاهَا، يُرِيدُ مَكَّةَ وَالْيَمَامَةَ وَخَيْبَرَ

ص: 381

وَالْيَنْبُعَ وَفَدَكَ وَمَخَالِيفَهَا وَمَا وَالَاهَا، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ: لِأَنَّهُمْ لَمْ يُعَجِّلُوا مِنْ تَيْمَاءَ وَلَا مِنَ الْيَمَنِ.

قُلْتُ: وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: إِنَّهَا مَا بَيْنَ الْوَادِي إِلَى أَقْصَى الْيَمَنِ، إِلَّا أَنْ يُرِيدَ أَوَّلَهُ.

ص: 383

وَحَدِيثُ أَبِي عُبَيْدَةَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَرْضَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، فَإِنَّهُ قَالَ:" «أَخْرِجُوا أَهْلَ نَجْرَانَ وَيَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» "، وَكَذَا قَوْلُهُ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه:" «أَخْرِجْ أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: جَاءَ أَهْلُ نَجْرَانَ إِلَى عَلِيٍّ رضي الله عنه فَقَالُوا: شَفَاعَتُكَ بِلِسَانِكَ، وَكِتَابُكَ بِيَدِكَ، أَخْرَجَنَا عُمَرُ مِنْ أَرْضِنَا فَرُدَّهَا إِلَيْنَا صَنِيعَةً، فَقَالَ: وَيْلَكُمْ إِنَّ عُمَرَ كَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ وَلَا أُغَيِّرُ شَيْئًا صَنَعَهُ عُمَرُ.

قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: قَالَ الْأَعْمَشُ: فَكَانُوا يَقُولُونَ: لَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَاغْتَنَمَ هَذَا.

قُلْتُ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ عَلِيٍّ رضي الله عنه الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عِنْدَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْرُهُ بِإِخْرَاجِ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ لَمْ يَعْتَذِرْ بِأَنَّ عُمَرَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَكَانَ رَشِيدَ الْأَمْرِ أَوْ لَعَلَّهُ نَسِيَ الْحَدِيثَ أَوْ أَحَالَ عَلَى عُمَرَ رضي الله عنه قَطْعًا لِمُنَازَعَتِهِمْ وَطَلَبِهِمْ.

فَإِنْ قِيلَ: فَأَهْلُ نَجْرَانَ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ صَالَحَهُمْ وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابَ أَمْنٍ عَلَى أَرْضِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، فَكَيْفَ اسْتَجَازَ

ص: 384

عُمَرُ رضي الله عنه إِخْرَاجَهُمْ؟ قِيلَ: قَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " إِنَّمَا نَرَى عُمَرَ قَدِ اسْتَجَازَ إِخْرَاجَ أَهْلِ نَجْرَانَ وَهُمْ أَهْلُ صُلْحٍ، لِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِمْ خَاصَّةً، يُحَدِّثُونَهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْمُونٍ مَوْلَى آلِ سَمُرَةَ عَنِ ابْنِ سَمُرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ آخَرَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: "«أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنَ الْحِجَازِ وَأَخْرِجُوا أَهْلَ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".

فَإِنْ قِيلَ: زِدْتُمُ الْأَمْرَ إِشْكَالًا، فَكَيْفَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ وَقَدْ عَقَدَ مَعَهُمُ الصُّلْحَ؟ قِيلَ: الصُّلْحُ كَانَ مَعَهُمْ بِشُرُوطٍ فَلَمْ يَفُوا بِهَا، فَأَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ.

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّمَا نَرَاهُ قَالَ ذَلِكَ لَنَكْثٍ كَانَ مِنْهُمْ، أَوْ لِأَمْرٍ أَحْدَثُوهُ بَعْدَ الصُّلْحِ.

قَالَ: وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي كِتَابٍ كَتَبَهُ عُمَرُ رضي الله عنه إِلَيْهِمْ قَبْلَ إِجْلَائِهِ إِيَّاهُمْ مِنْهَا.

حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: انْظُرْ كِتَابًا قَرَأْتُهُ عِنْدَ فُلَانِ بْنِ جُبَيْرٍ، فَكَلِّمْ فِيهِ زِيَادَ بْنَ جُبَيْرٍ، قَالَ: فَكَلَّمْتُهُ فَأَعْطَانِي، فَإِذَا فِي الْكِتَابِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى أَهْلِ رُعَاشٍ كُلِّهِمْ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكُمُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّكُمْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ مُسْلِمُونَ ثُمَّ ارْتَدَدْتُمْ بَعْدُ، وَإِنَّهُ مَنْ يَتُبْ

ص: 385

مِنْكُمْ وَيُصْلِحْ لَا يَضُرَّهُ ارْتِدَادُهُ وَنُصَاحِبْهُ صُحْبَةً حَسَنَةً، فَادَّكِرُوا وَلَا تَهْلِكُوا وَلْيُبَشَّرْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْكُمْ، فَإِنْ أَبَى إِلَّا النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنَّ ذِمَّتِي بَرِيئَةٌ مِمَّنْ وَجَدْنَاهُ بَعْدَ عَشْرٍ تَبْقَى مِنْ شَهْرِ الصَّوْمِ مِنَ النَّصَارَى بِنَجْرَانَ.

أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ يَعْلَى كَتَبَ يَعْتَذِرُ أَنْ يَكُونَ أَكَرَهَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ أَوْ عَذَّبَهُ عَلَيْهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ [قَسْرًا جَبْرًا وَ] وَعِيدًا لَمْ يَنْفَذْ إِلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ.

أَمَّا بَعْدُ، فَقَدْ أَمَرْتُ يَعْلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْكُمْ نِصْفَ مَا عَمِلْتُمْ مِنَ الْأَرْضِ، وَإِنِّي لَنْ أُرِيدَ نَزْعَهَا مِنْكُمْ مَا أَصْلَحْتُمْ.

ص: 386

وَقَالَ الشَّيْخُ فِي " الْمُغْنِي " فَأَمَّا إِخْرَاجُ أَهْلِ نَجْرَانَ مِنْهَا فَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَالَحَهُمْ عَلَى تَرْكِ الرِّبَا فَنَقَضُوا عَهْدَهُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقَرَّ أَهْلَ خَيْبَرَ بِهَا إِلَى أَنْ قَبَضَهُ اللَّهُ وَهِيَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مَاتَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِالْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَخَذَهُ لِأَهْلِهِ.

قِيلَ: أَمَّا إِقْرَارُ أَهْلِ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ لَمْ يُقِرَّهُمْ إِقْرَارًا لَازِمًا، بَلْ قَالَ: " نُقِرُّكُمْ

ص: 387

مَا شِئْنَا " وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ عَقْدَ الصُّلْحِ جَائِزًا مِنْ جِهَتِهِ مَتَى شَاءَ نَقَضَهُ بَعْدَ أَنْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ، فَلَمَّا أَحْدَثُوا وَنَكَثُوا أَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه.

فَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّهُ لَمَّا فَدَعَ أَهْلُ خَيْبَرَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قَامَ عُمَرُ خَطِيبًا فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ عَامَلَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَقَالَ:" «نُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ تَعَالَى» "، وَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ خَرَجَ إِلَى مَالِهِ هُنَاكَ فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنَ اللَّيْلِ فَفُدِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَلَيْسَ لَنَا هُنَاكَ عَدُوٌّ غَيْرَهُمْ، هُمْ عَدُّونَا وَتُهْمَتُنَا، وَقَدْ رَأَيْتُ إِجْلَاءَهُمْ.

فَلَمَّا أَجْمَعَ عُمَرُ رضي الله عنه عَلَى ذَلِكَ أَتَاهُ أَحَدُ بَنِي [أَبِي] الْحُقَيْقِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتُخْرِجُنَا وَقَدْ أَقَرَّنَا مُحَمَّدٌ وَعَامَلَنَا عَلَى الْأَمْوَالِ وَشَرَطَ ذَلِكَ لَنَا؟ فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: أَظْنَنْتَ أَنِّي نَسِيتُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَيْفَ بِكَ إِذَا أُخْرِجْتَ مِنْ خَيْبَرَ تَعْدُو بِكَ

ص: 388

قَلُوصُكَ لَيْلَةً بَعْدَ لَيْلَةٍ؟ فَقَالَ: كَانَتْ هَذِهِ هُزَيْلَةً مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ، فَقَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، قَالَ: فَأَجْلَاهُمْ عُمَرُ رضي الله عنه وَأَعْطَاهُمْ قِيمَةَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الثَّمَرِ مَالًا وَإِبِلًا وَعُرُوضًا مِنْ أَقْتَابٍ وَحِبَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

وَفِي " صَحِيحِهِ " أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: «أَتَى

ص: 389

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ خَيْبَرَ فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَلْجَأَهُمْ إِلَى قَصْرِهِمْ، وَغَلَبَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ وَالزَّرْعِ وَالنَّخْلِ فَصَالَحُوهُ عَلَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْهَا وَلَهُمْ مَا حَمَلَتْ رِكَابُهُمْ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالْحَلْقَةُ - وَهِيَ السِّلَاحُ، وَيَخْرُجُونَ مِنْهَا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ أَلَّا يَكْتُمُوا وَلَا يُغَيِّبُوا شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلُوا فَلَا ذِمَّةَ لَهُمْ وَلَا عَهْدَ فَغَيَّبُوا مَسْكًا فِيهِ مَالٌ وَحُلِيٌّ لِحُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ كَانَ احْتَمَلَهُ مَعَهُ إِلَى خَيْبَرَ حِينَ أُجْلِيَتِ النَّضِيرُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمِّ حُيَيٍّ - وَاسْمُهُ سَعْيَةُ -: مَا فَعَلَ مَسْكُ حُيَيٍّ الَّذِي جَاءُوا بِهِ مِنَ النَّضِيرِ؟ قَالَ: أَذْهَبَتْهُ النَّفَقَاتُ وَالْحُرُوبُ، فَقَالَ الْعَهْدُ قَرِيبٌ وَالْمَالُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدْ كَانَ حُيَيٌّ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَعْيَةَ إِلَى الزُّبَيْرِ فَمَسَّهُ بِعَذَابٍ، فَقَالَ: قَدْ رَأَيْتُ حُيَيًّا يَطُوفُ فِي خَرِبَةٍ هَاهُنَا فَذَهَبُوا فَطَافُوا فَوَجَدُوا الْمَسْكَ فِي الْخَرِبَةِ، فَقَتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَيْ أَبِي الْحُقَيْقِ وَأَحَدُهُمَا زَوْجُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ، وَسَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُمْ وَذَرَارِيَهِمْ، وَقَسَّمَ أَمْوَالَهُمْ بِالنَّكْثِ الَّذِي نَكَثُوا، وَأَرَادَ أَنْ يُجْلِيَهُمْ مِنْهَا فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ دَعْنَا نَكُنْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ نُصْلِحْهَا وَنَقُمْ عَلَيْهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا لِأَصْحَابِهِ غِلْمَانٌ يَقُومُونَ عَلَيْهَا وَلَا يَفْرَغُونَ أَنْ يَقُومُوا، فَأَعْطَاهُمْ خَيْبَرَ عَلَى أَنَّ لَهُمُ الشَّطْرَ مِنْ كُلِّ زَرْعٍ وَتَمْرٍ مَا بَدَا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ص: 390

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ يَأْتِيهِمْ فِي كُلِّ عَامٍ يَخُرُصُهَا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يُضَمِّنُهُمُ الشَّطْرَ فَشَكَوْا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خَرْصِهِ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْشُوَهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَتُطْعِمُونَنِي السُّحْتَ؟ وَاللَّهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَلَأَنْتُمْ أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَيَّ مِنْ عِدْلِكُمْ مِنَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ، وَلَا يَحْمِلُنِي بُغْضِي إِيَّاكُمْ وَحُبِّي إِيَّاهُ عَلَى أَلَّا أَعْدِلَ عَلَيْكُمْ.

فَقَالُوا: بِهَذَا قَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْطِي كُلَّ امْرَأَةٍ مِنْ نِسَائِهِ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ كُلَّ عَامٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ رضي الله عنه غَشُّوا الْمُسْلِمِينَ، وَأَلْقَوُا ابْنَ عُمَرَ مِنْ فَوْقِ بَيْتٍ فَفَدَعُوا يَدَيْهِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ كَانَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ فَلْيَحْضُرْ حَتَّى نُقَسِّمَهَا بَيْنَهُمْ، فَقَسَّمَهَا عُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَهُمْ.

فَقَالَ رَئِيسُهُمْ: لَا تُخْرِجْنَا، دَعْنَا نَكُنْ فِيهَا كَمَا أَقَرَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه لِرَئِيسِهِمْ: أَتَرَاهُ سَقَطَ عَلَيَّ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " كَيْفَ بِكَ إِذَا رَقَصَتْ بِكَ رَاحِلَتُكَ نَحْوَ الشَّامِ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا ثُمَّ يَوْمًا "، وَقَسَّمَهَا عُمَرُ رضي الله عنه بَيْنَ مَنْ كَانَ شَهِدَ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِ الْحُدَيْبِيَةِ» .

ص: 391

وَأَمَّا رَهْنُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دِرْعَهُ عِنْدَ الْيَهُودِيِّ فَلَعَلَّهُ مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَانُوا يَقْدَمُونَ الْمَدِينَةَ بِالْمِيرَةِ وَالتِّجَارَةِ مِنْ حَوْلِهَا، أَوْ مِنْ أَهْلِ خَيْبَرَ وَإِلَّا فَيَهُودُ الْمَدِينَةِ كَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ: بَنِي قَيْنُقَاعَ وَبَنِي النَّضِيرِ وَبَنِي قُرَيْظَةَ.

فَأَمَّا بَنُو قَيْنُقَاعَ فَحَارَبَهُمْ أَوَّلًا، ثُمَّ مَنَّ عَلَيْهِمْ. وَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَأَجْلَاهُمْ إِلَى خَيْبَرَ وَأَجْلَى بَنِي قَيْنُقَاعَ أَيْضًا، وَقَتَلَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَأَجْلَى كُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، فَهَذَا الْيَهُودِيُّ الْمُرْتَهَنُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْعَهْدِ قَدِمَ الْمَدِينَةَ بِطَعَامٍ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُحَارِبْ فَبَقِيَ عَلَى أَمَانِهِ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَهَذَا أَصْلُ إِجْلَاءِ الْكُفَّارِ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: أَرَى أَنْ يُجْلَوْا مِنْ أَرْضِ الْعَرَبِ كُلِّهَا ; لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «لَا يَجْتَمِعُ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ» ".

وَفِي " صَحِيحِ مُسْلِمٍ " مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا» ".

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُمْنَعُونَ مِنَ الْحِجَازِ، وَهُوَ مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمَخَالِيفِهَا وَهِيَ قُرَاهَا.

ص: 392

أَمَّا غَيْرُ الْحَرَمِ مِنْهُ فَيُمْنَعُ الْكِتَابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الِاسْتِيطَانِ وَالْإِقَامَةِ بِهِ وَلَهُ الدُّخُولُ بِإِذْنِ الْإِمَامِ لِمَصْلَحَةٍ كَأَدَاءِ رِسَالَةٍ أَوْ حَمْلِ مَتَاعٍ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ، وَإِنْ دَخَلَ لِتِجَارَةٍ لَيْسَ فِيهَا كَثِيرُ حَاجَةٍ، لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ إِلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ تِجَارَتِهِ شَيْئًا، وَلَا يُمَكَّنْ مِنَ الْإِقَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ.

وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ الْيَمَنَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَمَنَعَهُمْ مِنَ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَهَذَا وَهْمٌ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مُعَاذًا قَبْلَ مَوْتِهِ إِلَى الْيَمَنِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ حَالِمٍ دِينَارًا، وَأَقَرَّهُمْ فِيهَا وَأَقَرَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَأَقَرَّهُمْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ رضي الله عنهم، وَلَمْ يُجْلُوهُمْ مِنَ الْيَمَنِ مَعَ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِخْرَاجِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَلَمْ يُعْرَفْ عَنْ إِمَامٍ أَنَّهُ أَجْلَاهُمْ مِنَ الْيَمَنِ.

وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: يُخْرَجُونَ مِنْ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَامَةِ وَخَيْبَرَ وَيَنْبُعَ وَمَخَالِيفِهَا وَلَمْ يَذْكُرَا الْيَمَنَ، وَلَمْ يُجْلُوا مِنْ تَيْمَاءَ أَيْضًا وَكَيْفَ يَكُونُ الْيَمَنُ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَهِيَ وَرَاءَ الْبَحْرِ فَالْبَحْرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجَزِيرَةِ؟ فَهَذَا الْقَوْلُ غَلَطٌ مَحْضٌ.

ص: 393