الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرآن ما يجوز نفيه، حكمنا عليه بالكفر. فبطلت حجتكم.
(ب) ثم إن هذا القول هو الذي ركبه المعطلون، وصولا إلى نفي صفات الخالق الثابتة في الكتاب والسنة، إذ جعلوا يد الله ووجهه وساقه وقدمه واستواءه ونزوله مجازات، يصح نفيها، فقالوا: إنه لا يد له سبحانه، ولا ساق، ولا وجه ولا استواء، ولا نزول، بل ولا عرش ولا كرسي، إلى آخر اعتقاداتهم الفاسدة.
اختلاف صيغة الجمع:
4 -
وفرقوا بين الحقيقة والمجاز، باختلاف صيغة جمع مفرديهما، فإن لفظ الحقيقة إذا جمع على صيغة، ثم جمع ذلك اللفظ على صيغة أخرى، كان في الحالة الثانية مجازا. .
مثاله: لفظ (الأمر)، إذا استعمل في القول المخصوص الدال على التكليف، فإنه يجمع على:(أوامر)، وإذا استعمل في الدلالة على الحال والشأن والفعل، جمع على (أمور)، فدل ذلك على أنه حقيقة في الأول، مجاز في الثاني.
قالوا: ومنه قوله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (1){وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ} (2) فهنا جمع أمر، أوامر، فهو على الحقيقة.
أما في قوله: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ} (3){إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} (4) فإن جمعه على (أمور) فدل ذلك على كونه مجازا.
وذهب بعضهم إلى أن الحقيقة تجمع، والمجاز لا يجمع (5).
(1) سورة القمر الآية 49
(2)
سورة القمر الآية 50
(3)
سورة هود الآية 96
(4)
سورة هود الآية 97
(5)
الإحكام في أصول الأحكام / للآمدي: (1/ 43).
وهذا التفريق الذي وضعوه فاسد لما هو آت: -
(أ) أن اللفظ الواحد قد تكون له جموع مختلفة، مع دلالته فيها جميعا على المفهوم الواحد. فمثلا: لفظ (شيخ) يجمع على عدة جموع، جمعها البيت الآتي:
شيخ ، شيوخ ، ومشيوخاء ، مشيخة
…
شيخة ، شيخة ، شيخان ، أشياخ
وزاد صاحب اللسان عليها: مشيخة (بكسر الميم وسكون الشين) ومشيخة (بفتحها وكسر الشين) ومشايخ (1). وكذا لفظ (عبد) فإنها تجمع على: عبيد، عباد (بكسر العين)، عبدان (بكسرها) وعبدان (بضمها) وعبدان (بكسرها وتشديد الدال) وأعبد، وعبد (2).
فإذا كان اللفظ - وهو يدل على المعنى الواحد - يجمع على عدة صيغ، ولم يكن ذلك دالا على خروجه عن حقيقته، فكيف يدل اختلاف هذه الصيغ - مع تعدد المدلولات - على المجاز؟
(ب) ثم إن القول بأن جمع (أمر) على (أوامر) ليس بالمتفق عليه عند أهل اللغة، فإذا كان الجوهري في صحاحه قد أقره، وتبعه في ذلك صاحب اللسان، فإن كثيرا من أهل اللغة لم يقروه، بل واستنكروه (3) ذلك أن (فعل) له عدة جموع، ليس منه (فواعل) ألبتة.
فقد يجمع على (أفعل) ككلب وأكلب، و (فعال) ككعب وكعاب، وعلى (فعول) كقلب وقلوب، وعلى (فعلان) كعبد وعبدان، وشذوذا على (أفعال) كفرخ وأفراخ.
(1) لسان العرب: (4/ 2373) طبعة دار المعارف بمصر.
(2)
اللسان: (4/ 2776).
(3)
انظر: مختصر الصواعق المرسلة / لابن القيم: (2).