الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
س 5: يقولون: إن
تعدد القراءات في القرآن
معناه اختلاف في القرآن حيث يؤدي إلى معان ثانية، مثل آية الإسراء:{وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (1) عند يلقاه منشورا؟
جـ 5: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن «القرآن نزل من عند الله على سبعة أحرف (2)» ، أي: لغات من لغات العرب ولهجاتهم؛ تيسيرا لتلاوته عليهم، ورحمة من الله بهم. ونقل ذلك نقلا متواترا، وصدق ذلك واقع القرآن، وما وجد فيه من القراءات فهي كلها تنزيل من حكيم حميد.
ليس تعددها من تحريف أو تبديل، ولا لبس في معانيها ولا تناقض في مقاصدها ولا اضطراب، بل بعضها يصدق بعضا ويبين مغزاه، وقد تتنوع معاني بعض القراءات، فيفيد كل منها حكما يحقق مقصدا من مقاصد الشرع، ومصلحة من مصالح العباد، مع اتساق معانيها، وائتلاف مراسيها، وانتظامها في وحدة تشريع محكمة كاملة، لا تعارض بينها ولا تضارب فيها.
فمن ذلك ما ورد من القراءات في الآية التي ذكرها السائل، وهي قوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا} (3)، فقد قرئ:{وَنُخْرِجُ} (4) بضم النون وكسر الراء، وقرئ:{يَلْقَاهُ} (5) بفتح الياء والقاف مخففة، والمعنى: ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا هو: صحيفة عمله، يصل إليه حال كونه مفتوحا، فيأخذه بيمينه إن كان سعيدا، أو بشماله إن كان شقيا، وقرئ:(يلقاه) والمعنى: ونحن نخرج للإنسان يوم القيامة كتابا - هو
(1) سورة الإسراء الآية 13
(2)
صحيح البخاري الخصومات (2419)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (818)، سنن الترمذي القراءات (2943)، سنن النسائي الافتتاح (938)، سنن أبو داود الصلاة (1475)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 43)، موطأ مالك النداء للصلاة (472).
(3)
سورة الإسراء الآية 13
(4)
سورة الإسراء الآية 13
(5)
سورة الإسراء الآية 13
صحيفة عمله - يعطى الإنسان ذلك الكتاب، حال كونه مفتوحا. فمعنى كل من القراءتين يتفق في النهاية مع الآخر، فإن من يلقى إليه الكتاب فقد وصل إليه، ومن وصل إليه الكتاب فقد ألقي إليه.
ومن ذلك قوله تعالى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} (1)، قرئ: يكذبون بفتح الياء وسكون الكاف وكسر الذال، بمعنى: يخبرون بالأخبار الكاذبة عن الله والمؤمنين، قرئ:(يكذبون) بضم الياء وفتح الكاف وتشديد الذال المكسورة، بمعنى: يكذبون الرسل فيما جاءوا به من عند الله من الوحي. فمعنى كل من القراءتين لا يعارض الآخر، ولا يناقضه، بل كل منهما ذكر وصفا من أوصاف المنافقين، وصفتهم الأولى بالكذب في الخبر عن الله ورسله وعن الناس، ووصفتهم الثانية بتكذيبهم رسل الله، فيما أوحي إليهم من التشريع، وكل حق فإن المنافقين جمعوا بين الكذب والتكذيب.
ومن ذلك يتبين أن تعدد القراءات كان بوحي من الله لحكمة، لا عن تحريف وتبديل وأنه لا يترتب عليه أمور شائنة، ولا تناقض أو اضطراب، بل معانيها ومقاصدها متفقة. والله الموفق.
(1) سورة البقرة الآية 10
س 6: ما القول في معاملة أصحاب الكبائر كاللواط والزنا وغيرها من الذنوب التي جاءت النصوص بالوعيد الشديد لمن يقترفها. هل يجوز الكلام مع أصحاب هذه الجرائم؟ وهل يجوز إلقاء السلام عليهم؟ وهل تجوز مصاحبتهم بقصد تذكيرهم بوعيد الله وأليم عقابه إذا كان فيهم بوادر التوبة؟
جـ 6: من يتهم بهذه المعاصي تجب نصيحته، وتحذيره منها، ومن عواقبها السيئة، وأنها من أسباب مرض القلوب وقسوتها، وموتها وأما من أظهرها وجاهر بها فالواجب أن يقام عليه حدها، وأن يرفع أمره إلى ولاة الأمور، ولا تجوز صحبتهم ولا مجالستهم، بل يجب هجرهم؛ لعل الله يهديهم ويمن عليهم بالتوبة، إلا أن يكون الهجر يزيدهم شرا، فالواجب الإنكار عليهم دائما بالأسلوب الحسن، والنصائح المستمرة، حتى يهديهم الله. ولا يجوز اتخاذهم أصحابا، بل يجب أن يستمر في الإنكار عليهم وتحذيرهم من أعمالهم القبيحة، ويجب على ولاة الأمور في البلاد الإسلامية أن يأخذوا على أيديهم، وأن يقيموا عليهم الحدود الشرعية، ويجب على من يعرف أحوالهم أن يساعد الدولة في ذلك؛ لقول الله سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1)، وقوله عز وجل:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (2) الآية، وقوله سبحانه وتعالى:{وَالْعَصْرِ} (3){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (6)» ، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم:«الدين النصيحة، قيل: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (7)» ، أخرجه
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة التوبة الآية 71
(3)
سورة العصر الآية 1
(4)
سورة العصر الآية 2
(5)
سورة العصر الآية 3
(6)
صحيح مسلم الإيمان (49)، سنن الترمذي الفتن (2172)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (5009)، سنن أبو داود الصلاة (1140)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1275)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 54).
(7)
صحيح مسلم الإيمان (55)، سنن النسائي البيعة (4197)، سنن أبو داود الأدب (4944)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102).